دراسات سياسيةدراسات شرق أوسطية

الأزمة الخليجية …تكريس لواقع الأمة العربية و الإسلامية

بقلم ?: بن أحسن أنيس عبد الوهاب

الأزمة الخليجية القائمة بين دولة قطر من جهة و المملكة العربية السعودية و مملكة البحرين و دولة الإمارات العربية المتحدة بالإضافة إلى مصر من جهة أخرى، ما يلفت الانتباه في هذه الأزمة هو أن التصعيد جاء دفعة واحدة، و كأن الدول كلها لا تعرف السياسات التي تنتهجها قطر، فالسياسات القطرية ليس وليدة اليوم أو الأمس القريب فهي معروفة منذ سنين خلت، فلماذا هذا التصعيد الآن؟ ؟.
كل دول الخليج شريكة في الوضع المأساوي الذي وصلت إليه أمتنا ، و إن كان يمكن أن نستثني نسبيا سلطنة عمان، فقد كان مجلس التعاون الخليجي الذي تقوده السعودية أداة لتنفيذ و تمويل المشاريع اليهوغربية في كل عضو من أعضاء الأمة. فمنذ الغزو الأمريكي للعراق 1991 دخلت المنطقة في تاريخ جديد و هو تفضيل المظلة الأمريكية لحماية نفسها، و حقيقة تلك المظلة أنها لم تكن سوى لحماية المصالح اليهوغربية في المنطقة. فقد من الأجدر بدول الشرق الأوسط العمل على حل أزمات المنطقة دون أي تدخل أجنبي مهما بلغت شدتها، كما كان من الأجدر بها الاستفادة من تجارب بعضها البعض لدور مختلف التهديدات التي مست و تمس المنطقة.
و بالتالي كل الأزمات التي شهدتها المنطقة منذ الغزو الأمريكي للعراق سنة 19911 إلى الأزمة اليمنية نتاج لسياسات و تقديرات خاطئة من قبل دول المنطقة ككل.
الملفت للانتباه أكثر اتجاه الأزمة الخليجية أنها جاءت بعد زيارة قام بها الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب للمنطقة، زيارة دفعت خلالها السعودية ما يفوق ال110مليار دولار مقابل استمرار الحماية الأمريكية. عملت السعودية خلال الزيارة على تقديم نفسها قائدة لمجلس التعاون الخليجي ( الذي يضم قطر) و ذلك من خلال عقد قمة بين قادة دول مجلس التعاون الخليجي و الرئيس الامريكي، و كذلك عملت على تقديم نفسها كواجهة رئيسية للعالم الإسلامي من خلال عقد قمة بين 55قائد دولة إسلامية و الرئيس الامريكي. اعتقدت السعودية أن ذلك سيساعدها على كبح الجموح الأمريكي الذي يسيل لعابه من الأموال السعودية، كذلك فإنها اعتقدت بأن دفعها للجزية فإنها آمنة من إيران و كذلك نيل الرضا الأمريكي باعتبار السعودية القوة الإقليمية الأولى في المنطقة.
يبد أن تلك الحسابات خاطئة فالولايات المتحدة الأمريكية لم و لن تسمح يوما بوجود لاعب رئيسي واحد في المنطقة، فهي التي نسجت منذ سنين تحالفا قويا مع قطر الدولة الصغيرة في تلك المنطقة، و ذلك من منطلق ضمان تبعيتها الدائمة للولايات المتحدة الأمريكية و سهولة السيطرة عليها وفق ما نظر له كينيت ولتز أحد أبرز منظري النظرية الواقعية. كذلك عملت الولايات المتحدة الأمريكية على جعل تلك المنطقة مساحة لعب الإيرانيين و الأتراك و هذا ما يحول دون تحقيق سيطرة لاعب واحد على المنطقة و كذلك عملت على تأجيج الصراع الطائفي في المنطقة حتى يشتد اللعب بين مختلف اللاعبين، و كل ذلك من أجل أن تدخل امريكا و حلفائها للمنطقة بدعاوي مختلفة ( مكافحة الارهاب، نشر الديمقراطية….الخ) و من ثم السيطرة على المنطقة الغنية بمختلف الثروات و منع وحدتها.
و بتمكن الولايات المتحدة الأمريكية من دخول المنطقة من أجل الدفاع عن دولها و حمايتهم من مختلف التهديدات فقد حان في وقت الإدارة الأمريكية الحالية و كاستمرارية لاستراتيجية الموضوعة للمنطقة تحصيل الجزية كثمن للدعم الامريكي، فالبداية بالسعودية و الآن دور قطر من خلال تقديم قطر باعتبارها دولة داعمة للجماعات الارهابية، و لدرء تلك التهم فستدفع قطر نصيبها من الجزية و هو ما بدا يتضح مع إعلان وزير العدل الأمريكي السابق على نية قطر زيادة مساهمتها المالية في مجال مكافحة الإرهاب.
و بالتالي فالازمة الخليجية تكرس واقع الأمة العربية و الإسلامية الذي عماده الفرقة .فأكبر متضرر من الأزمة الخليجية هي القضية الفلسطينية التي كانت محور القمة العربية الأخيرة في الأردن و أكبر مستفيد هم اليهود الذين تتعزز قوتهم باستمرار في المنطقة.كذلك فإن هذه الأزمة ستعمق الخلافات العربية-عربية و ستزيد من صعوبة رأب الصدع العربي و كل سيزيد من مآسينا.فأكبر متضرر من الأزمة الخليجية هي القضية الفلسطينية التي كانت محور القمة العربية الأخيرة في الأردن و أكبر مستفيد هم اليهود الذين تتعزز قوتهم باستمرار في المنطقة. و سواء نجاحات جهود الوساطة الكويتية أو غيرها فإن الحل لن يكون نهائيا في ظل عدم وجود إرادة سياسية حقيقية لتحقيق وحدة طال انتظارها قادرة على إعادة أمجاد الأمة الضائعة.
فهذه الأزمة ستعمق الخلافات العربية-عربية و ستزيد من صعوبة رأب الصدع العربي و كل سيزيد من مآسينا.فأكبر متضرر من الأزمة الخليجية هي القضية الفلسطينية التي كانت محور القمة العربية الأخيرة في الأردن و أكبر مستفيد هم اليهود الذين تتعزز قوتهم باستمرار في المنطقة. و سواء نجاحات جهود الوساطة الكويتية أو غيرها فإن الحل لن يكون نهائيا في ظل عدم وجود إرادة سياسية حقيقية لتحقيق وحدة طال انتظارها قادرة على إعادة أمجاد الأمة الضائعة.و إلى حين تحقيق ذلك سنرى نتائج مختلف الاستراتيجيات الرامية لضرب الأمة و التي ستزيد الحال من سيئ إلى أسوء.

 

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى