دراسات اقتصاديةدراسات سوسيولوجية

نحو بناء إستراتيجية متكاملة للحد من البطالة وتحقيق التنمية المستدامة دراسة تحليلية لتجربة تركيا

أكدت الأحداث الأخيرة في الدول العربية أن موضوع بطالة الشباب وتأخر تحقيق التنمية المستدامة من أهم الصعوبات التي تواجه الدول والحكومات، والتي تراهن على قربها الجغرافي من أوربا وعقدها للكثير من الاتفاقيات التجارية وتشجيعها للاستثمار الخارجي لحل هذه المشاكل، ورغم توفر جل الدول العربية على احتياطي مالي متأتي من العوائد البترولية إلا انه لم يمنع من خروج الشباب للتظاهر من اجل الحصول على عمل شريف بدل الاتكال على إعانات الحكومة.

         إن التفسير الوحيد لمشكلة البطالة مع وجود فائض مالي يكمن في سوء تسيير هذا الفائض، إذ يجب بناء إستراتيجية متكاملة تأخذ في الحسبان الواقع الاجتماعي والاقتصادي ومن ثم الخروج بقرارات صائبة، ففي العالم هناك العديد من الدول لديها موارد وإمكانات مادية وبشرية تعادل إمكانات الجزائر أو اقل منها وكانت إلى وقت قريب تعاني من مشكل البطالة، وتدني مستوى الدخل الفردي و…الخ،إلا أنها حققت تقدم في حل مشكل البطالة، وحققت إلى حد ما أهداف التنمية المستدامة، ومن أمثلة هذه الدول تركيا، إلا أن الجزائر ظلت تعاني من هذه المشاكل فهل يمكن للجزائر الاستفادة من تجارب الدول الأخرى ومحاكاتها من اجل الحد من مشكل البطالة وتحقيق التنمية المستدامة.

ممال سبق يمكن أن نطرح السؤال التالي: ما هي متطلبات بناء إستراتيجية متكاملة للحد من البطالة وتحقيق التنمية المستدامة؟ وما هي طرق الاستفادة من تجربة تركيا؟

إن الهدف من هذه الورقة هو تحديد متطلبات بناء إستراتيجية متكاملة تستغل نقاط القوة والضعف للوصول إلى تنمية  مستدامة تعمل على القضاء على البطالة، بحيث يستفيد المجتمع من مداخيل التنمية في الجانب الاقتصادي، مع إيجاد فرص التشغيل لتامين الجانب الاجتماعي الذي يحقق العيش الكريم لكل مواطن.

من جهة أخرى يمكن أن يستفاد من هذا البحث من طرف الجهات المختصة لإيجاد الحلول المناسبة من اجل ترقية التنمية الاقتصادية وترقية الاستثمار الوطني والمساهم في بناء إستراتيجية مستقبلية للتنمية المستدامة.

منهج الدراسة

نعتمد في بحثنا هذا على المنهج الوصفي التحليلي والذي يساعد على الإلمام بكل المعلومات اللازمة لفهم موضوع البحث، والوصول إلى توصيات مدققة يمكن الاستفادة منها.

1- مفاهيم أساسية حول التنمية المستدامة.

1-1- تعريف التنمية المستدامة.

         ظهر أول تعريف للتنمية المستدامة في قمة الأرض بريوديجانيرو عام 1992 المنعقدة بالبرازيل من خلال أجندة القرن الواحد والعشرين(أجندة 21)، ومنذ ذلك الحين عكف خبراء الاقتصاد والسياسة والاجتماع على تحديد مفهوم مصطلح التنمية المستدامة وأبعاده واهم المؤشرات، وفي هذا البحث سنكتفي بإيراد التعريفين التاليين:

تعريف الفاو للتنمية المستدامة ) الذي تم تبنيه في عام 1989 ) كما يلي :

“التنمية المستدامة هي إدارة وحماية قاعدة الموارد الطبيعية وتوجيه التغير التقني والمؤسسي بطريقة تضمن تحقيق واستمرار إرضاء الحاجات البشرية للأجيال الحالية والمستقبلية. إن تلك التنمية المستدامة (في الزراعة والغابات والمصادر السمكية) تحمي الأرض والمياه والمصادر الوراثية النباتية والحيوانية ولا تضر بالبيئة وتتسم بأنها ملائمة من الناحية الفنية ومناسبة من الناحية الاقتصادية ومقبولة من الناحية الاجتماعية”.

تعريف هيئة ترونتلاند للتنمية المستدامة :

“التنمية التي تغطي احتياجات الحاضر دون الإضرار بقدرة الأجيال المستقبلية على تغطية احتياجاتها) “الهيئة العالمية للبيئة والتنمية – 1986)

مما سبق يتبين أن المنظور الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للتنمية المستدامة يتجسد في إحداث التنمية الاقتصادية التي تلبي احتياجات المجتمع في الوقت الحالي مع المحافظة على البيئة والموارد الطبيعية للأجيال اللاحقة.

1-2- أبعاد التنمية المستدامة

         تؤخذ التنمية المستدامة أبعادا كثيرة تشمل كل القطاعات التي من شانها المشاركة في ترقية ورفاهية المجتمع، ويمكن تلخيصها في الأبعاد الثلاثة التالية:

1-2-1- الأبعاد الاقتصادية:

         يفسر الفكر الاقتصادي الكلاسيكي التنمية المستدامة باستمرارية الموارد المتعددة في دعم البنى الاقتصادية لتحقيق الرفاهية للمجتمع، أما الفكر الاقتصادي الحديث فيرى انه من الضروري الحفاظ على الموارد الطبيعية والبشرية والبيئية التي تساهم في الوقت الحالي ومستقبلا في تامين احتياجات السكان، ومن أهم الأبعاد الاقتصادية ما يلي(1)(عمر شريف، 2007):

حصة الاستهلاك الفردي من الموارد الطبيعية:

فالملاحظ أن سكان البلدان الصناعية يستغلون قياسا على مستوى نصيب الفرد من الموارد الطبيعية في العالم أضعاف ما يستخدمه سكان البلدان النامية.

إيقاف تبديد الموارد الطبيعية:

فالتنمية المستدامة في البلدان الغنية تتلخص في اجراء تخفيضات متواصلة من مستويات الاستهلاك المبددة للطاقة والموارد الطبيعية وذلك عبر تحسين مستوى الكفاءة وتغيير أسلوب الحياة، أما البلدان النامية فترى ضرورة الحفاظ على الموارد قدر الإمكان باستعمال الترشيد.

المساواة في توزيع الموارد:

إن تخفيف حدة الفقر وتحسين مستوى المعيشة أصبح مسؤولية كل البلدان الغنية والفقيرة وتتمثل هذه المسؤولية في جعل فرص الحصول على الموارد والمنتجات فيما بين جميع الأفراد داخل المجتمع اقرب إلى المساواة.

تقليص الإنفاق العسكري:

كما أن التنمية المستدامة يجب أن تعني في جميع البلدان تحويل الأموال من الإنفاق على الأغراض العسكرية وامن الدولة إلى الإنفاق على احتياجات التنمية، ومن شان إعادة تخصيص ولو جزء صغير من الموارد المكرسة الآن للأغراض العسكرية للإسراع بالتنمية بشكل ملحوظ.

1-2-2-الأبعاد البشرية

ترتكز كل الاقتصاديات العالم على العنصر البشري لذا ينبغي الاهتمام به، وتسعى التنمية المستدامة إلى تحقيق المستوى الأمثل في رعاية وترقية الموارد البشرية بكل أبعادها وهي :

الاستخدام الكامل للموارد البشرية :

من خلال الاستفادة من كل الطاقات البشرية والمتمثلة في الأفكار والإبداعات والاختراعات، وتخصيص كل الموارد لدعم المواهب في كل المجالات.

الصحة والتعليم:

إن التنمية المستدامة تتفاعل تفاعلا قويا مع الأبعاد الأخرى للتنمية المستدامة، فالأفراد الأصحاء والمتعلمين ومع توفرهم على تغذية جيدة أمر يساعد على التنمية الاقتصادية.

أهمية توزيع السكان:

كما أن لتوزيع السكان أهميته البالغة، فتمركز السكان في المدن الكبرى يؤدي إلى نقص حظوظ حصول الفرد على الخدمات الصحية والتعليم، وأيضا حدوث عواقب وخيمة على البيئة والنظم الطبيعية المحيطة.

تكافؤ فرص العمل:

         يعد العمل من أهم مطالب الفرد لأجل الحصول على العيش الكريم، وتسعى التنمية المستدامة من خلال أبعادها الاجتماعية إلى حصول الفرد على التعليم والتكوين اللازمين لتأهيله للحصول على شغل، وعلى عكس الدول الرأسمالية المتقدمة التي تتمركز الثروة فيها لدى قلة من الأفراد، فالدول النامية تعيش في أزمة بطالة بسبب التخلف الاجتماعي والاقتصادي.

1-2-3- الأبعاد البيئية:

         يركز البيئيون في مقاربتهم للتنمية المستدامة على مفهوم الحدود البيئة والتي تعني أن لكل نظام بيئي طبيعي حدود معينة لا يمكن تجاوزها، لذا فان الاستدامة من المنظور البيئي تعني دائما وضع الحدود أمام  الاستهلاك والنمو السكاني والتلوث وأنماط الإنتاج السيئة، واستنزاف المياه وقطع الغابات وانجراف التربة،

ومن أهم الأبعاد البيئية مايلي(2) (Stephen Monched, 2005)،:

حماية الموارد الطبيعية:

         تحتاج التنمية المستدامة إلى حماية الموارد الطبيعية المتمثلة في الغابات ومصايد الأسماك والأراضي الزراعية وغيرها في إنتاج المواد الغذائية وتامين احتياجات السكان.

صيانة المياه:

مع تزايد الطلب على المياه العذبة لا بد من إيجاد الحلول المستديمة لتامين احتياجات السكان(الماء الشروب) واحتياجات الزراعة الغذائية، ومن جانب آخر حماية المياه من التلوث بمختلف المواد الكيماوية التي تفرزها المصانع والسفن العملاقة.

حماية الأراضي الزراعية من التصحر:

تعد مكافحة التصحر من أهم الأبعاد التي تهتم بها التنمية المستدامة فتقلص المساحات الزراعية يؤدي إلى نقص الغذاء ونزوح سكان الأرياف نحو مناطق أخرى، مما يسبب زيادة في الضغط السكاني.

حماية المناخ من الاحتباس الحراري:

والتنمية المستدامة تعني كذلك عدم المخاطرة بإجراء تغييرات كبيرة في البيئة العالمية، بزيادة مستوى سطح البحر، أو تغيير نمط سقوط الأمطار والغطاء النباتي، وهذا ما يؤدي إلى إحداث تغيير في الفرص المتاحة للأجيال القادمة.

1-3- تجارب الدول في تحقيق التنمية المستدامة(3):

إن التجربة العملية لإستراتيجيات التنمية التي انطلقت من المبادئ السابقة أثبتت أنه، على الرغم من تحقيق النمو الاقتصادي المتمثل في زيادة متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي، إلا أن مشكلات هذه الدول قد تزايدت وزاد سوء الأوضاع الاقتصادية في معظم هذه الـدول حيث عـانت من زيادة حدّة التضخم، وتفـاقم مشكلات البطالة والإسكـان والرعاية الصحية والتغذية الملائمة.

         نجد مثلا تجارب بعض الدول في شرق آسيا التي استلهمت سياستها التنموية من التجربة اليابانية ونجحت نجاحا باهرا في تحقيق التنمية البشرية والمادية معا مثل كوريا الجنوبية وسنغافورا وماليزيا وتايوان.

         فقد انتدبت هذه التجارب أن النجاح لا يتوقف على السياسات التنموية ولكن يمتد أيضا إلى الإطار المؤسسي الذي تطبق خلاله هذه السياسات له أثر هام في نجاح الجهود التنموية. وأن تدخل في مجال التنمية لتحقيق العدالة ومساهمة كل الفئات الاجتماعية في عمليات التنمية هو من أهم عناصر نجاحها ووضعها على أسس ثابتة. فهذه الدول كان لها في بداية الستينات نفس ظروف وسمات ومستوى الدخل الذي كان سائدا في معظم الدول النامية، وقد أصبحـت اليوم في عداد الدول الناجحة وفـق لمعايير التنمية الاجتماعيـة والبشرية معا.

         وهكذا فإن عملية التنمية المستدامة هـي عملية مـوجبة تهدف بالاتجاه الأفـضل والأحسن والخير الاجتماعي العام، وتنادي بالمساواة في الفرص وتسعى إلى تلبية الحاجات البشرية الأساسية من تعليم وصحة ومعرفة وتطوير القدرات وحماية حقوق الإنسان الأساسية في مختلف المجالات، والقضاء على أنواع التمييز بين البشر.

1-4- أهداف التنمية المستدامة

إن التنمية المستدامة عملية واعية، وهادفة ومعقدة، طويلة الأمد، شاملة ومتكاملة في أبعادها الاقتصادية، الاجتماعية، السياسية، الثقافية والبيئية.

         وإذا كانت غايتها هي الحفاظ على حياة الإنسان وأبنائه من بعده فهي أيضا تسعى إلى إيجاد البنى التحية والبرامج الإنمائية التي تعزز هذا التوجه، دون الضرر بعناصر البيئة المحيطة (4) (محمد مصطفى الأسعد، 2000 ).

الحقيقة انه لا يمكن حصر أهداف التنمية المستدامة في هذا البحث نظرا لتعددها وإسهاب الخبراء في تحديدها كل حسب منظوره، وما يهمنا نحن هو أهداف التنمية المستدامة في خلق فرص العمل وتحققي المساواة في توزيعها.

2- البطالة من منظور التنمية المستدامة

         يعد مشكل البطالة من أهم المشاكل التي تواجهها دول العالم كله، فرغم تحقيق التقدم العلمي وتكنولوجي وتوفر كل سبل ترقية العمل وتوفيره، إلا أن هناك ما يسمى بعدم تكافؤ فرص التشغيل.

وتعد البطالة من أهم المؤشرات الاجتماعية للتنمية المستدامة والتي يعتمد عليها خبراء اللجان الدولية للتنمية المستدامة في ترتيب تقدم الدول، ويشير تقرير اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا إلى أن مؤشر البطالة يحسب بالطريقة التالية:

2-1- معدل البطالة: نسبة الأشخاص العاطلين عن العمل إلى مجموع القوى العاملة.

المؤشر: جميع أفراد القوة العاملة الذين ليسوا موظفين يتقاضون مرتبات أو عاملين مستقلين كنسبة مئوية من القوة العاملة ككل.

         ويعبر هذا المؤشر على مدى تقدم الدولة أو تخلفها، ويرجع ارتفاع هذا المعدل إلى وجود طاقات بشرية معطلة لا يستفاد منها، بسبب غياب التنمية الاقتصادية والبشرية اللازمة.

2-2- وضع البطالة في الوطن العربي:

         رغم أن جل الدول العربية تعيش حاليا في بحبوحة مالية متأتية من عائدات البترول إلا أنها تعيش مشاكل حقيقية تواجه اقتصادها وتتجسد في ارتفاع معدل البطالة، صحيح أن هناك نسبة معينة من البطالة الاختياري (عزوف الشباب عن العمل رغم توفره) إلا أن عدم تكافؤ الفرص التشغيلية ورداءة التسيير (التسيير العشوائي) ومع وجود عراقيل بيروقراطية في وجه الشباب، كل هذا أدى إلى تفاقم أزمة البطالة.

إن اعتماد الدول العربية على العمالة الأجنبية لا يفسر تحقيق العمالة الكاملة، وإنما يفسر وجود نقص في الاعتماد على العمالة المحلية، أو على عدم كفاءتها، فالاقتناع الشبه تام لدى مسؤولي المؤسسات الخاصة والعمومية بان اليد العاملة الأجنبية أكثر مهارة رغم ارتفاع تكاليف تشغيلها، يعد المشكل الرئيسي في القضية.

  يلاحظ من خلال تدقيق المؤشرات الرقمية لمعدلات النمو السنوية للأقطار العربية أن هناك تفاوتاً ملحوظاً بينها فيما يخص مستويات التشغيل ومعدلات نمو فرص العمل تبعاً للظروف الاقتصادية لكل بلد، من حيث الموارد الطبيعية والبشرية والهيكلية الاقتصادية، حسب ويقدر متوسط نسبة البطالة في الدول العربية بنحو15% من إجمالي قوة العمل، أي بمعنى أن هناك أكثر من 15 مليون عاطل يبحثون عن العمل من القادرون عليه ولا يجدونه، ووفقاً للبيانات الموضحة بالكشف لاحقاً يتضح أن التفاوت يقع بين 31.1% في فلسطين و1.1% في الكويت (باستثناء العراق)(5).(فارس رشيد البياتي، 2008)

الجدول رقم(01): معدلات البطالة مقارنة مع معدل النمو للقوة العاملة في الوطن العربي

الدولةمعدل النمو السنوي للقوة العاملة 2004معدل البطالة
الجزائر3.827.3
سوريا4.511.7
المغرب2.511.6
مصر2.39.2
السعودية6.34.6

المصدر: منظمة العمل العربية، تقرير إحصائي لسنة 2007.

  وبما أن معظم سكان العالم العربي من الشباب، إذ تشكل نسبة الشباب من العاطلين نسبة 90% في مصر والعراق ونسبة من 40% – 60% في الأردن وفلسطين ولبنان والجزائر وتونس واليمن، فان معدلات نمو القوة العاملة تزداد بمعدلات اكبر من السكان حيث قدر معدلها ب 3.4% خلال الفترة 1995 -2002 مقارنة بنمو معدل السكان السنوي الذي بلغ 2.4℅ خلال نفس الفترة وارتفعت نسبة البطالة عن نسبة الوظائف المقدرة ب 2.5℅ في الدول العربية مما أدى إلى ارتفاع معدل البطالة بها والتي كانت 10℅ في العديد من الدول العربية ما عدا دول مجلس التعاون الخليجي وهذا التزايد يعود إلى العرض المتزايد لسوق العمل خاصة خريجي التعليم العالي وعدم استيعاب السوق لهذه الأعداد الهائلة.

من خلال الجدول التالي نستعرض معدلات البطالة لدى بعض الدول العربية، وتبقى هذه المعدلات غير دقيقة بسبب قوانين كل بلد في حساب معدل البطالة، ونقص المعلومات والإحصائيات من جهة أخرى.

الجدول رقم(02): معدلات البطالة لدى الشباب حسب الجنس سنة 2005

الرقمالدولةالذكورالإناثكلا الجنسين
01الجزائر47.20 56.3545.60
02سوريا15.9933.6919.89
03المملكة المغربية16.2014.4015.70
04مصر18.4037.2425.80
05السعودية24.4031.6025.90

المصدر: منظمة العمل العربية، تقرير إحصائي لسنة 2007.

3- تحليل تجربة تركيا في تحقيق التنمية المستدامة وتخفيف البطالة

تقديم:

تقع تركيا في المنطقة الزمنية +2 حسب التوقيت العالمي المتفق عليه (+2حسب توقيت جرينتش)، الأمر الذي يتيح لها التواصل مع الدول الشرقية والغربية في نفس يوم العمل.

المساحة:

تنقسم مساحة الأراضي التركية، البالغة 783562.38 كيلومتر مربع، إلى سبع مناطق جغرافية: تتمثل في مرمره، وإيجه، ومنطقة البحر الأبيض المتوسط، وجنوب شرق الأناضول، وشرق الأناضول، والأناضول الوسطى، والبحر الأسود. ويحيط بالدولة أربعة بحار: البحر الأبيض المتوسط وبحر إيجه وبحر مرمرة والبحر الأسود.

 عدد السكان:

         يبلغ إجمالي عدد سكان تركيا73 مليون نسمة، ويعتبر نصف عدد السكان تحت عمر28.8 سنة.

3-1- بعض مؤشرات التنمية المستدامة في تركيا

إن معرفة مدى تقـدم الدولة في مجال التنمية المستدامــة يرتكز على المؤشرات الاقتصادية والاجتمـاعية والبيئية، ورغم قلة المراجع المتواجدة على مستوى المكتبة الجزائرية حاولنا جمع اكـبر حد ممكن من المعلومات حول المؤشـرات التنموية لدولة تركيـــا، معتمدين على التـقارير السنـوية والمعلومـات المتاحة على شبكة الانترنت سنوردها كما يلي(6)(www.invest.gov.tr ، 2010):

3-1-1- المؤشرات الاقتصادية:

الناتج الإجمالي:

حققت السياسات الاقتصادية السليمة والإصلاحات الاقتصادية القوية نتائجها المرجوة؛ حيث شهد الاقتصاد نموًا قويًا ومطردًا خلال الأعوام الثمانية الماضية، وبفضل المضي في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية بخطىً ثابتة وانتهاج سياسات الاقتصاد الكلي بنجاح، أصبح الاقتصاد التركي من أسرع الأنظمة الاقتصادية نموًا في المنطقة.

فبين عامي 2002و2010 ارتفع إجمالي الناتج المحلي بنسبة 218 بالمائة ليصل إلى 736 مليار دولار أمريكي

  • حقق المتوسط السنوي لمعدل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي نسبة4.8 بالمائة
  • انخفض معدل التضخم من 30 بالمائة إلى 6.4 بالمائة
  • انخفضت حصة الدين العام من 74 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي إلى 42 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي
  • انخفض عجز الموازنة من 10 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي إلى حوالي 3 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي.

نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي:

يقدر معدّل الدخل الفردي ب 5700 دولار، وقد ارتفع عند مجيء حزب العدالة والتنمية للحكم من 2589 دولار للفرد. وبينما كان النمو الاقتصادي في تركيا يشكل نسبة 2.6% منذ الأعوام 1993 وحتى العام 2002، فقد ارتفعت هذه النسبة بشكل هائل ومضاعف وسريع إلى 7.3% في الأعوام ما بين 2003 -2007.

صادرات وواردات السلع والخدمات

وفقا لتقرير تركي أعده “كريم بلدجي”، فقد حققت صادرات تركيا أرقاما قياسية وهي تحطّم الرقم تلو الآخر ووصلت إلى 100 مليار دولار، وقد نما الناتج المحلي الإجمالي خلال الأربع سنوات ونصف من 181 مليار دولار ليصل إلى 400 مليار دولار.

3-1-2- المؤشرات الاجتماعية(7):

معدل الفقر:

         بلغ معدل الفقر في تركيا سنة 18.1℅ بعد أن كان يفوق 20.5 ℅ سنة 2005، وقد اتبعت الحكومة الحالية خطة محكمة في التقليل من الفقر من خلال تقديم الدعم والإعانات المالية لسكان الأرياف والقرى النائية، وإيجاد فرص الشغل التي تضمن العيش الكريم.

التعليم

 تعد تركيا من أهم الدول التي حققت انجازات كبير في ميدان التعليم، حيث بلغ معدل الإلمام بالقراءة والكتابة،( من الذكور في سن 15 عاماً وما فوقها) %91، وقد بلغ عدد الجامعات أكثر من 115 جامعة حكومية وخاصة.

ففي عام 2009، مع تخرج حوالي 450 ألف خريج من حوالي 115جامعة، وحوالي550 ألف خريج من المدارس الثانوية، ثلثهم من المدارس الثانوية المهنية والفنية، أصبح لدى تركيا 24.7 مليون من الشباب المتخصصين الذين يتمتعون بدرجة عالية من التعليم والحماس. وبشكل عام، يتميز سوق العمل في تركيا بأنه يتطور باستمرار سنويًا بصورة مثيرة للإعجاب، سواء بالنسبة لعدد العاملين أو جودة الأداء.

الجدول رقم(03):توفر القوى العاملة عالية التعليم عدد الطلاب في التعليم العالي حسب المجال2007

 الهندسة والتصنيع والبناءالهندسة والمهن الهندسيةعمليات التصنيع والتجهيزإجمالي عدد الطلاب في التعليم العالي
 المسجلونالخريجونالمسجلونالخريجونالمسجلونالخريجونالمسجلونالخريجون
تركيا321734564541984673452567436127402453664416329

المصدر: مؤسسة الإحصاءات الرسمية للاتحاد الأوروبي (اليوروستات)

معدل البطالة

         تقدر نسبة البطالة في تركيا لسنة 2011 ب 11.5℅ على أساس سنوي وقد انخفض هذا المعدل بعد أن كان 14.4℅ سنة 2010، حيث بلغ عدد العاطلين عن العمل 2.946.000 عامل، وارتفع عدد العاملين إلى 22.802.000 عامل.

وتقسم نسبة البطالة على القطاعات كالتالي: في القطاعات غير الزراعية 14.2%، ونسبة العاملين في القطاع الزراعي 24.4%، و20.4% في القطاع الصناعي، و5.9% في قطاع البناء، و49.3% في قطاع الخدمات(8) (Rapport, 2010).

ويعتبر الشباب التركي حجر الزاوية في نمو القوى العاملة وقد ساعدوا تركيا على احتلال مكانة عالية بين منافسيها، وذلك بفضل المؤهلات والمهارات والإخلاص في العمل والحوافز التي يقدمها، علما أن سوق العمل التركي من أفضل الأسواق في العالم.

إذ تتمتع القوى العاملة التركية بقوى عاملة من الشباب المفعمين بالحيوية، ويبلغ متوسط أعمار أفرادها 27.3 سنة، بالإضافة إلى التزامها بأخلاقيات العمل باعتبارها جزء لا يتجزأ من ثقافة العمل في تركيا. حيث يحظى مكان العمل كمؤسسة بقدر كبير من الاحترام في تركيا وذلك لأنه يمنــحهم فرصة اظهار مهاراتهم وتطوير أنفسهم. ويظهر إخلاص القوى العاملة التركية للعمل من خلال القدرة الإنتاجية المرتفعة لتركيا، وانخفاض نسبة الغياب ومكانتها العالية كواحدة من البلدان التي تسجل أعلى معدلات لساعات العمل السنوية(9) (تقرير البنك الدولي، 2010):

الجدول رقم(04): درجات تقييم مدى توفر القوى العاملة المؤهلة

 أيدٍ عاملة ماهرةمهندسون مؤهلونمديرون من أصحاب الخبرة والمؤهلونمهارات اللغةمهارات التمويلمهارات تكنولوجيا المعلوماتمتوسط الدرجات
تركيا5.9475.722.617.511.748.721.6

المصدر: مؤسسة الإحصاءات الرسمية للاتحاد الأوروبي (اليوروستات(

3-1-3- المؤشرات البيئية:

         تعد تركيا من الدول التي تهتم بالجانب البيئي والذي يساعدها في نشاطها السياحي إذ يقدر عدد السياح العرب فقط الوافدين إليها 28 مليون سائح عربي سنويا، هذا الأمر يجعل الحكومة التركية تولي اهتماما خاصا بالبيئة، بالإضافة إلى ذلك واستجابة لضغط الدول الأوربية في مجال تخفيض الانبعاثات الغازية فان معدل انبعاثات غاز ثاني اوكسيد الكربون بلغ نصيب الفرد منه سنة 2007  معدل 4.1℅ طن متري للفرد.

3-2- سياسات معالجة البطالة في تركيا(10)(- Adnan,2009):

          إن حقيقة البطالة في تركيا هي البطالة الهيكلية، فالشباب المتخرج هو المتسبب في ارتفاع معدلات البطالة، ولخطورة هذه المشكلة، تعمل الحكومة على إصلاح وتنظيم سوق العمل وفقا لاحتياجات المطروحة فيه.

 ويرى اليسار الليبرالي نهج التنمية الاقتصادية هو الحل لمشكلة البطالة، بينما يرى الطرف الآخر أن البطالة مشكلة اجتماعية، وسياسات التوظيف يجب أن تضع الأولوية وفقا للمجتمعات والثقافات والقوى السياسية.

وقد بدأ التخطيط للاقتصاد عام 1963 بإتباع سياسة التصنيع إذ يعتبر المجتمع التركي مجتمعا زراعيا، وقد تم اختياره على أساس سياسة خلق أكثر فرص العمل ممكنة، ومع ذلك، وخلال هذه الفترة تزايدت معدلات البطالة بسبب عدم توافق متطلبات سوق العمل مع عارضي القوة العاملة، مما اوجد مشاكل الهجرة الداخلية من العمالة، فضلا عن الهجرة الخارجية.

وفي عام 1980اعتمدت الحكومة سياسة جلب الاستثمارات برفع سعر الفائدة  من اجل خفض البطالة وتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة، وبسبب دخول العديد من الشركات غير منتجة للاستثمارات في الموارد الإنتاجية (الزراعة والصناعة )، بل في الميدان المالي فقط، بقية تركيا تواجه معدلات البطالة المرتفعة.

وفي عام 1988، أصدرت الحكومة عدة لوائح تتضمن تنظيم سوق العمل، وبذلك جاءت لائحة التعليم والإعداد لرجال الأعمال في هذا المجال،  وقد لعبت دورا في إعداد دورات تدريبية لضمان فرص العمل، وتهدف هذه اللائحة إلى  إقامة شراكة تستهدف بشكل خاص العاطلين عن العمل غير المهرة من الأفراد لكسب المؤهلات، وبذلك تضمن لهم دورات التدريب المهني للتوظيف، وقد تم افتتاح الدورات في كل المقاطعات والأقاليم على أساس خصائص كل إقليم ومجالات المتدربين.

ومع تحقيق معدل نمو اقتصادي كبير، أصبحت الحكومة تنظر إلى البطالة الهيكلية في شكل مستقل، نظرا لزيادة فرص العمل وتشجيع روح المبادرة والعمل لزيادة الإنتاجية، وباعتماد مبدأ التعليم مدى الحياة تماشيا مع تطور المؤهلات، اذ يعد واحدة من أهم الحلول المتقدمة في السنوات الأخيرة ضد البطالة.

ويتوقع إدخال المزيد من الحرية في القوانين والالتزامات، والمرونة في سوق العمل، مع إزالة الضوابط غير  الضرورية على سوق العمل، يمكن أن تخلق مجالات عمل جديدة.

وحسب بعض الخبراء فان العمل لدى الشعب التركي أصبح ثقافة، وأحد أهم مكونات الشخصية الوطنية فالتركي بلا عمل لا يساوي شيئا.

3-3- عوامل نجاح التنمية في تركيا

         إن أهم عوامل نجاح تركيا اقتصاديا هو توجهها إلى الشرق حيث تعتبر جزءاً منه بعد جهود مضنية بذلها للدخول إلى الاتحاد الأوروبي لم تسفر حتى الآن عن نتيجة إيجابية وهي مستمرة بالتزامن مع الانفتاح على دول الشرق الأوسط الغنية بالنفط والموارد الأولية والتي تعتبر أسواق استهلاكية لا يستهان بها. تحاول تركيا جذب الاستثمارات العربية وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي الغنية والتي تتمتع بفوائض مالية سنوية تتخطى الـ 60 مليار دولار أمريكي وذلك عبر تسويق منتجاتها الصناعية والسياحية حيث تمر حالياً المنطقة العربية بأوضاع صعبة نتيجة الاضطرابات السياسية في منطقة الشرق الأوسط، ونجحت تركيا في تطبيق هذه الإستراتيجية إلى حدٍ بعيد.

تجدر الإشارة إلى أن الانضمام إلى الاتحاد الأوربي يبقى هدفا استراتيجيا لتركيا، وحسب وزير الخارجية التركي احمد داود أغلو غير انه يجب إلا يتم عبر التخلي عن هويتها ، و عن عمقها الجيو- ثقافي(11)(احمد داود اوغلو، 2010)

إن الميزة الأساسية للاقتصاد التركي هي تنوع الأنشطة الاقتصادية ومهارة ورخص اليد العاملة وتوفرها على عكس اقتصاديات بعض الدول العربية التي تعتمد بشكل أساسي على قطاعي النفط والغاز حيث يتوزع النشاط الاقتصادي التركي على عدة قطاعات إنتاجية وخدماتية منها الزراعة والصناعة والخدمات (السياحة والتجارة والقطاع المالي) والعقار والبناء. شكل قطاع الخدمات ذات القيمة المضافة للاقتصاد نحو% 65 من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2009 بينما شكل قطاعي الصناعة والزراعة نحو% 25.8 و% 9.3 من الناتج الإجمالي لتركيا على التوالي، وقد ساهم الانخفاض الملحوظ في التضخم إلى 6.2% خلال عام 2007 من مستوى قياسي بلغ %70 خلال عام 2001 وتقليص عجز الموازنة في دفع الاقتصاد التركي إلى النمو الإيجابي ابتداءً من عام 2002. بالإضافة إلى ذلك نجحت البنوك في تغيير نموذج أعمالها وطرح منتجات مالية جديدة منها الرهن العقاري وتوجهت إلى سوق التجزئة وتمويل المشاريع المنتجة وذات القيمة المضافة للاقتصاد(12)( (إدارة بحوث الاستثمار كامكو، مايو2011).

 توقعات الاقتصاد التركي لسنة 2012

حسب تقرير التوقعات الاقتصادية العالمية الصادر عن صندوق النقد الدولي لعام 2011 فان(13) :

– إجمالي الناتج المحلي في تركيا سيشهد هذا العام نموا يقدر بـ 4.6 %، على حين يسجل العام المقبل زيادة قدرها 4.5 %.

ومن المتوقع حسب ما جاء في التقرير أن يصل إجمالي الناتج المحلي في تركيا في عام 2012 إلى 4.5 %، رغم أنه حقق زيادة قدرها 8.2 % في عام 2010.

وأضاف التقرير أن المتوسط السنوي لأسعار المستهلك قد ارتفع في عام 2010إلى 8.6 %، ومن المنتظر أن ينخفض إلى 5.7 % في عام 2011، ثم يعاود الارتفاع قليلا في عام 2012 ليسجل زيادة قدرها 6.0 %.

ومن المقرر أن يحقق ميزان الحساب الجاري / إجمالي الناتج المحلي نسبة قدرها 6.5 % في عام 2010، 8.0 % في عام 2011، 8.2 % في عام 2012.

ويتوقع أن تنخفض نسبة البطالة في تركيا إلى 11.4 % هذا العام، و11 % في عام 2012، علما بانها وصلت في عام 2010 إلى 11.9 %.

3-4- النموذج التنموي التركي وإمكانية تطبيقه في الدول العربية

لا يمكننا القول أنه يمكننا تطبيق النموذج التركي بكل حذافيره لكنّنا نستطيع أن نقتبس بعض النجاحات التي ساهمت في نمو الاقتصاد التركي مثل التنويع في الأسواق ومصادر التمويل والتنويع في الشراكة والانفتاح الايجابي على الأسواق الخارجية، إضافة إلى إدماج القطاع الاجتماعي، ولا كن يمكن تحقيق ذلك بطريقتنا الخاصة و وفق ثقافتنا العربية الاصيلة .

لقد ارتكزت خطّة تركيا على تفعيل المشاركة الشعبية التامة للنهوض بالاقتصاد إضافة إلى الاعتماد على اقتصاد ثلاثي القطاعات ( القطاع الخاص والقطاع العام والقطاع الاجتماعي). حيث اعتبر حزب العدالة والتنمية أن القطاع الاجتماعي هو قطاع رديف للقطاعات الأخرى وتبناه كخيار تنموي جديد وذلك لمساهمته في توفير فرص أكثر للتشغيل. واعتمد على مصدر جديد للتمويل وهو التمويل الإسلامي حيث أرسى نظام الأوقاف الإسلامية من بنوك وصناديق استثمار.

3-5- تحديد معالم البناء الاستراتيجي للقضاء على البطالة

3-5-1- التخطيط:

         إن التخطيط الاستراتيجي للقضاء على البطالة يعتمد على ثلاثة خطوات رئيسية تتمثل في ما يلي:

1- القيام بجمع المعلومات والبيانات الأساسية عن مشكلة البطالة، من خلال بناء قاعدة معطيات تتغذى من شبكة معلومات إحصائية تقوم بإحصاء عدد العاطلين عن العمل وتصنيفهم على حسب القطاعات والمناطق والمهارات المكتسبة لديهم.

2- تحليل المعلومات المحصل عليها وإعطائها الأهمية اللازمة من خلال تحديد الأولويات ومدى تطابقها مع المعايير المحددة مسبقا.

3- إيجاد خطة إستراتيجية محكمة مبنية على أساس ومعطيات محينة، وبالاعتماد على خبراء أكفاء في  كل مجال اقتصادي، واجتماعي، وسياسي، وتعليمي،  يحدد الزمن اللازم للخطة واهم المراحل التي تمر بها، وتحديد توجهات سوق العمل، وعدد طالبي العمل، وعارضيه، ومدى توفر المهارات اللازمة لشغل فرص العمل المتواجدة والمستقبلية.

3-5-2- التطبيق

بعد التخطيط الاستراتيجي وتحديد الهدف والرؤية، نقوم بتطبيق الخطةّ، فانه لا معنى للخطة دون تطبيقها، ويكون التطبيق بواسطة خبراء وإطارات مؤهلة لذلك، بحيث لا يوجد مجال للخطأ، ويجب توفير كل الوسائل المادية والبشرية والمالية اللازمة.

 إن البرامج والخطط المطبقة تستلزم تكاثف جهود كل الأطراف مما ينبغي إيجاد إطار قانوني وتنظيمي يقوم بتسهيل تطبيق الخطة، وتوفير الحماية والدعم اللازم للأفراد الذين يقومون بالتنفيذ.

3-5-3- التقييم

بعد مرحلتي التخطيط والتنفيذ تأتي مرحلة تقييم المسار الاستراتيجي، بقياس مدى مطابقة الأهداف المحققة بالأهداف والمسطرة، وتحليل الانحرافات، والعمل على التغذية العكسية للخطة الأولية، وبتصحيح الأخطاء وتوجيه العاملين فيه واستبدالهم إذا تطلب الأمر.

الخــاتمة

من خلال دراستنا وتحليلنا لتجربة تركيا في مجال تحقيق التنمية المستدامة والقضاء على البطالة، فإننا ندرك مدى صعوبة إيجاد خطة إستراتيجية كاملة لذلك، غير أن هذا لا يدعونا إلى اليأس، وإنما يجب الاقتداء بالدول الأخرى.

إن الجزائر وكباقي الدول العربية الأخرى، تمتلك إمكانيات مادية ومالية وبشرية هائلة، لم يسبق أن امتلكتها وينبغي عليها استغلالها بشكل الأمثل، للوصول إلى مصاف الدول المتقدمة، فالدولة التركية استطاعت أن تبني اقتصادا قوي في غضون سنوات، رغم أن الضغوط التي تواجهها تركيا اكبر بكثير مما تواجهه الجزائر.

في الأخير ارتأينا أن ندرج أهم التوصيات التي من شانها تنوير الطريق أمام البحوث الأخرى ولدعم اتخاذ قرار صائب اتجاه البطالة وتحقيق التنمية المستدامة:

  • تكثيف الجهود والدراسات التي تبحث في مجال البطالة والتنمية المستدامة.
  • إيجاد قاعدة معطيات وطنية تعمل على جمع المعلومات والبيانات بكافة أصنافها حول أهم مؤشرات التنمية المستدامة ومعدلات البطالة وخصائصها لاستعمالها في اتخاذ القرارات.
  • ينبغي تشكيل إستراتيجية للتوظيف وتنظيم سوق العمل بما يتماشى مع متطلبات الاقتصاد الوطني.
  • العمل على رفع الإنتاجية والقدرة التنافسية والعمالة. وخفض التضخم الحاصل بالاعتماد على تحليل العناصر الأساسية لسياسة الأجور سواء من جانب رجال الأعمال، أو على مستوى القدرةالشرائية، وحماية فرص العمل القائمة.
  • توعية الأفراد و المؤسسات بأهمية استغلال العمالة ،مع مراعاة أحكام التأمينضد البطالة والأمن الوظيفي.
  • التوجيه المهني لنظامالتعليم، والتعليم العالي، والمهن، و إيجاد تخصصات توافق متطلبات سوق العمل، وينبغي إبلاء مزيد منالمؤسسات الأدوار في إنشاء البرامج التعليمية.

الهوامش

1- عمر شريف، استخدام الطاقات المتجددة ودورها في التنمية المحلية المستدامة، اطروحة دكتوراه، كلية العلوم الاقتصاديووعلوم التسيير،2006/2007، جامعة باتنة، الجزائر، ص 156.

 2-Stephen Monched, http://www.maroc-ecologie.net /rubrique.php3 id_rubrique=1 2005

3- زرنوح ياسمينة،إستراتيجيات التنمية الاقتصادية، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير، جامعة الجزائر، 2005/2006، ص 134.

4-  محمد مصطفى الأسعد، التنمية ورسالة الجامعة في الألف الثالث، المؤسسة الجامعية للدراسات، بيروت 2000، ص22

 5-  فارس رشيد البياتي، التنمية الاقتصادية سياسيا في الوطن العربي، أطروحة دكتوراهّ غير منشورة، الاكادمية العربية المفتوحة في الدنمارك، عمان، 2008، ص 34.

6-cite internet: www.invest.gov.tr, 07/09/2010.

7- تقرير مركز الاحصاء التركي لسنة 2011.

 8-Rapport, republic of turkey prime ministry, investment support and promotion agency, www.invest.gov.tr, 07/09/2010

9-تقرير البنك الدولي، 2010):

10 –  Adnan menderes, Characteristics of unemployment in Turkey, Journal of Social Sciences, University of Turkey. P. 61 ..

11- احمد داود اوغلو، ، العمق الاستراتيجي موقع تركيا و دورها في الساحة الدولية، ترجمة محمد جابر ثلجي، الدار العربية للعلوم بيروت، لبنان، 2010، ص 646.

12- إدارة بحوث الاستثمار في شركة مشاريع الكويت الاستثمارية لإدارة الأصول (كامكو)، تقرير عن الاقتصاد التركي ومقارنته بالاقتصاد العربي (11 مايو2011).

13- تقرير الصندوق النقد الدولي لعام 2011.

– منظمة العمل العربية، تقرير إحصائي لسنة 2007.

– مؤسسة الإحصاءات الرسمية للاتحاد الأوروبي (اليوروستات).

جامعة المسيلة – مخبر الاستراتيجيات والسياسات الاقتصادية في الجزائر

أ. محمد بوديسة أستاذ مساعد ” أ ” بجامعة المسيلة

أ. نورالدين عسلي أستاذ مؤقت بجامعة المسيلة.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى