دراسات سوسيولوجية

أركان جريمة السرقة التقليدية في ظل القواعد العامة

السرقة هي أول الجرائم الواردة في الفصل الثالث من التقنين الجزائي الجزائري لسنة 1966تحت عنوان : الجنايات والجنح و المخالفات .
يعرفها المشرع في المادة 350 من قانون العقوبات) كل من اختلس شيء غير مملوك له يعد سارقا و يعاقب بالحبس من 1 سنة إلى 5 خمس سنوات بغرامة من 100.000 دج الى 500.000 دج (.
و تطبق نفس العقوبة على اختلاس المياه و الغاز و الكهرباء يجوز أن يحكم على الجاني علاوة على ذلك بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الواردة في المادة 9 مكرر 1 لمدة سنة على الأقل و 5 خمس سنوات على الأكثر، و بالمنع من الإقامة طبقا للشروط المنصوص عليها في المادتين 12 و 13 من هذا القانون و يعاقب على الشروع في هذه الجنحة بالعقوبات ذاتها المقررة للجريمة التامة ) في أركانها التكوينية ويحدد عقوبتها في حالتها البسيطة ثم يعلن عن معاقبة المحاولة فيها وعن تطبيق نفس العقوبة على مختلس المياه والغاز والكهرباء ويخصص المواد من 351 إلى 354 للسرقة في صورتها المشددة وبوصفها جناية فيذكر حالات التشديد والعقوبات المنوطة بها . أما المواد: 357-356-355-360-358 فان المشرع أعدها للتدليل. على التوالي على مفهوم السكن المسكون والكسر والتسلق أو المفاتيح المصطنعة والطرق العمومية مضيفا في المادة 359 عقوبة الحبس لمقلد ومزيف المفاتيح أما المواد: 365-364-363-362-361 فان المشرع أخرجها لمعاقبة أنواع خاصة من السرقة أو لسد ثغرات كشفت عنها الممارسة اليومية مثل ما جاء في المادتين 366 و367 أخيرا فان المشرع اعد المادتين 370 و371 لمعاقبة من ينتزع شيئا بالقوة أو يحصل عليه بطريق التهديد … وخصص المادتين 368 و369 لمعالجة حالات الإعفاء في السرقة المرتكبة بين أفراد العائلة (01)

  (01)- د دردوس مكي، القانون الجنائي الخاص في التشريع الجزائري، الجزء الأول، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2005، ص14.

و من خلال التعريف و من خلال التعريف الوارد في المادة 350 ق.ع جزائري للسرقة كما يلي : “كل من اختلس شيئا غير مملوك له يعد سارقا “ومن هذا التعريف يبين أن جريمة السرقة تقوم على ثلاثة أركان هي:
– المبحث الأول  : فعل الاختلاس ، وهو الركن المادي للجريمة .
– المبحث الثاني : محل الجريمة ، ويتمثل في شيء منقول مملوك للغير .
– المبحث الثالث : القصد الجنائي، وهو الركن المعنوي للجريمة (1)

المبحث الأول :  الركــن المـــــادي

للركن المادي عنصران وهما:
المطلب الأول  فعــل الاختــــــلاس.
المطلب الثاني : عدم رضي الحائز المجني عليه.

المطلب الأول : فعل الاختلاس
لم يحدد القانون معنى الاختلاس ، وهو الركن الأساسي في جريمة السرقة ، وفي غياب تعريف صريح يتفق الفقه والقضاء على أن: ” الاختلاس هو الاستيلاء على شيء بغير رضا مالكه أو حائزه ” .ولقد تطور مفهوم الاختلاس فلم يعد محصورا في الاستيلاء على الشيء إذ أصبح من المسلم به اليوم أن تسليم الشيء لا ينفي الاختلاس.
ويقوم الاختلاس على عنصرين : عنصر مادي ، وهو الاستيلاء على الحيازة ، وعنصر معنوي  وهو

عدم رضا مالك الشيء أو حائزه عن الفعل .

-(1)-د أحسن بوسقيعة، الوجيز في القانون الجزائري الخاص، الجرائم ضد لأشخاص و الجرائم ضد الأموال، الجزء الأول،الطبعة الثالثة، دار هومة للطباعة و النشر، الجزائر، 2005، ص247.

الفرع الأول : الاستيلاء على الشيء : يتحقق الاختلاس بالاستيلاء على الشـيء أي بنقل الشيء أو نزعه من حيازة المجني عليه وإدخاله في حيازة الجاني .
وهذا يقتضي أن يقوم الجاني بحركة مادية يتم بها نقل الشيء إلى حيازته مهما كانت الطريقة المستعملة سواء النزاع أو السلب أو الخطف أو النـقـل أو أية طريقة أخرى .
وكل ما يشترط هو أن يقع الاستيلاء على الشيء بفعل الجاني ولذلك ليس من الضروري أن يكون بيده فيعد سارقا الشخص الذي يدرب كلبا على السرقـة أو الذي يستعمل آلة لارتكاب السرقة.
ويشترط أيضا لكي يعد الفاعل سارقا أن ينقل الشيء إلى حيازتـه ، أمــا إذا اعدم في مكانه فالفعل يعد إتلافا وليس اختلاسا ، ولكن لا يلزم أن يحتفظ الجاني بالشيء في حوزته ، فقد يتخلى عن حيازته لأخر وقد يستهلكه كذلك في الحال إذا كان من المأكولات أو المشروبات .
يترتب على تحديد الاختلاس على النحو السابق نتيجتان :
النتيجة الأولى: لا يتحقق الاختلاس إذ كان الشيء موجودا أصلا في حوزة المتصرف : فإذا كان الشيء في حوزة الجاني من قبل وامتنع عن رده إلى مالكه الأصلــي أو حائزه أو تصرف فيه تصرفا ضارا فلا يعتبر سارقا لأنه لا ينقل الشيء برفضه أو تصرفه وإنما يستبقيه، الاستبقاء لا يحقق الاختلاس الذي يتحقق بالنقل فقط (01)
النتيجة الثانية: لا يعتبر مختلسا البائع الذي يحبس المبيع بين يديه بعد أن يتسلم ثمنه: وكذلك من يعثر على شيء ملك للغير فيأخذه بدون سوء نية ثم يمسكه بنية التملك(02).

– (01)- د أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص 248.
– (02)- دردوس مكي، المرجع السابق، ص 15.

ومما سبق ، نستخلص أن الاختلاس ينتفي إذا كان المال في حيازة الجاني ابتداء غير انه يشترط أن يظل الشخص محتفظا بالحيازة فان نقلها إلى الضحية ولو لمدة قصيرة ثم اختلسها يعد سارقا، فالبائع الذي يسلم البضاعة للمشتري أو يضعها تحت تصرفه ثم يختلس البعض منها فيما بعد يعد سارقا، كذلك الحال بالنسبة للدائن الذي يحرر مخالصة لمدينه تحت تصرف المدين وإذا ما قبض الدين اختلسها.
الفرع : الثاني التسليم يمنع توافر الاختلاس: ينتفي الاختلاس بالتسليم سواء كان حرا أو مبنيا على خطأ أو مشوبا بغلط أو نتيجة تدليس، و تسليم الشيء يتناف مع نزع الحيازة.
ولكن لا ينتفي الاختلاس بأي تسليم إنما يشرط لذلك أن يكون التسليم حاصلا من شخص له صفة على الشيء المسلم ، وان يكون صادرا عن وعي واختيار، وان يكون بقصد نقل الحيازة الكاملة أو الناقصة، كما نوضح في ما يلي :
 أولا :شروط التسليم النافي للاختلاس : يشترط فيه ما يأتي :
1– يجب أن يكون التسليم حاصلا من شخص له صفة على الشيء المسلم : يقتضي التسليم النافي للاختلاس أن يكون قد حصل من شخص له صفة على الشيء كمالكه أو حائزه ، وأما إذا حصل من شخص لا صفة له على الشيء فلا ينفي هذا التسليم قيام الاختلاس .
2- يجب أن يكون التسليم قد حصل عن إدراك واختيار : ويقصد به التسليم الحر، وعلى هذا الأساس لا ينتفي الاختلاس بالتسليم الحاصل من الطفل غير المميز أو المجنون أو من المعتوه أو السكران أو النائم أو المكره ماديا أو معنويا وهكذا قضى في فرنسا بقيام جنحة السرقة في حق من استلم شيئا من شخص غير مميز بسبب صغر سنه، أو ناقص التمييز.

ويكون التسليم حاصلا عن إدراك واختيار ، ولو بني على خطا أو كان مشوبا بغلط أو كان نتيجة تدليس .
التسليم الحاصل بخطأ : ينتفي الاختلاس بالتسليم إذا حصل بخطأ لأنه تم عن إرادة واختيار وإدراك، وفي هذه الحالة لا يمكن القول أن الفاعل انتزع حيازة الشيء من صاحبه ، فالخطأ الذي وقع به التسليم يرتب المسؤولية المدنية ليس إلا .والأمثلة على ذلك كثيرة كمن يسلم شخصا ورقة نقدية بألف دينار ظنا منه أنها ورقة بخمس مائة دينار يصرفها له فيعطيه بدلها نقودا معدنية قيمتها بخمس مائة دينار فقط وهو يعلم حقيقة الورقة النقدية التي تسلمها .
أو العكس إذ أعطاه ورقة بخمس مائة دينار فاعتقد الصراف أنها من فئة ألف دينار وصرفها له على هذا الأساس .
ومن هذا القبيل أيضا الدائن الذي يستلم من المدين مبلغا يزيد عن الدين دفعه خطا ولا تهم هنا نية المستلم فسيان أن يكون حسنا أو سيء النية (1) فالقضاء الفرنسي كان يعتبر التسليم في حالة جهل قيمة أو طبيعة الشيء المسلم تسليما غير إرادي سرقة لكن الفقه استنكر هذا الحل واعتبره توسعا في التجريم يتعارض مع مبادئ القانون الجنائي, رغم تطابقه مع الحلول التي يقول بها القانون المدني إذ يعتبر الخطأ من عيوب الرضاء .
وكذلك الحال بالنسبة للموظف الذي يحول لحسابه خطا راتبا شهريا يفوق راتبه(2).
وعلى ذلك قضى في فرنسا حديثا بعدم قيام الاختلاس في حق من استغل خللا في سير الموزع الآلي للبنزين فحصل على كمية من البنزين بسعر اقل من سعرها الحقيقي.

(1)-د أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص249 -248.
-(2)-دردوس مكي، المرجع السابق، ص 15.

وقد يكون الخطأ واقعا على شخصية المسلم كمن يسلم الدين لغير الدائن أو كساعي البريد الذي يسلم

طردا إلى غير المرسل إليه ففي الحالتين ينتفي الاختلاس.
التسليم المشوب بالغش: ينفي التسليم المشوب بالغش ركن الاختلاس للأسباب نفسها، وهي أن التسليم قد حصل باختيار المسلم ولم تنزع منه حيازة الشيء.
وعلى هذا الأساس يكون التسليم عن إدراك واختيار إذا حصل ممن يملك الشيء ولو لجأ المستفيد من الشيء إلى استخدام الغش والتدليس لاستلامه فهذه الأساليب مهما بلغت جسامتها لا يمكن أن يتوفر بها ركن الاختلاس في السرقة وان جاز أن تقوم بها جريمة النصب .
وهكذا لا يعتبر اختلاسا استخدام أساليب الغش للاستيلاء على نقود لاعبي القمار أو إخفاء قطع من النقود أثناء استلام صرف ورقة مالية أو الغش في كمية المبيع بإخفاء بعضه أثناء عده أو كيله أو وزنه
وبالمقابل يقوم الاختلاس بالتسليم الحاصل بخطأ إذا كان الخطأ نتيجة لغش أو تدليس ، بشرط أن لا يكون الضحية هي المتسببة في الخطأ وإلا انتفى الاختلاس كما بينا سابقا ، ومن ثم لا يقوم الاختلاس إلا إذا كان الغير هو المتسبب في الخطأ .
وهكذا قضي في فرنسا بقيام الاختلاس في حق مدير تجاري بشركة قدم طلبا لاقتناء المازوت لحساب الشركة ودفع الثمن من مالها ثم أمر موزع البنزين بتسليمه البضاعة ببيته ليس بمقر الشركة (1)
_ مسألة التسليم الرمزي : ليس من الضروري أن يكون تسليم المنقولات بالمناولة فالمادة 367 قانون مدني جزائري تجيز التسليم الرمزي ويقصد به أن ” يتم التسليم بوضع المبيع تحت تصف المشترى بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق ولو لم يتسلمه تسلما ماديا ما دام البائع قد اخبره بأنه

.

 -(1)-د أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص249

مستعد لتسليمه ذلك ، ويحصل التسليم على النحو الذي يتفق مع طبيعة الشيء المبيع ” . ومن قبيل التسليم الرمزي تسليم مفتاح المخزن الذي يحتوى الشيء المبيع ،فلا يرتكب جريمة السرقة المشترى إذا تصرف في الشيء المبيع حتى لو لم يكن بعد قد دفع الثمن لان حيازة الشيء قد انتقلت إليه نهائيا بهذا التسليم الرمزي .
أما إذا كان صاحب الأشياء لم يسلم المفتاح إلى الشخص إلا بقصد معاينة الأشياء تحضيرا لاستئجارها مثلا فاختلس هذا الشخص بعض الأشياء من المخزن ، ففي مثل هذه الحالة يعد الشخص سارقا لان وضع يده على الأشياء لم تكن إلا يدا عارضة .
وإذا كان تسليم المفتاح قد تم بناء على عقد إيجار فان تصرف المستأجر في الأشياء المسلمة إليه يكون تبديدا لا سرقة لان صاحب الأشياء قد نقل إليه الحيازة الناقصة(1)

و لقد طبق القضاء هذه النظرية بصفة شاسعة(2)، مما يمنحنا العديد من الأمثلة التطبيقية
 3- يجب أن يكون التسليم بقصد نقل الحيازة كاملة بقصد التمليك: أو ناقصة أي على سبيل الأمانة: و الحيازة نوعين، الحيازة الكاملة ( possession proprement dite) والحيازة الناقصة ( possession prècaire ) فالحيازة الكاملة تكون لمن يضع يده على الشيء بصفة المالك، و هي تتكون من ركنين: المادي و الأدبي، و الحيازة الناقصة تكون لمن يضع يده على الشيء بمقتضى سند لا يخوله أي حق في الملكية بل يشعر باعترافه بحق الغير فيها كالمرتهن والمستأجر و غيرهم ممن

-(1)-د أحسن بوسقيعة، المرجع نفسه، ص249.
-(2)-دردوس مكي، المرجع السابق، ص 15.

يحوزون الشيء على ذمة الغير، و هذه الحيازة تنقل إلى الحائز الركن الــمادي فقط، و يبقى للمالك الركن الأدبي. أما الحيازة المادية فلا يترتب عليها غير وضع الشيء بين يدي مستلمه لغرض وقتي و لا يخول للمستلم أي حق على الشيء لا لنفسه ولا لذمة غيره، بل تكون يده على الشيء يدا عارضة، و يبقى للمالك الركن المادي فضلا عن الركن الأدبي(1).
يمكن تعريف الحيازة بأنها سيطرة إرادية للشخص على الشيء، سيطرة تمكنه من الانتفاع به أو تعديله أو تحطيمه أو نقله وعلى هذا الأساس فهي حالة واقعية وليست مركزا قانونيا.
والأصل أن تثبت الحيازة للمالك، ومع ذلك فقد تثبت لغيره ولذلك فهي إما كاملة وإما ناقصة.
فأما الحيازة الكاملة أو التامة فتكون لمالك الشيء لو لم يدعي ملكيته ، سواء أكان حسن النية أو سيء النية ، كالسارق خائن الأمانة. وأما الحيازة المؤقتة أو الناقصة فتكون من يحوز شيء بمقتضى سند يخوله الجانب المادي في الحيازة دون الملكية التي تظل لغيره ، كالمستأجر الدائن المرتهن رهنا حيا زيا والعامل الذي يعهد إليه بشيء لإصلاحه والمستعير والمودع لديه والوكيل : فالحائز في هذه الحالات وان كانت لديه بعض مظاهر العنصر المادي للحيازة إلا أن الحيازة تكون لحساب المالك .
يشترط في الحيازة السابقة المعتدي عليها أن تكون أولا لغير الجاني، فإذا كانت الحيازة بيد الجاني لا يقوم الاختلاس. ولا يشترط أن يكون هذا الغير حائزا للشيء بسند مشروع ، إذ تتحقق الحيازة السابقة ولو كانت حيازة الغير للشيء جاءت نتيجة سرقة وقعت منه ، فإذا اختلس الغير هذا الشيء المسروق وقعت جريمة جديدة يكون فيها السارق السابق مجنيا عليه في سرقة جديدة ويجد هذا الحل سنده في كون الحيازة مركزا واقعيا لا قانونيا

-(1)-جندي عبد المالك، الموسوعة الجنائية، رشوة- ظروف الجريمة، الجزء الرابع، الطبعة الثانية، دار العلوم للجميع، لبنان، دون سنة النشر، ص 162-163.

كما يشترط أن تكون حيازة غير الجاني المعتدي عليها إما كاملة وإما ناقصة على المعنى الذي سبق

توضيحه ، أما في حالة اليد العارضة على الشيء فلا تكون الحيازة لواضع اليد ، وإنما تكون لمن له السيطرة على الشيء ويكون هو المجني عليه في اختلاس هذا الشيء .فالمسافر لا يفقد حيازته لحقيبته لمجرد أن يكلف حمالا بنقلها له أن المطار إلى خارجه إذ تظل له السيطرة الفعلية على الحقيبة بينما لا يكون للحمال على الحقيبة إلا اليد العارضة فإذا اختلسها كان سارقا وإذا اختلسها من الحمال آخر كان سارقا وكان المسافر هو المجني عليه في الجريمة لا الحمال .
ويعتبر الشيء في حيازة الغير ، ولو كان الغير قد أودعه في آلة من آلات التسليم الميكانيكي التي تبيع السلع للجمهور، كالماكينات المخصصة لبيع المشروبات أو الحلويات إذ تظل الحيازة لمالكها ولو كان قد تركها وانصرف ومن هنا فان الاعتداء عليه يعتبر اعتداء على حيازة الغير(1)
ومن ناحية أخرى، لا يعتبر مختلسا المدين الذي يقترض مالا ثم يرفض سداده وان كان عازما على عدم السداد من أول الأمر. وكذا البائع الذي يمتنع عن تسليم المبيع بعد قبض الثمن والمشترى الذي يمتنع عن دفع الثمن بعد استلام المبيع ، فلا يعد البائع سارقا للثمن ولا المشترى سارقا للشيء لان كلا منهما تسلم الشيء على سبيل التمليك
وهو ما خلصت إليه محكمة النقض الفرنسية في دعاواها.

-(1)-د أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص 252_الي255.

الفرع الثاني :   التسيلم غير النافي للاختلاس : وهو التسليم الذي يفقد شرطا من شروط التسليم الناقل للحيازة و أهمها إرادة نقل للحيازة إلى المتسلم أو إرادة التخلي عن الحيازة من جانب المسلم، فمثل هذا التسليم لا ينفي الاختلاس لأنه لا ينقل حيازة على الشيء وإنما يعطي الآخر مجرد يد عارضة لا تخوله حقا ولا تحمله التزاما . و من ثم فان مجرد التسليم المادي الذي لا ينقل الحيازة ويتكون به يد المستلم على الشيء يدا عارضة لا ينفي الاختلاس .

من قبيل هذا التسليم من يسلم كتابا لشخص آخر لمجرد الاطلاع عليه فيهرب به ولا يرده إلى صاحب الكتاب إذ لا يكون صاحب الكتاب هنا قد نقل حيازة الكتاب كاملة أو ناقصة إلى الغير وإنما سلمه له فقط ليطلع عليه تحت إشرافه ومراقبته ثم يرده إليه في الحال ،فيد الغير على الكتاب تكون مجرد يد عارضة ولذا فان رفضه رد الكتاب يعد سرقة .
ومن هذا القبيل أيضا تسلم الشيء لمجرد الاختبار أو التجربة ، فمثل هذا التسليم لا يكون سوى حركة مادية للشيء لا تتجاوز مجرد وضعه بين يدي متسلمه ، لمجرد رؤيته ا فحصه أو تقدير قيمته أو استعماله تحت إشراف ومراقبة حائزه كما لا ينفي الاختلاس التسليم بالإكراه العنف ، والتسليم من قبل فاقد الوعي ، كما سبق لنا بيانه(1).

– (1)-  دردوس مكي، المرجع السابق، ص 15.

المطلب الثاني :  عدم رضي الحائز المجني عليه.
إن التسليم غير الإرادي للشيء لا يمنع من وقوع الاختلاس إذ في هذه الحالة يكون التملك بالشيء بدون رضاء صاحبه الشرعي،فلا يكفي لتوافر ركن الاختلاس أن تخرج حيازة الشيء من حيازة أو مالكه إلى الغير وإنما يشترط أن يتم ذلك بدون رضا المجني عليه. فإذا وقع برضائه فلا توجد جريمة السرقة لانتفاء ركن الاختلاس لان مالك الشيء أو حائزه يكون قد رضي بالتخلي أو التنازل عن حيازة الشيء فلم تنزع منه قسرا . وحتى يكون الرضا نافيا للاختلاس يجب أن يكون رضا حقيقيا

صادرا عن إدراك وإدارة فإذا كان عن طريق التحايل فانه لا يعد رضا صحيحا ، كما يشترط أن يكون الرضاء صادرا قبل وقوع الاختلاس أو معاصرا له وإذا كان لاحقا عليه فانه لا ينفي الجريمة وإنما يمكن أن يكون له أثره في تخفيض العقوبة (1)

-(1)_ أحسن بوسقيعة، المرجع السابق ، ص 255. 257.

المبحث الثاني :  محل الجريمة

حسب نص المادة350 من قانون العقوبات فإن السرقة يجب أن تقع على شيء غير مملوك للجاني  ، وهو نفس ما ذهبت إليه آراء الفقهاء و إن اختلفوا في تحديد طبيعة هذا المال ، ولذا سوف ندرس محل جريمة السرقة من خلال ثلاثة (03) مطالب هي :

 طبيعة المال في جريمة السرقة .

  • طبيعة المنقول في جريمة السرقة .
  • ملكية الغير للمال المنقول في جريمة السرقة .

المطلب الأول : طبيعة المال في جريمة السرقة :

ورد في نص المادة 350 من قانون العقوبات أن الإختلاس لا يقع إلا على ” شيء ” ، وكل شيء قابل لأن يكون محلا للسرقة كما ييستفاد من القضاء الفرنسي كالشيك ، الرسالة ….،ولا يهم إن كان الشيء غير مشروع فقد تنصب السرقة على مخدرات مثلا. (1)

– وقد بين القضاء طبيعة المال محل السرقة من خلال بعض الأحكام ، حيث قضى بأن السرقة هي إختلاس منقول مملوك للغير، و المنقول في هذا المقام هو كل ما له قيمة مالية يمكن تملكه و حيازته، وإن كان المشرع الجزائري لم ينص على هذا الشرط صراحة في المادة 350 من قانون العقوبات.

 -(1)-  أحسن بوسقيعة- المرجع السابق- ص 267

ويعتبر منقولا في القانون الجزائي كل مال يمكن نقله من مكان لآخر، و هو ما يجعله يختلف عن معنى المنقول في القانون المدني، و منه تعتبر العقارات بالتخصيص كآلات الزراعة و الماشية التابعة للأراضي الزراعية و الآلات في المصانع منقولات في القانون الجزائي.

– و يتطلب إيضاح طبيعة المال في جريمة السرقة التعرف على بعض صوره مثل:

1-الأموال المعنوية : يرى بعض الفقهاء أن الأفكار و الإبداعات تخرج من النطاق المادي للمال، و لا تقبل أن تكون محلا للسرقة إلا إذا أفرغت في كيان مادي كالأوراق أي أن الأفكار، و الاختراعات لا يمكن سرقتها مستقلة عن الدعامة المادية التي تحملها .

2- سرقة الكهرباء : لا يقصد بالمنقول في معنى السرقة كل جسم متميز قابل للوزن بحسب نظريات الطبيعة، بل أنه ينصرف إلى كل ماله قيمة مالية يمكن تملكه وحيازته، و هي خصائص متوفرة في الماء و الكهرباء التي تعتبر منقولات قابلة للسرقة، و هذا ما نصت عليه المادة 350 من ق ع صراحة ” … تطبق نفس العقوبة على اختلاس المياه و الغاز و الكهرباء.”

– و على هذا الأساس يعتبر سارقا كل شخص يقوم بتعطيل مؤشر العداد، أو قام بتوصيل الكهرباء بدون علم مصلحة الكهرباء بعدما قطعته له هذه الأخيرة، أو من يوصل أنبوب مياه خلسة إلى منزله…إلخ.

وكذلك الأمر في سرقة الخط التليفوني رغم عدم النص عليه في القانون الجزائري، ولكن القضاء المصري اعتبره مالا مملوكا للغير و قابلا لأن يكون محلا للاختلاس، و ذلك بصرف النظر عن ضآلة قيمة الشيء، أو قابليته للوزن مادام قابلا للحيازة و التنقل من مكان لآخر (1).

المطلب الثاني : طبيعة المنقول في جريمة السرقة.

– كما سبق الذكر أن المشرع لم يورد كلمة منقول في نص المادة 350 من ق ع عكس المشرعين الفرنسي و المصري اللذان وردا فيهما النص على طبيعة الشيء القابل للسرقة بأنه “منقول”.

و يرى الفقه والقضاء بأن مناط اعتبار المال منقول لكي يكون قابلا للسرقة هو مجرد قابليته للتنقل

من مكان لآخر، و من يد لآخرى، ولو لم يكن بذاته منقولا في القانون المدني كالعقارات بالتخصيص مثل الآلات في المصانع والعقارات بالإتصال كالأبواب، و النوافذ.

– و كما أوضحنا في المطلب السابق لا يشترط أن يكون للمنقول شكل معين إذ يمكن أن يكون سائلا، أو غازيا، أو صلبا مثل الماء، والغاز، و الكهرباء، كما يمكن اعتبار الطاقة منقول قابل للسرقة.

– و لا يشترط في المنقول أن يكون له قيمة مالية بل يكفي أن يكون له قيمة معنوية، و لكن القول بأن القيمة المالية ليست شرطا لقيام السرقة لا يجعلنا نسلم بأن أعقاب السجائر، و أحجار الطرق و قشور الفاكهة تصلح لأن تكون محلا للسرقة  (2) .

 

(1)-د : أحمد خليفة الملط “الجرائم المعلوماتية” دار الفكر الجامعي ط2 سنة 2006 ص 213

(‘2)--د : أحمد فتحي سرور ” الوسيط في قانون العقوبات” ط4 القاهرة 1991 ص 801

المطلب الثالث : ملكية الغير للمال المنقول

-ورد شرط ملكية الغير للمال المنقول في جريمة السرقة واضحا في نص المادة 350 من قانون العقوبات ” كل من اختلس شيئا غير مملوك له يعد سارقا…” ، فمن خلال هذا النص يمكن استخلاص فرضيتين :

أولا : عدم ملكية المال للسارق.

إن المشرع يهدف من وراء هذا النص إلى حماية الملكية، فالسرقة تعني الإتداء على المال بقصد تملكه فلا يتصور حصولها من مالك، ومن هذا المنطلق من يختلس مالا و يعتقد أنه مملوكا للغير لكنه في الحقيقة هو ملك له لا يعد سرقا، ولو كان سيء القصد، أو كان المال متنازعا عليه ثم ثبثت له ملكيته بحكم قضائي إذ كان ملكا له وقت اختلاسه.

فالمشرع أراد بهذا النص حمابة الملكية، وليس الحيازة، و على هذا الأساس لا يعد سارقا المؤجر الذي يسترد ماله من المستأجر بالقوة، وبدون وجه حق، أو المودع الذي يسترد الوديعة خلسة رغم ما للمودع لديه من حق في حبسها لقاء أتعابه(1) .

  • فإذا ثبث عدم ملكية المتهم للمال المسروق فإنه يعد سارقا متى توافرت بقية عناصر السرقة، حتى ولو ثبث أن للمتهم حقوقا أخرى قبل مالك الشيء محل السرقة، وأن اختلاسه له كان استيفاءا لحق، فالدائن الذي يختلس مالا مملوكا للمدين وفاءا لأجره يعتبر سارقا.

(1)– د  احسن بوسقيعة – المرجع السابق –  ص 273

ويكفي للعقاب في السرقة أن يكون ثابتا بالحكم أن المسروق ليس مملوكا للمتهم، ومن ثم فإن خطأ الحكم في ذكر إسم مالك الشيء المسروق لا يعيبه.

– ولقد استثنى المشرع الجزائري من هذه القاعدة بعض الحالات لاعتبارات خاصة وهكذا يعد سرقة :

1- اختلاس الأشياء المحجوز عليها، و لو كان حاصلا من مالكها (المادة 364/01 ق ع)

2- اختلاس أنواع الأشياء المنقولة المرهونة ضمانا للوفاء بدين (الماد 364/03 ق ع)

3-استيلاء الشريك، أو الوارث على الأموال الشائعة، أو الموروثة (المادة 363 ق ع)

ثانيا : ملكية المال للغير وقت السرقة.

إذا كانت السرقة هي اعتداء على حق الملكية فلا يكفي لقيامها أن يكون المال مملوكا للجاني، وإنما يلزم أن يكون مملوكا للغير، فالجانب الهام في المسألة ليس معرفة المالك وإنما معرفة أن الجاني ليس هو المالك، وعلى هذا الأساس لا يعيب الحكم الصادر من المحكمة أن يغفل تحديد من هو المالك.

للشيء المسروق طالما أثبث أنه غير مملوك للجاني، و ينبني على ذلك أن الأموال التي لا مالك لها لا تكون محلا للسرقة، وهي الأموال المباحة والمتروكة (1).

(1)- د : أحمد خليفة الملط – المرجع السابق – ص 216

المبحث الثالث : الركن المعنوي

– يقصد بالركن المعنوي في أي جريمة بالقصد الجنائي، وأغلب التشريعات الجنائية بما فيها التشريع الجزائري لم تضع تعريفا للقصد الجنائي، ولذلك فإنه لمعرفة الجرائم العمدية نرجع إلى النصوص الجنائية التي تعرف الجرائم المختلفة و تبين عناصرها، ومن ضمنها الركن المعنوي (1).

– و بالرجوع إلى نص المادة 350 من قانون العقوبات الجزائري نجد أن المشرع الجزائري اشترط توافر القصد الجنائي في جريمة السرقة من خلال تعريفه لجريمة السرقة في النص الفرنسي على أنها (soustractin frauduleuse)، أما النص باللغة العربية فلا يتضمن هذا التوضيح(2).

-أما رأي الفقه الذي يعتنق نظرية الإرادة في تحديد القصد الجنائي فإنه يعرفه بأنه ” اتجاه إرادة الجاني إلى السلوك الذي يباشره، وإلى النتيجة المترتبة عليه مع علمه بالعناصر الأخرى ذات الصفة الإجرامية للسلوك (3) .

– ومن خلال هذا التعريف يتضح أن القصد الجنائي العام يقوم على عنصرين هما ” العلم و الإرادة “، ولا يكفي في السرقةالعام بعنصري العلم والإرادة، وإنما يشترط بالإضافة إلى ذلك وجود قصد خاص وهو ” نية التملك “.

(1)–: محمود محمود مصطفى ” شرح قانون العقوبات – القسم الخاص-” ط 8 جامعة القاهرة 1984 ص 471

(2)– د : أحسن بوسقيعة – المرجع السابق – ص 276

(3)– د : مأمون سلامة ” قانون العقوبات – القسم الخاص- ” دار الفكر العربي – القاهرة 1979  ص 08

– وقد بين القضاء من خلال أحكامه أن القصد الجنائي في السرقة بأنه ” قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب فعلته بأنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه بنية تملكه، و لا يشترط تحدث الحكم استقلالا عن هذا القصد، بل يكفي أن يكون مستفادا منه”(1).

– و سوف نتعرض إلى القصد الجنائي من خلال المطالب التالية :

المطلب الأول : القصد الجنائي العام.

المطلب الثاني : القصد الجنائي الخاص.

المطلب الثالث : إثباث القصد الجنائي.

المطلب الأول : القصد الجنائي العام.

– يتحقق القصد الجنائي العام بتوافر عنصري : الإرادة   و   العلم.

أولا : الإرادة : وهي القوة الدافعة لسلوك الإنسان لكي يتعرف على وجه معين لإشباع حاجاته المتعددة، ومن ثم تعين أن يصدر هذا النشاط عن وعي و إدراك، مما يفترض معه

العلم بالغرض المستهدف، و بالوسيلة المستعملة لتحقيق هذا الغرض(2).

(1)– د : أحمد خليفة الملط – المرجع السابق – ص 288.

(2)– د : حسن محمد ربيع – شرح قانون العقوبات- القسم العام- دار النهضة العربية القاهرة 1998 ص 246.

  • و يرى الفقه في جريمة السرقة أنه لابد أن تتجه إرادة الجاني إلى اختلاس المال المنقول المملوك للغير بإخراجه من حيازة صاحبه إلى حيازته هو، و إخضاعه إلى سيطرته المادية التي تمكنه من الظهور عليه بمظهر المالك، فإذا توافرت الإرادة بالنسبة للشق الثاني، و هو إدخال المال في حيازة الجاني، أو الغير فلا يتوافر القصد الجنائي(1).

ثانيا : العلم : لا تكفي الإرادة وحدها لقيام القصد الجنائي، بل لابد أن ينصرف العلم إلى العناصرالمكونة للجريمة، إذ يجب أن يكون الجاني عالما وقت نزع حيازة المال من حائزه و إدخاله في حيازته بأن المال الذي يختلسه غير مملوك له.

=

(1)– د : مأمون سلامة –المرجع السابق – ص26.

– و يرى القضاء أنه يتحقق القصد الجنائي في جريمة السرقة بقيام العلم عند الجاني بأنه يختلس المنقول المملوك للغير من غبر رضاء مالكه بنية امتلاكه(1)

– ويستخلص من ذلك أن القصد الجنائي العام يتكون من أربعة (04) عناصر هي :

1- ملكية المال محل الاختلاس للغير.

2- عدم رضاء صاحب المال.

3-علم الجاني بأن فعله يعتبر اعتداءا.

4- إخراج المال من حيازة المجني عليه.

فإذا اختل أحد هذه العناصر فلا تقوم جريمة السرقة.

المطلب الثاني : القصد الجنائي الخاص.

و يعبر عنه بنية التملك على المال الذي استولى عليه المختلس و الظهور بمظهر المالك الأصلي، و القيام بجميع سلطاته.

– وعلى هذا الأساس قضي في فرنسا أنه من يأخذ سيارة ليقوم بنزهة على متنها ثم يردها إلى

صاحبها فلا يعد سارقا لأن الحيازة هنا عرضية، و ليست بنية التملك.

(1)– د : أحمد خليفة الملط – المرجع السابق – ص 299.

و في مصر يعاقب الجاني على جريمة أخرى غير السرقة المنصوص عليها بالمادة311 من قانون العقوبات المصري، وهي التي تقابل المادة 350 من قانون العقوبات الجزائري بل تطبق عليه في هذه الحالة المادة 323 قانون عقوبات مصري، و هي الجرائم الملحقة بالسرقة.

– فهنا انتفاء القصد الجنائي بانتفاء نية التملك راجع إلى كون الجاني لم ينكر سلطات المالك الأصلي على ماله، ولم يجحده في ذلك، و أنه لم يظهر بمظهر المالك لهذا الشيء.

– ثم تطور موقف القضاء إذ أصبح ينظر إلى القصد الخاص المعاصر لفعل الإختلاس أي لحظة أخذ الشيء بنية الإستيلاء عليه، و لهذا جاء النص في قانون العقوبات الفرنسي بالمادة 379 كما يلي :

فالمشرع الفرنسي إذن إستعمل عبارة ” عن طريق الغش ” ، وهذا حتى لا تفوته الإشارة إلى القصد الخاص، و هو” نية التملك “، و هو ما غفل عنه المشرع الجزائري في المادة 350 من قانون العقوبات.

– كما أنه في جريمة السرقة لا يهم الباعث، أو الغاية التي يهدف إليها الجاني، فيستوي أن يكون الدافع هو الجوع، أو الحاجة الشديدة للمال، أو الطمع، أو الانتقام…إلخ (1)

 1- د : محمود محمود مصطفى – المرجع السابق- ص 482

المطلب الثالث : إثباث القصد الجنائي.

يقع عبء الإثبات على سلطة الإتهام فهي المسؤولة عن قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الجريمة، فبالنسبة لاستنتاج القصد من الوقائع المادية، أو غيرها فهي مسألة موضوعية يترك تقديرها لقاضي الموضوع، و لا رقابة للمحكمة العليا عليها إلا إذا خرجت محكمة الموضوع عن فهم عناصر القصد عما يقتضيه القانون، أو شاب قضائها سوء الاستدلال.

– فمن واجب قاضي الموضوع أن يبين في حكمه ثبوت القصد في السرقة، و إن كان لا يشترط الحديث عنه صراحة، بل يكفي أن يكون ثابت لديها من الوقائع التي أوردها الحكم(1) .

– كما أن مجرد الحيازة قرينة على معاصرة القصد الجنائي للفعل، و هنا لأن المتهم أن يثبت أمام المحكمة عكس هذه القرينة، أي أن نية التملك لم تكن معاصرة لواقعة الاختلاس و يترك لمحكمة الموضوع تقدير هذا الدفاع فلها أن تعتبر النية معاصرة، أو غير معاصرة، و ذلك لأنه ليس هناك استثناءات على القاعدة العامة التي تشترط أن يكون القصد الجنائي معاصرا للاختلاس.

(1)– د : فتوح عبد الله الشاذلي ” جرائم الاعتداء على الأشخاص و الأموال ” دار المطبوعات الجامعية – الإسكندرية 2002 ص 427.

5/5 - (1 صوت واحد)

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى