دراسات سياسيةدراسات شرق أوسطية

التسميم السياسي والإعلام الاسرائيلي

وليد عبد الحي

من بين أدوات الصراع التي تعتمد عليها اسرائيل توظيف علم النفس السياسي ، فلهذا العلم وحدة متخصصة في جهاز الموساد (Lohamah psichlogit) ووحدة الحرب النفسية في وزارة الدفاع والتي اعاد إحياءها موشيه يعلون عام 2005.
ودون دخول في تفاصيل جانبية لعمل هاتين الوحدتين(الى جانب ما لدى الشين بيت)، من حقي ان اسأل :
1- هل كشف الصحف الاسرائيلية عن لقاءات العرب السرية مع المسئولين الاسرائيليين في فلسطين وخارجها هو من باب ” السبق الصحفي ” أم لغرض في نفس ” يعقوب”؟ فلماذا لم يكن الاعلام الاسرائيلي يكشف لنا الاتصالات السرية سابقا وبخاصة قبل الانفتاح العربي على الكيان الصهيوني؟
2- هل كشف الصحف الاسرائيلية وأحيانا المسئولين الاسرائيليين عن لقاءات رئيس سلطة التنسيق الامني مع قطاعات المجتمع الاسرائيلي ونقل ما قاله حرفيا واختيار بعض تعبيراته هو من باب ” المهنية الصحفية” ام لغرض في نفس يعقوب؟
دعونا نتوقف عند بعض الملاحظات للتعرف على أغراض ” يعقوب”
أ‌- ان يوصي موشيه يعلون باستخدام تعبيرات محددة مثل ” العبثية” لوصف عمليات المقاومة او اطلاق صواريخها فيكررها مسؤولون فلسطينيون “حرفيا”.فهل هذا صدفة ؟ .
ب‌- ان يقول مسؤول فلسطيني للإعلام الاسرائيلي انه ” لا يفكر بالعودة لصفد”(وهنا لا بد من ملاحظة ان المتحدث ليس فردا عاديا)، فهل هي ” زلة لسان” ام أم هي فعل عن سابق اصرار وترصد؟
ت‌- ان يلغي التنسيق الامني 58 مرة لفظا لا فعلا ثم يتبين ان اجهزته احبطت 600 عمل مقاوم خلال عام واحد، ويتم الاعلان عن ذلك في الصحف الاسرائيلية؟
ث‌- ان يعد بوقف كل الاتفاقات مع اسرائيل وفي الايام القليلة اللاحقة يكشف الاعلام الاسرائيلي وبالصور انه يحتضن حفيدة رابين ويغدق عليها الوعود ببذل الجهد للافراج عن اسير اسرائيلي وفي نفس الوقت يقطع رواتب اسر الشهداء، وكل ذلك منشور على صدور الصفحات الاسرائيلية..
ج‌- ان يقول للمشاركين في برنامج ” عرب آيدول” كنت اسمعكم وأنا في ” اسرائيل” وليس وأنا في فلسطين(بحكم منصبه )
ح‌- تحقير خصومه الفلسطينيين في كل خطاب بل والتحريض الدولي عليهم، نقل الاعلام الاسرائيلي ذلك كله
خ‌- عقد اللقاءات مع قادة المعارضة الايرانية في فترات سابقة ، وتصدر مثل هذا الخبر الاعلام الاسرائيلي
د‌- نقل الاعلام الاسرائيلي التقارير الدولية عن عمق الفساد في تلك السلطة

ويمكن الاسهاب في هذا الجانب طويلا، ولكني أسأل هل كل ذلك مخطط له ومقصود ام انه عشوائي؟ ان حسن النية في السياسة هو اقصر الطرق الى جهنم…ان ما يجري ، له اهداف محددة:
1- الترويض التدريجي للحواس العربية على مفاهيم ومفردات وثقافة وتوجهات معينة يتم ترسيخها عبر عمليات ” تسميم سياسي” مخطط له، فكلما تم امتصاص الرفض الشعبي وترويضه وكي وعيه تبدو الخطوات اللاحقة أقل اثارة ، ويبدأ الفرد يتقبل كل شيء لان كل خطوة قريبة في تأثيرها للخطوة السابقة عليها، ولكنها تمهد لجعل رد الفعل على الخطوة اللاحقة أضعف من المطلوب.
2- تحطيم الروح المعنوية المتبقية لأي طرف ما زال يراهن على شيء من خلال تكثيف وتكرار المشاهد التي تكرس الاحباط
3- التحويل التدريجي لمستوى التناقض مع العدو بالنزول بمستوياته من الصراع الى النزاع فالتنافس فالخلاف..الخ 
ويكفي للقارىء ان يعود لكتابات :
Schleifer. Ron
لا سيما كتابه
Psychological Warfare in the Arab-Israeli Conflict 
أو كتابه
Psychological Warfare in the Intifada: Israeli And Palestinian Media Politics And Military Strategies
او متابعة ما ينشره Amos Harel في صحيفة هآرتس الاسرائيلية، او كتابات Ulrike Putz في صحيفة ديرشبيغل …الخ.
ان الفكرة المركزية في الاعلام الاسرائيلي ان المواطن العربي لديه قناعة ان المواطن العربي يثق بالاعلام الاجنبي أكثر من الاعلام العربي، وانه شغوف “بالاسرار” وكشف الفضائح وحب الظهور والميل للمبالغة والانتقام الأعمى ولا بد من توظيف كل ذلك والتلاعب به لتحطيم مقومات المقاومة في شخصيته وتسميمه سياسيا.
لا أظن ان اسرائيل تعمل عشوائيا..انهم يحسبونها ” ببيض النمل” كما قال لينين مرة…ألم يكد ايلي كوهين ان يصل لرئاسة الوزراء في سوريا؟ وتخيلوا لو وصل كوهين لرئاسة الوزراء ، فمن هو الذي كان سيوجهه؟ لكم حق الامتناع عن الاجابة….مثلي..

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى