التكنولوجيا الحديثة وتنامي ظاهرة الإرهاب

ليس ثمة شك في أن الإرهاب قد أضحى واحدًا من أخطر الظواهر التي تهدد أمن المجتمع واستقراره على المستويين الداخلي والدولي، وأن ثمة إجماعًا يكاد ينعقد على أنه ظاهرة لا يمكن أن تبررها أية اعتبارات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو دينية أو غيرها، وأنه من اللازم أن تتم مكافحته في إطار من التعاون بين أعضاء المجتمع الدولي مع احترام كامل لقواعد القانون الدولي ذات الصلة، وألا يترك أمر مكافحته لدولة أو لدول بعينها. وهي المعاني التي أشار إليها مجلس الأمن الدولي وأكد عليها في قراره رقم 1456 الصادر في اجتماعه المنعقد على مستوى وزراء الخارجية في العشرين من يناير 2003.

أولاً- التكنولوجيا الحديثة وتنامي ظاهرة الإرهاب

ويشير الواقع الدولي إلى أن ثمة عاملين أساسيين كان لهما دور كبير في تزايد الاهتمام بظاهرة الإرهاب على المستوى العالمي. أولهما هو التطور الذي شهدته الظاهرة مع تطور المجتمع الدولي واستخدامه للتكنولوجيا المتقدمة، حيث قام الإرهابيون باستغلال هذه التكنولوجيا في عملياتهم الإرهابية التي انتشرت في أنحاء المعمورة واكتسبت طابعًا دوليًا، كما عرف المجتمع الدولي ظاهرة التنظيمات الإرهابية المتشعبة والمنتشرة في العديد من الدول، والتي أصبح بعضها يمتلك إمكانات قد تفوق إمكانات الدول الصغيرة. أما الآخر فيتمثل في حقيقة أن ارتكاب العمليات الإرهابية لم يعد قاصرًا على الأفراد والجماعات فحسب، بل أصبح سلاحًا تستخدمه الدول فيما بينها كبديل للحروب التقليدية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، في الوقت الذي سعت فيه دول اخرى إلى استغلال هذه الظاهرة كغطاء للتدخل في شئون الدول الأخرى وانتهاك سيادتها تحت دعوى مكافحة الإرهاب(1).

والحق أن خطورة ظاهرة الإرهاب لم تعد تقتصر على ارتفاع عدد العمليات الإرهابية التي ترتكب سنويًا، أو تصاعد قوتها التدميرية، ولكنها تتمثل أيضًا في انتشارها جغرافيًا، وتوسعها بشريًا. فقد امتدت الظاهرة، بشكل أو بآخر، إلى كل القارات ومعظم الدول. وانخرط فيها مواطنون ينتمون إلى عشرات الدول المتقدمة وغير المتقدمة على السواء. فقد أصبحت الجماعات الإرهابية تضم في عضويتها أفرادًا ينتمون إلى جنسيات مختلفة لا تجمعهم بالضرورة أيديولوجية موحدة، أو توجهات سياسية محددة، أو خلفيات اقتصادية واجتماعية متماثلة، وتختلط عندهم الدوافع الدينية والقومية والاقتصادية والاجتماعية، ولا يجمعهم في هذا السياق سوى قاسم مشترك واحد يتمثل في فكرة المقاومة بالعنف لكل ما يرون أنه مغاير لأهدافهم.

وتفصيل ذلك أن ظاهرة الإرهاب الدولي قد شهدت تطورات عديدة، ترجع في جانب منها إلى ما أتاحته ثورة التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي من فرصة للجماعات الإرهابية في الحصول على أسلحة الدمار الشامل – خلاف السلاح النووي حتى الآن – والتكنولوجية الخاصة بها، وترجع في جانب ثان إلى تحولات النظام الدولي، وهو ما يشهده المجتمع الدولي من موجات رفض متزايد للهيمنة الأمريكية عليه، وترجع في جانب ثالث إلى التمييز والاختلال في السياسة الأمريكية تجاه عدد من أقاليم العالم وقضاياه وبالذات منطقة الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية. وقد أدى ذلك إلى النتائج التالية(2):

أولًا: أخذ الإرهاب طابعًا عالميًا وأصبح سمة أساسية من سمات النظام الدولي الجديد، حيث أدي انتهاء الصراع الأيديولوجي التقليدي بين الشيوعية والرأسمالية، وما كان يعنيه من انشغال النظام الدولي بحالة الاستقطاب بين المعسكرين المتنازعين في سبيل سعي كل منهما إلى نشر أيديولوجيته على حساب الأيديولوجية المنافسة، إلى ظهور تيار داخل المعسكر الرأسمالي يعتبر أن العدو الجديد للحضارة الغربية هو الإسلام السياسي الذي ينتهج – من وجهة نظرهم – العنف والإرهاب سبيلًا، فانتشر الإرهاب – حقيقة أو زعمًا – في كل ربوع العالم. ومن ثم فقد اتسعت ساحة الإرهاب لتشمل العالم بأسره، فأهداف الإرهاب لم تعد تقتصر على دول أو مناطق بعينها، بل أضحت تشمل كل الدول ناميها ومتقدمها على السواء.

ثانيًا: أدي تغير النظام الدولي إلى التغير في مفهوم الإرهاب وأشكاله وأهدافه. حيث كان استخدام العنف خلال السبعينات والثمانينيات من القرن الماضي متصلًا أساسًا بالنضال ضد الاستعمار والتبعية، واعتبرته حركات التحرر الوطني إحدى وسائلها المشروعة في التخلص منهما، وأقر لها المجتمع الدولي بذلك. أما بعد انتهاء الحرب الباردة، فقد ظهر نوعان جديدان من استخدام العنف، يمكن إدراجهما بسهولة في خانة الأعمال الإرهابية، أحدهما ذلك الذي يمارسه اليمين المتطرف المنتشر في عديد من الدول الغربية، أما الآخر فهو ذلك الذي تمارسه جماعات الإرهاب الديني المتطرف في كثير من بقاع العالم.

ثالثًا: صعوبة مراقبته ومنع انتشاره أو ردعه، وتزايد حدته وارتفاع عدد ضحاياه، لا سيما مع استخدامه لوسائل التكنولوجية الحديثة، كالإنترنت والبريد الإلكتروني والفضائيات.

رابعًا: ونتيجة كل هذا فقد ظهرت آراء فقهية عديدة تدعو إلى مد اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ليشمل، بالإضافة إلى الجرائم الأربع التي تختص بها، جريمة الإرهاب. والحجة في ذلك أن هذه المحكمة تختص بأشد الجرائم خطورة والتي هي موضع اهتمام المجتمع الدولي بأسره، وهو ما ينطبق دون أدنى شك على هذه الجريمة (3).

ثانياً- موقع جريمة الإرهاب في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية

ولقد كان تحديد ماهية الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة إحدى الإشكالات الشائكة أثناء صياغة النظام الأساسي للمحكمة، ففي مشروع نظام روما الأساسي الذي أعدته لجنة القانون الدولي عام 1994 كان المقترح أن تختص المحكمة – من بين ما تختص به – بنظر جرائم الإرهاب الدولي، إلا أن آراء الوفود قد توزعت بين مؤيد لهذا ومعارض له. حيث رأى المؤيدون أنه من غير المتصور استبعاد جرائم الإرهاب الدولي من اختصاص المحكمة بالنظر لطبيعتها شديدة الخطورة واهتمام المجتمع الدولي بها، فضلًا عن أن إدراجها في اختصاص المحكمة سوف يساعد الدول التي تعاني من الاضطرابات السياسية وتعجز عن تقديم مقترفي هذه الجرائم إلى العدالة الداخلية، من أن تستعين بالمحكمة في تحقيق هذه الغاية، ومن ثم لا يفلت مقترفوها من العقاب. أما المعارضون فقد ذهبوا إلى أن جرائم الإرهاب الواردة في الاتفاقيات الدولية لم تعد بعد جزءًا من القانون الدولي العرفي كغيرها من الجرائم الأساسية التي تختص بها المحكمة، وأن إثقال كاهل الأخيرة بنظر هذه الجرائم الإرهابية قد يتسبب في إفشال مهمتها، فضلًا عن عدم وجود تعريف جامع مانع للإرهاب.

والحق أن جلسات مؤتمر روما الدبلوماسي الذي اعتمد فيه الميثاق المنشئ للمحكمة قد أخذت طابعًا سياسيًا ظاهرًا، ولم يستطع المؤتمرون كبح جماح هذا الاختلاف، مما أدي إلى استبعاد جرائم الإرهاب من اختصاص المحكمة، لعدم القدرة على الوصول إلى اتفاق بخصوصها، لغياب تعريف مسبق لها، وحداثة هذه الجرائم بالنسبة لباقي الجرائم، وعدم الاتفاق حول أعمال حركات التحرر الوطني، وخشية من تسييس المحكمة حال إدراج هذه الجريمة في اختصاصها(4).

على أن بصيصًا من الأمل قد لاح في المادتين 121، و123 من نظام روما الأساسي، حيث سمحتا بتوسيع الاختصاص الموضوعي للمحكمة، وذلك بالنظر في جرائم الإرهاب الدولي بقصد التوصل إلى تعريف مقبول لها وإدراجها في قائمة الجرائم الداخلة ضمن اختصاص المحكمة، في المؤتمر الاستعراضي الذي حدد تاريخ انعقاده بمضي سبع سنوات من تاريخ دخول النظام الأساسي حيز النفاذ. فكان أن تقدمت هولندا في هذا المؤتمر والذي عقد في العاصمة الأوغندية كمبالا عام 2010 باقتراح كان من شأنه التعامل مع جريمة الإرهاب بذات الطريقة التي تم التعامل بها من قبل مع جريمة العدوان، أي إدراج جرائم الإرهاب الدولي في قائمة الجرائم المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الخامسة من النظام الأساسي مع إرجاء ممارسة الاختصاص القضائي في شأنها إلى حين التوصل إلى تعريف وشروط لممارسة هذا الاختصاص يكونا مقبولين من جانب المجتمع الدولي ممثلا ًفي موافقة ثلثي الدول الأطراف في النظام الأساسي.

وبعبارة أخرى فقد اقترحت هولندا في هذا السياق أنه بعد اتفاق المؤتمرين على تعريف العدوان وحذف الفقرة ( 2 ) من المادة ( 5 ) فإن الفقرة الجديدة المقترحة بديلا ًعن الفقرة المحذوفة سيكون نصها كالآتي ” تمارس المحكمة الاختصاص على جريمة الإرهاب متي اعتمد حكم بهذا الشأن وفقًا للمادتين 121 و123 يعرف جريمة الإرهاب ويضع الشروط التي بموجبها تمارس المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بهذه الجريمة، ويجب أن يكون هذا الحكم متسقًا مع الأحكام ذات الصلة في ميثاق الأمم المتحدة “. وهكذا تكون هولندا قد اقترحت إضافة جريمة خامسة إلى الجرائم الأربع محل اختصاص المحكمة، كما اقترحت إنشاء فريق عامل غير رسمي معني بجريمة الإرهاب مكلف بدراسة مدي حاجة النظام الأساسي إلى أي تعديلات نتيجة إدراج جرائم الإرهاب ضمن اختصاص المحكمة دون تدخله في الجهود الرامية إلى التوصل إلى تعريف في سياق الاتفاقية الشاملة المعنية بالإرهاب(5).

ولقد كان الإرهاب السياسي يعد حتى أواخر ستينيات القرن الماضي من قضايا السياسة الداخلية للدول، ولكنه تحول تدريجيًا مع بداية عقد السبعينات من ذلك القرن إلى ظاهرة دولية خطيرة بسبب تورط الدول، بشكل مباشر أو غير مباشر، في التخطيط لها، وفي تمويلها، بل وفي تنفيذها أحيانًا بحيث أصبح وسيلة من وسائل التعامل بين الدول وبعضها البعض. ومن ثم فقد أصبح الإرهاب الدولي من الظواهر الخطيرة التي تهدد أمن واستقرار العديد من الدول، بل وتهدد السلم والأمن الدوليين، وهو ما يفسر استناد مجلس الأمن الدولي في العقدين الأخيرين إلى الفصل السابع من الميثاق الخاص بالأمن الجماعي الدولي في سياق مكافحته لهذه الظاهرة.

ويشير الواقع الدولي إلى حالات عديدة لجأت فيها بعض الدول إلى اتخاذ تدابير عسكرية ضد دول اخرى بدعوي مكافحة الإرهاب الدولي، ومن ذلك على سبيل المثال ما قامت به جنوب أفريقيا في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين تجاه بعض الدول المجاورة لها، وعلى وجه التحديد بتسوانا وزيمبابوي وزامبيا وأنجولا، بحجة ضرب قواعد التنظيمات الإرهابية الموجودة على أقاليم هذه الدول. وما قامت به إسرائيل عام 1975 من توجيه ضربات عسكرية إلى المعسكرات الفلسطينية في لبنان، وعام 1985 حينما شنت غارة جوية على تونس، وذلك بزعم أن هاتين الدولتين تؤويان جماعات إرهابية فلسطينية. أما الولايات المتحدة الأمريكية فتأتي على رأس الدول التي لجأت إلى اتخاذ تدابير من هذا القبيل ضد دول أخرى بزعم مكافحة الإرهاب الدولي، وقد شملت تدابيرها هذه دولًا عديدة في قارات مختلفة، حيث شنت في الرابع عشر من أبريل 1986 هجومًا عسكريًا جويًا على مدينتي طرابلس وبنغازي الليبيتين بدعوي تورط ليبيا في حادث تفجير ملهى ليلي في برلين يرتاده عسكريون أمريكيون نتج عنه مقتل جندي أمريكي، وقامت في عام 1998 باتخاذ تدابير عسكرية ضد كل من السودان وأفغانستان متهمة إياهما بتدبير العمليات الإرهابية ضد سفارتيها في نيروبي ودار السلام، وقامت في السابع من أكتوبر 2001 بغزو أفغانستان في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر كما تقدمت الإشارة، وكان من المبررات التي استندت إليها في غزوها للعراق واحتلالها إياه بدءًا من مارس 2003 أن العراق يساند الإرهاب الدولي، وأن محاربته تأتي في إطار الحرب الشاملة ضد الإرهاب(6).

ثالثًا- تعريف الإرهاب ..خلاف وغموض مستمر

والحق أن مفهوم الإرهاب – دوليًا كان أم محليًا – يعد واحدًا من أكثر المفاهيم السياسية المعاصرة، إثارة للجدل والخلاف، فمن ناحية التعريف ليس هناك اتفاق- في الفقه والممارسة- على معني محدد له، الأمر الذي يعني أنه بإمكان البعض إضفاء صفة الإرهاب على أعمال هي أبعد ما تكون عن الإرهاب، كأعمال المقاومة المسلحة التي تمارسها حركات التحرر الوطني من أجل الاستقلال وتقرير المصير، وأنه بإمكان الآخرين نزع هذه الصفة عن أعمال هي أقرب ما تكون إلى الإرهاب، كالأعمال الإرهابية التي قد تمارسها الدولة ضد معارضيها السياسيين، أو تلك التي يمارسها المحتل ضد شعب الإقليم الخاضع للاحتلال، فيما يعرف بإرهاب الدولة. وبعبارة أخرى فإن ثمة اختلافًا كبيرًا في وجهات النظر بين غالبية الدول الغربية وبعض الدول الاستعمارية الأخرى كإسرائيل من جهة، ودول العالم الثالث ومن يدعمونها من جهة أخرى، حول التكييف القانوني لأعمال العنف التي ترتكبها الشعوب خلال حروبها المشروعة من أجل تقرير المصير. فإذا كانت الطائفة الأولى من هذه الدول تعتبر مثل تلك الأعمال أعمالًا إرهابية يجب ملاحقة مرتكبيها ومعاقبتهم، فإن الطائفة الثانية منها تعتبرها – وبحق – أعمال مقاومة مشروعة ولازمة لتحقيق هدفها نحو الاستقلال وتقرير المصير(7).

ومن ناحية الأسباب هناك من يرجعه دون وجه حق إلى تعاليم دين معين أو ممارسات حضارة بعينها، من قبيل محاولات بعض مفكري الغرب وبعض حكوماته إلصاق تهمة الإرهاب بالحضارة الإسلامية وتعاليم الدين الإسلامي، على حين يرجعه آخرون- بحق- إلى اعتبارات سياسية، كالاضطهاد السياسي والاحتلال الأجنبي، أو أسباب اقتصادية كالتفاوت الطبقي والاحتكارات العالمية، أو اجتماعية كانتشار الجهل والأمية والممارسات العنصرية الصارخة، أو إليها جميعها بدرجات ونسب متفاوتة.
ومن ناحية وسائل العلاج والمواجهة، هناك من يركز على الجوانب الأمنية والعسكرية فحسب، على نحو ما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية داخليًا وخارجيًا، في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001. وهناك من يرون وجوب إزالة كل الأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية لضمان المواجهة الفاعلة لهذه الظاهرة(8).

والحق أنه منذ بروزه كواحدة من أهم القضايا التي شغلت المجتمع الدولي، فقد تعددت المحاولات الخاصة بتعريف الإرهاب باعتبار أن ذلك هو السبيل إلى حل كثير من الإشكاليات العملية والنظرية المتعلقة بهذه الظاهرة، وعلى وجه التحديد ما يتعلق منها بالتنسيق بين الدول لمكافحته. وهي المحاولات التي صادفت مشكلات عدة حالت دون توصل المجتمع الدولي إلى تعريف محدد متفق عليه لمفهوم الإرهاب. وقد ارتبط جوهر الخلاف حول هذا المفهوم دائمًا بالرؤى المتباينة لما يعتبر نشاطًا يستوجب الإدانة، وما يعتبر كفاحًا مشروعًا يستحق الدعم والتشجيع، بشكل أضحت معه كلمة الإرهاب محل خلاف كبير وتحوي في طياتها قدرًا هائلًا من الخلط والتشويش وازدواجية المعايير.

ولعل من بداءة الأمور أن الوصول إلى تعريف موحد للإرهاب الدولي يحقق فوائد جمة على الصعيد الدولي. إذ ستتمكن بمقتضاه الهيئات الدولية ذات الصلة من اعتماد مرجعية قانونية موحدة، ويؤدي إلى توحيد المعيار النظري لهذه الظاهرة، وهو ما سيضع الأمور في نصابها الصحيح بعيدًا عن الاعتبارات السياسية المتعارضة للدول، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى ظهور اتفاقيات دولية عامة تقنن جريمة الإرهاب وفق عناصر موضوعية محددة، كما سيساعد ذلك على احترام مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعدالة، وعدم ازدواج المعايير واحترام الحقوق المشروعة للشعوب، فضلًا عن توحيد الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب.

ورغم هذه الأهمية الكبيرة فقد بدا من الصعوبة بمكان وضع تعريف موحد مرض للجميع، وذلك بالنظر إلى الطبيعة المتغيرة لظاهرة الإرهاب والتعقيدات المرتبطة بها. وقد دفع هذا بعض الباحثين إلى الاكتفاء بوصف خصائص الإرهاب والإرهابيين، ومنهم من رأى أنه ليس من الحكمة البحث عن تعريف لهذه الظاهرة، وشكك آخرون في دقة النظريات المقدمة لتعريف الإرهاب، وانتهى الأمر بهم – إجمالًا – إلى القول باستحالة الاتفاق على تعريف للإرهاب، أو حتى على إطار عام للتعريف.

والحق أن هذا الجدل الفقهي لا يقلل بحال من أهمية المحاولات التي بذلت على المستويين الرسمي والفقهي للوصول إلى تعريف محدد ومتفق عليه لمفهوم الإرهاب الدولي، حيث أسهمت هذه المحاولات في بلورة العديد من العناصر الموضوعية التي يمكن اتخاذها أساسًا للوصول إلى تعريف موضوعي صحيح لهذا المفهوم.

وإذا كانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، والتي تعد أخطر ما عرفه العالم في تاريخه من أعمال الإرهاب الدولي حتى ذلك الحين، نظرًا لما انطوت عليه من قوة تدميرية هائلة، ولأنها أصابت قلب أكبر قوة عظمى في العالم التي لا تفتقر – بداهة – إلى وسائل الوقاية الأكثر تقدمًا من أخطار الإرهاب. فإنها تمثل نقطة فارقة في تاريخ العلاقات الدولية المعاصرة، حيث ترتبت عليها نتائج شديدة الخطورة كان على رأسها انفراد الولايات المتحدة الأمريكية برفع راية ” الحرب الدولية ضد الإرهاب”، ومحاولتها فرض مفهومها للإرهاب وطريقة مواجهته على غيرها من دول العالم، ثم ما أعقب ذلك من شنها حربًا شرسة- أو إن شئت الدقة فقل عدوانًا – ضد أفغانستان تحت ادعاء أن نظام الحكم فيها هو المسئول عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر بدعمه وحمايته لتنظيم القاعدة الذي تتهمه الولايات المتحدة بالمسئولية عن هذه الأحداث. فإنها كانت واحدة من أهم الحلقات في سلسلة مساعي الولايات المتحدة الأمريكية الحثيثة لتعديل قواعد القانون الدولي المستقرة بما يتوافق مع مصالحها وأهدافها. وذلك إلى الحد الذي دفع بعض المتخصصين إلى القول بأن الولايات المتحدة تسعى إلى تأصيل شرعية جديدة موازية للشرعية الدولية، وصفها بأنها ” شرعية القوة “، مؤكدًا أن قرارات مجلس الأمن بشأن الإرهاب الصادرة في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر ( أرقام 1368 – 1373 – 1390 )، تمثل سابقة دولية خطيرة تفسح المجال ” لنهاية القانون الدولي “، حيث جاءت جملة الإجراءات والممارسات التي استندت إليها تمثل تحديا ًخطيرًا لأحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وانتهاكًا صريحًا لمبدأ الشرعية الدولية، ” مما يوشك أن يخلق بالتراكم واقعًا قانونيًا جديدًا… من خلال نشوء أعراف وممارسات مناقضة لهذه الشرعية في كل مجالات العلاقات الدولية “(9).

وهكذا فقد جاءت الحملة – أو الحرب كما كان يحلو للولايات المتحدة أن تطلق عليها – الدولية لمكافحة الإرهاب، التي قادتها الولايات المتحدة في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2011، بمثابة الاختبار الحاسم للعلاقة بين الإرهاب وحقوق الإنسان. فقد خلفت هذه الحملة آثارًا بالغة على المنظومة القيمية والأخلاقية لحقوق الإنسان المستقرة في العالم. وشكلت تحديًا خطيرًا للقواعد والمبادئ القانونية والأسس والاعتبارات الإنسانية التي تنهض عليها هذه المنظومة. وقد صاحب ذلك ” الإطاحة بالعديد من مبادئ القانون الدولي، بترسيخ مبدأ الحرب الاستباقية، وتنحية الشرعية الدولية، وتفتيت مبدأ السيادة الوطنية، والإطاحة بنظم الحكم بالعمل العسكري المباشر، تحت دعوي مكافحة الإرهاب. وبحيث تحول شعار الحرب على الإرهاب إلى مسوغ لانتهاك القانون الدولي وقواعد الشرعية الدولية ومبادئ حقوق الإنسان، ليس فقط على صعيد الفعل والممارسة، بل على صعيد الفكر والتنظير أيضًا. في حرب تستهدف المستوي المفاهيمي والقيمي تدور رحاها في عقول الناس وأدمغتهم قبل أن تتجسد على أرض الواقع”(10).

وعود إلى موضوع تعريف الإرهاب فإنه إذا كان استخدام العنف أو القوة المسلحة هو القاسم المشترك بين التعريفات المختلفة بصدد الإرهاب، فإن ثمة تباينًا كبيرًا فيما وراء ذلك بين من تصدون للتعريف به، ولعل مرد ذلك إلى اختلاف المصالح والأهداف والأهواء السياسية للأطراف المختلفة(11). حيث تصف الحكومات أعمال معارضيها العنيفة بالإرهاب، ويصف به الآخرون ممارسات حكوماتهم ضدهم. وفي مجال العلاقات الدولية كثيرًا ما تصف كل دولة، خصم في نزاع معين، أعمال الدولة الأخرى في صدد هذا النزاع بأنها من قبيل الأعمال الإرهابية. ليس هذا فحسب، بل إن مصطلح الإرهاب يستعمل لوصف أعمال الكفاح الذي تخوضه حركات التحرر الوطني والمقاومة الشعبية المسلحة في صراعها ضد الاحتلال الأجنبي والممارسات العنصرية الصارخة بغية انتزاع حقها- المشروع- في الاستقلال والحرية وتقرير المصير، كما يستعمل لوصف ما قد تقدمه دولة من الدول من دعم لهذه الحركات في كفاحها المشروع هذا.

ومن ثم فإنه على الرغم من الإجماع على إدانة الإرهاب باعتباره خطرًا يهدد أمن البشرية واستقرارها، والإجماع على وجوب مواجهته بكافة السبل للحيلولة دون تفاقم آثاره بالغة الخطورة على المستويين الوطني والدولي. فإن هذا الإجماع يبقي شكليًا فحسب بالنظر إلى نسبية مفهوم الإرهاب والخلاف حول تحديده بشكل قاطع يرضي عنه الجميع أو ترضي عنه الأغلبية على الأقل. وهو الخلاف الذي واكب كل المحاولات التي جرت لمناقشة موضوع الإرهاب ووقف عقبة كؤدًا أمام كل الاعتبارات والمعايير القانونية الصحيحة فيما يتعلق بتحديد مصطلح الإرهاب(12).

ولقد كان لانهيار الاتحاد السوفيتي وانفراد الولايات المتحدة بالسيطرة على العالم أثر كبير في هذا السياق. فقد غدت الأعمال المعادية للولايات المتحدة وسياساتها هي فقط التي توسم بالإرهاب، في الوقت الذي لا يمكن أن تعد فيه من هذا القبيل أعمالها وأعمال حلفائها وأصدقائها حول العالم، رغم المعاناة التي سببتها لملايين البشر، فمن يملك القوة هو من يحدد في النهاية ماهية الأعمال المشروعة وغير المشروعة.

والحق أن هذا إنما يعكس بوضوح الطبيعة السياسية المتغيرة لظاهرة الإرهاب. فغياب التعريف المحدد للمفهوم يجعل كل دولة تحاول توظيفه لصالحها من خلال الإدعاء بأن ما يقوم به أعداؤها هو الإرهاب، وأن ما تقوم به هي ليس سوي مكافحة لهذا الإرهاب المقيت. وبدهي أنه كلما كانت هذه الدولة أكثر قوة ونفوذًا، كلما استطاعت أن توظف هذا المفهوم الغامض بشكل أفضل لخدمة مصالحها السياسية. أو إن شئت فقل إن المصلحة السياسية هي التي تحدد من هو الإرهابي ومن هو المناضل ضد الإرهاب. فمن يعتبر إرهابيًا من وجهة نظر أحدهم يعتبر بطلًا قوميًا ومناضلًا في سبيل الحرية من وجهة نظر آخر. فرجال المقاومة الفلسطينية، على سبيل المثال، هم مناضلون من وجهة نظر شعبهم وباقي الشعوب العربية، ولكنهم من وجهة نظر إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية إرهابيون. وقد دفع هذا البعض أن يقرر ” إن معايير الإرهاب مزدوجة وتختلف النظرة إليه بحسب مقام الناظر ومصالحه، وهو أمر أسهمت في تكريسه السياسة الغربية المتناقضة والمتقلبة تجاه هذه الظاهرة، فالأكراد مجاهدون من أجل الحرية في العراق وإرهابيون في تركيا، والإرهابي المنبوذ ” أحمدي نجاد ” يصبح شريفًا فاضلًا في محادثات السلام، وعلى حين يغدو ” أسامة بن لادن ” الذي مولته المخابرات المركزية الأمريكية ضد الاتحاد السوفيتي الإرهابي الأول في العالم، يحصل الإرهابي السابق ” مناحم بيجين ” على جائزة نوبل للسلام”(13).

وبشكل عام فإنه، ورغم التعدد الواسع في التعريفات المقدمة لمفهوم الإرهاب على المستويين الرسمي والفقهي، والتباين الواضح فيما بينها، فإن ثمة مجموعة من العناصر الأساسية التي تتفق عليها أغلب هذه التعريفات، والتي يمكن اتخاذها أساسًا للوصول إلى تعريف موحد مقبول عالميًا، وتتمثل هذه العناصر في(14):

1 – أن الإرهاب يتضمن استخدامًا مقصودًا للعنف أو التهديد به. والعنف المقصود هنا هو ذلك العنف الذي يفتقر إلى المشروعية الداخلية أو الدولية. وتشمل أعمال العنف التي تقوم بها الجماعات الإرهابية التفجيرات، والاغتيالات، وخطف الطائرات، وأخذ الرهائن..إلخ.

2 – أن الإرهاب تحركه في الغالب دوافع سياسية، فالإرهاب ذاته هو ظاهرة سياسية، وهو غالبًا ما يصاحب الصراعات السياسية ويمثل امتدادًا لها. وهذه الدوافع السياسية هي التي تميز الأعمال الإرهابية عن الأعمال الإجرامية الفردية أو المنظمة الأخرى.

3 – أن الإرهاب يهدف إلى خلق حالة من الرعب تتعدى الضحايا وتمتد إلى جميع أفراد الفئة المستهدفة، تؤدي إلى إرغام الطرف المستهدف على القيام أو الامتناع عن القيام بعمل معين.

ورغم هذه العناصر المشتركة في معظم التعريفات المقدمة للإرهاب، فإنها تتباين في المقابل في الكثير من الأمور التي ما زالت تعوق الوصول إلى تعريف محدد له. ولعل من أبرز هذه العناصر:

1 – الاختلاف حول ما إذا كان الإرهاب ينطبق فقط على الأعمال التي تستهدف المدنيين أم يشمل الأعمال التي تستهدف العسكريين كذلك.

2 – الاختلاف حول ما إذا كان مفهوم الإرهاب يمكن أن يطلق على الأفعال التي تقوم بها الدول أيضًا، وهو ما يعرف بإرهاب الدولة، أم يقتصر فقط على تلك التي يقوم بها الأفراد والجماعات، وقد خلت الاتفاقيات الدولية في شأن الإرهاب من أي معيار يشير إلى وصم الدولة بالإرهاب. وإن كان ثمة اتجاه واسع في الفقه والممارسة يصر على تصنيف الممارسات القمعية التي تقوم بها بعض الدول على أنها أعمال إرهابية.

3 – الاختلاف حول ما إذا كانت الأعمال التي تقوم بها حركات التحرر الوطني إرهابًا أم مقاومة مشروعة ضد الاحتلال الأجنبي. ويعتبر هذا الخلط بين المقاومة المشروعة للاحتلال والإرهاب الدولي من أكثر النقاط المثيرة للخلاف حول مفهوم الإرهاب الدولي وطبيعته.

غير أن ما تقدم من خلافات واختلافات لا ينفي بحال أن جهودًا مضنية قد بذلت في سبيل تحديد مفهوم الإرهاب من الناحية القانونية. وهي جهود أخذت مسارات عدة كان من بينها مؤتمرات واتفاقيات دولية عقدت في هذا الصدد، كما كان من بينها الجهود المكثفة التي بذلتها الأمم المتحدة في قرارات جمعيتها العامة، وفي مناقشات وأعمال اللجنة السادسة التابعة لها، بالإضافة إلى جهود اللجنة الخاصة التي كلفتها الجمعية بدراسة موضوع الإرهاب الدولي ومحاولة تعريفه، وتحديد الأسباب الكامنة خلفه، وسبل الوقاية منه ومكافحته، علاوة على الجهود الفقهية العديدة التي بذلت في ذات السبيل(15).

أهم المراجع:

([1]) Danile J. Hickman, Terrorism as Violation of the ” Law of Nation “: Finally Overcoming the Definitional Problem, Wisconsin International Law Journal, Vol. 29, Issue 3, 2012, pp. 451 – 455.

(2)

A.K. Cronin, Behind the Curve: Globalization and International Terrorism, International Security, Vol. 27, No. 3, Winter 2002 – 2003, pp. 55 – 59.

(3) راجع في هذا الصدد، د. محمد شوقي عبد العال، نحو إستراتيجية دولية لمكافحة الإرهاب، في، د. يسري العزباوي ( محرر )، داعش: دراسات في بنية التنظيم، المركز العربي للبحوث والدراسات، القاهرة، 2015، ص ص 159 – 173.

(4) لمزيد من التفاصيل راجع، محمد عبد العزيز سهل، مرجع سابق، ص 487 – 490.

(5) راجع، المحكمة الجنائية الدولية، جمعية الدول الأطراف، الوثيقة:

ICC-ASP/8/20. pp. 78 – 80.

(6)راجع تفاصيل هذا المعني في، د. محمد صافي يوسف، مدي مشروعية لجوء الدول إلى التدابير العسكرية لمكافحة الإرهاب الدولي ” مع إشارة خاصة للاستخدام الأمريكي للقوة المسلحة ضد أفغانستان في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 “، دار النهضة العربية، القاهرة، 2005، ص ص 5 – 6.

(7) أنظر تفاصيل ذلك في، هيثم موسي حسن، التفرقة بين الإرهاب الدولي ومقاومة الاحتلال في العلاقات الدولية، رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، 1999، ص 677 وما بعدها؛ وكذلك د. أحمد أبو الوفا، ظاهرة الإرهاب الدولي، السياسة الدولية، مؤسسة الأهرام، القاهرة، العدد 161، يوليو 2005، ص ص 160 – 162.

(8) راجع، د. محمد شوقي عبد العال، موقف مصر من قضية “الحرب الدولية ضد الإرهاب”، في د. نادية مصطفى ود. زينب عبد العظيم (محرران)، الدور الإقليمي لمصر في مواجهة التحديات الراهنة، مركز البحوث والدراسات السياسية، جامعة القاهرة 2003، ص 479 وما بعدها.

(9) فريد زكريا، عالم ما بعد أمريكا، ترجمة بسام شيحا، الطبعة الأولى، الدار العربية للعلوم ” ناشرون “، بيروت، 2009، ص 228 – 229.

(10) د. محمد نور فرحات، حقوق الإنسان في عصر الهيمنة: قراءة لبعض تداعيات حقوق الإنسان في الوطن العربي بعد أحداث سبتمبر 2001، مجلة قضايا فكرية، الكتاب الحادي والعشرون، يناير 2005، ص ص 196 – 197.

(11) د. أمل يازجي ود. محمد عزيز شكري، الإرهاب الدولي والنظام العالمي الراهن، الطبعة الأولي، دار الفكر، دمشق، 2002، ص ص 95-96.

(12) راجع في هذا المعني، جورج عرموني، محاولة لتعريف الإرهاب وتحديد الوسيلة لمحاربته، شئون الأوسط، العدد 71، إبريل 1998، ص113-114.

(13) د. خليفة عبد السلام خليفة الشاوش، الإرهاب والعلاقات العربية – الغربية، دار جرير للنشر والتوزيع، عمان، 2008، ص ص 220 – 222.

(14) راجع التفاصيل في، فتوح أبو دهب صادق هيكل، انعكاسات السلوك الدولي في مجال مكافحة الإرهاب على مبدأ السيادة الوطنية: دراسة حالة الحرب على أفغانستان والعراق، رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2010، ص ص 55 – 58.

(15) راجع على سبيل المثال، د. عصام صادق رمضان، الأبعاد القانونية للإرهاب الدولي، السياسة الدولية، العدد 85، يوليو 1986، ص 8 – 36؛ وكذلك، د. إسماعيل غزال، الإرهاب والقانون الدولي، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 1990؛ وكذلك، أ. د. عبد العزيز مخيمر عبد الهادي، الإرهاب الدولي مع دراسة للاتفاقيات الدولية والقرارات الصادرة عن المنظمات الدولية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1986، ص 24 وما بعدها.

 

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button