دراسات سياسية

غسان سلامة وتحدي تخطي عقدة برناردينو ليو

عامر مصباح
جامعة الجزائر 3
باشر ممثل الأمم المتحدة الجديد في ليبيا الدكتور غسان سلامة مهامه بزيارة طرابلس والاجتماع برئيس حكومة الوفاق فايز السراج، إذ تعهد خلال هذا الاجتماع بعودة هيئة الأمم المتحدة للعمل تدريجيا في طرابلس، وهي النتيجة الوحيدة التي انبثقت عن هذا الاجتماع. غسان سلامة هو استاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية من أصل لبناني، معظم إقامته في فرنسا، كما أنه درّس لفترة طويلة في الجامعات الفرنسية، ولديه أبحاث كثيرة حول الوطن العربي باللغات الثلاث: العربية، الإنجليزية والفرنسية، كان بحثه لنيل شهادة الدكتوراه حول “السياسة الخارجية السعودية”. تقلد منصب وزارة الثقافة في حكومة رفيق الحرير. الخلاصة أنه محسوب على فرنسا والسعودية، بالرغم من أنه أظهر موضوعية كبيرة في أبحاثه الأكاديمية.
تواجه مهمة غسان سلامة وضعية معقدة في الأزمة الليبية بسبب استمرار الصراعات الداخلية، حالة الشك والريبة بين الأطراف المحلية الليبية، والصراعات الإقليمية والدولية. هناك سابقة غير سارة للأمم المتحدة في ليبيا وهي تورط ممثلها الأول برناردينو ليو في علاقات مشبوهة مع دولة الإمارات كجزء من الصراع بين الأطراف الإقليمية على النفوذ في الأزمة الليبية؛ بحيث أن سلوكه كان يميل إلى حكومة طبرق خلال مفاوضات الصخيرات، وما أن غادر منصبه في الأمم المتحدة، حتى وجد منصبه في إحدى الهيئات الأكاديمية في دولة الإمارات؛ وللأسف لم تجر الأمم المتحدة أي تحقيق حول ذلك. وهي نفس المشكلة مطروحة أمام غسان السلامة المحسوب في نظر الكثيرين على التحالف غير المعلن بين فرنسا، السعودية، مصر والإمارات، وبالتالي لا يستطيع نيل ثقة أطراف الأزمة الليبية إلا إذا أظهر موضوعية وحيادية متزايدة، ويحسب لخطواته وتصريحاته ومبادراته، وكل الاعتبارات التي من الممكن أن تقوض تلك الثقة أو تقويها؛ حتى يستطيع النجاح في مهمته ويساعد على استقرار الأوضاع أو على الأقل يساهم في نجاح الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة بنزاهة وشفافية وصعود قيادة جديدة لليبيا تنال دعم الرأي العام الليبي والاعتراف الدولي.
الجانب الأكثر تعقيدا في مهمة غسان سلامة، أنه استلم مهامه في ذروة التنافس الإيطالي الفرنسي على النفوذ في ليبيا، إذ ظهر في اليومين السابقين أن فايز السراج يميل إلى إيطاليا، في حين تميل فرنسا ومن معها إلى دعم خليفة حفتر. يريد ماكرون حل مشاكله عبر الحضور المتزايد في منطقة الساحل وليبيا، في حين ترى إيطاليا أنها تتحمّل الجزء الأكبر من أزمة الهجرة غير النظامية، وبالتالي هي الأحق بالنفوذ في الأزمة الليبية؛ خاصة وأن ماكرون تفرد بالاجتماع مع القائدين الليبيين دون إشراك الأطراف الأوربية الرئيسية، وهو ما اعتبرته إيطاليا تهميشا لدورها (ومعها الجزائر).
من خلال مؤشرات التصريحات الإعلامية، سوف يحتدم الصراع في المستقبل القريب، خاصة وأن أزمة الثقة بين الأطراف الليبية آخذة الانهيار ومازالت الفجوة واسعة في الآراء بين الأطراف. ظهر ذلك بجلاء بعد التدخل الإيطالي لأول مرة لدعم طرابلس تحت عنوان الحد من الهجرة، وهي الخطوة التي استشاطت غضب حفتر وأعطى أمرا باستهداف أي سفن تدخل المياه الإقليمية الليبية دون إذنه؛ بالطبع كانت نفخة الهر يحكي صولة الأسد.
الأزمة معقدة، ولا يكتب لغسان سلامة تحقيق أي تقدم، إلا إذا التزم معايير الموضوعية والمهنية والحيادية في العمل من أجل على الأقل تنظيم الانتخابات القادمة في عام 2018.

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى