مصادر الطاقة المستقبلية وأثرها على الواقع الجيوسياسي

مصادر الطاقة المستقبلية وأثرها على الواقع الجيوسياسي
إعداد: العقيد الركن إسطفان الشدياق

تطوّر المشهد الدولي للطاقة خلال الأعوام الماضية بشكل دراماتيكي، من خلال اكتشاف احتياطات نفط وغاز جديدة، إضافة إلى دخول مصادر جديدة إلى السوق، أهمّها البترول المستخرج من الصخر النفطي وتطوّر تصنيع الوقود البيولوجي أو الحيوي واستهلاكه، ممّا أضاف عوامل تأثيرٍ جديدة على السوق الدوليّة، التي شهدت تقلّبات حادّة في الأسعار وأثّرت بشكلٍ كبيرٍ على النموّ الاقتصادي والاستقرار السياسي العالمي. وقد شهد الطلب العالمي على الطاقة تزايدًا كبيرًا بلغت نسبته 157% بين العامين 1970 و2013 حيث تزايد الطلب بشكلٍ بارز في البلدان النامية التي شهدت ثورة صناعية (حوالى 500%). ومن المتوقّع أن يزيد الطلب الإجمالي بحوالى 49% إضافية حتى العام 2040.[1]

شكّل الصراع على ممرّات الطاقة ومعابرها، أحد الأوجه الخفيّة للصراعات الجديدة في شرق أوروبا، الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وكان أحد أسباب التململ الصيني والعودة الروسيّة إلى حلبات هذه الصراعات، تحت مسمّيات ومبرّرات أمنيّة، بينها غايات اقتصاديّة تتمثّل بالمحافظة على مستوى التأثير الحالي في هذه السوق الحيويّة، أو تأمين تدفّق النفط بما يتوافق مع المصالح الخاصة بكلّ منهما.

تطرح التطوّرات المذكورة أعلاه تساؤلات عديدة حول ماهيّة التغّيرات المرتقبة في مصادر الطاقة، وأثرها على الروابط الجيوسياسية المرتبطة بشبكات المصالح الاقتصاديّة، ذات العلاقة بمنابع النفط وممرّاته. كما تحيط الضبابية بالمدى المؤثر على طبيعة التحالفات القائمة ومتانتها، مراكز التأثير الإقليميّة والدوليّة وعلى استقرار بعض الدول أو الأقاليم، سلبًا أو إيجابًا.

1-المصادر التقليديّة للطاقة

تصنّف مصادر الطاقة، كمستنفدة أو متجدّدة، رئيسة أو ثانويّة، ملوّثة أو صديقة للبيئة. كما يمكن تصنيفها كمصادر تقليديّة أو غير تقليديّة. فوفق إدارة معلومات الطاقة الأميركية EIA، تصنّف المصادر التي يتمّ استخراجها بتقنيات الحفر حيث يتمّ ضخ النفط أو الغاز، ضمن المصادر التقليدية. أمّا المصادر التي يتطلّب استخراجها تقنيات أكثر تعقيدًا لم تكن متوافرة سابقًا ولا ذات جدوى اقتصادية، إلّا خلال العقدين الأخيرين، ممّا سمح بتأمين مصادر إضافية للطاقة، فتصنّف بين المصادر الجديدة أو غير التقليديّة[2].

أ-الطاقة المائيّة

تعتبر الطاقة المائيّة، إلى حدّ بعيد، أكثر مصادر الطاقة المتجدّدة المستثمرة ومنتشرة الاستعمال عالميًا. ترتبط إنتاجيّتها بمعدّل تساقط الأمطار والطبيعة الجغرافيّة للأرض. وينطوي الاستثمار فيها على آثار اجتماعيّة وبيئيّة سيئة، لكنّه يتمتّع بمميّزات مهمّة منها عمرها التشغيلي الكبير وكلفة الاستثمار المتدنّية قياسًا على العمر الافتراضي للمعامل[3]. لكن يبقى على الجهة التي ترغب الاستثمار في هذا المجال، بتأمين التمويل الضروري للأشغال الهندسيّة التي تشغل الحيّز الأكبر من الاستثمار.

وفق إحصاءات البنك الدولي ومنظّمة الطاقة العالميّة، يبلغ إنتاج الكهرباء العالمي من المياه 3288 تيراوات/ساعة، أي ما يوازي حولى 16% من إنتاج الكهرباء العالمي و19% فقط من الطاقة الممكن إنتاجها من هذا المصدر، مع معدّل استثمار في البلدان العشرة الأولى بنسبة 60% من إمكاناتها الإجماليّة[4]. ما تزال النسبة المذكورة أعلاه تتزايد، رغم الوتيرة المتباطئة، كون معظم المواقع ذات مميّزات الإنتاج السهلة أصبحت مستغلّة، ويبقى استغلال المواقع الأخرى ذات الكلفة الأعلى أو زيادة إنتاجيّة المواقع الحاليّة. ووفق “السيناريو الأزرق”، الذي تروّج له منظّمة الطاقة العالميّة لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بمعدّل50% بحلول العام 2050، فإنّه يمكن رفع الكمّية المنتجة إلى حوالى 6000 تيراوات/ساعة بحلول التاريخ المذكور[5].

تتربّع الصين على عرش إنتاج الطاقة الكهربائيّة من المياه عالميًا، بنسبة 18%، تليها كندا بنسبة 12%، البرازيل بنسبة 11%، الولايات المتّحدة الأميركيّة بنسبة 9%، روسيا بنسبة 5%، النروج بنسبة 4%، وكلّ من الهند، فنزويلا واليابان بنسبة 3%، السويد بنسبة 2% وباقي دول العالم مجتمعة بنسبة 30%. يشكّل مجموع ما تنتجه البلدان العشرة المذكورة أعلاه ما يساوي ثلثي إنتاج العالم من الطاقة الكهربائيّة المنتجة بواسطة المياه[6].

ب-الفحم الحجري

تشكّل الاحتياطات العالميّة المكتشفة من الفحم الحجري ما يزيد عن حاجة العالم خلال السنوات المئة القادمة[7]. ويعتبر الفحم الحجري من أوائل مصادر الوقود الأحفوري التي تمّ استغلالها بشكل واسع، وما زال يشكّل لغاية تاريخه أحد أهمّ مصادر الطاقة. تتواجد أكبر الاحتياطات المكتشفة في كلٍّ من الولايات المتّحدة الأميركيّة، روسيا، الصين والهند… يستعمل حول العالم في إنتاج الكهرباء، صناعات التعدين، صناعة الإسمنت وبعض أنواع الوقود السائل. تحتلّ الصين، الولايات المتّحدة الأميركيّة، الهند، روسيا واليابان ما يعادل 76% من سوق استهلاك الفحم حول العالم[8]. كما يحتلّ الأخير مساحة مهمّة من مساحة إنتاج الطاقة الكهربائيّة العالميّة. تشير بعض الإحصاءات، إلى بلوغ نسبة الطاقة الكهربائيّة المنتجة من الفحم عتبة الـ41%. تصل هذه النسبة إلى 98% في مونغوليا، 94% في جنوب أفريقيا، 86% في بولندا، 81% في الصين[9].

وتقوم بعض الدول بإصدار تشريعاتٍ ووضع قيودٍ على انبعاثات الغازات الدفيئة التي تفاقم مفاعيل الاحتباس الحراري. كما يعتبر الفحم الحجري، على الرغم من ايجابياته العديدة، إلّا أنّه من أكثر مصادر الطاقة تلويثًا للمحيط، أرضًا وجوًا. على الرغم من الجهود المبذولة لتطوير تقنيّات جديدة تتيح استخدام الفحم الحجري بطريقة أقلّ تلويثًا، من المتوقّع أن يؤدّي هذا الموضوع إلى تقييد استعمال الفحم الحجري، ممّا سيؤثّر على سوق الطاقة بشكل عام وسوق الفحم بشكل خاص[10].

ج-النفط

ترتبط كلمة النفط بكلمة الطاقة ارتباطًا وثيقًا للغاية، حيث لا يمكن الاستغناء عنه بأيّ شكل من الأشكال في عالمنا المعاصر. ونتيجة لغنى البلدان المنتجة للنفط، وارتفاع مستوى الدخل لدى مواطنيها، سمّي النفط بالذهب الأسود. وتبيّن تقارير البنك الدولي أنّ إنتاج الكهرباء من النفط في تناقصٍ مستمرّ. فبعد أن ارتفعت نسبته من حوالى 2% منتصف الستينيات من القرن الماضي إلى حوالى 20% في بداية السبعينيات، عادت للانخفاض إلى حوالى نسبة 4% سنة 2013. أمّا النسبة المقدّرة من استهلاك النفط في قطاع النقل، فتبلغ 57%على مستوى العالم[11]. للنفط استعمالات صناعيّة كثيرة، وتتواجد منتجاته بشكل أساسي في مختلف الاستعمالات اليوميّة للبشر. أمّا أهمّ المجالات الصناعية التي يستخدم فيها النفط، فتقع ضمن إطار بناء الطرقات، الصناعات العسكريّة، الأسمدة الكيميائيّة، الصناعات البتروكيميائيّة على أنواعها، الصناعات البلاستيكيّة، الدهانات والمذيبات، إلخ.

وتتمتّع بلدان منظّمة الدول المصدّرة للنفط – أوبك OPEC بـ81% من الاحتياطات المؤكّدة من النفط السائل. أمّا على المستوى الإقليمي، فيتواجد 54% من الاحتياطات المؤكدة في منطقة الشرق الأوسط، 22% في أميركا اللاتينيّة، 8.5% في أفريقيا و3% في أميركا الشماليّة[12]. كان من المسلّم به أنّ هذه الاحتياطات تشكّل عماد احتياطات العالم من الوقود الأحفوري، لكنّ الأمر تبدّل مع صعود نجم النفط الصخري في الولايات المتّحدة الأميركيّة، بالإضافة إلى بروز عدّة اكتشافات جديدة في المياه العميقة في المحيطين الأطلسي والهادئ.

د-الطاقة النوويّة

أطلق الرئيس الأميركي دوايت إيزنهاور في كانون الأوّل عام 1953 مفهوم “الطاقة النوويّة السلميّة” رسميًا، في أثناء إلقائه خطابًا أمام الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة. توالى بعدها بناء المفاعلات النوويّة لإنتاج الطاقة الكهربائيّة حول العالم، وبوشر ببناء المفاعلات النوويّة لأغراض بحثيّة ولإنتاج الكهرباء التي بلغت الكمّية المنتجة منها من الطاقة النوويّة حوالى 13% على الصعيد العالمي[13].

تعتبر الطاقة النوويّة من الخيارات الرئيسة في إنتاج الطاقة لأغراض سلميّة. يروّج المؤيّدون لاستعمالها بإنتاجيّتها العالية ومحدوديّة انبعاثاتها، ويتغاضون عن تجاربها السيّئة، وعن مشاكل إدارة النفايات النوويّة على المدى الطويل. ومن المتوقع أنّ مستوى إنتاج الطاقة الكهربائيّة من الطاقة النوويّة، سيتزايد من معدّلٍ يبلغ حاليًا حوالى 15%، إلى 35% تقريبًا العام 2050. ترتبط خريطة الطريق الطموحة هذه بتطوير الجهاز البشريّ اللازم في كلٍّ من الدول المعنيّة بتطوير برامجها الحاليّة أو بإطلاق برامجٍ جديدة بالتوازي مع تحسين التكنولوجيا اللازمة التي بلغت درجة عالية من النضوج، تطوير المنشآت الضروريّة وتأمين التمويل اللازم والظروف الجيوسياسيّة الملائمة[14].

تعتبر الولايات المتّحدة الأميركيّة أكبر منتج حالي للكهرباء من الطاقة النوويّة، يليها منظّمة التنمية والتعاون الاقتصادي – أوروبا، فمنظّمة التنمية والتعاون الاقتصادي – الباسيفيك، بعدها دول الاقتصادات الناشئة وبقيّة الدول. وتشير التوقّعات إلى عدم حصول تغييراتٍ كبيرة في مستوى الإنتاج في الكيانات الثلاثة الأولى المذكورة أعلاه. لكنّ التغييرات الأكبر ستكون في الصين التي سينتقل مستوى إنتاجها من الطاقة النوويّة من حوالى 1% من إنتاج الطاقة الإجمالي خلال العام 2013 إلى حوالى 10% العام 2050، ممّا يشكّل 30% من الإنتاج العالمي للطاقة النوويّة. كما سيتزايد الإنتاج في كلٍّ من الهند، أميركا اللاتينيّة وبعض الاقتصادات النامية[15].

هـ-الغاز الطبيعي

لا يعدّ الغاز الطبيعي من الاكتشافات الجديدة، حيث بدأ استعماله منذ بدايات القرن الماضي، ثمّ توسّع بشكل محدود. لكنّ اكتشافات الاحتياطات الكبيرة في الجزيرة العربيّة، شمال أفريقيا، روسيا ومؤخرًا شرق البحر المتوسّط، غيّرت من النظرة إلى الغاز الذي بدأ يتحوّل من مصدرٍ ثانويّ هامشيّ للطاقة إلى أحد المصادر الأساسيّة لها[16]. كما أنّ تزايد الحديث عن ظاهرة الاحتباس الحراري والتلوّث الناتج عن الغازات الدفيئة، وأثرهما الكبير على مناخ الكرة الأرضيّة، زاد من أهمّية الغاز، الذي يعتبر الوقود الأحفوري الأنظف والأقل تلويثًا للبيئة أرضًا، جوًا وبحرًا.

يتّجه إنتاج الغاز إلى التزايد المستمرّ لتلبية الطلب المتزايد، كونه من أهمّ أنواع الوقود النظيف. على سبيل المثال، يبين موقع البنك الدولي أنّ حصّة إنتاج الكهرباء من الغاز الطبيعي تزايدت من 19,92% العام 2004 إلى 21,7% العام 2013 [17]. كما تضافرت الجهود في صناعتي الغاز والسيارات، لتوسيع نطاق استعماله في قطاع النقل، سواء في النقل العام أو الشحن لمسافاتٍ قصيرة، بهدف تخفيض انبعاثاث الغازات الدفيئة المسبّبة لظاهرة الاحتباس الحراري. وقد تزايدت احتياطات الغاز المؤكّدة عالميًا، ممّا يقارب 20 تريليون متر مكعّب عام 1960 إلى ما يزيد عن 200 تريليون متر مكعّب عام 2013 [18]. بالإضافة إلى كميّات ضخمة يحتمل وجودها في مكامنٍ غازيّةٍ لم تستثمر لغاية الآن.

2-مصادر الطاقة الجديدة

تُجمع المراجع على بقاء الطلب العالمي على الطاقة في تزايد مستمرّ. وقد أثبتت التجربة أنّه لا يمكن الرّكون إلى استمرار تدفّق مصادر الطاقة المستثمرة حاليًّا، بطريقةٍ تلبّي الحاجات المتوقّعة مستقبلًا. كما أنّ أثر الصراعات العالميّة على الحيّزات الجغرافيّة لمصادر الطاقة، كان سلبيًّا إلى حدٍّ بعيد، ممّا أثّر على أسعارها صعودًا وانعكس على الأداء الاقتصادي والاستقرار السياسي هبوطًا. وقد أدّى هذا الأمر إلى تحفيز السّعي إلى إيجاد مصادر جديدة للطاقة أو اعتماد مقارباتٍ جديدة لمصادر كانت متوافرة وغير مستثمرة بالطريقة الأمثل.

أ-النفط الصخري

يصنّف النفط الصخري من بين المصادر غير التقليدية للنفط والغاز كون إنتاجه لا يتمّ بتقنيّة حفر الآبار الشائعة بل بطرق أكثر تعقيدًا[19]. ويعتبر النفط الصخري من مصادر الطاقة الواعدة ذات النموّ السريع والجدوى الاقتصاديّة. أشارت التوقعات خلال العام 2013 إلى توسّع حصّة هذا النوع من النفط في السوق العالمي خلال العشرين سنة التالية[20]. في حال تحقّق ذلك، فإنّ الأمر سيشكّل ثورة حقيقيّة في الأسواق العالميّة، من خلال تأمين مصدر طويل الأجل، بكلفةٍ معقولةٍ للعديد من البلدان، بالإضافة إلى تخفيض متوسّط سعر برميل النفط المتوقّع وفق الدراسات المبنيّة على احتياطات النفط السائل فقط.

لكنّ الاستثمار في استخراج النفط الصخري ليس بالبساطة التي يبدو عليها، حيث يوجد عامل أساس في العمليّة، يتمثّل بضرورة الانتباه إلى مقدار الطاقة الممكن استخراجه من النفط، مقابل الطاقة المصروفة لاستخراجه ومعالجته، بحيث تبقى الجدوى الاقتصاديّة للعمليّة معقولة. يتمّ استخراج النفط الصخري بواسطة المعالجة بالهيدروجين أو التحليل الحراري للمادة النفطية الموجودة في نوعٍ محدّد من الصخور، بهدف إنتاج نفط سائل أو غازي، يمكن تنقيته ليصبح معادلًا للنفط السائل التقليدي أو الغاز الطبيعي. وتبدأ العمليّة من خلال استخراج الصخور النفطيّة من المناجم، حيث يتمّ كسرها وطحنها، قبل معالجتها بواسطة منشآت وتجهيزات تركّب في موقع الاستخراج أو في مواقع أخرى. يتمّ بعدها مزج الصخور المطحونة مع مركّبات كيميائيّة وتعريضها لحرارة عالية. تختلف طريقة المعالجة النهائيّة من موقعٍ إلى آخر وفق النوع المنوي إنتاجه. وتتراوح معدّلات إنتاج النفط الصخري ما بين 4,5% و13% من وزن الصخور المستخرجة[21]، وذلك حسب طبيعتها ونوع العمليّة المستخدمة في التنقية والتكرير. وقد أدّى ارتفاع الأسعار العالميّة للنفط، إلى رفع أسهم النفط الصخري من حيث كلفة الاستخراج والتكرير العالية نسبيًا، والتي كانت أعلى بكثيرٍ من كلفة شراء النفط من الأسواق العالميّة بالأسعار الرائجة سابقًا بحيث أصبح استخراجه، مع التكنولوجيا الجديدة لتصفيته، مربحًا من الناحيتين الاقتصاديّة والجيوسياسيّة.

تقتضي الإشارة إلى الدرجة العالية من المركّبات الكيميائيّة الملوّثة في النفط الصخري. فالكبريت والآزوت الكامنان فيه بنسب عاليةٍ يلوّثان الهواء، كما تتفاعل هذه المواد ومادة الحديد الممكن وجودها أيضًا ضمنه مع المذيبات المستعملة في الإنتاج والنقل. تزيد هذه العوامل من كلفة معالجته وتشكّل عامل ضغطٍ للحدّ من استعماله.

تزايد إنتاج النفط الصخري في الولايات المتّحدة الأميركيّة، وفق مكتب إدارة معلومات الطاقة الأميركيّة، من 111000 برميل في اليوم خلال العام 2004. من المتوقّع أن يتزايد الإنتاج ليصل إلى حوالى 1.2 مليون برميل يوميًا بحلول العام 2035. لكنّ توقّعات أخرى تشير إلى وصول الإنتاج إلى حوالى 3 أو 4 ملايين برميل يوميًا[22]. وقد أدّى تزايد إنتاج الولايات المتّحدة الأميركيّة من النفط السائل والغاز من النفط الصخري، إلى ارتفاع إنتاج النفط الخام لديها إلى 7,7 مليون برميل يوميًا في أيلول 2013، بعد أن كان 1.5 مليون برميل يوميًا في السنوات السابقة. كما تفوّق معدّل إنتاج النفط على معدّل الاستيراد الذي تراجع إلى 7,6 مليون برميل يوميًا. يعود ذلك إلى نموّ الإنتاج الأميركي بمعدّل 50% منذ العام 2008، بالتوازي مع تناقص الواردات بمعدّل 20% [23]. أمّا خارج الولايات المتّحدة، فما يزال استثمار هذا المصدر الجديد في بداياته، مع تسجيل استثمارات جديدة في هذا المجال في كلّ من الأرجنتين، الصين وروسيا. ومع تشجيع الحكومات على الاستثمار، بدأ الإعلان عن اكتشاف احتياطاتٍ جديدةٍ كبيرة في كلّ من كولومبيا، أستراليا، نيوزيلندا، الصين، اليابان وروسيا[24]. لكنّه، وبعد الهبوط الأخير لأسعار النفط اعتبارًا من منتصف العام 2014، بسبب العرض الفائض في سوق النفط والانكماش الذي أصاب الاقتصاد الصيني، أصبحت التوقعات أكثر حذرًا بسبب الكلفة العالية لهذا النفط مقارنة بالنفط السائل. لكن مستويات إنتاج النفط المذكور لم تتأثّر كثيرًا بسبب المرونة التي يبديها المستثمرون الأميركيون بسبب استعمالهم تقنيات متطوّرة، ذات إنتاجيّة متزايدة مع الوقت، إضافة إلى أنّها لا تتطلّب استثمارات كبيرة وطويلة المدى، كما يمكن استثمارها بسرعة كبيرة قياسًا إلى حجم الاستثمارات والمدة الزمنية الضرورية للاستثمار والإنتاج في مجال النفط السائل[25].

ب-الوقود الحيوي

الوقود الحيوي هو الطاقة المستمدّة من الكائنات الحيّة سواء منها النباتيّة أو الحيوانيّة. وقد ظهر الوقود الحيوي كبديل من الوقود الأحفوري حيث تتيح التكنولوجيا الجديدة استخراجه، على شكل سائل أو صلب أو غازي، من مواد متعدّدة كالخشب، والمحاصيل الزراعيّة، والمخلّفات الحيوانيّة والنفايات. وقد أثار عاملان مهمّان، يتعلّقان بأمن الطاقة والحدّ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، الاهتمام بموضوع إنتاج الوقود الحيوي. ففي الدول المتقدّمة، كان الدافع الأساس هو محاولة إيجاد وقود نظيف. أمّا في الدول النامية فكان الهدف هو إيجاد بديل من التبعيّة الاقتصاديّة عبر استغلال بعض المحاصيل الزراعيّة المتوافرة لديها، بالإضافة إلى الاستفادة من النفايات لإيجاد حلّ مزدوج الأبعاد لمعالجة مشكلة النفايات وإنتاج الطاقة. لكنّ السياسات الخاصّة باستخدام المنتجات الزراعيّة لإنتاج الوقود ما زالت قيد الدرس من قبل العديد من الجهات الدوليّة والحكومات، بسبب التخوّف من تأثير هذا المجال على الأمن الغذائي العالمي، في حال تمّ استعمال الأراضي الزراعيّة لزراعة النباتات الخاصّة بإنتاج الوقود الحيويّ، بدلًا من المنتجات الخاصّة بالاستهلاك البشري.

في المقابل يؤمّن الوقود الحيوي، بما فيه الحطب ومخلّفات النباتات، ما مقداره 10% من استهلاك البشريّة من الطاقة[26]. تتوزّع مصادر الوقود الحيوي وفق الآتي: 4% من النفايات المنزليّة والصناعيّة، 9% من المخلّفات الزراعيّة والمحاصيل، و87% من الأخشاب والغابات[27]. يستعمل 25% من الوقود الحيوي المنتج عالميًا في البلدان الصناعيّة و75% منه في البلدان النامية. وتشير بعض التقديرات إلى توزّع استهلاك الوقود الحيوي بين الاستعمال المنزلي بنسبة 80%، الاستخدام الصناعي 18% وقطاع النقل 2%. لكنّ تطوّر الإنتاج والتكنولوجيا المستخدمة، بالإضافة إلى جاذبيّة استعمال الوقود الحيوي كمادّة نظيفة تخفّف من إنتاج الغازات الدفيئة التي تسبّب الاحتباس الحراري، تؤدّي إلى تسارع استعمال هذه المادة وتزايده في القطاعات الاستهلاكيّة الكبيرة وبخاصّة قطاع النقل. في بعض البلدان الصناعيّة، كالولايات المتّحدة الأميركيّة، فينتج الوقود الحيوي 11 جيغاوات/ساعة من الكهرباء، وفي ألمانيا ينتج 0.5 جيغاوات/ساعة. عالميًا، كما يؤمّن الوقود الحيوي ما مقداره 1% من إنتاج الكهرباء العالمي أي ما يقارب 257 تيراوات/ساعة[28].

ج-الطاقة الشمسيّة

تعتبر الطاقة الشمسيّة من أهمّ مصادر الطاقة البديلة التي تؤمّن قسمًا من حاجات الاستهلاك المنزلي أو الصناعي بطريقة رخيصة ونظيفة، كما توفّر كثيرًا من كلفة النقل والمواصلات. ويشهد هذا القطاع حاليًا تطوّرًا مُتناميًا، إن من جهة التكنولوجيات المُستخدمة في عمليّة استغلالها، أو من جهة انتشار استعمالها على الصعيد العالمي. وتتميّز الطاقة الشمسيّة، مقارنة مع مصادر الطاقة التقليديّة، بكونها تصبح مصدرًا مجانيًا للطاقة بعد عمليّة استغلالها بقدر كلفة الإنشاءات الأوليّة المستخدمة، قصر فترة تعويض كلفة الإنشاءات بالمقارنة مع كلفة مصادر الطاقة التقليديّة المستعملة، توافرها بكميات غير محدودة من الطاقة المُتجددة والمُستدامة والتي لا تحتاج إلى أي مصدر آخر من الطاقة لإنتاجها، كما أنّ استعمالها يسمح بتخفيض كمّية انبعاث الغازات المُسبّبة للاحتباس الحراري الناتجة عن استعمال المصادر التقليدية.

شهد العالم، منذ الستّينيات في القرن الماضي، نموًا سريعًا في استخدام الطاقة الشمسيّة. لكنّ المشكلة الأساس في هذه العمليّة، تكمن في عدم استمراريّة هذا المصدر الطبيعي وثباته نظرًا لتواتر الليل والنهار. لحلّ هذه المشكلة، شكّل التخزين ضمن بطّاريّات خلال ساعات الذروة حلًا منطقيًا، إلاّ أنّ كلفته من الناحيتين الاقتصاديّة والبيئيّة بقيت مرتفعة وتحتاج إلى استثمارات كبيرة[29]. وتشير التقديرات إلى تلقي كوكب الأرض ما يزيد عن 222 مليون تيراوات/ساعة سنويًا[30]. لكنّ الطاقة المستثمرة ما زالت متواضعة جدًا، حيث تتصدّر ألمانيا حاليًّا لائحة الدول المنتجة للكهرباء من الطاقة الشمسيّة بإنتاج 38 تيراوات/ساعة سنويًا، تليها الصين بإنتاج 28 تيراوات/ساعة، اليابان 24 تيراوات/ساعة، كل من إيطاليا والولايات المتحدة الأميركية 18 تيراوات/ساعة، كل من فرنسا وإسبانيا 5 تيراوات/ساعة[31]. كما تشير التوقّعات إلى أنّ حصة إنتاج الطاقة الشمسية من مجموع الطاقة المنتجة من المصادر المتجدّدة لن تتجاوز 15% العام 2040 رغم تضاعفها أكثر من ثلاث مرات عن النسبة المحققة العام 2013 [32]. وتعود التقديرات المتواضعة إلى عدم توقع اكتشاف طريقة أكثر فعالية لتخزين الطاقة وتحويلها والتي تتلقاها الأرض من الشمس في المدى المنظور.

د-طاقة الأمواج والمدّ البحري

تشبه طاقة الأمواج والمدّ البحري الطاقة الشمسيّة من ناحية مجّانيّتها وانتشارها. وقد أثبتت التجارب إمكانيّة إنشاء معامل كبيرة لتوليد الطاقة منهما. لكنّ الأبحاث في هذا المجال تعترضها صعوبات كبيرة تتمثّل بكون أنماط الأمواج وقوّتها غير متناسقة في قيمة الذروة، المرحلة أو الإتجاه، مما يجعل من الصعب تصميم جهاز يؤمّن استفادةً قصوى من الأمواج ذات الأنماط المتغيّرة مع الزمن وحالة البحر. كما أنّ العواصف الكبيرة قد تعرّض أنظمة توليد الطاقة لأضرار جسيمة. تضاف إلى ذلك صعوبة تركيب التجهيزات والإنشاءات في مناطق الأمواج ذات الإنتاجيّة العالية بسبب قوّة البحر التي لا يمكن التحكّم بها في أثناء العمل، وصعوبة مواءمة تواتر الأمواج، وضخامة الاستثمارات الماديّة الضروريّة للمشاريع المماثلة وإمكانيّة إحداث أضرار بيئيّة في الشواطئ المخصّصة لهذه الغاية.[33]

وفق المجلس العالمي للطاقة، يمكن إنتاج ما يوازي 10% من حاجات العالم من الطاقة الكهربائيّة من طاقة الأمواج[34]. وتشير الدراسات إلى وجود 20 موقع حول العالم، صالحةٌ لتجهيز منشآتٍ لإنتاج الطاقة من المدّ البحري، ثمان منها في بريطانيا، يمكنها أن تؤمّن 20% من احتياجات الأخيرة من الطاقة[35]. كما بدأت فرنسا، منذ العام 1967، بإنشاء وتشغيل أكبر معمل لإنتاج الطاقة من المدّ البحري، من خلال إنشاء سدّ على مصبّ نهر لارانس. وقد جُهّز السدّ بأربعٍ وعشرين توربينًا تنتج سنويًا 550 جيغاوات/ساعة أي ما يوازي حاجات 210000 من السكّان[36].

هـ-طاقة الرّياح

أصبحت مزارع الرياح من بين المصادر المهمّة لتوليد الطاقة في البلدان التي تتمتّع بمعدّل مرتفعٍ منها. تعتبر الرّياح من أهمّ المصادر النظيفة لتوليد الطاقة بسبب ضعف الأثر البيئي السلبي الذي يخلّفه تركيبها في المناطق التي تتمتّع برياح مؤاتية. يتواجد العديد من مزارع الرّياح لإنتاج الطاقة على اليابسة أو على مسافاتٍ تصل إلى حوالى 10كلم من الشاطئ. ويتراوح إنتاج كلّ وحدة منها بين عدّة كيلووات/ساعة و5 ميغاوات/ساعة. شهد هذا القطاع نموًا كبيرًا بين العامين 1995 و2006. فمن إنتاج 4800 ميغاوات/ساعة، قفز الإنتاج إلى 59000 ميغاوات/ساعة. وفي العام 2011 وصل الإنتاج إلى 200 جيغاوات/ساعة[37]. وتشير دراسات المؤسسة الأوروبيّة لطاقة الرياح EWEA إلى الحقائق والتوقّعات المتعلّقة بتطوّر إنتاج طاقة الرياح بين العامين 2012 و2020 وفق الآتي: نموّ الإنتاج من 107 جيغاوات/ساعة إلى 230 جيغاوات/ساعة، نموّ معدّل سد الحاجة من 7% إلى ما بين 15 و17%، نموّ الطاقة الإنتاجيّة لكلّ وحدة من معدّل 2.5 ميغاوات/ ساعة ووجود وحدات بإنتاج 7.5 ميغاوات/ساعة إلى وحداتٍ مخطّطةٍ لإنتاج 15 ميغاوات/ساعة ودراسات ممكنة لإنشاء وحداتٍ بطاقة إنتاج 20 ميغاوات/ساعة[38].

تسارع استثمار الرياح في توليد الطاقة اعتبارًا من نهاية القرن الماضي ومطلع القرن الحالي، بحيث بلغ إجمالي إنتاج الطاقة الكهربائيّة العالمي من الرياح العام 2006، 74223 ميغاوات، بما يعادل 1% من الاستخدام العالمي للكهرباء.[39] وبنهاية العام 2012 كان الإنتاج قد بلغ 282587 ميغاوات بزيادة 44799 ميغاوات عن العام الذي سبقه. وتشير التوقعات إلى استمرار النمو في هذا القطاع الذي سيسجل أعلى نسبة نمو في قطاع الطاقة المتجدّدة محققة نسبة 40 % من مجمل الطاقة المتجدّدة المنتجة، متجاوزة الإنتاج من الطاقة المائية بحلول العام 2040، على أن تصل إلى 735000 ميغاوات العام 2050.[40]

3-توفير الطاقة أو الاستخدام الأمثل لمصادرها

تشير حسابات منظّمة الطاقة العالميّة، المبنيّة على أنماط استهلاك الطاقة الحاليّة، وفي ظلّ التوقّعات التي تشير إلى مضاعفة الطلب العالمي على الطاقة بحلول العام 2050، إلى تزايد الطلب على الفحم الحجري بمعدّل 300%، الغاز بمعدّل 138% والنفط السائل بمعدّل 69%.[41] يرتقب أن يكون أثر هذه الزيادات دراماتيكيًا على المناخ العالمي، ممّا أدى إلى إطلاق دعوات لإجراء تغييرات أساسيّة في سياسات الطاقة العالميّة. ويتمثّل الخطر الأكبر للأجيال القادمة في تشوّه إحدى فقرات نظام الطاقة: الاقتصاديّة، البيئيّة أو السياسيّة. يستمرّ العالم في حالة نهمٍ متزايد لاستهلاك الطاقة، بهدف مواكبة ركب التطوّر التكنولوجي وتلبية متطلّبات الأجيال العصريّة. تتزايد بالتوازي مع هذه الحالة مفاعيل ظاهرة الاحتباس الحراري التي تتسبّب في التغيّرات المناخيّة المتقلّبة، وتؤثّر سلبًا على الأمن الجسدي والاقتصادي للبشر، من خلال حدّة العواصف المسبّبة للفيضانات وموجات الحرّ المسبّبة للحرائق. كما يتدهور الأمن الغذائي العالمي الذي أصبح أكثر هشاشة بسبب تغيّر أنماط الفصول والأثر السلبي على الثروة النباتيّة والحيوانيّة.

كما يعتمد مفهوم توفير الطاقة أو الاستخدام الأمثل لمصادرها مقاربة ترتكز على اعتماد سياسة سلبيّةٍ ذات أثر إيجابي، اعتمدته كثرة من الدّول مكرهة بداية، بسبب الأزمات الناتجة عن الحروب، انقطاع الإمداد، غلاء الأسعار وغيرها. وقد تطوّر هذا المفهوم لاحقًا ليشمل الجهات التي ترغب بتوفير مصادر الطاقة والمحافظة على بيئة نظيفة للأجيال القادمة، عبر الاستهلاك المسؤول من خلال التصميم المدروس للأبنية الحديثة، استعمال الأجهزة الكهربائية الموفّرة للطاقة وترشيد الاستهلاك الصناعي والمؤسساتي من خلال توقيت عناصر التعرفة وتحديدها.

تسعى الدول الفقيرة بمصادر الطاقة الأحفوريّة إلى التخفيف من نسبة اعتمادها على الدول المصدّرة للوقود الأحفوري، كما يسعى العديد من الدول الغنيّة بمصادر الطاقة الأحفوريّة، إلى إطالة أمد استغلال احتياطاتها من خلال استغلال مصادر الطاقة المتجدّدة المتوافرة لديها، انطلاقًا من كونها طاقة “مجّانيّة” وغير قابلةٍ للنضوب. وقد تبيّن أنّ مصادر الطاقة المتجدّدة، التي يمكن الاستفادة منها بالتقنيات المتوافرة حتى تاريخه، لا تكفي لسدّ العجز في الطلب، كما لا تسمح بالاستغناء عن الوقود الأحفوري الملوّث، ممّا يؤدّي إلى تصنيف الطاقة المائية والطاقة الشمسيّة بين مصادر الطاقة الثانويّة على الرغم من احتياطاتهما غير المحدودة والمتوافرة على كامل الكرة الأرضيّة. على الرغم من الفشل أو التأخير الذي يظهر عند مراجعة الإحصاءات العالميّة، تجارب ناجحة في بعض الدول التي تسير بخطى حثيثة على طريق التخفيف من استهلاك الوقود الأحفوري، من خلال استخدامات أفضل للطاقة أو استعمال أجيال جديدة من التجهيزات الأقلّ استهلاكًا، بهدف التوفير أو تحقيق الاكتفاء الذاتي مع ما يعنيه ذلك من النواحي، الاقتصاديّة، البيئيّة والسياسيّة.

4-مصادر الطاقة كتحدٍّ جيوسياسي

يضطلع المحيط الجغرافي بدور مهم في حياة الأمم والكيانات. فهو بالإضافة إلى كونه يقدّم فرصًا وإمكانات كبيرة، إلاّ أنّه قد يشكّل أيضًا مصدرًا للمخاطر. ترتبط هذه الفرص أو المخاطر ارتباطًا وثيقًا بالموارد الطبيعيّة، أو تلك التي طوّعها الإنسان والتي تتربّع مصادر الطاقة في أعلى السلّم الخاص بها. يتمّ اختيار المصادر أو المفاضلة بينها استنادًا لأسباب واقعيّة، مرتبطة بالفرص والإمكانات المتوافرة لكل دولة، من دون أثر أو تأثير يذكر لبقيّة الأسباب المتعلّقة بالأخلاقيات أو القضايا البيئيّة على سبيل المثال. وترتبط حدّة الصراعات أو قوّة التفاهمات والتحالفات بين الدول والكيانات بالمصادر المستنفدة، بدرجةٍ أكبر من ارتباطها بالمصادر المتجدّدة. لكن يجب عدم إغفال تأثير بعض عناصر مصادر الطاقة المتجدّدة على قطاعاتٍ مختلفةٍ عن قطاع الطاقة، كارتباط إنتاج الطاقة المائية بقطاع مياه الشرب والريّ، أو ارتباط زراعات إنتاج الوقود الحيوي بمسألة الأمن الغذائي.

هذا وأدّى تغيّر مفهوم القوّة إلى تغيير المقاربة في تحليل عناصرها. وبالتالي تغيّر مفهوم الاستقلال للدول والكيانات. فالدول المستقلّة قانونًا، ليست بالضرورة مستقلّة ماديًا أو فعليًا، كون بعضها قد يكون ذا تبعيّة ما لدولة أخرى. تشكّل التبعيّة الاقتصاديّة شكلًا من أشكال عدم الاستقلال، حيث تعتبر الضغوطات الاقتصاديّة من أهمّ الضغوط الممكن استثمارها سياسيًا. وانطلاقًا من ذلك، قام العديد من الدول، خصوصًا الدول الرأسماليّة الكبرى، باستعمال الضغط الاقتصادي بشكل مكثّف، كوسيلة للتعامل السياسي ولمواجهة التهديدات الموجهة إلى مصالحها. وفي هذا الإطار، تمّ إنشاء هيئات عالميّة وتكتّلات، تهدف إلى التعامل الجماعي والمتماسك تجاه الدول الأخرى، وصولًا للضغط عليها، وتهديدها بفرض العقوبات والجزاءات إذا لم تمتثل لرغباتها. وقد تحوّلت هذه الجماعات الاحتكاريّة إلى منابر للترهيب والتهديد الاقتصادي والسياسي. فمجرّد تشكيلها ومعرفة هويّة أعضائها وغاياتها يثيران الكثير من علامات الاستفهام. من أبرز هذه التكتّلات الاحتكاريّة: الكارتل النفطي “منظّمة الطاقة الدوليّة” والكارتل المالي “ناديا باريس ولندن”.

أشار قرار الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة رقم 62/197، إلى الحاجة لتفعيل توصيات “القمّة العالميّة للتنمية المستدامة” كإطارٍ للعلاقات بين الحكومات بهدف وضع “خطة جوهانسبرغ”[42] موضع التنفيذ للإسراع في زيادة الحصّة الإجماليّة للطاقة المنتجة من مصادر متجدّدة، ضمن حصص الإنتاج العالمي للطاقة. يتمّ ذلك من خلال زيادة الوعي لأهمّية الطاقة على التطوّر المستدام وإزالة الفقر، عبر تطوير المصادر الحاليّة وإيجاد مصادرٍ جديدة للطاقة المتجدّدة[43]. على الرغم من ذلك، يبقى إنتاج الطاقة من المصادر التقليديّة، حتى ولو كانت ملوّثة، خيارًا استراتيجيًا قائمًا على المدى الطويل نظرًا لعدم توافر أيّ بدائل تكفي حجم الطلب الضخم. لذلك يبقى استخدام الوقود الأحفوري بجميع مصادره، أحد أهمّ مصادر إنتاج الطاقة على المستوى العالمي. مع ما يعنيه ذلك من استمرار الصراعات على مصادره وممرّاته بما يضمن مصالح الأطراف المعنيّة. يضاف إلى ذلك الطاقة النوويّة ذات الانبعاثات المتدنّية، مع الأخذ بعين الاعتبار مخاطرها العالية من الناحية البيئية والأمنية، وما تستتبعه من توتّرات ذات ارتباط برغبة الدول في امتلاك التكنولوجيا النووية لرفع مكانتها على الساحة الدولية.

5-النظرة الأميركيّة الشماليّة للطاقة

بقيت أميركا الشماليّة، حتى نهاية العام 2014، ثاني أكبر مستهلك للطاقة في العالم بعد الصين. يبلغ مجموع استهلاك الولايات المتّحدة السنوي، ما يعادل 2224 مليون طن من النفط، وكندا 251مليون طن، بمجموع 2475 مليون طن للدولتين. وتحلّ أميركا الشماليّة في المرتبة الثانية بعد الصين التي يبلغ استهلاكها ما يعادل 3034 مليون طن من النفط[44]. وعلى الرغم من التغيرات الحادة في الأسعار العالميّة، التي أثّرت سلبًا على إنتاج النفط الصخري خلال العامين الأخيرين، ولكون طبيعة إنتاج النفط الصخري الأميركي تجعله مناسبًا للنظام الصناعي، المالي، الديموغرافي والجيولوجي في الولايات المتّحدة بشكل أساسي، ولكون سماته تجعله من بين المصادر الكثيرة الجدليّة لأسباب تتعلّق بالكلفة، الإنتاجيّة، الأسعار، الأثر البيئي والآفاق المستقبليّة. إلاّ أنّ تزايد إنتاجه خلال العقد الأخير وتطوّر تقنيات الإنتاج التي تسمح بتخفيض الكلفة، غيّرا في خريطة تجارة النفط العالميّة بما يؤمّن للولايات المتّحدة اكتفاءً ذاتيًا في الطاقة.

ارتبطت السياسة الأميركيّة بصورة دائمة بأولويّات ثابتة على علاقة بـ “الأمن القومي” الأميركي. كما شكّل النفط بشكلٍ عام، ونفط الشرق الأوسط بشكلٍ خاص، أحد عناصر الأمن القومي المذكور. وقد خاضت الولايات المتّحدة عدّة حروب بالوكالة أو بالأصالة من أجل بسط سيطرتها والمحافظة على هيمنتها. تشكّل حروب الخليج بنماذجها المختلفة، “الحرب على الإرهاب” في أفغانستان وما سمّي بالربيع العربي، أبرز أشكال التدخّل المباشر في سياسات المنطقة وديناميّاتها. وبعد اتجاه الولايات المتّحدة الأميركيّة إلى الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة، وارتقاء الصين إلى مرتبة المستهلك الأوّل للطاقة في العالم، أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما “استدارة” الولايات المتّحدة نحو المحيط الهادئ[45]. شكّل هذا الإعلان، بالتوازي مع تعديل المؤشّرات المذكورة أعلاه نذير تغيّر العالم الجيوسياسي.

يمثّل التململ الواضح في الصين والعودة الروسية القوية إلى ساحات الصراع في شرق أوروبا والشرق الأوسط انعكاسًا لتراجع الدور الجيوسياسي الأميركي على الساحة العالميّة. وتشكّل المرونة والبراغماتيّة التي طبعت السياسة الأميركيّة منذ وصول الرئيس أوباما، تغيّرًا في النظرة الأميركيّة إلى النفط، من زاوية تراجع التهديدات المرتبطة بتجارته من دون انعدامها بشكل نهائي. يمثّل تراجع حصّة الطلب الأميركي على مصادر الطاقة من خارج أميركا الشماليّة، فرصة لبقيّة الدول للحصول على الطاقة بأسعار “معقولة”، في الوقت نفسه الذي يتراجع أثر التهديد النفطي على الأمن القومي الأميركي، ممّا انعكس تغيّرًا في حدّة تعامل الولايات المتّحدة، بما تمثّله من قوّة عسكريّة، سياسيّة واقتصاديّة، مع الأزمات العالميّة ذات الارتباط بمصادر الطاقة. يتجلّى التغيّر المذكور من خلال الانسحاب الجزئي من ساحات الصراع الأوسط عبر استعمال ما يسمّى بالقوّة الناعمة أو الاتكال على الأذرع العسكرية الإقليميّة، إضافة إلى التساهل في السماح بالتدخّل الروسي المباشر والتعامل معه بصفة الشريك.

6-نظرة أميركا اللاتينيّة إلى مصادر الطاقة

تُعتبر فنزويلا المنتج الأساسي للنفط في جنوب أميركا اللاتينيّة، بحيث يؤمّن تصدير النفط ومشتقّاته 95% من مداخيل التصدير الفنزويلي، كما يشكّل قطاع النفط والغاز 25% من الحجم الإجمالي للاقتصاد، مدعومًا باحتياطات مؤكّدة تبلغ 300 مليار برميل من النفط السائل و5600 مليار متر مكعّب من الغاز الطبيعي[46]. كما غيّرت البرازيل، صاحبة الاقتصاد الأكبر في أميركا اللاتينيّة، خلال العقد الماضي من النظرة إلى سوق الطاقة في القارّة المذكورة، من خلال تأمين الاكتفاء الذاتي لمجمل احتياجاتها من الطاقة و3% من الطاقة النوويّة، 11,6% من الإنتاج العالمي أو 80% من احتياجاتها من الكهرباء من الطاقة المائيّة، 26,3% من الإنتاج العالمي للوقود الحيوي بما يكفي لتأمين حاجات 90% من السيّارات الجديدة التي تباع ضمن أسواقها والتي تعمل على هذا الوقود، وتصدير قسم كبيرٍ آخر إلى الخارج، ما يعادل 7,9 مليون برميل من النفط من مصادر متجدّدة أخرى، إضافة إلى الوصول إلى الاكتفاء الذاتي من النفط والانتقال إلى التصدير اعتبارًا من العام 2006.[47] وتتمتّع معظم بلدان أميركا اللاتينيّة، بمقدّرات شبيهة إلى حدّ ما، بمقدّرات البرازيل، التي أصبحت مثالًا يحتذى به في مجال إنتاج الطاقة المتجدّدة. وعليه يمكن لهذه الدول أن تعيد دراسة أولويّات مواردها الطبيعيّة المتجدّدة تلقائيًا وكيفيّات استخدامها، كالشمس والمياه، أو تنتهج سياسة جديدة في مقارباتها لثرواتها الزراعيّة، لتتمكّن من إنتاج حاجاتها الزراعيّة وتأمين قسم كبير من حاجاتها في مجال الطاقة، مما يومّن لها نوعًا من الاستقلاليّة السياسيّة والاقتصاديّة.

7-المقاربة الأوروبيّة لمصادر الطاقة

ازداد قلق الاتّحاد الأوروبي من التهديدات الجديدة المتعلّقة بأمن الطاقة، خصوصًا منذ بدء الأزمة الأوكرانية وضمّ روسيا لجزيرة القرم. ولم تؤدّ السياسات المحليّة، الإقليميّة أو الدوليّة التي انتهجتها بعض الحكومات الأوروبيّة إلى التخفيف من أسباب القلق، بل على العكس زادت من حدّته. وتعتمد أوروبا رسميًا سياسة غير تقليديّة، مزدوجة المعايير، فمن جهة ترتكز على مبدأ الشفافيّة والتعدّد مع شركائها التقليديين، ومن جهة أخرى تعتمد على مبدأ القوّة والضغط والترهيب لحماية مصالحها، في أثناء تعاملها مع الشركاء الجدد[48].

كما تحاول العديد من الدول الأوروبيّة، اعتماد سياسات طاقة أكثر صداقة مع البيئة، وأقلّ خطورة على المحيط، كاستجابة مباشرة لتوقّعات الرأي العام الأوروبي ومتطلّباته. يظهر ذلك من خلال الاعتماد المتزايد على مصادر الطاقة المتجدّدة، وزيادة حصّة الغاز الطبيعي لاستعمالات الوقود الأحفوري التي لا مفرّ منها،[49] حيث يبدو الأفق مقفلًا على استمرار الاعتماد الأساسي على النفط والغاز، وذلك حتّى العام 2035 على الأقل، بخاصّة في قطاع النقل، بحيث يؤمّن الإنتاج الأوروبي من النفط 14% من احتياجاته، بشكل أساسي من النروج والمملكة المتّحدة، أمّا الباقي فيتمّ استيراده من روسيا شمالي أفريقيا ودول الخليج[50]، ممّا يترك القارة العجوز أسيرة حسن العلاقات مع الدول المصدّرة للنفط، إضافة إلى تبعيتها السياسية للولايات المتحدة الأميركية التي تتحكّم بمفاصل سوق الطاقة العالمي وشرايينه.

8-الشرق الأوسط على خريطة الطاقة العالميّة

عانى الشرق الأوسط منذ مطلع القرن العشرين، “لعنة المداخيل” التي سمحت بزيادة ثروات عدّة بلدان مصدّرة للنفط، لكنّها جعلته مسرحًا لصراع القوى العالميّة التي تبغي السيطرة على مصادر الطاقة. وعلى الرغم من ضخامة المحفظات الماليّة للعديد من دول الشرق الأوسط، التي تمتلك مع دول المغرب العربي حوالى 60% من احتياطات النفط السائل و45% من احتياطات الغاز العالميّة، ما زالت الأخيرة غير محتسبة ضمن خريطة العولمة الدوليّة. ففي مجموعة العشرين للدول التي تمثّل أكثر من 90% من الناتج العالمي الخام، هناك بلدان اثنان فقط هما المملكة العربيّة السعوديّة وتركيا[51]. في الوقت ذاته امتلك الكيان الإسرائيلي المعادي، المتواجد على الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، التقنيّة النوويّة منذ بداية الستينيات من القرن الماضي. كما انضمّت إيران إلى النادي النووي. وتتحدّث بعض التقارير عن سعي العديد من الدول العربيّة النفطيّة إلى امتلاك التكنولوجيا النوويّة أسوة بإيران التي تعتبر المنافس التاريخي للعرب. هذا بالإضافة إلى مصادر الطاقة المتجدّدة كالطاقة المائيّة في كلّ من تركيا، سوريا، لبنان ومصر، الطاقة الشمسيّة وطاقة الرياح في معظم بلدان المنطقة.

9-القارّة الأفريقيّة على خريطة الطاقة الدوليّة

تحتوي القارّة الأفريقيّة على موارد طبيعيّة ضخمة، تبدأ بالمعادن على أنواعها، مرورًا بالثروة المائيّة والنباتيّة الضخمة. وإذا استثنينا شمالها الذي يدرس عادة مع بلدان الشرق الأوسط، لأسباب جغرافيّة وثقافيّة، يبقى الكثير لدراسته ما بين جنوب الصحراء الكبرى ورأس الرجاء الصالح حيث تتوافر إمكانات هائلة كانت المسبّب الأساس لعدم الاستقرار الذي يعصف بمعظم كياناتها. وفي هذا الإطار تمّ تسجيل اكتشافات جديدة للغاز في كلّ من موزمبيق وتنزانيا، إضافة إلى الاكتشافات القديمة في كلّ من نيجيريا، السودان وأفريقيا الوسطى[52]. كما شرعت إثيوبيا فى برنامج ضخم وطموح لتوليد الطاقة الكهربائيّة من روافد نهر النيل، حيث يتوقّع أن يصل إنتاجها من الطاقة الكهربائيّة إلى أكثر من 10000 ميغاواط بحلول العام2017.[53] يترافق ذلك مع الإعتراضات أو التوترات من البلدان المتضرّرة من تغيّر مستوى التدفّقات وجريان الأنهار.

10-الشرق والطاقة

يمكن فهم البعدين الجيوسياسي والجيوستراتيجي للطاقة في الشرق أو آسيا من خلال دراسة النقيضين في هذا المجال. فمن جهة، يعتبر الاتّحاد الروسي عملاقًا في إنتاج الطاقة وتصديرها بسبب مقدّراته وموارده الطبيعيّة الضخمة، ممّا يحتّم عليه المحافظة على حصّته في أسواق الطاقة والدفاع عن احتكاراته وعلاقاته التاريخية أو المستجدّة. ومن جهة أخرى، تعتبر الصين مصنعًا ضخمًا يعيش ويعمل فيه معظم عمّال العالم، وهي أضحت العملاق الصناعي والتجاري الذي تَصدّر استهلاك الطاقة العالمي أمام الولايات المتّحدة التي أصبحت في المرتبة الثانيّة، مما يحتّم عليها العمل على استمرار تدفّق مصادر الطاقة وتأمين معابرها.

أثمرت الجهود والضغوط الروسيّة في جعل الغرب بشكل عام وأوروبا بشكل خاص، يعترفان بالدور الروسي في أمن الطاقة الأوروبيّة. تعود الأهمّية بشكل خاص إلى قرب الطرفين الجغرافي، الذي يمكن أن يترجم مرونة في تلبية حاجات الطاقة المفاجئة، نظرًا لتغيّر أنماط المناخ، نتيجة الاحتباس الحراري. كما تبيّن بنتيجة الأزمات أنّ أكثر المتأثرين سلبًا في دول الاتّحاد الأوروبي، كان المستهلكين الصغار وأصحاب المنازل، كون الاحتياطات التي كانت متوافرة سمحت للحكومات بتلبية معظم حاجات المؤسسات الكبيرة ومحطّات إنتاج الطاقة، لكنّها كانت قاصرة عن تلبية الطلب بالمفرّق، ممّا أثّر بشكل كبير على الرأي العام الذي ينشد الاستقرار في الإمدادات. من جهة أخرى، لا يمكن فصل العودة الروسية العسكرية المباشرة إلى الشرق الأوسط، من خلال ما سمّي بعاصفة السوخوي في سوريا، عن محتوى التقارير التي تحدّثت عن مشاريع ربط غاز الشرق الأوسط بأوروبا عبر سوريا وتركيا، بهدف إعفاء أوروبا والسياسة الغربية بشكل عام من تبعات الإعتماد على إمدادات الطاقة الروسية.

أمّا في المقلب الآخر، فتعتمد الصين مقاربات جيوسياسية وجيوستراتيجية لأمن الطاقة الضرورية لاقتصادها. فعلى الرغم من تباطؤ الأخير خلال العامين المنصرمين، تستمرّ في اندفاعتها التي تسعى من خلالها إلى تأمين امداداتها النفطيّة عبر الإستثمار الخارجي في قطاع النفط، بما يؤدي إلى استيراد النفط الذي تنتجه شركات صينية في الخارج بدلًا من شراء النفط من الأسواق العالمية[54]. تحاول الصين من خلال هذه السياسة، التعويض عن تعذّر تأمين الإكتفاء الذاتي في مجال الطاقة من مصادر داخلية، بالحضور الفاعل في سوق الطاقة الدولي عبر الحضور المادي والإستثمار المالي، ممّا يمنحها مقدّرات مهمّة للتحكّم في سوق الطاقة العالمي.

11-الإرتباط العضوي للاقتصادات والتغيّرات المرتقبة

أصبحت الحدود غير قادرة على وقف النشاط الماليّ، وتبادل البضائع، أو انتقال الأشخاص والأفكار[55]، كما أضاف تطوّر تقنيّات الاتّصال وشبكات التواصل الاجتماعي إسفينًا جديدًا إلى بنية الحدود، التي على الرغم من استمرارها أصبحت ترشح أكثر وأكثر، مساهمة في زيادة ارتباط البشر. وقد أدّت زيادة عدد البلدان، نتيجة الانقسامات التي حصلت خلال السنوات الأخيرة، إلى زيادة طول الحدود في العالم. كما زادت مخاطر الانتقال عبر الحدود وتعقّدت إجراءاتها، بحيث أدّت زيادة التحرّك البشري إلى زيادة العوائق التي تحدّ منها. وقد تفاقم الوضع المذكور وزادت حدّته مؤخرًا مع انفجار أزمة النازحين من الشرق الأوسط بشكل عام ومن سوريا بشكل خاص، بحيث أصبحت تهدّد النموذج الأوروبي الذي تأثر باستثارة العصبيات. كما جسّد الواقع الأخير النظريّة القائلة بالتأثير الشامل للأحداث الموضعيّة. فالتغيير السياسي، قد يحفّز التغيير في القطاعات الأخرى، والتغيير الأمني، قد يزيد من درجة المخاطر الحسّية أو الافتراضيّة، والتغيير الاقتصادي يبدّل في شكل النظام العالميّ. ولا داعٍ للتكلّم على تأثير التغيير العلمي بسبب أثره الملموس على جميع أوجه الحياة.

يتوقّع أن تبقى مصادر الطاقة التقليديّة والبنية التحتيّة المستخدمة في استخراجها، إنتاجها وتوزيعها، عنصرًا رئيسًا في منظومة الطاقة العالميّة، وذلك على الرغم من الجهود التي يبذلها واضعو السياسات العالميّة لتغيير المعادلات القائمة[56]. لكنّ تعقيدات السياسة العالميّة وتزايد حدّة المنافسة والتطوّر التكنولوجي، وضعت الإستقرار العالمي على مسار طويل من التغيير، مليء بالتحدّيات، موسوم بالغموض وعدم اليقين، مما غيّر من التوازنات القائمة منذ زمن والتي قامت عليها أنظمة بعض البلدان وعلاقاتها الدوليّة بأشكالها المتعدّدة وتناقضاتها الغريبة.

تشير شبكة المصالح المعقّدة بتقاطعاتها ومعادلاتها إلى نتيجة منطقيّة تتمثّل باستمرار الولايات المتّحدة في استيراد نفط الشرق الأوسط ذي الكلفة المتدنّية، بالتوازي مع تطوير قدراتها واستثماراتها للمحافظة على الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة، بما يُبقي خياراتها مفتوحة بين أقنية الاتّصال والاستيراد من المصادر ذات الكلفة المتدنّية من جهة،[57] وبين المحافظة على قدرة داخلية أو اقليمية للتعويض عن النقص المحتمل في الامدادات. يؤمّن هذا الخيار المرونة الضرورية لأمنها القومي كما يثبّت سياستها القائمة على الهيمنة على أسواق الطاقة العالميّة، من خلال العمل على تطويق روسيا أو تقليص نفوذها كحدّ أدنى في كلّ من أوروبا الشرقية، آسيا الوسطى وسوريا[58]، عبر خلق بدائل تخفّف من تأثير روسيا في سوق النفط العالمية وطموحاتها في زيادة حصتها[59]. إضافة إلى ذلك تستمرّ الولايات المتّحدة في استدارتها نحو الشرق، محاولة فرملة تمدّد الصين في الشرق من خلال تطويق توسّعها ونشاطاتها العسكرية من جهة[60]، وفتح أقنية اتّصال مع جارتها اللدودة فيتنام التي تشكّل سوق يدها العاملة الرخيصة بديلًا مهمًّا عن اليد العاملة الصينية[61].

أظهر دفع الإدارة الأميركية باتجاه الإتفاق النووي مع إيران الهامش الواسع الذي أصبحت الولايات المتّحدة تتمتّع به في علاقاتها مع دول الخليج بشكل عام. لكنّ ذلك لا يعني أنّ سياستها في المنطقة قد تغيّرت بشكل دراماتيكي. وفي حين يربط بعض التقارير هذه الليونة بإرادة الإدارة الحالية ويصفها بالمرحلية[62]، تشير الوقائع إلى نيّة دول الخليج العربي، بقيادة المملكة العربيّة السعوديّة، بمقاومة التقارب الأميركي – الإيراني على جميع الصعد. ولا يمكن في هذا المجال حصر الخلاف بالأسباب العقائدية، حيث تشكّل العودة الإيرانية إلى سوق الطاقة والحصّة المرتقب استحواذها عليها في سوق النفط ضمن أسس الإختلاف بين الطرفين[63].

نُقل عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قوله: “يحدّد دور روسيا في سوق الطاقة العالميّ، بطرق عدّة، تأثيرها الجيوسياسي”[64]. يلخّص هذا القول النظرة الروسيّة الحاليّة والمستقبليّة للطاقة، ودورها في السياسة والاقتصاد. وقد أثبتت روسيا أنّها لا تهادن عندما يتعلّق الأمر بمصالحها الاستراتيجيّة، فكيف لا تستعمل الطاقة كأداة، عندما تمتلك أحد أهمّ شرايين الطاقة الأوروبيّة؟ تشير التطوّرات الحالية إلى استمرار التشدّد الروسي في السياسة القائمة على تأمين الحضور الفاعل في سوق الطاقة الدوليّة، حتّى ولو أدّى ذلك إلى التدخّل العسكري حيث تريد أن تحتفظ بمكانتها الحاليّة، لا بل أن ترفع من شأنها، من خلال المحافظة على تحكّمها في أسواق الطاقة الأوروبيّة بشكلٍ خاص[65]. تشكّل هذه العوامل مجتمعة، أسبابًا هامّة للعدائيّة السياسيّة، الديبلوماسيّة، والعسكريّة، التي تميّزت بها المقاربات الروسيّة خلال السنوات الأخيرة والمتوقّع استمرارها خلال السنوات المقبلة.

أمّا في الصين، فيمكن ملاحظة تغيّر جوهري في الاستراتيجيّة المتّبعة في تعاملها مع محيطها وفي سياستها الدوليّة. فبعد عقود من المسايرة واعتماد مقاربات مسالمة، بدأت الصين خلال العقد الأخير سياسة مشاكسة، إقليميًا ودوليًا، حيث تعتبر أنّ المحافظة على معدّلات نموّها تتطلّب منها رفع حجم تجارتها الآسيويّة إلى تريليون دولار سنويًا بحلول العام 2020 [66]، الأمر الذي تعثّر خلال العامين المنصرمين. وتشكّل المناورات التي تجريها الصين مؤخّرًا في المناطق المتنازع عليها مع اليابان وتحرّشها المستمر بجيرانها، أحد أهمّ مؤشّرات التململ الإقليمي بهدف فرض السيطرة على المنطقة بشكل عام وبحر الصين بشكل خاص. كما يعتبر حلفها الاستراتيجي مع روسيا من خلال تغيير مقارباتها الدبلوماسيّة في الشرق الأوسط، أميركا الجنوبيّة وأفريقيا، بالإضافة إلى مواقفها في مجلس الأمن، في صلب طموحاتها لزيادة أسواق التصريف لديها وتوسيعها من جهة، وتأمين حرّية وصولها إلى منابعِ الطاقة من جهة أخرى.

الخاتمة

تغيّرت خريطة توزّع مصادر الطاقة على الصعيد العالمي خلال العقد الأخير، بالتوازي مع تغيّر كبير في أنماط الاستهلاك للعديد من الاقتصادات الناشئة. تترافق هذه التغيّرات مع تطوّر معدّلات استهلاك الطاقة المتجدّدة، وتزايدها واستمرار الأبحاث والاستثمارات في مجالات البحث عن طرق جديدة، بهدف التحرّر من التبعيّة الاقتصاديّة، مما يسمح بزيادة مستوى الاستقلاليّة السياسيّة للدول والكيانات. وفي هذا الإطار، تطوّرت مصادر الطاقة، كما تغيّرت النظرة الاستهلاكيّة في الوعي الاجتماعي والسياسي، التي كانت تركّز على المدى القريب، لتشمل التخطيط للمستقبل البعيد. إلّا أنّ هذا التطوّر لم يكن حكرًا على النفط، بل تعدّاه إلى استعمالات الطاقة المتجدّدة، الوقود الأخضر والاستعمالات الأمثل. وتعلّق آمال كبيرة على إيجاد مصادر طاقةٍ جديدة، وعلى زيادة إنتاجيّة المصادر المتجدّدة من الطاقة، من خلال إيجاد تقنيّات جديدة تسمح باستثمارها بشكل أكثر فعاليّة وتخفّف من الاعتماد على المصادر التقليديّة. كما يتوقّع أن يستمرّ الوقود الأحفوري في طليعة مصادر الطاقة، نظرًا لتزايد الطلب العالمي، وعدم كفاية مصادر الطاقة الأخرى. ويحتلّ هذا الوقود مركزه، نظرًا لنضوج التكنولوجيا والمعرفة اللازمتين لاستخراجه، ولانتشارهما في جميع أنحاء الأرض. غير أنّ المصادر التي كانت تقتصر على النفط السائل، أصبحت أكثر تنوّعًا بسبب اكتشاف احتياطات جديدة من الغاز الطبيعي والنفط الصخري، ممّا سيعيد رسم خريطة الاحتياطات العالميّة من خلال إعادة احتساب المعادلات التي أرست التوازنات المعتادة منذ منتصف القرن الماضي. هذا وتشكّل المصادر الجديدة من الطاقة، التي يتمّ اكتشافها واستثمارها، في البلدان التي لا تحتوي على موارد تقليديّة بشكلٍ خاص، فرصةً لهذه البلدان من أجل التقليل من اعتمادها على بلدان أخرى في أمن الطاقة. هذا الأمر من شأنه أن يخفّف من الأعباء المفروضة على مجتمعاتها، ويسمح لها بالاستثمار في الداخل، بالإضافة إلى التخفيف من ارتهانها الاقتصادي والسياسي للخارج. كما تشكّل الاكتشافات الجديدة وإعادة توزيع بعض الأدوار من خلال شكل الصراعات الناشئة في الشرق الأوسط، بالتوازي مع عودة المارد الروسي إلى الساحة الدوليّة، والاستدارة الأميركيّة نحو المحيط الهادئ، أحد مؤشرات إعادة رسم خريطة العلاقات الدوليّة، بما ينعكس تغييرات في مناطق أو بلدان كانت بمنأى عنها لمدّة من الزمن ويعدّل في الثوابت الجيوسياسية التي سادت في الماضي القريب.

إلى ذلك انقسم العالم إلى عدّة معسكرات؛ من جهة توجد أقاليم الإنتاج، ومن جهة أخرى نجد أقاليم الاستهلاك. لكنّ الأمر ليس بالبساطة التي يبدو عليها. فأقاليم الإنتاج ليست بالضرورة مستفيدة من النتائج الإيجابيّة، حيث عانى العديد منها الآثار المدمّرة الناتجة عن صراع القوى العالميّة للسيطرة على المنابع، بهدف تأمين استمرار تدفّق النفط، والتحكّم بالاستثمارات والأرباح الناتجة عن استغلالها. كما أرست التوازنات التي تأسّست بعد الحرب العالميّة الثانية المشهد الجيوسياسي الذي تعوّدنا عليه من تحالفات وأنظمة وصراعاتٍ مباشرة أو بالواسطة. فهل ستؤدّي التحوّلات في خريطة مصادر الطاقة إلى تغيير بعض المعادلات التي سادت لفترة من الزمن، بخاصّة إذا ما عطفت آثار التغييرات في الخريطة على المشهد السياسي العالميّ المتوتّر، مما سيشكّل لوحة تكون عبارةً عن مرحلة انتقاليّة بين الوضع الحالي والوضع الغامض بعد العام 2035؟

فلننتظر ونرَ…


[1]–     World oil outlook, OPEC, 2015, Page 56

[2]–     Sarah Ladislaw, Maremn Leed, Molly Walton, New Energy, New Geopolitics, CSIS, USA, 2014, Page 7

[3]–     John Twidel and Tony Weir, Renewable Energy Resources, Taylor & Francis, 2nd Edition, USA & UK, 2006, P 237

[4]–     Hydropower, available from: http://www.iea.org/topics/hydropower

[5]–          :Renewable energy essentials, Hydropower, IEA, available from

www.iea.org/publications/freepublications/…/Hydropower_Essentials.pdf

[6]–     المرجع السابق.

[7]–     Coal information, available from http://www.worldcoal.org/coal

[8]–     Energy resources, Coal, 20/11/2011, available from http://www.worldenergy.org/data/resources/resource/coal

[9]–     Coal information، مرجع سبق ذكره.

[10]–    Energy in brief, US Energy Information Administration, 16/8/2013, available from http://www.eia.gov/energy_in_brief/article/role_coal_us.cfm

[11]–    Electricity production from oil sources, available from: http://search.worldbank.org/data?qterm=Electricity

[12]–    World oil outlook, OPEC, 2013, Page 76

[13]–    Matthieu Burnand-Galpin, Chandima de Silva, Eran Diler et John Fleuri, L’energie nucleaire en France, avaliable from http://www.arxam.com/tpe-historique.html, internet, accessed on 22/11/2013

[14]–    Nuclear Energy Roadmap, available from: www.iea.org/publications/freepublications/…/nuclear_foldout.pdf

[15]–    المرجع السابق

[16]–    International Energy Statistics, available from http://www.eia.gov/countries/data.cfm

[17]–    Electricity Production from Natural Gas Sources, available from http://search.worldbank.org/data?qterm=gas&language=EN

[18]–    حسين عبداللـه، الغاز الطبيعي وقود الغد في انتظار سياسة منسّقة عربيًا، المعهد العربي للتخطيط، متوافر على الموقع: http://www.arab-api.org/images/publication/pdfs/146/146_j1-2.pdf، ص 5.

[19]–    Sarah Ladislaw, Maren Leed, Molly Walton, New Energy New Geopolitics, CSIS, USA, 2014, page 6

[20]–    Shale oil: the next energy revolution, PWC, February 2013, page 1

[21]–    Shale Oil, 20/12/2013, available on http://en.wikipedia.org/wiki/Shale_oil#Extraction_process

[22]–    Shale oil: the next energy revolution، مرجع سبق ذكره، ص 2

[23]–    Lisa Hyland, Sarah Ladislaw, David Pumphrey, Frank Verrastro & Molly Walton. Realizing the Potential of US Unconventional Natural Gas, CSIS, USA, 2013, Page 7

[24]–    Shale oil: the next energy revolution، مرجع سبق ذكره، ص 4-5

[25]–    Plunging prices hve neither halted oil production nor stimulated a surge in global growth, The Economist, 23/1/2016, available from: http://www.economist.com/news/briefing/21688919

[26]–    Biomass for power generation, available from: www.iea.org/techno/essentials3.pdf

[27]–    Biofuel & biomass power, available from: www.iea.org/media/workshops/2011/egrd/Spitzer.pdf

[28]–    John Twidell & Tony Weir، مرجع سبق ذكره، ص 352.

[29]–    Hybrid Systems, available from: http://www.urbangreenenergy.com/hybrid-systems

[30]–    ِAvailable Solar Energy, available from: http://www.mpoweruk.com/solar_power.htm

[31]–    Countries leading the world in solar energy, available from: http://www.techinsider.io/best-solar-power-countries-2016-3

[32]–    Renewable electricity generation by fuel type, Annual energy report outlook, eia, 2015, page 25.

[33]–    John Twidell & Tony Weir، مرجع سبق ذكره، ص401.

[34]–    :L’energie houlomotrice, available from

http://www.mtaterre.fr/dossier-mois/chap/1105/L-energie- houlomotrice%C2%A0-recuperer-l-energie-des-vagues

[35]–    Tidal power, available from: http://home.clara.net/darvill/altenerg/tidal.htm

[36]–    :L’energie des marées, available from

http://www.mtaterre.fr/dossier-mois/archives/chap/1104/Une-energie-marine-bien-developpee%C2%A0-l-energie-des-marees

[37]–    Etat de l’eolien, available from: http://www.notre-planete.info/ecologie/energie/energie-eolienne

[38]–    Wind energy statistics & targets, available from: http://www.ewea.org/wind-energy-basics/facts

[39]–    John Twidell & Tony Weir، مرجع سبق ذكره، ص263.

[40]–    Annual energy outlook 2015، مرجع سبق ذكره، ص7.

[41]–    Jean- Michel Bezat, Le passé pour avenir, Le Monde, 4/10/2006, available from: http://www.lemonde.fr/import/article/2006/10/04/le-passe-pour-avenir_819669_3544.html

[42]–    .Report of the World Summit on Sustainable Development, UN, South Africa, 2002, Page 137

[43]–    Ban key Moon, Promotion of new and renewable sources of energy, United Nation General assembly, New York, 2011, P3

[44]–    Global energy statistical yearbook 2015, available from: https://yearbook.enerdata.net

[45]–    منال نحاس، العالم في مرحلة إنتقالية قد تنتهي إلى حرب عالمية أو تغيّر في الخريطة الجيوسياسية، جريدة الحياة، 25/12/2013.

[46]–    Venezuela facts & figures, available from: http://www.opec.org/opec_web/en/about_us/171.htm

[47]–    Jono Hunt, Brazil’s clean energy revolution, 2/4/2012, available from: http://www.geopoliticalmonitor.com/brazils-clean-energy-revolution-info-graph-4652

[48]–    Raphael Metais, Ensuring energy security in Europe, College of Europe, 03/2013, available from: aei.pitt.edu/42924/1/edp_3_2013_metais.pdf

[49]–    التخلي عن الطاقة النووية، متوافر على الموقع: http://www.tatsachen-ueber-deutschland.de/ar/environment-climate-energy/startseite-klima/phasing-out-nuclear-power.html

[50]–    Aad Correlj, Coby van der Linde, Energy supply security and geopolitics: A European perspective, available from: http://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0301421505003095

[51]–    Tancrède Josseran, Florian Louis, Frédéric Pichon, Géopolitique du Moyen Orient, Puf, Paris, première édition, 2012, P77.

[52]–    Eastern Africa to become a major player in energy geopolitics, 25/3/2013, available from: http://www.euractiv.com/development-policy/east-africa-major-player-energy-news-518667

[53]–    سلمان محمد أحمد سلمان، سدود أثيوبيا وملف نزاعات النيل، متوافر على الموقع: http://www.gash-barka.com/index.php/documents/studies-and-research/112-ethiopia-dams-and-file-disputes-waters-of-the-nile-part-ii

[54]–    Alex HE, China & global energy governance under the G20 framework, Gigi papers, China, 2016, Page 14

[55]–    Pascal Boniface، مرجع سبق ذكره، ص 163.

[56]–    Frank A Verrastro, Sarah Ladislaw, Matthew Frank & Lisa a Hyland, The Geopolitics of Energy, CSIS, USA, Washington DC, October 2010, PP 9-13

[57]–    Arthur E Berman, Oil-prone shale plays: The illusion of energy independence, ASPO USA 2012 conference, available from: tv.peak-oil.org/…/Berman-ASPO-USA-2012-Conference-Oil

58]–    USA-Russia gas war, available from: http://www.softpanorama.org/Skeptics/Financial_skeptic/Energy/gas_war.shtml

[59]–    The European division over Nord stream 2, availale from: https://iakal.wordpress.com/2015/12/04/the-european-division-over-nord-steam-2/

[60]–    China says US “militarizing” South China sea, available from: http://www.grandforksherald.com/news/politics/3808025-china-says-us-militarizing-south-china-sea

[61]–    أوباما في هانوي، رسائل من الخاصرة الصينية، جريدة الأخبار اللبنانية، العدد 2894، 25/5/2016، الصفحة 17.

[62]–    Don Liebich, Will the Iran deal change the geopolitics of the ME? Foreign Policy journal, available from: http://www.foreignpolicyjournal.com/2015/09/08/will-the-iran-nuclear-deal-change-the-geopolitics-of-the-middle-east/

[63]–    http://www.aljazeera.com/news/2015/12/oil-price-iran-saudi-economy-151221073412010.html

[64]–    Roman Kupchinsky, “LNG – Russia’s New Energy Blackmail Tool”, Eurasia Daily Monitor, 22/4/2009, available from http://www.jamestown.org/archives/rueureview/re

[65]–    Matthew Hulbert, The Vital Relationship: Why Russia needs Qatar (& Qatar could use Russia), European Energy Review, available from: http://www.europeanenergyreview.eu/site/pagina.php?id=3607

[66]–    Phuyong Nguyen, China’s Charm offensive signals a new strategic era in Southeast Asia, avalilble from: http://csis.org/publication/chinas-charm-offensive-signals-new-strategic-era-southeast-asia

 

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button