دراسات سياسيةنظرية العلاقات الدولية

مناهج دراسة السياسة الدولية

يمكن رصد عدة مناهج أساسية

  1. منهج التاريخ الدبلوماسي: يركز على الإحداث السياسية وليس التطورات الاقتصادية والاجتماعية، ويركز على رصد وليس تفسير السياسة الدولية، يعرض سلسلة متصلة من الحلقات والإحداث ولكنها منعزلة عن إطارها الأوسع، أمثلة كتاب فيشر: تاريخ أوروبا في العصر الحديث.
  2. المنهج الأيديولوجي: يفسر السياسة الدولية من منظور أيديولوجي، مثل الأيديولوجية الماركسية اللينينية التي ترى أن تطور التاريخ هو عملية جدلية ناشئة عن الصراع الطبقي وعملية مرتبطة باسلوب الإنتاج، فهو يعرض الأحداث التاريخية من خلال الانتقال من مرحلة الشيوعية البدائية إلى مرحلة الإقطاعية فالرأسمالية، فأن لينين في مؤلفه الاستعمار أعلى مراحل الرأسمالية ركز على تطور الصراع الطبقي الدولي حول الموارد وعلى التطور التاريخي للرأسمالية. وهناك كتاب لمجموعة من المنظرين السوفيات بعنوان أسس الاشتراكية العلمية 1969 يؤكدون مرور الرأسمالية بثلاثة أزمات منها في النصف الثاني من القرن العشرين التي تشهد أفول الرأسمالية. وهناك كتاب محمد الشناوى بعنوان الدولة الإسلامية: دولة إسلامية مفترى عليها، حيث يعرض تطور السياسة الدولية من منظور المؤامرة الدولية على الدولة العثمانية وعلى الإسلام.
  3. منهج القوى الكبرى: كل حقبة تسيطر فيها قوة كبرى أو ائتلاف من مجموعة من القوى الكبرى، فهو تطور السياسة الدولية من خلال تعاقب صعود وسقوط القوى الكبرى لفهم أسباب ومحددات هذا الصعود والسقوط، فالثورة الصناعية أدت إلى صعود بريطانيا في القرن 19، ومع نهاية القرن 19 تراجعت أوروبا بسبب الحربين العالميتين الأولى والثانية وأدى ذلك إلى صعود الولايات المتحدة، ثم جاء كتاب بول كندي : صعود وسقوط القوى الكبرى عام 1987 خير تعبير عن هذا المنهج لفهم تطور السياسة الدولية.
  4. منهج الدورات التاريخية الكبرى: هذا المنهج هو استطراد لمنهج القوى الكبرى مع إضافة جوهرية أساسها هو النظر إلى العملية التاريخية باعتبارها عملية كبرى تتم عبر دورات كبرى، تتميز كل منها بهيمنة قوة كبرى ووجود متحدى رئيس لهذه القوة. هذه الدورات هي: الدورة البرتغالية (1494- 1560) اسبانيا هي المتحدى الرئيسي. الدورة الهولندية (1580-1660) فرنسا هي المتحدى، الدورة البريطانية الأولى (1688-1763) وتحدتها فرنسا، الدورة البريطانية الثانية (1792-11873) وتحدتها ألمانيا، ثم الدورة الأمريكية منذ سنة 1914، وكان الاتحاد السوفيتي هو الدولة المتحدية.
  5. منهج التاريخ العالمي للأنساق الدولية: يفترض هذا المنهج أن النسق الدولي هو الظاهرة المحورية في السياسة الدولية، ويهدف لبلورة نظرية شاملة للعلاقات الدولية تستند إلى رصد وفهم الأنساق الدولية التي نشأت وتطورت خلال 5 الآلف سنة. وقد طرح بيوزان وليتل في كتابهما الأنساق الدولية في التاريخ العالمي، رؤية للنسق الدولي باعتباره متضمنا عدة عناصر هي الوحدات، والقدرة التفاعلية، والعمليات البنية.
  6. منهج الواقعية السياسية: فالسياسة الدولية صراع بين القوى الكبرى للحصول على مصادر القوة، فالنظام الدولي نظام فوضوي يفتقر إلى نقطة توازن لعدم وجود سلطة عليا تنظم حركته. الدولة هي القوى الوحيدة التي تمتلك مصادر القوة، موضوعاتها: الحروب والأحلاف الدولية. أمثله على المنهج كتاب لبيير رونوفان، تاريخ العلاقات السياسية الدولية، وكتاب سمعان بطرس، العلاقات السياسية الدولية في القرن العشرين.
  7. منهج التحليل الكمي للسياسة الدولية: الباحث يبدأ بهذا المنهج بفرضية نظرية معينة، ثم تجميع الوقائع التاريخية من ميدان السياسة الدولية، تحويل الوقائع إلى أرقام إحصائية تجمعيه، إجراء الاختبارات الكمية على تلك الأرقام. وفي بعض الحالات، يبدأ الباحث برصد وتحليل البيانات التاريخية الإحصائية ثم استخلاص النتائج من تلك البيانات. مثال اختبار العلاقة بين الأحلاف الدولية، ونشوب الحروب. بمعنى هل يؤثر عدد الأحلاف الدولية في النسق الدولي على احتمال نشوب الحروب بين الدول الداخلة في الأحلاف. اختبر سينجر وسمول الفترة 1815-1945 في القرن 19 ، ووجد الباحثان أن زيادة عدد الأحلاف الدولية في القرن 19 كان مرتبط بتناقص عدد الحروب الدولية، بينما أدت زيادة تلك الحلاف في القرن العشرين إلى زيادة عدد الحروب. كذلك درس ولاس العلاقة بين سباق التسلح واحتمال نشوب الحروب من 1820-1964 انتهى سباق التسلح بحروب. هذا المنهج جسر الفجوة بين التاريخ السياسي والعلاقات الدولية.

منهج النسق الدولي لدراسة السياسة الدولية

هذا المناهج السابقة تتفاوت في اقترابها لدراسة ظاهرة السياسة الدولية، لكن منهج النسق الدولي الذي ينطوي على أربعة عناصر رئيسية يكمن في رصد وتبويب وفهم واقع السياسة الدولية في مرحلة معينة وتفسيره، وهذه العناصر هي:

  1. الوحدات: فاعلين يقوموا بادوار معينة داخل نسق كلي أو فرعي.
  2. البنيان: يتضمن توزيع المقدرات ومبدأ الترتيب في النسق، فالبنيان يجعل من النسق وحدة مترابطة ويحدد العلاقات التفاعلية بين وحدات النسق.
  3. المؤسسات: التنظيمات الدولية والقواعد القانونية التي تنظم سلوك الفاعلين الدوليين.
  4. أنشطة سياسية تتم في النسق الدولي في أطار الهيكل والمؤسسات مثل عمليات الحرب الباردة والانفراج الدولي وتوازن القوى (حلف إيران تركيا البرازيل).

يتأثر التفاعل ب 1- التطور التكنولوجي كصعود بريطانيا بسبب الثورة الصناعية.

                 2- العلاقات الحضارية الثقافية (العداء بين روسيا والدولة العثمانية) (العداء العثماني الفارسي – سني/ شيعي)

وسنتعرف على العناصر الرئيسية للنسق وعلاقتها بالسياسة الدولية

أولاً: الوحدات الدولية: لكل مرحلة هناك قوى فاعلة، وقوى جديدة وقوى تختفي وظهور أنماط جديدة، ففي القرن 19 يتميز في كون الدولة هي الفاعل الوحيد في النسق الدولي.

سيطرة عدد محدد من الدول على النسق الدولي (بريطانيا فرنسا وروسيا وألمانيا النمسا) مما أعطى السياسة الدولية طابعا أوروبيا. ومنذ نهاية الحرب العالمية الأولى بدأت تظهر المنظمات الدولية وحركات التحرر والشركات الدولية، وظهور دول جديدة مثل اليابان والولايات المتحدة والدول الأفريقية والأسيوية.

    هناك علاقة بين عدد الفاعلين في النسق الدولي على درجة استقرار النسق واحتمالات الحرب.

    والتز (علاقة طردية) كلما قل عدد الفاعلين يقل عدد احتمال الحرب ويزداد الاستقرار، فكلما قل عدد الوحدات يسهل تحديد نقاط الخلاف والاتفاق.

    دويتش وسينجر() زيادة عدد الفاعلين يزيد من استقرار النسق، وزيادة عدد الفاعلين يزيد من حجم التفاعل، ويشتت الانتباه الذي يوجهه كل فاعل للأفراد، فإذا تشتت الانتباه قلت الحساسية، كلما زاد عدد الفاعلين كلما قلت نسبة الانتباه الموجهة إلى فاعل دولي واحد. إذا ازداد عدد الفاعلين الدوليين وتعدد الكتل الدولية، فان احتمالات الصراعات الدولية المحدودة تزداد، لكن احتمالا الحروب الشاملة تصل إلى حد كبير، ما لم يمتلك الفاعلين أسلحة نووية.

ثانيا: البنيان الدولي.  ترتيب وحدات النسق الدولي في علاقاتها ببعضها البعض، ويتحدد البنيان على كيفية توزيع المقدرات (نمط توزيع الموارد الاقتصادية، نمط توزيع الاتجاهات).

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى