دراسات سياسية

حراك الشعب وجيشه

بقلم الدكتور علي لكحل – جامعة الجزائر 3 كلية العلوم السياسية و العلاقات الدولية

الحراك هو حركة الشعب وجيشه وأي محاولة لوضح حدود فاصلة بين طرفي المعادلة محاولة يائسة تشير إلى مايلي:
اولا: فريق غابت عنه المعلومات وليست له علاقة بفهم الوضع السياسي بالبلاد، بفعل الانسحاب من الحياة السياسية او الاقتناع بعدم جدوى المشاركة في الحياة السياسية.
ثانيا:فريق لم يقرأ خطابات قائد الجيش التي تؤكد حماية الحراك من العصابة والاختراق وغيرها. والخطابات منشوره ومشهوره لمن أراد أن يلق السمع أو البصر.
ثالثا: فريق متحامل على القيادة الحالية للجيش، ويحاول فصل الوصل بين الشعب وجيشه تحت مبرر مكشَوف أن القيادة لاتمثل الجيش، وهم يدركون أن خطابات قائد الجيش هي محصلة معلومات الجيش وتصوره للاحداث وخبرة المستشارين من حوله في المؤسسة.
وعليه فالحراك هو حركة شعب وجيش، ولذلك قدم الدكتور أحمد طالب الابراهيمي الشكر للمؤسسة العسكرية والاسلاك الأمنيه على الدور الذي قامت به، وفي بيانه ادانة ضمنية لأي انحراف يستهدف الفوضى ومغالطة الرأي العام.

حراك النخب
اليوم أدركنا حاجة التخصصات العلمية للعلوم الاجتماعية وعلى رأسها القانون وعلم السياسة. فحينما جمع المهندس مالك بن نبي بين العلوم الاجتماعية والتقنية، انتج ظاهرة الوعي الحضاري الذي يميز بين العدَو والصديق، وبين الافكار المعلبة المستوردة والفكرة الحضارية المحلية.
وندرك اليوم أيضا حاجة المتخصصين في العلوم الاجتماعية للممارسة السياسية، التي تنزل بهم من موقع الارسطوقراطية الثقافية الافلاطونية، لمنازلة الواقع ومقارعة الصعاب الحقيقية في ممارسة السياسة لعلنا نصل لبعض القيم والقوانين التي تحكم المجتمع الجزائري لا ان نستورد نظريات وظفت لدراسة مجتمعات لها خصوصيتها، ثم نحاول من خلالها فهم انفسنا من خلال الآخر، وهو نوع من المثاقفة المحنطة التي تقفز على حقيقة المجتمع وتنتج أفكارا معلبة لا علاقة لها بواقعنا ولا بتوازنات القوة في مجتمعنا.ولذلك تحتاج النخبة الى مزيد من الجهد والكشف والمصارحة في اطار الاحترام المتبادل. وماتقدمت به بعض الشخصيات اختلفنا معه او اتفقنا هو اللبنة الاولى في البناء.
1_مبادرة ماسمي الجبهة الوطنية للحل الدستوري
2_ مبادرة الدكتور طالب الابراهيمي
3_خريطة طريق الجيش
4_مبادرة الحل الانتقالي
4_ مبادرات العديد من الشخصيات والافراد على مختلف مشاربهم.

اعتقد أنها مبادرات لتمثيل الافكار التي تبناها الرأي العام. وقد افضت هذه المبادرات الى بروز ثلاث تيارات رئيسية ستشكل مستقبل الحياة السياسية في الجزائر. الاول:التيار النوفمبري يستمد ادبياته من بيان اول نوفمبر ومن الطبيعي ان يكون الجيش العنصر الاساسي في هذا التيار.
الثاني: التيار الباديسي وعبرت عنه مبادرة الدكتور طالب الابراهيمي. ويستمد ادبياته من رصيد جمعية العلماء المسلمين وتجربة الاسلام السياسي بشكل عام.
الثالث: التيار العلماني ويسعى لميلاد جمهورية ثانية، مايؤكد ان خلافه مع التيارين الاول والثاني هو خلاف جوهري وجودي وليس تقني يتعلق بتنظيم العملية الديموقراطية فهناة صراع حقيقي حول القيم التي تحكم المجتمع.
كان يفترض بعد الاستقلال ان تبنى الدولة على قيم اول نوفمبر، ديموقراطية_ اجتماعية_. ضمن اطار المبادئ الاسلامية وهو بند كاف للتوافق حول القيم التي تحكم الجمهورية.
لكن ظلت هذه القيم تتصارع ولايفصل بينها لا مسيرات الشوارع ولا هتافات الجماهير وانما تفصل بينها الصناديق.
واذهب الى ان الرئاسيات تقدمت او تأخرت ستقودنا نحو تحالف نوفمبري باديسي في مواجهة مرشح علماني.
وعليه لابد من ترك المجال للنخب المعنية بهذا السجال للتدافع الفكري الهادئ الهادف، وهذا يستدعي تحييد خطاب العاطفة وضجيج الكلمات الجارحة التي يقطع فيها الانسان شعرة معاوية مع الآخرين، وتجعله غير قادر علي العودة من الطريق التي زرعها بالأشواك حين تتضح الرؤية جيدا ويدرك الناس حقيقة الأشياء.
لقدمنع النظام ظهور نخب لعقود فلا تكرروا نفس توجهه بهجومكم على المبادرات والاراء.
عبر استاذنا البروفيسور سليم قلالة وهو من أفضل أساتذة العلوم السياسية المتخصص في الاستشراف والدراسات المستقبلية، والذي تستكتبه مراكز دراسات عربية واجنبية، فقامت الدنيا ولم تقعد، بينما كان يمكن ان تدفع الفكرة بالفكرة دون الإساءة.
تقدم استاذي البروفيسور عمار جيدل من جامعة العلوم الاسلامية مع ثلة من الاساتذة بمبادرة أخرى تحت مسمى منتدى الحراك الثقافي وهي تحتاج ايضا الي قراءة وتشجيع.
ساهموا بمبادراتكم المنطلقة من عالم الافكار لأن الامم الراقية لاتبني فلسفتها وارائها من عالم الاحداث المتسارعة. وكم من حدث كتبت فيه. الاف الدراسات وانتهى بعد مدة لتفسيرات مخالفة للجهد الفكري الذي تم تضييعه لسنوات. فوراء الاحداث فلسفات و مصالح لاتتضح الا في وقت معين.

القيم التي تحكم المجتمع
بدت الحاجة اليوم أيضا الى ضرورة ة الاتفاق على الحد الادنى من القيم التي تحكم المجتمع، فلا اتفاق على الديموقراطية إذا لم نتفق على القيم التي تحكم المجتمع، والا قادنا كل فريق الى الجمهورية التي يومن بها كلما وصل الى السلطة.
ففريق يدعو للحفاظ على الجمهورية مع تعديلات دستورية عميقة. هدفها احداث توازن بين السلطات بفعل استحواذ االسلطة التنفيذية على صناعة القرار.
وفريق اخر يدعو لبناء جمهورية ثانية تعاود مراجعة البناء. من أساسه بما في ذلك القيم والثوابت التي يقوم عليها المجتمع.
قيادات بديلة
بدت الحاجة أيضا الي ضرورة الانخراط الواسع للشباب في الحياة السياسية لإفراز قيادات بديلة بعد أن عمدت السلطة على منع ظهورها لسنوات خلت. حتى تحققت مقولة المرحوم عبد ااحميد مهري اين قال:
(سيأتي اليوم الذي تبحث فيه السلطة عن معارضة نزيهة ومسؤولة لتخمد به أي غضب شعبي ولن تجدها ).
فكما ندعو للتداول على السلطة ندعو أيضا لللتداول القيادي على الاحزاب لإفراز قيادات جديده قادرة على تجاوز الصراعات التاريخية للنخب والتي وجدت لزمن غير زمن هذا الجيل من الشباب.

العميقة والعريقة
وتظهر الحاجة اليوم أيضا الى تكتل نخب الجزائر العريقة امام تكالب نخب الجزائر العميقة، ليس للانتقام والتشفي وانما لكون حركة الحياة تحتاج لهذا التدافع الذي يشكل سنة من سنن الكون التي يشكل غيابها تهديما وتهديدا للمجتمع.
الحاجة اليوم ماسة لمعركة كبيرة في مجال الوعي فلم نعد نفرق بين رأي باحث مختص وعامة المعلقين في جدران المواقع الاجتماعيةوالتدخلات الاعلامية. وإنه لشيء يدعو الى الالم ان تقرع آذاننا اصوات متشابهة اللغة والتفكير والتعاليق بالرغم من الفروق في المستوى التعليمي،، الامر الذي يشير إلى قدرة الدولة العميقة على توظيف الفضاء الازرق واختراق مساحات المحتجين لتمرير رسائل سلبية.
وعليه عالجوا قضايا الفكر بهدوء بعيدا عن لغة. التخوين و احذروا مايخطط من عمليات الاستغباء ومن الاختراق والاحتراب. وتكتلوا حول القيم الوطنيه، واحذروا ان تكونوا جنودا لعدوكم وانتم لاتعلمون.
هذا حراك الشعب وجيشه والعاملون على الفصل بين الموصولين، لايدركون حقيقة هذا الوصل والايام ستفاجئ الجميع.

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى