القاموس السياسيالقاموس القانونيدراسات سياسيةدراسات قانونية

أحكام عرفية – Martial law

قد تصاب الدول بالأزمات التي تهدد كيانها بأكمله كالحروب والكوارث الطبيعية أو اختلال في الأمن العام، فتجد السلطة التنفيذية المكلفة بالمحافظة على وجود الدولة وأمنها، عاجزة عن مواجهة تلك الظروف، فتظهر حاجة الإدارة إلى اختصاصات جديدة تضاف إلى صلاحياتها وسلطاتها، بما يؤدي إلى توسيعها بما يتناسب مع تلك الظروف، وأمام ذلك تعلن الدولة حالة الأحكام العرفية أو حالة الطوارئ.

ويرى بعض الفقهاء أن الأحكام العرفية والطوارئ مصطلحان لمعنى واحد، في حين يفرق البعض الأخر بين المصطلحين. ولكن يرى أغلب الفقهاء أن حالة الطوارئ هي النظام الذي حل محل الأحكام العرفية وعليه فكلا المصطلحان هما نفس الشيء، وعلى سبيل المثال ما أقرته الدساتير المصرية منذ عام 1923 والقوانين المعدلة منه، وقد استعملت عبارة حالة الطوارئ بدلا من عبارة الأحكام العرفية.
أما من فرق بين النظامين إستنادًا إلى طبيعة كلا النظامين فقد فرق طبقاً لأن نظام حالة الطوارئ هو نظام سياسي، أما الأحكام العرفية فهي نظام عسكري.

أما بالنسبة لتعريف الأحكام العرفية:

فالأحكام العرفية هي تلك القوانين التي تصدر عندما تخضع السلطة المدنية في الدولة بشكل استثنائي للسلطة العسكرية ويكون ذلك من أجل صد الغزو أو عندما تفشل الإدارة المدنية بتأمين الأعمال الخاصة بالحكومة.

وبما أن القانون لا يسن أو يصدر لذاته وإنما لتنظيم الحياة الاجتماعية فلا يجوز أن يؤدي إلى نتائج عكسية ومناقضة للمصالح التي وجد من أجل صونها وحمايتها إذ تحدث في بعض الأحيان ظروف استثنائية طارئة لا تسمح بإحترام القواعد القانونية العادية وتأمين السير الطبيعي للمرافق. والمحافظة على النظام العام في المجتمع. وفي هذه الحالة تعلن حالة الطوارئ طبقا لهذه الظروف الاستثنائية.

ويقصد بالظروف الاستثنائية: مجموعة الحالات الواقعية التي تنطوي على أثر مزدوج متمثل في أولها وقف سلطات القواعد القانونية العادية بمواجهة الإدارة ويتمثل ثانيهما في بدء خضوع تلك القرارات لمشروعية استثنائية خاصة يحدد القضاء الإداري فحواها ومضمونها.

يحدد الدستور عادة الجهة المسؤولة عن إعلان حالة الطوارئ والحالات التي يسمح بها إعلان حالة الطوارئ وهي الحالات التي بشكل عام تعرض سلامة وأمن البلد لمخاطر ناتجة عن:

– الكوارث سواء كانت طبيعية أو بشرية.

– حالات الشغب والعصيان المدني.

– حالات النزاع المسلح سواءً كانت داخلية مثل الحرب الأهلية، أو خارجية كالاعتداء على حدود الدولة.

أنواع حالة الطوارئ:

يقسم الفقه حالة الطوارئ إلى نوعين:

– حالة الطوارئ الحقيقية.

– حالة الطوارئ السياسية.

أما حالة الطوارئ الحقيقية وتسمى كذلك: (حالة الطوارئ العسكرية) أو (الأحكام العرفية العسكرية) وهذه الحالة لا تعلن إلا نتيجة قيام حرب بين دولتين أو أكثر وتقوم على أماكن الحرب التي يحاصرهما العدو.

يترتب على إعلان حالة الطوارئ الحقيقية نتائج خطيرة بحيث يملك القادة  العسكريون في هذه المناطق سلطات خطيرة تبيح لهم تعطيل الدستور والقوانين في هذه الأماكن والاعتداء على حقوق الأفراد وحرياتهم بالقدر الذي يتطلبه منع أغراض الغزو والحماية من الاحتلال.

أما حالة الطوارئ السياسية أو الصورية: وتسمى كذلك (الأحكام العرفية السياسية)، وهي تعلن بواسطة السلطة التنفيذية في كل البلاد أو في جزء منها. وذلك عند قيام خطر داهم يهدد أمن وسلامة الدولة، مثل التهديد بوقوع حرب أو قيام اضطرابات داخلية كحالة الفيضان، أو وقوع كارثة عامة أو انتشار وباء. إذ تعجز الدولة وقوانينها العادية عن مجابهة الحالة وتنفيذ حكم القانون بالأساليب المعتادة .

ويهدف نظام (حالة الطوارئ السياسية) أو(الأحكام العرفية السياسية) إلى تقوية السلطة التنفيذية، لذلك فهو يمنحها سلطات خاصة بعضها من اختصاص السلطة التشريعية وبعضها من اختصاص السلطة القضائية ويحررها من بعض القيود التي وضعت للحالات العادية المألوفة،كما يرخص لها بوقف العمل ببعض حقوق الأفراد إلى الحد اللازم لمجابهة الحالة الاستثنائية الطارئة.

وتعد حالة الطوارئ السياسية أخف وطأة من حالة الطوارئ الحقيقية، إذ يجب أن تلتزم السلطة التنفيذية وهي تباشر اختصاصاتها وفقا لإعلان هذه الحالة حدود الدستور والقانون.

وتختلف الآثار القانونية لإعلان الأحكام العرفية في مختلف الدول، ولكنها تنطوي بشكل عام على تعليق الحقوق المدنية العادية وتمديد العدالة العسكرية أو القانون العسكري إلى السكان المدنيين. على الرغم من أنها مؤقتة من الناحية النظرية، قد تستمر حالة الأحكام العرفية إلى أجل غير مسمى.

وبما أن قانون الطوارئ له أثر كبير على مدى احترام حقوق الانسان، أي تلك الحقوق التي كانت مصونة في ظل الظروف الاعتيادية حيث كانت القوانين تحميها، ويتجلى هذا الأثر لما ينتقص من ضمانات الفرد عند إعلان حالة الطوارئ والأحكام العرفية لذلك نجد أغلب مواثيق حقوق الإنسان قد تعرضت لهذه المسألة وبينت ما يتأثر من حقوق الإنسان بهذه الحالة وما لا يتأثر.

فمثلاً نجد أن القانون الدولي لحقوق الإنسان قد فرض التزامات تقيد الدول بموجبها وتلتزم باحترامها بطرق معنية أو أن تمتنع الدول عن أفعال معينة من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية للأفراد والجماعات.

ويتجلي ذلك في العديد من المعاهدات والإتفاقيات الدولية منها على سبيل المثال:

الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان لعام 1950، التي نصت في الفقرة الأولى من المادة 15على ما يلي: “أنَّه في حالة الحرب أو الخطر العام الذي يهدد حياة الأمة يجوز لكل طرف سام متعاقد أن يتخذ تدابير تخالف الالتزامات  المنصوص عليها في هذا الميثاق في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع وبشرط أن لا تتناقض هذه التدابير مع بقية الالتزامات المنبثقة عن القانون الدولي.”

وهناك حقوق وضمانات نصت عليها المواثيق الدولية والقانون الدولي لحقوق الانسان لا يجوز تعطيلها في ظل حالة الطوارئ أي ليس لحالة الطوارئ أثر عليها، ومن بين هذه الحقوق حق الإنسان في الحياة، والحق في عدم التعرض للتعذيب والمعاملة اللا إنسانية أو المشينة والعقوبة القاسية وهذه من الحقوق والالتزامات المتأصلة في معاهدات حقوق الإنسان الدولية. إضافة إلى حقه بعدم التعرض للاسترقاق، بعدم التعرض لحرية الفكر والدين وغيرها من الحقوق التي لا يمكن تعطيلها في حالة الطوارئ. وقد تناولت العديد من المواثيق والمعاهدات هذه الحقوق مثل العهد الدولي في الفقرة الثانية من المادة الرابعة، وكذلك المادة 27 من الاتفاقية الأمريكية، وأيضا الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان في المادة 15 الفقرة الثانية.

وعليه فإن الأحكام العرفية أو حالة الطوارئ لا تصدر إلا في ظل الحالات الاستثنائية التي تهدد أمن وسلامة الدول، وفي الحالات التي تعجز السلطة التنفيذية من مواجهة الوضع في المجتمع في ظل التشريعات العادية، وعلى الرغم من تهديد الأحكام العرفية لبعض حقوق الإنسان إلا أن المواثيق المعاهدات الدولية تناولت هذا الموضوع في محاولة لتضييق مثل هذه التهديدات.

المصادر والمراجع:

أظين خالد عبدالرحمن ، ضمانات حقوق الإنسان في ظل قانون الطوارئ- دار الحمد للنشر والتوزيع، عمان،2009.

علي خطار شنطاوي، الوجبز في القضاء الإداي، الطبعة الأولى – دار وائل للطباعة والنشر، عمان، 2003.

حميد الساعدي، الوظيفة التنفيذية لرئيس الدولة في النظام الرئاسي- دار عطوة للطباعة، القاهرة، 1981.

أحمد مدحت علي، نظرية الظروف الإستثنائية- الهئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1978.

سجى علاء عزيز، بحث في ضمانات حقوق الانسان في ظل قانون الطوارئ، مقدم إلى جامعة ديالي كلية القانون والعلوم السياسية، عام 2018

William E. Birkhimer, Military Government AndMartial Laws- Third Edition, Franklin Hudson publishing company, USA, 1914

The Editors of Encyclopaedia Britannica, Martial law- Encyclopaedia Britannica, Jul 20, 1998.

المصدر

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى