دراسات أسيويةدراسات اقتصاديةدراسات شرق أوسطيةنظرية العلاقات الدولية

أهمية العامل الاقتصادي في قوة الدولة (الصين) أنموذجاً

اعداد م.م تمارا كاظم الأسدي – باحثة متخصصة في الشؤون الدولية- العراق

ماجستير علاقات دولية وسياسة خارجية – كلية العلوم السياسية

الجامعة المستنصرية

تموز/ آب 2019

   يعد العامل الاقتصادي من العوامل المهمة في تحديد قوة وقدرة الدولة السياسية والعسكرية من خلال استخدامها واستثمارها للموارد والوسائل الاقتصادية في سعيها لتحقيق أهدافها في مختلف المجالات.

  وأن الجغرافي السياسي عندما يقدر قيمة أية دولة من الناحية الاقتصادية ينبغي أن يعرف أن كانت هذه الدولة تستطيع كفاية نفسها بنفسها في كل ما تتطلب من ضروريات الحياة، لذلك فإن الجغرافي السياسي لا يهتم بمعرفة قيمة دول العالم جميعاً من الناحية الاقتصادية وانما يهتم بمعرفة قيمة الدول الكبرى فقط وهي الدول التي تسيطر على العالم بطريق مباشر، أو غير مباشر، ذلك لأن الكيان الاقتصادي للدول الكبرى يؤثر في الحالة الاقتصادية للدول الأخرى، أما الدول التي تكون قدرتها الاقتصادية ضعيفة فإن هذا الأمر يحد من هويتها، إذ لا تتمتع بحرية كبيرة واستقلالية في قراراتها الخارجية بسبب حاجتها الاقتصادية للأطراف الأخرى، لذلك تعد الصين من الأطراف الدولية الفاعلة في الساحة الدولية نتيجة الامكانات التي تتمتع بها والتي تتنوع وتمتزج فيما بينها لتشكل قوة لا يستهان بها في النظام السياسي الدولي، إذ تمارس تأثيراً كبيراً في الاقتصاد الدولي فهي تأتي ثالث دولة بعد الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الأوروبي في الناتج القومي الذي تجاوز (11) ترليون دولار وبمعدل نمو فاق الكثير من اقتصاديات العالم، كما أن الصين شكلت مجموعة من الروابط الاقتصادية لتعزيز أفقها الاقتصادي وفي اطار منظمات إقليمية مع الدول الآسيوية المحيطة بها ابتداءً من الآسيان إلى المنظمات الفرعية الأخرى، فضلاً عن انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية (WTO).

  كذلك فإن الاقتصاد الصيني يتمتع بقوة جذب كبيرة للاستثمارات الأجنبية ويشهد على ذلك حجم التدفقات الاستثمارية التي تأتي من الخارج والتي تضاعفت بمعدلات كبيرة ويرجع سبب ذلك إلى تقدم الاقتصاد الصيني نتيجة عوامل عدة وحقائق يأتي في مقدمتها التركيز شبه المطلق على قضايا النمو الاقتصادي والتحديث العلمي والتكنولوجي من أجل الارتقاء إلى المستوى العالمي المؤثر، وأن هذا التوجه الصيني يرجع إلى الأسباب الآتية:-

 1- الرغبة الصينية في استمرار تطبيق برنامج التحديثات الأربع الذي يوصف على أنه محاولة علاج الخلل في النظام الاقتصادي والاشتراكي بطرق رأسمالية وبمرونة آيديولوجية كبيرة.

 2- أن القيادة الصينية قررت تنحية الشعارات الآيديولوجية جانباً والشروع في خطى الإصلاح الاقتصادي.

 3- الموقع الجيوستراتيجي فهي تقع في مركز منطقة من أكثر مناطق العالم ازدحاماً بالسكان وأكثر المناطق حيوية من الناحية الاقتصادية وتضم هذه المنطقة ما وراء الشرق الأقصى لروسيا وتضم اليابان وشبه الجزيرة الكورية والهند وجنوب شرق آسيا وجزر المحيط الهادئ التي تضم استراليا ونيوزلندا، ولا توجد دولة في اطار هذا الموقع الجيوستراتيجي قادرة على التفوق على قوة الصين، لا بل أن استقرار هذه المنطقة يعتمد بالأساس على الصين وأن الولايات المتحدة الامريكية تدرك هذه الحقيقة ويرى البعض أن تفوق الصين هو الذي يكفل لها الاستقرار الآسيوي.

    لهذا أصبحت الصين نتيجة إمكاناتها الاقتصادية الامبراطورية التي لا يجرؤ أحد على المساس بها، إذ تتمتع باقتصاد رأسمالي منظم بإحكام، وبما أن الاستراتيجية الرئيسة للولايات المتحدة الامريكية تحكمها نظرية السيادة على الحدود الملاحية حسب رأي (نيكولاس سبايكمان) وهي على خلاف نظرية ماكندر فالمنطقة الآسيوية المركزية هي مراكز القوة العالمية وتعد المنطقة الساحلية الآسيوية الأوربية الممتدة من الخليج العربي حول شبه القارة الهندية إلى دول المحيط الهادئ من أهم مناطق التطور النصاعي والنمو السكاني وهو بذلك يعدل نظرية ماكندر الشهيرة “من يسيطر على الدول الآسيوية الأوروبية ومن يسيطر على الدول الآسيوية يسيطر على العالم”؛ وعلى هذا الأساس فإن الصين بوضعها الحالي وثقلها الاستراتيجي تؤثر في مساحة الحركة التقليدية للولايات المتحدة الامريكية وكما يذكر وزير الدفاع الصيني (ليانغ قوانع ليه) بقوله: “في السنوات الخمس المقبلة سوف يتطور اقتصادنا ومجتمعنا بشكل أسرع وسوف تعزز القوة الوطنية الشاملة وأن التطورات ستوفر القاعدة المادية الأكثر استقراراً لدفاعنا”، لذلك فإن من المتوقع في المستقبل المتوسط أن تكون الصين طرف دولي مؤثر بشكل اكبر في الساحة الدولية.

المصادر:

 1- د. خضر عباس علوان، مستقبل العلاقة الامريكية – الصينية، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، دبي – الامارات، 2004.

 2- د. سعد حقي توفيق، مبادئ العلاقات الدولية، المكتبة القانونية، بغداد- العراق، ط5، 2011.

 3- د. محمد متولي، ود. محمود أبو العلا، الجغرافية السياسية، المكتبة الجغرافية الحديثة (3)، مكتبة الانجلو المصرية، مصر، 1983.

 4- د. محمد ياس خضير، الصين ومستقبل النظام السياسي الدولي، المجلة السياسية والدولية، كلية العلوم السياسية، الجامعة المستنصرية، العدد(24)، السنة التاسعة، 2013.

وليد سليم عبد الحي، العلاقات العربية الصينية، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت – لبنان، العدد(322)، كانون الأول 2005.

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى