دراسات شرق أوسطيةقضايا بيئية

أهوار العراق في خطر

محمد عبد الرحمن عريف

    نعم تزخر بيئة الأهوار بكونها أكثر مناطق العالم امتلاكًا للتنوع البيولوجي، إذ تمثل محطة استراحة ودفء وتزود بالغذاء لأنواع مختلفة من الطيور المهاجر؛ لامتلاكها مساحات مائية وتنوع هائل في الغطاء النباتي، وكذلك تعد المياه العذبة من أهم المقومات الأساسية لاستمرار الحياة التنمية والبيئة بصورة عامة، وهي مورد محدود ومعرض للتدهور نتيجة سيادة الجفاف وزيادة معدلات الاستهلاك لسد مختلف المتطلبات البشرية المتزايدة، لذا تعد بيئة الاهوار جنوب العراق من البيئات الطبيعية المتكاملة بسكانها ومواردها النباتية والحيوانية وخصائصها الطبيعية المتميزة التي لها دور كبير في عملية التوازن البيئي في المنطقة غير أن مشاريع التجفيف والانخفاض المستمر في الإيراد المائي المتاح للقطر وتناقص الحصة المائية المغذية للأهوار انعكس سلبًا على مساحتها وتدنى الخصائص الهيدرولوجية وزيادة الأملاح وارتفاع نسبة بعض العناصر الكيميائية فيها مما زاد من مشاكل التلوث لا سيما بعد اعادة إنعاش الاهوار 2003.

   لقد ظهرت عديد مشاكل التلوث في بيئة الاهوار بسبب العامل البشري من خلال عودة المكان غير الأصليين إلى مناطقهم مع تغير طرق معيشتهم وامتهانهم حرب بعيدة عن واقع الاهوار، أما مهنة الصيد فقد اتخذت سار جديد بعد الاغمار نتيجة اتباع اساليب وحشية كالصعق الكهربائي ورمي السموم للإسماك مما ادى إلى انقراض انواع عدة منها،كما ظهرت مشكلة أخرى هي تغير تصاريف مغذيات الأهوار بعد الاغمار مقاربة بوضعها الطبيعي قبل الاغمار، إذ أن العودة العشوائية للمياه ادت الى اتخاذها مجاري مائية جديدة كونتها لنفسها.

    نعلم أن الأهوار العراقية من المسطحات المائية الواسعة التي تمتد على أجزاء من محافظات العراق الجنوبية، وتعيش فيها أنواع من الأسماك والحيوانات والطيور، بالإضافة إلى استيطانها من قبل قبائل عرب الأهوار كالشغانبة والكرامشة والبو المحمد، الذين يعتمدون على مياهها بصورة كبيرة للعيش. ومنذ تعرض الأهوار إلى التجفيف خلال فترة النظام العراقي السابق، الذي كان يحارب حركات تثور ضده مستخدمة الطبيعة الجغرافية للأهوار، لم تعد الأهوار إلى طبيعتها رغم جهود إنعاشها، ورغم إدخالها في قائمة التراث العالمي كموقع مهم أحيائيًا وتاريخيًا.

    يعتمد سكان عرب الأهوار بصورة تامة على رعي الجاموس، فأرضهم لا تنبت فيها الحشائش اللازمة لرعي الأغنام، كما أن وفرة المياه –في السابق- جعلت منها المكان المفضل لتربية هذا النوع من الحيوانات، ومنذ آلاف السنين. فعرب الأهوار موجودون هناك منذ أكثر من 5 آلاف سنة، وهم يقومون بنفس الشيء تقريبًا منذ ذلك الوقت، يصيدون الأسماك في زوارق محلية الصنع ويربون الجاموس، حياتهم كلها تعتمد على الماء ويعتمد تاريخهم عليه كذلك.

    ليس عرب الأهوار فقط، وإنما أيضا عشرات أو ربما مئات من أنواع الطيور المهاجرة، التي تقضي شتاء دافئًا نسبيًا في المياه العراقية، بالإضافة إلى أنواع من الحيوانات البرية المهددة بالانقراض مثل “كلب الماء” العراقي الذي تناقصت أعداده بشكل كبير.

    إن نقص الإمدادات المائية سيؤدي إلى كارثة فيما يتعلق بالتنوع الأحيائي من ناحية انقراض أحياء برية أو مائية فضلًا عن نقص الموئل وفقدان مكان استراحة الطيور المهاجرة. ويهدد هذا التغير وجود الأهوار على لائحة التراث العالمي التي تحدد أهمية الأهوار بهذين العاملين. فنقص المياه سيؤدي إلى هجرة سكانية من تلك المناطق إلى المناطق الحضرية كون السكان يعتمدون بشكل أساسي في حياتهم ومعيشتهم على صيد السمك و حليب و لحوم الحيوانات خصوصا الجاموس”، كما أن “الهجرة الجماعية إلى المنطقة الحضرية ستؤدي إلى تأثيرات اجتماعية نظرا لاختلاف القيم والتقاليد والمستوى الثقافي وما شابه ذلك.

   يستشهد الخبراء بزيادة المشاكل العشائرية شمال البصرة وجنوب محافظة العمارة بفقدان قبائل عرب الأهوار لأراضيها ونشاطاتها الاقتصادية، ومنازعتها سكان مدن الريف التي تعتمد على الزراعة ورعي الأغنام، ومحاولة الطرفين الانتقال للنشاطات الاقتصادية المرتبطة بالنفط في المحافظة، والتي تعاني أساسًا من شح الفرص.

    يلوم عدد من الخبراء على الحكومات العراقية المتتالية بأنها لا تمتلك “توجهًا حقيقيًا بالاهتمام بمعالجة مشكلة المياه الواردة إلى الأهوار، بل العكس هناك أصوات داعمة لترشيد المياه الواردة إلى تلك المناطق بدعوى أن ذلك يعتبر هدر في المياه بسبب التبخر للمسطحات المائية غافلين عن تأثير المسطحات على التوازن البيئي وتلطيف الجو فضلًا عن كونها مصدرًا اقتصاديًا مهمًا جدًا لعشرات الآلاف من السكان.

   البعض اقترح عديد الحلول منها حل لمشكلة المياه في الأنبار من خلال تحريك وتدوير المياه “للتخلص من الأملاح والملوثات”. فالتلوث يسبب مشاكل كبيرة للحيوانات التي تعيش في الأهوار، وللنباتات التي تعيش عليها تلك الحيوانات كما حدث في هور الحمار وأدى إلى مشكلة كبيرة. كذلك فالأموال لا تخصص بشكل كاف للأهوار العراقية، لكن هناك عدم اهتمام من قبل المسؤولين الأعلى سلطة في الحكومة العراقية.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى