دراسات سياسيةقضايا بيئية

أوربا ترد على ترامب..اتفاقية المناخ غير قابلة للتعديل

قال حكام إيطاليا وفرنسا وألمانيا، اليوم الخميس، إنهم تلقوا بأسف قرار الولايات المتحدة بالخروج من اتفاقية باريس العالمية حول التغير المناخي، غير أن ذلك لن يمنعهم من المضي فيها، متحدثين عن أن الاتفاقية “غير قابلة للتعديل وغير قابلة للتفاوض”.

وقال كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية أنجيلا مريكل، ورئيس الوزراء الإيطالي باولو جينتيلوني، في بيان مشترك إن الاتفاق يعد أداة حيوية بالنسبة للكون وللمجتمعات ولاقتصادات العالم، مضيفين أن الاتفاق سيبقى “حجز زاوية في التعاون بين البلدان، لأجل مواجهة التغير المناخي وتطبيق مخطط 2030 الذي يحمل أهداف التنمية المستدامة”.

وتابع بيان المسؤولين الثلاثة أنهم مقتنعون بأن تطبيق اتفاق باريس يوفر فرصا اقتصادية ممكنة لأجل ازدهار ونمو البلدان، كما أكدوا التزامهم التام بتنفيذ الاتفاق، ومن ذلك الأهداف المالية، وكذا تشجيع كل الشركاء على تسريع العمل لمواجهة التغير المناخي، فضلا عن الاستمرار في دعم البلدان النامية، لا سيما منها الفقيرة والأكثر احتياجا.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس العالمية لمكافحة تغير المناخ من أجل “حماية أمريكا وشعبها”، على حد تعبيره. وكتب ترمب في تغريدة: سأعلن قراري بشأن اتفاق باريس للمناخ الخميس في الساعة الثالثة بعد الظهر من حديقة الزهور في البيت الأبيض. لنجعل أميركا عظيمة مجددا. ولم يكشف الرئيس الاتجاه الذي سيذهب إليه قراره، في حين أفادت وسائل إعلام أميركية أن قراره سيكون على الأرجح الانسحاب من الاتفاق الدولي المبرم نهاية 2015 بالعاصمة الفرنسية باريس تحت إشراف الأمم المتحدة.

ووقعت على اتفاق باريس 190 دولة ويهدف إلى وقف ارتفاع حرارة الأرض عبر خفض دول العالم انبعاثاتها من الغازات المسببة لـ ارتفاع درجة الحرارة، وهو أول اتفاق عالمي للمناخ ملزم قانونا للدول الموقعة عليه.

قمة السبع
وبقي البيت الابيض صامتا حيال مسألة المناخ التي أثارت انقساما شديدا في قمة مجموعة الدول السبع التي عقدت الأسبوع الماضي في إيطاليا، حيث أكد كل القادة المشاركين باستثناء الرئيس الأميركي التزامهم بهذا الاتفاق غير المسبوق.

وانتقد ترمب أثناء حملته لانتخابات الرئاسة عام 2016 اتفاق باريس واصفا إياه بالخدعة التي هدفها إضعاف الصناعة الأميركية، وتعهد ترمب المنتمي لـ الحزب الجمهوري آنذاك بالانسحاب من الاتفاق خلال مئة يوم من توليه الرئاسة يوم 20 يناير/كانون الثاني 20177 ضمن جهود لدعم صناعتي النفط والفحم بالولايات المتحدة.

لكن منذ وصوله البيت الأبيض، صدرت عن ترمب إشارات متناقضة بشأن اتفاق باريس ما يعكس وجود تيارات مختلفة داخل إدارته بشأن مسألة المناخ لكن أيضا بشأن دور الولايات المتحدة في العالم.

وذكر موقع أكسيوس الإخباري اليوم الأربعاء أن ترمب قرر الانسحاب من اتفاق باريس المناخي وذلك نقلا عن مصدرين على معرفة مباشرة بالقرار. ونقلت قناة فوكس نيوز عن مصدر لم تذكر اسمه تأكيده للانسحاب.

وأوضح موقع أكسيوس أن فريقا يضم مدير وكالة حماية البيئة الأميركية سكوت برويت يعكف على وضع تفاصيل الانسحاب، وأشار إلى أن الخيار قائم بين الانسحاب الرسمي الذي قد يستغرق ثلاث سنوات وبين الخروج من معاهدة الأمم المتحدة التي يستند إليها الاتفاق وهو ما سيكون أسرع لكنه أشد تطرفا.

وقد تكون للانسحاب الأميركي تداعيات كبيرة على الاتفاق الذي يعتمد بشدة على التزام كبار الدول الملوثة للمناخ، والولايات المتحدة ثاني أكبر مصدر لانبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون بعد الصين، وقد تعهد واشنطن بموجب اتفاق باريس بخفض انبعاثاتها ما بين 26% و28% عن مستويات 2005 وذلك بحلول سنة 2025.

تصريحات أوروبية
وقال مفوض الطاقة بالاتحاد الأوروبى ماروس سيفكوفيتش إن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق إن حدث فسيكون مخيبا للآمال، وأضاف أن الاتحاد مستعد لقيادة الاتفاق إذا حدث وانسحبت منه واشنطن، وقال سيفكوفيتش “ليس لأوروبا أي خطة بديلة لاتفاق باريس لأننا لا نملك كوكبا بديلا”.

وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان جلود يونكر أمس الأربعاء إنه ينبغي لأوروبا أن توضح لواشنطن أن الانسحاب من اتفاق باريس للمناخ ليس عملية بسيطة وأن ترك الاتفاق كليا سيستغرق سنوات.

وصرح السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة جيرار أرو بأن اتفاق باريس لا يتعدى على السيادة الأميركية، مضيفا أن “الالتزامات الوطنية في الاتفاق طوعية وقابلة للتعديل” مشيرا إلى دعم الشركات الأميركية الكبرى للاتفاق.

ملخص اتفاقية باريس للمناخ

يقرّ الاتفاق بأن مسؤولية التصدي لتحدي تغيّر المناخ هي مسؤولية مشتركة بين الدول ولكنها تتفاوت بحسب قدرات كل دولة واختلاف السياق الوطني لكل واحدة منها. ويراعي الاتفاق بوجه خاص مستوى التنمية والاحتياجات الخاصة للبلدان الأضعف. فبالإضافة إلى الالتزامات المالية للبلدان الصناعية، يتعيّن على هذه البلدان تيسير نقل التكنولوجيا، وعموما التكيّف مع الاقتصاد المنزوع الكربون.
أما في مجال الوضوح، ينشئ الاتفاق نظاما لمتابعة تنفيذ الالتزامات الوطنية، يتسم بقدر من المرونة فيما يخص البلدان النامية، من أجل متابعة تنفيذ الجهود التي تبذلها الأطراف.

الاتفاق الحيوي والمستدام:

يُتوخى من هذا الاتفاق احتواء ارتفاع معدل درجات الحرارة بوضوح دون الدرجتين المئويتين مقارنة بمستويات درجات الحرارة في الحقبة ما قبل الصناعية، ومواصلة تنفيذ الخطوات الرامية إلى الحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى 1,5 درجة مئوية.

ولتحقيق هذه الغاية، ينصّ الاتفاق على أن تراجع جميع البلدان التزاماتها كل خمس سنوات بغية خفض انبعاثات غازات الدفيئة التي تتسبب بها. ويجب أن تسجّل كل مساهمة من المساهمات المقرّرة المحدّدة وطنيا تقدما مقارنة بالمساهمة السابقة.

كما التزمت الأطراف في الاتفاق بالوصول إلى ذروة انبعاثات غازات الدفيئة على المستوى العالمي في أقرب وقت لكي يتسنى تحقيق التوازن بين الانبعاثات والتعويض عنها في النصف الثاني من القرن. كما التزمت الدول بزيادة جهودها فيما يخص التخفيف وخفض انبعاثات غازات الدفيئة.

الاتفاق العالمي والملزم قانونا:

التزمت الدول المائة والخمس والتسعون الأطراف في المفاوضات برسم استراتيجيات إنمائية لا تتسبب إلا في انبعاثات طفيفة من غازات الدفيئة في الأجل الطويل. كما أن هذه هي أول مرة يُبرم فيها اتفاق عالمي في مجال مكافحة تغيّر المناخ.

وتنطبق بعض القواعد الملزمة قانونا على الدول الأطراف، مثل التزام البلدان المتقدمة بتقديم الدعم المالي للبلدان النامية من أجل تنفيذ الاتفاق.

ثم ماذا؟

سيُفتح الباب للدول للتوقيع على الاتفاق في 22 نيسان/أبريل 2016 في نيويورك، لكي يدخل حيّز النفاذ في عام 2020. وحدّد القرار المرافق للاتفاق الذي اتخذه مؤتمر الأطراف في دورته الحادية والعشرين عدة مراحل لمواكبة تطبيق الاتفاق والتحضير لتنفيذه، وهي: مراجعة المساهمات في عام 2018، وتعبئة الأموال لبلوغ أرضية المائة مليار دولار في السنة بحلول عام 2020.

ويقرّ الاتفاق بأنشطة الجهات الفاعلة غير الحكومية، التي تعبّأت فعلا، مثل نداء باريس (lien) الذي التزمت فيه ثمانمائة منشأة ومستثمر ومدينة ومنطقة في العالم بتجاوز عتبة الطموح المُعلن في اتفاق باريس بشأن تغيّر المناخ.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى