تطرقنا في دراستنا هذه، إلى البحث في الإشكالية المتمثلة في تحويل الادخارات المالية إلى ثروة حقيقية لدى الاقتصادات الريعية، حيث تشهد هذه الأخيرة أوضاعا تمتاز غالبا بالتناقض: وفرة في الموارد المالية وتخلف اقتصادي في آن الوقت. فلم يعد موضوع إدارة الموارد الطبيعية المتنوعة، يُثار من زاوية إدارة مخزونها المادي بشكل عقلاني ويحقق التوازن الطبيعي فحسب، بل أصبح الاهتمام أكثر بكيفية إدارة ريع هذه الموارد، في إطار يتصف بمبادئ الحوكمة )الإفصاح والمساءلة والشفافية(، ويتمتع بدرجات عالية من الكفاءة والفعالية والاستخدام الأمثل لهذه الإيرادات بشكل يحقق العدالة بين الأجيال. وبذلك أصبحت أولى انشغالات هذه الدول تتمثل في مسألة تخصيص الريع، بما يمكّن من إرساء أسس سليمة وتوسعة قاعدة الاقتصادات، حتى تتدعم بالمقدرة اللازمة لامتصاص الصدمات الخارجية، وهذا ما دفع الهيئات والمنظمات الدولية إلى الاهتمام بتوجيه الدول المعنية، نحو الاستخدام الأفضل لعوائدها المالية من الموارد الطبيعية، في ظل قيود هامة تتمثل في إمكانية نضوب أغلب الموارد الطبيعية، وصعوبة تحديد مدى سعة الاحتياطات بدقة.