أخبار ومعلومات

ارتفاع التضخم وانهيار الدينار يهددان الطبقة الوسطى بالزوال

تواصل الاختلالات في توازن المنظومة الاقتصادية في إلقاء ظلالها على المشهد العام لأسعار أهم السلع في السوق المحلية، بما سينعكس على القدرة الشرائية للمواطنين جراء ارتفاع معدل التضخم موازاة مع تراجع قيمة العملة الوطنية خلال النصف الثاني من السنة الجارية.

في هذا الصدد، دعا الخبير في الشأن الاقتصادي، عبد الرحمان مبتول، الحكومة إلى التصرف “بسرعة” لتجنب حدوث توترات اجتماعية، على اعتبار أنه قال إن الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي تمر به الجزائر “مقلق”، مؤكدا أن الرؤية النقدية البحتة من أجل الحفاظ على احتياطيات النقد الأجنبي دون رؤية استراتيجية والتقييد “الأعمى” للواردات والتمويل عن طريق طباعة النقود دون أهداف محددة يؤدي إلى توجيه البلاد نحو انحراف اقتصادي واجتماعي.

وأشار المتحدث إلى أن أحد مظاهر هذا الوضع المقلق بلوغ التضخم “المستوى العالي” خلال الثلاثي الأخير من العام الجاري، حيث بلغ ارتفاع أسعار الفواكه والخضر أكثر من 50 بالمائة، كما ارتفعت أسعار بعض المنتجات الغذائية المحلية والبقوليات المستوردة، إضافة إلى اللحوم الحمراء والبيضاء والأسماك ولاسيما السردين الذي وصل سعره إلى أكثر من 800 دينار للكيلوغرام. وذكر الخبير أن “الغلاء لم يستثن منتجات أخرى منها قطع الغيار والسيارات المستعملة، بالإضافة إلى فواتير الكهرباء والمياه والإيجار، مع العلم أن معدل التضخم التراكمي بين 2000 و2021 لم يتم تحديثه منذ عام 2011، “وهو يقترب من 100 بالمائة، ما أدى إلى تدهور القدرة الشرائية بحوالي 150 بالمائة خلال هذه الفترة”.

وحذّر مبتول من اتخاذ قرارات “شعبوية” لمواجهة هذا الوضع، باللجوء إلى رفع الأجور دون وجود نظير لها في مجال الإنتاج الاقتصادي، متوقعا أن يؤدي ذلك إلى “انحراف تضخمي” بزيادة أعلى من 20 بالمائة، ما سينعكس سلبا بشكل خاص على الفئات الأكثر حرمانا، مذكرا بمحدودية نهج تخفيف التوترات الاجتماعية “بشكل مصطنع”، عن طريق استخدام عوائد الريع البترولي في شكل التحويلات الاجتماعية التي تمثل 23,7 بالمائة من الميزانية العامة للدولة و9,4 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لـ2021.

وفي السياق ذاته، دق المتحدث ناقوس الخطر بشأن “اختفاء جزء من الطبقة الوسطى تدريجيا وانضمامه إلى الطبقة الفقيرة”، وحدد في هذا السياق 5 أسباب لارتفاع التضخم ترتبط فيما بينها ارتباطا وثيقا، يتقدمها ضعف الحوكمة وغياب الآليات التنظيمية الشاملة، معبرا عن اقتناعه بأن المسؤولية لا تقع على عاتق وزارة التجارة فقط، ولكن أيضا محدودية الإجراءات العقابية وعدم التنسيق بين بعض الوزارات.

وفي إطار تقديم الأسباب، ذكر الخبير الاقتصادي انخفاض معدل النمو الناتج عن انخفاض الإنتاج والإنتاجية وانخفاض قيمة الدينار، ما يؤثر على السعر الدولي للمنتجات الجاهزة وشبه المصنعة المستوردة من الخارج، حيث يتم استيراد 85 بالمائة من المواد الأولية للمؤسسات العامة والخاصة بنسبة اندماج لا تتجاوز 15 بالمائة، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع السعر النهائي للمستهلك بسبب الانخفاض الحاد في قيمة الدينار الذي تراجع من 76 / 80 دينارا للدولار الواحد بين 2000 / 2004 إلى أكثر من 136 دينار للدولار الواحد وأكثر من 161 دينار للأورو في 16 سبتمبر 2021 في السوق الرسمية، فيما تجاوز الأورو الواحد 210 دينار في السوق الموازية.

موازاة مع ذلك، أشار عبد الرحمان مبتول إلى “آثار التمويل غير التقليدي” التي تظهر بعد سنتين إلى ثلاث سنوات، “على خلفية استنجاد الحكومات السابقة بطباعة النقود دون إنشاء لجنة لتجنب أي انحراف”، كما لفت إلى العودة إلى طبع النقود في 2021 بعد أن توقفت العملية في 2020، وذلك لتعويض نقص السيولة ومن أجل تجنب اللجوء إلى الديون الخارجية، بالإضافة إلى السبب المتعلق بهيمنة المجال غير الرسمي الذي “ينتج اختلالات في أجهزة الدولة، حيث توجد روابط جدلية بين هذا المجال والمنطق الريعي”.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى