الأمن الطاقوي في الوطن العربي

يزخر العالم العربي بمختلف أنواع الطاقة و هذا ما أضفى له قيمة إستراتيجية كبيرة وفي ظل التقلبات الذي يشهدها هذا القطاع على الصعيد العالمي يبقى موضوع تحقيق الأمن الطاقوي العربي كخطوة لتعزيز أمنها ككل تحديا حقيقيا تعيشه الدول العربية في ظل نقص التعاون بينها في هذا المجال، والأمن الطاقوي واحد من أبرز القضايا التي يزداد طرحها بشدة مع تنامي الطلب على الطاقة (نفط وغاز بدرجة أولى) نجد اختلافا في الاستراتيجيات والسياسات الطاقوية المنتهجة من طرف كل دولة والخطط التنموية التي تسعى إلى ترشيد استهلاك الموارد الطاقوية الناضبة منها والتفتح على الطاقات المتجددة كحل بديل .
ومن هنا يمكن أن نقول أن مفهوم أمن الطاقة يشمل الاستقرار الداخلي السياسي والأمني للبلاد المصدرة للبترول والذي يُعتبر من أهم العوامل المساعدة لأمن الطاقة, كما أن الاستقرار والنمو الاقتصادي للدول الرئيسية الصناعية المستهلكة لمصادر الطاقة يعتبر أحد العوامل الداعمة لهذا المفهوم والداعمة للنمو الاقتصادي للدول المصدرة للبترول, وما حدث في عام 2008م من كساد اقتصادي عالمي أكبر مثال على ذلك, حيث لم تزل آثاره السلبية على مفهوم أمن الطاقة وصناعة الطاقة العالمية حتى وقتنا الحاضر.
كما أن هناك بُعد بيئي لمفهوم أمن الطاقة يجب على جميع الدول سواءً المنتجة أو المستهلكة وضعه في عين الحسبان في جميع خططها وذلك للحفاظ على البيئة والتخفيف من الآثار السلبية الناتجة عن إنتاج ونقل واستخدامات مصادر الطاقة المختلفة. فلا أمن للطاقة بدون بيئة صالحة لحياة الإنسان.
من خلال هذه العوامل الكثيرة المؤثرة على مفهوم أمن الطاقة يتضح لنا أن هذا المفهوم له بُعد استراتيجي سياسي, أمني, اقتصادي, وبيئي للدول المنتجة والمستهلكة لمصادر الطاقة المختلفة على حد سواء. وأن مسؤولية أمن الطاقة لا تقع فقط على الدول المستهلكة بل تقع على عاتق الجميع لأن الكل إما مصدر للطاقة فهو مستفيد من بيعها, أو مستهلك للطاقة فهو مستفيد من استخداماتها الداعمة لاقتصاده
أمن الطاقة في الوطن العربي بشكل عام يرتبط بالمناوشات والحراك السياسي العالمي في مجال الطاقة وكذلك بالأسواق والسياسات التي تضعها الدول العربية المنتجة وكذلك الاستثمار الداخلي في مجال الطاقة.
والموارد الطاقوية الهائلة في الوطن العربي (الأحفورية منها خاصة) عبارة عن مخزون استراتيجي يلعب دورا مهما في :
– التنمية الداخلية للدول المنتجة التي تعتمد على عائداته بشكل كبير.
– وفي إمداد السوق العالمية (الدول الصناعية ) التي بدورها تتحكم في تكنولوجيا انتاج الطاقة وضبط أسعارها .
ما يخلق تهديدا للدول العربية التي تفتقر للتكنولوجيا في إنتاجها للطاقة و ما يجسد تبعيتها وهو الإشكال الذي وقعت فيه الدول العربية إثر سعي الدول الصناعية على السيطرة بكل الوسائل على ثرواتها ، وهو تهديد كبير في حال نضوبه أو حال تقليص الاعتماد على استخدام البترول.
أما داخليا فقد أدت الأزمات إلى إضعاف البنى التحتية في كثير من الدول العرببة وتأثر اقتصادياتها سلبا وبرزت بذلك أزمات و نزاعات داخلية ، ومن جهة أخرى تفتقر الدول العربية لسياسة طاقوية فعالة قادرة على ضمان استقرارها مع غياب خطط تنموية تستغل الريع النفطي في دعم تنمية مستدامة ، وعدم مواكبة التطورات .
ولقد تمثل أمن الحاضر وتأمين المتطلبات المالبة الوطنية على المدى القصير يشكلان معا عنصر الإستراتيجية الواقعية لمعظم البلدان العربية ، ولم تلق الإستراتيجية الحقيقية –ضمان مستقبل آمن- من خلال تقليص الاعتماد على العوائد النفطية و توظيف الاستثمارات في قطاع مصادر الطاقة المستقبلية والتنمية المستدامة إلا القليل من الاهتمام
و ينبغي للدول العربية بناء إستراتيجية أمنية لمواجهة هذه التحديات الأمنية ، والعمل في إطار مشترك تكاملي ، تعتمد على الثروة النفطية ولا تقتصر عليها بل تتفتح على تكنولوجيات الطاقة البديلة .

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button