الأمن القومي وسمات الوظائف الأمنية في الأنظمة الديمقراطية والدكتاتورية

Security Functions of the Democratic and Dictatorial States

الأستاذ الدكتور كمال محمد الأسطل  

تكوين ووظيفة الدولة -الأمة وأثره على الأمن الوطني والقومي

تكون الدولة أو الأمة دائما في حالة توازن ديناميكي Dynamic بين القوى الطاردة التي تعمل على تفتيتها وتفككها، وبين القوى الجاذبة التي تعمل على قوتها وتماسكها ولكي تظل على قيد الحياة، لابد أن تتفوق قوى الجذب والتمسك فيها والتي هي عوامل قوتها-على قوى الطرد والتشتت التي هي أسباب اندحارها وتفككها.

وكل هذه العوامل السالب منها والموجب، عوامل أمنية منها لإيجابي ومنها السلبي، وكل منها يفضي إلى نتيجته، ولكي تبقى الدولة على قيد الحياة لابد وأن تقوم بوظيفتها الأساسية وهي توفير وحفظ الأمن في المجتمع والسلطة والحكم. لو تأملنا وظائف الدولة لوجدناها وظائف أمنية. فوظائف الحكم في الدولة ذات طبيعة أمنية وتشمل ما يلي:

1- الحفاظ على الذات والإرادة  القومية بمختلف الوسائل والأساليب، وحماية الدولة وحماية الأفراد من كل عدوان خارجي.

2- إشاعة المن الذي يشمل ويحقق أمن الوطن وأمن المواطن. وحماية الأفراد من بعضهم بعضا.

3- السعي إلى تحقيق الرفاهية والتي تعني تحقيق الأمن والحرية والكفاية الإنتاجية والعدالة الاجتماعية وحماية الملكية الخاصة.

4- حماية المال العام وممتلكات الدولة وحماية حقوق الأفراد.

5- حماية الأفراد من الكوارث غير المتوقعة كالفيضانات والزلازل والأوبئة والأعاصير وغير ذلك من حالات الطوارئ.

6- توفير فرص عمل وتكافؤ الفرص والعدالة التوزيعية والحياة الكريمة واحترام كرامة وحقوق الإنسان، وتوفير الحد الأدنى اللازم من الكفاف الاقتصادي للجميع.

7- استيعاب القوى الجديدة بشكل قانوني ودون عنف.

8- توفير الأمن في جميع المجالات الاجتماعية والثقافية والسياسية والمائية والغذائية والتكنولوجية والقيمية …الخ.

9- توفير الأمن السياسي للدولة من خلال الحفاظ على سلامة أراضيها وعلى نظام الحكم فيها. (لواء حسن طلعت، الأمن السياسي)

إن الهدف الأسمى للأمن القومي هو حماية القيم الداخلية للدولة من التهديد الخارجي، وحفظ كيان الدولة وحقها في البقاء.

أولا: خصائص الأمن والوظيفة الأمنية  في النظم الديكتاتورية

مثال دكتاتورية موسوليني في إيطاليا (1926-1943)، ودكتاتورية هتلر في ألمانيا (1933-1945)، ودكتاتورية البروليتاريا في الإتحاد السوفيتي السابق (1971-1991). وكذلك بعض الأنظمة “الجملوكية” (الجمهورية-الملكية) في المنطقة العربية.

1-خصائص الوظيفة الأمنية في النظم الديكتاتورية:

1-إعطاء الأهمية القصوى لتأمين نظام الحكم فيها دونما اعتبار لأمن الفرد. والدولة في مفهومها تعني الحاكم والحزب السياسي الخاص به.

2- ضيق أو انعدام مجال حريات الأفراد وحقوقهم الشخصية. حيث تنعدم الضمانات ويسود القهر والطغيان ويتجلى إرهاب الدولة بأبرز مظاهره.

3- يؤدي إرهاب الدولة وإحساس الشعب بأنه فريسة لقوة غاشمة  ظالمة باطشة إلى إخلال جسيم بأمن الدولة بتفشي ظواهر أربع:

(أولا) العنف والتمرد و الشغب من جانب المقهورين (للإطاحة بالنظام-أو لتحريك بقية القوى الاجتماعية-أو للتعبير عن الضيق والرفض لما يقع عليهم من ظلم).

(ثانيا) بروز صور الإجرام السياسي من اغتيالات وإشعال الحرائق وتفجيرات منشآت وإقلاق النظام وتدمير هيبته وزعزعة ثقة الناس به.

(ثالثا) اللجوء للعمل السري، وإنشاء الجماعات السرية المناهضة للنظام.

(رابعا) تفشي أعمال التخريب للنيل من السلطة الدكتاتورية سعيا للخلاص منها.

4- الرقابة الشديدة على الآراء والأفكار والمعتقدات مما يحول الدولة إلى سجن كبير. إذ تغدو أجهزة الأمن أداة مسخرة للتجسس لا على أعداء الوطن بل للتجسس على شعب الدولة وكتم أنفاسه وقد يتعاظم دور أجهزة الأمن لتتحول الدولة بجميع أجهزتها إلى دولة بوليسية شمولية.

( عمر أحمد قدور، شكل الدولة وأثره على تنظيم مرفق الأمن،  مكتبة مدبولي، القاهرة، 1997، ص 222-229)

ثانيا: خصائص الوظيفة الأمنية في النظم الديموقراطية

1-يستهدف الأمن الصالح الوطني لجميع فئات الشعب والمصالح العليا للدولة ولا يكرس لحماية فئة أو جماعة يخصها برعايته دون باقي الشعب.

2- العمل الأمني ينظمه الدستور والقانون ويؤدى في حدود القانون والنظام فيحدد بدقه مجاله واختصاصاته ووسائله وأساليبه ونظام المحاسبة عن الأخطاء ولذلك يختار كوادره بعناية وتتاح لهم مستويات عالية من المران والتدريب والكفاءة.

3- تكون تبعية الجهاز الأمني معلومة ومعروفة كجزء من الجهاز التنفيذي للدولة ويخضع في أعماله لرقابة مباشرة على مستويات عدة.

4- كما ان هناك الضمانات الدستورية والقانونية في ظل نظام الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية. مما يوفر إطارا رقابيا شاملا على أعمال ونشاط وتجاوزات أجهزة الأمن وعناصرها.

5- لا يتعارض مفهوم الأمن في النظم الديموقراطية مع مفهوم الحريات العامة أو الحرية الشخصية أو حقوق الإنسان.

خصائص الوظيفة الأمنية للدولة: اتساع مفهوم الأمن ليشمل قضايا لم تكن أمنية في الماضي

للدولة مرتكزات ثلاث في أداء وظيفتها الأمنية

1- حماية استقلال الدولة وكيانها السياسي ودرء أي مهددات داخلية أو خارجية.

2-  حفظ الأمن الداخلي بمفهومه الواسع

3-  تحقيق التنمية الشاملة والعدالة التوزيعية ورسم الخطط وتوضيح السبل والبرامج الهادفة إلى تحقيق الحياة الأفضل للشعب من نواحيها الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق مجتمع الرفاهية Welfare state. (روبرت مكنمارا، جوهر الأمن، ترجمة يونس شاهين، الهيئة المصرية للتأليف والنشر،، القاهرة، 1970، ص 125).

خصائص الوظيفة الأمنية للدولة

تتسم الوظيفة الأمنية للدولة بالسمات والخصائص الآتية:

1-أنها العمود الفقري للأدوات والأجهزة القومية المختصة بشئون الأمن والتي لا تستطيع تحقيق وظيفتها إلا من خلال الاختصاص والذاتية من حيث التكوين والممارسة.

2- الوظيفة الأمنية وظيفة مدنية رغم أنها تستخدم القوة في ممارستها اليومية ونسبة لطبيعتها شبه العسكرية من حيث التدريب والتسليح والانضباط.

3-لا تستطيع الوظيفة الأمنية تحقيق أهدافها إلا من خلال العمل الجماعي والأداء بأسلوب الفريق بحيث تتكامل جهود جميع الأفرع والتخصصات في صيانة عمليات الأمن وتحقيق أهدافها.

4-الوظيفة الأمنية وظيفة قومية شاملة في مجال الأمن.

5-بصفتها هذه تؤدي وظيفة سياسية هامة للدولة رغم أنها بطبيعتها جهاز غير سياسي.

6- خطواتها محسوبة ولا تقبل المغامرة ولا الارتجال كما أنها يجب أن تتحرك في إطار القانون والنظام المكلفة هي أساسا بالحفاظ عليه. (عمر أحمد قدور، شكل الدولة وأثره في تنظيم مرفق الأمن، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1997، ص 179-183)

أهداف وغايات الوظيفة الأمنية للدولة.

1- الحفاظ عل الذات والإرادة القومية بمختلف الوسائل التي تحقق هذا الهدف.

2- إشاعة الأمن الذي يشمل ويحقق أمن الوطن والمواطن بحيث ينتفي التهديد لأي منهما.

3- السعي إلى تحقيق الرفاهية والتي تعني تحقيق الأمن والحرية والكفاية الإنتاجية والعدالة الاجتماعية.

(كمال محمد الأسطل، الشامل في أصول العلوم السياسية، مكتبة الطالب، غزة، 2016، عمر أحمد قدور، شكل الدولة وأثره في تنظيم مرفق الأمن، مكتبة مدبولي، 1997،  مايلز كوبلاند، لعبة الأمم، تعريب مروان جبر ، انترناشيونال سنتر، بيروت، 1970، ص 12-17، Miles Copeland, The Game of Nations, Weidenfield and Nicolson, London, 1969, p.10-11)).

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button