دراسات اقتصاديةدراسات سياسية

الأوضاع السياسية والاقتصادية في الجزائر

        يرصد هذا الجزء أهم التطورات السياسية والأمنية والاقتصادية في الجزائر، ويعرض للاستثمارات الأجنبية في الجزائر، من حيث أهم الدول، والشركات، والمشروعات، والتوزيع الجغرافي والإقليمي لمصادرها، وذلك على النحو التالي:
أولاً: الأوضاع السياسية والأمنية:
حافظت الحكومة الجزائرية على الاستقرار وسط الاضطرابات السياسية التي تشهدها البلدان العربية الأخرى، من خلال مزيج من بعض الإصلاحات السياسية وإنفاق القطاع العام. وبغية الوفاء بوعد قطعه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بعد تفجر أحداث الربيع العربي، تم إقرار طائفة من التعديلات الدستورية في فبراير 2016 وذلك من أجل تدعيم هيكل الحكم بالجزائر وتعميق الفصل بين السلطات. ولا تزال اضطرابات المنطقة تمثل مبعث قلق كبير للسلطات الجزائرية التي عززت في الآونة الأخيرة إجراءاتها الأمنية على امتداد الحدود مع ليبيا.
ومن ثم فقد تأثرت الوضعية السياسية بتطورات الأوضاع في دول الجوار الجغرافي، وقد دفعت النظام الجزائري لاتخاذ عدد من الإصلاحات السياسية والقانونية في عام 2012. وقد أدت احتجاجات البربر إلى إدراج الأمازيغية (البربرية) كلغة وطنية في الدستور. وإنشاء الهيئة العليا للأمازيغية وإدراج الأمازيغ في نظام التعليم، واسترضت هذه الإصلاحات المطالبات البربر. وبعد التعديل الدستوري في عام 2008، كانت هناك زيادة في صلاحيات رئيس الجمهورية. مع تعيين رئيس الوزراء سلال في عام 2012، وقد لعب رئيس الوزراء دورا أكثر أهمية في الحياة السياسية، واعيد انتخاب الرئيس بوتفليقة في عام 2014[1] .
لا يزال الفساد مشكلة كبيرة في الجزائر، حيث اتهم الوزير الجزائري السابق للطاقة والمناجم شكيب خليل، بأخذ رشاوى بملايين اليورو من شركة إيطالية في مقابل عقود. وفي ديسمبر 2011، ولذلك تم إنشاء المكتب الوطني لمكافحة الفساد. ومع تفاقم الأزمة الإنسانية في جميع أنحاء المنطقة، هناك زيادة في عدد طالبي اللجوء وضحايا الصراعات في الدول المجاورة إلى الجزائر. ولايزال يطالب المتظاهرون والنشطاء بالحق في التظاهر، ما يفرض المزيد من التحديات السياسية والأمنية.
وقد بدأت الجزائر سياسة التحرر السياسي بين عامي 1992 و 1996. مع حظر الأحزاب التي تؤسس على أساس ديني، لكن لاتزال الانقسامات والجذور الاجتماعية للأحزاب تؤثر على الممارسات السياسية وتمثيل السكان. وانخفاض نسبة مشاركة الناخبين في الانتخابات تؤكد ذلك. وعلى مدى العقود الماضية، هيمنت ثلاثة أحزاب مؤيدة للنظام على الساحة السياسة. مثل حزب جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، وتشمل أحزاب المعارضة الأخرى حزب العمال، التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، حزب جبهة القوى الاشتراكية، ولكن لا تزال أحزاب المعارضة ضعيفة ومجزأة.[2]
لاتزال العلاقات الجزائرية – المغربية تشهد توترات مستمرة، حيث تدعم الجزائر جبهة البوليساريو، وترفض الإدارة المغربية للصحراء الغربية، ويعيش معظم اللاجئين من الصحراء الغربية، والذين يقدر عددهم بحوالي 90 ألف لاجئ، في معسكرات في تندوف، وفي الجزائر العاصمة، ولاتزال الحدود بين الجزائر والمغرب مصدراً للتوتر في العلاقات الثنائية بن البلدين، وتتهم كل منهما الأخرى برعاية الميليشيات وعمليات تهريب السلاح. ومن المشكلات التي لازالت تثير قلق الجزائر، العصابات المسلحة التي تعمل في أنحاء الساحل، والذين يتسببون، أحياناً في زعزعة واستقرار المدن الجنوبية. ومن النزاعات أيضا مطالبة ليبيا بحوالي 32 ألف كم من جنوبي شرق الجزائر، وهذه المنطقة لاتزال موجودة ضمن الخريطة الليبية.
تواجه الجزائر العديد من التحديات الأمنية المتنامية جراء تزايد مخاطر الإرهاب التي ترتبط بالاضطرابات في ليبيا، وتنظيم الدولة الإسلامية، فضلاً عن التوترات الأمنية القادمة عبر منطقة الساحل. ولذلك رفعت الحكومة الجزائرية حالة الطوارئ في عام 2012 في أعقاب الربيع العربي. ولا تزال الجزائر في وضع أمني حرج للغاية وخاصة عقب سقوط نظام القذافي ما أدى إلى انتشار الأسلحة في جميع أنحاء منطقة الساحل وعدم الاستقرار على الحدود الجزائرية. إضافة إلى حساسية الأوضاع السياسية في الجزائر التي تتأثر بالتطورات السياسية في ليبيا، لاسيما انتشار القبائل الأمازيغية في الدولتين. ويضاف إلى تلك التحديات استمرار الهجمات المتفرقة من قبل الجماعات الإرهابية التي تستهدف بشكل رئيسي الجيش وقوات الأمن. وبعد يومين من الانتخابات الرئاسية في أبريل 2014، قتلت هذه الجماعات 11 جنديا من الذين كانوا مسؤولين عن تأمين الانتخابات في منطقة القبائل في تيزي وزو. وقد أعلن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي مسؤوليته عن الهجوم. في يوليو 2014، وانفجرت قنبلة أسفرت عن مقتل سبعة أعضاء من الجيش والحرس البلدي في منطقة سيدي بلعباس في غرب الجزائر. وفي وقت لاحق، في سبتمبر 2014، بايعت جماعة جند الخلافة تنظيم الدولة الإسلامية داعش، وكانت مسؤولة عن اختطاف وقتل سائحة فرنسية. وفي يناير 2015 قتلت قوات الأمن غوري عبد المالك، زعيم جماعة جند الخلافة، في أواخر ديسمبر لعام 2014 في منطقة القبائل، قتلت قوات الأمن حوالي 100 من الإرهابيين في اشتباكات ومواجهات 2014، لا سيما بالقرب من الحدود مع مالي، وفي تيزي وزو ومناطق بومرداس. وتمثل المناطق المتاخمة لليبيا بشكل متزايد تهديدا للوضع الأمني في مرحلة ما بعد القذافي ليبيا. ومع تدهور الأوضاع الأمنية في منطقة الساحل، وهناك زيادة في تدفق ليس فقط الأشخاص الذين يلتمسون اللجوء، ولكن أيضاً الأسلحة من ليبيا وشمال مالي والنيجر. ولذلك تشدد الجزائر موقفها بشأن الرقابة على الحدود مع أعداد متزايدة من المهاجرين[3] .
 
إضافة إلى القلق المتزايد جراء القلاقل التي تثيرها حركات استقلال البربر، برغم أنها أقلية صغيرة. تطالب بالإصلاحات الدستورية، وقد أحدثت احتجاجاتها اضطرابات محدودة. فضلا عن الصراع بين القبائل العربية والأمازيغية في بعض المناطق، حيث أدى الصراع العرقي في منطقة غرداية في مطلع 2014 إلى سقوط عدد من القتلى، وعشرات الجرحى، وأضرار كبيرة للشركات والمباني. وبرغم أن المتطرفين الإسلاميين هم أقلية صغيرة جدا. ومع ذلك، هناك مخاوف من عدم الاستقرار في المنطقة وزيادة الاتجار بالأسلحة، فهذه الجماعات يمكن أن تشكل خطرا على الجزائر. وإن كان عدد الهجمات من قبل الجماعات الإسلامية قد انخفض بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، ولكن عددا قليلا من المجموعات التابعة لقاعدة في المغرب الإسلامي لاتزال تنفذ هجمات متفرقة في منطقة القبائل وفي جنوب البلاد، وتستهدف بشكل رئيسي الأجهزة الأمنية.
 
ثانياً: التحركات الدولية في الجزائر :
        تشهد الجزائر حالة من التنافس الدولي والإقليمي، لاسيما بين الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا، كما التغلغل والتمدد الإيراني هو تحرك واضح في تطور مستمر، وتستخدم إيران مختلف أدواتها الاقتصادية والثقافية بهدف محاصرة النفوذ الخليجي العربي في منطقة شمال أفريقيا وعبر الجزائر، ويمكن أن نعرض تفاصيل ذلك كالتالي:

  • التحركات الأميركية:

تهدف التحركات الأميركية إلى إقامة قاعدة عسكرية أميركية في الجزائر، وقد تنقلت الولايات المتحدة الأميركية بطلبها عبر أكثر من دولة إفريقية وعربية، بخصوص إقامة قاعدة عسكرية تتيح لواشنطن سهولة تتبع ورصد أنشطة الجماعات المتطرفة، ولا سيما فرع تنظيم القاعدة في شمال أفريقيا، المسمى “تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، ولاتزال المحاولات الأميركية قائمة لإقامة (أفريكوم)، التي تقترح واشنطن إقامتها في الجزائر أو المغرب أو إحدى الدول الحليفة لأمريكا في المنطقة، ستجعل القوة العسكرية الأميركية أكثر فاعلية في ممارسة نشاطاتها عبر القارة الأفريقية[4].
ويرجع بعض المحللين الاهتمام الأميركي بالجزائر إلى القلق الأميركي من التقارب والتعاون القائم بين الجزائر النفوذ الفرنسي في الجزائر، والنفوذ الروسي منذ الحرب الباردة، ومنذ عهد الاتحاد السوفيتي، والمثال صفقات شراء السلاح الروسي، نهاية السنة الماضية، التي وصلت قيمتها إلى 10 مليارات دولار. أما الجزائر فتنظر بعين الشك والريبة بل والقلق إلى بعض مواقف واشنطن على المستوى الإقليمي، لا سيما موقفها إزاء المملكة المغربية، حيث وقعت الرباط وواشنطن، اتفاقات تقضي بشراء المغرب لصفقة سلاح أميركي وصلت قيمته الإجمالية 12 مليار دولار، ناهيك عن الموقف الأميركي من قضية الصحراء والمؤيد بشكل كبير للمملكة المغربية، ما جعل الجزائر المؤيدة لأطروحة انفصاليي البوليساريو تصاب بخيبة أمل[5].

  • التحركات الروسية:

تكشف التحركات الروسية عن اهتمام روسي بالجزائر لتكون وكيل روسيا في المنطقة، بمعنى أن تتولى حماية المصالح الأمنية في المنطقة، وأن تتدخل روسيا في قضايا المنطقة بشكل غير مباشر من خلال الجزائر، وفد طلبت من الجزائر متابعة ملف المقاتلين السلفيين الروس الموجودين في تنظيم الدولة في ليبيا، إلى حد عرضها تقديم المساعدة في تدخلها في ليبيا للقضاء على تنظيم الدولة، ولدى روسيا قلق شديد من هجرة الإرهابيين الروس إلى ليبيا، وتهتم روسيا بالحصول على تعاون أمني واستخباري من جيران ليبيا، لمنع تحول ليبيا إلى أرض هجرة جديدة، ويشير بعض المحللين إلى أن الحملة العسكرية الروسية الضخمة في سوريا، قد تكون عديمة الجدوى، لأن ملاذا آمنا جديدا قد توفر للمقاتلين القادمين من روسيا والذين شنت روسيا الحرب في سوريا من أجل اجتثاثهم، وتبقى الجزائر الحليف الأهم للروس وللصينيين في كل منطقة شمال أفريقيا[6]. غير أن الاهتمامات الأمنية الروسية المعلنة تخفي خلفها مصالح سياسية واقتصادية في محاصرة النفوذ الأميركي.

  • التحركات الإيرانية:

يفسر محللون التقارب الجزائري – الإيراني بالصراع بين الجزائر والمغرب وموقف بعض الدول العربية المؤيد للمغرب في قضية الصحراء الغربية، كما أن للأوضاع الاقتصادية خاصة، وما تعلق بأسعار النفط تأثيره على التقارب الجزائري الإيراني. ولذلك أيدت الجزائر نظام بشار الأسد ورفضت التصويت بالقمم العربية للاعتراف بالمعارضة السورية باعتبارها ممثلا شرعيا للشعب السوري، وقامت بجهود كبيرة لإقناع بقية الدول العربية بدعم الأسد على حساب المعارضة المسلحة. وتكررت الزيارات بين المسؤولين في الجزائر وإيران في الآونة الأخيرة، وتكثفت الزيارات بعد الاتفاق النووي الإيراني وتعقد الأوضاع في سوريا واليمن، وقد تجسد الموقف الجزائري في عدم المشاركة في التحالف العربي “عاصفة الحزم”، واعترضت الجزائر على التحالف العسكري العربي في اليمن[7].
ولذلك كان من أهم مؤشرات التقارب الجزائري – الإيراني الانحياز الواضح لحلفاء إيران في سوريا واليمن، لاسيما نظام الأسد في سوريا والحوثيين في اليمن، وفي الوقت الذي تواصل فيه عاصفة الحزم عملياتها ضد الحوثيين لاستعادة الشرعية في اليمن، ولم تكتف الجزائر بالصمت تجاه المعسكرين المتصارعين في المنطقة، بل تبذل جهودا دبلوماسية كبيرة لدعم نظام بشار الأسد، وهذا ما يفسر وقوفها وتنسيقها الكبير مع روسيا وإيران في المنطقة. وتحاول الجزائر التقرب أكثر من محور إيران سياسيا واقتصاديا، فتبادل الزيارات عاد إلى أوج قوته بين البلدين منذ استلام خاتمي وبوتفليقة مقاليد الحكم، وكانت العلاقة بين إيران والجزائر متوترة في أعقاب العشرية السوداء التي مرت بها هذه الأخيرة، وقامت إيران عام 1993 بمحاولة لدعم الحزب المنحل الجبهة الإسلامية للإنقاذ (الفيس) والجماعات المسلحة ضد السلطة الحاكمة، ردت عليها الجزائر بقطع العلاقات الدبلوماسية نهائيا. وعلى أثر الأزمة الاقتصادية المرتقبة لدول النفط، فكثيرا ما اتهم النظام الجزائري دول الخليج بالتآمر من أجل خفض أسعار النفط في السوق الدولية. وتحاول إيران التغلغل لنشر التشيع والتواصل مع الشيعة في الجزائر. وتسعى الجزائر إلى استغلال عودة إيران إلى التعاملات الدولية من أجل تكثيف علاقاتها، اعتمادا على العلاقات السياسية الجيدة التي تجمع البلدين، وهذا ما تؤكده الزيارات الأخيرة والتعاون المشترك في الملفات الاقتصادية بعد إبرام عدة اتفاقيات في هذا المجال الحيوي، وتتطابق وجهات نظر البلدين حول العديد من القضايا العربية الإقليمية والدولية، كالحرب في سوريا والحرب على اليمن والموقف من تصنيف حزب الله اللبناني كمنظمة إرهابية [8].
ثالثاً: الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية:
لاتزال الحكومة الجزائرية تحكم سيطرتها على اقتصادها، نظراً للتحرر التدريجي الذي انتهجته من النظام الاشتراكي إلى الانفتاح الاقتصادي منذ أواسط التسعينيات من القرن العشرين، ولكن خلال السنوات الأخيرة فرضت الحكومة قيودا جديدة على الاستثمارات الأجنبية على أراضيها، ووضعت العراقيل أمام خصخصة الشركات الحكومية. ويعد قطاع الهيدروكربوني هو عصب الاقتصاد الجزائري، ويمثل 60% من إيرادات الموازنة، و30% من إجمالي الناتج المحلي، وأكثر من 95% من عائدات التصدير. وتأتي الجزائر في المرتبة الثامنة كمستودع لأكبر مخزون احتياطي من الغاز الطبيعي في العالم، وهي رابع أكبر مصدر للغاز، وتحتل المرتبة الرابعة عشر من حيث احتياطي النفط.
وقد تفاقمت العوامل الأساسية للاقتصاد الجزائري بشكل مطرد منذ منتصف عام 2014 بالتزامن مع انخفاض أسعار النفط العالمية، لكن الموافقة مؤخراً على الموازنة العامة تمثل نقطة تحول. ففي عام 2015، تراجع النمو إلى 2.9 في المائة من 3.8 في المائة عام 2014، متأثراً في ذلك بهبوط متوسط أسعار النفط من 100 دولار للبرميل عام 2014 إلى 59 دولاراً عام 2015. وبسبب التوقعات المبدئية بأن انخفاض أسعار النفط لن يستمر طويلاً، أدى التقاعس عن القيام بضبط أوضاع المالية إلى تضاعف عجز الموازنة إلى 15.9 في المائة من إجمالي الناتج المحلي عام 2015. كما قفز العجز في حساب المعاملات الجارية ثلاثة أمثاله إلى 15.2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي عام 2015. ورغم تضييق السياسة النقدية، ارتفع معدل التضخم إلى 4.8 في المائة وذلك لأسباب مختلفة منها تأثير خفض القيمة الاسمية للدينار بنسبة 20 في المائة تقريباً وذلك بهدف تصويب الخلل في الحساب الخارجي. وزادت البطالة إلى أكثر من 10 في المائة، وتزداد حدتها بوجه خاص بين النساء والشباب[9].
وفي محاولة للتصدي لهذه الأوضاع، انتهجت الحكومة في ديسمبر2015 طائفة من السياسات التقشفية التي تأخرت كثيراً. ودعت موازنة عام 2016 إلى تقليص الإنفاق العام بنسبة 9 في المائة (أكثرها في الاستثمارات) وزيادة إيرادات الضرائب بنسبة 4 في المائة استنادا إلى رفع أسعار البنزين بنسبة 36 في المائة وزيادة معدلات ضريبة القيمة المضافة المفروضة على الكهرباء والبنزين وزيادة رسوم تسجيل السيارات. وتخول الموازنة السلطات المالية صلاحية إجراء خفض آخر في الإنفاق إذا هبطت أسعار النفط إلى ما دون المتوسط المفترض، فضلاً عن صلاحية الاقتراض من الخارج إذا لزم الأمر. وستقوم الحكومة أيضا بفرض تراخيص جديدة للاستيراد، وتدرس إمكانية رفع أسعار الكهرباء إلى ما يقارب تكلفتها الحقيقية. وستسمح السلطات النقدية بزيادة خفض قيمة الدينار بغية الحيلولة دون ابتعادها كثيراً عن السعر الحقيقي.
وسيظل صانعو السياسات يواجهون مفاضلات صعبة خلال عام 2016 مع توقع انخفاض متوسط سعر النفط إلى 35 دولاراً للبرميل في موازنة 2016. فما من بديل يُذكر أمام السلطات عن استعادة التوازن المالي والتوازن في الحساب الخارجي. إلا أن من المتوقع للنمو أن يظل متواضعاً عند حوالي 3.4 في المائة مدفوعاً بتواضع ديناميكيات قطاع المنتجات الهيدروكربونية، مع دخول بعض مشاريع الغاز مرحلة الإنتاج، وكذلك في القطاعات غير الهيدروكربونية. وسوف يستفيد النمو من تقليص الإنفاق العام، مع بقائه على الجانب الإيجابي، وركود صادرات الهيدروكربونات، لاسيما إذا ظلت أسعار النفط على ضعفها أو ازدادت هبوطاً وإذا ما ظل انتعاش الاقتصاد العالمي على ضعفه. وخلال عامي 2017 و 2018، وبعد ارتفاع أسعار النفط قليلا، سيستمر ضعف النمو مدفوعاً بالاستثمارات العامة والدعومات (subsidies) التي ستبقى ضخمة. وسيستمر الاستثمار الخاص على ضعفه إذ قد تمر الجزائر أيضاً بعملية تحول سياسي معقدة في غياب خطط واضحة لانتقال السلطة، والضغط الشديد على الوظائف، واستمرار التهديدات الأمنية الإقليمية، وبعض القلاقل الاجتماعية المدفوعة بأول تعديلات لأسعار منتجات الطاقة منذ عشرات السنين.
وتظل التحديات طويلة الأمد التي تواجه الاقتصاد على حالها، وهي على وجه التحديد خفض الدعم، وتحسين بيئة أنشطة الأعمال، وتنويع الاقتصاد وخلق فرص عمل في القطاع الخاص. وفي حين تتحدث الحكومة عن الحاجة إلى إجراء إصلاحات، تبقى الخطوات التي اتخذتها متواضعة. وقد وعدت الحكومة التي تشكلت في أعقاب الانتخابات الرئاسية في أبريل/نيسان 2014 باتخاذ المزيد من الإجراءات، إلا أنها لم تف بوعودها بعد. ويمثل مناخ الأعمال الذي يتسم بصعوبة الحصول على الائتمان، وتعقد البيئة التنظيمية، وطول الوقت الذي تستغرقه إجراءات تأسيس الشركات عقبة أمام القطاع الخاص. كما مضى التكامل التجاري بوتيرة بطيئة، ولم تحقق مفاوضات الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية قدرا كبيراً من التقدم. ولتعزيز الاقتصاد، تسعى الحكومة حاليا إلى مواصلة تطوير مواردها الهيدروكربونية، كما تبنت في الوقت نفسه أيضا تنمية القطاع الخاص من خلال فتح مراكز بحثية وتدشين مشاريع كبيرة في قطاعي النقل والإسكان. وفي ما يتعلق بمناخ الأعمال، أنشأت الحكومة لجنة لوضع خطة عمل للمساعدة في إصلاح بيئة ممارسة أنشطة الأعمال. ويعتبر تنويع النشاط الاقتصادي والحد من الاعتماد على قطاع الهيدروكربونات عوامل أساسية لتحقيق معدلات نمو قوية ومتوازنة.
رابعاً: الاستثمارات الأجنبية في الجزائر
بلا شك إن الجزائر تمتلك الكثير من الخصائص التي تؤهلها لاستقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر، مثل وجود الثروات الطبيعية، وقربها من مناطق التصدير (الأسواق العربية والأفريقية والأوربية)، الأيدي العاملة الرخيصة، ومن أهم الفرص الاستثمارية في الجزائر، استصلاح الأراضي الزراعية، الأنشطة الفلاحية وتربية المواشي، التنقيب عن المياه، إنتاج الكهرباء، البحث والتنقيب في ميادين المناجم والطاقة، صناعة الحديد والصلب والمعادن، البتروكيمايات، الأدوية، صناعة السيارات، السكك الحديدية، وغيرها [10] .

  • أهم الدول المستثمرة في الجزائر:

تعتبر من أهم الدول المستثمرة في الجزائر، اسبانيا بتكلفة استثمار (2.232 مليار دولار)، وقطر (2.150 مليار دولار)، وتركيا (1.737 مليار دولار)، ولوكسمبورج (837.3 مليون دولار )، فرنسا (376.7 مليون دولار )- (جدول جدول رقم (8) أهم الدول المستثمرة في الجزائر (يناير 2011- ديسمبر 2015). ومن أهم الشركات الأجنبية المستثمرة في الجزائر (جدول 9 ) :

  • ‌أ- الشركة الاسبانية (Group Ortiz Constructor y servicios de la mediterraneo :
  • ‌ب- شركة قطر للبترول (Qatar Petroleum (QP):
  • ‌ج- الشركة التركية (Taypa Tekstil) :
  • ‌د- الشركة الجنوب أفريقية (Pretoria Portland cement (ppc) :
  • ‌ه- الشركة الفرنسية Lafarge Holcim :
  • ‌و- الشركة البريطانية Clarke Group:
  • ‌ز- شركة قطر تليكوم Ooredool (Qatar Telecom) :

والجداول التالية من (6) إلى (12) تعرض توزيع الاستثمارات الأجنبية حسب المشروعات، الدول المستثمرة، الشركات المستثمرة، التوزيع القطاع لهذه الاستثمارات، والتوزيع الجغرافي لمصادرها.
الملامح العامة للاستثمارات الأجنبية في الجزائر:
جدول رقم (6) الملامح العامة للاستثمارات الأجنبية في الجزائر
 

الاستثمار الأجنبي المباشر بالمليون دولارالاستثمارات(بالمليون دولار)الأرصدة(بالمليون دولار)
 الواردةالصادرةالواردةالصادرة
20051.145.34-20.198.222.1574.84
20061.888.1733.9710.110.18608.82
20071.743.33150.6311.853.51759.44
20082.636.71317.9814.485.221.077.43
20092.753.76214.8117.238.981.292.24
20102.580.35220.4919.540.281.512.73
20111.499.42533.5122.120.562.046.24
20121.496.42-41.3023.619.982.004.94
20131.692.89-286.2925.312.871.736.65
20141.506.73-18.3026.819.601.718.35
2015-587.31103.2226.232.291.821.57
المصدر: المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات: النشرة الشهرية، السنة الرابعة والثلاثين، العدد الفصلي الثاني، يونيو 2016.

أهم مشروعات الاستثمار الأجنبي المباشر:
الجدول رقم (7): الاستثمار الأجنبي المباشر في دولة الجزائر – حسب المشروعات
(2003- 2014)

العامعدد المشروعاتالتكلفةبالمليون دولارالوظائفعدد الشركات
2003235.046.34.73222
200419857.23.33419
20054510.545.311.04943
2006509.686.69.49145
2007294.070.15.71128
20087516.408.227.30566
2009322.605.15.87228
2010211.367.43.79717
2011271.431.62.56524
2012182.376.84.95117
2013164.284.67.29812
201413535.52.13013
201513749.43.75813
الإجمالي38159.96491.993315
المصدر: المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات: النشرة الشهرية، السنة الرابعة والثلاثين، العدد الفصلي الثاني، يونيو 2016.

أهم الدول المستثمرة في الجزائر:
جدول رقم (8) أهم الدول المستثمرة في الجزائر
                           (يناير 2011- ديسمبر 2015)

الدولةعدد المشروعاتالتكلفة بالمليون دولارالوظائفعدد الشركات
اسبانيا72.232.12.8803
قطر22.150.03.0892
تركيا21.737.33.3422
لوكسمبورج1837.33421
المملكة المتحدة7408.72.6596
فرنسا15376.71.63113
جنوب أفريقيا1350.06381
سويسرا3286.25613
ألمانيا6175.81.3606
ميانمار159.83421
أخرى42664.13.85839
الإجمالي879.37820.70277
المصدر: المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات: النشرة الشهرية، السنة الرابعة والثلاثين، العدد الفصلي الثاني، يونيو 2016.

من أهم الدول المستثمرة في الجزائر، اسبانيا بتكلفة استثمار ( 2.232 مليار دولار)، وقطر (2.150 مليار دولار)، وتركيا (1.737 مليار دولار)، ولوكسمبورج ( 837.3 مليون دولار )، فرنسا (376.7 مليون دولار )
أهم الشركات الأجنبية المستثمرة في الجزائر :
جدول رقم (9) أهم الشركات الأجنبية المستثمرة في الجزائر
(يناير 2011- ديسمبر 2015)

أهم الشركاتالبلدعدد المشروعاتالتكلفة بالمليون دولار
Group Ortiz Constructor y servicios de la mediterraneoاسبانيا52.209
Qatar Petroleum (QP)قطر12.000
Taypa Tekstilتركيا1900
Arcelor Mittalلوكسمبورج1837
Tosyali Holdingتركيا1837
Pretoria Portland cement (ppc)جنوب افريقيا1350
Lafarge Holcimسويسرا1277
Shwe Taungمينمار1160
Clarke Groupالمملكة المتحدة1156
Ooredool (Qatar Telecom)قطر1150
 أخرى731.502
 إجمالي879.378
المصدر: المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات: النشرة الشهرية، السنة الرابعة والثلاثين، العدد الفصلي الثاني، يونيو 2016.

توزيع الاستثمارات الواردة حسب القطاعات:
جدول رقم(10): توزيع الاستثمارات الواردة حسب القطاعات (يناير 2011- ديسمبر 2015)

القطاعالتكلفة بالمليون دولار
المعادن3.677.4
العقارات1.729.8
بناء ومواد بناء1.307.0
المنسوجات947.6
المنتجات الصيدلانية343.6
السيارات المعدات الأصلية291.4
الاتصالات185.9
الطاقة المتجددة155.5
الخدمات المالية154.9
معدات النقل121.2
الآلات الصناعية والمعدات والادوات108.5
الطيران والدفاع72.2
وسائل النقل61.2
سيراميك وزجاج58.6
خدمات أعمال54.4
الغذاء والتبغ48.6
البلاستيك26.9
البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات17.4
مواد كيميائية6.2
أجهزة طبية4.6
الرعاية الصحية2.7
مكونات السيارات2.3
المصدر: المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات: النشرة الشهرية، السنة الرابعة والثلاثين، العدد الفصلي الثاني، يونيو 2016.

توزيع الاستثمارات الواردة إلى الجزائر حسب الأقاليم الجغرافية:
جدول رقم (11) توزيع الاستثمارات الواردة إلى الجزائر حسب الأقاليم الجغرافية:
 

الأقاليم الجغرافيةنسبة الاستثمارات الواردة / الاستثمارات الواردة الكلية
أوروبا الغربية64.6 %
الشرق الأوسط26.1 %
اسيا والمحيط الهادي3.5%
بقية أوروبا18.7%
أفريقيا4.2%
أمريكا الشمالية0.9%
أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي0.1%
المصدر: المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات: النشرة الشهرية، السنة الرابعة والثلاثين، العدد الفصلي الثاني، يونيو 2016.

 مركز المزماة للدراسات والبحوث
22 ديسمبر 2016
[1] Bertelsmann Stiftung, BTI 2016 — Algeria Country Report. (Gütersloh: Bertelsmann Stiftung, 2016),pp.6-12
[2] Ideam
[3]Ideam
[4] بودوح سارة، حدادي إيمان: الاستراتيجية الأمريكية الأمنية تجاه الجزائر في عهد أوباما (2008-2012)،رسالة ماجستير،(الجزائر: جامعة قاصدي مرباح ورقلة،كلية الحقوق و العلوم السياسية،2013)
[5] شريف عادل منصف: التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه الجزائر،رسالة ماجستير،(الجزائر: جامعة الجيلالي بونعامة خميس مليانة، 2015)، ص 84، 128
[6] المرجع السابق،ص 84
[7]حمزة عتبي: ما هي أسباب التقارب الإيراني-الجزائري إزاء الأزمات الإقليمية؟،
http://arabic.cnn.com/world/2016/05/16/iran-algeria-relations
[8] القدس العربي: الجزائر ترفض تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية… ومطالب بانسحابها من الجامعة العربية،
http://www.alquds.co.uk/?p=493712
[9] البنك الدولي: بلدان، الجزائر
http://www.albankaldawli.org/ar/country/algeria/overview
[10] حنان شناق: تأثير الاستثمارات الأجنبية في قطاع الأدوية في الجزائر، رسالة ماجستير،(الجزائر:جامعة الجزائر،كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير،2009)، ص 140

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى