يبدو أن الاستشراف في العلاقات الدولية يصبو إلى تحقيق هدخين أساسيين يتمثل الأول في بناء إطار فكري يهلم يتقسيز وتحديد طبيعة المشاكل والتحديات التي تواجه التطور الإنساني في المستقبل. ويتمثل الثاني في توجيه القادة السياسيين وتحضيرهم المواجهة البدائل المستقبلية المختلفة عن طريق رصد وتوظيف الإمكانيات والشروط المطلوبة للوصول إلى تحقيق البديل المناسب ومع ذلك فإن الدراسات المستقبلية التي تهدف إلى بناء مدرسة فكرية ذات طابع خاص لم تتوصل إلى حد الآن إلى ابتكار الأدوات المنهجية والتقنيات التي تمكنها من الاستشراف في العلاقات الدولية مقاربة منهجية تحقيق ماريها، الأمر الذي دفع المهتمين بهذا الميدان إلى استعارة هذه الأدوات والتقنيات من حقول أخرى. والغريب في الأمر أنه إذا كان الكثير من المنظرين في العلاقات الدولية يصنفون الاستشراق ضمن النظريات السلوكية السلمية، فإنهم استعاروا تقنيات ونظریات تتناقض والطبيعة السلمية للاستشراق متل الدراسات الاستراتيجية التي ارتبطت منذ ظهورها بظواهر الحرب والتسلح وسياسات الدفاع، وتأسيسا على ذلك، يمكن القول أنه رغم قسم الاستشراق في العلاقات الدولية، ورغم أهميته البالغة، فإن المجهودات الأكاديمية في هذا الميدان تحتاج إلى عملية إبتكارية وتنظيمية واسعة النطاق لأن الجانب المنهجي . وهو الأساس – غير واضح المعالم الأمر الذي أدى أحيانا إلى تضارب وجهات النظر حول الموضوع وغموضها وتعقيدها مما لا يسمح من تطور هذا الحقل الفرعي من حقول العلاقات الدولية لذلك يبدو أن ما تم تحقيقه في هذا الموضوع لا يرقى إلى مستوى النظرية إذ لا يتعدى نطاق مستوى ماقبل النظرية.