الإطار العام لصياغة إستراتيجية أمنية شاملة للأمن القومي العربي ومعوقات تحقيقه

The General Framework Towards Formulating a Comprehensive Strategy of the Arab National Security & Obstacles

الأستاذ الدكتور كمال محمد محمد الأسطل

لم يشهد الوطن العربي حتى الوصول إلي  مفهوم متفق عليه حول الأمن القومي العربي علي الرغم من انه يوجد هناك أفكار من قبل مستشارين ومفكرين عرب لتحقيق الأمن المنشود الذي يرتقي بمستوى الدول العربية حيث لم يصدر حتى الآن من قبل الجامعة العربية نصوص حقيقية لدعم مفهوم الأمن وبالتالي كان هناك أشكال مختلفة أدى تعثر الوصول إلي تحقيق الأمن القومي العربي وهي:

1)  عدم القدرة على ضمان استمرار ونجاح المحاولات الوحدوية أو الاتحادية العربية وخير مثال على ذلك ما جرى في الانفصال للوحدة المصرية ـ السورية.

2)  عدم القدرة على انجاز مشاريع وحدوية أخرى ثنائية أو ثلاثية وأكثر ويحضرني هنا عدم تبلور محاولة تنفيذ مشروع الوحدة الثلاثية المصرية ـ السورية ـ العراقية.

3)  الإنفراد من قبل حكومات عربية زمن الحرب أو في زمن السلم بإجراء مفاوضات ذات الصلة بالصراع العربي ـ الصهيوني وابلغ الأمثلة على زمن الحرب (خلال حرب تشرين 73) وزمن السلم (زيارة السادات للقدس وإبرام معاهدة كامب دافيد).

4) التنصل الرسمي العربي التدريجي من قضية الشعب الفلسطيني وجوهر الصراع العربي ـ الصهيوني ، واتخاذ قرارات يمكن وصفها بأنها على طريقة حق يراد به باطل ، مثل قرار مؤتمر الرباط باعتبار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

5) عدم حل النزاعات الحدودية والتاريخية بين الدول العربية بالطرق السلمية ومثال غزو العراق للكويت والعجز عن إيجاد حل عربي للازمة مما سهل عملية تدمير البلدين وخاصة العراق بشن حرب عام 1991 وبعدها الغزو الأمريكي عام 2003 .

6) العجز عن حل النزاعات الحدودية والخلافات مع الدول الإسلامية المجاورة بالطرق السلمية والحرب العراقية ـ الإيرانية لحوالي ثمانية سنوات خير دليل على السياسة الكارثية التي ألحقت الضرر بالبلدين وبالعلاقات العربية الإسلامية.

7)  تقديم بعض الحكومات العربية لتسهيلات عسكرية والتواطؤ مع دول أجنبية لشن حرب عدوانية انتقامية ضد بلد عربي وغزو العراق عام 2003 أبرز الأدلة.

8) تهميش دور المؤسسات العربية مثل الجامعة العربية وعدم احترام المعاهدات المبرمة بين الدول العربية وخاصة معاهدة الدفاع المشترك … العجز عن التدخل عام 1982 لمساندة لبنان ضد الغزو الإسرائيلي، وكما سبق ذكره أعلاه بدل العمل للدفاع عن العراق ضد العدوان قامت حكومات عربية بتسهيله وتشجيعه بينما امتنعت تركيا العضو في الحلف الأطلسي عن السماح باستخدام أراضيها لغزو العراق عام 2003.

9) إذكاء النعرات التقسيمية على أساس عرقي أو مذهبي وإثارة المشاعر الطائفية ، ومساندة تأجيج وإشعال الحروب الأهلية في بعض الدول العربية ، ولبنان خير مثال على ذلك دون أن   ننسى دعم انفصال الأكراد في الشمال العراقي.

10) التفريط بالثروات القومية عبر رفع مستويات إنتاج النفط بناء على أوامر خارجية ، أو متراكمة مديونية وتبعية اقتصادية مدمرة للتنمية والاقتصاد الوطني ، عدا عن مراكمة الودائع العربية في الخارج بعيدة عن الاستثمار التنموي في الوطن العربي ، وإفشال كل مشاريع التصنيع الحربي والتقني المشترك ، والأمثلة هنا عديدة لا حاجة لذكرها.

11) انعدام الصيغ العربية المشتركة للتعامل مع المؤسسات الدولية (الأمم المتحدة، البنك الدولي، صندوق النقد الدولي، والتكتلات السياسية والاقتصادية الدولية المختلفة) وحتى لدى إطلاق المبادرات العربية السياسية فضلا عن انعدام توفر آليات المتابعة والتنسيق.

12) استباحة الوطن العربي في عمليات تدمير منهجية للبيئة والموارد المائية وتحول العديد من مناطقه إلى مكبات للمواد السامة والمشعة والملوثة مع غياب لأي شكل من أشكال التنسيق في مجابهة أخطار الأمراض المعدية وتفشي مرض نقض المناعة. والأمثلة على الشحنات للمواد السامة التي تجد طريقها إلى أرجاء الوطن العربي كثيرة والمخفي أعظم.

13) شروط وتحولات ضرورية للأمن العربي:

يتضح لنا مما تقدم أن المقاربة الواقعية للأمن القومي العربي لا ينحصر في الاعتبارات العسكرية البحتة المتصلة بردع الخطر الخارجي ، أو الاعتبارات الأمنية الداخلية المنفصلة لكل بلد عربي على حدة بالرغم من أهميتها. وتفيدنا التجربة إن حرص الأنظمة الشديد على بقائها جعلها تسخّر القوات المسلحة والأجهزة الأمنية على مختلف أنواعها ، لمهمات حفظ النظام واستقراره على حساب حماية الأمن الوطني وتعزيز السلم الأهلي. ورغم معاناة الميزانيات الوطنية المزمن من العجز.

14) ضرورة تشكيل منظومة أمن عربي ـ إقليمي.(6)

1- التجديد المستمر في مرتكزات الأمن القومي العربي حسب المستجدات والمتغيرات في البيئة المحلية والإقليمية والعالمية.

الإطار العام لصياغة إستراتيجية أمنية شاملة للأمن القومي العربي (أو لأي دولة)

الإستراتيجية الأمنية هي تصور شامل ومستقبلي لمسألة الأمن بمفهومه الواسع الذي يتضمن أمن الدولة السياسي والعسكري والاقتصادي والاجتماعي والذي يأخذ في اعتباراته الحقائق السياسية الوطنية وما يحدث في الجوار وعلى المستوى الإقليمي بل والعالمي ولا يستثنى المفردات الجيوسياسية ليكون قادراً على تحديد مصادر تهديد الأمن الوطني بكافة أشكالها وتقييم احتمالاتها ودرجة خطورتها حتى يصار إلى تحديد الخيارات التي من شأنها احتواء مصادر التهديد إما بالحد من قوة تأثيرها أو من خلال تحييدها وإخراجها من دائرة المواجهة أو بمواجهتها بشكل مباشر أو غير مباشر. ومن ثم وضع السياسات والخطط والبرامج التنفيذية اللازمة للتعامل معها لتحقيق أفضل درجات تأمين الدولة وحماية مصالحها .

والرؤية الإستراتيجية للأمن هي مفهوم ديناميكي قابل للمراجعة والتقييم بشكل دوري وطبيعي أن تكون سياسات وبرامج تنفيذ الإستراتيجية متسمة هي الأخرى بالحركية التي تستلزم مراجعتها لتقرير مدى توافقها وملائمتها لإنجاز أهداف الإستراتيجية المحددة.

مصادر التهديد للأمن القومي أو الوطني

إن دراسة وتحديد طبيعة التهديدات والمخاطر ومصادرها وأشكالها هي من أساسيات العمل لصياغة إستراتيجية الأمن الوطني للدولة .مصادر تهديد الأمن الوطني .مصادر التهديد هي المساحات الجغرافية والزمنية التي يتشكل فوقها التهديد ، ومن المنظور الجغرافي يتم وصف مصادر التهديد إلى :-1- داخلية .2-  خارجية .3- متداخلة .ومن حيث طبيعة التهديد يمكن أن يأخذ طابعاً عنيفاً (سواء أكان مسلحاً أو غير مسلح) وقد تتجه هذه التهديدات لتطال جميع أو بعض المحاور التالية :-1- النظام السياسي .2- مصادر التنمية ومواردها .3- السلم الاجتماعي واللُحمة الوطنية .4- المصالح الحيوية للدولة ، الإقليمية والدولية .

أشكال وأنماط التهديدات للأمن الوطني أو القومي

.ويمكن أن تتخذ التهديدات أشكالاً وأنماطاً عديدة وفقاً لأهدافها وغاياتها لعل من بينها :

1-زعزعة الاستقرار بالوسائل السلمية أو العنيفة المعلنة والسرية .

2- العمل المسلح المباشر ضد الدولة من قبل دولة أخرى أو مجموعة من الدول أو جماعات أو أفراد .

3- التهديد بالقوة العسكرية لغرض الحصار أو الاجتياح .

4- الإضرار بالموارد المادية ومصادر الطاقة والمياه .

5- إستخدام الإعلام وأدواته في التأثير على الاستقرار السياسي والتماسك الاجتماعي وإضعاف الروح المعنوية للأفراد

تصنيف درجات توقع التهديدات للأمن القومي أو الوطني

إن تصنيف درجات توقع التهديدات هو أحد مراحل التخطيط لمواجهتها .ومن الناحية العملية ومن خلال المعطيات القائمة والمتوقعة قد يجري ترتيب هذا التوقع في أفقه الزمني على النحو الأتي :-1- وشيكة .2- متوقعة .3- ممكنة 4- مستبعدة كما أن خطورة التهديد تحتاج إلى الفحص والذي سيفضي إلى اختبار بدائل التعامل معه والاستعداد لمواجهته .. والأهم دائماً هو منع حدوثه من خلال تجويعه أي حرمانه من إمكانية التنامي والوصول إلى مرحلة الفعل .واستكمالاً لخطوات تشخيص التهديدات يجري ترتيب خطورتها كما يلي :-1- خطيرة جداً .2- خطيرة .3- مقلقة .ولا شك أن

تحديد درجة الخطورة هو من المهام الدقيقة والتي ينبغي أن تتم في مراكز إدارة الأزمات وما يماثلها من لجان أو مؤسسات بعد استيفاء التحليل والتقييم لكافة المعطيات التي تشكل طابع خطورة التهديد والحدث

أشكال التهديد وفقا للأدوات الممكنة

إذا ما أعيد ترتيب التهديد وفقاً لأدواته الممكنة كما يلي :

1- تهديد عسكري .

2- تهديد سياسي .

3- تهديد بشري اجتماعي .

4- تهديد اقتصادي .

5- تهديد متعدد الأدوات .

معالم الإستراتيجية الأمنية المتصورة في السياسات الوطنية

في ضوء المعطيات  أعره السابق ذكرها فإن معالم الإستراتيجية الأمنية تبدو أقرب للتصور من خلال بلورة السياسات الوطنية ذات العلاقة ، وهي :-

1- سياسات الأمن السياسي الداخلي والخارجي .

2- سياسات الأمن الاجتماعي .

3- سياسات الأمن الاقتصادي .إن تحديد وصياغة أياً من السياسات المطلوب بلورتها يعتمد منطقاً واستطراداً على استيضاح واستنطاق جملة من التساؤلات الأكثر أهمية وإلحاحاً ، وعلى سبيل المثال :

أولاً : فيما يتعلق بسياسات الأمن السياسي :.

1- ما هي الأفكار التي يمكن أن يستند إليها التهديد السياسي ؟

2- من هي الجماعات التي تتبنى هذه الأفكار ؟

3- ما هي القدرات التنظيمية لهذه الجماعات حالياً ؟

4- ما هي ظروف تطور وتنامي هذه القدرات ؟

5- ما هي المصادر الداخلية والخارجية الداعمة لهذه الجماعات ؟

6- ما حجم التأييد الخارجي لهذه الجماعات وما هي مراكزه ؟

7- من هي القوى المتوقع تحالفها مستقبلياً ؟

8- ما هي برامجها العملية وأساليبها الإجرائية ؟

ثانياً : فيما يتعلق  بسياسات الأمن الدفاعي: .

1- ما هو حجم ونوعية التهديد وما هي مصادره ؟

2- ما هي السيناريوهات المتوقعة إذا ما تطور التهديد إلى إجراء ؟

3- ما هي إمكانات المواجهة ، وما هي بدائل الاحتواء ؟

4- ما مدى تنامي القدرات الحربية في دول الجوار ؟5- ما هي نقاط التوتر التي تغذي احتمالات التهديد ؟

6- ما هي الإجراءات الاستباقية الوقائية في كل حالة ؟

7- ما دور النشاط السياسي والاجتماعي في الحد من خطورة التهديد ؟

8- ما هي قدرات التعبئة الشاملة وأساليبها ،

ثالثاً : فيما يتعلق بسياسات الأمن الاجتماعي .

1- ما هي أهم مصادر زعزعة الاستقرار الاجتماعي ؟

2- هل هناك جهات خارجية تدعم وتستفيد من زعزعة الاستقرار؟

3- ما هي أشكال التدخل الأجنبي المحتملة وما حجمها وما هو احتمال تناميها ؟

4- ما هي مصادر الخطر على التركيبة السكانية واللُحمة الوطنية ؟

رابعاً : فيما يتعلق  بسياسات الأمن الاقتصادي .

أ‌- أمن الموارد الحيوية .

1- هل يمكن أن تتعرض المصادر الحيوية للدولة للتهديد ( نفط – مياه ) ؟

2-  ما هو شكل التهديد وما هي درجة خطورته وما هو احتمالات وقوعه ؟

3-  هل هنالك إجراءات وقائية كافية لمنع وقوع التهديد ؟

4-   ما هي إجراءات التصدي للتهديد إذا ما وقع ؟

5-  ما هي الإمكانات المتاحة لمواجهة التهديد وهل هي كافية وهل تدار بشكل مناسب ؟

ب‌-  أمن الموارد المالية .

1- ما مدى استقرار وأمن الظروف التي تحيط باستثمار وإيداع الموارد المالية للدولة ؟

2- هل مردود الاستثمار لأموال الدولة مقبول ، وهل يمكن تطويره ؟

3- هل تنسجم سياسات الاستثمار مع مصالح الدولة الخارجية ؟

شروط وتحولات ضرورية للأمن العربي:

يتضح لنا مما تقدم أن المقاربة الواقعية للأمن القومي العربي لا ينحصر في الاعتبارات العسكرية البحتة المتصلة بردع الخطر الخارجي ، أو الاعتبارات الأمنية الداخلية المنفصلة لكل بلد عربي على حدة بالرغم من أهميتها. وتفيدنا التجربة أن حرص الأنظمة الشديد على بقائها جعلها تسخّر القوات المسلحة والأجهزة الأمنية على مختلف أنواعها ، لمهمات حفظ النظام واستقراره على حساب حماية الأمن الوطني وتعزيز السلم الأهلي. ورغم معاناة الميزانيات الوطنية المزمن من العجز، نجد الحكومات تمعن في تضخيم المجمع البيروقراطي، والأمني والعسكري المشغول والمهووس بحماية النظام، وتخصص معظم ميزانيتها على الشؤون الأمنية ـ العسكرية، ويواكب هذا التضخم في الإنفاق، إتباع إجراءات واعتماد قوانين تعسفية مثل قوانين الطوارئ التي تحد من الحريات السياسية والمدنية وتقلص هامش الحراك السياسي البعيد عن وصاية السلطات ورقابتها، وتعطل هذه الممارسات انطلاق المبادرات لتشكيل تعددية نشطة للحياة السياسية ، توفر مشاركة شعبية حقيقية في صناعة القرار الوطني. هذه المشاركة لن تتأمن شروط السير في انجازها بدون توفر حرية تشكيل الأحزاب، وحق التنظيم في مؤسسات ونقابات واتحادات ونوادي أهلية بصورة مستقلة عن تدخل السلطات، بالإضافة إلى توسيع هامش حرية التعبير والحريات الصحفية … لأنها جميعها تشكل المدخل الطبيعي لإرساء ثقافة تعزز السلم الأهلي والتداول السلمي للسلطة وفقاً لآليات دستورية. إن توفر هذه الشروط سيساعد في سد أية منافذ خطرة يمكن أن تتسلل عبرها تهديدات للأمن الوطني والقومي العربي معاً.

كما أن تحصين الجبهة الداخلية لكل بلد عربي بما يضمن أمنه واستقراره وإسهامه في خدمة الأمن القومي العربي يستوجب السعي لانجاز تحولات رئيسية خمسة:

 1) تكريس مشروعية دستورية ـ شعبية للحكم وإقامة المؤسسات الضرورية التي تكفل ذلك.

2)  تكريس ملكية شعبية وطنية عامة للثروات الطبيعية ووضع آلية رقابة ومحاسبة فعالة على طرق استغلالها وأنفاقها ، وتطال هذه الملكية كافة الموارد والودائع والاستثمارات الخارجية.

3) تكريس تنمية داخلية (وطنية) متوازنة تطال كامل الرقعة الجغرافية ـ السكانية وتستجيب للحاجات الاقتصادية والاجتماعية، المعيشية، الثقافية والفنية للشعب وتأخذ في الاعتبار حرصها على التكامل التنموي الاقتصادي مع البيئة العربية المحيطة مباشرة والأبعد، والتنبه إلى مخاطر توسيع الفجوة التنموية مع الدول العربية الأخرى المجاورة والأبعد.

4)  معالجة جديدة وحازمة لمخاطر الاعتماد المفرط على العمالة الأجنبية غير العربية وما تحمله من آثار مدمرة على الهوية والقيم المكتسبة والتكوين النفسي والثقافي العربي إضافة إلى التماسك الاجتماعي … ووضع الخطط الضرورية التي تكفل تقليص معدلات البطالة على المستويين الوطني والقومي.

5) التوقف بجدية وحزم أمام مخاطر الاعتماد المفرط على الحماية العسكرية والأمنية الأجنبية، وما يرافقها من منح تسهيلات وقواعد دائمة تصل إلى حدود تقويض السيادة الوطنية وتسليم مصير البلد ومستقبله …. لقد حان الوقت لوضع خطط بديلة تكفل التخلي التدريجي عن هذه الحماية ، لصالح السعي لإقامة وتعزيز ترتيبات واقعية لنظام أمني عربي مستقر.

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button