المكتبة الأمنيةالمكتبة السياسيةدراسات استراتيجيةكتب

كتاب الاستراتيجية وتاريخها في العالم

الاستراتیجیة و تاریخها فی العالم
تألیف : ب.ھ.لیدل هارت
ترجمة : الهيثم الأيوبي
الناشر : دار الطليعة – بيروت
الطبعة الرابعة 2000

الإستراتيجية علم التخطيط بصفة عامة هي مصطلح عسكري بالأساس وتعني الخطة الحربية، أو هي فن التخطيط للعمليات العسكرية قبل نشوب الحروب، وفي نفس الوقت فن إدارة تلك العمليات عقب نشوب الحروب.
وتعكس الإستراتيجية الخطط المحددة مُسبقاً لتحقيق هدف معين على المدى البعيد في ضوء الإمكانيات المتاحة أو التي يمكن الحصول عليها. هي خطط أو طرق توضع لتحقيق هدف معين على المدى البعيد اعتماداً على التخطيطات والإجراءات الأمنية في استخدام المصادر المتوفرة في المدى القصير.

مصطلح الاستراتيجية يعد من المصطلحات القديمة المأخوذ من الكلمة الإغريقية Strato وتعني الجيش أو الحشود العسكرية، ومن تلك الكلمة اشتقت اليونانية القديمة مصطلح Strategos وتعني فن إدارة وقيادة الحروب.

الإستراتيجية تعني أصول القيادة الذي لا اعوجاج فيه، فهي تخطيط عال المستوى، فمن ذلك الإستراتيجية العسكرية أو السياسية التي تضمن للإنسان تحقيق الأهداف من خلال استخدامه وسائل معينة، تعني الطريق أو الإستراتيجية، فهي علم وفن التخطيط والتكتيك والعمليات، ثم استعملت هذه الكلمة في المجالات المتعددة في شتى مناح الحياة العامة، ولا علاقة لذلك بكلمة صراط ولا توجد كلمة بلفظ صراطية.
يعود أصل الكلمة إلى التعبير العسكري ولكنها الآن تستخدم بكثرة في سياقات مختلفة مثل استراتيجيات العمل استراتيجيات التسويق…الخ.
نشأة مفهوم الإستراتيجية

تعتبر الحرب واحدة من الظواهر الحتمية في حياة الإنسان، واكبت مسيرته على هذه الأرض وكانت معلماً بارزاً في تاريخه الطويل. و لأن الحرب كذلك فقد استحوذت -كسواها من فروع المعرفة الإنسانية- على اهتمام كثيرمن المفكرين والدارسين الذين حاولو الوصول إلى استنتاجات ومبادئ وقوانين عامة لهذه الظاهرة المعقدة من خلال الدراسة المقارنة لتجارب الحروب الإنسانية على مختلف انماطها.

وظهرت بواكير المؤلفات في هذا المجال قبل أكثر من ست وعشرين قرنا على يد بعض العسكريين الصينيين تلتها مؤلفات أخرى لعسكريين ومفكرين اغريق ورومان وعرب وأوروبيين تناولت جميعها بعض المفاهيم والمبادئ الأساسية والتفصيلية للحرب. مما نتج عنه نشوء فرع جديد من فروع المعرفة الإنسانية اصطلح على تسميته (الفن العسكري) أو (الفن الحربي).

وكنتيجة حتمية للتطور والتوسع الهائل في مجال المعرفة العسكرية قسم الفن العسكري إلى مستويات ثلاثة رئيسيه هي : 1- الإستراتيجية العليا أو الشاملة. 2- الإستراتيجية العسكرية. 3- التخطيط (التعبية). غير ان هذا التقسيم الذي اعتمدته المدرسة العسكرية الغربية تقريبا لما يطابق تماما ما اعتمدته المدرسة العسكرية الشرقية وبعض مفكري المدرسة الأولى الذين اعتمدا تقسيمات أخرى لا تختلف عن التقسيم آنف الذكرفي المضمون وان اختلفت في الشكل.

فقد قسمت المدرسة الشرقية الفن العسكري إلى إستراتيجية وفن عمليات وتخطيط، وقسمه الجنرال (أندريه بوفر) إلى إستراتيجية وتخطيط وشؤون إدارية. تعريف الاستراتيجية عرف (كلاوتز) الإستراتيجية بأنها (فن استخدام المعارك كوسيلة للوصول إلى هدف الحرب) وعرفها (مولتكه) بانها (اجراء الملائمة العملية للوسائل الموضوعة تحت تصرف القائد للوصول إلى الهدف المطلوب) بينما عرفها (ليدل هارت) بانها (فن توزيع واستخدام مختلف الوسائط العسكرية لتحقيق هدف السياسة)*

اما الجنرال (بالت) فقد عرفها بانها (فن تعبئة وتوجيه موارد الامة أو مجموعة من الأمم _بما فيها القوات المسلحة_لدعم وحماية مصالحها من اعداءها الفعليين أو المحتمليين *)في حين يعرفها الجنرال (اندريه بوفر) بأنها (فن حوار الارادات تستخدم القوة لحل خلافاتها).

وتعكس هذه التعرفات المختلفة الاختلاف بين مفاهيم اصحابها لمعنى الإستراتيجية ومدياتها ووسائلها مما يوحي بان مفهوم هذه الكلمة أو الاصطلاح لم يتبلور بعد في أذهان رواد الإستراتيجية ومفكريها.

والحقيقة ان حداثة فن الإستراتيجية والتطور السريع ؛ الذي لحق مفهوم هذا الفن كنتيجة حتمية للتطور الهائل الذي شهدته المعارف والتقنية العسكرية ؛ قد وسع مجاله ومداه بحيث أصبح لكل وضع أو مجال سياسي أو اقتصادي أو عسكري أو اجتماعي إستراتيجية خاصةً مما يجعل من العسير إيضاح معنى الإستراتيجية بكلمة أو ببعض كلمات.

ومن خلال استقراء التعريفات السابقة يمكن الوقوف على الفروق بين اصطلاح الإستراتيجية وسواه من الاصطلاحات المقترنة به كالسياسة والتخطيط والشؤون الإدارية.

فقد يختلط مفهوم الاستراتيجية بمستواها الأعلى _اي الاستراتيجية العليا الشاملة _ بمفهوم السياسة أو قد يختلط مفهوم الإستراتيجية بمستواها الأدنى ¬¬¬¬ ¬¬_اي الإستراتيجية العسكرية أو العملياتية _بمفهوم التخطيط أو الشؤون الإدارية.

فالسياسة هي التي ترسم وتحدد الهدف الذي تسعى الأمة أو الدولة لتحقيقه سواء بالسبل العسكرية أو سواها، في حين تعتبر الاستراتيجية العليا الإداة التنفيذية للسياسة أي أنها السياسة في مرحلة التنفيذ* أو السياسة في مرحلة الحركة العنيفة أو القابلة للعنف.

ولا يعني هذا أن الحل العسكري هو الحل الوحيد أو الوسيلة اليتيمة أمام الاستراتيجية لتحقيق هدف السياسة بل ثمة وسائل وسبل أخرى سياسية واقتصادية ونفسية ودبلوماسية تسلكها الإستراتيجية للوصول للهدف وإن كان سبيل القوة العسكرية هو الأكثر قوة وحسماً والذي يُلجأ إليه في نهاية المطاف عادة.

وتختلف الإستراتيجية العسكرية عن التخطيط وإدارة الشؤون، في أن التخطيط (فن استخدام الأسلحة في المعركة للوصول إلى المردود الأقصى) كما يقول (اندريه بوفر) أو (عملية اشتباك)كما يقول (باليت)، اي ان حدوده محصورة في الإجراءات والتدابير التي تتخذها القيادة الميدانية على مسرح المعركة أي أنه فن القتال في الميدان.

أما الشؤون الإدارية فهي علم تجهيز وإدامة القطعات أي علم (الحركة والتموين) وهي مع التخطيط تؤمن (تحقيق التعاون المتبادل بين العوامل المادية ويتصفان معا بصفات علمية واقعية تجعلهما مشابهين لفن الهندسة).

اما الإستراتيجية العسكرية فهي فن توزيع واستخدام الإمكانات والوسائل العسكرية المختلفة لتحقيق هدف السياسة بالطريقة المثلى التي تؤمن التوائم بين الامكانات والهدف وتحقيق اقل قدر من المقاومة لنخططها باستخدام عامل المناورة * ويكون التخطيط عادة إحدى الوسائل التي تستخدمها الإستراتيجية العسكرية لتحقيق هدفها.​

 

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى