الانفجار الدولي القادم: تايوان

وليد عبد الحي

منذ ان تم طرد تايوان من الامم المتحدة عام 1971، و قطعت الولايات المتحدة علاقاتها الدبلوماسية معها عام 1978 وفي العام التالي اقامت العلاقات مع الصين الشعبية، بدأ النقاش في الدوائر الصينية العسكرية والحزبية حول توحيد الصين، واصبح هذا الموضوع هو احد ركائز السياسة الخارجية الصينية منذ سيطرة تيار التحديثات الاربع مع دينغ هيساو بينغ.

ومنذ عام 1979 اصبحت السياسة الامريكية تجاه تايوان تقوم على بعدين: القبول بمبدأ الصين الواحدة من ناحية وان يتم تحقيق هذا المبدا من خلال الوسائل السلمية بموافقة شعبية من ناحية ثانية ، لكن السلوك الفعلي لواشنطن مع تايوان يتم من الجانب الامريكي كما لو كانت تايوان دولة مستقلة ذات سيادة فيتم بيعها السلاح) تم بيع تايوان سلاحا امريكيا بمبلغ 850 مليون دولار خلال فترة بايدن اضافة الى 620 مليون دولار في نهاية فترة ترامب عام 2020) كما ان العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وتايوان مزدهرة الى الحد الذي تقف فيه تايوان في المرتبة الثامنة عالميا بين شركاء الولايات المتحدة التجاريين وتصل قيمة التبادل التجاري بينهما الى اكثر من 114 مليار دولار مع نهاية عام 2021، اضافة الى ما مجموعه 44.2 مليار دولار مجموع استثمارات الطرفين (الامريكي في تايوان 31.5 مليار دولار مقابل 13.7 مليار دولار استثمارات تايوانية في امريكا حتى بداية 2021)، بل إن تايوان هي أكبر مالك عالمي لاحتياطيات النقد الأجنبي – 548.4 مليار دولار حتى نهاية عام 2021 – وهو ما يجعل تايوان في وضع يمكنها من التاثير على استقرار أسعار الصرف والحفاظ على السيولة والاستثمار، بل إن ما يقرب من نصف احتياطيات تايوان(248.4 مليار دولار) هو من سندات الخزانة الأمريكية( رغم أن المقارنة بتجارة امريكا مع الصين تكشف أن الفارق كبير ،حيث يبلغ التبادل التجاري بين امريكا والصين حوالي 635 مليار دولار). اما الوجود العسكري الامريكي فهو وجود محدود ويقتصر على خبراء وان كان عددهم تضاعف العام الماضي الى حوالي 40 خبيرا، وهو رقم لا يقارن بوجود حوالي 30 الف عسكري امريكي في تايوان خلال الحرب الفيتنامية.

ورغم الاهمية التجارية والاقتصادية لتايوان بالنسبة لامريكا، فإن القيمة الاكثر اهمية للتايوان هي القيمة الجيواستراتيجية في ظل العلاقات الامريكية مع اليابان وكوريا الجنوبية ناهيك عن اهمية المضائق الباسيفيكية والمخاوف من السياسة الكورية الشمالية اضافة الى تنامي الهواجس الشرق أسيوية من الطموحات الصينية لبناء ” الصين الكبرى”(Greater China ) الذي عاد للظهور خلال السبعينات والثمانينات من القرن الماضي وفي مضمونه اشارة الى توسيع الجغرافيا الصينية نحو هونغ كونغ ومكاو ثم تايوان، وقد تحقق ذلك كله منذ 1997 و1999 ولم يبق الا تايوان ،بل يذهب بعض الباحثين الى ان المفهوم يشتمل على البعد الجغرافي والبعد الديمغرافي اي حيث توجد اقليات صينية في المنطقة من قومية الهان، وهو ما يقلق دولا مثل سنغافورة وغيرها..

بالمقابل فان 42% من صادرات تايوان تذهب للصين الام، وهناك 242 الف تايواني يعملون في الصين( من عدد سكان 23.4 مليون نسمة)، لكن توجهات الحكومة التايوانية المناهضة لفكرة صين واحدة بنظامين(على غرار هونغ كونغ) دفعت الصين الى عدد من الاجراءات مثل وضع قيود على التجارة مع تايوان، و وهو ما عزز المخاوف التايوانية من مخاطر الاستثمار في الصين بسبب التوتر السياسي معها ناهيك عن احتمالات التجسس السيبراني على تايوان.

ومع انتصار التيار الليبرالي التايواني وقيادة الرئيسة تساي(Tsai ) فان الدعوة الانفصالية في تايوان واللجوء لسياسة التجنيد الالزامي في تايوان ستزيد التوتر مما يجعل القلق الصيني يميل للتصاعد ، ويقدر تقرير للبنتاغون ان خطة تطوير القوات الصينية التي تنتهي عام 2035 ستمكن الصين من القيام بعملية عسكرية ضد تايوان عام 2027(اي بعد خمس سنوات). ورغم تعهدات امريكا وبخاصة في فترة ترامب وتايوان بمساعدة تايوان لمواجهة الصين ،إلا ان الاتجاه السائد يشير الى ان هذه المساعدة ستبقى في حدود المساعدة الامريكية الحالية لأوكرانيا بخاصة ان خطة 1979 التي طرحتها الولايات المتحدة تشير بشكل ضمني الى ان هذا الشكل من المساعدة هو الأكثر ترجيحا.وما يزيد المستقبل التايواني قتامة ان نسبة الدول التي ما تزال تعترف بتايوان هو اقل من 8% من المجتمع الدولي. لكن توجهات المجتمع التايواني طبقا لاستطلاعات الراي تشير الى ضعف النظرة الايجابية للصين الام بنسبة 35% بينما من يدعمون العلاقات التجارية مع الصين بنسبة 52% ومن يدعمون العلاقة السياسية بنسبة 36%.

ذلك يعني:

أن ضم تايوان الى الصين الام قادم بنسبة عالية نظرا لانها هدف استراتيجي صيني معلن.

ان التراجع الامريكي وتنامي القوة الصينية يعزز النزعة الصينية في هذا التوجه

ان تحقيق روسيا نجاحا في عملياتها العسكرية في أوكرانيا سيجعل الغواية للصين للقيام بضم تايوان اكبر.

أن تايوان أقرب للكنز الاقتصادي والتكنولوجي للصين ، وهو ما سيعزز الغواية مرة اخرى.

ان عدد الدول التي لها علاقات سياسية او دبلوماسية مع تايوان محدود للغاية ، فهي دولة عارية دبلوماسيا.

ما سبق يعني ان على العالم ان يستعد لمواجهة صراع جديد ستكون حلبته تايوان التي لن يتخلى عن ضمها الصينيون سلما او حربا .

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button