قضايا بيئية

الاهتمام الدولي بمسألة التغير المناخي: المؤتمرات والاتفاقيات

من اعداد صخري محمد، تداعيات التغير المناخي على الأمن الدولي (1989-2016) : دراسة حالة الجزائر، مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر في العلوم السياسية والعلاقات الدولية– تخصص دراسات أمنية دولية – جامعة الجزائر 3، 2015-2016

      قبل عام 1968، لم يكن هناك اهتمام على المستوي العالمي بقضايا البيئة بصفة عامة وبموضوع التغير المناخي بصفه خاصة، ولقد قفزت هذه القضية إلى السطح في عامي 1967 و1968 بسبب ظاهرة موت الأسماك في العديد من البحيرات في الدول الاسكندنافية: السويد والنرويج والدنمارك. وقد طالبت شعوب هذه الدول بالحصول على تفسير من دولها لهذه الظاهرة. ولذلك، تم اجراء أبحاث اتضح بعدها أن الغازات المنبعثة من المصانع – مثل ثاني أكسيد الكبريت والنيتروجين – ترتفع في الجو وتذوب في مياه الأمطار، مما ينتج ما يعرف بالأمطار الحمضية، التي تتسبب في رفع درجة حموضة البحيرات، وبسبب موت الأسماك.

    وبالبحث، تبين أن جزءا كبيرا من الغازات المتسببة في هذه الظاهرة ليست ناتجة عن صناعات الدول الاسكندنافية، بل تنبعث من المصانع الموجودة في انجلترا وألمانيا. ولذلك طلبت هذه الدول ممثلة بالسويد، عقد مؤتمر دولي للبيئة الانسانية، حيث كان واضحا أنها غير قادرة على حل المشكلة بمفردها، بل كانت هناك حاجة للتعاون الدولي تبلور فيما بعد في عقد مجموعة من المؤتمرات منذ سبعينات القرن العشرين حاولت صياغة سياسات وخطط للحد من أثار التلوث البيئي والتغير المناخي.

 المحطات البيئية الدولية الكبرى (المؤتمرات)

 أعتبر التدهور البيئي ولسنوات عديدة أنه نتيجة حتمية لما تحقق من تقدم وتطور صناعي وتكنولوجي، ولم يتفطن المجتمع الدولي لأثار السلبية للتدهور البيئي الا مع النصف الثاني من القرن العشرين على أثر مجموعة من الكوارث البيئية التي شهدها العالم مثل حادثة تشرنوبيل بأوكرانيا عام 1983، الأمر الذي ساهم في زيادة الاهتمام الدولي بمسائل البيئة وفي مقدمتها موضوع التغير المناخي.[1]

    لقد عرفت الاتفاقيات البيئية خاصة متعددة الأطراف انتشار كبيرا في القرن العشرين، اذ يوجد اليوم عما يزيد عن 500 معاهدة دولية منها 323 معاهدة إقليمية، يتعلق نسبة كبيرة منها بموضوع البيئة البحرية والتي تمثل حولي 40 في المائة من اجمالي الاتفاقيات.[2]

1- مؤتمر ستوكهولم وجدولة القضايا البيئية 1972: اجتمع ممثلون من 113 دولة في مدينة ستوكهولم بالسويد في الفترة من 5 الى16 جوان عام 1972م في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة البشرية. وقد مثل هذا المؤتمر أول محاولة من جانب المجتمع الدولي لمعالجة العلاقة ما بين البيئة والتنمية على الصعيد العالمي. وكان المؤتمر يهدف الى تحقيق رؤية ومبادئ مشتركة لإرشاد شعوب العالم إلى حفظ البيئة البشرية وتنميتها، وكذلك بحث السبل لتشجيع الحكومات والمنظمات الدولية للقيام بما يجب لحماية البيئة.

     وقد نجح المؤتمر في وضع موضوع حماية البيئة على جدول الأعمال العالمية، باعتماده لخطة عمل ستوكهولم، وهي أول خطة عمل عالمية بشأن حماية البيئة، وقد قدمت إطارا للسياسات المشتركة لمعالجة الجيل الأول من الأعمال البيئية. وقد تم إعلان عن مجموعة من المبادئ التي ساهمت في بلورة القانون البيئي الدولي خلال السبعينيات والثمانينيات.

     وفي افتتاح هذا المؤتمر ألقى السيد (Maurice Strong) الأمين العام لمؤتمر ستوكهولم الذي عرف بـ «قمة الأرض»، كلمة أكد فيها على المسؤولية المشتركة للدول عن الأخطار والمشكلات التي تعاني منها البيئة الإنسانية، والتي شارك في إحداثها المجتمع الدولي كله. وأشار السيد (Strong) إلى حاجة العالم الملحة للتعاون الدولي لرفع مستوى البيئة الإنسانية وإنقاذها من التدهور وتطوير قواعد القانون الدولي خاصة فيما يتعلق بالمسؤولية الدولية لتتمشى مع التطورات الحديثة التي تجتاح العالم، ولقد ختم مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئة البشرية بإعلان ستوكهولم الذي أتى بمجموعة من المبادئ الأساسية وأهمها:[3]

 المبدأ (3) المحافظة على ثروات كوكب الأرض.

المبدأ (6): يجب تفادي أن تتجاوز مستويات التلوث قدرة النظام البيئي على تنظيف ذاته.

المبدأ (11): يجب إيجاد التوازن بين السياسات التنموية وحماية البيئة.

المبدأ (21): للدول السيادة في استخدام مواردها بشرط ألا تؤثر ولا تلحق ضرارا بالدول الاخرى[4]

      وإذا نظرنا إلى إعلان ستوكهولم هنا نلاحظ أنه قد أكد في أول مبدأ من مبادئه على أن للإنسان له الحق في الحرية والمساواة والعيش في ظروف بيئية نظيفة تسمح نوعيتها بالحياة في ظل الكرامة وبتحقيق الرفاه، وأن على الإنسان واجباً مقدساً لحماية وتحسين بيئته من أجل الأجيال القادمة. وعلى إثر مؤتمر ستوكهولم اعترفت دول عديدة في دساتيرها وقوانينها بالحق في بيئة لائقة، والتزام الدولة بحماية هذه البيئة.

     كما نص المبدأ 21 على أن «للدول ووفقاً لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، حق سيادي في استثمار مواردها طبقاً لسياستها البيئية الخاصة، حيث عمل المبدأ على التوفيق بين مسألتين مهمتين: الأولى هي حرية الدولة في ممارسة ما تشاء من أنشطة استثمارية لمواردها في حدود سيادتها الإقليمية، والثانية هي ألا تتسبب هذه الحرية في الإضرار ببيئة الغير أو خارج الحدود السيادية للدولة مثل المواقع التي تشكل تراثاً مشتركاً للإنسانية جمعاء. ومن نتائج المؤتمر ستوكهولم نجد:

1- تم الربط لأول مرة بين قضايا البيئة وعلاقتها بانتشار الفقر وغياب التنمية في عدة دول.

2- يجب إيجاد التوازن بين السياسات التنموية وحماية البيئة،

2-  أكد المؤتمر بشكل غير مباشر على مسؤولية الدول الصناعية المتقدمة.

3- انتقاد الدول والحكومات التي لا زالت تتجاهل الى حد بعيد البعد البيئي عند التخطيط الاقتصادي والعمراني.

4- تم اصدار أول وثيقة دولية تضمنت مبادئ العلاقات بين الدول وتوصيات التي يجب على الدول العمل بها واتخاد التدابير العاجلة لحماية البيئة، والتي تتكون من 109 توصية و26 مبدأ.

5- بروز مفهوم البيئة الصحية في المادة الأولى من الإعلان تعني” أن الانسان حق أساسي في الحرية والمساواة والعيش في ظروف مناسبة وفي بيئة تسمح له بالعيش بكرامة.[5]

     وكان من النتائج الهامة للمؤتمر، إنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وبدأ البحث عن مفهوم جديد للتنمية أكثر تنوعا يتعلق بحدود استغلال الموارد الطبيعية وتقوم الاعتبارات البيئية فيه بدور مركزي، مع السماح بممارسة الأنشطة البشرية.

    ومما سبق ذكره يمكن القول إن رغم السياق الدولي الخاص الذي عرفه مؤتمر ستوكهولم استطاع هذا الأخير تأسيس لأول مرة أسس للقانون دولي بيئي، دوره هو حماية التوان البيئي من جهة، وحماية حقوق الانسان من جهة أخرى، وعموما لقد تحولت منذ ذلك اليوم جذليه البيئة/ التنمية الى رهان حقيقي.

2- تقرير لجنة Brundtland والأمن البيئي (1987)

     جاء تقرير (Rapport Brundtland) في إطار النقاشات الأمنية ما بعد نهاية الحرب الباردة في ظل تطور مفهوم الأمن وبروز تهديدات أمنية جديدة، وفي هذا الصدد قدم التقرير أهمية العلاقة بين السلام والأمن والتنمية المستدامة، أي أن النزاعات الدولة لا ترجع فقط للأسباب سياسية وعسكرية، وانما كذلك ترجع لأسباب بيئية كمشكلة توزيع الموارد المائية والصراع من أجل الموارد الطبيعية، وأن هذا نوع من التهديدات لا يمكن حلها دون تنسيق الدول لمجهوداتها.

    هذا التقرير الذي كتبه أعضاء اللجنة العالمية المعنية بالبيئة والتنمية المعروفة باسم لجنة Brundtland نسبة لاسم وزيرة البيئة النرويجية في ذلك الوقت ثم أصبحت في عام 1990 رئيسة وزراء نرويج[6]. تطرق التقرير الى الروابط بين البيئة والتنمية عن طريق دراسة ست مشكلات عالمية: النظم الايكولوجية والتغير المناخي، الأمن الغذائي، الطاقة، الصناعة، الأمن والتنمية.

     لقد ساهم تقرير Brundtland في صياغة مفهوم جديد للتنمية المستدامة، حيث عرفها بأنها” التنمية التي تلبي حاجات الحاضر دون المساومة على قدرة الأجيال الأخرى في تلبية حاجياتهم.[7]وكان تعريف التنمية المستدامة من ضمن إنجازات الرئيسية لهذا التقرير (1978)، وبعد نشر الإعلان تم الاعتماد عدة اتفاقيات بيئية متعددة الأطراف من أبرزها اتفاقية ريو دي جانيرو بالبرازيل 1992م المعنية بالبيئة والتنمية وتسمى كذلك قمة الأرض.[8]

       3-مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية (مؤتمر ريو دي جانيرو 1992): عقد المؤتمر العالمي للبيئة والتنمية في مدينة ريودي جانيرو البرازيلية في الفترة من 3 – 14 جوان عام 1992 م تحت مظلة الأمم المتحدة. وكان هذا المؤتمر الأكبر والأوسع نظراً للعدد الهائل من المشاركين، فقد كان أكبر اجتماع عالمي في التاريخ حضره ثلاثون ألفاً من ممثلي 178 دولة، حيث كان هناك 165 من رؤساء الدول و176 رئيس حكومة، و1500 ممثلي من مختلف المنظمات الغير حكومية[9]، كلهم اجتمعوا من أجل حماية كوكب الأرض وموارده ومناخه، ووضع سياسة النمو العالمي والقضاء على الفقر.

     وأبرز الأسباب التي دعت إلى عقد هذا المؤتمر هي: 1-حماية الغلاف الجوي وطبقة الأوزون. /2- مكافحة إزالة الغابات ومكافحة التصحر. 3/ – حفظ التنوع البيولوجي. /4- اعتماد سلوك الإدارة السليمة بيئياً للنفايات الخطرة والنفايات المشعة. / 5-حماية المياه العذبة وإمداداتها من التلوث. /6- النهوض بالزراعة والتنمية الريفية. / 7- تحسين ظروف العيش والعمل، والقضاء عن الفقر.

وتضمن اعلان ريو 27 مبدأ يجب على الدول الاستناد إليها في إدارة الكرة الأرضية باعتبارها (دار الإنسانية) من أجل الحفاظ على البيئة في عملية التنمية، وتشمل عدة قضايا كالمسؤوليات القومية، حقوق الانسان، التنمية المستدامة والقضاء على الفقر.

    ومن أهم هذه المبادئ هناك المبدأ الثاني الذي ينص على أن الدول «لا يجب أن تخلق أنشطتها أضراراً بيئية لدول، كما نص المبدأ السابع على أن «تتعاون الدول بروح المشاركة العالمية في عمليات حماية البيئة والمحافظة على سلامة النظام الايكولوجي للأرض، لذلك يتوجب على الدول الصناعية الاعتراف بالمسؤولية الواقعة على عاتقها». وهناك المبدأ 10 الذي يركز على ضرورة اشراك المواطنين في حماية البيئة على مستويات معينة من خلال نشر التربية والوعي البيئي والانضمام الى جمعيات حماية البيئة.[10]

       أما فيما يتعلق بالدول النامية فقد ركّز المبدأ السادس على أن تمنح أولوية والمساعدات للدول الأقل نمواً والأضعف بيئياً، وأن تراعى مصالح واحتياجات جميع الدول فيما يتعلق بالإجراءات الدولية في مجال البيئة والتنمية.

       وأرفق الإعلان بخطة عمل مفصلة عرفت باسم «جدول أعمال القرن الحادي والعشرين» وهي وثيقة تتكون من 800 صفحة، تتضمن مبادئ التنمية المتوافقة مع متطلبات البيئة، أي التنمية القابلة للاستمرار، في كافة ميادين النشاط الاقتصادي. وبالإضافة الى جــدول أعـمـال الـقـرن الـحـادي والعشرين، انــبــثــقــت عـن مـؤتـمـر ريـو عـام 1992، الاتـفـاقـيـة الإطـاريـة لــلــتــغــيــرات الــمــنــاخــيــة، واتـــفـــاقـــيـــة ّ الــتــنــوع الـبـيـولـوجـي، وقضايا لجنة التنمية المستدامة، وبــدايــة الإرهـــاصـــات الأولــــى لــلــحــديــث عـن بروتوكول كيوتو[11].

ونلخص أهم القضايا التي تم علاجها في هذا المؤتمر فيما يلي:

1- الاهتمام بالبيئة: هذا ما نصت عليه المبادئ 1، 3، 5، 6 حول ضرورة اعطاء الأولوية للتنمية والقضاء على الفقر.

2- النظام الاقتصادي العالمي: التأكيد في المبادئ 7، 8، و12 أن النظام الاقتصادي هو نظام مفتوح ومدعوم.

3- المشاركة العامة: وهي التأكيد على حق المواطنين وكل الناس في المشاركة من أجل حماية البيئة، وقد دعم المبدأين 20 و21 هذا الطرح.

4- مجموعة المبادئ المتعلقة بالمسؤولية وتسوية النزاعات البيئة.

وقد انقسم المؤتمرون إلى اتجاهين أساسيين: فدول الشمال الغني ترى أن حماية البيئة هو الهدف الأهم للمؤتمر ما لم تصطدم بمصالحها الاقتصادية، ودول الجنوب الفقير تؤكد أن الهدف من المؤتمر هو التنمية ومحاربة الفقر ولو على حساب البيئة واستنزاف الموارد. وقد اختتم المؤتمر أعماله بتوقيع ثلاث اتفاقيات وقع عليها أكثر من 150 دولة وهي:

أ ـ الاتفاقية الأولى: وتتعلق بالتنوع الحيوي وهي تهدف إلى حماية الكائنات الحية الحيوانية والنباتية المهددة بالانقراض.

ب ـ الاتفاقية الثانية: اتفاقية مناخ الأرض وتتعلق بالتغييرات المناخية ومكافحة ارتفاع درجات الحرارة عن طريق الحد من انبعاث الغازات المسببة لسخونة الجو. [12]

ج ـ الاتفاقية الثالثة: معاهدة الغابات والمساحات الخضراء.

    ورغم كل هذه الجهود الا أن مؤتمر قمة الأرض لم يحقق التوقعات المرجوة وأخفق في علاج كثير من القضايا البيئية المهمة، خاصة فيما يتعلق بنسبة مساعدات التنمية التي تقدمها الدول الغنية للدول الفقيرة، كما أن إعلان ريو وجدول أعمال القرن الحادي والعشرين واتفاقيتي المناخ والتنوع الحيوي، كلها نصوص غير مفصلة وغير ملزمة بالنسبة للدول المشاركة.

4- المؤتمر العالمي للبيئة والتنمية المستدامة (جوهانسبورغ 2002): عقد مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة في 4 سبتمبر 2002، وسمي بإعلان جوهانسبرغ بشأن التنمية المستدامة* الذي تضمن خطة عمل[13]، تنص على ما يلي:

– أكد قادة العالم في مؤتمر القمة العالمي للبيئة، في الفقرتين 35 و36 من إعلان جوهانسبرغ، عزمهم الثابت على حماية كوكب الأرض وتحقيق الرفاه لشعوب والأمم، من خلال التزامهم بتحويل السياسات المتفق عليها إلى أعمال ملموسة، بالنص على” إننا نلتزم بالعمل معا، يوحدنا عزمنا المشترك على إنقاذ كوكبنا، والنهوض بالتنمية البشرية، وإنجاز الرخاء والسلم العالميين. إننا نلتزم بخطة تنفيذ مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة وبالتعجيل بإنجاز الأهداف الاجتماعية-الاقتصادية والبيئية المحددة الزمن والواردة في هذا الإعلان”.

– وأعادت خطة التنفيذ في فقرتها الأولى تأكيد التزام المجتمع الدولي بمبادئ ريو، والتنفيذ الكامل لجدول أعمال القرن 21، بما في ذلك ما ورد منها في إعلان الأمم المتحدة للألفية ونتائج مؤتمرات الأمم المتحدة الرئيسية والاتفاقات الدولية المبرمة منذ عام 1992.

 – كذلك التزام المجتمع الدولي بالاضطلاع بإجراءات وتدابير ملموسة على جميع المستويات وبتعزيز التعاون الدولي، مع الأخذ بعين الاعتبار مبادئ ريو، بما في ذلك مبدأ المسؤوليات المشتركة. والتركيز على أسس التنمية الثلاثة – التنمية الاقتصادية، والتنمية الاجتماعية، والحماية البيئية- باعتبارها دعائم مترابطة وتعزز بعضها البعض.[14]

5- مؤتمر بالي حول التغير المناخي (2007): عقد مؤتمر الأمم المتحدة حول التغير المناخي في جزيرة بالي في إندونيسيا في الفترة 3-14 ديسمبر أول 2007. وكان الغرض الرئيسي منه التركيز على تكيف الدول النامية والفقيرة مع التغيرات المناخية.

     وقد ارتكز الاجتماع على تقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان والتنمية لعام 2007 بعنوان (مكافحة التغير المناخي: التعاون الدولي في عالم منقسم) وحضره وزراء من 190 دولة. وقد انحصر النقاش حول وضع مجموعة من الأهداف للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة حتى عام 2020. وقد اقترح الاتحاد الأوروبي ذلك، وأيدته الدول النامية، بينما عارضته الولايات المتحدة واليابان وكندا.

    في هذا المؤتمر تم الاتفاق على بدء مفاوضات للتوصل إلى اتفاقية جديدة حول الاحتباس الحراري، لخلافة بروتوكول كيوتو الذي كان سينتهي بحلول عام 2012. وقد اتفقت على زيادة خفض الإصدارات إلى 25-40 % بحلول عام 2020 في فترة الالتزام الثانية بعد انقضاء بروتوكول كيوتو. [15]

6- مؤتمر كوبنهاغن عن التغيرات المناخية (2009): مؤتمر كوبنهاجن للتغيرات المناخية 2009 التابع للأمم المتحدة، انعقد في الفترة بين 7 ديسمبر حتى 18 ديسمبر 2009. انعقدت القمة في مركز بيلا في كوبنهاجن، الدانمرك. شارك في المؤتمر 192 دولة وهم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. يأتي المؤتمر كتكملة لاتفاقية كيوتو، والتي انعقدت عام1997.

وكان الهدف منه إبرام اتفاق عالمي جديد لحماية البيئة من مخاطر التغيرات المناخية وتخفيض انبعاث الغازات الدفيئة، حيث اختتم الاجتماع بنتائج مخيبة بعد مفاوضات مكثفة بين ممثلي الدول. وانتهت المحادثات بإقرارها الاتفاق الصيني-الأمريكي، معلنة أن الاتفاق صاغته الولايات المتحدة لمحاربة ظاهرة الاحتباس الحراري، وهذا الاتفاق تم توقيعه بين الولايات المتحدة والهند والصين والبرازيل وجنوب أفريقيا.[16]

     وتضمن الاتفاق تخصيص 30 مليار دولار للأعوام الثلاثة المقبلة للدول الفقيرة لمواجهة مخاطر تغيرات المناخ، على أن ترتفع إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2020، وأوضح أوباما أنداك أن التوصل إلى اتفاقية ملزمة قانونيا حول المناخ سيكون صعبا جدًا، وسيحتاج مزيدًا من الوقت.

7- مؤتمر كانكون بالمكسيك (2010): رغم خطورة تداعيات المشكلات البيئية على العالم، فلا تزال أغلبية الدول لا تعيرها الاهتمام الكافي والضروري، وهو الأمر الذي تجلي واضحا في نتائج مؤتمر ” كانكون” بشأن التغير المناخي، الذي انعقد في المكسيك خلال الفترة من 29 نوفمبر الى 10 ديسمبر 2010، وشارك فيه نحو 193 دولة وقرابة 15 ألف شخص من الوفود الحكومية والمنظمات الدولية وخبراء البيئة.

       ففي الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، دعي الأمين العام للأمم المتحدة Ban Ki-moon ممثلي الدول المجتمعين على الاتفاق على خطوات لمكافحة الاحتباس الحراري وعدم الانتظار إلى أن يتم التوصل لاتفاق كامل، قائلا “لا نستطيع أن ندع الكمال يكون عدوا للخير، لأن صحة الكوكب في خطر”.
تأتي أهمية المؤتمر في إطار ما كشفت عنه إحدى الدراسات الصادرة عن المنظمة الدولية للأرصاد الجوية من أن عام 2010 المنصرم قد يصنف كواحد من بين الأعوام الثلاثة الأشد حرارة منذ بدء المجتمع البشري، خاصة في إفريقيا ومناطق من آسيا. وأضافت المنظمة أن معدلي درجات حرارة سطح الأرض والبحر زادا على معدلاتهما في الفترة ما بين عامي1961 و1990 بمقدار نصف درجة مئوية، ومن المتوقع أن يرتفعا بنحو أربع درجات مئوية بحلول عام 2060، أي بمقدار ضعف السقف الذي حددته 140 دولة بمعدل درجتين مئويتين في قمة الأمم المتحدة حول المناخ في كوبنهاجن عام 2009. ومن المحتمل، بحسب الدراسة، أن يؤدي هذا الارتفاع السريع إلى تعطيل إمدادات الغذاء والماء في أجزاء كثيرة من العالم.

    ولقد توصل المشاركين في المؤتمر بعدة أسبوعين من المفاوضات لعدة قرارات حول مكافحة ظاهرة التغير المناخي وتداعياتها على الأمن الدولي، وأهم هذه القرارات:[17]

– تخفيف من حدة الانبعاثات وضمان زيادة المساءلة بشأنها، بالإضافة الى تعزيز أسواق الطاقة النظيفة في مختلف أنحاء العالم.

– انشاء صندوق الأخضر لدعم المشاريع والسياسات البيئية للدول النامية التي تفتقر للإمكانيات المادية الكافية لمواجهة أثار التغير المناخي.

– انشاء ألية لمكافحة التصحر.

– اتخاذ إجراءات ملموسة لحماية الغابات في العالم

– تسهيل الوصول إلي أحدث التقنيات والتمويل الدولي للعديد من المشاريع والمبادرات التي تقوم بها العديد من الدول لخفض انبعاثات غاز الكربون وحماية البيئة.

8- مؤتمر ديربان(Durban) حول التغيرات المناخية (2011): انعقد في الخامس من ديسمبر عام 2011 في Durban بجنوب افريقيا بمشاركة 194 دولة، بهدف الوصول الى اتفاق دولي جديد يحل محل اتفاق كيوتو (اليابان) والذي كان سينتهي عام 2012. وبعد محادثات مكثفة بين الأطراف الفاعلة في المؤتمر تم التوصل الى اتفاق تمديد العمل باتفاق كيوتو الى ما بعد 2012 الذي يحدد من نسبة الانبعاثات غازات الدفيئة مثل غاز ثاني أكسيد الكربون. وتم كذلك إقرار خطة عمل لعام 2015 من أجل خفض انبعاثات الغازات وانشاء صندوق أخضر لمساعدة الدول النامية الفقيرة على مواجهة أثار التغيرات المناخية.

كذلك في هذا المؤتمر تم الاتفاق على ضرورة إلزام الدول قانونيا لتنقيد تعهداتها حول انبعاثات الغازات ودخول هذا الاتفاق حيز التنقيد بداية من 2020.[18]

      وفي هذا المؤتمر وجه المجتمع الدولي انتقادات حادة لكل من الولايات المتحدة وكندا لرفضهما الانضمام الى مرحلة الالتزام الثانية بمعاهدة كيوتو للمناخ. كما تعرضت نتائج هذا المؤتمر لعدة انتقادات من طرف المنظمات غير حكومية المعنية بحماية البيئة كاعتبار هذه الأخيرة ان هذا المؤتمر لم يؤذي لأي اتفاق ملزم لدول المشاركة لتخفيض انبعاثاتها الغازية.

9- مؤتمر القمة المعني بالمناخ بنيويورك (مقر الأمم المتحدة) 2014: انعقد مؤتمر القمة المعني بالمناخ 2014 في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، في الولايات المتحدة الأمريكية في 23 سبتمبر 2014. شارك في هذه القمة 100 من رؤساء الدول بالإضافة إلى الوزراء وممثلي عن المنظمات الدولية. وهدف إلى تعبئة الدعم والإرادة السياسية اللازمة للتوصل إلى اتفاق دولي بشأن التغير المناخي في 2015 وتعبئة العمل على أرض الواقع.

     لقد تم الاعلان عن عدد من المبادرات والالتزامات ومنها: اعتماد اعلان نيويورك بشأن حماية الغابات، الذي تضمن التزامات مثل الحد من مشكلة تناقص مساحات الغابات بحلول عام 2020 والسعي للقضاء على هذه الظاهرة بحلول عام 2030، والتعهد بتخصيص 2.3 مليار دولار لدعم الصندوق الأخضر للمناخ؛ وإطلاق التحالف العالمي من أجل الزراعة الذكية لتكيف مع التغير المناخي.[19]

10-مؤتمر باريس بشأن المناخ لعام 2015*

     صادّق 195 طرفا على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ منذ اعتمادها في عام 1992. واعتُمد بروتوكول كيوتو في عام 1997 من أجل تطبيق الاتفاقية، ودخل حيّز التنفيذ في عام 2005. وحدّد البروتوكول أهدافا تتمثل في تقليص انبعاثات غازات الدفيئة والحد منها للبلدان المتقدمة والبلدان ذات الاقتصاد الانتقالي. واستهلت الأطراف الدولية أعمالا في عام 2007 ترمي إلى إعداد اتفاق بشأن المناخ لفترة ما بعد عام 2012، يُطبَق على جميع الدول التي تتسبب في انبعاثات غازات الدفيئة.

  كما وَضع اتفاق كوبنهاغن السياسي في عام 2009 ومؤتمرات كانكون (2010) وديربان (2011) والدوحة (2012) الأسس لتكميل الاجراءات القائمة في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ. وأكّدت الأطراف في عام 2011 عزمها على إبرام اتفاق جديد بشأن المناخ في عام 2015، بغية دخوله حيّز النفاذ في عام 2020. ووفقا للنظام الداخلي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، التي تنص على تناوب انعقاد مؤتمر الأطراف بين المجموعات الإقليمية للأمم المتحدة، يقع دور استقبال مؤتمر القمة لعام 2015 على أحد بلدان أوروبا الغربية.

    ولقد نظمت الدورة الحادية والعشرون لمؤتمر الأطراف في مدينة باريس الفرنسية وبالضبط بموقع Le Bourget، الذي يعتبر أفضل موقع من الناحية اللوجستية لاستقبال الوفود الرسمية والمجتمع المدني ووسائط الإعلام عند وصولها إلى مكان انعقاد المؤتمر.

          وأعلن رئيس الفرنسي François Hollande، في سبتمبر 2012 ترشيح فرنسا لاستضافة هذا الموعد الهام في عام 2015، المتمثل في الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، والدورة الحادي عشرة لاجتماع الأطراف في بروتوكول كيوتو. وقد أكّد وزير الشؤون الخارجية الفرنسي Laurent Fabius هذا الترشيح إبّان مؤتمر الدوحة (الدورة الثامنة عشرة لمؤتمر الأطراف) في ديسمبر 2012. ودعمت منظمة الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، هذا الترشيح في 12 أفريل 2012 مما يمهد الطريق للتعيين الرسمي في خلال مؤتمر الأطراف في وارسو في نوفمبر 2013.[20]

      بعد سلسلة من النقاشات والمفاوضات، تم التوصل في باريس (ديسمبر 2015)، الى اتفاقية بهذا الشأن، ضمن إطار اتفاقية تغير المناخ الدولية التابعة للأمم المتحدة بحضور ممثلي 195 دولة ومنظمات دولية. وتهدف هذه الاتفاقية (التي نطلق عليها اسم اتفاقية باريس 2015 للمناخ) الى منع ارتفاع درجة الحرارة في العالم أكثر من 2 درجة مئوية بحلول 2100م وألا تتعدى مستوى الغازات الدفيئة* سقف 40-70% مع حلول 2100.[21] (انظر شكل رقم 1)

كذلك العمل على وضع الأليات المناسبة لتكيف المجتمعات مع التدهور البيئي بصفة هامة والاختلال المناخي بصفة خاصة.

شكل رقم 1: التسخين العالمي فوق مستويات ما قبل – التصنيع[22]

      وأهم النقاط الرئيسية التي تطرقت اليها النقاشات المكثفة بين الأطراف المشاركة:

أولا واقع أثار الاحتباس الحراري على الأمن البيئي بعد اتفاقية كوبنهاغن في عام 2009:

 عمل المفاوضون في مؤتمر باريس للوصول إلى توافق في الأهداف بشأن الحد أقصى لانبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون، وتحديد عتبة تكون بمثابة خط أحمر يجب على الدول احترامها، لأن بعدها يصبح من الصعب مواجهة أثار تغير المناخ، خاصة بالنسبة للدول الفقيرة والدول الساحلية والجزر بسبب ارتفاع المياه، مطالبا باتفاق الدول المشاركة في المؤتمر على احتواء الزيادة في متوسط ​​درجة حرارة “أقل من 2 درجة مئوية، ومواصلة جهودها للحد من ارتفاع درجات الحرارة الى 1.5 درجة مئوية ، و الذي سوف يصبح هدفا عالميا يعتمد من قبل جميع البلدان.

ثانيا- الاختلاف بين الدول الغنية والدول الفقيرة، حيث أن قضية “المسؤولية المشتركة ولكن المتباينة” فاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ الموقعة في عام 1992، أكدت على المسؤولية التاريخية للدول الصناعية في انبعاثات غازات الدفيئة، كما أنها تملك امكانيات أكبر على مواجهة آثار تغير المناخ وبالتالي هذا ينطوي على التزام أقوى من جانبهم. أما الدول النامية فيجب مساعدتها ولقد تم ذلك في مؤتمر Durban بجنوب افريقيا 2011، أين تم الاتفاق على انشاء صندوق أخضر لتمويل مشاريع بيئية تنموية في دول العالم الثالث.

    ولأنه لا يمكن تمييع المسؤوليات التاريخية ووضع الملوثين والضحايا على نفس المستوى فيجب إعداد اتفاق دائم “، وفي هذا الصدد أكد وزير البيئة الهندي (Shri Prakash Javadekar) أن هناك خلاف بين البلدان النامية التي تري أن خفض الانبعاثات لا يعوق النمو الاقتصادي، أما البلدان المتقدمة الصناعية من جانبها تريد أن ترى الدول النامية والصاعدة على السواء تساهم ماليا مثل والصين والهند والبرازيل. ولا تزال العديد من القضايا العالقة: كيفية حساب المساعدات المالية التي يجب ان تقدمها الدول المتقدمة إلى البلدان النامية؟ كيف يتم توزيع الجهود وتدابير للحد من انبعاثات غازات الدفيئة والتكيف مع ارتفاع درجات الحرارة؟

وتنص المادة 6 من الاتفاق أن الدول المتقدمة لها مسؤولة توفير التمويل والمساعدة الضرورية للدول النامية من أجل اعداد خطط عمل التخفيف والتكيف الضروريتين للمواجهة التغير المناخي. مع تقديم وعد من طرف الدول المتقدمة بتعبئة 100 مليار دولار بحلول 2020.

ثالثا- تقييم الخسائر والأضرار، حيث تم تأكيد أن معظم الدول النامية الفقيرة هي التي تتأثر أكثر من آثار الاحتباس الحراري. فالأعاصير والفيضانات المدمرة أصبحت أكثر شيوعا، وشعوب هذه الدول هم من المتضررين من الجفاف وقلة المحاصيل الزراعية، مما خلق حالة انعدام الأمن الغذائي، وارتفاع منسوب المياه.

رابعا- الأهداف على المدى الطويل، حيث يرى الخبراء أن على الدول العالم الالتزام بخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وتحقيق الأهداف قبل حلول 2030 حسب الاتفاق المشار إليها في المادة (3) لأن سنة 2030، ستكون مهمة وبمثابة سنة تقييمية لمدى فعالية الإجراءات التي تم اتخذاها والفشل سيكون غير مقبول، لأن مواصلة ارتفاع حرارة الأرض الى غاية 2030 ستكون لها أثار مدمرة لتوازن البيئي خاصة على الدول النامية في أسيا وافريقيا.[23]

خامسا-آلية التقييم التوصيات: تسعى المادة 10 من الاتفاق وضع “تقييم عالمي” لمدى التزام الدول بالتدابير والتوصيات التي صدرت في الاتفاق النهائي مع عقد اجتماعات متكررة أولها يكون في عام 2023 مع العلم أن اتفاق باريس يدخل حيز التنقيد بداية من عام 2020 ، وبعد ذلك يتم الاجتماع بين الدول “كل خمس سنوات. كما ينص الاتفاق على اعداد، تقريرا خاصا عام 2018 حول “عواقب الاحتباس الحراري العالمي.[24]

سادس- الشفافية وتطبيق الالتزامات، بمعنى وضع أليات المراقبة من أجل التأكد من أن جميع الحكومات تفي بوعودها بشأن انبعاثات الكربون أي أنها لا تغش في واقع انبعاثاتها، وحسب اتفاق باريس فان بلدان الشمال فقط هي من ستخضع للمراقبة التي أنشئت بموجب بروتوكول كيوتو الالتزام الثاني 2012، أما البلدان النامية، فهم معفيين. وفي هذا الصدد يجب الاشارة الى أهم اجراءات الالتزام، وهي ثلاثة:[25]

1-اجراءات الكفاءة والترشيد في استهلاك الطاقة وتخفيض الانبعاثات في البنايات والمصانع ووسائل النقل.

2- الاهتمام بإنجاز البحوث والتكنولوجيات والتطبيقات التي تساعد على الكفاءة والترشيد، وترويجها.

3- إعانات مالية وحوافز ضريبية وغيرها، لتشجيع تطوير المصادر المتجددة.

وفي الأخير يمكن القول حول تقييم الاتفاقية حسب قول أحد المعلقين على اتفاقية باريس “مقارنة بما كان يمكن أن يحدث فإنها معجزة ولكن مقارنة بالمطلوب فهي كارثة”.

 اتفاقيات وبروتوكولات البيئة المعنية بالحد من ظاهرة التغير المناخي

     أولا – هناك اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، فقد صادَّق 191 بلداً على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، والتزمت تلك البلدان بوضع استراتيجيات وطنية لمواجهة الاحتباس الحراري العالمي. وقد تم تحديد مجموعة من الالتزامات بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ التي تنص عليها الاتفاقية، على أن هدفها النهائي هو تثبيت تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي عند مستوى يحول دون إلحاق ضرر بالنظام المناخي. وتحظى الاتفاقية بعضوية عالمية تقريباً؛ فحتى جوان2007 كان 191 بلداً قد صدَّق عليها. وهذه البلدان يشار إليها باسم “أطراف الاتفاقية”.[26]

       كذلك هناك مسألة الإبلاغ عن الانبعاثات، حيث اتفقت الأطراف على عدد من الالتزامات للتصدي لتغير المناخ. إذ يجب على جميع الأطراف أن تنجز وبصفة دورية تقريراً يسمى “البلاغات الوطنية”. وهذه البلاغات الوطنية يجب أن تحتوي على معلومات دقيقة عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وأن تصف الخطوات التي اتخذتها وما يعتزم اتخاذه من خطوات لتنفيذ الاتفاقية.

     وهناك البرامج الوطنية، حيث تقتضي الاتفاقية من جميع الأطراف تنفيذ برامج وتدابير وطنية للتحكم في انبعاثات غازات والتكيف مع تأثيرات تغير المناخ. واتفقت الأطراف أيضاً على تشجيع استحداث واستخدام تكنولوجيات التي لا تلحق ضرراً بالمناخ، ونشر التوعية البيئية العامة وتجسيد الإدارة المستدامة للغابات وغيرها.

     أما من جهة التزامات البلدان الصناعية، هناك التزامات إضافية على عاتق البلدان الصناعية، التي تسمى أطراف المرفق الأول* بموجب الاتفاقية. وهذه الأطراف يجب عليها الحد من حجم انبعاثاتها من غازات الدفيئة الناجمة عن كثرة النشاطات الاقتصادية والاجتماعية.

       كما نجد تبادل التكنولوجيات، اذ يجب أيضاً على البلدان المتقدمة الأغنى (التي تسمى الأطراف المدرجة في المرفق الثاني)، بتشجيع وتيسير نقل التكنولوجيات غير الضارة بالمناخ إلى البلدان النامية وإلى البلدان التي تمر اقتصاداتها بمرحلة انتقالية. ويجب أيضاً أن تقدم موارد مالية لمساعدة البلدان النامية على تنفيذ التزاماتها عن طريق مرفق البيئة العالمية، الذي يمثل الآلية المالية للاتفاقية، عن طريق القنوات الثنائية أو القنوات الأخرى المتعددة الأطراف.

      ومما سبق ذكره من التزامات هذه الاتفاقية، فإننا نجد أن لها ثلاثة مسارات لالتزام فالمسار الأول ركز على تحديد من يتحمل التكلفة الأكبر جراء تدهور النظام البيئي وقد شمل الدول الصناعية التي عليها التزامات فورية لخفض الغازات الدفيئة. أما المسار الثاني الذي يشمل الدول الصاعدة مثل الهند والصين والبرازيل وجنوب افريقيا والتي عليها التزامات لخفض الغازات تدريجيا وفقا لجدول زمني محدد. وفي الأخير المسار الثالث ويضم الدول النامية ولقد منح لها الوقت لتنقيد التزاماتها حسب امكانيتها ويمكنها تقديم التزامات تطوعية كدليل على حسن نواياها التنموية.

     ثانيا- الاتفاقية الدولية للتنوع البيولوجي* التي جاءت نتيجة اجتماعات مكثفة ما بين 1988 و1990 بمشاركة خبراء في مجال البيئة بهدف وضع معاهدة دولية لحماية التنوع البيولوجي في إطار مؤتمر ريو بالبرازيل عام 1992م الى جانب الاتفاقية الاطارية بشأن التغيرات المناخية.

تم التوقيع عليها من قبل 155 دولة، أصبحت سارية المفعول عام 1993 م وهي تتضمن مجموعة من الأهداف: – حماية أنواع الكائنات الحية من الزوال ومواطن هذه الأخيرة، وضع شروط صارمة للاستعمالات الجينية والتقنيات الحيوية، تقديم تقارير دورية من طرف الدول.[27]

الا أن هذه الاتفاقية تعرضت لعدة انتقادات حيث تفتقد هذه الاتفاقية لقوة القانونية الإلزامية، كما أنها لم تميز بين الأنظمة الايكولوجية(البرية/البحرية).[28]

   ثالثا – برتوكول كيوتو (اليابان 1997) وفي عام 1997 التزمت الدول الصناعية في مدينة كيوتو اليابانية بخفض انبعاث الغازات الضارة بالبيئة في الفترة ما بين عاميي 2008 و2012 بمعدل لا يقل عن 5 بالمئة مقارنة بمستويات عام 1990. ويعتبر غاز ثاني أكسيد الكربون هو المسئول الأول عن هذا التلوث المناخي بنسبة تقارب الخمسين بالمئة + غاز الميثان وغاز النتروجين.

ولقد صادَّق 174 بلداً على بروتوكول كيوتو الملحق بالاتفاقية، الذي يحدد أهدافاً وجداول زمنية للحد من الانبعاثات في البلدان الصناعية. وتتمحور الجهود الدولية الرامية إلى التصدي لتغير المناخ حول اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وبروتوكول كيوتو الملحق بها. وهاتان المعاهدتان تمثلان الاستجابة الدولية لظاهرة الحد من أثار التغير المناخي، التي أكدتها مراراً الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.

      وهنا نذكر بعض القواعد الأساسية لبروتوكول كيوتو والتي تم الاتفاق عليها بشكل نهائي عام 2001 في مدينتي بون الألمانية ومراكش المغربية، في حين تملصت الولايات المتحدة الأمريكية من التزامها بالتصديق على هذا البروتوكول، إلى جانب الحد المباشر لانبعاث الغازات الضارة على صعيد كل دولة، هناك ثلاثة سبل أخرى يجوز للدول اتباعها للحد من هذه الغازات المنبعثة.[29]

1- الإتجار بحصص انبعاث الغازات لكل دولة أي يحق لدولة ما شراء هذه الحقوق من دولة أخرى، مما يؤدي إلى عدم إلزام الدولة المشتركة بخفض كميات الغازات المنبعثة من أرضها.

2- العمل على تطوير مشاريع تهتم بالحفاظ على البيئة في الدول الفقيرة مثل الاستثمار في تنمية الغابات والمساحات الخضراء واستغلال الطاقات المتجددة النظيفة.

3- تقديم معونات للدول النامية: توفير الأموال للدول الفقيرة من خلال العديد من الاعتمادات المالية لكي تستطيع استثمارها في مجال تحسين البيئة. وكان قد تقرر إعفاء الدول النامية من بعض الالتزامات المتفق عليها في اتفاقية المناخ، وذلك حتى عام 2012.[30]

    وقد بدأ نفاذ بروتوكول كيوتو في نوفمبر 2004، بعد تصديق 55 دولة طرفاً في الاتفاقية عليه، منها عدد كاف من البلدان الصناعية ـ التي توجد لديها أهداف محددة لكي تشمل 55 في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في تلك الفئة من البلدان في عام 1990.[31]

     ويمكن القول إن برتوكول كيوتو هو من أهم الوسائل القانونية على المستوى الدولي لمواجهة التغيرات المناخية، اذ تضمن التزامات الدول الصناعية بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة، حيث أنها كانت مطالبة بخفض 50% من انبعاثاتها السنوية ما بين 2008-2012.[32]

 التدابير والاجراءات الأخرى المرتبطة بالتصدي لظاهرة تغير المناخ

     لقد شهد العقدين الماضيين التنامي الواضح في كل من الآليات والجهات الفاعلة المعنية بظاهرة التغير المناخي، وذلك على كل من المستويات الإقليمية، والوطنية، والمحلية، وتتضمن هذه الآليات والجهات (مبادرات ثنائية ومتعددة الأطراف، ومستويات حكومية محلية، وجمعيات، ومنظمات غير حكومية وحتى أفراد).

على المستوى الإقليمي والدولي: تعد منظومة الأمم المتحدة إحدى أبرز الجهات الفاعلة في التصدي لظاهرة تغير المناخ على المستوى الدولي، وبالإضافة للعمل الذي تم إنجازه ضمن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المتعلقة بتغير المناخ والفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، تم وضع العديد من البرامج التي تساهم في تحقيق عملية التكيف مع ظاهرة المعنية. كما كانت الأمم المتحدة تنفذ دوراً أساسياً وحاسماً في توجيه وتنسيق العمل الدولي الهادف للتصدي لظاهرة تغير المناخ.[33]

      كذلك هناك أعمال المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التي تم انشاءها في عام 1988، وذلك بهدف تمكين حكومات العالم من مواكبة القضايا المرتبطة بتغير المناخ، وتوفير تقييمات علمية ودولية منسقة حول حجم ظاهرة تغير المناخ، وتوقيتها، والآثار البيئية والاجتماعية والاقتصادية المحتملة لها.

 أما الفريق الحكومي بشأن التغير المناخي فهو مكون 194 دولة تجتمع مرة واحدة سنوياً خلال جلسات تحضرها أيضاً مؤسسات ومنظمات رقابية أخرى. كما توجد مؤسسات أخرى متعددة الأطراف والتي تلعب أدوار ذات أهمية متزايدة على صعيد تنفيذ إجراءات التكيف مع أثار تغير المناخ والتخفيف من حدتها على مختلف المستويات، وقد باتت هذه المؤسسات مصدراً بارزاً لتوفير المساعدات المالية والتقنية للتدابير التي يتم اتخاذها لمواجهة الظاهرة في الدول النامية. ضف الى ذلك، يعمل البنك الدولي على تنفيذ تدابير موجهة للمدن الأكثر ثلوث وذات كثافة سكانية عالية بشكل خاص، مثل “برنامج بناء القدرات التمويلية لخفض انبعاثات الكربون في المدن الكبرى.

     كما هناك العديد من الشراكات الإقليمية والدولية لحماية البيئة مثل أعمال بنك آسيا للتنمية وبنك التنمية لدول الأمريكيتين، ودورها الفعال في مواجهة التغير المناخي، ومبادرات الاتحاد الأوروبي المرتبطة بقضايا تغير المناخ من خلال انشاء ما يعرف “بالتحالف العالمي لمواجهة تغير المناخ”.

المستوى المحلي: تواجه الحكومات تحدياً رئيسياً والمتمثل في مشكلة التنافسية الحاصلة ما بين مختلف أولويات الحكومة بين تحقيق التنمية، تطوير الاقتصاد الوطني وخاصة الصناعة والاهتمام بالقضايا البيئية. كذلك هناك أشكال حول عدم التطابق ما بين الأطر الزمنية المخصصة لعمليات صنع السياسات المحلية والسياسات الخاصة بالمناخ.[34]

دور الجمعيات والمنظمات غير الحكومية في حماية البيئة: لقد أدت التطورات الحاصلة في مجال حماية البيئة، ظهور فواعل جديدة لها تأثير كبير على الساحة الدولية، ولعل أبرز هذه الفواعل هي المنظمات غير الحكومية(NGO’S)( Non-governmental organizations). وقد تطور اهتمام المنظمات الدولية غير الحكومية بقضية التغير المناخي منذ سبعينات من القرن العشرين، خاصة منذ مؤتمر ستوكهولم 1972 ثم مؤتمر ريو دي جانيرو بالبرازيل 1992م.

فمن حيث نشأة هذه المنظمات غير الحكومية تؤكد بعض الدراسات أن أقدم منظمة مذكورة اسميا هي منظمة (الأصدقاء كواركاس Association des amis Quakers) عام 1642م، هذه المنظمة كانت ذات طابع ديني تعمل على تقديم مساعدات إنسانية، ثم انتشر هذا نوع من الجمعيات ابان فترة البعثات التبشيرية التي كانت ترسلها الدول الاوربية الى افريقيا وأسيا مثل الجمعية المناهضة للرق التي تأسست عام 1887 ببريطانيا.

      وقد شهدت الفترة الممتدة ما بين 1900م الى غاية 1950م تزايد في عدد المنظمات غير حكومية ولو فعاليتها كانت ضعيفة في ظل الأحداث التي شهدها العالم آنذاك والمتمثلة في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وكانت مهمتها ترتكز على توفير الخدمات الصحية ومكافحة المجاعة.

      أما أهم تطور لأدوار المنظمات غير الحكومية كان في الثمانينات من القرن العشرين، حيث ساهمت في نشر الوعي البيئي والمطالبة بعقد مؤتمرات دولية لدراسة قضايا البيئة، ولا سيما مسألة التغير المناخي. ولقد تزايد عددها خمسة أضعاف مقارنة بعددها عام 1950م. ويمكن القول إن نشأة المنظمات غير الحكومية مرت ب 3 مراجل أساسية:

– المرحلة الأولى: من 1800 الى 1900م برزت فيها المنظمات غير الحكومية ذات أهداف دينية – تبشيرية.

– المرحلة الثانية: بداية من 1900م حتى 1960م وتركز نشاطها في تقديم الخدمات الصحية ومحاربة المجاعة والأمراض. التي خلفتها الحرب العالمية الأولى ثم الثانية.

– المرحلة الثالثة من سبعينات القرن العشرين الى اليوم وهي مرحلة تميزت ببروز الألاف من المنظمات غير الحكومية بمختلف تخصصاتها مثل البيئة، حقوق الانسان، حماية حقوق الحيوان، أطباء بلا حدود.. الأخ.[35]

تعرف المنظمات غير الحكومية على أنها ” منظمات مستقلة عن الدولة تقدم خدمات مجانية ولأهداف إنسانية (بيئية – اجتماعية -ثقافية)، وتقسم حسب نطاق نشاطها محلي – إقليمي أو دولي.

      كما حدد المؤتمر العام لمنظمة اليونيسكو في دورته الحادي عشرة والمعدلة في الدورة الرابع عشرة، أن مفهوم المنظمات الدولية غير حكومية هي” كل منظمة دولية لم تنشأ عن طريق اتفاق بين الحكومات، وتتسم أهدافها ونشاطها بطابع غير حكومي، ولها مقر اداري دائم وإطار قانوني يحدد مهامها.[36]

وتشمل المنظمات غير الحكومية على مجموعة من الخصائص والمتمثلة فيما يلي:

المبادرة الخاصة: والمقصود منها أن هذا نوع من المنظمات يتم انشاؤها من طرف أشخاص موجودين خارج إطار الدولة، حيث يتم اختيار أعضاؤها بكل حرية وبدون تدخل الحومات في عملية التعيين.

هدفها غير نفعي: أي لا تسعى المنظمة لتحقيق أرباح مادية بل أهداف إنسانية قائمة على سلوك تطوعي لأعضائها.

الكيان الدائم: تمتاز بالطابع الديمومة والاستمرارية في ظل وجود مقر دائم ومعروف وإدارة تعمل على تنظيم أعمال ومهام المنظمين في المنظمة.

     أما الخاصية الأخيرة هي الطابع الدولي مثل منظمة السلام الأخضر (Green Peace) التي أصبحت منظمة دولية غير حكومية عام 1989م وتنشط على المستوى الدولي (أوروبا – افريقيا – أسيا)[37] ، ولها أكثر من 28 مكتب وطني وإقليمي، ولها كذلك ثلاثة بواخر وما يقارب 3 ملايين عضو من مختلف أنحاء العالم.

     ومما سبق ذكره، فان منذ القرن العشرين بدأ الاهتمام الفعلي بظاهرة التغيرات المناخية في اطار مجموعة من المؤتمرات الدولية والإقليمية التي تم عقدها بسبب التأثيرات  الخطيرة على مختلف الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والصحية بالإضافة الى البيئية، وفي إطار هذه المؤتمرات والاتفاقيات، لاحظنا النشاط القوى لعدد من المنظمات الغير حكومية وسعيها لبلورة الوعي البيئي لدى الشعوب والصناع القرار من جهة والتأكيد على العلاقة الوطيدة بين مشاكل البيئة والتنمية وحقوق الانسان من جهة أخرى، مثل اسهامات منظمة السلام الأخضر (Green Peace) ، و التي تدعو الى مواجهة ظاهرة التغير المناخي بحل نهائي و هو التخلي عن الاعتماد على الوقود الاحفوري ( الفحم ، البترول و الغاز) كمصدر أساسي للطاقة و استبداله بالطاقات المتجددة النظيفة مثل الطاقة الشمسية و طاقة الرياح، كما طالبت المنظمة بضرورة التخلي كذلك عن استعمال الطاقة النووية باعتبارها خطرا على البيئة و الانسان على السواء.

ويكون تدخل المنظمات غير حكومية المتخصصة في حماية البيئة من خلال مجموعة من الخطوات الأساسية:

1- عملية التحقيق: وهي تقوم على جمع المعلومات والبيانات حول مسألة بيئية معينية والتأكد من الأضرار، ويكون هذا التحقيق من طرف خبراء ومتخصصين متطوعين داخل المنظمة.

2- البحث: تحديد حجم الأضرار وماهي الوسائل والأليات الضرورية للحد منها.

3- الاقتراح: وضع مجموعة من البدائل التربوية ومطالبة بصياغة قوانين فعالة للحد من أضرار الظاهرة

4- التشاور: القائم على التواصل والحوار المستمر مع المختلف الأطراف الفاعلية مثل المجتمع المدني، صناع القرار، ممثلي الشركات الكبرى…الاخ

5- الاعلام: القيام بالضغط على الحكومات من خلال استغلال وسائل الاعلام والأنترنيت لتعبئة الجماهير حول مختلف القضايا البيئة لا سيما التغير المناخي.

6- اللجوء للقضاء من أجل منع تجاوزات الشركات الكبرى الناتجة عن نشاطاتها الصناعية الملوثة للبيئة.

     منظمة السلام الأخضر: لقد عملت غرينبيس(Green Peace) منذ سنوات على توعية شعوب العالم من خطر التغير المناخي و انتهاكات شركات الكبرى في حق البيئة ( التلوث الجوي ، التلوث البحري ، قطع الغابات…الاخ) عبر مواقع التواصل الاجتماعي ( فايس بوك و تويتر )، و تقديم توصيات للحكومات .و لقد استطاعت المنظمة تحقيق بعض الإنجازات منها حماية الغابات المطرية بكندا ، الاشهار بظاهرة التغير المناخي ،الضغط على شركة شل كي لمنع التنقيب على النفط في القطب الشمالي من خلال جمع 7 مليون توقيع من مختلف دول العالم من بينها 100 ألف توقيع من الدول العربية.

     كذلك هناك منظمات غير حكومية عربية تنشط على مستوى المنطقة العربية مثل منظمة (Andy Act) وهي منظمة لبنانية ساهمت في خلق تحالف عربي لمواجهة التغير المناخي مكون من 9 دول عربية منها الأردن والبحرين ومصر عام 2008، يسعى هذا التحالف الى تحقيق مجموعة من الأهداف وهي:

– تعزيز قدرة مؤسسات المجتمع المدني في مواجهة التغير المناخي من خلال وضع برامج وسياسات فعالة.

– زيادة التنسيق والاتصال بين هذه المؤسسات فيما يتعلق بسياسات مواجهة التغير المناخي.

وهناك أيضا المكتب العربي للشباب والبيئة المصري الذي يركز على نشر الوعي أوساط الشباب المصري والعربي حول أثار التغيرات المناخية والدعوة للاستثمار في الطاقات المتجددة النظيفة.[38]

       فالبلدان العربية، رغم أنها لا تساهم بشكل رئيسي في انبعاثات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، الا أنها تباشر جهوداً تخفيفية كجزء من الجهود العالمية، ويظهر استعراض للتقارير الوطنية العربية المرفوعة الى اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية بشأن تغير المناخ والمشاريع والمبادرات الحالية أن كثيراً من البلدان العربية تنفذ في الواقع مجموعة من السياسات والتدابير مثل اجراءات لخفض انبعاثات غازات الدفيئة، فضلاً عن اجراءات لتعزيز “خزانات الكربون”، خصوصاً الغابات.

ومن الأمثلة المحددة في العالم العربي هناك استخدامات طاقة الرياح على المستوى التجاري في مصر، واستعمال الطاقة الشمسية على نطاق واسع لتسخين المياه في فلسطين وتونس والمغرب، واعتماد الغاز الطبيعي المضغوط كوقود لوسائل النقل في مصر، وأول مشاريع الطاقة الشمسية المركزة في مصر وتونس والمغرب والجزائر.[39]

     وكاستنتاج لهذا المبحث يمكن القول إن رغم اسهامات المنظمات الغير حكومية في حماية البيئة بصفة عامة والتغير المناخ بصفة خاصة، فان الوعي البيئي المحلي والدولي لم يتبلور بما فيه الكفاية لدى المواطنين ولدى صناع القرار السياسيين، مما يكرس استمرارية التدهور البيئي العالمي.

العوامش

[1] محمد حسان عوض، حسن أحمد شحاته، طه محمود المرسي ، مرجع سابق، ص 9

[2] برنامج الأمم المتحدة للبيئة، برنامج التوقعات العالمية (GEO4)، (المنامة: عالم الترجمة، 2007)، ص9.

[3] برنامج الأمم المتحدة للبيئة، توقعات للبيئة العالمية 3، (المنامة: عالم الترجمة،2002)، ص3.

[4] شكران الحسين، “بين مؤتمر ستوكهولم 1972 الى ريو 2012، مدخل الى تقييم السياسات البيئية العالمية”، بحوث اقتصادية عربية، (العدد 23-24، خريف 2013)، ص155

[5]  اعلان ستوكهولم شأن البيئة البشرية لسنة 1972.

[6] Nicole Démoutiez et Hervé Macquart , Les grande question de l’environnement , (Paris :édition l’ étudiant, 2009 ), p 82

[7] اللجنة العالمية للبيئة والتنمية، مستقبلنا المشترك، ترجمة محمد كمال عارف، (الكويت: سلسلة عالم المعرفة، أكتوبر 1989)، ص13.

[8] هيئة الأمم المتحدة، برنامج الأمم المتحدة للبيئة، توقعات البيئة للمنطقة العربية- البيئة من أجل التنمية ورفاهية الانسان، 2010، ص35.

[9] جون بيليس، ستيف سميث، مرجع سابق، ص691.

[10] جون بيليس ، سنيف سميث، مرجع سابق ، ص 692

[11] شكراني الحسين، “من مؤتمر استوكهولم 1972 الى ريو +20 لعام 2012: مدخل الى تقييم السياسات البيئية العالمية”، بحوث اقتصداية عربية، (العدد 63-64، صيف/ جوان 2013)، ص152.

[12] Jean-Michel Valantin, Ecologie et gouvernance, (paris : Edition Frontière, 2007), P60

* التنمية المستدامة هي عملية تطوير الأرض والمدن والمجتمعات وكذلك الأعمال التجارية بشرط ان تلبي احتياجات الحاضر بدون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية حاجاتها. ويواجه العالم خطورة التدهور البيئي الذي يجب التغلب عليه مع عدم التخلي عن حاجات التنمية الاقتصادية، وكذلك المساواة والعدل الاجتماعي.

[13]  تقرير مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة (2002)، جوهانسبرغ، جنوب إفريقيا، 26 آب/أغسطس-4 أيلول/سبتمبر 2002 (منشورات الأمم المتحدة، رقم البيع E.03.II.A.1)، الفصل الأول، القرار 1، المرفق، النسخة الالكترونية، الموقع الرسمي

. http://daccess-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/N02/636/91/PDF/N0263691.pdf?OpenElement

[14] هيئة الأمم المتحدة، مجلس إدارة برنامج الأمم المتحدة للبيئة، نتائج مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة، نيروبي، ،2003، ص 2

[15] UNDP. ” Fast Facts, UNDP and the Bali Conference “Dec (2007) www.undp.org .

[16] United Nation, Framework convention on climat change, 20/12/2014,21.00, http://unfccc.int/meetings/copenhagen_dec_2009/meeting/6295.php

[17]هشام بشير، مؤتمر كانكون للتغير المناخي..حدود النجاح و الإخفاق، مجلة السياسة الدولية ، النسخة الالكترونية ، الموقع الرسمي http://www.siyassa.org.eg  تم الاطلاع في (16 مارس 2016)

[18] أشمن أبيمتون، نيكول دي بوال دومينجوز، بيتر دوران وآخرون، “تقرير ملخص حول مؤتمر القمة المعني بالمناخ”، نشرة قمة المناخ، (المجلد 172، العدد 18، الجمعة 26 سبتمبر2014)، ص 2

[19]   أشمن ابيمتون، نيكول دي بوال دومينجوز، بيتر دوران وآخرون، مرجع سابق، ص 1

* أطلق على اجتماع باريس اجتماع copa21 وهو مختصر Conférence of the parties (مؤتمر المجموعات)، وهي المجموعات التي وقعت على الاتفاقية الاطارية للتغير المناخي الموقع عليها عام 1992م أما رقم 21 فهو يشير اجتماع الواحد وعشرين منذ التوقيع على الاتفاقية عام 1992م.

[20] Nation Unies , Convention – cadre sur changement climatique, paris, 2015, pp 20-25

http://unfccc.int/resource/docs/2015/cop21/fre/l09f.pdf

* تشمل الغازات الدفيئة مجموعة من الغازات مثل ثاني أوكسيد الكربون، أكسيد النيترون، كلور و كلوركاربون.

[21] على مرزا، اتفاقية المناخ والطلب المستقبلي على النفط (قطر: مركز العربي للأبحاث ودراسات السياست،2015)، ص 1

[22] المرجع نفسه، ص 3

[23] Nation Unies (2015), Convention – cadre sur changement climatique, op cit, pp25-28

[24] Nation Unies (2015), Convention – cadre sur changement climatique,op cit,pp25-28

[25] على مرزا، مرجع سابق، ص4.

[26] برنامج الأمم المتحدة للبيئة ـ اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، نسخة الكترونية، موقع الرسمي تم الاطلاع 29/01/2016 على الساعة 21.15 http://unfccc.int/resource/docs/convkp/convarabic.pdf

* تقع التزامات إضافية على عاتق البلدان الصناعية، التي تسمى أطراف المرفق الأول بموجب الاتفاقية. وهذه الأطراف اتفقت أصلاً على الاضطلاع بسياسات وتدابير بهدف محدد هو إعادة حجم انبعاثاتها من غازات الاحتباس الحراري إلى المستويات التي كانت عليها في عام 1990 بحلول عام 2000. ويجب أيضاً على الأطراف المدرجة في المرفق الأول تقديم بلاغات وطنية أكثر تواتراً ويجب أن تقدم على حدة تقارير سنوية عن انبعاثاتها الوطنية من غازات الاحتباس الحراري.

* التنوع البيولوجي يعرف عادة بتنوع الكائنات والمواطن التي تعيش بها. والعلاقات بين الكائنات الحية متعددة: فهي تتعاون فيما بينها، يأكل بعضها بعضا حسب السلسة الغذائية أو تتنافس فيما بينها للظفر بالموارد المتاحة. والانسان بصفته كائن هو الآخر يشكل عنصرا داخل التنوع البيولوجي.

[27] أنظر موقع الاتفاقية الاطارية للتنوع البيولوجي https://www.cbd.int/doc/legal/cbd-ar.pdf  تم الاطلاع 28/01/2016 ساعة 19:47.

[28] شكراني الحسين، مرجع سابق، ص 155.

[29] هيئة الأمم المتحدة، برنامج الأمم المتحدة المعنى بالتغير المناخ، بروتوكول كيوتو الملحق باتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، 2005، ص ص 10-20

[30] نفس الصفحة، ص ص 10-20

[31]   المرجع نفسه، ص ص 12-20

[32] أمينة دير، مرجع سابق، ص97.

[33] هيئة الأمم المتحدة، برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، التقرير العالمي للمستوطنات البشرية: المدن وظاهرة تغير المناخ: توجهات السياسة العامة، كينيا، 2011، ص8

[34] المرجع نفسه، ص 9

[35] فؤاد جدو، دور المنظمات غير حكومية في النزاعات الدولية نموذج منظمة أطباء بلا حدود، رسالة ماجستير غير منشورة، (جامعة بسكرة: كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2009/2010)، ص 62

[36] السعيد برابح، دور المنظمات الدولية غير الحكومية في ترقية وحماية حقوق الانسان، رسالة ماجستير غير منشورة، (جامعة قسنطينة: كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2009/2010)، ص 19

[37] الشريف شريفي، المنظمات غير حكومية ودورها في ترقية وحماية حقوق الانسان في الجزائر، رسالة ماجستير غير منشورة، (جامعة تلمسان كلية الحقوق، 2007/2008،)، ص ص 10-11.

[38] محمد ناجي، مؤتمرات التغيرات المناخية وأثارها على مصر في الفترة 2-3 نوفمبر 2009: رؤية حول دور الجمعيات الأهلية في مواجهة اثار التغير المناخي، (القاهرة: نركز حالبي للحقوق البيئية،2009)، ص 3-4

[39] نجيب صعب ومصطفى طلبه، ملخص التقرير السنوي للمنتدى العربي للبيئة والتنمية “أفد” 2009 بعنوان أثر تغير المناخ على البلدان العربية، موقع http://www.najibsaab.com/new/bookdetails.asp?id=41 تم الاطلاع يوم 25/02/2016 على الساعة 20.31

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى