دراسات شرق أوسطية

البرهان” لا برهان له! – أحمد طه الغندور

   أثارت أخبار اللقاء بين السيد/ عبد الفتاح البرهان؛ رئيس مجلس السيادة السوداني و “ناتنياهو” “رئيس وزراء الاحتلال” في “أوغندا” يوم الإثنين الماضي ضجة إعلامية، وردات فعل داخل المجتمع السوداني، خاصةً أن هذا اللقاء جاء بعد انتهاء جلسة ” جامعة الدول العربية ” الهامة، والتي شكلت قراراتها ” صفعة ” إضافية للصفعات التي وُجهت لـ “خطة ترامب” أو ما يُعرف باسم “صفقة القرن”، والتي جددت التأكيد على أن ” القضية الفلسطينية ” هي قضية العرب الأولى،  وأعلنت رفضها الكامل “للصفقة”، وأكدت على عدم التعاطي معها بأي شكل من الأشكال، وأن المبادرة العربية هي الحد الأدنى للسلام المقبول عربياً.

من هنا جاءت “الصدمة” باللقاء من قِبل ممثل دولة ” اللاءات الثلاثة ” التي شكلّت خرقاً صريحاً ومباشر للقرارات العربية.

وقد أصدر “البرهان” بياناً مقتضباً لتبرير لقائه مع “ناتنياهو” قائلاً بأنه: “من موقع مسؤوليته بأهمية العمل الدؤوب لحفظ وصيانة الأمن الوطني السوداني، وتحقيق المصالح العليا للشعب”.

وأضاف: “أؤكد أن بحث وتطوير العلاقة بين السودان و”إسرائيل” مسؤولية المؤسسات المعنية بالأمر، وفق ما نصت عليه الوثيقة الدستورية”.

وتابع البرهان: “أؤكد أن موقف السودان المبدئي من القضية الفلسطينية وحق شعبه في إنشاء دولته المستقلة، ظل ومازال وسيستمر ثابتاً، وفق الإجماع العربي ومقررات الجامعة العربية”.

وإذا كان هذا التبرير ـ الغير مقبول ـ دافعه الأمن القومي والمصلحة الوطنية العليا كما يرى بعض المحللين أن “هذا التحرك الفردي جاء بهدف إزالة اسم ” السودان ” من “قائمة الإرهاب الأمريكية”.

لكن هذا لم يقنع ” السودانيين ” أنفسهم قبل أن يقنع الأخرين، فمن وجهة نظرهم أن “اللقاء لم يكن حدثاً معزولاً، بل بداية لعملية “التطبيع”؛ وقد تم التحضير لها من قبل “الإدارة الأمريكية” و “حكومة الإمارات”، وأنه جاء لإنفاذ وجلب التأييد لـ “صفقة القرن الأمريكية”، ولتصفية القضية الفلسطينية بالكامل، وجر الحكومات العربية للمشاركة في “المشروع الإمبريالي” في المنطقة، ولإيقاف نضال الشعوب العربية في العراق ولبنان والسودان والأردن، الهادف لإنتزاع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية”.

تُرى هل يذكر السيد “برهان” من الذي قسم ” السودان ” إلى قسمين، ومن يحث “أثيوبيا” على العبث بحصة ” السودان ” و ” مصر ” في مياه النيل؟

وهل يذكر “البرهان” من الذي أغدق على “البشير” الأموال ليوقعه في تهم الفساد؟ وقد يطلبوا منك قريباً تسليمه لمحكمة الجنايات الدولية!

هل من المعقول أن مصلحة السودان تعتمد على إضعاف الأمن القومي العربي؟، أما أن هدف اللقاء محض “شخصي” لاكتساب الرضا الإمبريالي لـ “حاكم جديد” للسودان؟!

هل طالع “البرهان” مواقف “بوريس جونسون”، و “دنيس روس”، و “يهود أولمرت” وهم المشهود لهم بولائهم للولايات المتحدة، و “للكيان الصهيوني” التي ترفض “صفقة ترامب” بشكل أو بآخر؛ أيضاً من منطلقات فهمهم للأمن القومي ومصالح أوطانهم؟!

يبدو أن الرجل المتدين السيد “البرهان” قد نسيّ الآية الكريمة ” وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَآءَهُم بَعْدَ ٱلَّذِى جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِىٍّۢ وَلَا نَصِيرٍ”.

فإن هذه الآية الكريمة يا سيد “برهان” هي البداية الحقيقية لتشكيل عقيدة الأمن القومي الحريص على مصلحة الوطن!

ختاماً؛ لعل صوتي يصلك مع إخوتي وأهلي في السودان؛ ” اسمع اسمع يا برهان .. لن يحكمنا الأمريكان”!

نحن في فلسطين منذ زمن بعيد لا نعتمد على “الحكام المتخاذلين” ونعتمد بعد الله على كل المخلصين الذين يؤمنون بحقنا الشرعي وعدالة قضيتنا، فماذا أنتم فاعلون؟!

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى