دراسات اقتصادية

البعد الاقتصادي للمغامرة الكردية

الى أي مدى يمكن مقارنة مشروع الانفصال الكردستاني المطروح حاليا في العراق بجمهورية مهاباد الكردية في ايران التي عاشت مدة عام تقريبا(من يناير إلى ديسمبر 1946) وانتهت باعدام الرئيس وهروب وزير دفاعه(وهو والد مسعود برزاني)؟
لن أتوقف عند البعد القانوني والمماحكات الدستورية بين حكومة الاقليم التي تم اقرارها دستوريا عام 2005، وبين الحكومة المركزية، بل ساطرح البيئة الاقتصادية التي تحيط بمشروع مسعود برزاني لاقامة دولة كردية( رغم ان الاستفتاء قد لا يعني اعلان الانفصال واقامة الدولة بشكل آلي).
ما يعنيني في هذا المقام هو البعد الاقتصادي الذي ارى انه سيتجسد في الآتي:
أ‌- يعتمد اقتصاد كردستان بنسبة 85% على الانتاج النفطي الذي يصل إلى حوالي 600 الف برميل يوميا يتم تصدير قرابة نصف مليون منه عبر انبوب يمر عبر الاراضي التركية إلى ميناء جيهان التركي، ناهيك عن ان حوالي 38 الف برميل يتم نقلها لتركيا عبر الشاحنات…وفي حالة اغلاق تركيا لحدودها مع الاقليم، فإن ذلك يعني أن المصدر الرئيسي للدخل في الاقليم قد يتوقف(وهو ما يذكر بتجربة مصدق في ايران في بداية الخميسنات من القرن الماضي)،كما ان انهيار اسعار البترول جعل الأمور أكثر سوءا.
ب‌- تشكل السياحة مصدرا ثانيا للدخل ،حيث بلغ عدد السواح عام 2016 حوالي 1,6 مليون سائح، وسيؤدي اغلاق الأجواء والحدود من قبل الدول المحيطة بكردستان إلى حرمان الاقليم من الدخل السياحي، بل إن تقارير عدد من الصحف الغربية الرزينة تؤكد خلال اليومين الماضيين ان مطار أربيل بدأ يشعر بعبء نتائج المشروع البرزاني.
ت‌- يؤدي اعلان الانفصال إلى وقف الحكومة المركزية تحويل ما نسبته 17% من موازنة الدولة المقررة لحكومة الاقليم، وهو ما يعني أن 1,4 مليون موظف كردي(من أصل حوالي 5,2 مليون نسمة ) في إدارات الاقليم لن يجدوا رواتبهم وبخاصة ان حوالي 1,2 مليون منهم لم يتقاضوا الرواتب خلال الشهرين الماضيين، فكيف سيكون الحال مع اقتطاع المخصصات المركزية.؟
ث‌- تبلغ ديون الاقليم حوالي 20 مليار دولاروهي نصيب الاقليم من ما مجموعه 111(مائة واحد عشر) مليار دولار هي مجموع ديون العراق ، وهناك التزامات على الاقليم لشركات التنقيب مثل شركة Rosneft الروسية خاصة .
ج‌- تتركز مناطق الاستثمارات الخارجية في أربيل ودهوك( وهما مناطق نفوذ الحزب الديمقراطي الكردستاني(الذي يقوده برزاني) وفي كركوك والسليمانية (مناطق نفوذ الحزب الوطني الكردستاني)، وفي حالة وقوع الاضطرابات حول كركوك وامتدادها للمناطق الاخرى ، فإن ذلك يعني هروب الاستثمارات، واحتدام التنازع بين القوى الكردية كما جرى بين الحزبين في الحرب الاهلية الكردية الدموية خلال الفترة 1994-1997، ويكفي الاشارة إلى ان كركوك وحدها جذبت في العام الماضي استثمارات بحوالي مليار دولار، ناهيك عن أن حوالي 250 الف برميل من صادرات النفط تأتي من كركوك، وهو ما يعني ان التركيبة الديموغرافية للاقليم (وما يسعى لضمه من مناطق متنازع عليها ) ستنعكس على الوضع الاقتصادي بسبب التباينات العرقية والدينية والمذهبية والقبلية والحزبية.
ح‌- يواجه الأقليم أعباء آثار اللجوء السوري من ناحية وآثار اللجوء من مناطق عراقية اخرى سيطر عليها تنظيم داعش سابقا.
خ‌- هددت بعض الدول الاوروبية بأن تنفيذ الاستفتاء باتجاه الانفصال قد يدفعها لوقف بعض مساعداتها للاقليم.
د‌- أن الذهاب في طريق الاستفتاء والانفصال قد يخلق مشكلات اقتصادية (ناهيك عن مشكلات اخرى) للاكراد الذين يعيشون في مدن عراقية بخاصة بغداد، فهناك عدد كبير من الموظفين المدنيين الاكراد أو من العسكريين الأكراد منتشرون في مناطق مختلفة من العراق.
ذ‌- استمرار تزايد مستويات الفقر، وتشير الاحصاءات الدولية والعراقية ان نسبة الفقر تضاعفت أربع مرات في كردستان خلال الفترة من 2003(سقوط بغداد) إلى 2013 فترة ما قبل داعش،وهو ما يعزز احتمال ان تكون نسبة الفقر أكبر من ذلك بسبب أوزار داعش.
كيف سيتدبر برزاني كل ذلك؟ ناهيك عن المشكلات السياسية والعسكرية والامنية؟….

وليد عبد الحي

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى