صدر عن مركز الجزيرة للدراسات، كتاب رقمي جديد بعنوان “البيروقراطية الإدارية وآليات التدبير السياسي في اليابان” لمؤلفه، الباحث والأكاديمي العراقي، عماد رزيك.
وسلِّط المؤلف الضوء في كتابه، الذي كان في الأساس أطروحته للدكتوراه، على الدور الذي تؤديه البيروقراطية اليابانية في عملية التنمية بهذا البلد، وذلك من خلال تتبع تاريخ البيروقراطية، سواء في عهد ميجي جيداي (1968 – 1912)، المعروفة بالمرحلة الأولى من اليابان الحديثة، أم في الفترة التي أعقبت الاحتلال الأمريكي (1945 – 1952) حتى الآن، وعلاقتها بالسياسيين والبرلمان والأحزاب والقطاع الخاص.
وناقش المؤلف تلك العلاقة وأبان عن أوجهها؛ الإيجابية والسلبية، وأوضح آلية صنع السياسات واتخاذ القرارات سواء على المستوى التشريعي أو على مستوى مجلس الوزارات، وكيف أن هذه السياسات وتلك القرارات، ولكي تكون ناجعة، لابد لها أن تتم بالتوافق المسبق مع البيروقراطيين الكبار في الوزارات والمؤسسات والمصالح الحكومية، وإلا فإن العراقيل ستوضع أمامها.
واستعرض الكتاب علاقة البيروقراطية بالحياة الحزبية في اليابان من خلال أشكالها الثلاثة التي مرَّت بها، وهي: الحزب المهيمن والنظام الائتلافي ونظام الحزبين. وعالج مسألة العلاقة غير العلنية التي تربط البيروقراطية بالقطاع الخاص، وطبيعة المصالح المتبادلة بينهما.
وناقش الكتاب قضية الإصلاح السياسي في اليابان، وتحدث عن أهم دوافع هذا الإصلاح، وأبرز المشروعات التي طُرحت ومسَّت البيروقراطية، والمحاولات التي بُذلت لإعادة هيكلة السلطة من أجل مصلحة السياسيين وكيف قاومت البيروقراطية هذه الإصلاحات من خلال ما لديها من وسائل تأثير، مستغلةً عمق علاقتها بالقطاع الخاص، فضلًا عن تمتعها بالاستقلال داخل وزاراتها، وصولًا إلى حالة التفاهم بينهما.
واختتم الكتاب فصوله السبعة بالتأكيد بأن دور وتأثير البيروقراطية في اليابان سيستمران لأسباب ثقافية واجتماعية خاصة بهذا البلد الذي يتمسك بالقيم والتقاليد، وطبيعة تكوين الدولة، وكذلك بسبب البيئة الجغرافية وما تحمله من احتمال حدوث كوارث طبيعية وهو ما يستلزم أن تبقى القطاعات العامة للدولة فاعلة لتجاوزها وإعادة البنية التحتية المدمرة إلى سابق عهدها، وغيرها من المتطلبات.
يمنح هذا الكتاب القارئ فرصة للتعرُّف إلى اليابان من داخل مؤسسات الدولة المعنيَّة برسم السياسات وصنع القرارات؛ حيث ابتعد مؤلفه عن الأسلوب المعتاد في تناول النظم السياسية والإدارية واتجه -عوضًا عن ذلك- إلى اكتشاف خصوصية النموذج الإداري الياباني باعتباره مثالًا للبيروقراطية حينما تكون أداةَ تخطيطٍ وعاملَ تغييرٍ، وسلَّطَ الضوء على علاقتها بالسياسيين، نقاشًا وتحاورًا، وصولًا إلى أقرب نقطة يتلاقى عندها الصالح العام.