الترتيبات الأمنية الجديدة للولايات المتحدة الأمريكية في شرق آسيا الصين نموذجا
تصاعد الاهتمام الأمريكي بمنطقة شرق آسيا والمحيط الهادي بقوة في الآونة الأخيرة لاسيما مع إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن عزمه زيادة الوجود العسكري الأميركي في شرق آسيا، وتجسد ذلك في إصداره إستراتيجية جديدة لوزارة الدفاع الأمريكية في جانفي 2012 بعنوان “الحفاظ على القيادة العالمية.. أولويات الدفاع للقرن الحادي والعشرين”، فقد حظيت الجوانب الأمنية في هذه الإستراتيجية بأكبر قدر من الاهتمام مشكلة بذلك حجر الزاوية في هذه الإستراتيجية، حيث هدفت واشنطن من خلالها إلى تزويد حلفائها الحاليين بضمانات أمنية في حالة اندلاع أي نزاع إقليمي تكون الصين طرفا فيه. بالإضافة إلى توسيع مضلّتها الأمنية لتشمل دولاً لا تعتبر تقليديا من حلفائها الإقليميين، بحيث يجسد ذلك بناء شبكة من الشراكات عبر المحيط الهادي تكون صلبة ومتسقة مع القيم الأمريكية مثل تلك التي بُنيت عبر المحيط الأطلسي تكون بمثابة رادع ضد الدول التي تهدف إلى تحقيق الهيمنة الإقليمية. وبناء عليه فالتوجه الأمني الأمريكي الجديد نحو شرق آسيا ينم في جوهره على إدراك أمريكي بأن هذه المنطقة الإستراتيجية هي نقطة الارتكاز الجديدة لاستمرار تفوقها العالمي على اعتبار أن إقليم شرق آسيا سوف يلعب دورا محوريا في تشكيل العالم في القرن الحادي والعشرين وبالتالي فإن غياب الحضور الأمريكي القوّي والفعّال في المنطقة سيشجع القوى المنافسة –الصين- لتشكيل معالم هذه المنطقة الحيوية بطريقة ليست بالضرورة في مصلحتها، وكنتيجة لذلك فإن التكاليف المحتملة لعدم التحرك نحو شرق آسيا تفوق بكثير مخاطر التحول نحو هذا الإقليم الإستراتيجي. ومع ذلك فقد تميّزت الاستجابة الصينية للترتيبات الأمنية الأمريكية بتغليب القوّة الناعمة (اقتصاديا ودبلوماسيا) ما يعكس تفضيلها للبراغماتية في علاقاتها مع الولايات المتحدة، وأيضا من أجل توسيع دائرة تأثيرها في المنطقة وإزالة مخاوف دولها إزاء الصعود الصيني ما ينسف بالتالي الأساس الذي بنيت عليه هذه الترتيبات الأمنية على الأقل لدى النخبة الصينية الحاكمة.