اصدارات الكتب

التكامل الإقتصادي المغاربي والتكتلات الإقليمية الراهنة

التكامل الاقتصادي المغاربي والتكتلات الإقليمية الراهنة
الأستاذ الدكتور/ محمد بوبوش

قد يبدو من الغريب تأليف كتاب لدراسة التكامل الإقتصادي المغاربي والتكتلات الإقليمية الراهنة ، فيما يعيش هذا الأخير جموداً منذ أكثر من عشرين عاماً ، ويعرف العديد من الصعوبات التي تعيق إعادة تفعيله أحياناً ، وتحدد بقاءه أحياناً أخرى . بيد أن ذلك لا يمنع البحث الأكاديمي عن تقييم التجربة المغاربية ودراسة معوقاتها واستشراف آفاقها ، ومقارناتها بالتكتلات الراهنة ، خاصة إذا ما كان التعاون ضرورة واقعية تمليها العوامل والتحديات وتدعمها الإمكانيات ، فضلاً عن المقومات التاريخية والحضارية المشتركة .

يمثل بناء المغرب العربي كوحدة إقليمية خياراً استراتيجياً بالنسبة لشعوب المنطقة ، فالقوى الإقتصادية التي بإمكانها مواجهة المستقبل وزحف العولمة هي المجموعات الجيوسياسية الكبرى ذات الكثافة السكانية المرتفعة والتي ترتبط فيما بينها بإتفاقيات التعاون والتكامل الإقتصاديين .
تتوفر بلدان المغرب العربي مجتمعة على مؤهلات بشرية وإقتصادية تؤهلها عند تكتلها في إطار إقليمي على الإندماج في الإقتصاد العالمي ومن الحصول على وزن إقتصادي وسياسي في العلاقات الدولية ، وأن تصبح شريكاً فعالاً لمختلف التكتلات الإقليمية العالمية .
كما يعتبر التكامل الإقليمي بين بلدان المغرب العربي ضرورة ملحة لا يمكن أن تتأجل في وقت تزيد فيه باقي التكتلات في وحدتها واندماجها ، حيث أصبحت التجمعات الإقتصادية من الحقائق المسلم بها في النظام الإقتصادي الدولي الراهن ، وباتت أهمية الدور المحوري لتلك التجمعات تزداد في الإقتصاد .
ويشير الواقع الراهن إلى تزاحم الجميع على أبواب التجمعات الإقتصادية ، ولا فرق ذلك بين القوى الكبرى والدول الصغيرة ، فالدول بغض النظر عن قوتها الإقتصادية تتسابق لاكتساب عضوية التجمعات الإقتصادية الناجحة والمؤثرة في الإقتصاد الدولي .
وعلى الرغم من الإنسداد السياسي والإنفلات الأمني المهيمن بين الدول المغاربية – خاصة الجزائر والمغرب بسبب قضية الصحراء وانهيار بعض مؤسسات الدولة في ليبيا بعد أحداث الربيع العربي – فإن العوامل الإقتصادية والإجتماعية من شأنها المساهمة في خلق ” ديناميكية الإندماج والتقارب ” ، رغم أن الإقتصاديات المغربية تعاني من ضعف بنيوي ، لذلك يعتبر الإندماج المغاربي مطالب بالتكيف مع التحولات الدولية ، وتحقيق إنجازات إقتصادية ملموسة ، مع ضرورة التفاعل بإيجابية مع المواضيع الإقليمية ، فهناك ملفات مهمة وعلى درجة عالية من الحساسية مثل : الأمن والإرهاب والإنفلات السياسي تفرض اليوم إندماجاً مغاربياً على كل المستويات ، بأسرع ما يمكن .
وتبقى التكتلات الإقليمية الغربية ( الإتحاد الأوروبي ) والعربية ( مجلس التعاون الخليجي ) من أرقى النماذج التي يمكن الإحتذاء بها في مسار التكامل الإقتصادي المغاربي على اعتبار أن هذه النماذج غلبت المصالح الإقتصادية على الخلافات السياسية ، ونبذت كل أشكال التفرقة والتجزئة التي من شأنها القضاء على المشروع الوحدوي المنشود .
لذلك فإن قدر الإتحاد المغاربي هو التكتل والوحدة وتحقيق ما تصبو إليه الشعوب المغاربية من رفاهية إقتصادية وإجتماعية ووحدة سياسية وهذا لن يتأتى إلا بالإرادة السياسية لقادة دول المنطقة المغاربية.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى