التنافس الأمريكي – الصيني وانعكاساته على منطقة الشرق الأوسط 2021

مقدمة: تزحف الصين بقوة نحو قمة النظام الدولي، وذلك ترجمة لرؤية تبناها الحزب الشيوعي بتطوير الصين لتصبح دولة متقدمة متوسطة المستوى بحلول عام 2035م، وإلى قوة عظمى على مستوى الولايات المتحدة عام 2050م. هذا الاندفاع الصيني فرض على واشنطن ضرورة مراجعة سياساتها تجاه بكين، وبالفعل بدأت في التحول من سياسة الشراكة الإستراتيجية التي سادت بعد نهاية الحرب الباردة على المستوى الدولي إلى التنافس الإستراتيجي يقف وراء تبني الولايات المتحدة خيار المنافسة الإستراتيجية رغبة مبدئية في إقناع الصين بعدم السعي نحو تهديد طبيعة النظام الدولي القائم والمكانة الأمريكية على قمته، أو إنهاكها وفرض قيود على تحولها إلى قوة تحويلية وتعديلية لهيكل النظام الدولي، وتشمل التحركات الأمريكية في هذا الإطار العمل على استعادة التوازن الإستراتيجي بمنطقة غرب آسيا بتوجيه الموارد والقوات نحو الشرق الأقصى، وإبقاء المزايا الاقتصادية والتفوق التكنولوجي لصالح الولايات المتحدة، وأخيرا حشد التحالفات الدعم القيم والمعايير التي ترعاها الولايات المتحدة لا شك أن استجابة الصين لهذه التحركات الأمريكية، هي التي ستحدد طبيعة الصراع على المستوى الدولي، فالفارق كبير بين تبني الصين سياسة أقل عدوانية، ومدى رضاها عما ستقدمه الولايات المتحدة لها من مزايا، وبما يضمن بقاء القوتين ضمن هيكل النظام القائم،

وبالتالي إعادة الاعتبار لسياسة الشراكة والتوازن في إطار النظام الأحادي القائم وبين اتجاه الصين لتوسيع نطاق التنافس الجيو-سياسي، والعمل على إضعاف الولايات المتحدة والتحرك نحو مركز النظام، وذلك بناء على خلفية طموحها غير المعلن للريادة الدولية، أو تفسيرها للسلوك الأمريكي على أنه تهدید وجودي لنظامها. على الأغلب وعلى المدى الطويل، لن يفر هذا التنافس دون تغيير ما في هيكل النظام والمعايير الحاكمة له، فهناك توازن قوة ما قادم، فصعود الصين واقع وحقيقة تتأكد مع الوقت، وهذا سيعطيها شلطة في تشكيل بعض قواعد النظام، أو على الأقل رفض بعضها، الأمر الذي سيفضي إلى تأثير أكبر للبلدين في تبني معايير جديدة، مع منح دول أخرى بعض الامتيازات من أجل الحفاظ على امتثالهم، ولا شك أن ظهور قطب جديد كالصين وروسيا بدرجة أقل، يمن البلدان الأخرى خيارات أكبر مقا كانت عليه في حقبة القطب الواحد.

هذا الواقع سينسحب بطبيعة الحال من النظام الدولي إلى الأنظمة الفرعية، ومنها الشرق الأوسط، الذي يحظى باهتمام كبير من جانب كل منهما، لا سيما أن التوازن الاقتصادي والجيو-سياسي بين الولايات المتحدة والصين في هذا الإقليم تحديدا أصبح حقيقة تترسخ مع الوقت، بل إن بعض مؤشرات المنافسة الإستراتيجية بدأت بالفعل تظهر في الشرق الأوسط خلال العقد الأخير، فالولايات المتحدة لديها نفوذ تقليدي وحضور أمني وعسكري كبير، والصين بدأت تنخرط بصورة أوسع في قضايا الشرق الأوسط، وذلك بالتوازي مع مشروعاتها الاقتصادية العملاقة التي تعكش النفوذ الجيو-اقتصادي الواسع، وكان آخر هذه المؤشرات توقيع اتفاقية الشراكة الإستراتيجية بين الصين وإيران. والواضح من هذه المؤشرات أن الصين ستواجه المنافسة الإستراتيجية الأمريكية وحصارها في مجالها الحيوي بسياسة التوزان خارج المجال، وتفادي انتقال الولايات المتحدة شرقا بالتحرك عبر خطوط الريط الاقتصادي العملاقة، كمبادرة «الحزام والطريق»، والتي تفز جميعها بالشرق الأوسط تستدعي هذه التطورات تساؤلات حول مدى التغيير الذي سيطرأ على سياسة الولايات المتحدة والصين في الشرق الأوسط، بناء على هذا التنافس، وما هي التأثيرات التي سيفضي إليها على مستوى الإقليم، وما هي الفرص والتحديات والخيارات أمام دول المنطقة في ظل تصاعد..

تحميل الدراسة

SAKHRI Mohamed
SAKHRI Mohamed

أحمل شهادة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بالإضافة إلى شهادة الماستر في دراسات الأمنية الدولية من جامعة الجزائر و خلال دراستي، اكتسبت فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الرئيسية، ونظريات العلاقات الدولية، ودراسات الأمن والاستراتيجية، بالإضافة إلى الأدوات وأساليب البحث المستخدمة في هذا التخصص.

المقالات: 14889

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *