الجغرافيا السياسية لمضيق باب المندب
تُعرف المناطق التي يضغط فيها اليابس على مياه البحر بشدة بأسم المضايق (Straits) التي هي في النهاية عبارة عن إنكماش ( Contraction ) لمياه البحر المحصور بين جزئين من اليابس. وبصيغة أخرى فإن المضيق عبارة عن ممر بحري يفصل بين جزئين من اليابسة ويصل بين مسطحين من المياه (1). ومن هنا فإن المناطق التي يزداد فيها ضغط اليابس على مياه البحر غالباً ما تمثل مكانه بارزة في مجال الإستراتيجية البحرية حيث تعرف هذه المناطق بأسم نقاط الإختناق
(Choke Poits) (2) .والبحث عن صفة الإختناق في الجزء الجنوبي من البحر الأحمر سيجعل الذهن ينصرف مباشرة إلى باب المندب بإعتباره مضيقاً تنطبق عليه تماماً صفة الإختناق .ويعد مضيق باب المندب موقعاً إستراتيجياً فريداً فهو البوابة الجنوبية للبحر الأحمر وعنق الزجاجة التي تربطه بخليج عدن ومنه إلى البحر العربي فالمحيط الهندي ثم إلى جنوب شرق وشرق اسيا على المحيط الهادى كما أنه الممر المائي الذي يوصل بين المحيطين الهادى والهندي والبحر المتوسط عن طريق المدخل الجنوبي للبحر الأحمر عبر قناة السويس فالمحيط الأطلسي. وتكون بهذا قد أرتبطت كل البحار والخلجان العربية ببعضها وتلاقت مع البحار والمحيطات الصالحة للملاحة في كل الكرة الأرضية . ومما زاد من أهمية مضيق باب المندب تحكمه بطرق التجارة العالمية لمرور ناقلات النفط من خلاله مما أكسب المنطقة أهمية حيوية وإستراتيجية وإقتصادية على مر العصور . وإذا غادرنا البحر والمضيق إلى البر المجاور لهما نجد على جانبيهما الكثير من الدول المتشاطئة والتي تكتنفها الكثير من المشكلات الداخلية والخارجية وبالتحديد مشاكل الحدود والذي جعلتها تتباين على مستوى التعاون والتنسيق والشراكه الإستراتيجية في البحر الأحمر ومدخله الجنوبي لذا فأسلوب البحث في مجال الجغرافيا السياسية يحتاج إلى جهد كبير من أجل الإلمام بكثير من فروع العلم والمعرفة وذلك بالقدر الذي لا يفقد الباحث سيطرته على موضوع بحثه والإحتفاظ بشخصيته كجغرافي يعالج ظاهرة طبيعية وسياسية.