دراسات استراتيجيةدراسات عسكرية

الجيوش السيبرانية والالكترونية في العالم

The Cyber & Electronic Armies Around the World

إعداد لأستاذ الدكتور كمال الأسطل

(1) الجيش الالكتروني الأمريكي The American Electronic Army

الوحدات الست في الولايات المتحدة:

تعتمد الولايات المتحدة في الحروب الإلكترونية على ست عناصر هي:

(1)  الوحدة الأمريكية لقيادة “الفضاء الإلكتروني”، وهي المختصة بالتخطيط والتنسيق وإدارة عمليات الحروب الإلكترونية مع باقى الفروع التي تتبعها.

(2) ووحدة جيش الإلكتروني الأمريكي تابعة للوحدة الأمريكية لقيادة الجيش الإلكتروني وتتلقى أوامرها منها، وتتكون من ثلاث وحدات أصغر،

(3)  كذلك هناك وحدة السايبر بقوة المارينز والتي تختص بحماية وتأمين منشآت المارينز من الهجمات الإلكترونية

(4) وهناك أيضا وحدة الجيش الإلكتروني البحرية وتعمل على نحو مشابه لسابقتها ولكن للمنشآت البحرية الأمريكية بالإضافة إلى جمع المعلومات عن حروب السايبر.

(5) والوحدة الخامسة هي القوة الجوية 24 وتختص بالطيران والقوات الجوية الأمريكية ويتفرع منها 3 أجنحة،

(6) والوحدة السادسة هي الأسطول العاشر الأمريكي والذي يقوم بمهمات التخابر لصالح البحرية الأمريكية وأنشئ أصلا للتنسيق بين القوات البحرية الأمريكية في الحرب العالمية الثانية.

أما أهم ضحايا الهجمات الأمريكية وأشهرها فكانت كوريا الشمالية التي انقطعت فيها خدمات الانترنت تماما ليوم كامل ردا على اختراقات شركة سوني ديسمبر 2014.

الجيش الالكتروني الألماني The German Electronic Army

وقد أعلنت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير لاين يوم 6 أبريل/نيسان 2017 عن تكوين جيش إلكتروني كوحدة مستقلة داخل الجيش الألماني  إلى جانب القوات البرية والبحرية والجوية، حيث يمارس مهام دفاعية وهجومية على شبكة الإنترنت.

وقالت الوزيرة إن عمل الجيش الإلكتروني لن يقتصر على صد هجمات القرصنة، بل سيرد عليها أيضا في ساحة المعركة، وهي الإنترنت. وأضافت “في حال تعرض شبكات الجيش الألماني للهجوم فمن حقنا أيضا أن نرد”.

تشكيل جيش إلكتروني بريطاني The British Electronic Army

اللواء 77 البريطاني:
انضمت بريطانيا للحروب الإلكترونية باللواء 77 في أوائل 2015 ويركز في الأساس على الحسابات المؤيدة للارهابيين على “تويتر” حيث يعمل اللواء البريطاني على شن الحروب النفسية ويتكون من 2000 جندي.

وبحسب ديلي بيست فإن الوحدة مستوحاه من تجربة غير ناجحة للجيش البريطاني في أربعينات القرن الماضي في بورما، حيث كانت القوات الخاصة البريطانية في الهند، والتي تعرف باسم Chindits تعمل خلف الخطوط اليابانية، كجزء من حرب العصابات، وكانت مهمتها تنفيذ هجمات تشتيت واستطلاع، وكان اسمها الرسمي هو اللواء 77.

 ذكرت شبكة سكاي نيوز أن بريطانيا ستزيد بشكل كبير قدرتها على شن حرب في الفضاء الإلكتروني بتشكيل جيش هجمات إلكترونية قوامه 2000 شخص.

وقالت سكاي: إن القوة الجديدة، المتوقع الإعلان عنها قريباً، ستمثل زيادة بواقع أربعة أمثال في مجموعة ينصب تركيزها على عمليات الهجوم الإلكتروني.

وأبلغ مصدر شبكة سكاي أن من المقرر أن تحصل القوة، التي ستضم مسؤولين من هيئة الاتصالات الحكومية وعسكريين ومتعاقدين، على تمويل بأكثر من 250 مليون جنيه إسترليني ,  ونقلت الشبكة عن مصدر ثان قوله إن الرقم قد يكون أكبر من ذلك.

وأشارت سكاي إلى أن خطة وزارة الدفاع وهيئة الاتصالات تأتي في ظل تنامي الخطر الإلكتروني من روسيا، وبعد أن استخدمت بريطانيا أسلحة إلكترونية لأول مرة في المعركة ضد تنظيم داعش..

إسرائيل تملك جيش الكتروني متقدم The Israeli Electronic Army

وتعتبر إسرائيل من الدول الأكثر تقدما في استخدام الجيوش الإلكترونية، سواء في محاولات لا تنتهي لاختراق المقاومة وتجنيد العملاء داخل  المحتلة، أو ضد الهيئات والمؤسسات والشخصيات والدول المناهضة للتطبيع.

وقد أنشأت وحداتٍ إلكترونية داخل الجيش الإسرائيلي، ويؤكد المسؤولون الإسرائيليون أن تل أبيب ما فتئت تحث منذ سنوات طويلة أجيال الشباب على تعلم التكنولوجيا خلال الخدمة العسكرية وفي الجامعات والمعاهد، لتحقيق أهداف إسرائيل.

وتعدّ إسرائيل من الدول الأكثر تقدماً في استخدام الجيوش الإلكترونية، وأنشأت وحداتٍ إلكترونية داخل الجيش الإسرائيلي. كما أسست في صيف 2017 صندوق ليبرتاد، وهو صندوق استثماري إسرائيلي يختص بتكنولوجيا التجسس، أنشأه الموساد لبناء “قدرة ابتكارية خارقة” والحفاظ على تفوقه التقني وتعزيزه في هذا المجال.

وقد صرح أكثر من مسئول إسرائيلي وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على ضرورة تأمين وحماية المجال والأمن  السايبري الإسرائيلي Israeli Cyber Security من الإختراق.

كوماندوز الجيش الإسرائيلي
اشتهرت إسرائيل باستخدام وحدة عسكرية من أجل الحرب النفسية على الانترنت حيث توجد وحدة كوماندوز إسرائيلية تركز على 30 موقع بالإضافة إلى العديد من مواقع التواصل الاجتماعي وتبث رسائلها بعدة لغات منها العربية والإنجليزية والعبرية والفرنسية والإسبانية.
وفي الحروب على غزة عام2008،  2012  و2014 لم تحجب إسرائيل قطاع غزة عن الانترنت تماما لعدة أسباب  واعتبارات إسرائيلية، ولكن كان السبب المعلن هو عدم التسبب بأضرار غير ضرورية للمدنيين.

الجيش الالكتروني الروسي والضربات الإعلامية والدعائية

أعلن وزير الدفاع الروسي، الأربعاء 22.2.2017، عن إنشاء روسيا جيشا إلكترونيا تابعا لمؤسسة الدفاع الروسية خلال خطاب بمجلس الدوما الروسي، في خطوة تعد تحولا في مسار الحرب بشكل عام.

وأشار موقع التلفزيون الروسي إلى مقابلة أجراها مع ليونيد إفانشوف، رئيس أكاديمية دراسة الصراعات الجيوسياساية، أوضح بها أن “البنية العسكرية الجديدة للجيش الروسي ستقوم بعمل تحليلات جيوسياسية وتحديد الضربات الإعلامية والتحضير للضربات المضادة، بالإضافة إلى أبحاث تحسين حماية البنية التحتية الروسية”. 

وكالة الاستشارات الأمنية زيكوريون الاستشارية في تحليل المعلومات والتي مقرها موسكو تتبوأ مرتبة في خدمات القرصنة كواحدة من أفضل خمس جيوش سيبرانية في العالم. روسيا زادت تمويل قدرات الإنترنت الدفاعية بعد سلسلة من الهجمات الإلكترونية الأمريكية والإسرائيلية على المواقع النووية الايرانية في عام 2010.
“- التحليلات  تعتمد على آراء الخبراء والمسؤولين، ومعلومات أساسية من المنظمات الدولية، وغيرها. ويستند هذا التحليل على بيانات من مصادر منشورة” كما قال فلاديمير أوليانوف مدير دائرة التحليل لدى وكالة زيركون.
الشركة لا تنشر معلومات حول التمويل وعدد موظفي الجيش السايبيري. وأكد أوليانوف “أن موسكو تستثمر بشكل كبير في نظم الدفاع المعلوماتية ولدينا الآن قوة إنترنت رائدة”.

وفقا لأوليانوف، الولايات المتحدة تنفق أكثر على أمن الفضاء الإلكتروني أكثر من أي بلد آخر. وزارة الدفاع لديها ميزانية سنوية تبلغ 7 مليارات $ للأمن السيبراني  وعدد الموظفين القراصنة يبلغ اكثر من 9000 موظف. وبعد الولايات المتحدة تنفق كل من الصين والمملكة المتحدة سنويا 1.5 مليار دولار و 450 مليون دولار، على التوالي.
“في المتوسط، خصص نحو 1% من الميزانية العسكرية لكوريا الشمالية للأمن السيبراني، ولكن مخصصاتها بلغت ما يقرب من 20% من موارد الدفاع لهذا الغرض”، أضاف أوليانوف.

الجيش السيبراني الروسي يحتل المرتبة الخامسة في العالم، حسب تقارير كوميرسانت اليومية، نقلا عن دراسة اجرتها وكالة زيركون للتحليلات.
تقارير كوميرسانت تظهر أن قوات الأمن السيبراني الروسية  وصلت إلى 1000 موظف، وتنفق وزارة الدفاع الروسية حوالي 300 مليون $ سنويا على مثل هذه الأنشطة.

مخابرات الإشارة الروسية:
تلاحق روسيا الاتهامات بشن حروب إلكترونية على خصومها إلا أن موسكو تنكر ذلك تمام ولكن يذكر موقع بيزنيس انسيدر ان هاكر روس شنوا حربا على أوكرانيا بالتزامن مع العمليات انفصال القرم.

ونفس الشيء تكرر من قبل أوسيتيا الجنوبية، ويرى الصحفي الروسي أندريه سولداتوف أن مجموعات من الهاكرز يعملون لصالح استخبارات الإشارة الروسية.

وكان أحدث الهجمات التي يشنها هاكر روس بحسب الـ”سي إن إن” هو اختراق وزارة الخارجية الأمريكية واختراق أنظمة البيت الأبيض لدرجة تسريب جدول أعمال الرئيس الأمريكي باراك أوباما.

أهداف الجيش السيبراني الروسي

يحدد مدير إدارة التحليل أهداف الجيش الإلكتروني بالأمور التالية:
– التجسس
– الهجمات الإلكترونية، التي تسبب أذى البنية التحتية في الدول الأجنبية وفي الاقتصاد
– حروب المعلوماتية في وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية

وبالإضافة إلى ذلك، منع هجمات قراصنة الكمبيوتر الخارجيين كمهمة بالغة الأهمية. أكد أوليانوف أن العقيدة الأمنية السيبرانية الروسية تركز على الدفاع، وليس على الإساءة.

تزايد ميزانيات الإنترنت
قال ايجور كوروتشنكو ، رئيس تحرير مجلة الدفاع الوطني الروسية إن زيادة تمويل برامج الأمن السيبراني بعد عام 2010 عندما وجهت المخابرات الأمريكية والإسرائيلية ضربة قاسية للمواقع النووية الايرانية أصبحت ضرورية.
“استطاع القراصنة الأجانب إيقاف مفاعلات تخصيب اليورانيوم في إيران مما شكل نكسة  لبرنامج طهران النووي لسنوات”، أوضح كوروتشنكو.
وفقا لأوليغ ديميدوف، خبير الأمن الإلكتروني في مركز شرطة التدخل السريع فإن جيش الإنترنت الروسي يركز في المقام الأول على صد الهجمات الالكترونية الخارجية، وعلى وقف ثورات التويتر.
وقال ‘ ديميدوف “ لا توجد وسيلة فعالة لمواجهة مثل هذه التكنولوجيا اليوم. “وقد أظهر الربيع العربي أن الفيسبوك والتويتر وغيرها من خدمات وسائل التواصل الاجتماعي تحتوي على الكثير من المحتوى الذي يهدد الاستقرار الاجتماعي والسياسي”

الهجمات الإلكترونية الأخيرة
في أوائل ديسمبر كانون الاول عام 2016، قال جهاز الامن الفيدرالى أنه تم التخطيط لهجمات إلكترونية خارجية ضد القطاع المصرفي في روسيا. وكان هدف القراصنة الأجانب خلق أزمة في نظام الائتمان المالي الروسي، واجبار الشركات على الإفلاس، وتتسبب في أزمة لدى البنوك الروسية لتفقد تراخيصها. تم إحباط هذا الهجوم، ومع ذلك، كان هناك مشكلة مالية.
حكومة الولايات المتحدة، كما هو معروف، تتهم روسيا الآن بقرصنة قاعدة بيانات لجنة الحزب الديمقراطي، بتهمة مساعدة المرشح الجمهوري دونالد ترامب للحصول على ميزة في الانتخابات الرئاسية. في حين أنها لم تقدم أي دليل قاطع على تورط روسيا، وقد فرضت الحكومة الأمريكية عقوبات ضد منتسبي جهاز الامن الفيدرالى، الاستخبارات العسكرية الروسية، والشركات الخاصة الذين تزعم أنهم متورطون في الحادث المزعوم.

المكتب 121 في كوريا الشمالية:
تمتلك كوريا الشمالية وحدة خاصة بالحروب الإلكترونية هي المكتب 121 “Bureau 121” وأهدافه الرئيسية هي كوريا الجنوبية والولايات المتحدة واليابان وأنشئ عام 1998.

وطبقا لخبراء الحروب الإلكترونية حول العالم فإن المكتب هو الذي لم يشتهر بعمليات ضخمة كان هو المسؤول عن اختراقات شركة سوني التي تسبب بخسائر بالملايين وجعلت موظفي الشركة يعودون لاستخدام والورقة والقلم لإتمام أعمالهم ويعتقد أن عدد عناصر المكتب يتخطى 1800 فرد.

الوحدة 61398 الصينية مصدر حروب الصين السايبرانية: The Chinese Electronic Army
تشتهر الصين بامتلاكها أحد أفضل الجيوش في الحروب الإلكترونية في العالم ورغم عدم الكشف رسميا عن الوحدة المسؤولة عن عمليات الاختراقات الصينية إلا أن وزراة العدل الأمريكية قالت أن الوحدة Unit 61398 هي مصدر حروب الصين السايبرانية.

وبحسب صحيفة الإندبندنت فإن علامات قوة الصين في حروبها الالكترونية تظهر في سرقة أسرار عسكرية أمريكية واختراق شركات الطاقة النووية في مايو 2014 على حد قول وزير العدل الأمريكي إريك هولدر.

الجيوش الإلكترونية في الدول العربية وتركيا وإيران
زخرت قائمة الثلاثين دولة التي تتبع نهج «الجيوش الإلكترونية» قائمة بالدول العربية. ووصل عدد الدول العربية في هذه القائمة إلى حوالي من عشرة  دول من بينها مصر والسودان والسعودية والإمارات والعراق وسوريا والبحرين والمغرب…الخ. يضاف إلى تركيا وإيران…وهناك أشخاص يعملون على منصات التواصل الإجتماعي لنشر أفكار أو نشر الدعاية والإشاعات وغيرها.

نتائج هذه التقنية المبهرة تغري دولًا أكثر لاستخدامها
يخرج التقرير في الوقت الذي تتهم فيه دول عدة، الدولة الرائدة في مجال الحملات المضللة، وهي روسيا. حيث «تيريزا ماي»، رئيسة وزراء بريطانيا مؤخرًا الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» بالتدخل في الانتخابات، ومحاولة القرصنة على الحكومات الغربية من أجل تحقيق مصالح دولته، مهما كانت التكلفة. وحذرت تيريزا بوتين قائلة: «نحن نعرف ما تقومون به، ولن تنجحوا في ذلك الأمر»، وأضافت تيريزا إلى قائمة اتهاماتها للرئيس الروسي، صناعة الأخبار المزيفة، والصور المفبركة، في محاولة من النظام الروسي لتقويض الدول الأوروبية.

جيش إيران الإلكتروني:
وفي السنوات الأخيرة برزت إيران كقوة في الحروب الإلكترونية من خلال جيش إيران الإلكتروني والذي أظهر القدرة على اختراق أهدافه ببراعة على حد قول معهد الدراسات الاستراتيجية الأمريكي.

واشتهر جيش إيران الإلكتروني باختراق شركة هولندية وسرقة شهادات رقمية منها حتى يؤمن وسائل اتصالات على الانترنت قبل أن يتم استخدامها للتجسس على الشعب الإيراني نفسه. بحسب موقع دوت مصر.

كذلك كان المشتبه به في اختراق 30 ألف كومبيوتر لشركة أرامكو السعودية للبترول وتمكن من اختراق شركة طاقة قطرية بالإضافة لشبكة اتصالات البحرية الأمريكية في أواخر 2013.

الجيش العراقي الالكتروني

وبدأت دول عديدة في إنشاء “جيوش إلكترونية” نظامية لها ميزانيتها الخاصة، وتسعى للدفاع عن البلاد ضدّ الهجمات الإلكترونية التي لا تكاد تنتهي حتى تبدأ.

وفي الساحة العراقية تنامت هذه الظاهرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديداً (الفيس بوك)، ولحظة انبثاقها يرجعها البعض إلى 2010، ولكنها اتَّسعت قبيل انتخابات 2014، ووجدت جهات عديدة ضالتها في هذه الصفحات لتجعل منها منصة لمخاطبة الشارع والسيطرة على الرأي العام، وأمام هذه التحديات والوقائع  فيما يخص المشهد الالكتروني العراق من الملاحظ  أنَّ هناك جيوشاً الكترونية تشكلت لمواجهة جيوش داعش الالكترونية، وقدمت دعماً للقوات الأمنية وللحشد الشعبي معنوياً. ولاقت استحساناً كبيراً بعملها الدفاعي هذا في مواجهة جيوش داعش وحربها النفسية، وعملت بالتعاون مع ناشطين ومنظمات صحفية في الردّ وقيادة حملات منظمة على مواقع التواصل الاجتماعي.

 الميليشيات الالكترونية في العراق

الميليشيا اصطلاحا هي جيش تشكله عادة قوات غير نظامية; من مواطنين، يعملون عادة بأسلوب حرب العصابات، بعكس مقاتلي الجيوش النظامية، وشهد العراق تأسيس عدد من الميليشيات على طول تاريخه الحديث.

اما الميليشيات الالكترونية او ما تسمى إعلاميا بـ”الجيوش الالكترونية” فهي التي انتشرت بعد عام 2010 تحديدا، خصوصا بعد احتدام الجدل السياسي بين الأحزاب والكتل السياسية المشاركة في الحكومة أو من هي خارجها.

وبلغت حالة التصادم بين تلك الجيوش ذروتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديدا (الفيس بوك) كونه يشهد تواجدا يوميا للغالبية العظمى من الشعب العراقي.

التسريبات التي ظهرت من داخل الأوساط السياسية تؤكد أيضا إنفاق آلاف الدولارات يوميا على تمويل الصفحات المرتبطة بهذه الجيوش، فضلا عن تمويل المنشورات التي تحمل نوعا من التسقيط للخصوم أو التمجيد بالجهة التي ترتبط بها صفحة الفيس بوك.

الشخصيات الإعلامية والمراقبون للشأن السياسي سجلوا العديد من الملاحظات بهذا الخصوص لاسيما مع تنامي هذه الظاهرة وتصاعد حدة الخطابات التي تتبناها هذه الجيوش.

تنامي هذه الظاهرة يعلله الكاتب والصحفي ربيع نادر إلى “حالة الصراع السياسي الذي يتخذ أشكالا متعددة ولم يترك مجالا إلا ودخل فيه”. بحسب صحيفة العالم الجديد.

ويقول نادر ان “القوى السياسية المتنفذة وجدت في تصاعد التفاعل مع صفحات التواصل الاجتماعي ضالتها لتجعل من هذه الصفحات منصة لمخاطبة الشارع والسيطرة على المزاج العام”.

ويضيف أن “هذه القوى المتنفذة استغلت نفوذها وإمكاناتها المالية في إنشاء هذا الكم من الصفحات، وأصبحت بمثابة وسيلة إعلام جديدة بالنسبة لها”.

ويشدد نادر على ان “(الحقيقة) هي أكبر ضحايا هذه الجيوش، حيث لاحظنا في كل مسألة وقضية هناك فريقين او اكثر يتعاملون مع الموضوع بشكل يمكن اختصاره بين الدفاع المستميت والهجوم القاسي، فيكون المتلقي في حيرة كيف يمكن أن يصل إلى حقيقة الموضوع”.

الأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية والجماعات  والجيوش الإلكترونية الرسمية وغير الرسمية

بدأت معظم الأحزاب السياسية  والدكاكين  والفصائل السياسية والجماعات بمختلف ألوانها  في كثير من البلدان في لبنان  وفلسطين واليمن وغيرها تعتمد مؤخرا على مجموعات كبيرة من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، معظمهم من الحزبيين، باتوا يشكلون ما يشبه «الجيوش الإلكترونية» التي باتت فعليا «رأس حربة» في الحملات السياسية باعتبار أنها قادرة على إطلاق حملة ما أو تفعيلها أو شن حملات مضادة، ما يجعل منها عنصرا أساسيا مستجدا في تركيبة أي حزب يسعى للعب دور فاعل في الحياة السياسية اللبنانية.

ورغم اعتقاد كثيرين أن المجموعات الحزبية الناشطة سواء على موقع «فيسبوك» وبالأخص على موقع «تويتر» هي مجموعات تتلقف مواقف رئيس الحزب أو الزعيم تلقائيا وتحاول الترويج لها، فإن الحقيقة أن القسم الأكبر من هذه المجموعات منظم وبات جزءا من الهيكلية الحزبية ويتبع معظم الأوقات أجهزة الإعلام والتواصل في حزب ما. وهو ما يؤكده مفوض الإعلام في الحزب «التقدمي الاشتراكي» رامي الريس، وكذلك مسؤول جهاز الإعلام والتواصل في حزب «القوات اللبنانية» شارل جبور. وإن كان الأول لا يحبذ تسمية «جيش إلكتروني» لاعتباره أن الفضاء الإلكتروني بطبيعته واسع وفيه كثير من الحرية والمرونة بعكس الجيوش المنظمة، ويتحدث لـ«الشرق الأوسط» عن «مجموعة كبيرة من أعضاء الحزب والمناصرين والأصدقاء الذين ينشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وتكون مفوضية الإعلام على تواصل دائم معهم»، أما جبور فيؤكد «وجود جيش إلكتروني قواتي منظم يتبع لجهاز الإعلام والتواصل ويلتزم التوجهات الحزبية والسياسة التي ينتهجها الحزب»، لافتا إلى أن «القوات من أول الأحزاب التي تعاطت باحترافية مع هذا الملف لاعتبارها أنه من الطبيعي أن تخلق (جيوشا) مماثلة مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي وخلق معظم الحزبيين حسابات خاصة بهم عليها». ويضيف جبور في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كان يمكن أن نتجاهل هذا الموضوع، لكننا اعتبرنا أنه أمر غير قابل للتجاوز على الإطلاق وإن كنا لا يمكن أن نتحدث عن تنظيم بما نسبته مائة في المائة لهذا الجيش لعدم قدرتنا على ضبط الأمور تماما خاصة أن بعض من في هذا الجيش يدور في الفلك القواتي لكنه لا يحمل بطاقة حزبية».

ويتعاطى الحزب «التقدمي الاشتراكي» مع ملف «الجيوش الإلكترونية» على أساس أنه «جانب جديد من عمل مفوضية الإعلام بعدما باتت وسائل التواصل إحدى أدوات العمل السياسي والإعلامي المباشر، ولها تأثير كبير على شرائح الرأي العام، ولا سيما الشباب». ويشير الريس إلى أن لحزبه «تجربة ناجحة في هذا المجال»، لافتا إلى أنهم يحاولون قدر الإمكان «إبقاء السجالات التي يخوضها الناشطون التابعون للحزب في إطارها السياسي والابتعاد قدر الإمكان عن التهجم الشخصي على أي رمز سياسي».

ولعل ما يدفع الأحزاب إلى الاعتماد أكثر من أي وقت مضى على «الجيوش الإلكترونية» هو قدرتها على التنصل منها ومن مواقف عناصرها عند الحاجة. وهو ما يلمح إليه جبور مؤكدا أن حزب «القوات» «لا يتحمل تبعات أي تغريدة أو موقف باعتبار أن كثيرا من هذه المواقف تصدر عن أشخاص يدورون في فلكنا ولكنهم غير ملتزمين حزبيا».

وإلى جانب حسابات المناصرين والحزبيين، تستخدم الأحزاب والدكاكين السياسية وأتباع الجماعات  وبعض الشخصيات السياسية حسابات  قد تكون حقيقية وقد تكون وهمية للتسويق لنفسها ولسياستها، كما تعتمد على هذه الحسابات بشكل أساسي عندما تريد بعث رسالة ما إلى حزب أو شخصية أخرى من دون أن تتبناها رسميا ومن دون أن تتحمل تبعاتها.
ومؤخرا، تجندت الجيوش الإلكترونية الحزبية فخاضت أكثر من مواجهة، سواء تلك العونية – القواتية مع احتدام الخلاف بين قيادتي «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» على خلفية الملف الحكومي، أو تلك العونية – الاشتراكية التي لا تنفك تلتزم نوعا من التهدئة حتى تعود إلى التراشق وبخاصة عبر موقع «تويتر».

ويشير المحامي طوني مخايل، المستشار القانوني لجمعية «مهارات» التي تُعنى بالدفاع عن حرية الرأي والتعبير إلى أن مفهوم «الجيوش الإلكترونية» في لبنان يختلف تماما عما هو عليه في دول العالم حيث تتبع هذه الجيوش عادة جهات رسمية وأجهزة مخابرات وتعمل بشكل أساسي على القيام بهجمات إلكترونية وتعطيل شبكات معينة، لافتاً إلى أنه في لبنان «يقتصر في معظم الأحيان دورها على البروباغندا الإعلامية والتسويق».

ويضيف مخايل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «قد يختلف الأمر حين يتعلق الموضوع بحزب الله باعتبار أن جزءاً من عمله عسكري وأمني وبالتالي قد يكون لجيشه الإلكتروني مهام مختلفة عن جيوش باقي الأحزاب اللبنانية»، مرجحا أن تكون إحدى مهامه «المشاركة في شن حرب نفسية على عدو ما».

وقد درجت العادة مؤخرا على ملاحقة الناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي  والتصدي لكل رأي مخالف أو هدم الصورة السياسية للبعض ونشر ثقافة ارهاب والقمع الفكري والأمني ..ولعل من النماذج الواضحة في الساحة العربية نشر ثقافة التخوين والتكفير والهدم المنظم للخصوم وتشويه صور الساسة  -مثل هجم الجماعات وأتباع الفصائل على السلطة الفلسطينية أو العكس حيث تمارس كل أشكال الردح السياسي البذاءة السياسية والتخوين والتكفير والتشكيك  والنزعة الإتهامية الهدامة للنسيج الإجتماعي والسياسي الفلسطيني- والتغني بعبادة بعض الشخصيات الحزبية باعتبارهم رسل الحق والحقيقية ويمثلون الصواب المطلق وغيرهم الباطل المطلق…يكفي أن نتأمل الساحة الفلسطينية.

الجيش السوري الالكتروني

انتشر المصطلح بشكل كبير عام 2011 عقب الكشف عن الجيش الإلكتروني السوري الذي نجح في اختراق مواقع أوروبية وأميركية وعربية، لتوجيه رسائل داعمة  للنظام السوري في العام نفسه في مواجهة ما يسمى بالثورة السورية.

وبخصوص منطقة عمل الإلكتروني نشرت صحيفة الغارديان البريطانية عام 2013 أنه غادر دمشق قريق من الجيش الألكتروني السوري إلى دولة عربية، وهو ما نفاه أعضاء من الجيش الإلكتروني السوري في أحاديث مع الصحف البريطانية.

وتحرص الجيوش الإلكترونية -بشكل عام- على متابعة كل ما ينشر على الإنترنت ويخص مصالح الجهات التي يعملون لصالحها، ومن خلال اختراق المواقع الشهيرة بإمكانهم بث الإشاعات والأكاذيب بغرض إرباك الأوضاع، وإضعاف معنويات الطرف الآخر.

ويمكن تصور خطورة الأمر في حال نجاح هذه الجيوش في السيطرة على موقع وكالة أنباء مثلا وبث أخبار كاذبة، وذلك ما حدث فعلا مع وكالة أسوشيتد برس يوم 23 أبريل/نيسان 2013 عندما نشر مخترقو صفحة الوكالة  أخبار مفبركة. ورغم أن الخبر اتضحت فبركته بعد فترة قصيرة، فإن آثاره كانت خطيرة، ومنها مثلا أن مؤشر داو جونز انخفض بـ125 نقطة، قبل أن يعاود الارتفاع مجددا.

فالاختراق يحتاج إلى طاقم فني مدرب ووسائل تقنية حديثة ومتطورة، حيث يتم في الغالب إرسال فيروسات تعمل على السيطرة على الموقع المستهدف بطريقة لا يمكن معها الكشف بسهولة عمن يقف وراء العملية برمتها، وهو ما يؤكد أن الجيوش الإلكترونية مرتبطة بمؤسسات الدولة الأمنية.

ومع تطور دور وسائل التواصل الاجتماعي في صنع الرأي العام وترويج الأخبار، واعتماد فئات واسعة من مختلف فئات الشعب عليها كمصدر رئيسي للأخبار، نشطت الجيوش الإلكترونية في استخدامها منصة لتكذيب روايات الأطراف المناوئة، ونشر الإشاعات والترويج لأكاذيب، خاصة خلال الأزمات.

ولأن منصات التواصل الاجتماعي متاحة للجميع، فإن حالة البلبلة التي تخلقها تدخلات الجيوش الإلكترونية تتعزز بمشاركة أطراف كثيرة في هذه المعارك الإلكترونية موالية للاتجاه السياسي نفسه، من خلال تبني الإشاعات وإعادة نشرها في مواقع مختلفة، ويطلق على هؤلاء “الذباب الإلكتروني”.

ومن أهم خطوات الجيوش الإلكترونية ومن يتبنى طروحاتها، المشاركة بقوة في حروب التغريدات والتعليقات على تويتر والفيس بوك والواتس أب والفايبر وغيرها، ولأجل ذلك تعمل على إنشاء عدة حسابات لا تكاد تحصى بأسماء وهمية، تعمل على نشر وإعادة ترويج الأفكار المطلوب ترويجها.

كما ان استخدام منصات التواصل الاجتماعي من طرف الجيوش الإلكترونية لا يسعى فقط للاختراق أو التشويش على آراء الخصوم وتشويه سمعتهم، بل يتجاوزه إلى التبليغ عن الحسابات والسعي لوقفها نهائيا، ودفع الخصم إلى الصمت بأي وسيلة.

وفي عصر المعلومة والحروب الإلكترونية، بدأت دول عديدة سياسة إنشاء “جيوش إلكترونية” نظامية لها ميزانيتها الخاصة، وتسعى للدفاع عن البلاد ضد الهجمات الإلكترونية التي لا تكاد تنتهي حتى تبدأ.

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى