دراسات شرق أوسطية

الخطوة القادمة في الشأن الفلسطيني: احياء روابط القرى

وليد عبد الحي
توهم الكثيرون بخاصة من القيادات الفلسطينية المقاومة أن اعلان رئيس سلطة التنسيق الامني عن انتخابات ومصالحات فلسطينية قادمة، وعن غضبة كبرى على ترامب وعن الزعم (للمرة الستين) انهاء التنسيق الامني خطوة في الاتجاه الصحيح، لكني ما زلت على رأيي ان دبلوماسية الاسفنجة هي التكتيك المركزي لهذه السلطة بهدف امتصاص أي ردات فعل حادة على السياسات الامريكية او العربية او الاسرائيلية ، وكل ذلك مدفوع برغبة في الوصول للاستراتيجية الخفية الخاصة بتفكيك المشروع السياسي الفلسطيني المتمثل في منظمة التحرير وميثاقها الأول ونزع خيار المقاومة المسلحة وانهاء الصراع مع الصهيونية .
ولكن كيف سيتم إدارة الحياة اليومية للشعب الفلسطيني بخاصة في داخل اراضي 1967؟
ما تشي به دراسات وملخصات وتقارير امنية متسربة وتصريحات مختلفة من المسؤولين الإسرائيليين وذراعهم الفلسطيني بان الأمر سيتم من خلال اعادة احياء ” روابط القرى ” التي تم الشروع بها عام 1978 لتكون بديلا مدنيا عن منظمة التحرير وتغييب البعد الدولي والشخصية الدولية للكيان الفلسطيني ايا كان شكله القانوني ولتكون حلقة وصل بين السلطات الاسرائيلية والمجتمع الفلسطيني لتنظيم شؤونه المدنية والمعيشية في القطاعات المختلفة الى جانب رعاية المشاريع والمساعدات الدولية ..وكان مستشار الشؤون العربية في الحاكمية العسكرية للضفة مناحم ملسون والميجر جنرال إيگال كرمون الحاكم العسكري لمدينة الخليل من (1974-1976هما مهندسا هذه الاستراتيجية في حينها.
الفكرة المطروحة من الباحثين والادارات الاسرائيلية تشير الى استمرار التوسع الاستيطاني والذي ابتلع الآن حوالي 87% من الضفة الغربية (62% منطقة ج. لوحدها طبقا لاتفاق اوسلو)، ومصادر المياه والتجارة الخارجية والدخول والخروج للضفة الغربية تتحكم به اسرائيل.
وعليه فالارض اصبحت تحت السيطرة الاسرائيلية تماما، والامن تتحكم فيه اسرائيل عبر جهازها الامني وعبر ذراعها الفلسطيني المتمثل في اجهزة التنسيق الامني الذي اشرف عليه وعلى تدريبه الأمريكيون والاسرائيليون، ولم يبق الا الشأن الحياتي اليومي.
وعليه فالخطوة القادمة هي إعادة احياء روابط القرى(عبر انتخابات ظاهرها اجرائي تنفيذي وباطنها سياسي) لخلق سلطة بديلة ذات مضمون اداري كأي سلطة محلية ترعى التعليم والصحة والسكان والبنية التحتية…الخ، مع بقاء جهاز التنسيق الأمني للفترة الانتقالية باتجاه الضم التام.
وإذا كانت روابط القوى الأولى تم دفنها نظرا لظروف فلسطينية واقليمية ودولية ، فان جوهر هذه الظروف قد تغير ،فسلطة التنسيق الامني تعادي المقاومة بحدة لاتقل عن الحدة الإسرائيلية، والظروف الاقليمية تشهد انهيارا تاما في النظام الاقليمي العربي ، والمجتمع الدولي لا تشغله القضية الفلسطينية اكثر من ” العطف الانساني).
لذا أرجح أن مشروع روابط القرى سيتم إحياؤه بنفس التسمية او بتسمية أكثر تمويها، ولا أعتقد ان الامر سيتجاوز السنوات القليلة القادمة وعلى الجناح المقاوم في المجتمع الفلسطيني ان يبدأ بالتفكير في استراتيجية مواجهة هذا المشروع القادم…وان غدا لنظاهره قريب…ربما.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى