دراسات استشرافيةقضايا فلسفية

الدراسات المستقبلية في مدارسنا – وليد عبد الحي

في منتصف التسعينات نشرت كتابا في جامعة اليرموك عنوانه ” الدراسات المستقبلية في المدرسة الأردنية “، وكان الامل معقودا على طرح الموضوع على وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع مركز الدراسات في الجامعة لجعل هذا الموضوع مادة دراسية لطلاب المدارس في مختلف المراحل الدراسية وعلى اساس تطوير الدراسة وتقسيمها لمراحل تراعي القدرات العقلية والنفسية للطلاب في مراحل الدراسة المختلفة.
والهدف الرئيسي من الدراسة هو تحويل المنظومة المعرفية العربية من مركزية الماضي والحاضر الى مركزية المستقبل ، وتبين لي في الدراسة ذاتها ان موقف العقل العربي من مراحل السلسلة الزمنية يشكل احد معوقات التطور والقدرة على مجاراة ايقاع التغير المتسارع في الحياة الانسانية.
ولكن كيف نحدث هذه الثورة في التوجه(orientation) نحو مراحل السلسلة الزمنية؟ ارى ان نقطة البداية هي المدرسة لا سيما في مراحلها الابتدائية ، وذلك عبر موضوعات بعضها له مضمون كمي، وبعضها كيفي ، وموضوعات لها صلة بتطوير التخيل او بتقنيات الترابط المنطقي واستخدام وسائل الانترنت المختلفة بخاصة الخيال العلمي وعرض المشكلات وتطوير التوقعات وتحليل الأسباب وبعضها الآخر له علاقة بقواعد النحو وبخاصة ما يتعلق بالأفعال في اللغة العربية وقواعدها في اللغات الأجنبية ودلالات التباين بينهما في هذا المجال, ومفهوم الزمن وصلته بالتغير والحركة في الثقافات الانسانية…الخ..وصولا لكتابة القصص التي لا تضمن أي فعل ماضي في نص القصة أو الرسوم ذات الايحاء المستقبلي ..ولكل من هذه الجوانب جوانبها النظرية والتدريبية…الخ.


ويفترض ذلك احداث نقلة نوعية في المنظومة المعرفية للطالب مما يجعله مؤهلا في مراحله الجامعية للتعامل مع هذه الموضوع الذي اصبح له وزارات اسمها وزارة المستقبل كما هو الحال في السويد او في كوريا الجنوبية وغيرهما، وهناك مئات الجامعات ومراكز الابحاث المتخصصة في هذا الموضوع والتي تمنح شهاداتها في البكالوريوس والماجستير والدكتوراه…بينما تفتقر الجامعات العربية لهذا الموضوع إلا كمساقات عابرة وفي عدد محدود جدا من الجامعات العربية.
وسأروي للقارئ الكريم واقعة من ثنايا الكتاب، فقد سالت عينة واسعة من طلاب الثانوية عندنا (ينتمون لمدارس في المدن والقرى واعماق الصحراء والمخيمات) عددا من الأسئلة وقارنت اجابات طلابنا مع اجابات طلاب ألمان وجهت لهم نفس الاسئلة تقريبا، ومن بين تلك الاسئلة سؤال يقول:ايهما افضل ان نقول :
كان الخبز قمحا …أو …يصير القمح خبزا
كانت النتيجة ان حوالي 95% من طلابنا قالوا كان الخبز قمحا بينما نفس النسبة تقريبا من الطلاب الالمان قالوا يصير القمح خبزا… وتكرر الوضع ذاته مع بقية الاسئلة ، وهنا سألت نفسي لماذا هذا التباين؟ اترك الامر للتفكير.

 

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى