تعالج هذه الدِّراسة؛ مفهوم “التغيُّر” كسمة مميِّزة لظاهرة “السياسة الخارجيَّة” بعد الحرب الباردة. فالتغيُّر أضحى في العقود الثلاث الأخيرة أبرزَ الخصائص التي تمتاز بها “السياسة الخارجيَّة” عن غيرها من ظواهر العلاقات الدَّولية؛ الأمر الذي يفرض علينا إيلائها الإهتمام العملي. لذا تمَّ إعداد هذه الدِّراسة، لبحث المقصود ﺒ: “تغيُّر السياسة الخارجيَّة” ومناقشة أدوات دراستها. كمحاولة منا لإزالة اللبس والغموض اللذان اكتنفا، ولا زالا يكتنفان ظاهرة “التغيُّر في السياسة الخارجيَّة”؛ في جانبيها الواقعي (التمظهر الحَدَثي)، والنَّظري- المنهجي (الدِّراسة العلميَّة). كما تعتبر هذه الدراسة؛ بمثابة عرض نحو التَّأسيس ﻠ: “إطار عمل صوري/ مفهومي” جديد، من شأنه تسهيل دراسة التغيًّرات التي طرأَت على السياسات الخارجيَّة للدول بعد الحرب الباردة. فصعوبة الإعتماد على “النَّماذج العلميَّة” المستعملة في هذا المجال منذ عقود لقصورها النَّظري من جهة، والخصوصية التي عرفت بها السياسة الخارجية لدول العالم بعد نهاية الحرب الباردة من جهة ثانية؛ يفرض على الباحثين اعتماد “إطار عمل مفاهيمي” خاص، كآلية أكثر مرونةً من “النَّماذج العلميَّة”، في دراسة التغيُّر في السياسة الخارجيَّة للدول.