دراسات اقتصاديةدراسات شرق أوسطية

الدول العربية والتحديات الاقتصادية

 يشهد عالمنا المعاصر منذ عقد الثمانينيات وحتى اليوم ، أحداثاً عالمية مذهلة متسارعة أحدثت تحولات جذرية وعميقة فى النظام الاقتصادى والسياسى العالمى ، أسفرت عن نتائج وتطورات هامة ، وضعت العالم وشعوبه المختلفة عشية القرن الحادى والعشرين أمام متطلبات وتحديات جديدة ، وجعلتها تبحث عن سبل مختلفة تمكنها من تلبية احتياجات العصر ومواجهة تحدياته .

    وبالرغم من تنوع وتعدد هذه التحديات والمتطلبات ( اقتصادية – سياسية – اجتماعية – ثقافية – تكنولوجية – بيئية …) إلا أن التحديات الاقتصادية تقع فى موقع الصدارة ، لأنها تشكل الأساس لحل المعضلات والوفاء بما تبقى من الاحتياجات ، ولهذا نجد بلدان وشعوب العالم المختلفة تبحث عن طرق ووسائل وآليات فاعلة تساعدها على النمو والتطور الاقتصادى بديناميكية مناسبة ، وعلى استخدام واستغلال مواردها وطاقاتها الاقتصادية بما يضمن لها الأستمرار والصمود والقدرة المناسبة على المنافسة معتمدة على الاتفاقيات الثنائية والجماعية والعمل الاقتصادى المشترك وعلى التكتلات الاقتصادية العالمية والاقليمية ، كمدخل مناسب للدفاع عن مصالحها المختلفة ، ومن أجل ضمان مواقع مناسبة تحميها من التغيرات المتسارعة ونتائجها المحتملة وغير المحمودة ([1]).

   وبدون التطرق إلى الجدل المثار حالياً حول حجم التحديات الاقتصادية التى تواجه الدول العربية ، يمكن القول وبدون مغالاة أن التحديات الاقتصادية أصبحت أحد حقائق الواقع المعاش في الأقطار العربية في الوقت الراهن، ومن أخطر المشاكل التي تؤرق بال كل مهتم بالشأن العربى، فلا تكاد تخلو وسيلة من وسائل الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي من طرح لهذا الموضوع، لا يخلو أي خطاب سياسي أو منتدى فكري من التصدي إليها، وليس من قبيل المبالغة القول بأن مواجهة هذه التحديات أصبح هو المقياس الحقيقي لنجاح الإصلاح الاقتصادي في الدول العربية .

مشكلة الدراسة ( المشكلة البحثية )  

    تواجه الاقتصاديات العربية حالياً وفى المستقبل القريب تحديات عديدة ومتنوعة ( داخلية وخارجية – مباشرة وغير مباشرة ..) ، ولقد أصبح واضحاً لكل ذى عينين حجم التحديات التى تواجه الأمة العربية خلال القرن الحادى والعشرين ، وهى تحديات تنبع من مصادر شتى وتهدد بإلحاق أفدح الأضرار ليس فقط بالمستقبل الاقتصادى للشعوب العربية ، ولكن بات الخطر يلتف حول هويتها وثقافتها بل ووجودها القومى ذاته ، فهناك تحديات العولمة ، وانفتاح الأسواق وشراسة الشركات عابرة القارات ، وتنامى النزعة نحو بناء التكتلات الاقتصادية والإقليمية وأشتداد حمى التنافس الاقتصادى ، ومخاطر التهميش التى تنتظر الكيانات الصغيرة غير القادرة وغير المؤهلة للمنافسة ، والسماوات المفتوحة ، الأقمار الصناعية والبث الفضائى الذى لاتحده قيود ، وهناك من جانب آخر ، تحديات القوى الإقليمية المتحفزة لدور جديد فى منطقة الشرق الأوسط خصماً من حساب قوى إقليمية عربية كبرى كمصر ، ..وغيرها من التحديات التى تهدد المستقبل العربى بصفة عامة([2])

    وعلى الرغم من تنوع وتعدد هذه التحديات والمتطلبات ( اقتصادية – سياسية – اجتماعية – ثقافية – تكنولوجية – بيئية …) إلا أن التحديات الاقتصادية تقع فى موقع الصدارة ، لأنها تشكل الأساس لحل المعضلات والوفاء بما تبقى من الاحتياجات .

   خلاصة القول تتمثل مشكلة الدراسة في محاولة التعرف على أهم وأبرز التحديات الاقتصادية التى تواجه الدول العربية فى ظل المشهد العالمى المعاصر، ومن ثم فإن السؤال البحثي الرئيس الذي تدور حوله الدراسة يتمثل في “ما هي أبرز التحديات الاقتصادية التى تواجه الدول العربية فى ظل المشهد العالمى المعاصر؟” .

تساؤلات الدراسة (البحث )

    تسعى الدراسة للإجابة على تساؤل رئيس يشكل قلب المشكلة البحثية ويتمثل هذا السؤال في “ما هي أبرز التحديات الاقتصادية التى تواجه الدول العربية فى ظل المشهد العالمى المعاصر؟” ، ويتفرع من هذا السؤال البحثي عدة أسئلة فرعية :

  • ما هي صور وأنماط التحديات الاقتصادية التى تواجه الدول العربية ؟ .
  • ما هي الآثار الناجمة عن تلك التحديات الاقتصادية بالنسبة للدول العربية
  • ما هى سبل مواجهة تلك التحديات الاقتصادية التى تواجه الدول العربية ؟
  • ما هو مستقبل الاقتصاد العربى ؟ .

أهداف الدراسة

   تهدف الدراسة إلى العديد من الأمور، وأهمها:

  • توضيح أبرز التحديات الاقتصادية التى تواجه الدول العربية .
  • الوقوف على حجم تلك التحديات الاقتصادية .
  • تقديم بعض التصورات والمقترحات والسبل لمواجهة تلك التحديات .

أهمية الدراسة

   تنبع أهمية دراسة موضوع التحديات الاقتصادية التى تواجه الدول العربية من عدة اعتبارات يتمثل أبرزها في:

1- من الناحية النظرية (العلمية):

  • تقدم الدراسة إطار نظري يتناول تحديداً مفاهيمى لمتغيرى الدراسة الأساسيين ( الدول العربية ، التحديات الاقتصادية ) .
  • تضيف الدراسة بحثاً جديداً إلى المكتبة العربية.

2- من الناحية العملية (التطبيقية):

  • تطرح الدراسة بعض التصورات والسبل لمواجهة التحديات الاقتصادية ، ومن ثم دفع مسيرة التطور والتقدم الاقتصادي في الدول العربية .

الإطار المنهجي (المناهجي) للبحث

   يعتمد الإطار المنهاجي لهذا البحث على ثلاث دعامات رئيسية:

  • المدخل (الاقتراب).
  • أدوات ومصادر جمع المعلومات أو المادة العلمية.

(1) أولاً: المدخل (الاقتراب):

    نظراً لطبيعة الموضوع الذي تتناوله الدراسة والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، فإن الدراسة سوف تعتمد بصفة أساسية على الأسلوب الوصفى فى سرد التحديات ، وكما تعتمد على التحليل الإحصائي([3]) وتستعين الدراسة بالإحصاءات المتاحة ، في رصد وتتبع حجم التحديات الاقتصادية ، وما يثيره هذا الحجم من مؤشرات ومدلولات.

(2) ثانياً: أدوات ومصادر جمع المعلومات أو المادة العلمية :

    لقد تم الاعتماد في جمع المادة العلمية لهذه الدراسة على مصادر مكتبية أولية وثانوية تشمل رسائل علمية وأبحاث غير منشورة ومقالات في دوريات وصحف دولية ومحلية فضلاً عن الكتب المتصلة بموضوع الدراسة .

تقسيم البحث           

يتضمن البحث فضلاً عن المقدمة والخاتمة، أربعة مباحث ، وهي كالتالي:

  • المبحث الأول : ويعالج الإطار النظري للدراسة ، ويتناول تحديداً مفاهيمى لمتغيرى الدراسة الأساسيين ( الدول العربية ، التحديات الاقتصادية ) .
  • المبحث الثاني : ويتناول أنماط وصور التحديات الاقتصادية التى تواجه الدول العربية .
  • المبحث الثالث : ويقدم شرحاً مبسطاً ومختصراً لعدد من تلك التحديات الاقتصادية مبيناً طبيعتها والآثار المترتبة عليها .
  • المبحث الرابع : ويعرض لأهم سبل مواجهة تلك التحديات الاقتصادية ، مع تقديم رؤية مستقبلية للاقتصاد العربى .

المبحث الأول

الإطار النظرى للدراسة

 تواجه الاقتصاديات العربية حالياً وفى المستقبل القريب تحديات عديدة ومتنوعة ( داخلية وخارجية – مباشرة وغير مباشرة ..) ، وعلى الرغم من تنوع وتعدد هذه التحديات والمتطلبات( اقتصادية – سياسية – اجتماعية – ثقافية – تكنولوجية – بيئية …) إلا أن التحديات الاقتصادية تقع فى موقع الصدارة ، لأنها تشكل الأساس لحل المعضلات والوفاء بما تبقى من الاحتياجات .

    وتتعدد المفاهيم المستخدمة فى البحث إلا أن هناك مفهومين أساسيين ، وهما ( الدول العربية – التحديات الاقتصادية ) ، يسعى هذا المبحث إلى الوقوف عليهما وتقديم تعريف موجز ومبسط لهما  ، وذلك كما يلى :

  • أولاً : التعريف بالدول العربية (  Arab Countries)

    هو مصطلح يُطلق على الدول الأعضاء فى جامعة الدول العربية ، يبلغ عدد تلك الدول 22 دولة ، ويُطلق عليها مجتمعة مصطلح الوطن العربى .

    ويتكون الوطن العربى من مساحة جغرافية تربط بين ثلاث قارات وأربعة بحار ، ويتكون من 22 دولة وكياناً سياسياً تتسم بالتجانس النسبى فى اللغة والثقافة ، وبالتباين الكبير فى السياسة والاقتصاد والتركيبة السكانية والاجتماعية ، وتبلغ مساحة الوطن العربى حوالى 14.2 مليون/كم2 يعيش فيه حوالى 326.1 مليون نسمة فى عام 2007 ، وينتج العالم العربى 25.8 % من إنتاج العالم للنفط ويمتلك 50.3 % من احتياطات النفط العالمية وينتج أيضا 13.1 % من الإنتاج العالمى للغاز الطبيعى ويمتلك 29.1 % من الاحتياطى العالمى منه([4]) .

    وتنقسم الدول العربية إلى مجموعتين([5]) :

  • الدول المنتجة للنفط : ويعتمد الدخل الوطنى فى هذه الدول على مصدر واحد وهو تصدير مادة النفط ، وهذه الدول غنية بمواردها المالية ولكنها تعانى من نقص اليد العاملة المتخصصة .
  • الدول غير المنتجة للنفط : تعتمد فى غالبيتها على الزراعة وقطاع الخدمات العامة ، وتعانى هذه الدول من وفرة اليد العاملة وتزايد البطالة ، ومن نقص فى مصادر رؤوس الأموال .

    وتعانى غالبية الدول العربية حالياً من تحديات وصعوبات متعددة منها السياسى والاقتصادى والاجتماعى ، بعض هذه المشاكل ناتج عن خلل فى البناء الداخلى والبعض الآخر ناتج عن عوامل خارجية ، بين هذه وتلك تسعى غالبية الدول العربية لوضع الخطط التنموية الملائمة لظروفها الذاتية المتمايزة .

  • ثانياً : مفهوم التحديات الاقتصادية (  Economic Challenges)

    لا يوجد تعريف واحد ، متفق عليه يصلح أن يكون شاملاً وجامعاً لمفهوم التحديات ، حيث أن هناك العديد من التعريفات المقدمة لهذا المفهوم ، ويرجع ذلك إلى اختلاف تناول ونظرة كل باحث للمفهوم ، ومن أهم هذه التعريفات :

  • ” التحدي هو ذلك الوضع الذي يمثل وجوده أو عدم وجوده تهديداً أو إضعافاً، أو تشويها، كلياً أو جزئياً، دائماً كان أو مؤقتاً، لوجود وضع آخر يُراد له الثبات والقوة و الأستمرار” فمثلاً التحدى الثقافى يمثل تهديداً أو خطراً أو إضعافاً أو تشويهاً، لوضع أو منظومة ثقافية معينة، فيصح أن يُطلق عليه لهذا السبب ” التحدي الثقافي “([6]) .
  • وهناك تعريف آخر للتحديات مفاده أن ” التحديات هى تطورات أو متغيرات أو مشكلات أو صعوبات أو عوائق نابعة من البيئة المحلية أو الإقليمية أو الدولية “([7]) .

    ولكن نوعية التحديات هي التي تحدد حجم الخطر التي تتعرض له هذه الدولة أو ذاك المجتمع ، فبعض التحديات تؤثر في كيان الدولة أو المجتمع في الصميم، بحيث يكون تأثير التحدي شاملاً وليس ذا بعد واحد، وهنا لابد أن تكون المواجهة شاملة، أي تكون المواجهة بحجم التحديات وإلا فإن النتيجة سوف تكون اكتساحاً شاملاً ، وتتخذ التحديات عدة أشكال ، وأهمها :              :

    – التحديات الاقتصادية.           – التحديات الثقــافية.
– التحديات المعلوماتية.         – التحديات الاجتماعية. .
–   التحديات البيئية.                                        –   التحديات التكنولوجية .

    خلاصة القول يمكن تعريف التحديات الاقتصادية بأنها ” تطورات أو متغيرات أو مشكلات أو صعوبات أو عوائق اقتصادية أو ذات بعد اقتصادى نابعة من البيئة المحلية أو الإقليمية أو الدولية ، وتشكل تهديداً أو خطراً على مستقبل النمو والتنمية الاقتصادية بالدولة ” .

المبحث الثانى

أنماط وصور التحديات الاقتصادية التى تواجه

الدول العربية

تواجه الدول العربية قدراً كبيراً من التحديات في مختلف جوانب الحياة ، وخاصة فى الجوانب الاقتصادية ، وتمثل هذه التحديات الاقتصادية خطراً على التنمية العربية ، وتعوق قدرات الوطن العربي على التكيف مع التحولات العالمية ومواجهة تحديات السلام ومكافحة الإرهاب وحماية نفسه من التغييرات المعاكسة في الفضاء الاقتصادي الكوني ، ويمكن إيجاز مجموعة التحديات التي تواجه الدول العربية في ظل المشهد العالمى المعاصر فيما يلى :

  • تسارع وتيرة العولمة الاقتصادية .
  • تصاعد الاتجاه نحو الخصخصة والإصلاح الهيكلى .
  • انكماش المساعدات الإنمائية الرسمية .
  • اتساع حجم الفجوة المعرفية والتقنية .
  • تحديات الاندماج بالاقتصاد العالمى .
  • تزايد المديونية الخارجية وأعباؤها .
  • ضعف وتدنى مستوى التجارة والاستثمارات العربية البينية .
  • محدودية الموارد العربية وسوء استغلالها .
  • تعثر عملية التنمية والإصلاح الاقتصادى وبطء معدلاتها .
  • تصاعد معدلات البطالة .
  • الفساد وتدنى مستوى الحوكمة .
  • تزايد مشكلات تدهور البيئة .
  • تصاعد معدلات التضخم وارتفاع اسعار الطاقة والمواد الغذائية خلال العامين الأخيرين .

    وقد أختلف الاقتصاديون حول أنماط وصور التحديات الاقتصادية التى تواجه الدول العربية فى ظل المشهد العالمى المعاصر ، وظهرت فى هذا الإطار ثلاثة إتجاهات رئيسية ، وهى :

  • الإتجاه الأول : ويرى أنصار هذا الإتجاه أن التحديات الاقتصادية التى تواجه الدول العربية فى ظل المشهد العالمى المعاصر تنقسم إلى نوعين رئيسيين ( تحديات اقتصادية مباشرة ، وتحديات اقتصادية غير مباشرة الإتجاه الثانى : ويذهب إلى أن تلك التحديات الاقتصادية تنقسم إلى  ( تحديات اقتصادية رئيسية ، وتحديات اقتصادية فرعية ) .
  • الإتجاه الثالث : ويرى أصحاب هذا الإتجاه أن تلك التحديات الاقتصادية تنقسم إلى ( تحديات اقتصادية داخلية ، وتحديات اقتصادية خارجية ) ، ويميل الباحث إلى تبنى هذا الإتجاه خلال دراسته .

المبحث الثالث

التحديات الاقتصادية التى تواجه

الدول العربية (الطبيعة – الآثار الناجمة )

على الرغم من تنوع وتعدد التحديات والمتطلبات التى تواجه الدول العربية ( اقتصادية – سياسية – اجتماعية – ثقافية – تكنولوجية – بيئية …) إلا أن التحديات الاقتصادية تقع فى موقع الصدارة ، لأنها تشكل الأساس لحل المعضلات والوفاء بما تبقى من الاحتياجات .

إن التحديات الاقتصادية هى تطورات أو متغيرات أو مشكلات أو صعوبات أو عوائق اقتصادية أو ذات بعد اقتصادى نابعة من البيئة المحلية أو الإقليمية أو الدولية ، وتشكل تهديداً أو خطراً على مستقبل النمو والتنمية الاقتصادية .

    ويمكن تقسيم التحديات الاقتصادية التى تواجه الدول العربية إلى قسمين رئيسيين ، وهما :

  • التحديات الاقتصادية الداخلية .
  • التحديات الاقتصادية الخارجية ، وفيما يلى عرض موجز لعدد من التحديات الاقتصادية السابق ذكرها فى المبحث الثانى ، وذلك من حيث طبيعتها وأهم الآثار الناجمة عنها .
  • أولاً : التحديات الداخلية : تتمثل فى عدة أمور ، وأهمها :
    • محدودية الموارد العربية وسوء استغلالها : تعد المياه من أكثر الموارد الطبيعية محدودية في الوطن العربي ، ومما يزيد الأمر سوء هو أن معظم أراض الوطن العربي تقع في المناطق الجافة ، حيث لا تسقط الأمطار فيها إلا في القليل النادر ، ويعتبر الوطن العربي من أكثر مناطق العالم فقراً في الموارد المائية إذ لا يتخطى المعدل السنوي لنصيب الفرد من المياه (1000) متر مكعب مقارنة (7700) متر مكعب على المستوى العالمي ، ومن المتوقع أن يتناقص هذا المعدل إلى (500) متر مكعب في معظم الدول العربية بحلول عام 2025 ، علاوة على ذلك ، فإن حوالي نصف الموارد المائية العربية تنبع من خارج الوطن العربي ، كما أن هذه الموارد غير مستغلة برمتها ، بل يتم استغلال نحو 68% منها فقط ، وطبقا لدراسة حديثة ، فإن حوالي 75% من الدول العربية تقع تحت خط الفقر المائي، ومن المتوقع أن تبلغ النسبة 90% بحلول عام 2030([8]) .

    أما بالنسبة لمصادر الأراضي ، فإن الوطن العربي يعاني من ندرة الأراضي أيضا ، حيث أن 54.8% من مساحته تعد أراض خالية ، وتمثل المراعي 26.8% ، والأراضي القابلة للزراعة 14.5% والغابات حوالي 3.9% ، وتمثل الأراضي المزروعة حوالي 29% من مساحة الأراضي القابلة للزراعة أو حوالي 4.2% من إجمالي المساحة الكلية للوطن العربي ، وتتعرض غابات الوطن العربي والتي تمثل 3.9% من مجمل مساحته إلى ضغوط متزايدة ، وتفقد بمعدل سنوي 1.59% ، وتعتبر إعادة زراعة الغابات الطريق الفعال لتعويض الفاقد من هذه الغابات ، بيد أن معدل التشجير وزراعة الغابات لا يوازيان معدلات الفقد ، علاوة عن أن أعادة زراعة الغابات لا يعوض الفقدان الذي يحدث في التنوع الحيوي الذي تضمه الغابات الأصلية([9])  ، وقد شكلت هذه التطورات ضغوطاً على التنمية الزراعية العربية ، وبالتالي أصبح الوطن العربي عاجزاً عن سد متطلباته الغذائية ، حيث بلغت قيمة الفجوة الغذائية العربية مع نهاية عام 2001 حوالي14.7مليار دولار ، بالرغم من مرور أكثر من أربعة عقود على جهود التنمية الزراعية العربية([10]) .

  • تصاعد معدلات البطالة : يشكل تصاعد معدلات البطالة في الدول العربية واحد من أخطر التحديات التي تواجه الوطن العربي في ظل التحولات الاقتصادية الراهنة ، وتشير أحدث التقارير إلى أن معدل البطالة في الوطن العربى  يبلغ 14% ، من أصل (180) مليون عاطل عن العمل في العالم ، بمعنى أخر يبلغ العرب نحو 4.9% من سكان العالم ، بينما يبلغ العاطلون عن العمل حوالي 10.6% من إجمالي العاطلين عن العمل في العالم أي أكثر من ضعف نسبة مساهمتهم في سكان العالم ، فمعدلات التدفق العربي إلى سوق العمل أعلى من بقية العالم مما يخلق نوعين من الضغط ، ضغط البطالة القائمة ، وضغط البطالة القادمة([11]) ، ويمكن تصنيف الأقطار العربية من حيث معدلات البطالة على ثلاث مجموعات ، الأولى تضم دول مجلس التعاون الخليجي والتي لا تزيد فيها معدلات البطالة عن 5% ، والمجموعة الثانية تضم الأقطار التي لا تزيد فيها معدلات البطالة عن 10% وتشمل كل من تونس 7.2% ،وسوريا 8.95% ومصر 8.2% ، واليمن 8.3% ،ولبنان 8.5% ، بينما تضم المجموعة الثالثة الأقطار التي تزيد فيها معدلات البطالة عن 10% وتشمل كل من الجزائر 26.4% ، والأردن 14.4%  والمغرب 14.5% وموريتانيا 10.9% ، وليبيا 11.6% والسودان 15.9% ([12]) .

    وغني عن البيان أن معدل البطالة بين الشباب دون سن 25 سنة هو نصف المعدل العام للبطالة ، وهذه النتيجة تجعل الشباب والبطالة صفتين متلازمتين لفئة من السكان ينظر إليها دائما على أنها الأمل والمستقبل ، وهو ما يهدد المستقبل العربي ، بالإضافة إلى ذلك ، فإن البطالة انتشرت بدرجات متزايدة بين خريجي التعليم العالي وبنسبة أكبر بين الإناث ، ويشير ذلك بجلاء إلى عدم قدرة السوق على استيعاب الداخلين الجدد المقدر أن يبلغ عددهم حوالي (47) مليون طالب عمل بحلول عام 2010 ([13]) .

ويمكن القول بأن تنامي معدلات البطالة يرجع إلى عوامل عديدة من أهمها ارتفاع معدلات النمو السكاني العربي ، وعدم تمكن الوطن العربي من خلق فرص عمل كافية تتوافق مع العرض المتمثل في الأعداد المتزايدة من الداخلين إلى سوق العمل بسبب تدني القاعدة الإنتاجية وضعف الاستثمارات ، بالإضافة إلى الاتجاه العام نحو تقليص الوظائف الحكومية ، نتيجة تطبيق برامج الخصخصة والإصلاح الاقتصادي ، وعدم قدرة القطاع الخاص في المرحلة الانتقالية للخصخصة ، من استيعاب جزء كبير من الداخلين على سوق العمل ، وعدم موائمة مخرجات التعليم لاحتياجات سوق العمل في الوطن العربي .

  • الفساد وتدنى مستوى الحوكمة : يمثل الفساد قضية اقتصادية واجتماعية وسياسية ، ويترتب على الفساد خلل فى الكفاءة الاقتصادية ، نظراً لما ينتج عنه من سوء تخصيص الموارد الاقتصادية وسوء توجيه الاستثمارات ، فضلاً عن إعاقة الاستثمارات والتراكم الرأسمالى ، ومن ثم ، يعوق عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، بالإضافة لما يترتب عليه من خلل فى توزيع الدخل والثروة بين أفراد المجتمع ، فضلاً عما يترتب عليه من عديد من الآثار السلبية اجتماعياً وسياسياً وتعوق تلك الآثار عمليات الإصلاح ، ولذا أصبحت قضية الفساد من القضايا التى تشغل بال الجميع فى المجتمعات العربية ، نتيجة لزيادة حجم الفساد واتساع دائرته وتشابك حلقاته وترابط آلياته بدرجة لم يسبق لها مثيل من قبل ؛ مما يهدد مسيرة ومستقبل عمليات الإنماء بهذه الدول ، وتتعدد صور الفساد وأسبابه فى الدول العربية ، كما تتفاوت درجة الفساد فيما بين هذه الدول ، ويرجع ذلك بصفة أساسية إلى غياب الحوكمة من الناحية التنفيذية فى هذه الدول ، ووفقاً للتقارير الدولية فإن الدول العربية تحتل مرتبة متوسطة فى مقاييس الحوكمة ، وتأتى دول الخليج فى مقدمة الدول العربية وفقاً للمقاييس الدولية ، وقد أثبتت الدراسات أن هناك ارتباط طردى قوى بين مستوى الأداء الاقتصادى فى المنطقة العربية وجميع مؤشرات الحوكمة وخاصة مدى سيادة القانون ، وكفاءة الحكومة ، وقدرتها على مكافحة الفساد([14]).
  • ثانياً : التحديات الخارجية : وتتمثل فى عدة أمور ، أهمها :
  1. تسارع وتيرة العولمة الاقتصادية : العولمة  الاقتصادية هى تلك العملية التي تهدف إلى توحيد أجزاء الاقتصاد العالمي وإلغاء الحواجز التي تحو ل دون الحرية الكاملة لتدفق عناصره ومبادلاته وحركة عوامل الإنتاج سواء أكان رأسمال أو عمل أو تكنولوجيا أو غير ذلك ، فالعولمة إذن تساوي التغير التكنولوجي بالإضافة إلى فتح الأسواق للتجارة الدولية والاستثمار مضافا إليه التغير السياسي .

وتجلت عملية تسارع العولمة الاقتصادية في السنوات الأخيرة باطراد نمو التجارة العالمية وتدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة ، والازدياد الحاد في نشاطات الشركات متعدية الجنسيات التي تعد اليوم بمثابة الحكومة الكونية Global Government ، كما زاد تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر زيادة ملفتة للنظر إذ قفزت مبالغ هذا الاستثمار من متوسط سنوي يبلغ (27.5) مليار دولار في السبعينات من القرن الماضي إلى (559.6) مليار دولار في عام 2003 ([15])  ، ويمكن إيجاز أهم المخاطر التي تتعرض لها الدول النامية ومنها الدول العربية  من جراء العولمة الاقتصادية فى عدة أمور ، وأهمها انهيار الأنفاق الاستهلاكي ، تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي ، تزايد الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة ، زيادة الفقر ، والأزمات المالية كالأزمة المالية العالمية الراهنة .

  1. تحديات الاندماج بالاقتصاد العالمي : شهد الاقتصاد العربي ارتفاعاً ملحوظاً في مؤشر اندماجه بالاقتصاد العالمي خلال العقود الثلاثة الماضية حيث أرتفع مؤشر الانكشاف الاقتصادي من 26% في عام 1970إلى69.5% في عام 2003 ([16]) ، لقد أثرت عمليات الاندماج بالاقتصاد العالمي على أداء الاقتصاد العربي الذي بدأ بالتراجع منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي ، حتى مطلع القرن الحادي والعشرين ، ورغم أن هذا التراجع لا يخلوا من التذبذبات نحو الارتفاع أحياناً ، غير أن الميل للتراجع كان بارزاً ، ويطغى على أي تذبذبات محدودة ومؤقتة في الاتجاه المعاكس ، وكان حصاد ذلك تعرض الأهمية النسبية للاقتصاد العربي في الاقتصاد العالمي لتغييرات كبيرة سواء فيما يتعلق بحصة الوطن العربي من الناتج العالمي أو التجارة العالمية ، ففي عام 1980كان الناتج المحلي الإجمالي العربي يمثل 4% من الناتج العالمي، انخفضت النسبة إلى 2.7% في عام 2003 ، وكذلك الحال بالنسبة للصادرات العربية، فقد شهدت هي الأخرى هبوطاً ملحوظاً من 12.4% في عام 1980 إلى 5.7 % في عام 2007 ، ويشير هذا الانخفاض في المؤشرات إلى هشاشة الهياكل الاقتصادية ، وضعف الإنتاجية ، وتراجعا في الأداء الاقتصادي([17]) ، ويمكن القول بأنه مع تزايد الاندفاع نحو انتهاج سياسات اقتصادية ومالية وتجارية تؤهل للاندماج بالاقتصاد الرأسمالي العالمي ، تتزايد المشكلات الاقتصادية والاجتماعية ، وتتدنى مؤشرات التنمية البشرية فبينما يتمتع 2.34% من مجموع السكان العرب (البحرين، والكويت ،الإمارات، وقطر ) بتنمية بشرية مرتفعة ، فإن 22.09% من السكان (السودان،اليمن ،جيبوتي ، موريتانيا) يعيشون في ظل تنمية بشرية منخفضة ، ويتمتع 75.57% من السكان بتنمية بشرية متوسطة يعيشون في باقي الدول العربية([18])  .

ووفقا لتقارير البنك الدولي ، فإن حوالي 68 مليون عربي يعانون من الحرمان والفقر البشري ، ويصل معدل معرفة القراءة والكتابة بين البالغين إلى نحو 61.2% ، ولا يحصل 26% من السكان العرب على المياه الصالحة للشرب ، و19.7% لا يتوفر لهم الصرف الصحي ، وفي الوقت الذي يبلغ فيه متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي حوالي 17935 دولار في الإمارات ، فإنه ينحدر على 893 دولار في اليمن ، وهذا يعكس حجم التفاوت الكبير بين أقطار الوطن العربي([19]) .

ومما يزيد الأمر سوءا ، أنه مع التدهور الحاصل في البيئة الاقتصادية والاجتماعية العربية ، تتصاعد الدعوة والضغوط إلى المزيد من الانخراط في الاقتصاد العالمي ، وتطبيق توصيات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمتمثلة ببرامج الإصلاح والتكييف الهيكلي والتي لم تستطع أن تخفف من مشكلة المديونية العربية الخارجية والتي فاقت 150.2 مليار دولار في عام 2007 بعد أن كانت اقل من خمسين مليار دولار مع مطلع عقد الثمانينات من القرن الماضي .

وفي الوقت الذي تستمر فيه الدول الصناعية الكبرى بالسيطرة على الثروات العربية ، فإنها تلوح بالمساعدات الإنمائية التي تقدمها إلى بعض الأقطار العربية والتي شهدت هبوطا ملحوظا خلال العقد الأخير من القرن العشرين ، وهو العقد الذي لاقت فيه شعارات العولمة وسياسات التحرير الاقتصادي والانفتاح على الخارج رواجا ، ففي الوقت الذي بلغت فيه المساعدات حوالي 10.3 مليار دولار في عام 1991 ، انخفضت تدريجيا حتى وصلت إلى 3.7 مليار دولار في عام 2000  ، وبينما كان نصيب الفرد العربي من هذه المساعدات حوالي 49.2 دولار في عام 1991 ، انخفض إلى 15.2 دولار في عام 2000([20])  .

  1. ضعف التجارة العربية البينية ، وتدني الاستثمار العربي البيني : اتسمت مسيرة التنمية العربية بالاعتماد على الخارج ، ويرجع ذلك إلى الاختلال الهيكلي في الاقتصاديات العربية ، من حيث تخلف القاعدة الإنتاجية ، والاعتماد على تصدير الخامات واستيراد الآلات والمعدات والسلع المصنعة ، وتشير العديد من الدراسات والأبحاث إلى أن حجم التجارة بين الأقطار العربية هو ضعيف جدا عند مقارنته بحجم التجارة الخارجية العربية مع الدول المتقدمة صناعيا ، فالصادرات العربية البينية لا تسهم سوى ب(7.7%) من الصادرات العربية الإجمالية ، أما بالنسبة للواردات العربية البينية فلا تشكل سوى (9.5%) من الواردات العربية الإجمالية لعام 2001 ، وفيما يتعلق بالاستثمارات العربية البينية والذي بلغها رصيدها التراكمي حوالي 35.9 مليار دولار خلال الفترة من 1985-2004 ، فلازال حجمها بسيط مقارنة بحجم الاستثمارات العربية في الخارج والتي يقدرها الخبراء المصرفيون بأكثر من تريليون دولار ، ويشير تقرير مناخ الاستثمار في الدول العربية لعام 2004 ، إلى أن إجمالي الاستثمارات العربية البينية قد بلغ بحدود 5.9 مليار دولار ، تركزت 75% منها في قطاع الخدمات ، و23% في قطاع الصناعة ، 1.3% في قطاع الزراعة ([21]) .

فضلا عن ذلك فإن الوطن العربي قد أخفق في استقطاب الاستثمارات الأجنبية خلال الفترة الماضية ، حيث لم يتجاوز نصيب الوطن العربي من التدفقات الاستثمارية المباشرة العالمية نسبة 2.5% من إجمالي هذه التدفقات الموجهة إلى أسواق الدول النامية خلال الفترة من عام 1998إلى 1999 ، ففي الوقت الذي أرتفع فيه نصيب الوطن العربي من الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى 7.7 مليار دولار عام 2003 ، غير أن هذا الرقم لا يشكل سوى 1% من إجمالي حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة  .

المبحث الرابع

سبل مواجهةالتحديات الاقتصادية التى تواجه

الدول العربية

    يسعى هذا المبحث إلى عرض أهم السبل التى يمكن من خلالها مواجهة التحديات الاقتصادية ، مع تقديم رؤية مستقبلية للاقتصاد العربى ، ولذا ينقسم هذا المبحث إلى محورين رئيسيين ، وذلك على النحو التالى :

  • المحور الأول : سبل مواجهة التحديات الاقتصادية التى تواجه الدول العربية :

    إن مواجهة التحديات الاقتصادية التي أفرزتها التغييرات والتحولات الاقتصادية المحلية و العالمية تستدعي تبني برنامج عمل ، يتضمن القيام ببعض الإجراءات الفعلية ، وفي محاور عديدة ، من شأنها أن تخلق المناخ المناسب الذي يفتح الأفاق الرحيبة أمام التنمية والنمو الاقتصادى في الوطن العربي ، وتتمثل هذه المحاور فى عدة أمور ، وأهمها :

  • تعزيز القدرة التنافسية العربية .
  • تنمية أسواق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات العربية .
  • بناء راس المال البشري المؤهل ، ورفع كفاءته .
  • تقوية وتفعيل منظومة البحث والتطوير لمواكبة الثورة العلمية والتكنولوجية .
  • خلق المناخ الاستثماري الجاذب للأسراع بعملية التنمية .
  • تكثيف التعاون الاقتصادي بين الأقطار العربية ، الأسراع إلى تنفيذ السوق العربية المشتركة .
  • المحور الثانى : رؤية مستقبلية للاقتصاد العربى :

    يمكن تحديد مقومات هذه الرؤية المستقبلية فى إطار الآتى :

  • يجب أن يكون المدخل الإنتاجى العمود الفقرى الذى يستند إليه فعالية العمل الاقتصادى العربى المشترك .
  • التأكيد على أهمية الإصلاح الهيكلى للقوى البشرية .
  • تفهم أن العقبات ذات الطبيعة غير الاقتصادية تفرض ظلاً ثقيلاً وتنبؤات ضاغطة على مستقبل النشاط الاقصادى العربى وعلى معيشة السكان .
  • لم يعد العمل الاقتصادى العربى المشترك ضرورة تنموية فحسب وإنما أصبح ضرورة مصيرية ، فالواقع والمستقبل للتكتلات الاقتصادية ، وبالتالى فإن هناك مسئولية أساسية تقع على عاتق الدول العربية فى المرحلة القادمة ، وتتحدد عناصرها فى عدة أمور أهمها :
    • تحييد العمل الاقتصادى بعيداً عن الخلافات والهزات السياسية الطارئة .
    • كفالة مبدأ المعاملة التفضيلية للمنتجات والخدمات العربية ، والإلتزام بمبدأ المواطنة الاقتصادية .
    • العمل على التقليص السريع والفعال للفجوة التنموية والداخلية فيما بين الأقطار العربية وداخل كل قطر ، وتحرير تنقل الأيدى العاملة العربية ….إلخ .

    فإذا ما تحددت عناصر المسئولية العربية فإنه يمكن أن يسهم العرب فى تشكيل البيئة الاقتصادية الدولية الجديدة .

خاتمة

لقد أصبح واضحاً لكل ذى عينين حجم التحديات التى تواجه الدول العربية خلال القرن الحادى والعشرين ، وهى تحديات تنبع من مصادر شتى وتهدد بإلحاق أفدح الأضرار ليس فقط بالمستقبل الاقتصادى للشعوب العربية ، ولكن بات الخطر يلتف حول هويتها وثقافتها بل ووجودها القومى ذاته ، فهناك تحديات العولمة ، وانفتاح الأسواق وشراسة الشركات عابرة القارات ، وتنامى النزعة نحو بناء التكتلات الاقتصادية والإقليمية وأشتداد حمى التنافس الاقتصادى ، ومخاطر التهميش التى تنتظر الكيانات الصغيرة غير القادرة وغير المؤهلة للمنافسة ، والسماوات المفتوحة ، الأقمار الصناعية والبث الفضائى الذى لاتحده قيود ، وهناك من جانب آخر ، تحديات القوى الإقليمية المتحفزة لدور جديد فى منطقة الشرق الأوسط خصماً من حساب قوى إقليمية عربية كبرى كمصر ، ..وغيرها من التحديات التى تهدد المستقبل العربى بصفة عامة .

    وبالرغم من تنوع وتعدد هذه التحديات والمتطلبات ( اقتصادية – سياسية – اجتماعية – ثقافية – تكنولوجية – بيئية …) إلا أن التحديات الاقتصادية تقع فى موقع الصدارة ، لأنها تشكل الأساس لحل المعضلات والوفاء بما تبقى من الاحتياجات .

    وتعتبر التحديات الاقتصادية واحدة من أخطر التحديات التي تواجه الدول العربية في الوقت الراهن، وإحدى التحديات التي يجب على البلدان العربية الإنتباه إليها حالياً وخاصة مع بروز الأزمة الاقتصادية العالمية .

   ونظراً لخطورة التحديات الاقتصادية وأثارها السلبية المختلفة فإنه يتوجب على الدول العربية أن تسرع العمل على إيجاد السياسات والإستراتيجيات التي يمكن من خلالها مواجهة تلك التحديات حتى لا تتفاقم المشكلات المترتبة عليها.

   ولقد حاولت هذه الدراسة التوصل إلى أبرز التحديات الاقتصادية التى تواجه الدول العربية فى ظل المشهد العالمى المعاصر ، وسعت الدراسة للإجابة على مجموعة من التساؤلات، وخلصت إلى عدد من النتائج منها ما يلي:

  • أصبحت التحديات الاقتصادية أحد حقائق الواقع المعاش في الدول العربية في الوقت الراهن، ومن أخطر التحديات التي تؤرق بال كل مهتم بالشأن العربى .
  • هناك أنماط وصور مختلفة للتحديات الاقتصادية التى تواجه لدول العربية .
  • يترتب على تلك التحديات الاقتصادية العديد من الآثار الضارة بمستقبل التنمية العربية .
  • لم يعد العمل الاقتصادى العربى المشترك ضرورة تنموية فحسب وإنما أصبح ضرورة مصيرية ، فالواقع والمستقبل للتكتلات الاقتصادية .
  • هناك مسئولية أساسية تقع على عاتق الدول العربية فى المرحلة القادمة ، فإذا ما تحددت عناصر المسئولية العربية فإنه يمكن أن تسهم الدول العربية فى تشكيل البيئة الاقتصادية الدولية الجديدة .

   ولاشك أن قدرة النظام الاقتصادي للدول العربية على مواجهة التحديات الاقتصادية وتحقيق معدل عالٍ من النمو الاقتصادي تعد معياراً للحكم على درجة نجاح النظام أو فشله، وبالتالي يحتاج النظام الاقتصادي العربى لكي يكون نظام ناجحاً وفعالاً، أن يسير بخطوات ثابتة وسريعة في طريق مواجهة التحديات الاقتصادية وتحسين معدل النمو.

المراجع

  • أولاً : المراجع باللغة العربية :
    • الرسائل العلمية :
  1. سلامة عبدالله الخولى ، دور تحرير تجارة الخدمات المالية فى التكامل الاقتصادى العربى ، ( رسالة دكتوراة ، معهد البحوث والدرسات العربية ، 2005 ) .
  2. محمد عبد الناجى ، اقتصاديات دول الخليج العربى بين التخلف والتبعية واستراتيجية الاعتماد على الذات ، ( رسالة دكتوراة ، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، جامعة القاهرة ، 1987 ) .
  3. محمود سالم ، الاتحادات الجمركية بين الدول النامية : مع دراسة خاصة بالسوق العربية المشتركة ، ( رسالة دكتوراة ، كلية الحقوق ، جامعة القاهرة ،1981 ) .
    • الدوريات :
      • التقرير الاقتصادى العربى الموحد ، العدد 22 ، أبو ظبي ، 2004 .
      • التقرير الاقتصادى العربى الموحد ، عدد 28 ، سبتمبر 2008 .
      • المؤسسة العربية لضمان الاستثمار ، نشرة ضمان الاستثمار ، السنة22 ، العدد3 ، 2004 .
      • المنظمة العربية للتنمية الزراعية ، الكتاب السنوي للإحصاءات الزراعية ، الخرطوم ، 2004 .
      • اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة العربية ، التقرير الاقتصادي العربي ، بيروت ، 2002 .
      • مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية ، 1979 .
      • منظمة العمل العربية ، تقرير المدير العام ، القاهرة ، 2002 .
      • منظمة العمل العربية ، تقرير العمالة العربية المهاجرة في ظل العولمة – التحديات والأفاق ، (القاهرة : منظمة العمل العربية ، 2002 ) .
  • الكتب :
    • أنيس فتحى ، الإمارات إلى أين ..استشراف التحديات والمخاطر على مدى 25 عاماً ، ( أبو ظبى : مركز الإمارات للدراسات والإعلام ، 2005 ) .
    • توحيد الزهيرى ، التحديات التى تواجه العالم الإسلامى ، ( القاهرة : دار الجميل للنشر والتوزيع والإعلام ، 2003 ) .
    • عبد الغفار رشاد، “مناهج البحث وأصول التحليل في العلوم الاجتماعية” ، (القاهرة: مكتبة الآداب، 2004) .
    • فؤاد حيدر ، التنمية والتخلف فى العالم العربى ( طروحات تنموية للتخلف) ، ( بيروت : دار الفكر العربى ، 1990 ) .
    • محمد إبراهيم منصور( محرر) ، ابحاث المؤتمر السنوى الثانى ” السوق العربية المشتركة ومستقبل الاقتصاد العربى ” الذى عقده مركز دراسات المستقبل بجامعة أسيوط فى الفترة ( 25-27 نوفمبر 1997 ) ، ( أسيوط : مركز دراسات المستقبل ، جامعة أسيوط ، 1998 ) .
  • الصحف والجرائد :
    • محمد عوض ، كارثة أسمها البطالة ، جريدة الوطن ، 12/10/2008.
  • المواقع الإلكترونية :
  • alwihdah.com/print.php

 ثانياً : المراجع باللغة الإنجليزية :

  1. UNCTAD, World Investment Report 2004, Geneva,2004.
  2. UNDP , Human Development Report,2004.

World Bank , World Development Report 2004

([1]) فؤاد راشد عبده ، الإصلاحات الاقتصادية فى البلدان العربية ودورها المرتقب فى التمهيد لقيام السوق لعربية المشتركة ، فى د. محمد إبراهيم منصور( محرر) ، ابحاث المؤتمر السنوى الثانى ” السوق العربية المشتركة ومستقبل الاقتصاد العربى ” الذى عقده مركز دراسات المستقبل بجامعة أسيوط فى الفترة ( 25-27 نوفمبر 1997 ) ، ( أسيوط : مركز دراسات المستقبل ، جامعة أسيوط ، 1998 ) ، ص ص 217 – 218 .

([2]) توحيد الزهيرى ، التحديات التى تواجه العالم الإسلامى ، ( القاهرة : دار الجميل للنشر والتوزيع والإعلام ، 2003 ) ، ص ص 11- 13 .

([3]) لمزيد من التفاصيل حول التحليل الإحصائي، انظر: عبد الغفار رشاد، “مناهج البحث وأصول التحليل في العلوم الاجتماعية” ، (القاهرة: مكتبة الآداب، 2004)، ص ص 187-188.

([4]) صندوق النقد العربى ، مؤشرات عامة عن الدول العربية خلال عام 2007 ، التقرير الاقتصادى العربى الموحد ، عدد 28 ، سبتمبر 2008 ، ص ج .

([5]) فؤاد حيدر ، التنمية والتخلف فى العالم العربى ( طروحات تنموية للتخلف) ، ( بيروت : دار الفكر العربى ، 1990 ) ، ص5 .

([6]) زكريا داوود ، الأمة الإسلامية والتحديات المعاصرة ، مقال منشور على موقع :                 موقع                                           www.alwihdah.com/print.php ، أخر تحديث بتاريخ 2/9/2003 .

([7]) أنيس فتحى ، الإمارات إلى أين ..استشراف التحديات والمخاطر على مدى 25 عاماً ، ( أبو ظبى : مركز الإمارات للدراسات والإعلام ، 2005 ) ، ص ص 15-17 .

([8]) المؤسسة العربية لضمان الاستثمار ، مؤشر الفقر المائي ، نشرة ضمان الاستثمار ، السنة22 ، العدد3 ، 2004 ، ص 15 .قع

([9]) مصطفى طلبة وآخرون ، مستقبل العمل البيئي في الوطن العربي ، ( أبو ظبي ، 2001 ) ، ص 20-21 .

([10]) المنظمة العربية للتنمية الزراعية ، الكتاب السنوي للإحصاءات الزراعية ، الخرطوم ، 2004 .

([11]) جاسم السعدون ، أفاق الاقتصاد العربي .. ماذا يمكن عمله ، بحث مقدم إلى المؤتمر الدولي للديمقراطية والتجارة الحرة ، الدوحة ، أبريل 2003 .

([12]) منظمة العمل العربية ، تقرير المدير العام ، القاهرة ، 2002 .

([13]) منظمة العمل العربية ، العمالة العربية المهاجرة في ظل العولمة – التحديات والأفاق ، (القاهرة : منظمة العمل العربية ، 2002  ).

([14]) محمد رئيف ، قضايا اقتصادية معاصرة ، ( القاهرة : جامعة اقاهرة ، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، 2009 ) ، ص ص21-26 .

([15]) UNCTAD, World Investment Report 2004, Geneva,2004

([16]) صندوق النقد العربي ،التقرير الاقتصادى العربى الموحد ، العدد 22 ، أبو ظبي ، 2004 .

([18])  UNDP , Human Development Report,2004

([19])  World Bank , World Development Report , 2004

([20]) اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة العربية ، التقرير الاقتصادي العربي ، بيروت ، 2002 .

([21]) المؤسسة العربية لضمان الاستثمار ، تقرير مناخ الاستثمار في الدول العربية لعام 2004، الكويت ،2004 ، ص 37 .

من اعداد الطالب /أحمد عبد التواب عبد البصير محمد

الفرقة الرابعة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى