السياسة الدفاعية المقارنة
مع بداية معاهدة وستفاليا عام 1648، أصبحت العلاقات الدولية عملية متغيرة ومتطورة تتسم بالحراك والمرونة والديناميكية بين الدول القومية ذات السيادة، هذا الواقع يعتبر في أدبيات التحليل السياسي ذلك النمط أو حالة التي تسعى القوى الفاعلة إلى الحفاظ على أوضاعها ومصالحها التي تعكس ما تحوزه من قدرات وإمكانات، لأن البيئة الدولية لا يحكمها إلا منطق التنافس والصراع والذي يتحول بدوره إلى سياسات مضادة وتتغير معه القدرات بشكل حاسم لدى طرف من أطراف التفاعل، وأمام إستحالة بناء قواعد تعاونية توافقية في العديد من التحديات التي باتت تواجه العالم، تصبح المسلحة الوطنية والقومية هي الرهان الدافع لامتلاك القوة والسعي الدائم إلى زيادة هذه القوة وتعظيمها إلى أبعد مدى ممكن، وعليه يسعى باقي الأطراف إلى إعادة التوازن من جديد عبر تفعيل سياسات واستراتيجيات جديدة تتناسب مع مستجدات الواقع الدولي وتحولاته أو ما يسمى بالسياسة الدفاعية. واذا سلمنا أن الواقع الدولي متغير وفق محددات ومرتكزات القوة التي تحوزها الفواعل المؤثرة وترتبط بالنسق الدولي السائد في مرحلة زمنية معينة وما يتضمنه من عناصر ومحددات جديدة فهذا بدوره سوف يكون له إنعكاس إيجابي أو سلبي على واقع الدول الذي سوف يتوجه من الثبات إلى التغير في سياساته واستراتيجياته وتفاعلاته الدولية، الأمر الذي يطرح التساؤل حول أنماط ومحددات التغيير في السياسات التي تصيغها وتنتهجها الدول إزاء الأخر سواء الحليف أو المنافس أو التابع.