السياقات والعناصر والمشكلات والأساطير المتعلقة بالأمن القومي

The National Security: Contexts, Problems and Legends

الأستاذ الدكتور كمال محمد محمد الأسطل

مفهوم الأمن مفهوم معقد ولابد لكل من يريد التعريف به من الإلمام بثلاثة أشياء على الأقل:

أولا: السياق السياسي للمفهوم

ثانيا: الأبعاد المختلفة للمفهوم: سياسية، عسكرية، اقتصادية، اجتماعية، بيئية،…الخ

ثالثا: التناقض المنطقي والغموض الذي يلتصق بالمفهوم عند تطبيقه في العلاقات الدولية.

إن الأمن بالنسبة للدولة هو العمود الفقري الذي تتمحور حوله   سياساتها ومصالحها. فالدولة كما هو معروف تقوم بوظائف داخلية وخارجية: الأولى تتحدد بعلاقة الدولة (الحكومة) مع مواطنيها؛ والثانية تتحدد بعلاقة الدولة بالدول الأخرى والهيئات الأخرى في الساحة الدولية. قد يبدو لأول وهلة أن مهمة الدولة في الحفاظ على أمنها الخارجي مسألة في غاية البساطة، حيث تقوم الدولة بالدفاع عن نفسها في مواجهة أي عدوان محتمل، وتعزيز قوتها وقدراتها بما يفوق القوة الهجومية والدفاعية لخصومها المحتملين. والواقع أن تعريف مفهوم الأمن ومفهوم القدرات  ليس بالبساطة التي قد يتصورها البعض،  فمفهوم قدرات الدولة مثلا يشمل عناصر ملموسة وغير ملموسة.  فالعناصر الملموسة تشمل العديد من العناصر مثل عدد ونوعية السكان، مساحة وشكل الدولة، الموقع الجغرافي، الكثافة السكانية، التوزيع الجغرافي للسكان، القوة الاقتصادية الفعلية والممكنة، توفر المواد الخام.  هذه العناصر الملموسة يمكن تقديرها كميا بسهولة نسبيا .أما العناصر غير الملموسة فتشمل التقاليد السياسية، التركيبة الاجتماعية، والأبعاد المعنوية وغيرها من الأبعاد التي يصعب تعريفها بدقة أو قياسها بصورة كمية دقيقة.

ويمكن القول انه لا يوجد معيار محدد لكيفية الحفاظ على أمن الدولة ، فقد تتبع الدول أساليب مختلفة للحفاظ على أمنها. ففي حالات استثنائية  – مثل حالة يوغسلافيا في عام 1948- تستطيع الدول الضعيفة من الحفاظ على سلامتها الإقليمية حتى في ظل وجود تحدي من جانب القوى الدولية العظمى. ومع ذلك فان الدول عادة ما تلجأ إلى تعزيز قدراتها الذاتية من جانب وإبرام معاهدات التحالف الدفاعية مع بعضها البعض في سبيل الحفاظ على أمنها.

إن الأمن بصفة عامة هو “حالة شعورية  واقعية أساسها الإحساس بالطمأنينة من جانب والاستعداد التام لردع أي عدوان من جانب أخر”. إن مفهوم الأمن في علم السياسة بل وفي العلوم الاجتماعية على وجه العموم يتمحور حول مفهوم “السلامة والطمأنينة”. ولذلك فان مفهوم الأمن في المضمون المباشر قد يكون مطابقا لمفهوم السلامة، ويضمن غياب التهديد والحماية من أي خطر محتمل. وهذا هو المعنى الأساسي لمفهوم الأمن الوطني كما يستعمل من جانب علماء السياسة.

يمكن القول أن ابسط تعريف للأمن بأنه غياب أي تهديد خارجي للدولة، ويشمل ذلك عدم وجود تهديد معنوي أو أيديولوجي. إلا انه درجت العادة على اعتبار التهديد المادي هو الذي يشكل التهديد والخطر المباشر على أمن الدولة وكيانها الذاتي.

وإذ نحن نتعرض لموضوع هام وخطير مثل الأمن لابد وان نجابه بعدد من التساؤلات التي تقبل النقاش والجدل:

  1. ما هو المقصود بالأمن وما هي العناصر التي يتكون منها ؟ وهل يمكن بلورة عناصر واضحة للأمن القومي العربي؟
  2. هل يمكن أن نحيل هذه المبادئ والعناصر إلى تصور حركي؟

الإجابة على هذه التساؤلات تتطلب اقتحام ظاهرة الأمن وتحليل مفرداتها وتحليل الواقع العربي من اجل صياغة مرتكزات واضحة لأمن هذه المنطقة الحساسة من العالم.

ثالثا: الأمن بين المفهوم العسكري والمفهوم المجتمعي

سوف نلقي بعض الضوء على بعض التعريفات الخاصة بالأمن القومي أو الوطني كما تناولها بعض الكتاب والباحثين ومن ثم نقدم تعريفنا وتصوراتنا حول هذا الموضوع.

هناك من يعرف الأمن القومي (أو الوطني) الذي بأنه “مجموعة الإجراءات التي يتعين على الدولة (أو مجموعة من الدول) أن تتخذها في حدود طاقاتها للحفاظ على كيانها ومصالحها في الحاضر والمستقبل مع مراعاة المتغيرات الدولية.

هذا التعريف يتضمن الأتي:

  1. أن تشمل الإجراءات كافة المجالات في الدولة فمسائل الاقتصاد والدفاع والأمن كل لا يتجزأ.
  2. أن تكون هذه الإجراءات داخل طاقة الدولة (أو مجموعة من الدول) إذ أن الآمال والطموحات التي تتجاوز الإمكانيات المتاحة والممكنة كثيرا ما تقود إلى التهلكة.
  3. التخطيط للحاضر والمستقبل القريب والبعيد.
  4. مراعاة المتغيرات الدولية التي تحتاج إلى تقييم وإعادة التقييم بين وقت وآخر لمطابقة الإجراءات الأمنية مع المتغيرات الحاضرة والمنتظرة والظروف المحيطة.[v]

وبهذا يمكن القول انه إذا كان الأمن العسكري مجاله الإستراتيجية فان الأمن القومي مجاله الاستراتيجية العليا للدولة التي تعني استخدام كافة موارد الدولة المتاحة لتحقيق أغراضها. إن القوة العسكرية للدولة هي جزء من محصلة قوتها في شتى الميادين، وان أمن الدولة يتعدى مجال القوة العسكرية ليشمل محصلة قوتها في كل الميادين واستغلال كل إمكانياتها المتاحة لها في سبيل تحقيق أمنها في الحاضر والمستقبل على حد سواء.

لقد أصبح مفهوم الأمن يستعمل في كل موضع وفي كل مناسبة فالأمن أصبح يرتبط بكل شيء في الحياة تقريبا فهناك حديث عن أنواع عديدة ومتنوعة للأمن مثال ذلك الأمن الوطني، الأمن الصناعي، الأمن الغذائي، الأمن المائي، الأمن الاقتصادي، أمن المعلومات،….إلى غير ذلك من المفاهيم التي دخلت كافة مجالات الحياة الإنسانية. وهنا يمكن أن نسجل الملاحظات الآتية ونحن في سياق تأصيل مفهوم الأمن:

أولا: أن الأمن لم يعد يقتصر علي مجال معين من مجالات حياة الإنسان بل أصبح                                                                         

 يتداخل ويتشابك مع كافة مناحي الحياة البشرية.

ثانيا: أن الأمن كمفهوم قد اتسع ليشمل حماية الإنسان من كل ما من شأنه المس بالجانب المادي والنفسي للإنسان، فميثاق حلف شمال الأطلنطي مثلا يشير إلى تحقيق حرية الإنسان من الحاجة ومن الخوف كشرط أساسي لتحقيق الأمن.

ثالثا: أن مفهوم الأمن يتضمن الحماية والشعور بالطمأنينة والسلامة وعدم التهديد.

رابعا: أن أبعاد الأمن تشمل كافة وجوه الحياة الإنسانية، حيث يحتوي مفهوم الأمن الأبعاد العسكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها.

خامسا: أن مما يزيد من صعوبة إيجاد تعريف جامع مانع لمفهوم الأمن إقدام بعض الدول على ممارسة أشكال من العدوان تحت ذريعة الحفاظ على الأمن فإسرائيل -مثلا – تستعمل كلمة الأمن في كل مكان وزمان، حيث تستعمل إسرائيل كلمة “الأمن” بصورة غامضة وغير محددة المعالم، فإسرائيل تحتل جنوب لبنان بحجة الحفاظ على أمنها، وتغلق المحلات التجارية، وتمنع سفر بعض الأشخاص، …تحت حجة الحفاظ على الأمن. وألمانيا النازية كانت ترى في المجال الحيوي أساسا لبسط السيادة الهتلرية النازية على أوروبا والعالم. كذلك فان عصر الفضاء يوسع مفهوم الأمن بحيث يجعل من المفهوم الأمني مفهوما كونيا في ظل احتمالات استعمال الكواكب الأخرى كمخازن لأسلحة الدمار الشامل مما يهدد أمن وسلامة الحياة على وجه المعمورة.

وخلاصة القول يقصد بكلمة الأمن الطمأنينة، وبهذا المعنى تمتد الكلمة لتشمل كل ماله صلة بالتعبير عن الوجود السياسي والطمأنينة تعني القدرة على مواجهة المفاجآت المتوقعة وغير المتوقعة دون أن يترتب على ذلك اضطراب في الأوضاع السائدة. بهذا المعنى يمكن الحديث عن أمن الفرد المواطن، كذلك يعتبر الأمن الداخلي نموذجا أخر لمفهوم الأمن. وحين ننتقل إلى إطار العلاقات الدولية والسياسة الخارجية سنجابه بمفهوم الأمن ولكن هذه المرة بأكثر من صيغة: فإذا كان الأمن خاصا بدولة ما نكون إزاء ما يسمى بالأمن الوطني لتلك الدولة، أما

كان الأمن متعلقا بمجموعة من الدول التي تنتمي إلى قومية واحدة (مثل الأمة العربي) نكون إزاء ما يسمى بالأمن القومي، وإذا كان الأمن متعلقا بمجموعة من الدول في إطار إقليمي معين نكون إزاء ما يسمى بالأمن الإقليمي. والأمن في إطار العلاقات الدولية يعني “تأمين سلامة الدول ضد أخطار خارجية وداخلية قد تؤدي بها إلى الوقوع تحت سيطرة أجنبية نتيجة ضغوط خارجية أو انهيار داخلي.

رابعا: مشكلة الأمن مشكلة مزمنة أو هي تعويذة العصر الحديث

إن مشكلة أو هاجس الأمن يسيطر على تفكير جميع البشر -بدرجة متفاوتة- أفرادا وجماعات، شعوبا ودولا، قبائل وأحزاب. ورغم الحديث المتكرر عن الأمن فان العالم يتجه باستمرار نحو حالة من انعدام الاستقرار وانعدام الأمن، يكفي أن نتذكر أن القرن العشرين شهد حربان عالميتان ونشبت خلاله عشرات الحروب المحلية والإقليمية والتي تسببت في حدوث خسائر بشرية ومادية جمة.  وفي عالم اليوم نجد الجميع يتحدث عن السلام في ظل الهيمنة الأمريكية وتحت رحمة المظلة النووية الإسرائيلية. أن ما يزيد على ثلث دول العالم تعاني من حروب محلية أو نزاعات داخلية وخارجية. يضاف إلى ذلك أن معظم الدول في عالم اليوم تخصص ما يزيد على ربع ميزانيتها  لإغراض الدفاع والأمن. وفي المنطقة العربية وفي ظل التسويات الراهنة للصراع العربي الإسرائيلي  نجد مصطلحات الأمن والسلام تسيطر على تصريحات الساسة العرب والصهاينة. كلمتان قد تكونا مترادفتين، وقد تكونا متكاملتين، وقد تكونا متناقضتين.

لقد اصبح مفهوم الأمن بمثابة “تعويذة العصر الحديث”، فالجميع يتحدث عن الأمن على كافة المستويات الفردية، الجماعية،  الحزبية، القبائلية، الطائفية، المحلية، الوطنية، الإقليمية، الدولية، والكونية. ورغم أهمية مشكلة الأمن فان القليل من الباحثين والقادة العرب من يتحدث عن الأمن القومي العربي، أو حتى عن الأمن القطري بمعناه الضيق. كلمة الأمن كلمة تكاد تكون كلمة سحرية وساحرة، أسطورية وحقيقية. كلمة الأمن تبرر بها الحروب وتعقد بسببها صفقات واتفاقيات السلام والاستسلام على حد سواء. كثير من الأحاديث عن الأمن أضحت ذات طابع بلاغي دون أن يكون لها مضمون محدد واضح المعالم.  ورغم كل ذلك فان الكل يجمع على أن الأمن متطلب أساسي وشرط أولى لوجود حياة إنسانية مستقرة ، وهو بذلك يعتبر من أولى أولويات التفكير الإنساني. .[viii]

البحث عن الأمن – كما يدعي البعض – كان سببا من أسباب نشأة الدولة، فالفيلسوف البريطاني توماس هوبز Thomas Hobbes مهندس نظرية العقد الاجتماعي أو ما يمكن أن نسميه “سياسة الخوف” يعتقد أن الدولة قد أنشئت من اجل أن تدافع عن الشعب ضد أي عدوان خارجي من أية دولة أخرى، وبذلك فان الناس انشئوا الدولة من اجل تحقيق أمنهم. تصور توماس هوبز لازال صحيحا في عرف معظم الدول، ذلك أن الحفاظ على أمن الوطن والمواطن يعتبر واجب أساسي من واجبات أية حكومة، بل – يعتبر البعض- أن تحقيق الأمن يعتبر أحد مصادر شرعية السلطة وكذلك مصدرا من مصادر الولاء العام للحكومة .

إن مما يزيد من أهمية الأمن أن الشعوب والدول تجعل له الأولوية المطلقة بحيث يمكنها أن تسخر كافة مواردها من اجل الحفاظ على أمنها. إن الشعوب التي تصيغ مرتكزات واضحة لأمنها تعرف كيف تحافظ على أمنها، وتتعلم كيف تعيش، حيث لا يمكن التسامح في أي جزئية من جزئيات الأمن الوطني والقومي، والذي يتهاون في أحد عناصر أمنه فانه كالذي يتنازل عن أحد عناصر حياته ووجوده، ويكون فريسة سهلة للآخرين. ذلك أن وضوح مرتكزات للأمن على مستوى الدولة وعلى مستوى الأمة يعتبر بمثابة القانون الأعلى، وان الدفاع عن كيان الدولة وحياة الأمة يعتبر جوهر السياسة الخارجية والداخلية، وبذلك اصبح تحقيق الأمن الوطني والقومي لمجموعة من الدول أحد محددات العلاقات الدول.

ن الحكومات والدول والشعوب إذا شعرت بأي خطر يهدد أمنها وكيانها الذاتي يجب عليها أن تكون كالمجالد Gladiator الذي يبقي سلاحه مصوبا وعيونه مفتوحة ويقاتل حتى الموت من اجل إمتاع الآخرين، وهذا يجب أن يكون حال الدول التي تدافع عن شعوبها وتصون حقهم في التمتع بحياة حرة كريمة. ولنستعير تشبيه بسمارك الذي يشبه الدول كالغرباء في قفص، كل منهم يراقب الآخر، وعندما يحاول أحدهم وضع يده في جيب الآخر، فان هذا الأخير يكون مهيئا مسدسه من اجل أن يكون قادرا على إطلاق الطلقة الأولى. ولكن لو افترضنا وجود حالة من الأمن الجماعي وحالة من الاستقرار الداخلي والإقليمي والدولي فان من المتصور أن تلجأ الدول إلى صياغة أسس للتعاون فيما بينها لخدمة مصالحها مجتمعة.

خامسا:  مفهوم الأمن مفهوم قديم ومصطلح الأمن القومي (الوطني) مفهوم حديث

والآن يحق لنا أن نتساءل كيف نشأ مفهوم الأمن الوطني (القومي) في عالمنا المعاصر؟

يمكن القول أن مفهوم الأمن مفهوم قديم يعود تاريخه إلى وجود الإنسان والحيوان على وجه البسيطة. ولكن مفهوم الأمن الوطني أو القومي،كما يدعي بعض الباحثين، فانه مفهوم حديث يعود إلى التقاليد الأمريكية في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية. ورغم ذلك فان عناصر هذا المفهوم تبدو واضحة في دراسة ليبمان Walter Lippmann بعنوان السياسة الأمريكية الخارجية والتي نشرت عام 1943. إلا أن مفهوم الأمن القومي لم يدخل قاموس الإستراتيجية إلا بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك من منطلق الوعي بضرورة صياغة مفاهيم جديدة تحل محل المفاهيم القديمة  مثل مفاهيم  الشئون العسكرية، السياسة الخارجية، والشؤون الخارجية. ومن هنا صدر في الولايات المتحدة عام 1947 قانون الأمن القومي والذي تضمن الحديث عن صياغة سياسات واضحة متكاملة وإجراءات من اجل تعاون كافة المؤسسات الحكومية وغير الحكومية وتحديد وظائفها ومهماتها المتعلقة بتحقيق الأمن القومي الأمريكي.

سادسا: مفهوم الأمن القومي (الوطني) بين الوضوح والغموض وبين الثبات والديناميكية

إن مما لاشك فيه أن مفهوم الأمن يعتبر من أكثر المفاهيم غموضا إلى الحد الذي دفع أرنو لد والفر Arnold Walfer  إلى كتابة مقال تحت عنوان “الأمن القومي كشعار غامض”  وهذا صحيح إلى حد بعيد رغم توفر عشرات الكتب والدراسات والمراجع التي تتحدث في عناوين رئيسية وفرعية عن مفهوم الأمن القومي فانه لا يوجد حتى الآن إطار محدد متفق عليه حول كيفية تحليل السياسات وتفسير السلوكيات المتعلقة بالأمن القومي والوطني. يكفي الإشارة إلى التقاليد النازية والإسرائيلية، فألمانيا الهتلرية جعلت من أوروبا بل والعالم اجمع مجالا حيويا، وإسرائيل تعتبر المنطقة العربية مجالا حيويا لأمنها، فقد قامت إسرائيل بتدمير المفاعل النووي العراقي وسعت إلى منع باكستان من امتلاك القنبلة النووية وتعمل على محاصرة إيران، وتضغط على سوريا والمنطقة العربية بعقد تحالف عسكري مع تركيا شمالا، وتعقد اتفاقيات أمنية مع إرتريا وإثيوبيا وكينيا جنوبا، وتقيم علاقة ترابط مصيري مع الغرب والولايات المتحدة غربا. صحيح أن إسرائيل قد نجحت في صياغة نظرية ديناميكية لأمنها  ولكن إسرائيل تطلب من جميع الدول والسلطات العربية أن تقف حارسا لأمن الدولة العبرية.

لقد أكدت تقاليد مرحلة الحرب الباردة أن مفهوم الأمن في التقاليد الدولية المعاصرة هو أحد مشتقات مفهوم السعي نحو السيطرة والهيمنة، ومن هنا يمكن أن نفهم أن مفهوم الأمن في مرحلة ما بعد الحرب الباردة بين الكتلة السوفيتية المنهارة والغرب لازال يتمحور حول نفس المفهوم وهو السعي نحو السيطرة والهيمنة وفرض إرادة الدولة على الدول الأخرى. صحيح أن الحرب الباردة بالمعنى التقليدي (بين الكتلة الشرقية والغربية) قد انتهت ولكن يجب أن ندرك أن مرحلة جديدة من الحرب الباردة  قد بدأت ضد الإسلام والمسلمين. لقد تحدث أكثر من مسئول غربي عن ضرورة خلق عدو جديد بعد زوال التهديد السوفيتي، فإدوارد جيريجيان كتب مقالا في مجلة الشئون الخارجية في ربيع عام 1993 تحدث فيه عن ضرورة رص الصفوف لمواجهة ما أسماه بالخطر الأخضرThe Green Threat (أي الحركات الإسلامية) بعد زوال التهديد الأحمر The Red Threat(أي الشيوعية). معنى ذلك ضرب الحركات الإسلامية وتوظيف الحكومات والجيوش من اجل قمع كل صوت إسلامي معارض تحت شعار مكافحة الإرهاب والأصولية والتطرف. وبذلك فان كل صوت يعارض السلام العبري والأمريكي يعتبر في عرف الغرب وإسرائيل معاديا للسلام ومتطرفا وإرهابيا .

إن مفهوم الأمن لا يوصف بالجمود بل هو مفهوم متطور يعني أشياء مختلفة في أوقات مختلفة وأماكن مختلفة، وبذلك فهو مفهوم متغير متجدد يتمشى مع تطورات الأوضاع المحلية والإقليمية والدولية. فلا يجوز إغفال أي تطور يمكن أن ينعكس سلبا أو إيجابا على الأمن الوطني أو القومي.

والواقع أن درجة الأمن الذي تتمتع به أي دولة من الدول تعتبر نسبية وتعتمد بالأساس على تصورات القيادة السياسية حول طبيعة التهديد الذي تتعرض له الدولة، هذا انه بالرغم من أن العوامل الموضوعية هي التي يجب أن تحدد بالأساس مرتكزات الأمن القومي أو الوطني للدولة فان العوامل الذاتية التي تتعلق بأشخاص القيادة السياسية ونوعيتهم ومدى وعيهم وإدراكهم هي التي تقرر مدى التهديد الذي تتعرض له الدولة. ولذلك يمكن القول أن العامل الذاتي قد يشكل ثغرة من الثغرات في الأمن القومي للدولة أو عاملا من عوامل المخاطرة، وذلك لأنه من المحتمل أن لا تستطيع القيادة الحاكمة في الدولة أن تحدد الأوضاع التي قد تشكل تهديدا مباشرا على أمن الدولة، وهذا قد يؤدي إلى إهمال أو إغفال جوانب معينه قد تكون قاتلة بالنسبة لأمن الدولة، أو قد تغامر القيادة السياسية باتخاذ قرارات غير مدروسة وتقدم على خوض مغامرة عسكرية تعود على الدولة بالهزيمة وفقدان الأمن.

سابعا: أسطورة السلام والأمن في التجربة العربية الإسرائيلية

من الأساليب المعروفة في السياسة الإسرائيلية والصهيونية عي إتباع خلق الأساطير. تقول بروتوكولات حكماء صهيون :”يجب أن نخلق الأساطير ونتحدث عنها باستمرار حتى يصدقها الآخرين وتقول أيضا: “سوف نجعل الجماهير تصفق لحكامها وتهتف بحياتهم ولا تدري تلك الجماهير الغبية إننا نحرك هؤلاء الحكام من وراء الستار”. يتحدث الساسة الإسرائيليون عن السلام ليل نهار وعن السلام والأمن، فأين نحن من هذه المفاهيم؟ السلام  قد يتضمن في إحدى صوره وأشكاله فرض إرادة دولة على دولة أخرى وفي هذه الحالة فان السلام قد يعني الهيمنة وفرض إرادة وشروط الدولة المنتصرة أو الدولة الأقوى. فمثلا عندما كان يطلق مفهوم السلام الروماني Pax Romana كان يعني ذلك فرض إرادة ورما – ذات التقاليد الحربية العريقة- على كافة أنحاء المعمورة. وبرزت الولايات المتحدة كوريث معاصر لروما لتعلن السلام الأمريكي Pax Americana بحيث تصبح أمريكا بمثابة حكومة عالمية أو شرطي دولي، مع تطويع منظمة الأمم المتحدة  لخدمة أهداف السياسة الخارجية الأمريكية أو إلى غطاء دولي لحماية المصالح الأمريكية  والغربية في العالم . وهذا قد يعني تلقائيا تحول الدول الأعضاء في الأمم المتحدة -بصورة أو أخرى- إلى تابع للقيادة الأمريكية العليا للأمم المتحدة. أما في منطقة ما يسمى بالشرق الأوسط فان إسرائيل تطمح إلى أن تكون بمثابة قائد إقليمي للمنطقة وتوسيع الحزام الأمني لإسرائيل ليشمل المنطقة بأسرها مع العمل على توظيف بعض الحكومات في المنطقة لتكون حارسة لأمن إسرائيل وساهرة على رفاهية استمرارها في احتلال كامل ارض فلسطين والأرض العربية.

إن السلام في المفهوم الإسرائيلي هو السلام الإسرائيلي وهو بالتالي فرض هيمنة الدولة العبرية على المنطقة ، لأن عملية السلام تعتبر وليدا شرعيا “للنظام الدولي الجديد” وهو نظام أمريكي الطابع ويكفي أن نتذكر أن أول من أطلق هذه التسمية هو الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش. وبما أن النظام الدولي الجديد قد تمخض من هزيمة المعسكر السوفيتي وانتصار الغرب فان على الدول التي كانت حليفا للاتحاد السوفيتي أن تدفع الثمن وان تتحول مائة وثمانون درجة وتعمل على إثبات حسن النية والولاء للولايات المتحدة وإسرائيل. ومن هنا ندرك كيف تم دفع الطرف الفلسطيني إلى حل منفرد من اجل أن يشكل جسرا للعبور الإسرائيلي لكل الدول التي كانت تتعاطف مع القضية الفلسطينية. ومعنى السلام العبري أن يتحول الفلسطينيين والعرب – وجميع الجوييم- إلي حطابين وسقاءين وحراسا لخدمة “شعب الله المختار”.

لقد تم التوسع في استعمال الأساطير في المنطقة العربية وافرز الحديث عن السلام العديد من الثنائيات الوهمية أو التي لم تجد تجسيدا على ارض الواقع. يكفي أن نذكر بعضا من هذه الثنائيات:

السلام يعني الرخاء، السلام يعني الأمن ، السلام يعني العائد الاقتصادي، السلام يعني السلام العادل، السلام هو السلام الشامل، الأرض مقابل السلام، السلام مقابل السلام، السلام هو سلام الشجعان، السلام يعني على الشجعان السلام، السلام هو السلام العبري، الأمن والسلام، أرض مقابل سلام، سلام مقابل سلام، السلام العربي، السلام هو السلام الأمريكي، سلام على السلام،…..الخ.

من جميع المقولات المذكورة يمكن أن يخلص المحلل للواقع والوقائع أن هنالك بعض المقولات الحقيقية ولكن معظم المقولات المذكورة تشكل جزءا من الأساطير والأوهام أو الأماني التي لا وجود لها على ارض الواقع. أين الرخاء الذي يتمتع به المواطن العربي والأسعار في ارتفاع مستمر؟ وأين السلام الشامل وجميع الاتفاقيات السلمية التي عقدت بين الأطراف العربية وإسرائيل كانت منفردة؟ وأين العدالة والعدل  بالنسبة للشعب الفلسطيني حيث لم  يعد أي نازح أو لاجئ فلسطيني إلى ارض الوطن بل أن المفاوض الفلسطيني والعربي قد فشل طوال ما يزيد على ثلاثة أعوام بعد توقيع اتفاق السلام  في واشنطن بين إسرائيل ومنظمة التحرير في 13 سبتمبر-أيلول 1993 في إيجاد صيغة متفق عليها مع إسرائيل حول تعريف من هو النازح؟  بل أن إسرائيل لاتسمح لمعظم الفلسطينيين المتواجدين في المنافي بزيارة مناطق الحكم الذاتي ، وتحرم معظم سكان المناطق الفلسطينية بزيارة القدس أو الصلاة في الأماكن المقدسة، أما عن العوائد الاقتصادية للسلام فتكفي الإشارة إلى تجربة السلطة الفلسطينية مع الدول المانحة ومع استمرار سياسة الحصار الإسرائيلية للمناطق الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية، وتقسيم أجزاء الأرض الفلسطينية إلى “كانتونات” ومدن وقرى تكاد تكون شبه معزولة عن بعضها البعض، واستمرار اعتقال ما يزيد على الستة آلاف معتقل فلسطيني  في السجون الإسرائيلية. كما يمكن الإشارة الى عدم سماح السلطات الإسرائيلية لحوالي مائتي فلسطيني أبعدتهم ليبيا للحدود المصرية من دخول مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني وقد بقى هؤلاء خمسة عشر شهرا على الحدود الى ان سمحت لهم السلطات الليبية في شهر يناير 1997 بالعودة إلى داخل ليبيا.

لقد اثبت الواقع أن هناك عائدا متناقصا Diminishing Returns على الأمة العربية نتيجة للسلام العبري الأمريكي. إن الواقع يؤكد أن السلام الذي تم لم يكن سلاما عربيا  ولم يكن سلاما عادلا ولا سلاما متوازنا ولا سلاما شاملا، ولا سلاما يحقق الرخاء والأمن والطمأنينة للمواطن العربي؟ ما معنى هذا؟  معنى ذلك أن تجربة السلام العربية الإسرائيلية تؤكد أن المفهوم الإسرائيلي للسلام يجب أن يكون سلاما إسرائيليا أمريكيا يضمن الأمن والرخاء لإسرائيل -دون غيرها- ويحقق العدالة بالمفهوم الإسرائيلي والتي عبرت عنها التقاليد الإغريقية القديمة على لسان أر سطو بوضوح الذي قال إن “العدالة هي التعبير عن مصلحة الأقوى. وبما أن الأقوى هو إسرائيل فان العدالة تتحقق من منظور إسرائيل لمفهوم العدل والعدالة في تعاملها مع الأمة العربية.

ثامنا: مصادر الأمن الوطني ( القومي) لدولة أو مجموعة من الدول

يمكن القول أن هناك ثلاثة مصادر أو محاور للأمن النسبي الذي تتمتع به أي دولة  أو مجموعة من الدول. هذه المصادر كالآتي:

(1) غياب أي تهديد خارجي نتيجة لقدرة الردع الذي تتمتع به الدولة من خلال شبكة فعالة للأمن الجماعي تقيمها الدولة مع الدول الأخرى.

(2) وجود نظام دولي فعال للأمن الجماعي يكون  قادرا على ردع أية دولة قد تعتدي على دولة أخرى، بحيث يكون هذا النظام لدية القدرة على القيام بدور “الشرطي” الذي يحافظ على النظام الدولي و يمنع  وقوع اعتداء من جانب أي دولة على دولة أخرى.

(3) والمصدر الثالث والمهم من مصادر أمن الدولة هو قوتها وقدراتها الذاتية لمقاومة أي عدوان. وهذا قد يتوقف على مدى قوتها ومدى قدرتها وفاعليتها في تعبئة مواردها في مواجهة أي عدوان محتمل، أو مواجهة النزاعات المحتملة.

في ظل وضع طبيعي يمكن لأية دولة من الدول أن تبني سياستها في مجال الأمن القومي (الوطني) حول المحاور الثلاثة المذكورة أعلاه، مع الآخذ بنظر الاعتبار أن درجة الاعتماد على عامل أو آخر من العوامل الثلاثة تختلف من وقت إلى آخر وتتوقف على طبيعة الوضع القائم. فإذا كان هناك نظام فعال للآمن الجماعي (وهذا مجرد افتراض لم يتحقق على ارض الواقع) فان درجة اعتماد الدولة على قدراتها الذاتية في مجال حماية أمنها الوطني ستنخفض بدرجة كبيرة. ولكن إذا كانت الدولة تعاني من العزلة الدولية أو محاطة بسياج عدائي (كما كانت حالة جنوب أفريقيا قبل وصول نيلسون مانديلا إلى السلطة، وحالة إسرائيل قبل انهيار جدار الرفض العربي، بمعنى قبل الدخول في اتفاقات سلام مع إسرائيل وتقبل إسرائيل كدولة من دول المنطقة وإضفاء نوع من الشرعية والمشروعية على الوجود الإسرائيلي على ارض فلسطين) فان اعتمادها على مواردها الذاتية في حماية أمنها الذاتي ستكون كبيرة نسبيا.

والواقع أن معظم الدول لديها أسباب حقيقية تجعلها تميل في التحليل الأخير إلى تفضيل الاعتماد على قدراتها الذاتية في تأمين أمنها الوطني، وهذه الأسباب هي:

(ا) فشل محاولات إقامة نظام دولي للأمن الجماعي الدولي (قادر على الردع الفعال لأي معتد أو التصدي لأي دولة تعتدي على دولة أخرى) سواء تحت نظام عصبة الأمم أو في ظل هيئة الأمم المتحدة.

(ب) هشاشة التحالفات الدفاعية والأمنية بين الدول، حيث أثبتت خبرة النصف قرن الأخيرة أن معظم الاتفاقيات والتحالفات الدفاعية كانت حبرا على ورق ولم تجسد على ارض الواقع عندما يتطلب الأمر ذلك، وللدلالة على ذلك يكفي أن نتذكر تجربة الدول العربية في مجال  الاتفاقيات الدفاعية.

(ج) أن العمل الجماعي الدولي وحفظ السلام الذي يعتبر من مبادئ الأمم المتحدة التي تنتمي إليها دول العالم قد تآكلت تدريجيا ولم تعد معظم الدول تثق بالأمم المتحدة في ظل النظام الدولي الجديد (فمثلا تم تحييد الأمم المتحدة واستبعادها من الإشراف على اتفاقيات السلام العربية الإسرائيلية).

تاسعا:  عناصر سياسات الأمن الوطني أو القومي لدولة أو لمجموعة من الدول

يمكن القول انه في عصر القوة النووية والهيدروجينية الذي نعيشه فان سياسة الأمن القومي لأية دولة من الدول تتمحور حول مثلث من السياسات المتكاملة والمتناسقة. هذه السياسات كالآتي:

(1) سياسة خارجية   (2) سياسة عسكرية (3) سياسة داخلية

فالسياسة العسكرية والداخلية تتطلبان تصورا واضحا وتماسكا على مستوى الصياغة والتخطيط، ودقة ومهارة على مستوى الأداء والإدارة والممارسة والفعل.

1-أما السياسة الخارجية  وملحقاتها من استراتيجيات دبلوماسية يجب أن تنصب على كسب دعم وتأييد الأصدقاء والتعامل بحذر مع الدول غير الصديقة أو الدول المعادية المحتملة، مع العمل باستمرار على توسيع دائرة الحلفاء وتضييق دائرة الأعداء والمحايدين. وفي هذا المجال يمكن توظيف كافة أو بعض أدوات السياسة الخارجية والأساليب الدبلوماسية مثل الضغوطات بأنواعها، والإغراءات، والتهديد والردع.

2-السياسة العسكرية يجب أن تركز على صياغة الخطط العملية والقابلة للتطبيق وتعبئة الطاقات وسرعة التحرك والانتشار وتسخير الموارد، وكذلك توظيف أدوات الإكراه والضغط والعنف المادي وذلك ضمن سياق متكامل ومنسجم مع السياسة الخارجية للدولة.

3-أما السياسة الداخلية فأنها تشمل مجالات عديدة اجتماعية واقتصادية وسياسية، من الصعب تحديدها،  لتكون جاهزة على المستوى العملياتي، ولكن في هذه الحالة يجب على القيادة السياسية أن تحدد المجالات القابلة للتطبيق  وتحديد المؤسسات والأجهزة التي تشكل جزءا من المجهود الحربي للدولة، مع تقوية الجبهة الداخلية من خلال تنفيذ عدد من الإجراءات:

(1) حفظ الأمن والنظام

(2) إزالة أية انقسامات داخلية سواء أكانت اجتماعية، اقتصادية، عرقية، أيديولوجية،. قبائلية، … وتحاشي أية نزاعات أو احتكاكات بين المؤسسات السياسية، أو بين طرق وأساليب وكيفية تنفيذ المهمات من قبل الأجهزة المختلفة.

(3) إيجاد درجة مقبولة من الرضاء الجماعي الشعبي عن السياسة الخارجية للدولة

(4) يضاف إلى ذلك فان السياسة الاقتصادية للدولة يجب أن تعمل على توفير المتطلبات اللازمة للقوات المسلحة. وكذلك يجب على القيادة السياسية أن تعمل على أيجاد درجة عالية من الروح المعنوية الوطنية تكون مستندة على حد أدنى من الإحساس بالتضامن السياسي والشعور بالمصالح المشتركة بين كافة قطاعات الشعب والجماعات داخل الدولة بحيث يتم تجنب وجود قطاعات تشعر بالاغتراب وعدم الولاء للدولة.

عاشرا: النظام الدولي والأمن  الوطني (القومي) للدولة أو لمجموعة من الدول

يمكن القول أن أي نظام دولي (سواء أكان متعدد القطبية ، أو ثنائي القطبية، أو أحادى القطبية) ينعكس بصورة مباشرة على الأمن الوطني للدولة،  أو على الأمن القومي أو الجماعي لمجموعة من الدول ، وذلك يرجع إلى العوامل الآتية:

(1) وجود حالة شبه دائمة أو شعور دائم بانعدام الأمن نظرا لغياب نظام فعال للأمن الجماعي مما يدفع الدول إلى الاعتماد بدرجة كبيرة على مواردها وقدراتها الذاتية من اجل حماية كيانها الذاتي.

(2) إن معظم دول العالم – شاءت أم أبت- تعيش حالة من الاعتماد المتبادلInterdependence  وذلك لأن الدول في عالم اليوم تشكل جزءا من المجتمع الدولي وهي بذلك مضطرة إلى التعامل مع المجتمع الدولي وإقامة علاقات مع الدول الأخرى. هذه العلاقات قد تتراوح بين الصداقة والعداوة، وبين العلاقات المادية التجارية والاقتصادية من جانب والعلاقات المعنوية والثقافية من جانب آخر.

(3) أن الدولة ككيان قانوني سياسي يمكن أن يكون لها سيادتها على أراضيها ولكنها لا تستطيع بسط سيادتها على معظم أجزاء العالم مثل أعالي البحار والمحيطات والمناطق القطبية والأجرام الكونية. وهذا يعني ضرورة دخول الدولة في اتفاقات دولية من اجل تنظيم هذه المناطق الخارجة عن سيطرتها.

(4) عادة ما تختلف الدول في خصائصها السكانية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وهذا معناه أن تفاعل الدولة مع المحيط الدولي ومع بقية أعضاء الأسرة الدولية قد ينجم عنه احتكاكات أو عداوات أو صداقات مع الدول الأخرى. فالدولة عليها أن تتعامل مع خليط من الدول كبيرة وصغيرة، قوية وضعيفة، فقيرة وغنية،…الخ، وهذا يجعل الدولة تقيم علاقاتها مع الدول الأخرى على خط متواتر من الصداقة والعداوة.

(5) إن طبيعة العلاقات بين الدول تتأثر بطبيعة النظام الدولي القائم سواء أكان متعدد القطبية أو ثنائي القطبية أو أحادى القطبية.

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button