انّ موضوع أطروحتنا: ” الشّراكة الإستراتيجية بين روسيا و الصّين: جدلية التّعاون و التّنافس منذ نهاية الحرب الباردة ” يهدف إلى تحليل و تفسير نشأة و سيرورة الشّراكة الإستراتيجية بين روسيا و الصّين منذ نهاية الحرب الباردة في ضوء التّفاعل الجدلي بين قوى التّعاون و قوى التّنافس بينهما. و لبلوغ هذه الغاية، قمنا أولا بتحديد إطار صياغة و تنفيذ السّياسة الخارجية لما بعد الحرب الباردة الخاصة بكل من روسيا و الصّين كما تطرقنا للظّروف و السّياقات الدّاخلية و الخارجية لكل منهما التي أقاما في ظلها شراكتهما الإستراتيجية ؛ و بعدها، استعرضنا مختلف مظاهر هذه الشّراكة سواء في جانب التّعاون أو في جانب التّنافس في المجالات السّياسية، الإقتصادية و العسكرية مع الأخذ بعين الإعتبار للغايات المنشودة من قبل الطّرفين من وراء إقامتها و كذلك ما حققاه من أهداف من ورائها ؛ لنصل إلى تقديم و تقييم لحصيلتها الإجمالية. كخلاصة، توصلنا إلى تأكيد صحة الفرضيات التي تمت صياغتها ارتباطا بالسّؤال المحوري لدراستنا: فكلما كانت المصالح القومية لكل من روسيا و الصّين متناغمة حصل تعاون بين الطّرفين، و كلما إختلفت المصالح و تباعدت برزت ملامح التّنافر بينهما في الأهداف ليُفسح المجال لعمل قوى التّنافس بينهما لتترك أثرها على علاقاتهما في إطار شراكتهما الإستراتيجية، و أما في حالة وجود مزيج من دوافع التّعاون و دوافع التّنافس لوحظ بأنّ البلدين يعملان من أجل إستغلال الفرص التي يتيحها لهما تعاونهما و يعملان على معالجة و تسيير التّحديات النّاجمة عن عمل قوى التّنافس بينهما من أجل السّيطرة عليها. و في الختام: يمكننا القول بأنّ الشّراكة الإستراتيجية القائمة بين روسيا و الصّين هي شراكة ذات طبيعة براغماتية تضرب بجذورها في تربة الفكر السّياسي الواقعي الذي ما زال يعطي للمصلحة القومية للدّولة دور المحرك في صياغة و بلورة سياستها الخارجية حتى و لو تغيرت و سائل تنفيذها حسب الظّروف المختلفة المحيطة بوجود الدّولة ؛ و هذه الشّراكة مرشحة للإستمرار، على المدى المنظور، بنفس الملامح التي ميزتها لاسيما خلال المدة المنقضية من ” معاهدة حسن الجوار و التّعاون الودي بين روسيا و الصّين ” أي بنفس الخصائص التي شهدتها خلال العشرين سنة الماضية ( مدتها القانونية الأصلية )، و هذا خلال مدتها الإضافية و المقدرة بخمس سنين و هذا نظرا لعدم طلب أحد الطّرفين بفكها عاما قبل انقضاء آجالها.