الشق الثاني من خطة التطبيع مع اسرائيل

وليد عبد الحي
الخلافات السياسية العربية ليست ظاهرة جديدة، بل هي ظاهرة تاريخية فالعرب لم يخضعوا لسلطة واحدة في تاريخهم او جغرافيتهم طولا وعرضا، والخلافات حول التطبيع مع اسرائيل هي استمرار للنمط ذاته ، لكن الخطورة في نقل الخلاف من المستوى السياسي بين الانظمة الى المستوى الاجتماعي بين المجتمعات وتعميق الكراهية بين الشعوب العربية، مما يزيد الصورة قتامة.
فرضيتي في هذا المقال هي: كما عمل الفكر الصهيوني للتخطيط للوصول الى نقطة التطبيع السياسي عبر اتصالات سرية مع النخب والقادة السياسيين العرب منذ نشاته ، وهو ما اصبح مسلما به ولا ينكره الزعماء العرب قديمهم وجديدهم، فإن الفكر الصهيوني قد وضع تخطيطا يشرف عليه دهاقنة العقل الصهيوني لتعميق الهوة بين الفلسطينيين كمجتمع من ناحية والبيئة الاجتماعية العربية من ناحية ثانية والاسلامية من ناحية ثالثة، وكلما ازدادت هذه الهوة اتساعا كلما ضاق الخناق على الفلسطينيين ليقدموا المزيد من التنازلات ..ولكن هل من دليل على هذه الفرضية؟
قبل ان أسرد دلائل صحة الفرضية، لن أعتمد على اي مرجع غير اسرائيلي لتوثيق ما أقول:
1- تدريب طلاب اسرائيليين على المشاركة في صفحات التواصل الاجتماعي باسماء عربية، ثم تدريبهم على الدخول في المناقشات وجر النقاش نحو التحقير والاستفزاز بين العربي والفلسطيني.
2- تشجيع وسائل الاعلام الاسرائيلية واليوتيوب والفيديوهات على نشر الكاريكاتورات والأغاني والمقالات والخطابات التي تستفز الطرف الفلسطيني والرد الذي يستفز الطرف العربي( وهو ما لحظناه في القصائد البدوية ضد الفلسطينيين والرد عليها ياهانة مقابلة، واغاني الرحلات الى تل ابيب ، ونقل اي شتم او تحقير فلسطيني لاي طرف عربي سواء اكان زعيما او نخبة او مواطنا عاديا..تقول احد الدراسات الاسرائيلية ان العرب تشدهم البلاغة والصور الشعرية، ويشعرون بالجرح من الاهانة اللفظية بمقدار قسوة الاهانة الفعلية لذا لا بد من الاستمرار في هذا التوجه.
3- محاولة ربط اي شيء مشين وقع لدولة او لمجموعة او لفرد عربي بجهات وتنظيمات فلسطينية ، ومهما كان الامر غير منطقي في عملية الربط فان تكرارها سيترك أثرا في النفس…بخاصة اذا ذهب الطرف العربي الى الانتقام دون اي تحقيق.
4- نقل تصريحات المسؤولين الفلسطينيين التي تتضمن نقدا لاذعا لدول او قيادات عربية، أما التصريحات المهنية التي تعبر عن رفض التطبيع بعقلانية فلا يكررها الاعلام الاسرائيلي او الاعلام العربي المتناغم مع التوجه الاسرائيلي.
5- خلق روايات واساطير تاريخية عن اليهود وحقوقهم وعن اعباء الصراع مع اسرائيل وارهاق الاقتصاد العربي.
6- نشر الاشاعات المشككة في كل حليف دولي للفلسطينيين ، وتقديم الفلسطينيين على انهم يحالفون اعداء الامة العربية، وصناعة اخبار ووثائق( لا تقدم اصولها) عن تحايلات والاعيب حلفاء الفلسطينيين.
7- تشجيع تبادل الفيديوهات التي فيها تحقير متبادل بين الفلسطينيين والعرب وايصالها لأكبر عدد ممكن، ويقوم طلاب اسرائيليون بنشر هذه الفيديوهات وتوصيلها لمواقع التواصل العربي عبر قاعة مخصصة لذلك في جامعة تل ابيب.
الهدف من كل ذلك: تجفيف البحر العربي حول السمك الفلسطيني من خلال تجنيد اشخاص من العرب والفلسطينيين لهذا الغرض تحت مسميات مختلفة.
وتخضع آليات تجنيد العملاء لدراسات مكثفة من الباحثين السيكولوجيين الاسرائيليين ، وتكشف مقالات Yoni Ben Menachem الذي كان ضابطا في مديرية الاسخبارات العسكرية الاسرائيلية عن التغلغل الاسرائيلي في الاجهزة الفلسطينية في وسائل الاعلام والمنظمات الدولية والمجتمع المدني والمواقع الالكترونية ، ويتم التجنيد من خلال طرف ثالث، واحيانا يتم تجنيد افراد لا يعرفون أنهم يعملون لصالح اسرائيل. بل ان تقريرا لمنظمة اليونيسيف(unicif) التابعة للأمم المتحدة يؤكد تجنيد اسرائيل للاطفال الفلسطينيين كعملاء أثناء سجنهم او بعد اطلاق سراحهم(Coalition to Stop the Use of Child Soldiers-
The situation of Palestinian children p. 23 )
وأن 40% من هؤلاء الاطفال السجناء يجري تجنيدهم، وبتعاون مع خبراء علم النفس.، او ان المخابرات الاسرائيلية تستغل المرضى الفلسطينيين لمنحهم تصاريح سفر مقابل التعاون مع المخابرات الاسرائيلية.
العلاقة مع الدول والمجتمعات العربية: وقد شكلت زيارة السادات الى القدس ومعاهدة السلام الاسرائيلية المصرية نقلة كبرى في توجهات الدراسات السيكولوجية الاسرائيلية، واتسعت دائرة هذه الدراسات بشكل اكثر وضوحا الى كل المجتمعات العربية لتغطي كل مناحي الحياة العربية. وتبرز في هذا الجانب دراسات R.Batai حول العقل العربي، او Yuchtam-Yaar حول المسافة الاجتماعية وعلاقتها في الصراع العربي الصهيوني أو دراسات S.Shamir حول سيكولوجية المجتمع المصري او دراسات Inbar M. حول المنظومة المعرفية العربية في الصراع العربي الصهيوني، ناهيك عن دراسات Yehoshafat Harkabi عن التوجهات العربية نحو اسرائيل.
ان الاطلاع على الدراسة الصادرة عام 2010، تحت عنوان “Barriers to Peace in the Israeli-Palestinian Conflict) والتي تقع في (383 صفحة) وتمت بالتعاون بين The Jerusalem Institute for Israel Studies من ناحية ومؤسسة Konrad-Adenauer-Stiftung الألمانية وشارك فيها 13 باحثا معظمهم من الجامعات الاسرائيلية تجعل القارئ يدرك دور علم النفس السياسي في تشكيل البيئة السياسية والعقل والمشاعر ونقاط الضعف من احباط وكبت والتلاعب بالعقل الباطن للمجتمع والافراد.
اخيرا:
ساضع عناوين الدراسات والمقالات، لان وضع الرابط سيثقل صفحتي( فقط ضع العنوان على غوغل )
Israel-s Virtual Embassy in Cyberspace– موقع وزارى الخارجية الاسرائيلية(ارجو ملاحظة ان هذا المقال عام 1999)
Israel Opens a ‘Virtual Embassy’ to Gulf States- صحيفة هارتس) للتواصل مع المجتمع السوري والايراني
Patai, Raphael. -The Arab Mind (كتاب))
Arabs Against Boycotting Israel -It has harmed the region and the Palestinian cause.

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button