دراسات سياسية

العالم العربي وإشكاليات وتحديات العولمة السياسية

اعداد : يوسف بعيطيـــش  – باحث جزائري وأستاذ جامعي جامعة زيان عاشور ــــ الجلفـــــة ــــ الجزائر – مهتم بقضايا العالم العربي والعولمة والسيادة الوطنية

الملخص:

في ظل العولمة لم تعد الدولة مطلقة اليد في ممارسة بعض مظاهر السيادة ، فقد أدت التطورات لاسيما في بعدها السياسي إلى تقليص سيادة الدولة ، و في ظل هذا الوضع اكتسبت أطراف أخرى أدوارا مهمة في عملية بناء النظام الدولي ، وقد كان وقع صدمة العولمة عنيفا على أغلب الدول ، ولم يكن العالم العربي استثناءا من هذه القاعدة، بل إن تحديات العولمة على الدول العربية كانت بالغة الجسامة وعلى مختلف الجوانب الإنسانية والأصعدة السياسية بالخصوص.

وعليه جاءت هذه الدراسة بالإشكالية التالية:

  • ما هي الإشكاليات والتحديات التي تطرحها العولمة في بعدها السياسي على واقع العالم العربي؟

ولمناقشة الإشكالية نطرح الفرضيات التالية:

  • من بين مفاهيم العولمة السياسية تنازل الدول عن بعض أول كل سيادتها.
  • كلما انخرطت الدولة في المجال الدولي زاد ذلك من احتمال تأثرها بالعولمة السياسية.
  • تبدو فرص تحقيق الاستقرار في العالم العربي في عصر العولمة محدودة جدا.

ولبحث الفرضيات أعلاه نستخدم المنهج الوصفي التحليلي الذي يسمح بفهم وتحليل الآثار التي خلفتها ظاهرة العولمة ، مع استخدام منهج دراسة الحالة لاستكشاف حالة العالم العربي جراء تأثيرات الظاهرة.

وقد توصلت الدراسة لجملة نتائج هي:

  • التطورات الدولية تتجه أكثر فأكثر نحو تدويل السيادة ، وتنازل الدول عن سيادتها أكثر.
  • تحديات العولمة على العالم العربي بالغة الجسامة وعلى مختلف الجوانب بما فيها السياسية.

أهداف وأهمية الدراسة: تكتسي أهمية الدراسة من منطلق أهمية العالم العربي بالنسبة للأجندة الدولية والموقع الاستراتيجي الذي تحتله المنطقة في رسم معالم ومستقبل النظام الدولي والنظام الإقليمي العربي، وعليه يكون الهدف من الدراسة استجلاء موضوع العولمة السياسية وأثره على العالم العربي وما هي التحديات والإشكاليات التي تطرحها الظاهرة.

دراسات سابقة للموضوع:

لعل أهم دراسة عن الموضوع ،  ما صدر عن مركز دراسات الوحدة العربية من مجموعة من الباحثين ،في سلسلة إصدارات حال الأمـــة العربية 2015 ــ2016 : العرب وعام جديد من المخاطر ، وحصيلة النهائية لهذه الدراسة تتلخص في دخول الوطن العربي إلى عصر جديد من المخاطر والتحديات التي تدور في نطاق إعادة الهيكلة الجغرافية والسياسية للمنطقة العربية، والتي توصلت للنتائج التالية:

  1. وإعادة تركيب وتشكيل الكيانات السياسية من جديد باستخدام القوة بشكل مباشر أو غير مباشر.
  2. بتذويب العالم العربي في كيان جغرافي وسياسي شرق أوسطي أو إسلامي أوسع الذي يمكن توظيفه لحل العديد من مشکلات المنطقة التي طال أمدها وتعذر حلها.
  3. توظيف المنطقة العربية في نطاق التفاعلات بين الدول الكبرى لتحديد مناطق النفوذ وقواعد أساليب السيطرة على المنطقة.

بالإضافة لدراسة الدكتور حسن نافعة ، لمركز الجزيرة للدراسات ، تحت عنوان التحولات السياسية في المشرق العربي في 2018 ، قدم فيها خلاصة لما آلت إليه الأوضاع العربية جراء التحديات الخارجية التي أفرزتها العولمة ومتغيراتها الدولية ، توصل فيها للنتائج التالية:

  1. تدهور في العلاقات البينية وفي الأوضاع الداخلية معًا.
  2. ابتزاز أميركي واستهتار بالحقوق العربية.
  3. نفوذ روسي متزايد على حساب الأمن القومي العربي.

وعليه سنحاول مناقشة الدراسة وفق المحاور التالية:

  • أولاماهية العولمــــة السياسيـــــة.
  • ثانياأبعاد العولمــــــــة السياسيـــــة.
  • ثالثاتداعيات العولمة السياسية.

رابعاالتحديات السياسية التي تفرضها على العالم العربي.

خامساتحدي عولمة الأمن الدولي.

مقدمة

ترتبط العولمة السياسية ببروز مجموعة من القوى العالمية والإقليمية والمحلية الجديدة، والتي أصبحت تنافس الدول في المجال السياسي، ومن أبرز هذه القوى والتكتلات كالاتحاد الأوروبي ، الذي يقوم أساسا على تخلي الدول الأوروبية الطوعي عن بعض من مظاهر السيادة لصالح كيان إقليمي يتجه نحو الوحدة السياسية، بالإضافة إلى المؤسسات التجارية والمالية والشركات العابرة للحدود، ومنظمات حقوق الإنسان كمنظمة “العفو الدولية” التي أصبحت تعمل باستقلال تام عن الدول والحكومات الذي يصب في اتجاه بروز ما يسمى “الحكم العالمي” التي هي الهدف الأساسي للعولمة السياسية.

أولا: ماهية العولمة السياسية.

بالتالي تغير مفهوم الدولة التقليدي بحيث أنه لم يعد للدولة السيادة المطلقة على الإقليم نظرا لوجود بعض التحولات الجذرية التي تحول دون وفاء الدولة بالتزاماتها السيادية، نظرا لتفوق وسائل وأساليب الثورة المعلوماتية التي ساهمت بشكل كبير في اختفاء الحدود السياسية وطرح وظيفة جديدة للدولة كفاعل دولي في تهيئة المواطن مع بنية الواقع المعلوماتي الدولي والمحلي.

ووفقا لهذا الاتجاه يرى السيد أحمد عمر العولمة السياسية بأنها ” تعني أن الدولة لا تكون هي الفاعل الوحيد على المسرح السياسي العالمي، ولكن توجد إلى جانبها هيئات متعددة الجنسيات ومنظمات عالمية وجماعات دولية وغيرها من التنظيمات الفاعلة التي تسعى إلى تحقيق مزيد من الترابط والتداخل والتعاون والاندماج الدولي.[1] ”

وفي ظل الهيمنة الغربية  الأمريكية على دول العالم، يشير طلال عتريسي، إلى أن العولمة السياسية تصبح أمام مفارقة واضحة في ظل ازدواجية المعايير ” ففي الوقت الذي تبشر فيه بالديمقراطية والليبرالية وحقوق الإنسان وحرية الفرد والحريات العامة، فهي تغض الطرف عن انتهاك هذه القيم في كثير من بلدان العالم إما بسبب المصالح التجارية، وأما بسبب سياسات بعض الدول وتحالفاتها”[2].

وفي رأي جان آرت شولتJan Art Scholt   أن العولمة ربما تقدم إمكانيات وفرص للتحول الديمقراطي في إطـار أن العولمـة قد أدت إلى إنهاء سيادة الدولـة، وثمـة علاقـة توتر أساسيـة بين السيـادة والديمقراطية، والذي كرس ما يمكن تسميته السيادة الجديدة New Sovereignty ، من خلال عدة ملامح نذكر منها[3]:

ـ تغير المفهوم التقليدي للدولة فلم يعد للدولة السيادة المطلقة على الإقليم، نظرا لوجود بعض التحولات الجذرية على مختلف الأصعدة في المحيط الدولي، والتي تحد من قدرات الدولة .

ـ بروز آليات العولمة الاقتصادية وممارستها المتنوعة، والتي يمثل وجودها مع الآليات الأخرى ضغطا على سلطة الدولة وتهديدا لاستقلالها السياسي.

ــ وجود شبكة من القوى العالمية والتكتلات الإقليمية والمحلية التي تنافس الدولة لاسيما فيما يرتبط   بميكانيزمات صناعة القرار السياسي.

ـ أحدث تفوق وسائل وأساليب الثورة المعلوماتية، اختفاء الحدود السياسية وطرح وظيفة جديدة للدولة،كفاعل دولي ، تتمثل في ضرورة تهيئة المواطن وتكييفه مع بنية الواقع المعلوماتي

في حين يرى حسنين ابراهيم توفيق على الرغم من زيادة اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بقضية الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم على صعيد الخطاب السياسي وبعض الممارسات العملية إلا أن السياسة الأمريكية تتعامل مع هذه القضية بنوع من البراغماتية السياسية التي تتجلى أبرز صورها في المعايير المزدوجة التي تطبقها بهذا الخصوص، وعدم ترددها في التضحية بقيم الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان في حالة تعارضها مع مصالحها[4].

وفي هذا يقول الباحث عبد العزيز المنصور ” ما جاءت العولمة الاقتصادية إلا لتكون طريقا لعولمة سياسية، يكون الهدف منها هو التدخل في الشؤون الداخلية للدول ومحاولة فرض الهيمنة عليها، والتدخل في شؤونها السياسية على أراضيها ومقدراتها، فالاقتصاد والهيمنة عليه وعولمته هو الطريق الممهد السالك للسيطرة على الآخر الضعيف، وسلبه حريته وقدرته على اتخاذ القرار، بل التدخل في نظام الحكم القائم فيه وإملاء وجهات النظر والقرارات التي يرغب فيها الآخر القوي، وتغيير القوانين والأنظمة السائدة فيها، وتقويض أنظمة الحكم غير الموالية للنظام العالمي الجديد، هو خير دليل على أن العولمة السياسية هي فرض الهيمنة ونشر المفاهيم بعيدا عن احترام خصوصيات الأمم والشعوب”[5].

تهدف العولمة في بعدها السياسي إلى بناء نموذج سياسي غربي تتبناه شعوب العالم ، بحيث يكون النموذج السياسي العالمي الذي يعيش في ظله كل العالم، ويعتمد هذا النموذج على نشر قيم التحررية السياسية القائمة على الحرية ، حرية الرأي وحرية المناقشة والتفكير والاعتقاد ، وفي الدعوة إلى الديمقراطية التحررية الغربية، والتعددية السياسية واحترام حقوق الإنسان[6].

      يقول ريتشارد فولك  Richard Falk في كتابه ((نحو سياسة عالمية جديدة)) “أن الدولة التي كانت دائمة الوحدة الارتكازية لكل النشاطات والقرارات والتشريعات أصبحت الآن وكما يوضح ، مجرد وحدة ضمن شبكة من العلاقات والوحدات الكثيرة في عالم يزداد انكماشا وترابطا ، فالقرارات التي تتخذ في عاصمة من العواصم العالمية سرعان ما ينتشر انتشارا سريعا إلى كل العواصم، والتشريعات التي تخص دولة من الدول تستحوذ مباشرة على اهتمام العالم بأسره، والسياسات التي تستهدف قطاعات اجتماعية في مجتمع من المجتمعات تؤثر تأثيرا حاسما في السياسات الداخلية والخارجية لكل المجتمعات القريبة والبعيدة.

وهذا ما يعني أن مبدأ السيادة أخذ بالتآكل نتيجة علاقات الدول فيما بينها في مختلف المجالات ، بالتالي فإن هذا يعني نقلا لسلطة الدولة واختصاصاتها إلى مؤسسات عالمية تتولى تسيير العالم وتوجيهه ، وهي بذلك تحل محل الدولة وتهيمن عليها ،بحيث أصبحت نظرية السيادة لا تتفق مع التطورات الحاصلة في العالم[7].

وإذا كان صحيحا أن السلطة الديمقراطية قد سجلت تراجعا في وجه السلطة المالية في الدول المتقدمة، فإن هذه العلاقة تزداد سوءا أكثر فأكثر في البلدان المتخلفة، ذلك أن هذه الأخيرة تلجأ في غالب الأحيان لتمويل مديونيتها، إلى مؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي الذي يمكنه أن يفرض عليها – في مقابل ضمانات القروض – التخلي عن البرامج الاجتماعية التي يكون الانتخاب الديمقراطي قد زگاه،  يقول بيتر مارتین و هارولد شومان في كتابهما فخ العولمة “و يترتب على ما تفرزه العولمة من نتائج، تضاؤل إمكانات الدول المختلفة على التدخل أكثر فأكثر، في حين يتعاظم أكثر فأكثر تجاوز اللاعبين الدوليين حدود اختصاصاتهم من دون رقيب يذكر، و لعل القطاع العام خير مثال على ذلك[8].

ويظهر المثل المباشر للضغط الذي يمكن أن تمارسه الأسواق المالية الدولية على السياسات الاقتصادية، و القرارات السياسية بشكل عام، بوضوح عندما تبحث الدولة عن تمويل لمديونيتها الخارجية، فلقد أدت البرامج الاجتماعية التي تطورت خلال العقود الأخيرة في ظل دولة الرعاية إلى ارتفاع حجم المديونية، و ارتبط ارتفاعها بزيادة الحاجة إلى الاستدانة أكثر[9] من الخارج وبالتالي ربط قرارات الدولة السياسية باملاءات خارجية ومؤسسات العولمة.

بالإضافة إلى ذلك فإن العولمة السياسية ترتبط أساسا ببروز مجموعة من القوى العالمية والإقليمية والمحلية الجديدة خلال عقد التسعينات، والتي أخذت تنافس الدولة في المجال السياسي وخاصة في مجال صنع القرارات وصوغ الخيارات،  وتتنوع هذه القوي الجديدة أشد التنوع، ومن أبرز هذه القوى التكتلات التجارية الإقليمية كالسوق الأوروبية المشتركة التي تطورت خلال االعقود الأخيرة الماضية لتشكل وحدة نقدية تعمل من خلال المصرف المركزي الأوروبي الذي أنشأ عام 1999ليشرف على عملة اليورو، وذلك بعد أن تنازلت الدول الأوروبية طوعا عن سيادتها في مجال السياسات النقدية ،إن النموذج الاندماجي الأوروبي يقوم أساسا على نخلي الدول الأوروبية الطوعي عن بعض من مظاهر السيادة لصالح كيان إقليم يتجه نحو الوحدة الاقتصادية، و لاحقا الوحدة السياسية من خلال بروز الولايات المتحدة الأوروبية.

لقد ارتبطت العولمة السياسية ببروز مجموعة من القضايا والمشكلات العالمية الجديدة التي تتطلب استجابات دولية وجماعية، وليست استجابات فردية وعلى صعيد كل دولة قضايا التسعينات لم تعد قضايا محلية فمع انكماش العالم وتقارب المجتمعات والارتقاء من المحلية إلى البحث عن الحلول العالمية لقد اتضح الآن أن جميع القضايا الاجتماعية المعاصرة هي قضايا عالمية في أسبابها وحلولها وتأتي في مقدمة هذه القضايا قضية الإرهاب والأمن الدولي وقضايا البيئة والتلوث البيئي والتدهور البيئي المستمر، وبروز مجموعة من المشكلات[10].

فكل قضية تبرز في السياسة العالمية تعبر عن مصالح معينة وتثير ردود أفعال آخرين ، أي أن بروز قضية واكتسابها الأهمية على المستوى العالمي يرتبط بمصالح فواعل بالتالي تكوين وعي عالمي بالقضية ، وأصبحت قضايا حقوق الإنسان والحكم الراشد والتحول الديمقراطي في ظل أزمة الدولة وانكماش مفهوم السيادة[11].

ولما كانت هذه الشؤون عالمية يتعدى تأثيرها الدولة، فقد ظهر الحديث إلى جانب السياسة العامة العالمية عن الحكومة العالمية و الذي يمكن اعتبارها كإستراتيجية لتخفيض حدة مصطلح العولمة، وهناك من يرى أن هذا المفهوم جاء لأجل تسيير عجز الدول عن مواجهة العولمة الاقتصادية، حيث أن تزايد الاعتماد المتبادل كان له دور أساسي في تحول العلاقات من دولية إلى كونية. فمفهوم الحكم العالمي يشير إلى تشابك الفواعل الدولية التي تحدد المصالح، الحقوق، و الواجبات، و تحل الخلافات على المستوى العالمي[12].

ثانيا: أبعاد العولمة السياسية.

هذا الحكم العالمي World governance، والذي يتضمن بروز شبكة من المؤسسات العالمية المترابطة التي تضم الدول والمنظمات غير الحكومية ، والهيئات الدولية، كالأمم المتحدة يستثمرها البعض ليعدها خطوة في الطريق لقیام الحكومة العالمية الواحدة والتي هي الهدف النهائي للعولمة السياسية، في حين، أن ما يجري يمثل موقف تلك الدول بكل سيادتها واستقلالها باتجاه التعاون في تناول قضايا مهمة تخص المجتمع الدولي وتعمل سويا من أجل حلها، لقد أفرز الوضع الدولي الجديد عدة مفاهيم وتطورات من منظور عملية العولمة السياسية نذكر أبرزها[13]:

  • على الرغم من زيادة اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بقضية الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم على صعيد الخطاب السياسي الرسمي وبعض الممارسات العملية إلا أن السياسة الأمريكية تتعامل مع هذه القضية بنوع من البراغماتية السياسية التي تتجلى أبرز صورها مع المعايير المزدوجة التي تطبقها بهذا الخصوص، وعدم ترددها في التضحية بقيم الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان في حالة تعارضها مع مصالحها الاقتصادية والتجارية.
  • إن القوة العظمى الوحيدة في عالم ما بعد الحرب الباردة، وهي الولايات المتحدة الأمريكية تعمد إلى استخدام قواتها ونفوذها لتوظيف الأمم المتحدة ومؤسسات التمويل الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين من أجل تحقيق مصالحها ومصالح حلفائها الغربيين بصفة عامة.
  • إن فرص وإمكانيات تحقيق المزيد من الاستقرار في النظام العالمي في عصر العولمة تبدو بصفة عامة محدودة، فالتأثيرات القائمة والمحتملة للعولمة على بلدان العالم الثالث وبخاصة فيما يتعلق بتهميش بعض الدول، وتوسيع الهوة بين الشمال والجنوب ، فإن بعض مناطق الجنوب س تبقى رهينة للحروب الداخلية والإقليمية التي يمثل بعضها عناصر لعدم الاستقرار في النظام العالمي.

من هنا يذهب الباحث قاسم حجاج فيما يتعلق بأبعاد العولمة السياسية على كافة المستويات فيلخص تلك الأبعاد في الآتي[14]:

  • استمرار الدولة ـــــ الأمة رغم العولمة كقوة ووحدة رئيسية في العلاقات الدولية ، بحيث تعززت الدول ، الأمم بأساليب تكيف جديدة مع تغير وليس نهاية الحدود الوطنية .
  • التحول من الديمقراطية النيابية والمركزية إلى ديمقراطية المشاركة واللامركزية ، فإما أن تكون الديمقراطية محلية أو لا تكون ، وتتيح آليات الديمقراطية الإلكترونية التفاعلية عدة فرص جديدة لتعزيز ديمقراطية المشاركة ، بما في ذلك التحول من ديمقراطية المجتمع الصناعي ، إلى ديمقراطية المجتمع ما بعد الصناعي.
  • تحول أساليب إدارة الإقليم الوطني من الأساليب المركزية إلى الأساليب اللامركزية ، ومن التنظيم الهرمي الجامد ، إلى التنظيم الشبكي التفاعلي الديناميكي.
  • تنامي أدوار ووظائف المجتمع المدني وطنيا وعبر الأوطان ، وتزايد الوعي للمواطنين بأهمية المشاركة السياسية محلية ووطنية وعالمية للحيلولة دون تداعي عدوى الأزمات والأمراض العابرة للحدود الوطنية .
  • الأخذ بمبدأ الحكم الصالح والشفافية والنزاهة السياسية في إدارة الشأن العام وتنمية الموارد الاقتصادية بعيدا عن المحسوبية و الرشوة والمحاباة والغموض واللصوصية .
  • زيادة درجة التسييس لأوساط واسعة من البشر بعد طول احتكار للمجال السياسي من طرف السياسيين ، وأساليبهم السرية في إدارة الشأن العام ، وانكشاف الكثير من ممارساتهم عبر السلطة الرابعة ومواقع الانترنت والقنوات الفضائية..

ثالثا: تداعيات العولمة السياسية.

من خلال هذه الأبعاد للعولمة السياسية  ترى أمل عبيد أن الدولة التقليدية بهذا الشكل ، قد فقدت مبرر وجودها ، وذلك بفقدها الكثير من وظائفها المعهودة لقيام الدولة ، وذلك أن العولمة قد سعت ومنذ البداية إلى تحويل السلطة من الدولة إلى المؤسسات عابرة القارات ، وهو ما أسفر عنه اهتزاز في مصداقية ومشروعية الدولة لدى مواطنيها ، مما سبب في كثير من حالات عدم الاستقرار السياسي ، حتى أن الدولة أصبحت عاجزة عن التصدي للسياسات الموحدة المفروضة من الخارج[15].

في مقابل هذه السلبيات التي تتأتى عن العولمة السياسية فإن بعض الباحثين يركز  على الأخطار التي يمكن أن تنشأ جراء العجز الديمقراطي، فشعور الشعوب بالاستلاب من الممكن أن يحدث تراجعا نحو السياسات الحمائية على المستوى الاقتصادي، كما قد يهيئ الجو نحو صعود قادة شعبويين* على المستوى السياسي  وهو ما يهدد بظهور أنظمة شمولية تهدد السلم و الاستقرار على كل المستويات المحلية، الإقليمية و العالمية، بل إن النظــــام الرأسمالي ذاتـــه مهدد بالسقوط لذلك يقول جان بول فيتوسي)) J.P. Fitoussi  إذا تحول النظام الرأسمالي، من خلال إبعاده للسياسي  لصالح الاقتصادي، فإنه من الممكن جدا أن ينهار(([16].

ولا أدل على واقعية هذه التحليلات كمثال هو أصوات التيارات “الشعبوية” في استحقاقات انتخابية عديدة، ابتداء من الاستفتاء البريطاني للخروج من الاتحاد الأوروبي، ومرورا بحملة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، وانتهاء بالاستفتاء الدستوري بإيطاليا الذي ربما يمهد لخروجها من الاتحاد الأوروبي إثر فوز حملة حركة “خمس نجوم” الموصوفة بـ”الشعبوية” والرافضة لهذه التعديلات.

ففي ترجمة للمقال «التحدي الشعبوي» للمفكرة البلجيكية الراديكالية شانتال موف Chantal Mouffe الذي تقول فيه “إذا كان الوضع الحالي يمكن أن يوصف بـ «ما بعد الديمقراطية»، فذلك لأن ذلك التوتر البنيوي قد تم القضاء عليه في السنوات الأخيرة مع إضعاف القيم الديمقراطية كنتيجة لتحقّق الهيمنة النيوليبرالية، وقد اختفت الفضاءات الجدلية التي كان يمكن فيها لمشاريع المجتمع المختلفة أن تواجه بعضها البعض …. وانطلاقًا من مبدئية «التحديث» الذي تفرضه العولمة، قبلت الأحزاب الديمقراطية الليبرالية إملاءات الرأسمالية التمويلية والحدود التي فرضتها تلك الإملاءات على تدخلات الدولة في سياساتها التوزيعية….. لقد تقلّص بشدة دور البرلمانات والمؤسسات التي تتيح للمواطنين التأثير على القرارات السياسية[17]“.

وتطرح إشكالية تصدير نموذج موحد من النظام  السياسي لكل  بلدان العالم امتعاضا ملحوظا من قبل المجتمع الدولي، ذلك أن كل مجتمع يفرز منظومته السياسية وأي محاولة لتنميط المجتمع الإنساني في إطار نظام سياسي واحد وموحد ستخطأ هدفها، فالخصوصية السياسية مسألة تفرض نفسها بإلحاح شديد ليس فقط في علاقة دول الشمال بدول الجنوب بل حتى داخل المنتظم الغربي نفسه نظرا لتميز المسارين التاريخي والسياسي لكل مجتمع؛ فالنظام السياسي البريطاني ليس هو النظام السياسي الأمريكي، كما أن النظام السياسي الفرنسي ليس هو النظام السياسي السويسري؛ فبالأحرى تصدير نموذج واحد وموحد لكل دول العالم[18].

وبالموازاة مع تحول مفهوم الدولة في ظل العولمة السياسية وبروز مقولات من قبيل ، نهاية التاريخ ونهاية السياسة ونهاية الخصوصية, ونهاية الأيديولوجيات ، ونهاية الدولة الوطنية، ونهاية الجغرافيا، …الخ ، التي هي في الواقع بدايات التحولات جديدة غير مسبوقة تاريخيا ، ومن تلك الأفكار، بروز فكرة المواطنة العالمية, والهوية الإنسانية, و الانتماء العالمي, و الوعي الكوني, يضاف إلى ذلك بروز ظواهر صاحبت تمدد “العولمة السياسية” كظاهرة التدفق الحر و الغير مقيد للسياسة على الصعيد العالمي, وظاهرة تمدد السياسة خارج نطاق الدولة القومية[19].

ومع أن التفكير من داخل  “حركة عولمة السياسة” يجعلنا نتقبل ظواهر من قبيل أن ظاهرة المجال السياسي العالمي أخذت تحل محل ظاهرة المجال السياسي المحلي، وظاهرة “[20] أن السياسة في كل أرجاء العالم أصبحت مرتبطة بالسياسة في كل أرجاء العالم”، وما يرتبط بالتدفق الحر وغير المقيد للسياسة، وتمدد السياسة خارج الإطار القومي ، كل ذلك مما يمكن اعتباره من الظواهر الواضحة للعولمة في المجال السياسي.

وكنتيجة لتشكل “نظام دولي يتجه نحو التوحد في قواعده, وقيمه, وأهدافه” بعد سعي الدول الغربية إلى فرض النموذج الغربي في الحكم – المتمثل في الديمقراطية – واعتبارها كأداة للتعامل مع الدول الأخرى, خاصة وأنه لم يعد هناك نظام يجاري النظام الرأسمالي الديمقراطي, ظهر مفهوم الهندسة السياسية ليعبر عن طموح غربي لبناء تصور سياسي موحد, قوامه حقوق الإنسان العالمية جامع بین الديمقراطية المشاركتية والحكم الراشد ودولة الحق والقانون.

رابعا: التحديات السياسية التي تفرضها على العالم العربي.

إن الأوضاع الداخلية في العديد من دول العالم الثالث ومنها الدول العربية لا تؤهلها للتعامل بفاعلية مع متطلبات عصر العولمة وتحدياته، مما يحتم ضرورة الشروع في عملية إصلاح داخلي جاد وحقيقي، ورغم أن عملية الإصلاح يجب أن تكون شاملة، إلا أنه من المهم التركيز خلال المراحل الأولى على العناصر والمجالات ذات التأثير الأكبر في دفع عملية التنمية وإعداد الدول والمجتمعات للقرن المقبل، ومنها على سبيل المثال: إصلاح الأجهزة الإدارية والحكومية التي تمثل العصب الأساسي للدولة وذلك وفقا لرؤى جديدة تجعل أجهزة الدولة ومؤسساتها أكثر قدرة على التكيف مع المتغيرات الجديدة[21] .

فقد تعرض الأمن القومي العربي لتحديات العولمة التي عملت على إدخال النظام الإقليمي العربي في متاهة الصراع الدولي الذي شهده مجرى العلاقات الدولية، الأمر الذي سمح ببروز عدة مظاهر أدت بالنتيجة للتأثير على هذا النظام وذلك منذ مطلع العقد الأخير من القرن العشرين، زادت في ترسيخ الجوانب القطرية على مستوى الفكر العام والمفاهيم القيمة والسلوك وبالتالي جعلت من التوجه القومي يتراجع بشكل كبير، وقد تجلى ذلك في تفكيك وحدات النظام الإقليمي العربي بأسلحة محلية مستندة إلى دعم خارجي مع تراكم الأزمات العربية البينية وضياع القدرة الجماعية على الاستجابة للتغير.

وقد ارتبطت حقبة الدخول في العولمة إلى النظام الإقليمي العربي بحقبة كارثية تميزت بنمو اتجاهين عميقين[22]:

أولهما:التدخلات الخارجية التي سعت إلى إجبار البلدان العربية على الخروج من الحقبة الوطنية،سواء كان بالطرق السياسية وما تعنيه من ضغوط وزعزعة في الاستقرار،أو بالقوة التي استخدمتها لتفكيك الدول والنظم القومية وبوسائل دموية.

ثانيهما:تنامي سياسات عبرت عن ردود أفعال وقتية،مفتقرة إلى الرؤية الشمولية والبصيرة،والقائمة على استجابات عشوائية ولا عقلانية لنخب مشتتة ومنقسمة على نفسها ولقطاعات رأي عام ضائع عموماً وبعيد عن إدراك طبيعة الرهانات والمشاكل المطروحة والتحديات الحقيقية.

فلم تكن حقبة العولمة حقبة سعيدة بالنسبة للعالم العربي، لا ككتلة ولا كأقطار متفرقة، فقد كان عليه أن يتحمل أكثر من جميع المناطق الأخرى القسط الأكبر من أعباء إعادة بناء النظام العالمي الجديد أحادي القطبية، وما ارتبط ولا يزال يرتبط به من صراعات دموية ومنازعات سياسية وإستراتيجية ، ويمكن القول بالإجمال إنه وإن تمكنت بعض الدول على المستوى الفردي من تحقيق بعض المكاسب الاقتصادية المؤقتة، إلا أن العالم العربي ككل قد خسر على طول الخط من جراء بروز ديناميات العولمة الراهنة التي تجسدت آثارها الرئيسية في تعميق الفجوات ومكامن النقص والتناقضات التي كانت موجودة من الحقبة السابقة، وفي أحيان كثيرة تفجيرها.[23]

إن ظاهرة العولمة السياسية لا تقل خطورة عن انعكاسات ظاهرة العولمة الاقتصادية على واقع الوطن العربي، ذلك لان هذه الظاهرة ما هي إلا مشروع مستقبلي، لكون مضامينها وأبعادها الجوهرية إنما تعتبر مرحلة تطورية لاحقة لظاهرة العولمة الاقتصادية والثقافية التي سوف تؤدي إلى قيام عالم بلا حدود ولا سياسة وهو الهدف النهائي لظاهرة العولمة السياسية،

ومثل هذه السياسة تؤدي بالنتيجة إلى إلغاء سيادة الدول وانتهاك حدودها واستقلالها وسيكون تطبيق ذلك باستخدام كافة أنواع التدخل الاقتصادي والسياسي فيها، وإعلان العداء لأية دولة تحاول الدفاع عن سيادتها أو مصالحها القومية والوطنية وحتى لو استدعى ذلك الأمر اللجوء إلى استخدام القوة بكافة أشكالها وأساليبها وهذا ما حصل في العراق عام 2003 ، ودعوتها لإسقاط بعض الأنظمة العربية مثل ما حدث في ليبيا ويحدث في سوريا بدعوى حقوق الإنسان ونشر الديمقراطية[24].

وفي ظل هذه المتغيرات ، تراوحت استجابة النظام الإقليمي العربي  للتحديات الناتجة من ذلك ما بين الاستجابة العاجلة غير المدروسة، أو المترددة البطيئة، أو المؤجلة لأمد غير معلوم، مما جعل النظام العربي ، أقرب إلى وضعية العجز الجزئي أحيانا والكلي في أحيان أخرى من حيث القدرة على التعامل مع هذه الظاهرة ، وما نتج عنها من تفاعلات متلاحقة سريعة التغير، متعددة الأبعاد والاتجاهات، وغير خاضعة لأي من المعايير والقواعد الدولية المعهودة والمتعارف عليها.

ويقدم هنري کیسنجر Henry Kissinger* تحليلا مفصلا لأخطر الإشكاليات والتحديات التي تواجه العديد من البلدان العربية والتي تتمثل بتفكك الدولة إلى وحدات قبلية وطائفية، ودخولها في صراع عنيف مع بعضها بعضا، والتلاعب بها من خلال قوى خارجية متنافسة، ويَذكُر أن الثورات وتغيير النظم في العالم العربي، لم تؤد إلى ظهور سلطة جديدة تحظى بالشرعية والقبول من غالبية المواطنين، وبالتالي أدت إلى زيادة الخلاف بين القرى المتناحرة ودخولها في صراعات مفتوحة على السلطة، وأدى ذلك إلى انجراف أجزاء من الدولة إلى الفوضى أو حالة التمرد الدائم، وأصبحت الحكومة المركزية غير قادرة على إعادة تأسيس سلطتها.

لذلك جاءت ضغوط الولايات المتحدة الأمريكية تجاه دول النظام الإقليمي العربي، متزامنة مع الأسباب المتعلقة بالإبقاء على الجوانب الأخطر من النظام الأحادي القطبية تحت السيطرة، فكان اندلاع حرب الخليج الثانية عام 1991 إرضاءا لقوى العولمة من الذين يعولون على القوة كأداة اللدبلوماسية استنادا لعبارة كلاوز فيتز C.V.Clausewitz المأثورة “ليست الحرب إلا استمرارا للمساومة السياسية بطرق أخرى” ، حيث كانت أفكار وآراء هؤلاء معبرة عن جيل كامل من الضباط العسكريين في سبعينيات القرن العشرين الذين عايشوا إخفاق الولايات المتحدة الأمريكية في حرب فيتنام[25].

وقد مَرَ النظام الإقليمي العربي خلال هذه الأزمة وبعدها من أزمات متتالية ، كان آخرها ما اصْطُلِح على تسميته بالربيع العربي  خلال العام 2011 ، بدءا بتونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا والذي لا تزال تداعياته إلى غاية كتابة هذه الأسطر ، أدت إلى وقوف العالم العربي في مأزق وجود وليس مجرد تهدیدات مثل تلك التي قد تتعرض لها أي دولة، وإنما أصبح الوضع خطيرٌ وينذِر الأمة العربية بأنها مهددة بالانقطاع عن وجودها كأمة فضلا عن تهدید دول النظام الإقليمي العربي بالتفسخ والتفكيك على أيدي قوى عالمية عاتية ومحلية شتى، وكان من الطبيعي أن يمتد اختلال العلاقة بين وحدات النظام العربي إلى كافة مجالات الأمن القومي العربي.

تحدي آخر لا يقل أهمية عن سابقيه هو زيادة التقوقع القطري، إذ يتعايش في النظام الإقليمي العربي مفهومين متناقضين يتصارعان فيما بينهما داخله، فهناك الدعوة القومية التي يقوم عليها النظام تستند للشرعية القومية المكونة له والمرتبطة بعدد من القيم السياسية، والأمن والوحدة والتنمية العربية، يقابلها نشأة الدولة القطرية التي تعني تجزئة المصلحة العامة إلى عدة مصالح، وبعدد الدول القطرية في الوطن العربي التي عرفت بالمصلحة الوطنية، وقدمت هذه المصلحة على المصلحة القومية للعرب وباختلاف مصالح كل دولة قطرية مع شقيقتها، الأمر الذي أدى إلى ولادة الأزمات القطرية.

وتتجلی مظاهر تعميق أزمة النظام الإقليمي العربي وزيادة التقوقع القطري فيما يلي[26] :

  • أولا: تعطيل انعقاد أعمال مؤتمرات القمة العربية .
  • ثانيا: اللجوء للغرب عند الأزمات العربية .
  • ثالثا: تطبيق قرارات الأمم المتحدة وتعطيل قرارات جامعة الدول العربية.

يمكن القول إن الحصيلة النهائية لهذا التحليل تتلخص في دخول الوطن العربي إلى عصر جديد من المخاطر والتحديات التي تدور في نطاق إعادة الهيكلة الجغرافية والديمغرافية والاقتصادية والسياسية للمنطقة العربية في إطار عدد من المشاريع الدولية والإقليمية المتقاطعة والمتنافسة، الأمر الذي أدى إلى اتساع نطاق هذه المخاطر وازدياد حدتها وشدتها، وما المذابح وحملات التهجير والتطهير العرقي والقتل على الهوية واتساع نطاق سيطرة الجماعات الإرهابية إلا مظاهر لهذه المخاطر، ويمكن تحديد الملامح العامة لهذه المخاطر والتحديات من عدة منظورات[27]:

  • المنظور المتعلق بإعادة رسم الخريطة السياسية للوطن العربي: وذلك من خلال تفكيك وإعادة تركيب الكيانات السياسية القائمة وتشكيلها من جديد من خلال استخدام القوة بشكل مباشر أو إثارة الاضطرابات السياسية الداخلية أو الاثنين معا، ويعد العراق النموذج الأوضح لتطبيق هذا المنظور والذي تم استخدام كل الوسائل لإعادة رسم خريطته السياسية منذ الغزو الأمريكي عام 2003.

وتشير المصادر الأمريكية في الوقت الحالي إلى عدم إمكان عودة العراق موحدة، وضرورة قيام ثلاثة كيانات سياسية جديدة على أرضه، وتدفع السياسية الأمريكية عملية في هذا الاتجاه من خلال ما يمكن أن نطلق عليه المقايضة بين القضاء على داعش والتقسيم، وفي بداية عام 2016 پدا وكأن هناك توافقا أمريكيا روسيا على تطبيق النظام الفدرالي في سورية، وإن كان رد فعل الدولتين قد اختلف عندما أعلن أكراد سورية بقرار منفرد إعلان الفدرالية في المناطق التي تسيطر عليها القوات الكردية، فبينما انتقدت الولايات المتحدة هذا السلوك، وأعلنت أن تأييدها للفدرالية يرتبط بوجود توافق سوري عام بشأنها، واجهته موسكو بالصمت.

  • المنظور المتعلق بتذويب الوطن العربي في كيان جغرافي وسياسي شرق أوسطي أو إسلامي أوسع بحيث يصير العرب جزءا من هذا الكيان الذي يمكن توظيفه لحل العديد من مشکلات المنطقة التي طال أمدها وتعذر حلها، وفي نطاق الاستناد إلى الموروث التاريخي والثقافي للوطن العربي للتوصل إلى البديل المناسب المتوافق مع هذا التوجه، وجدت السياسة الأمريكية ضالتها في النموذج العثماني الذي تم ترويجه في سياق ما سُمي بنموذج الإسلام المعتدل التي يدعو لها حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، وبدا أن هذا النموذج أثبت صحنه بعد تولي ممثلين له الحكم في مصر وتونس والمغرب، وازدیاد نفوذهم في سورية وليبيا، إلا أن سقوط حكم الإخوان في مصر عام 2013 عطَل من استمرار تنفيذ هذا المنظور[28].
  • المنظور الثالث ويتمثل في محاولة الولايات المتحدة الأمريكية إعادة ترتيب الأوضاع في  المنطقة بعد انسحابها المستقبلي المزمع منها بما يحافظ على أمن إسرائيل ومصالحها ومصالح حلفائها الإستراتيجية الحيوية في المنطقة، وتمثل هذا الترتيب بإيجاد نوع من تقاسم الأدوار بين القوى الإقليمية، وهذا المنظور يجعل من الأسس المذهبية والطائفية محور الوجود ومن ثم الصراع والتنافس السياسي، خاصة إذا علِمنا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب Donald Trump  لا يؤمن بفكرة التدخل الإنساني كأساس أو دافع للتدخل في الشأن الداخلي للدول، فما دام الأمر لم يمس المصالح الأمريكية فلا داعي لتورط القوات الأمريكية في هذا الشأن، لكن عندما يتعلق الأمر بمصالح الولايات المتحدة وإسرائيل خاصة يجب عليها التدخل العسكري الأحادي الذي لا تعتمد فيه على أطراف أخرى.[29]
  • منظور توظيف المنطقة العربية في نطاق التفاعلات بين الدول الكبرى لتحديد مناطق النفوذ وقواعد أساليب السيطرة على المنطقة، أو حل بعض المشكلات العالقة بينها أو إدارة بعض الأزمات الدولية  ، ويتولد عن هذا المنظور استباحة الأراضي العربية على نحو ما ييجري في سورية والعراق ولبنان واليمن وليبيا، وهكذا، تتعدد المخاطر والتحديات التي تواجه الوطن العربي في هذا العصر الذي سبق وأن وصفه عالم الاجتماع الألماني أولريش بك Beck Ulrich بأنه عالم المخاطر المتزايدة .

وفي مقال له بمركز الجزيرة للدراسات يتوصل من خلالها أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة  حسن نافعة إلى خلاصة لما آلت إليه الأوضاع السياسية العربية جراء التحديات الخارجية التي أفرزتها العولمة ومتغيراتها الدولية ، الذي بدا فيه النظام العربي أكثر انكشافا وعدم قدرته على مواجهة التحديات وقد تجلى ذلك من خلال[30]:

  1. ابتزاز أميركي واستهتار بالحقوق العربية: ظهر واضحًا في مؤتمر الرياض وفي الطريقة التي أُديرت بها أزمة قطر، فقد نجح ترامب في توظيف زيارته الأولى للرياض لعقد صفقات ضخمة مع السعودية، وصلت إلى ما يقرب من نصف تريليون دولار، ونجح في إدارة أزمة قطر بطريقة مكَّنته من إضافة عدة مئات من المليارات إلى الخزينة الأميركية.
  2. نفوذ روسي متزايد: فقد نجحت روسيا بدورها في استغلال الأزمة السورية لتدعيم وجودها العسكري الدائم هناك وتدعيم نفوذها السياسي ومصالحها الاقتصادية والأمنية ، حيث أضافت إلى قاعدتها العسكرية القديمة في سوريا قاعدة جديدة رغم إعلانها في نهاية 2017 سحب معظم قواتها المقاتلة، ووسَّعت كثيرًا من نطاق نفوذها في المنطقة ككل.
  3. تدهور في العلاقات البينية وفي الأوضاع داخلية معًا: فالحرب التي يقودها “تحالف عربي” في اليمن لا تلوح لها نهاية في الأفق وتنذر بكوارث إنسانية رهيبة، والانقسامات بين دول مجلس التعاون الخليجي تزداد عمقًا وتهدد بانهياره، وليبيا لا تزال أقرب ما تكون إلى “دولة فاشلة* منها إلى دولة على وشك الدخول في مرحلة النقاهة، والإرهاب يضرب بعنف في دول عربية عدة.

خامسا: تحدي عولمة الأمن الدولي.

شهد العالم المعاصر اختلافات كبيرة بعد انتهاء الحرب الباردة ، عما كان عليه قبلها وأثنائها، فقد نتجت عن هذه الحرب ظواهر وإشكاليات أحدثت تغيرا في الأهمية النسبية لعناصر قوة الدول،  فلم تعد القوة العسكرية لها ذات الأهمية النسبية التي كانت تحظى بها من قبل بوصفها أداة لتحقيق أهداف الدول وأمنها القومي بل صارت المعرفة العلمية والتطور التكنولوجي هو العنصر الأكثر أهمية يليه في ذلك العنصر الاقتصادي، وصارت القوة العسكرية تتأثر بهذين العنصرين، بمعنى أن هناك علاقة إرتباطية بين زيادة أو انخفاض القدرة العسكرية للدولة وازدياد أو انخفاض قدرتها المعرفية والاقتصادية، وفي هذا الإطار تتشكل مجالات جديدة للتفاعلات الدولية[31].

وجاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 لتؤشر مرحلة جديدة، لعصر انهارت فيه الشرعية الدولية بكل معاييرها، وهيمنة الولايات المتحدة على منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، من خلال القرارات التي اتخذتها، وبالشروط التي وضعتها إدارة بوش الابن، إذ سمحت للولايات المتحدة بأن تشن حربا ضد الإرهاب مفتوحة النهايات، ولم يعد هناك عمل خارجي وداخلي في مفهوم الأمن القومي الأمريكي، إنما أضحى ما اصطلح عليه ب( عولمة الأمن القومي) الذي عد من أهم ملامح هذا الوضع الدولي الجديد[32].

وساعدت أحداث 11 سبتمبر 2001، الولايات المتحدة في إعادة ترتيب الأولويات العالمية مرة ثانية لتضع ما تسمية بمكافحة الإرهاب الدولي على رأس هذه الأولويات، وأسهم ذلك في إقحامها بقلب السياسة الدولية وما تتضمنه من علاقات وتوازنات دولية، فضلا عن رسم الملامح النهائية لعدو النظام العالمي الجديد، وهو على وفق الرؤية الأمريكية العرب والمسلمين.

وفي ظل التغيرات المتلاحقة التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط في أعقاب ما عُرِف بثورات الربيع العربي تجددت الدعوات للمطالبة بإعادة تقييم جذري للاتجاهات الرئيسية ، و التأكيد على ضرورة التكيف* مع بيئة إستراتيجية تغيرت بشكل درامي وفي الغالب ستظل تتغير.

في ظل هذه المتغيرات التي فرضتها آليات العولمة والمتغيرات الدولية ، على واقع النظام الإقليمي العربي برزت تحديات أمنية أبرزها:

  • التواجد العسكري الأجنبي في المنطقة العربية: جاء في دراسة لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط أعدها الكاتب دوري غولد Dore Gold ((أن الصواريخ العراقية التي ضربت إسرائيل مهدت لعهد جديد لم يكن موجودا ، وذهب غولد إلى حد الزعم أن أمن إسرائيل وأمن الخليج مرتبطان منذ إطلاق تلك الصواريخ))[33] ، ومنذ ذلك الحين تحولت المنطقة إلى بؤر للتواجد العسكري الأجنبي ، والذي نجم عن الضغوط والمواقف الأمريكية المبينة على تطلعها لأداء الدور المنوط بها على الساحة الدولية بشكل عام والمنطقة العربية بشكل خاص، بعد تفردها بالهيمنة على النظام الدولي الأمر الذي دفعها لدراسة العديد من الخيارات التي كانت مطروحة ، لذلك عملت الولايات المتحدة الأمريكية على زيادة الموقف السياسي والأمني تعقيدا من خلال زيادة تواجدها العسكري في المنطقة العربية ، إلى جانب القوات الفرنسية والبريطانية وغيرها[34].

وتتواجد الولايات المتحدة الأمريكية في عدد من الدول العربية عبر قواعد عسكرية يتمركز فيها أكثر من خمسين ألف جندي  وكذلك تفعل بريطانيا وفرنسا، اللتان تمتلكان قواعد في دول خليجية، بينما تتخذ روسيا من سوريا، مركزا لقواعدها العسكرية، وتستضيف قطر أكبر قاعدة عسكرية أمريكية خارج الولايات المتحدة، وهي قاعدة العديد، فيما يتمركز الأسطول الخامس الأمريكي في البحرين، ووفق مجلة “نيوزويك” الأمريكية، العدد الصادر في نوفمبر 2017 ، أن عدد الجنود الأمريكيين والمدنيين العاملين لصالح وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاغون) في الكويت يبلغ 16 ألفا و592، وفي الإمارات 4240، والبحرين 9335، والسعودية 850، وسلطنة عُمان 32، فيما أعلنت قطر أنها تستضيف أكثر من 10 آلاف جندي أمريكي، كما توجد في العراق قواعد ومعسكرات أجنبية ومراكز تدريبية لقوات دول، منها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا وإيطاليا وإيران والنرويج والسويد والدنمارك.

وقد دفعت الأوضاع المتأزمة التي شهدها الوطن العربي مؤخرا إلى تكثيف التواجد العسكري الأمريكي والغربي في المياه المحلية والدولية والتي تمر من خلالها الملايين من السفن.

  • تحدي الفاعلين الجدد من غير الدول:

لم تعد الدولة الممثل الوحيد في السياسات الداخلية والإقليمية والعالمية، إذ بدا يزاحمها ممثلون آخرون کالفاعلين من غير الدول* (Non state actors) الذين تعمق دورهم في المنظور التعددي في العلاقات الدولية في ظل ظاهرة العولمة، هذا الدور الذي لا يختزل التفاعلات السياسية في الدول، وإنما يراعي التأثيرات التي بات يحدثها الفاعلون من غير الدول في تلك السياسات، وفي هذا السياق يُعَرِف بریان هوكينغ Brian Hocking ومایکل سميث Michael Smith الفاعلين من غير الدول بأنهم “جماعة أو منظمة تتمتع بالاستقلال أي مقدار من الحرية عند السعي لتحقيق أهدافها والتمثيل، أي تمثيل أتباعها ومؤيديها، والنفوذ أي القدرة على إحداث فرق تجاه قضية ما في سياق معين مقارنة بتأثير فاعل آخر في القضية ذاتها”[35].

قبل الحديث عن دور هذه الفواعل كتحدي فرضته المتغيرات الدولية من أبرزها العولمة، لا بد من تأكيد بعض الحقائق المتعلقة بهذا النوع من الفواعل وهي كما يلي[36]:

  • إن التسارع المفرط في نشوء هذه الفواعل وتنامي نشاطاتها لا يقابله تسارع مماثل في تطوير الأطر النظرية التي تسمح باستيعابها، بوصفها فواعل مؤثرة في العلاقات الدولية.
  • يعد هذا النمط من الفاعلين الأقل حظا من الاهتمام الأكاديمي النظري بخاصة إذا ما قورن بالاهتمام المخصص للفاعلين من غير الدول في الجانب الاقتصادي، والأمر مرده أساسا إلى التهافت الذي حصل تجاه فرضية تراجع محورية القوة العسكرية في توجيه تفاعلات عالم ما بعد الحرب الباردة لفائدة القوة الاقتصادية.
  • إن الاهتمام بهذا النوع من الفواعل لم يبرز جليا إلا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001تحت صبغة “الجماعات الإرهابية” في شكل من التسييس والانتقائية.

لقد أدت العوامل والمتغيرات الدولية المتسارعة  إلى تنامي تأثير الفواعل من غير الدول على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي، بخاصة في ظل تراجع بعض الخصائص السيادية للدول تحت وطأة ضغوطات العولمة ، وأصبح لتأثيرها ملامح بارزة ، وقد بدت هناك بيئة ممهدة لتنامي تأثيرات الفاعلين من غير الدول، فضلا عن تغير أشكالهم، و مضامین تأثيراته.

وأضاف الحراك الشعبي الذي حدث في عدد من الدول العربية والذي أفضى لما يسمى ثورات الربيع العربي، تطورا جديدة إلى الدور المؤثر الذي لعبه الفاعلون الجدد – الإسلاميون- وغيرهم من الحركات والمنظمات* ،  بعد وصول بعضهم إلى سدة الحكم، وبالتالي بدا هؤلاء الفاعلون يكتسبون شرعية دولية وإقليمية، إضافة لما حصلوا عليه من شرعية وتأثير محليين في مجتمعاتهم التي نشئوا في ظلها، مما اضطر المجتمع الدولي إلى الاعتراف بأهميتهم، باعتبارهم شريكا مهما في عمليات إعادة بناء الدولة، والتفاوض في عمليات السلام.

  • تحدي إستراتيجية حلف الناتو في المنطقة العربية:

   بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 ،عُقِدَت قمة براغ لحلف الناتو ( 21 و 22 نوفمبر 2002 ) وشهدت تحولا نوعيًا في إستراتيجية الحلف حتى يكون قادرًا على الرد على التهديدات الجديدة التي ظهرت، وقد اتخذت العديد من القرارات الرئيسية خلال القمة أهمها على الإطلاق الانتقال من مفهوم الردع والاحتواء إلى مفهوم العمل الوقائي، باعتباره مفهومًا مركزيًا في المنظومة الفكرية الإستراتيجية للحلف[37].

وعليه فإن أخطر ما جاء في الإستراتيجية الجديدة لحلف الناتو* هو التعامل مع المخاطر في منابعها قبل أن تصل إلى عتبات الدول الغربية ، وهو ما بدا واضحا في تدخله الاستباقي في عديد من المناطق العربية بدءا بالعراق وصولا إلى ليبيا في 2011.

إن ولوج منظمة عسكرية بحجم ووزن الناتو إلي المنطقة العربية يعد تطورا مهما بالنسبة للأمن القومي العربي علي أكثر من صعيد ، إن منح الحلف لنفسه حق القيام ب-“المهام الأمنية” في مناطق مختلفة من العالم، وهو مصطلح فضفاض قدم بموجبه دعما للولايات المتحدة في غزوها للعراق، ثم التدخل في ليبيا، يعني فقدان الجامعة العربية -وهي الكيان المؤسسي الذي يجسد هوية الأمن القومي العربي- زمام المبادرة بشأن الأزمات العربية لصالح منظمة حلف شمال الأطلسي، كما أن ذلك يشير إلي إمكانية تدخل حلف الناتو في أزمات أخري، إذ ورد في المفهوم الاستراتيجي الجديد للحلف الصادر في عام 2010 أن “قضايا ندرة المياه والتغير المناخي وازدياد حجم الطلب على موارد الطاقة تشكل محاور أخرى للبيئة الأمنية التي سوف يضعها الحلف في بؤرة اهتمامه، خلال المرحلة القادمة، لتأثيرها في خطط الحلف وعملياته”[38].

فالتمدد الأطلسي نحو المنطقة العربية عمومًا، والخليجية خصوصًا، إنما ينطلق من أجندة إستراتيجية عالمية للحلف تتعدى حدود هذه المنطقة ولكن انطلاقًا منها لتشمل العالم الإسلامي، كله من أندونيسيا إلى المغرب، والتي تطلق عليها الإدارة الأمريكية اسم ((الشرق الأوسط الكبير))  علمًا بأن دول الخليج هي الأخرى تسعى إلى إيجاد علاقات أمنية مع الناتو.

وقد تلاقى هذا التوظيف الاستراتيجي مع ما طرحه وأشار إليه رئيس الوزراء البريطاني السابق ، طوني بلير Tony Blair إلى ذلك بالقول ((لقد أصبح هناك مفهوم أمني جديد أسماه العولمة الأمنية، وهي تعني أن حلف الناتو سيكون له مهام أمنية في أماكن متفرقة في العالم، والتي تحتاج إلى تدخل الحلف الحاسم لفض النزاعات[39].

وقد تزامن هذا الدور الجديد للحلف مع ضعف دور الجامعة العربية في القيام بدور سياسي وعسكري فاعل يحفظ أمن أعضائها من أية تهديدات ويقدم حلولا للقضايا العربية والإقليمية الهامة في ظل الانقسام العربي الواضح ، إلا أن الجامعة بقيت عاجزة عن ترجمة هذه الإجراءات إلى واقع ملموس، ولعل ضعف هذا الموقف ظهر جليا، في حرب العراق 2003، وفي الحرب على اليمن ، وفي الأزمة الليبية 2011, والأزمة السورية الحالية[40].

ويمكن حصر التأثيرات الناتجة عن العولمة وتطورات النظام الدولي على الوطن العربي في:

  • استمرار الانكشاف الأمني العربي:[41] أسهمت طبيعة التفاعلات بين القوى الكبرى وعلاقات الصراع والتنافس بينها، وتفاعلها مع سياسات ومصالح دول إقليمية وعربية، في استمرار حالة الانكشاف الأمني في بعض الدول واتساع نطاقها في دول أخرى، ويؤكد هذا ازدياد عدد البلدان العربية التي تعرضت لعمليات إرهابية، وإن تفاوتت حدتها ونوعيتها من دولة لأخرى، وكذلك استمرار الحروب الأهلية والصراعات في كل من والصومال والسودان وسورية وليبيا واليمن.
  • المزيد من التدويل للأزمات العربية: ازداد الاتجاه نحو تدويل الأزمات العربية بدرجة ملحوظة، وذلك في محاولة لبناء نوع من التوافق الدولي حول أساليب التعامل مع هذه الأزمات وإدارتها، وقد شجع هذا الاتجاه ضعف مؤسسات جامعة الدول العربية وعدم تصديها لهذه الأزمات بل وحتى تواطؤها في حالات كثيرة وأعطت الشرعية للتدخل الدولي في ليبيا، وصدور قرار مجلس الأمن الدولي 1973 بفرض منطقة حظر جوي واستلام حلف الناتو قيادة العمليات في مارس 2011 ، وقد قام بإصدار عدة بيانات وقرارات في بداية الأزمة اليمنية منذ عام 2011، وتوالت تلك التوصيات والقرارات ، وقد عملت دول التحالف بقيادة السعودية بالضغط على أعضاء مجلس الأمن بشأن الموافقة على مشروع القرار التي هي من تقدمت به، وفعلاً تم إصدار القرار الأممي تحت البند السابع رقم 2216، الذي يقضي بحضر توريد الأسلحة للحوثيين[42].

وكذا استمرار صراع القرارات والتجاذبات في مجلس الأمن حول الأزمة السورية آخرها استخدام روسيا وللمرة التاسعة في 25 أكتوبر2017 حق النقض الفيتو ضد مشروع قرار أمريكي المتضمن تمديد مهمة لجنة التحقيق حول استخدام الكيميائي في خان شيخون لمدة عام آخر[43].

ناهيك عن تدويل القضايا الداخلية المحلية ، مثل ما حصل من تدويل للنظام القضائي اللبناني عبر لجنة التحقيق الدولية* وتدويل الوضع السياسي الداخلي عبر القرارات المتعددة من مجلس الأمن، أهمها القرار 1757 ، والتي لا تزال تداعياتها إلى الآن في الوضع اللبناني العام .

  • عدم قدرة النظام الإقليمي العربي عن مأسسة تحالفات قوية: رغم الجهود المبذولة على الساحتين الأمريكية والأوروبية لإقامة تحالفات مع الجانب العربي ، فإن الحصيلة تبدو محدودة بحيث لا يمكن القول إن العلاقات تسير على خطى التحالف، فما تم مع الجانب الأمريكي يدخل في نطاق الوعود التي تفتقد إلى توافق استراتيجي مبني على أسس واضحة[44]، وفي ما يتعلق بالجانب الأوروبي، فهناك اختلاف الأولويات بين الطرفين، وبالنسبة إلى التفاعلات العربية مع روسيا، فرغم توافر الأسس التي يمكن بناء علاقات تحالف عليها فإن ذلك لم يتحقق، لتردد الجانب العربي وحسابات تحالفاته السابقة، إضافة إلى عدم توافر القدر الكافي من الثقة لدى الجانب الروسي بجدية البلدان العربية، وأيضا لتحالفاته الإقليمية القائمة مع إيران، باستثناء التحالف الإقليمي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية في ((مؤتمر جدة لمكافحة الإرهاب)) 11 سبتمبر 2014، والذي لم يُعَمِر طويلا ولم يكتب له النجاح ، نتيجة للتباينات وعدم وضوح الأهداف والغايات.

أما بالنسبة للتحالفات البينية ، فلم تدفع السنوات منذ 2011 إلى تغيير أنماط علاقات الأقطار العربية البينية نحو توجه تعاوني أكثر اندماجا في مواجهة الاضطرابات والمخاطر، ولم يتأسس تحالف سياسي أو عسکري مركزي يسعى إلى وقف التدهور واستعادة الدول المنهارة، على الرغم من كثافة الاجتماعات واللقاءات الرسمية، كما شهد الوطن العربي خلاف حول مقترح إنشاء القوة العربية المشتركة الذي طرحته مصر، والذي وافقت على تشكيلها القمة العربية الثامنة والعشرون التي عُقِدت في شرم الشيخ في 29 مارس 2015، تضطلع بمهام التدخل السريع، وما تُكلَف به من مهام أخرى لمواجهة التحديات التي تهدد أمن وسلامة أي من الدول الأعضاء وسيادتها الوطنية.

ورغم أن القمة تبنت المبادرة بالإجماع، وقامت لجنة من الخبراء العسكريين بصياغة بنود المبادرة، فجأة تجمدت المبادرة، وتم استبدالها بتحالف إسلامي، أعلنت معظم دول العالم الإسلامي المشاركة فيه بالاسم فقط، لكن دون جدوى عملية على الأرض، وهو ما يؤثر بالسلب على الأمن القومي العربي[45].

خلاصة واستنتاجات:

إذا كانت الظروف المحيطة بمفهوم العولمة عموما والسياسية خاصة ، دفعت جميع الدول بما فيها الناشئة وحتى الدول المتقدمة إلى الاندفاع من أجل الانضمام بمفهوم العالمية حتى تتحاشى النهاية القاتلة المتمثلة في العزلة السياسية والاقتصادية، إذ تعد العولمة تحديا لجميع الدول بصورة عامة.

كان وقع صدمة العولمة عنيفا على أغلب الدول النامية وخصوصا مجتمعات دول النظام الإقليمي العربي لأنها لم تكن مهيئة لتلقي آثار العولمة الثقيلة، فجاءت العولمة وهذه المجتمعات تعيش ظروف التفكك القومي، والضعف الإعلامي، والتراجع الثقافي، والإنكماش العلمي والفكري.

بالتالي لم يكن العالم العربي استثناءا من هذه القاعدة، بل إن تحديات العولمة على الدول العربية كانت بالغة الجسامة وعلى مختلف الجوانب والأصعدة السياسية والإنسانية بالخصوص ، وقد واجهت دول النظام الإقليمي العربي كمصالح اقتصادية وسياسية واجتماعية، جملة من التحديات الناجمة عن ظاهرة العولمة التي تبلورت نتيجة التفاعل بين ما هو داخلي وخارجي.

المراجع والهوامش

[1]  السيد أحمد عمر ، إعلام العولمة وتأثيره في المستهلك ، مجلة المستقبل العربي ، السنة الثالثة والعشرون ، العدد256 ،      ماي2000، ص73.

[2]  محمد عمر البشير أبو عجيلة العجيلي ، العلاقة بين سيادة الدولة الحديثة وظاهرة العولمة ، مرجع سبق ذكره ، ص132.

[3] Schulte Jan An art, Global capitalism and the state, International Affairs, vol 73, N°3, January,

pp46-47. 1997.

[4] حسنين توفيق إبراهيم، العولمة الأبعاد والانعكاسات السياسية”،مجلة عالم الفكر،العدد 27، الكويت، 1997، ص 190.

[5] عبد العزيز المنصور ، العولمة …. والخيارات العربية المستقبلية ، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية  ، المجلد 22، العدد 02 ، دمشق ، 2009، ص570.

 [6] ديانا راشد حاج حمد ،أثر العولمة الثقافية على مواطني الضفة الغربية، مرجع سبق ذكره، ص26.

[7]  علاء بسام مهنا ، أثر العولمة في التوازن الدولي ، رسالة دكتوراه ، قسم العلاقات الدولية  ، كلية العلوم السياسية ،جامعة

دمشق ،2014/2015، دمشق ، ص23.

[8]عبد العزيز ركح ، ما بعد الدولة  ــ الأمــــة  ، مرجع سبق ذكره ، ص121.

[9] نفس المرجع السابق ، ص120.

[10]عبد الخالق عبد الله ، العولمة :جذورها وفروعها وكيفية التعامل معها ، مجلة عالم الفكر ، العدد2،الكويت، نوفمبر 1999 ،ص85.

[11]رياض بوريش ، السياسة العامة العالمية ومفهوم الحكم العالمي ، الحوار المتوسطي ، عدد13و 14 ، ديسمبر 2016 ، ص365.

[12] نفس المرجع السابق ، ص370.

[13] محمد أحمد السامرائي” العولمة السياسية ومخاطرها على الوطن العربي”، الفكر السياسي، العدد الرابع عشر،اتحاد الكتاب العرب ، دمشق ،  ص110

 [14] أشرف غالب أبو صالحة ، تأثير العولمة السياسية على الوطن العربي (1991/2011) ، مذكرة ماجستير ، قسم العلوم

السياسية ، جامعة الشرق الاوسط ، 2011/2012 ، الأردن ، ص75.

[15]  نفس المرجع السابق ، ص82..

*الشعبوية” تيار سياسي يقوم على “تقديس” الطبقات الشعبية في بلد ما ويتبنى خطابا سياسيا قائما على معاداة مؤسسات نظامه السياسي ونخبه المجتمعية. تكاثرت أحزابه وحركاته في البلدان الغربية خاصة، مما أجج مخاوف من آثار ذلك على استقرار النظم الحاكمة فيها، تعود نشأة “الشعبوية” إلى الفترة الواقعة بين ثلاثينيات وسبعينيات القرن التاسع عشر، حين بدأت نزعتها في كل من روسيا القيصرية والولايات المتحدة.. ومن الأمثلة على ذلك حزب الاستقلال البريطاني، وحزب الجبهة الوطنية الفرنسي، وحزب البديل الألماني، وحزب بوديموس الإسباني، وحزب الحرية النمساوي…

 [16] نفس المرجع السابق ،ص121.

[17] Chantal Mouffe,The populist challenge, on the site Date of view:22/04/2019 https://www.opendemocracy.net/en/democraciaabierta/populist-challenge/

[18]  زين الدين محمد، الديمقراطية المعولمة… العولمة الديمقراطية أم دمقرطة العولمة؟ في العولمة و أزمة الليبرالية الجديدة،

، محمد عابد الجابري و آخرون، الشبكة العربية للأبحاث و النشر، بيروت، 2009، ص240.

[19] حسن بن كادي ، تأثيرات عولمة ما بعد الحداثة  في حقل التنمية السياسية، دفاتر السياسة والقانون، العدد13 ، جوان 2015 ، ص80.

[20] عبد الخالق عبد الله ، عولمة السياسية والعولمة السياسية ، المستقبل العربي ، العدد278، أفريل 2002، ص25.

[21] حسنين توفيق إبراهيم، العولمةالأبعاد والانعكاسات السياسية رؤية أولية من منظور علم السياسة، مجلة عالم الفكر، العدد 2،  فبراير 1999 ، ص216.

[22] برهان غليون ، العولمة وأثرها على المجتمعات العربية ، ورقة مقدمة لاجتماع خبراء اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا حول تأثير العولمة على الوضع الاجتماعي في المنطقة العربية ، بيروت ، 19ــــــــ21 ديسمبر 2005 ، ص3.

[23] نفس المرجع السابق ، ص5.

[24] حيدر عبد الله محسن السوداني ، العولمة وتأثيرها السلبي على النظام الاقليمي العربي ، المجلة السياسية والدولية ،الجامعة

المستنصرية ، بغداد، العدد22، 2012 ، ص305.

* يعد هنري كيسنجر الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 1973 من أهم الشخصيات التي ساهمت في صياغة السياسة الخارجية الأميركية، وقد حقق أثناء عمله في البيت الأبيض مستشاراً للأمن القومي ووزيرا للخارجية إنجازات مهمة ما زالت آثارها ممتدة حتى اليوم، مثل الانسحاب من فيتنام، وفصل القوات على الجبهة العربية الإسرائيلية عام 1974، وزيارة الرئيس الأميركي نيكسون إلى الصين، ومعاهدة الحد من التسلح SALT التي عقدت مع الاتحاد السوفييتي ناهيك عن دوره في جهود التسوية في الشرق الأوسط.

[25] سعد شاكر شبلي ، ظاهرة العولمة و أثرها في بيئة الأمن القومي العربي، مرجع سبق ذكره ، ص181.

[26] نفس المرجع السابق ، ص186.

[27] أحمد حلواني ، ومجموعة من الباحثين ، حال الأمـــة العربية 2015 ــ2016 : العرب وعام جديد من المخاطر ، مركز دراسات

الوحدة العربية ، بيروت ، أفريل 2016، ص53,

[28] نفس المرجع السابق ، ص54.

[29] محمد بوبوش ، قضايا العرب والشرق الأوسط في ظل السياسة الخارجية الأمريكية، مجلة المستقبل العربي ،العدد462 ، أوت 2017 ، ص14.

[30]  حسن نافعة ، التحولات السياسية في المشرق العربي في 2018 ، مركز الجزيرة للدراسات ، على الموقع :

http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2018/02/2018-180208125029715.html    تاريخ الاطلاع : 26/08/2019

*  إن مصطلح الدولة الفاشلة، يعني بوضوح عدم قدرة دولة ما على الوفاء بمتطلبات الحد الأدنى من مفهوم الدولة، والذي يعني

مجموعة نظم سياسية واجتماعية واقتصادية وإدارية وأمنية ، وهي كلها مقومات ومظاهر الفشل في ليبيا.

[31]سعد شاكر شبلي ، ظاهرة العولمة و أثرها في بيئة الأمن القومي العربي، مرجع سبق ذكره ، ص196.

 [32]فراس محمد أحمد الجحيشي ، التوازنات الإستراتيجية الجديدة في ضوء بيئة أمنية متغيرة ، الاكاديميون للنشر والتوزيع ، عمان ، 2015 ، ص66.

* في جويلية 2012 صدر تقرير “التكيف الإستراتيجي: بإتجاه إستراتيجية أمريكية جديدة في الشرق الأوسط” من مركز الأمن

الأمريكي الجديد وهو مرکز تأسس عام 2007وهو من المراكز البحثية القريبة الإدارة أوباما وقد إعتبرته “الواشنطن بوست” خزان

الأفكار للبنتاغون في عهد أوباما ووصفته صحيفة “لوس انجلس تایمز” بملاذ صقور الديمقراطيين والليبيراليين.

[33] محمد مراد ، السياسة الأمريكية تجاه الوطن العربي بين الثابت الاستراتيجي والمتحول الضرفي ، دار المنهل اللبناني ، بيروت  ، ط1، 2009، ص172.

 [34]سعد شاكر شبلي ، مرجع سبق ذكره ، ص188.

*من حيث طبيعة العلاقة بالدولة، هناك الفاعلون من غير الدول “التقليديون”، مثل المنظمات غير الحكومية، والمنظمات الدولية الحكومية، والشركات متعددة الجنسيات، والفاعلين من غير الدول “الجدد”، والفارق بين هذين الجيلين من الفاعلين هو في طبيعة العلاقة مع الدولة، وطبيعة الدور الذي تلعبه في العلاقات الدولية، واختلاف طبيعتهم التنظيمية عن الدولة، وقدرتهم على التكيُف تنظيمياً وسياسياً مع التغيرات التي تطرأ في الدولة التي ينتمون إليها، وفي الإقليم الذي يعملون فيه.

[35] شهرزاد أدمام ، الفواعل العنيفة من غير الدول : دراسة في الأطر المفاهيمية والنظرية ، مجلة سياسات عربية ، المركز العربي    للأبحاث ودراسة السياسات، قطر ، العدد:8 ، أفريل 2014 ،ص70.

 [36] نفس المرجع ، ص74.

* مثل حزب الحشد الشعبي في العراق ، وحزب الله اللبناني ، والإخوان المسلمون في مصر ، وحركة الحوثيون في اليمن ، وغيرها من الحركات التي أصبح لها وزن سياسي وميداني كنوع خاص من أنواع الفاعلين من غير الدول .

[37]محمد حسون ، إستراتيجية حلف الناتو الشرق أوسطية بعد انتهاء الحرب الباردة ، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية ، المجلد 24، العدد الأول ، 2008، ص503.

* تأسس الحلف الأطلسي في إطار المادة “51” من ميثاق الأمم المتحدة، التي تبيح للدولة الحق في الدفاع عن نفسها، منفردة أو بالتعاون مع دول أخرى. وذلك نتيجة لعجز الأمم المتحدة عن إرساء قواعد بناء لنظام أمن جماعي دولي، وذلك على ضوء الانقسام الإيديولوجي بين القوى الكبرى بعد الحرب العالمية الثانية، وبروز المعسكرين الغربي والشرقي، (أُنظر ملحق نص المادة الرقم (51) من ميثاق الأمم المتحدة والتي أنشئ حلف شمال الأطلسي في إطارها).

[38] سيد العزازي وحسين خلف موسى ، حلف الناتو ومدي تأثيره علي على المنطقة العربية في ظل الصراعات العربية الداخلية ، المركز الديمقراطي العربي ، على الرابط: تاريخ الاطلاع: 26/08/2019    https://democraticac.de/?p=19433

[39] محسن حساني ظاهر العبودي ، توسيع حلف الناتو بعد الحرب الباردة (دراسة في المدركات والخيارات الاستراتيجية الروسية) ، دار الجنان للنشر والتوزيع ، عمان ، 2013 ، ص214.

[40] خير سالم ذيابات ، دور حلف الناتو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 1990 ــ2013 ، دراسات العلوم الانسانية والاجتماعية  ،

المجلد 43 ، العدد1، 2016، ص40.

[41] أحمد حلواني ،ومجموعة من الباحثين ،حال الأمـــة العربية 2015 ــ2016 : العرب وعام جديد من المخاطر، مرجع سبق ذكره ،ص49.

[42] أحمد محمد عبد الله ناصر الحسني ، قرارات مجلس الأمن ودورها في حل الأزمة اليمنية ، العلوم السياسية والقانون،العدد الثاني ، مارس ، 2017، ص265.

[43]ضمير عبد الرزاق محمود ،التوافقية في مجلس الأمن الأزمة السورية أنموذجاً، جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية،العدد14، ص28.

*طلبت الحكومة اللبنانية في الثالث عشر من ديسمبر 2005 من الأمم المتحدة إنشاء محكمة خاصة ذات طابع دولي، من أجل محاكمة المسؤولين عن اعتداء 14 فيفيري 2005 في بيروت الذي أودى بحياة رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري.

[44] أحمد حلواني ،ومجموعة من الباحثين ، نفس المرجع السابق ، ص51.

[45] أمنيـــة سالم ، قمة البحر الميت: الدلالات والمآلات ، مجلة عين على الخليج ، العدد الأول ، أوت 2017 ، ص69.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى