تحليل السياسة الخارجيةدراسات سياسيةدراسات شرق أوسطية

العلاقات الأمريكية – السعودية في ظل إدارة بايدن: معضلة تحقيق التوازن بين المبادئ والمصالح

US-Saudi relations under the Biden administration: the dilemma of achieving a balance between principles and interests

اعداد : مايسة مرزوق – ماجستير علوم سياسية علاقات دولية – كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة – المركز الديمقراطي العربي

ملخص:

انتهجت الادارة الامريكية الجديدة سياسة مغايرة لإدارة ترامب تجاه السعودية, مع الاخذ بالاعتبار غلبة رؤية الاتجاه التقدمي في الحزب الديمقراطي والأخذ بتوجهاته والذي يدعو إلى  تعزيز قيم الديمقراطية وحقوق الانسان , تخفيض الوجود العسكري في المنطقة، وإلى العودة للإتفاق النووي مع إيران وإلى إعادة ضبط العلاقات الأمريكية مع دول الخليج بما يخدم مصالحها وقيمها.

من ناحية اخري ,تم رفع اسم جماعة الحوثيين من قائمة الجماعات الراعية للإرهاب وتعليق صفقات أسلحة لكلا من السعودية والامارات تستخدم في الحرب في اليمن و الدعوة لتفعيل المساءلة عن انتهاكات حقوق الانسان في المملكة مقابل الاستمرار في علاقات الاعمال…الامر الذي اظهر توترا في العلاقات الامريكية السعودية وتخليا عن دعم الولايات المتحدة للتحالف الذى تقوده السعودية في اليمن ضد المتمردين الحوثيين .

تتناول الدراسة أولا : محددات السياسة الخارجية لإدارة بايدن تجاه دول الخليج

ثانيا :تأثير التغيرات الإقليمية والدولية علي السياسة الخارجية الأمريكية تجاه دول وقضايا المنطقة

ثالثا : أهم الملفات والقضايا الشائكة في ظل إدارة بايدن وتأثيرها علي العلاقات الأمريكية السعودية وأبرزها :البرنامج النووى الإيرانى ,الأزمة اليمنية ,ملف حقوق الإنسان , تزايد الفراغ القيادي ومسألة قيادة النظام العربي

رابعا:  سيناريوهات إدارة بايدن تجاه المملكة تتجه نحو التصعيد أم تهدئة الداخل الأمريكى

وتختتم الدراسة بالتوصيات لتعزيز دور المملكة في المنطقة وحماية مصالحها الإستراتيجية  وأمنها القومى في مواجهة التحديات والتغيرات الإقليمية والدولية .

 مقدمة :

تكتسب العلاقات الأمريكية – السعودية خصوصية تميزها عن غيرها من العلاقات الدولية، فالمملكة العربية السعودية تتمتع بالثقل في أولويات السياسة الأمريكية كإحدى الدول المحورية في ميزان القوى بالشرق الأوسط ومنطقة الخليج العربي ولما تمتلكه من مقومات أهمها: موقعها الجيواستراتيجي المتميز، ومكانتها الإقليمية إسلامياً وعربياً وخليجياً، وقدراتها الاقتصادية والنفطية، والعلاقات بين البلدين لها تاريخ طويل فهي علاقات تعاون ذات طابع اقتصادي وإستراتيجي وسياسي وعسكري، دائماً ما وصفت بالعلاقات الإستراتيجية للتأكيد على عمقها.

وقد شهدت العلاقات الأمريكية – السعودية على امتداد العقود الستة الماضية حالات تقارب وتباعد وفق رؤية الطرفين لمصالحهما القومية، واعتماداً على الظروف السائدة في البيئتين الإقليمية والدولية. إن تجسيد العلاقات الأمريكية – السعودية في صيغة معادلة النفط مقابل الأمن هي صورة فائقة التبسيط لتفسير حيثيات العلاقة بين واشنطن والرياض والتي بنيت طوال العقود السبعة، فالنفط وحده لا يمكن أن يفسر السبب الذي أدى إلى صياغة هذه الشراكة، فكثير من البلدان المصدرة للنفط لا تتمتع بعلاقات متميزة كالتي تتميز بها العلاقات الأمريكية -السعودية. وبخلاف الاعتقاد الشائع، لم تكن العلاقات بين الرياض و واشنطن في حاله وئام أو وفاق دائم، بل شهدت حالات من التوتر الشديد في منعطفات سياسية، كان أبرزها الحظر النفطي العربي عام 1973م، وهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، وعلى الرغم من الهزات التي تعرض لها التحالف السعودي – الامريكي، فإنه ظل متماسكا إلا أنه مع بداية عام 2011، ظهرت الخلافات الأمريكية – السعودية على السطح مجدداً نتيجة اختلاف قراءة الطرفين للأحداث والتغيرات الإقليمية المتلاحقة ومن أبرز هذه القضايا الإقليمية موجات الحراك الاحتجاجي الشعبي والتي عرفت بـ “ثورات الربيع العربي” منذ نهاية عام 2010، وبداية عام 2011والتي ولدت مجموعة من التحديات كان على دول المنطقة مواجهتها وإيجاد مقاربات على مستوي سياستها الخارجية من أجل التعامل معها، وكانت المملكة العربية السعودية في مقدمتها بحكم أن تداعياتها أصبحت تنعكس على أمنها القومي والاستقرار الإقليمي. من ناحية أخرى، أثرت هذه التحولات الجيوسياسية على العلاقات الأمريكية – السعودية وتعاملهما مع التغيرات الإقليمية في كل من (البحرين واليمن ومصر وسوريا)، ففي بعض الملفات تقاطعت المصالح وفي بعض الملفات الأخرى حدث تصادم، كما كان للتقارب الأمريكي مع إيران في عهد الرئيس  أوباما والتي تم في إطاره التوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي ورفع العقوبات الاقتصادية عنها، وتوقيع اتفاق جنيف المرحلي بشأن الملف النووي الإيراني في يوليو 2015 تأثيراً على تزايد حدة التوتر في العلاقات الأمريكية السعودية وإثارة المخاوف بشان الحماية الأمنية للخليج في مواجهة ايران . لقد تبنت الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس أوباما سياسة الانكفاء الأمريكي عن الشرق الأوسط و العمل علي الحد من التدخل الأمريكي وتراجع الاهتمام والتوجه نحو آسيا pivot to Asia سواء للمشاركة في ثمار النمو لهذه القارة الواعدة اقتصادياً، أو لمواجهة تصاعد النفوذ الاستراتيجي الصيني بها، والذي يهدد الوجود الأمريكي في القارة الأسيوية. [1]

مما لايدعو مجال للشك ,ثمة شواهد تؤكد الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الخليج العربي للولايات المتحدة الأمريكية، منها على سبيل المثال لا الحصر التقرير الموسع الذي أعده مجموعة من الخبراء في السياسة الخارجية بمؤسسة بروكينجز للبحوث وتم تقديمه للرئيس باراك أوباما في يناير عام 2013 وكانت خلاصته ((أن أي تغييرات دراماتيكية في منطقة الخليج العربي من شأنها أن تمثل ضررًا للمصالح الاستراتيجية الأمريكية في تلك المنطقة)).

 مع وصول الرئيس ترامب للحكم في الولايات المتحدة الامريكية عام 2016

شعرت دول الخليج بارتياح فقد كانت المملكة العربية السعودية  أولي محطاته الخارجية ,كما  كان هناك توافقا بين واشنطن والرياض حول عدد من الملفات أهمها الملف النووي الايراني خاصة مع إعلان إدارة ترامب الانسحاب من الاتفاق عام 2018 واستمرار العقوبات الاقتصادية علي إيران وانتهاج سياسة الضغط الاقصي . علي صعيد الملف اليمني , قدمت الولايات المتحدة صفقات أسلحة للمملكة والدعم المعلوماتي واللوجستي وأكدت علي حماية استقرار المملكة والوقوف ضد اي عدوان علي اراضيها.

أيضا ,في ديسمبر عام 2017 أعلن الرئيس السابق دونالد ترامب استراتيجية الأمن القومي الأمريكي وكان نصيب الشرق الأوسط والخليج العربي منها ما يلي (مكافحة الإرهاب، مواجهة التهديدات الإيرانية، عملية السلام، الأزمة السورية، تعزيز الشراكات وتقاسم الأعباء) الإ ان إدارة ترامب أبقت على التوجه الأمريكى العام بالانسحاب من منطقة الشرق الأوسط  وفعلا قامت بسحب جزء من القوات الأمريكية من سوريا والعراق.[2]

مع فوز المرشح الديمقراطي بايدن، في انتخابات الرئاسة الأميركية، لعام 2020 ليكون الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية في العشرين من يناير الجاري2021،أعاد المخاوف لدول الخليج بسبب الإعتقاد السائد بأن الرئيس بايدن سيتبنى نفس سياسات الرئيس أوباما، فلقد كان نائبًا له لمدة ثماني سنوات وأسهم معه في صياغة سياساته الخارجية.  من ناحية أخرى , أعلن الرئيس الديمقراطي،جو بايدن عقب فوزه إنهاء أربع سنوات من السياسة الانعزالية للولايات المتحدة_على حد تعبيره_ خلال إدارة ترامب تحت شعار “استعادة القيادة الأمريكية”، إذ يرى أن استراتيجية “أمريكا أولاً” التي حكمت السياسة الخارجية للإدارة الجمهورية الحالية جعلت “أمريكا وحدها”[3]، لا سيما بعد رفض ترامب للتعددية الدولية وإضعافهِ للتحالفات والشراكات الأمريكية، وتقويضه معايير حقوق الإنسان، وشنِّه حرباً على مؤسسة السياسة الخارجية داخل حكومته، ومهاجمة إجماع الحزبين السابق على أن الولايات المتحدة لديها واجب فريد لقيادة نظام دولي قائم على تعزيز الحرية وحقوق الإنسان وحكم القانون[4].

وفي هذا السياق، أشار ‏أنتوني بلينكين، وزير الخارجية الأمريكى، إلى أن فوز المرشح الديمقراطي وهزيمة ترامب ترسل رسالة قوية إلى العالم مفادها أن السنوات الأربعة لحكم الأخير كانت انحرافاً في السياسة الخارجية الأمريكية، وأنها لا تمثل الولايات المتحدة وما تطمح إليه.

وتسعى الدراسة الى رصد وتحليل السياسة الخارجية الأمريكية  في عهد  الرئيس الأمريكى الجديد جوبايدن تجاه منطقة الخليج العربي والأمن الإقليمي.. وماهي التغيرات التي ستطرأ علي السياسات الأمريكية  وما سيترتب علي ذلك من تغير للمشهد السياسي وخريطة التحالفات في المنطقة.

فعلى الرغم من  إعلان إدارة بايدن منذ توليها التزامها بحماية دول الخليج العربي والمملكة العربية السعودية تحديدا , لكن المعالجات اختلفت,. فقد تعهد الرئيس بايدن بإحداث تغييرات في مقاربات السياسة الخارجية لإدارة دونالد ترامب تجاه عدة قضايا تتعلق بالمنطقة  و موازنة أولويات الولايات المتحدة وإلى إعادة ضبط علاقاتها مع دول الخليج بما يخدم مصالحها وقيمها.

 الملامح الاولي لتوجهات السياسة  الخارجية لإدارة الرئيس بايدن أبرزت:

رفع شعارات التأكيد علي  تعزيز قيم الديمقراطية وحقوق الانسان ,عدم الرغبة في التورط العسكري أكثر في المنطقة بل والعمل علي تخفيض الوجود العسكري, اعتماد أسلوب الدبلوماسية والقوة الناعمة لحل المشاكل والصراعات في المنطقة  لإرساء أسس لمنطقة أكثر أمانا واستقرارا , والعمل علي إعادة العمل بالاتفاق النووي مع ايران .

أما فيما يتعلق بشكل مباشر بدول الخليج فإن البرنامج الرئاسى للرئيس بايدن حدد مبدأين للتعامل معها:

اولا: أن هذه العلاقات يجب “إعادة ضبطها لتنسجم مع مصالح الولايات المتحدة وقيمها”؛ وهذا يعني مساعدة دول الخليج العربية على مواجهة “التحديات الأمنية المشروعة” ومبادراتها “لتحديث نظمها السياسية والأقتصادية” و”التعاون معها في إعادة ربط العراق بجيرانه وحماية استقراره وأمنه”.

والثاني: أن الولايات المتحدة ليس لها مصلحة لها في دعم “الصراعات الداخلية بين هذه الدول” و”حروب الوكالة الكارثية” التي تخوضها .[5]

إدارة بايدن بين اعلاء القيم والمصالح

أن السياسة الخارجية الأمريكية دائمًا ما تبنى على مفهومي المصلحة والقيم، صحيح أن إعلاء أحدهما دون الآخر يرتبط بشكل وثيق بتوجهات الرئيس الجديد إلا أنه دائمًا ما تسعى الإدارة الأمريكية لتحقيق التوازن بين الأمرين ولا ينسحب ذلك بالضرورة على كافة القضايا أو المناطق، وثالثها: أن السياسة الخارجية ترتبط على نحو وثيق بالداخل الأمريكي، بمعنى آخر أنه إذا كانت هناك أولويات داخلية فإنها تطغى على الاهتمام الخارجي وخاصة إذا ما ارتبط الأمر بمسألة التدخلات العسكرية وما تثيره من نفقات وعدم الرغبة في تحمل الاعباء كما أن الشعب الامريكى مازال مزاجه انعزاليا، ولا يريد دفع أى ثمن لقيادة أمريكا للعالم، ويفضل أن يستثمر هذا الثمن (مالا أو جهدا) فى الداخل. وعليه, تواجه الإدارة الجديدة بقيادة بايدن تحديات في ظل تأكيدها علي تعزيز قيم حقوق الانسان والديمقراطية في مختلف دول العالم  و تأثير ذلك عل علاقاتها مع حلفاءها ومصالح أمنها القومى.

 أولا:محددات السياسة الخارجية لإدارة بايدن تجاه دول الخليج:

‏-تراجُع أهمية منطقة الشرق الأوسط للولايات المتحدة الأمريكية؛ ويرجع ذلك لجملة من الأسباب يأتي في مقدمتها انخفاض أهمية نفط المنطقة لواشنطن , فقد أصبحت واشنطن أقل اعتماداً على واردات النفط من الشرق الأوسط مما كانت عليه في الماضي، ووعْد المرشح الديمقراطي بإصلاح نظام الطاقة الأمريكي،، وتراجع مركزية الشرق الأوسط في منظومة الأمن القومي الأمريكي، في ضوء إعادة ترتيب ادارة  الديمقراطيين لأولويات ومصالح الولايات المتحدة عالمياً، بتقليل الانخراط الأمريكي في المنطقة في مقابل إعادة التركيز على التحدي الذي تمثله كلٌّ من روسيا والصين باعتبارهما خصمين استراتيجيين للولايات المتحدة، ولكونهما قوتين متنافستين في النظام الدولي الذي أسسته الولايات المتحدة في أعقاب نهاية الحرب العالمية الثانية، وسعيهما لإحداث تحوُّل في الوضع الدولي الراهن لخدمة مصالحهما وأهدافهما الاستراتيجية، إلى  جانب تحالفهما لتحدي للهيمنة الأمريكية على النظام الدولي القائم.

التصدِّي لانتشار أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، باعتبارها تمثل تهديداً للأمن والمصالح الأمريكية في المنطقة، ولجهود الولايات المتحدة للتصدي لانتشار أسلحة الدمار الشامل عالمياً. وتوكد ادارة بايدن على إعطاء الأولوية للعمل الدبلوماسي للتوصل إلى اتفاقيات تحدُّ من قدرات الدول على امتلاك أسلحة دمار شامل، ورفض النهج العسكري والقوة الخشنة في التعامل مع تهديدات الانتشار النووي في منطقة الشرق الأوسط.

-إعطاء الأولوية لمجابهة التنظيمات الإرهابية والمتطرفة في الشرق الأوسط، وأهمية التعامل مع الأسباب الداخلية بالدول العربية التي تغذي الإرهاب بالمنطقة، ولكن في الوقت ذاته تقليل الوجود العسكري الكبير في المنطقة. وفي المقابل، العمل على تعزيز الشركات والتحالفات الأمريكية الشرق أوسطية، إذ يؤمن الديمقراطيون بأن التحالفات الأمريكية هي حجر الزاوية الذي لا بديل عنه للأمن القومي الأمريكي، وأنها تقدّم ميزة استراتيجية للولايات المتحدة. ولهذا يشددا لديمقراطيين على أهمية تقوية التحالفات لتعزيز الأولويات المتبادلة والتعامل مع التحديات الجديدة بالمنطقة، وكذلك اتباع مبدأ “مشاركة الأعباء”، بحيث تكون دول المنطقة مسؤولة عن حماية نفسها، ولا تتحمل الولايات المتحدة وحدها تكلفة الدفاع عن أمن واستقرار تلك الدول.

-تجنُّب الانخراط العسكري المباشر في منطقة الشرق الأوسط، لأنه لا يعمل على حل الأزمات والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، ولكنه يعمل على تعقيدها وتأزمها. وفي المقابل  تتبنى إدارة  بايدن أهمية إعطاء الأولوية للعمل الدبلوماسي للتوصل إلى تسويات سياسية للأزمات والصراعات الشرق أوسطية.[6]

ثانيا :تأثير التغيرات الاقليمية والدولية علي السياسة الخارجية الامريكية تجاه منطقة الخليج:

التهديدات الإيرانية المتنامية والتي من الخطأ اختزالها في المسألة النووية، صحيح أنه الملف الأهم إلا أن التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول الجوار، ودعم المليشيات المسلحة في مناطق الصراعات، بالإضافة إلى تطوير أجيال متعاقبة من الصواريخ البعيدة المدى جميعها ملفات تحتاج لآليات ردع من جانب الإدارة الأمريكية الجديدة.

-البيئة التنافسية للسياسة الخارجية الأمريكية، و بروز دور القوى الدولية في قضايا المنطقة:

فالولايات المتحدة لديها حرص على مواجهة منافسيها الدوليين وعدم إتاحة المجال لتمدد نفوذهم في المناطق التي تحتوي على مصالح حيوية للولايات المتحدة وفي مقدمتها منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، ربما تقوم بذلك بذاتها أو من خلال حلف الناتو الذي تسهم فيه بحوالي 75% من ميزانيته الدفاعية.

تشهد المنطقة حضور متنامي لكلا من الصين وروسيا في الشرق الأوسط مع سعيهم ليكون كلا منهما “لاعبا مركزيا “في قضايا المنطقة , مما يمثل تحديا للنفوذ الأمريكى ,وقد أعرب الرئيس الأمريكى عن قلقه من التعاون الاقتصادي بين الصين وايران .

وقد انتهجت الصين سياسة جديدة تقوم علي “تفادى الاصطدام المباشر مع السياسات الأمريكية أو حتى الأوروبية إجمالا ” من خلال إدارة علاقاتها مع المنطقة على مستويات جماعية والتحول الى “إدارة العلاقات على مستويات ثنائية مع الدول المنفردة أيضا وبصرف النظر عن صراعاتها البينية , أوطبيعة ارتباطها بالسياسات الأمريكية “.

ومما لاشك فيه, ان الاتفاقية الاستراتيجية بين الصين وايران تضر بالمصالح الخليجية لانها ستعزز قدرات إيران الاقتصادية والسياسية والعسكرية .فهل ستصبح الصين الدولة الراعية لإيران ؟؟

التحالف بين الصين وايران فى مواجهة الولايات المتحدة  وتوقيع اتفاقية الشراكة

وقعت البلدين معاهدة للتعاون الاستراتيجي المشترك لمدة 25 عاما في مارس 2021 وتشمل التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والتقنية ,الي جانب التعاون الدفاعي والعسكري ,بما في ذلك اجراء مناورات عسكرية مشتركة ,كما تشمل الاتفاقية تطوير المطارات والموانئ الإيرانية وإيجاد موانئ جديدة ,وتطوير السكك الحديدية في ايران وتعزيز البنى التحتية , والتعاون في مجالات الطاقة والنفط والبتروكيماويات , وقد تضمنت الاتفاقية استثمارات صينية في إيران بقيمة 450 مليار دولار.  المؤشرات الأولية  , ترسل الصين وايران من خلال هذه الاتفاقية رسالة واضحة للولايات المتحدة مفادها ان الصين تتوسع في نفوذها عبر العالم من خلال خط الحرير الجديد وفي ذات الوقت تشكل الاتفاقية تهديدا علي أمن منطقة الخليج العربي حيث انها تتضمن تعاونا عسكريا ,أي ان طهران ستحصل علي السلاح الصيني الذي يمكنها ان تستخدمه في دعم أذرعها في المنطقة ,سواء في اليمن أو سوريا أو لبنان أو العراق , مما يعني تقوية شوكة ايران علي حساب بقية دول المنطقة .كما ان الاتفاقية ستجعل ايران المستفيد الاكبر من “طريق الحرير الصيني الجدد ” وذلك علي حساب بقية دول المنطقة .

وعقب توقيع الاتفاقية أعلن قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي أن الخيار العسكري لم يعد مطروحا ضد طهران , مؤكدا أن إيران انتصرت سواء رفعت الولايات المتحدة العقوبات عنها أم لم ترفعها , وفي حال واصلت العقوبات سنصل الي الاكتفاء الذاتي , ونحن في غنى عن الاتفاق النووي.[7]في إشارة الى  ان إيران لن توقف أو تخفض تخصيب اليورانيوم الإ في حال رفع كافة العقوبات الأمريكية .

– الحفاظ على أمن الطاقة والذي أضحى مهددًا بشكل غير مسبوق، سواء منشآت إنتاج النفط أو الناقلات، وقد بدأت الإدارة الأمريكية السابقة بعمل آليات منها تأسيس التحالف العسكري البحري لأمن وحماية الملاحة البحرية، فضلاً عما تردد عن التوجه لتأسيس قوات للتدخل السريع في الأزمات، وربما تكون الإدارة الجديدة مدعوة لتطوير تلك الآليات أو استحداث ما يلزم للحفاظ على ذلك المورد الحيوي لدول الخليج العربي والدول الغربية على حد سواء.

من ناحية اخرى, استمرار تهديد المنشأت النفطية والمطارات السعودية من قبل الحوثيين يهدد مكأنة السعودية في أسواق الطاقة العالمية ,كما  انه يخلق حالة عدم استقرار داخل البلاد بسبب التحول المتكرر لرحلات الطيران بعد كل استهداف للمطارات .لقد انتقلت الحرب في اليمن الي داخل المملكة وأصبح يهدد الداخل السعودي علي المستوي المدني والعسكري والاقتصادي , وتحولت الحرب من أجل نهاء الصراع الي حرب استنزاف طويلة الامد.

ثالثا : أهم الملفات والقضايا الشائكة في العلاقات الأمريكية -السعودية وإستراتيجية إدارة بايدن في التعامل معها , علي النحو الآتى:

 أ)البرنامج النووي الإيراني

فمع فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بالانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة 2020,أعلن انه سيعطي أولوية لإعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاقية والنظر في رفع العقوبات، لكنه سيطلب من إيران الامتثال أولاً لبنود الاتفاق. وأشار بايدن أن سياسة “الضغط الأقصى” التي انتهجتها إدارة ترامب قد فشلت مؤكداً أنها أدت إلى تصعيد كبير في التوتر ، وأن إيران الآن أقرب إلى امتلاك سلاح نووي مما كانت عليه عندما تولى ترامب السلطة.كما أكد الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن “إذا عادت إيران إلى الامتثال الصارم للإتفاق النووي ، فإن الولايات المتحدة ستعود للإنضمام إلى الاتفاقية كنقطة انطلاق لمتابعة المفاوضات” ، ويرفع العقوبات عن إيران، إذا التزمت “بشكل صارم بالاتفاق النووي”. [8]

وقد حدد الرئيس الأمريكي  جو بايدن ثلاث شروط للعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران وبدء التفاوض:

أولها، إطالة مدة القيود المفروضة على إنتاج إيران للمواد الانشطارية أكثر من 15 عاما المدة التي كانت بالاتفاق الأصلي.

وأما الشرط الثاني فهو وقف إيران لأنشطتها الإقليمية الخبيثة، من خلال وكلائها في لبنان والعراق  وسوريا واليمن، ومعالجة برنامج صواريخها الدقيقة التي تهدد إسرائيل وجوارها العربي.

والشرط الثالث هو إعادة البرنامج النووي الإيراني إلى السيطرة، ووضعه تحت الرقابة والتفتيش الكاملين.

الموقف الخليجى والسعودى من الإتفاق النووى

التودد الأمريكي نحو إيران وإعلان إدارة بايدن  إعادة العمل بالاتفاق النووي  يثير مخاوف المملكة ودول الخليج تجاه اختلال توازن القوي في منطقة الخليج في ظل محاولة إيران لبناء قوة إقليمية مهيمنة عبر إنشاء قواعد نفوذ وتأثير بدول المنطقة، ومما يثير استياء المملكة تفرد إيران بالنفوذ في العراق بخاصة بعد الإنسحاب الأمريكي، مع وجود تأثير قوي لها في سوريا واليمن، ودعم الحوثييين بالأسلحة والطائرات والصواريخ الباليستة فضلاً عن تزايد المخاوف من تصاعد المحاولات الإيرانية للتدخل في الشؤون الداخلية لدول خليجية عدة حيث توجد أقليات شيعية مهمة

يحاول بايدن تطمين دول الخليج بالتأكيد على أن العودة إلى المفاوضات مع إيران بشأن ملفها النووي ستكون بالتشاور مع حلفاء وشركاء الولايات المتحدة لافتا إلى أنه يرغب في رؤية مفاوضات متابعة الإتفاق النووي مع إيران لا تشمل فقط الموقعين الأصليين على الصفقة – إيران والولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا و ألمانيا والاتحاد الأوروبي – ولكن أيضًا جيران إيران (دول منطقة الخليج)، ولا سيما المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة .[9]

فى ذات الوقت , تواصل إدارة بايدن مساعيها من أجل تعزيز فرص استمرار العمل بالاتفاق النووي، ودفع إيران إلى العودة للالتزام ببنوده مقابل عودة الأولى إليه، إلا أنها لم تسفر عن نتائج تذكر في هذا السياق، حيث ما زالت إيران تتبنى سياسة متشددة تقوم على ضرورة رفع العقوبات الأمريكية المفروضة عليها أولاً قبل التوقف عن تخفيض مستوى التزاماتها في الاتفاق النووي والعودة من جديد إلى تطبيق بنوده بشكل كامل.

ويمكن رصد معوقات العودة الي تنفيذ الاتفاق النووي في عدة نقاط أبرزها:

أولا: رد الفعل من الجانب الايراني علي تصريحات الرئيس الجديد المنتخب , فقد أعلن  وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن طهران لا تقبل بشروط مسبقة من جانب الإدارة الأمريكية المقبلة بشأن برنامجها النووي، مؤكدا على ضرورة عودة الولايات المتحدة إلى اتفاق عام 2015 قبل إجراء محادثات وأضاف ظريف أن الولايات المتحدة عليها “التزامات” يجب أن تنفذها. من ناحية أخري ,أعلن مسؤولون إيرانيون مرارا أن خطواتهم باتجاه عدم الإلتزام بالاتفاق “لا رجعة فيها “وإنه لا يمكن ببساطة محو التقدم الذي يتم إحرازه في مجالات البحث والتطوير في ايران . [10]

وأشار  ظريف أنّ الولايات المتحدة “انتهكت بشكل خطير” قرار الأمم المتحدة، الذي يؤيد الاتفاق النووي، عندما انسحبت منه، واصفاً إدارة ترامب بأنها “نظام مارق” و أن”يجب على الولايات المتحدة أن تتوقف. وأن تكف عن انتهاكاتها للقانون الدولي”. وأكد ظريف أن الولايات المتحدة “ليست في وضع يسمح لها بوضع شروط”.  [11]

  المطالبة بعودة طهران إلى الالتزام الصارم ببنود الإتفاق من قبل الرئيس المنتخب بايدن يمثل تحدياً في حد ذاته!!!. إذ أن إيران بدأت التراجع عن التزاماتها بعد انسحاب دونالد ترامب من خطة العمل الشاملة المشتركة عام  2018 وفرض العقوبات الاقتصادية.

ففي يوليو/تموز 2019، رفعت نسبة تخصيب اليورانيوم عن المعدلات المنصوص عليها في الاتفاق، لكن ظل مستوى التخصيب ثابتا عند 4.5٪ منذ ذلك الحين. وأعلنت طهران في يناير/كانون الثاني2020، أنها لن تلتزم بعد الآن بأي من القيود التي يفرضها الاتفاق. علي صعيد أخر , الشروط التي حددها بايدن  قد لا تلقي قبولا إيرانيا واسعا , وخاصة مسألتي تفكيك الصواريخ الباليستية , ورفع السقف الزمني للإتفاق .

وقد أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إيران تمتلك الآن أكثر من 12 ضعفا من كمية اليورانيوم المخصب المسموح بها بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع القوى العالمية. وأضافت الوكالة أن مخزون إيران من اليورانيوم، منخفض التخصيب، وصل إلى 2442.9 كيلوغرام في نوفمبر2020.

وبدأت كذلك تخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء أعلى من نسبة 3.67% المسموح بها حسب الاتفاق.[12] والتي يمكن أن يُستخدم في تصنيع قنبلة نووية، وهنا يكمن القلق.[13]

ثانيا :إقرار مجلس صيانة الدستور في إيران تشريعا يمنع عمليات التفتيش التي تقوم بها الأمم المتحدة لمواقع إيران النووية، ويطالب الحكومة باستئناف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20٪ – وهي نسبة أعلى بكثير من نسبة 3.67٪ المتفق عليها بموجب الاتفاق – وذلك في حال لم يتم تخفيف العقوبات على إيران في غضون شهرين . ويمكن استخدام اليورانيوم المخصب في مستوى أعلى بكثير في صنع قنبلة نووية، ولكن بمجرد تخصيب اليورانيوم بنسبة 20٪ يصبح الوصول إلى المستوى المطلوب لصنع قنبلة نووية، أسهل من الناحية التكنولوجية. وقد أعلن الرئيس الايراني حسن روحاني إنه يعارض تنفيذ هذا التشريع الذي أقره البرلمان وأن حكومته لا توافق على التشريع الذي وصفه بأنه “ضار بالدبلوماسية”.. ولا يزال يتعين على المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي توضيح موقفه بشأن التشريع.

وتأتي هذه التطورات بعد اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة، الذي لعب دورا أساسيا في برنامج إيران النووي. وقتل فخري زادة في هجوم غامض خارج العاصمة طهران يوم 27 نوفمبر 2020. وأشارت إيران بأصابع الاتهام إلى إسرائيل، التي لم تعلق علانية على ذلك. [14]

ماذا يعني القانون الإيراني الجديد؟ بموجب القانون، الذي صادق عليه مجلس صيانة الدستور الإيراني تحت مسمي “المبادرة الإستراتيجية لإلغاء العقوبات”، ستمنح طهران شهرين للأطراف الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي لعام 2015 للعمل على تخفيف العقوبات المفروضة على قطاعي النفط والمال في إيران بعد تخلّي الولايات المتحدة عن الصفقة في 2018. وفي حال لم يتم تخفيف العقوبات بحلول الموعد النهائي، فإنّ الحكومة ستزيد تخصيب اليورانيوم حتى يصل إلى نسبة 20٪ وتضع أجهزة طرد مركزي متطورة تستخدم لتخصيب اليورانيوم في منشآتها النووية في نطنز وفوردو. كما أنها ستمنع مفتشي الأمم المتحدة من الوصول إلى هذه المواقع.

ثالثا : اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية في يونيو/ حزيران 2021،حيث يتنافس معسكرا الإصلاحيين والمتشددين من أجل الفوز بالمنصب. وقد تراجع التأييد الشعبي للرئيس حسن روحاني مع تدهور الوضع الاقتصادي في إيران. فهل يشعر الرئيس بايدن بحاجة لتعزيز فرص روحاني من خلال البدء في تخفيف العقوبات؟ وهل ستكفي فترة الاربعة أشهر من تولي بايدن الرئاسة في مطلع يناير2021 الي موعد الانتخابات في إيران لإحراز أي تقدم في المفاوضات ؟؟؟؟

فإيران  تعاني منذ بداية فرض العقوبات الدولية والأمريكية أوضاعًا داخلية واقتصادية صعبة، وفي حين مثّل الاتفاق النووي الذي تم توقيعه في عام 2015 إنفراجة للدولة الإيرانية، فإن الإنسحاب المفاجئ والأحادي الجانب للولايات المتحدة الأمريكية  بقيادة ترامب في عام 2018، وإعادة فرض العقوبات الأمريكية قد زاد الأمر سوءًا إلى دفع الاقتصاد الإيراني بشتى السبل نحو التدهور. وما لبثت الأوضاع أن انتقلت من سيئ لأسوأ في ظل الدفع الأمريكي بسياسة الضغوط القصوى، لتجد إيران نفسها في المقدمة مع بقية دول العالم أمام جائحة صحية عالمية، حيث جاءت جائحة (كوفيد-19) لتضيف إلى التحديات التي تواجه طهران.

وبشكل عام، فقد واجهت الدولة الإيرانية تحديًا في غاية الصعوبة خلال محاولتها إحداث قدر من التوازن بين الظروف الاقتصادية الصعبة والقدرة على اتخاذ التدابير الاحترازية لحماية الصحة العامة. ونتيجة لصعوبة الاختبار، فإنه يمكن القول بعدم قدرة القيادة السياسية الحالية  فى إيران على الوصول إلى نتائج مرضية، حيث يتحملون وطأة الانتقادات في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية في عام 2021، وهو ما يُضعف من فرص فوز “روحاني” في الانتخابات.[15]

وقد، بدأت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في إجراء تغيير تكتيكي في سياستها إزاء الخلافات مع إيران تقوم في الأساس على “تجزئة” أى اتفاق محتمل من الممكن الوصول إليه في المرحلة القادمة، بما يعني التوافق في البداية على العودة المتزامنة للاتفاق، أى عودة إيران للالتزام بتعهداتها فيه، مقابل عودة الولايات المتحدة الأمريكية لمجموعة “5+1″، على أن تبدأ مرحلة أخرى بعد ذلك تتضمن إجراء مفاوضات حول الملفات الخلافية التي لا تقل أهمية، ولاسيما ما يتعلق ببرنامج الصواريخ الباليستية والدور الإيراني في منطقة الشرق الأوسط. [16]

فهل ستنجح في ذلك , في حين تواصل إيران رفع مستوى التصعيد، على نحو بدا جلياً في زيادة مستوى التخصيب إلى 20% والتهديد برفعه إلى 60% في حالة ما إذا كانت في حاجة إلى ذلك حسب تصريحات المرشد علي خامنئي، وبدأت في استخدام أجهزة طرد مركزي من طرازات أكثر تقدماً على غرار جهازى “IR2M” و”IR6″، وتصاعدت تحذيرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية من عدم تعامل طهران بشفافية معها.

وفي هذا الصدد، كان لافتاً أن وزير الخارجية الأمريكي انطوني بلينكن ربط خلال اجتماع وزراء خارجية حلف الناتو في بروكسل، في 24 مارس الجاري، السعى للوصول إلى اتفاق “أطول وأقوى” في شأن زعزعة إيران للاستقرار الإقليمي وبرنامجها للصواريخ الباليستية،  بمرحلة ما بعد العودة إلى الامتثال الكامل لخطة العمل المشتركة. وأضاف أن “الكرة موجودة في ملعبهم (الإيرانيين) لمعرفة ما إذا كانوا يريدون السير في طريق الدبلوماسية والعودة إلى الامتثال للاتفاق”، وأنه “إذا حصل ذلك فسنسعى إلى بناء اتفاق أطول وأقوى ولكن يتضمن بعض القضايا الأخرى ومنها تصرفات إيران وسلوكها وبرنامج الصواريخ الباليستية.

ويبقي التساؤل حول السيناريوهات المستقبلية المحتملة لتنفيذ بنود الاتفاق النووي ومدي  نجاح السياسة الخارجية لإدارة بايدن في التعامل مع الملف النووي الإيراني ومدي الاستجابة والقبول الإيراني بالعودة للإتفاق…مع ضرورة الاخذ في الاعتبار إشراك دول الخليج وبخاصة المملكة العربية السعودية في مفاوضات العودة للاتفاق و ان تتضمن الموضوعات التي ستتناولها مفاوضات العودة الي الاتفاق النووي تفكيك برامج الصواريخ الباليستية الإيرانية لأن تطوير طهران لسلاح نووي يشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي للدول الخليج واستقرارها .

ب) الأزمة اليمنية

 تنطلق السياسة السعودية تجاه اليمن من مجموعة من المحددات ليست الجغرافية فقط، إذ تمثل اليمن العمق الاستراتيجي للمملكة العربية السعودية نظراً للتقارب الجغرافي بين الدولتين التي ترتبط بشريط حدودي بري طويل يمتد بحوالى 1500 كم، وإطلالة على باب المندب مفتاح المرور للبحر الأحمر، كما تعد اليمن البوابة الجنوبية لإقليم “شبه الجزيرة العربية” وعليه، ترى المملكة “أن أمن اليمن من أمن المملكة” وأن أي تطور في الأحداث على الساحة اليمنية ينعكس وبشكل مباشر على المملكة[17].

ويشكل الصراع السعودي الإيراني في اليمن مصدر قلق بالغ الأهمية للمملكة، فبعد نجاح إيران في التمدد في العراق، وامتداد نفوذها للساحة السورية  , تدعم الحوثيين بالمال والأسلحة الأمر الذي بدت فيه إيران وكأنها تحيط بالسعودية فيما يشبه بالدائرة الكاملة، ما جعل الموقف السعودي شديد الحساسية من اية تطورات على الساحة اليمنية [18]. وتدرك المملكة الأطماع الإيرانية من التغلغل في الأزمة اليمنية عبر تقديمها الدعم والمساندة للحوثيين وسعيها إلى التحكم في مضيق باب المندب وخليج عدن والتأثير على أمن البحر الأحمر، بجانب تهديد أمن المملكة، وحلفائها الخليجيين من خلال توسيع نفوذها بالمنطقة ( [19]).

محددات السياسة الأمريكية تجاه الأحداث في اليمن:

أولاً: إن الموقع الجغرافي لليمن جعل منها دولة تطل على أهم المضايق الملاحية للتجارة الدولية وهو مضيق باب المندب، وترى الإدارة الأمريكية أن أي صراع في اليمن له مخاطر على سير الملاحة الدولية، كما تسعي الولايات إلى تأمين امدادات النفط، فقرب اليمن من نفط الخليج والخوف من إنتشار الصراع بما ينتج عنه من تأثير على إمدادات النفط إلى السوق العالمية يمثل هاجساً رئيسياً في سياسة الولايات المتحدة منذ اكتشاف النفط وحتي اليوم [20].

ثانياً:   تركزت العلاقات الأمريكية – اليمنية وخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 في مجال “مكافحة الإرهاب” وإنضمامها إلى إتفاقية مكافحة الإرهاب وبالتالي، تصنف اليمن كأحد حلفاء واشنطن في محاربة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية والتي تتخذ بحسب التقارير الحكومية وإخبارية بعض المناطق في اليمن كمقر للتدريب على العمليات الإرهابية ضد أمريكا أو حلفائها بالإضافة إلى أن عدداً من بعض قيادات القاعدة تتحصن بها والذين تسعى الولايات المتحدة للقضاء عليهم للتخلص من خطر الإرهاب في المنطقة خصوصاً بعد القضاء على زعيم القاعدة بن لادن في باكستان( [21]).

ثالثاً:   يمثل اليمن أهمية بالغة لدى حلف الناتو بقيادة أمريكا، حيث يعتبره الغرب الحزام الأمن في خاصرة الحلف، والذي له دور حيوي في تأمين منابع الثروة والطاقة في المنطقة، وطرق القوافل التجارية والأساطيل العسكرية وتمر 20% من التجارة العالمية عبر مضيق باب المندب ويعتبر المنفذ مهماً لدول الاتحاد الأوروبي لإرتباط تجاراتها وناقلات النفط بالمرور عبر المضيق الحيوي وبإغلاقه أو تعثره سيؤدي إلى مخاطر اقتصادية، ومن ثم يشكل إنتشار الحوثيين في مناطق الثروة تهديداً مباشراً للمصالح الغربية والأمريكية.

رابعاً:   تعتبر الإدارة الأمريكية أن اليمن تشكل مسرحاً حساساً في حملتها المصعدة الهادفة إلى الحد من النفوذ الإيراني عبر ميليشياتها المتمثلة في جماعة الحوثيين، فاليمن تمثل محوراً إستراتيجياً في الخطة الإيرانية للضغط على دول الخليج العربي، وتسعى الولايات المتحدة إلى وقف هذا التمدد الإيراني بجانب ممرات الملاحة الدولية وتأمين أهم طرق التجارة الدولية[22].

استراتيجية إدارة بايدن في التعامل مع الملف اليمنى

مع تولي الرئيس بايدن أكد العودة الي الخيار الدبلوماسي للتعامل مع أزمات وصراعات المنطقة, والرغبة في تقليص الدور الأمريكى في دعم العمليات العسكرية لدول التحالف العربي في اليمن , فالولايات المتحدة تخشى خطر التورط الفعلى في حرب يمنية تبدو بالنسبة لها أقل أهمية من قضايا أخرى[23].

كما تم إعلان رفع اسم جماعة الحوثيين من قائمة  التنظيمات الإرهابية  الأجنبية  كخطوة -علي حسب رأى- الجانب الأمريكى ضرورية نحو تمهيد الطريق لجهود المفاوضات مع الجماعة .[24]

علي صعيد آخر ,قامت الإدارة الامريكية بتجميد صفقات أسلحة للسعودية , هذا القرار لإدارة بايدن  بتجميد صفقة الصواريخ الدقيقة، وعقود الصيانة للطّائرات الحربية السعودية من طرازي إف-16 و إف-15، سيؤدي إلى خروج نصف سلاح الجو السعودي الأقوى في المنطقة من الخدمة”[25], الأمر الذي نظرت اليه المملكة  بمثابة مكافاة للحوثيين وهم يسرقون المساعدات ويسيطرون علي ميناء الحديدة , ولا يقدمون اي مبادرات إيجابية .  أيضا,تم فتح قنوات خلفية مع المتمردين الحوثيين في اليمن، واستمرت في مراقبة استهدافهم لمواقع سعودية وتهديدهم لمنشآت النفط دون اتخاذ خطوات عملية لردعهم مثل ما يستوجبه التحالف الإستراتيجي بين واشنطن والرياض.

وعليه, تشير تصريحات بايدن عن اليمن الى تحول كبير في السياسة  الخارجية الأمريكية نحو التراجع   والخطوة الأبرز هي وقف الدعم للعمليات العسكرية التى تقودها السعودية في اليمن منذ ست سنوات, مع  إعلانها مواصلة الدفاع عن السعودية ضد أي هجمات عليها .في ذات الوقت ,توكد الولايات المتحدة ضرورة العمل علي إنهاء الحرب في اليمن ,والتي تعد ربما اسوأ أزمة انسانية في العالم .

التناقضات الأمريكية تبدو واضحة في الملف اليمني تجاه المملكة السعودية

فتصريحات الالتزام الذي أبدته إدارة بايدن حيال أمن وسيادة المملكة، واستعدادها للمساعدة حيالها، لا يمكن استيعابها على نحو لا يحمل بذور القلق، والشعور بالتناقض.

ففي ذات الوقت الذي تعلن فيه هذا الالتزام، ترفع قيد ‘التصنيف الإرهابي’ عن مليشيا الحوثي الانقلابية، فضلا عن عزمها العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، فكلا الملفين يتصلان اتصالا مباشرا بأمن المنطقة عموما، والمملكة العربية السعودية خصوصا. وعلي اية حال, فعلى الرغم من اهتمام إدارة جو بايدن الواضح بوقف الحرب في اليمن، واتخاذها بعض الخطوات التي تعدها مفيدة على هذا الطريق، فإن جولة التصعيد الحالية التي يطلقها الحوثيون

تعمل على إطالة أمد الأزمة وعدم حسم الحرب في اليمن، وتفاقم الأزمة على مختلف الأصعدة  وسوء الأوضاع الإنسانية كما أن مسار الحسم العسكري أصبح صعب ومكلف في ضوء الحسابات المعقدة .

استراتيجية المملكة العربية السعودية لإنهاء الأزمة اليمنية:

المبادرة السعودية للسلام في اليمن: حاولت المملكة التوصل الي اتفاق لإنهاء الصراع الدائر في اليمن  وانهاء الأزمة اليمنية وعرضت السعودية يوم الاثنين 22 مارس 2021 على الحركة الحوثية في اليمن وقفاً شاملاً لإطلاق النار ضمن سلسلة مقترحات تهدف إلى إنهاء الصراع المستمر منذ ست سنوات. يأتي الاقتراح الأخير وسط تصاعد في الهجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ على المملكة، بما في ذلك منشآت الطاقة والتي أعلن المتمردون مسؤوليتها عن ذلك. ويقاتل الحوثيون أيضاً في محافظة مأرب، آخر معقل للحكومة اليمنية في الشمال، ممّا يزيد الضغط على القوات المدعومة من السعودية.

وقد أعلن وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان بن عبد الله، بنود المبادرة وهى :

-“وقفاً شاملاً لإطلاق النار في جميع أنحاء البلاد تحت إشراف الأمم المتحدة”.

-إعادة فتح مطار صنعاء، في العاصمة التي يسيطر عليها الحوثيون لعدد من الرحلات المباشرة الإقليمية والدولية.

-إيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لميناء الحديدة في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني بالحديدة .

-استئناف المفاوضات السياسية بين الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية والحوثيين للتوصل الي حل سياسي للأزمة اليمنية برعاية الأمم المتحدة .

وقال الوزير السعودي “نريد أن تصمت المدافع تماماً”، مشيرا إلى أن المبادرة ستدخل حيز التنفيذ “بمجرد موافقة الحوثيين عليها” وأعلنت مبادرة لوقف اطلاق النار, بعد إعلان الرياض المبادرة السعودية بهدف التوصل إلى حل سياسي

رفض الحوثيين للمبادرة السعودية

و جاء الرد من الجانب الحوثي ليؤكد رفضه لهذه المبادرة.  الرفض تمثل بعملية عسكرية أطلقتها القوات التابعة لحركة أنصار الله الحوثية بعنوان “عملية يوم الصمود الوطني” استهدفت فيها بالطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية مناطق في العمق السعودي. ومن أبرز ما استهدفته الهجمات محطة لتوزيع منتجات البترول في مدينة جازان جنوب السعودية أدى إلى نشوب حريق في أحد خزانات المحطة من دون أن يؤدي إلى إصابات في الأرواح.[26]كما أعلنت حركة أنصار الله الحوثية في اليمن دعوتها إلى رفع الحصار المفروض على البلاد، وذلك رداً على مبادرة السلام التي أعلنت عنها السعودية.

فقد أعاد المتحدث باسم الحركة الحوثية محمد عبد السلام التأكيد على موقف الحركة من ضرورة رفع الحصار عن البلاد الذي يفرضه التحالف الذي تقوده السعودية قبل كل شيء، و “أن أي مبادرة أو اقتراح أو فكرة لا تأخذ الجانب الإنساني بعين الاعتبار.. ليست جادة و ذلك في تصريحات له لقناة المسيرة الفضائية التابعة للحركة ونشرت على موقعها .[27]

معوقات إنهاء الأزمة اليمنية :

حسب رؤية المسئولين السعوديين أن عدم رغبة المتمردين الحوثيين في الدخول في مفاوضات جدية يشكل العقبة الرئيسية أمام إنهاء الحرب في اليمن [28], كما ان إستراتيجية الحوثيين في مواجهة  قوات التحالف بقيادة  المملكة العربية  السعودية تعتمد على تطوير القدرات العسكرية، فالجماعة تعتمد الضغط عبر عمليات عسكرية، لتكون وسيلة باتجاه تحقيق السلام [29].. ومن المعلوم أن العمل العسكري لا يكفي وحده لإيجاد حلول سياسية غير أنه في حالات الاستقطاب الحاد، والفراغ الأمني الهش كما هو الوضع في اليمن، لابد من العمل العسكري لإجبار الأطراف المتشددة على الجلوس حول طاولة المفاوضات، خاصة أن الحوثيين قد انتهكوا مقومات الشرعية كلها في اليمن، وعرقلوا جهود التسوية كافة مستندين إلى القوة العسكرية وحدها [30].

من ناحية أخرى, لقد أصبحت المملكة وحيدة في مواجهه الحوثيين ومن خلفهم إيران، وأصبحت في مواجهة قوى قادرة على استنزاف قدرتها العسكرية والاقتصادية على المدى البعيد، حتي وإن تمكنت السعودية من الوصول إلى صنعاء وإخراج الحوثيين منها، فإن الفكر الشيعي للحوثيين وتحركاتهم الفردية والجماعية داخل اليمن لتغيير التركيب الديني لليمن سيظل متواجداً بقوة في ظل الدعم الإيراني [31] . أضف الى ذلك، تزايدت حدة الانتقادات للمملكة السعودية والتحالف العربي من جانب مؤسسات حقوق الإنسان والأمم المتحدة بسبب استهداف المدنيين ومنشآت مدنية مثل المستشفيات والأسواق الشعبية، مما أدى إلى سقوط الكثير من المدنيين من بينهم أطفال[32].

ج)ملف حقوق الانسان

الحديث عن تعزيز قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، قضايا ترفعها إدارة بايدن ذات أغلبية الاتجاه التقدمى كشعار فى مجال السياسة الخارجية، ليس فقط لتوضيح اختلافها عن إدارة ترامب، ولكن أيضا لأن قضية الديمقراطية أصبحت اهتماما داخليا بعد الخلافات بشأن نتيجة انتخابات الرئاسة الأمريكية ، وهجوم أنصار ترامب على مبنى الكونجرس.

فعقب تولي بايدن الحكم أعلن البيت الابيض أن الولايات المتحدة تعتزم إعادة ضبط علاقاتها مع السعودية, وانه سوف يتم يتعامل مع الملك سلمان وليس ولي العهد الامير محمد بن سلمان  وذلك عقب التقرير الاستخباراتي الذى نشرته إدارة بايدن و يشير الي تورط ولي العهد  السعودي  فى قضية مقتل الصحفي خاشقاجي في 2018. تصريحات الإدارة الجديدة عكست توتر العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية وتعرض المملكة للضغوط في ملف حقوق الانسان وقضية مقتل خاشقاجي .

وكرد فعل ,أكدت الحكومة السعودية، على رفضها لما ورد في تقرير الاستخبارات الأمريكية عن مقتل الإعلامي السعودي جمال خاشقجي، معتبرة أن استنتاجات التقرير “مسيئة وغير صحيحة”. وقالت وزارة الخارجية السعودية، في بيان، ان “حكومة المملكة ترفض رفضاً قاطعاً ما ورد في التقرير من استنتاجات مسيئة وغير صحيحة عن قيادة المملكة، ولا يمكن قبولها بأي حال من الأحوال، كما أن التقرير تضمن جملة من المعلومات والاستنتاجات الأخرى غير الصحيحة”.

وأضافت الخارجية أنها “تؤكد على ما سبق أن صدر بهذا الشأن من الجهات المختصة في المملكة من أن هذه جريمة نكراء شكلت انتهاكًا صارخًا لقوانين المملكة وقيمها ارتكبتها مجموعة تجاوزت كافة الأنظمة وخالفت صلاحيات الأجهزة التي كانوا يعملون فيها، وقد تم إتخاذ جميع الإجراءات القضائية اللازمة للتحقيق معهم وتقديمهم للعدالة، حيث صدرت بحقهم أحكاماً قضائية نهائية رحبت بها أسرة خاشقجي”.

واعتبرت الخارجية أنه “لمن المؤسف حقاً أن يصدر مثل هذا التقرير وما تضمنه من استنتاجات خاطئة وغير مبررة، في وقت أدانت فيه المملكة هذه الجريمة البشعة واتخذت قيادتها الخطوات اللازمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحادثة المؤسفة مستقبلا”. وقالت الخارجية السعودية إن “المملكة ترفض أي أمر من شأنه المساس بقيادتها وسيادتها واستقلال قضائها”، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية.[33]

إعلان الادارة الامريكية الجديدة إعادة تقييم بعض الملفات تجاه المملكة العربية السعودية, و بعد أسبوع من إصدار الولايات المتحدة تقريرا استخباراتيّا اتهم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالتورط في قتل الصحفي جمال خاشقجي في 2018, أعقبه تعليق بيع أسلحة للإمارات والسعودية للحرب في اليمن ضد الحوثيين . الامر الذى أحدث توترا فى العلاقات  بين البلدين وابداء مؤشرات غير مطمئنة عن تدهور العلاقات خلال فترة إدارة بايدن للولايات المتحدة وتراجعا فى دعمها للحليف لسعودى .

د) تزايد الفراغ القيادي ومسألة قيادة النظام العربي:

يتكشف على الساحة صراع إقليمي تركي – إيراني – إسرائيلي للسيطرة على “الدولة المركز” في المنطقة، وتنافس تركي – إيراني تجسد في بناء “كتلة سنية” تقودها تركيا لمواجهة “كتلة شيعية” تقودها إيران، بما قد يعزز تنامي الفجوة الفاصلة بين الجانبين لثنائية السنة – الشيعة، وسط خشية عربية من مسعى إحياء “العثمانية الجديدة” في المنطقة، الأمر الذي لم تخفه تركيا، بل جاهرت به علانية كما جاء على لسان وزير الخارجية التركي الأسبق أحمد دأود أوغلو في 27 أبريل 2012,حينما قال “إن شرقاً أوسطياً جديداً يولد، سوف تقود تركيا موجة التغيير فيه، وستكون في طليعته وصاحبة فكر يحدد مستقبل النظام الإقليمي الجديد، فهذه مهمتنا ورسالتنا، وستكون تركيا رائدة هذا النظام، الناطقة باسمه” [34]، وهذا كله قد واجه انتكاسة كبرى بسبب سياسات أردوغان التي أبعدت أوغلو عن مركز صنع القرار.

وعن انعكاسات هذه التغيرات الإقليمية على السياسة  الخارجية السعودية يمكننا القول أن العقد التالى لإحتلال العراق في 2003، شهد حدوث تحولات في موازين القوى الإقليمية في المنطقة خاصة لصالح دول الحزام الشمالى في الشرق الأوسط (أي تركيا وإيران)، مقابل تراجع دول الحزام الجنوبي (أي مصر والسعودية). فبينما نجحت تركيا في تعزيز وزنها الإقليمي عبر عقد الاتفاقات الاقتصادية مع سوريا والعراق وإيران، وسياسة “تصفير المشكلات” مع محيطها التي انتهت عملياً إلى مشكلات من كل اتجاه، في ذات الوقت استطاعت طهران عبر سياستها التوسعية ونفوذها في العراق وتحالفاتها الإقليمية مع سوريا والفاعلين من غير الدول، وسعيها لامتلاك البرنامج النووي الإيراني أن تحرز مكانة بارزة في المنطقة وتعزز ثقلها الإقليمي رغم العقوبات الدولية المفروضة عليها.

من ناحية أخرى، ازداد مستوى التغلغل الخارجي في النظام العربي بعد ثورات الربيع العربي بدخول قوى عالمية جديدة إلى ساحة هذا التغلغل ويوضح ذلك، فبالنسبة للولايات المتحدة، قررت مجاراة التغيير حتى تتمكن من ضبط مساراته والحفاظ على مصالحها الحيوية في المنطقة وعليه, كيفت سياساتها بسرعة، بحيث استعادت نفوذها مع وصول القوي المتفاهمة معها إلى السلطة وتخلت عن أنظمة دائماً ما وصفت بالصديقة، كذلك فلأول مرة، يقوم حلف الأطلنطي بإسقاط نظام عربي بالقوة العسكرية كما حدث في ليبيا.

ومن ثم، تميل توازنات القوى في المنطقة لصالح تعزيز الدور القيادي للسعودية باعتبارها هي مركز الثقل في الشرق الأوسط ويرتبط ذلك بمحاولة ملء الفراغ الاستراتيجي، الذي خلفه غياب دول محورية مثل مصر وسوريا والعراق عقب التحولات والتغيرات الجيوسياسية التي شهدتها المنطقة العربية منذ عام2011 ، وهو ما أطلق عليه بعض المفكرين “لحظة الخليج العربي” في دلالة لإنتقال مراكز النفوذ إلى منطقة الخليج العربي [35].

رابعا:  سيناريوهات إدارة بايدن تجاه المملكة تتجه نحو التصعيد أم تهدئة الداخل الأمريكى

هذا التحول في توجه الإدارة الامريكية الجديدة نحو المملكة والتأكيد على تعزيز قيم حقوق الانسان  وإعادة تقييم العلاقات هل سيبقي علي المستوي الخطابي  أم تتسع دوائره ليشمل سياسات عقابية علي أرض الواقع.

يمكنا القول ,  أن تبنى إدارة بايدن سياسة خارجية تدمج معايير الديمقراطية وحقوق الإنسان سوف يواجه الكثير من القيود على أرض الواقع.  فالولايات المتحدة تتبع سياسة ازدواج المعايير وخاصة مع حليفها الاول فى المنطقة اسرائيل وارتكابها للمجازر ضد الشعب الفلسطينى  للحفاظ على تفوقها الاستراتيجى  فى المنطقة, وعليه ,استخدام ورقة ملف حقوق الانسان تمثل ورقة ضغط علي الحكومات و ستبقي مجرد رفع شعارات لإرضاء الداخل0(الناخب الأمريكى الديمقراطى) وسوف تكتفي إدارة بايدن بإطلاق التحذيرات ودون تبنى إجراءات عقابية. فحجم الشراكة الاقتصادية والعسكرية مع المملكة ودول الخليج ، ومصالح الأمن القومي الأمريكى في المنطقة ، سوف يفرض قيودا كثيرة على حركة إدارة بايدن، ويجعلها تتكيف مع هذا الواقع.

وعليه , استبعاد سيناريوهات رفع سقف المواجهة بين الولايات المتحدة والسعودية وتأزم العلاقات ووصول التوتر الي ذروته, ففي الوقت الذي لم يتردد فيه الرئيس الأمريكى جو بايدن بوصف الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بأنه ( قاتل ), لم يفعل ذلك بحق ولي عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان , ففى فبراير الماضي رفض بايدن فرض عقوبات مباشرة علي ولي العهد الذي اعتبره مسؤولا عن مقتل خاشقاجى  بحسب  تقرير الاستخبارات الأمريكية التي اشارت فيه الي تورطه فى مقتل الصحفي خاشقاجى ,على الرغم من وعده بمعاقبة كبار القادة السعوديين أثناء حملته الانتخابية.

خامسا: التوصيات

ويبقى التساؤل حول الخيارات الاستراتيجية لدول منطقة الخليج في ظل الإدارة الامريكية الجديدة ولمواجهة تصاعد النفوذ الإيراني والدفاع عن مصالحها القومية بمفهومه الواسع التنموي والعسكري وتمكين ثقلها الإقليمي في مقابل الثقل الإيراني.

بداية, ستسعي المملكة إلى تنويع حلفائها على المستويان الإقليمي والدولي حفاظاً على مصالحها الإستراتيجية وأمنها القومي دون تفريط في علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية من خلال :

1– بناء تحالفات القوة الناعمة كأساس لقوة المملكة على مستوى الدوائر المختلفة

-الدائرة الخليجية : تشكيل جبهة موحدة خليجية ورؤية واحدة للتأكيد علي وحدة دول الخليج ورسم أجندة واحدة لمواجهة التهديدات الإيرانية  وما تشهده المنطقة من تغيرات جيوسياسية هامة واتخاذ موقف واحد ازاء التحديات التي تواجهها المنطقة . انعقاد قمة العلا مجرد فك اشتباك ..مازال الكثير لرأب الصدع وإعادة الوضع علي ما كان عليه لتشكيل ورقة ضغط علي الدول الكبرى لتعزيز مصالح دول الخليج وامنها واستقرارها.

– تنوع التحركات الإستراتيجية الخارجية السعودية (التوجه نحو اسيا ) :تعزيز التعاون الإقتصادى المشترك مع دول جنوب وشرق اسيا ( الهند واليابان وماليزيا وأندونيسيا, وكوريا الجنوبية)  في إطار تعزيز دور المملكة في التجارة العالمية والإقليمية …حيث تحتل هذه الدول مكانة رئيسية بين مصادر واردات المملكة , كما تستورد 70% من البترول السعودى[36]. — العمل علي تعزيز العمل العربي المشترك وفتح قنوات تشاور وتعاون مستمرة علي صعيد كافة المجالات مع دول الجوار(العراق)نموذجا.

-ممارسة السعودية لأدوار فعلية في حل الصراعات التي تحدث بين دول لجوار الإقليمي الأفريقي, وأن يكون للملكة دور فاعل في حل قضية سد النهضة والأزمة الليبية .

– تعزيز التعاون مع القوى المتوسطة فى النظام الدولى: القوى المتوسطة بحكم التعريف هى دول تملك عددًا من مؤشرات القوة الاقتصادية والعسكرية وغيرها، تضعها فى مرتبة متوسطة بين الدول الكبرى والصغيرة، ولكن بحكم التعريف أيضًا فإن أهم ما يميزها هو سعيها للعب دور فى محيطها الإقليمى، وأن يكون لها نفوذ فى مناطق الجوار، وكثيرًا ما تتحدد مكانتها الدولية ونظرة العالم لها وفقًا لوزنها ونفوذها فى إقليمها الجغرافى وعلى مستوى العالم. على سبيل المثال, جنوب إفريقيا ونيجيريا فى إفريقيا، والبرازيل والأرجنتين والمكسيك فى أمريكا اللاتينية، وكندا فى أمريكا الشمالية، وألمانيا وفرنسا فى أوروبا، والهند واليابان وكوريا فى آسيا، واستراليا فى منطقة المحيط الهادى، وبالتأكيد مصر فى العالم العربى والشرق الأوسط.[37]

2 – ازاء الملف النووي الايراني ,ضرورة إشراك دول الخليج في كافة المفاوضات حول الاتفاق النووي الايراني بجانب دول( 5+1) لاستئناف العمل به ,لضمان امن واستقرار المنطقة, وكبح جماح سلوك إيران التوسعي في المنطقة و التصدي لنفوذها في الاقليم و وجود رقابة دولية.

3- الملف اليمنى :العمل علي توحيد الجبهة الدول الخليجية ازاء انهاء الازمة اليمينة والوصول الي تسوية شاملة لانهاء القتال الدائر في اليمن منذ6سنوات وتخفيف معاناة الشعب اليمني والانتقال الي تسوية سياسية شاملة .

– العودة الي دعم القبائل اليمنية والعمل علي تمكين القوات الحكومية في مأرب سيسهم إسهاما جوهريا في إنهاء الحرب وهزيمة الحوثيين في اليمن .

– الضغط على الدول الكبرى لدعم السعودية ومساندتها لحل الأزمة اليمنية ووقف اطلاق النار والتصدى لهجمات الحوثيين على أراضى المملكة ومنشأتها النفطية.

4-الاستمرار في برامج الإصلاح الداخلي وتعزيزها

5-مواجهة التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود، وتوسيع حملة مكافحة الإرهاب فى  المنطقة:

ضرورة الوعي بأن الواقع المؤلم الذي تعيشه عدد من الدول العربية من إرهاب وصراعات داخلية هو  نتيجة حتمية للتحالف بين الإرهاب والطائفية الذي تقوده قوى إقليمية.

6- سياسة التحالفات الوظيفية

اتباع السياسة الخارجية السعودية  اقتراب أكثر براجماتية لتحقيق مصالحها والاستقرار الإقليمي عبر نسج شبكة من التحالفات مع القوى الكبرى التي تلعب دوراً رئيسياً في مناطق الصراع في المنطقة، مستغلة ما تملكه من ثقل اقتصادي وأيديولوجي، من ناحية أخرى صارت سياسة المملكة تتسم بقدر كبير من المرونة في التعامل مع التحالفات الإقليمية أو الدولية بالانتقال من سياسة التحالفات المرنة القائمة على التغير في هياكل التحالفات إلى الاعتماد على التحالفات الوظيفية التي تقوم على التوافق في قضية واحدة مع دول أخرى  لتحقيق مصالح مشتركة بغض النظر عن تنافر المصالح في قضايا أخرى[38].من ناحية أخرى، ففي ظل حالة الإنكفاء الأمريكي عن الشرق الأوسط، أيقنت المملكة أنه لا يمكن الاعتماد على معادلة تفاهم متبادلة ومستقرة مع الولايات المتحدة، وعليه عززت المملكة التحالف مع عدد من الدول الكبرى كروسيا والصين والتنسيق معها بشان عدد من القضايا الإقليمية، أبرزها الملف السوري[39].

  • العلاقات السعودية الروسية, مع تنامي الدور الروسي وزيادة نفوذه في منطقة الشرق الأوسط بشكل ملحوظ، وخصوصا عبر التأثير في الحالة السورية، تسعي المملكة لتعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية وزيادة المبيعات العسكرية الروسية وتنسيق السياسات بينهم لمحاصرة إيران والضغط عليها وكبح جماح مشروعها الإقليمي التوسعي.

وقد شهدت العلاقات السعودية-الروسية تفاعلاتٍ متزايدة في الفترة الأخيرة، وذلك على نحو ما أظهرته زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى روسيا في 18 يونيو2015, وزيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز لروسيا في أكتوبر2017 كأول ملك سعودي الأمر الذي كان له بالغ الأثر في دفع العلاقات السعودية الروسية  لمستويات غير مسبوقة من التعاون والتنسيق في مختلف المجالات.[40]

أضف الى ذلك ,زيارة وزير الخارجية الروسي الاخيرة الى منطقة الخليج والتي تضمنت  محطاتها كل من الإمارات والسعودية وقطر فى مارس 2021 ,فى اطار سعي موسكو إلى استثمار أخطاء واشنطن دبلوماسيا وعسكريا واقتصاديا، ورغبتها في الاستفادة من أخطاء الإدارة الأميركية الجديدة،  وقد وصل حجم التبادل التجاري بين روسيا والسعودية  إلى 1.7 مليار وكانت صواريخ أس – 400 من ضمن الموضوعات التي تم بحثها في الرياض التي تحتاج إلى أنظمة متطورة لمواجهة التهديدات الإيرانية المزعزعة للاستقرار في المنطقة.

  • العلاقات السعودية الصينية ,أصبحت الصين طرفاً رئيسياً في معادلة تفاعلات القوي الدولية بعد احتلالها المرتبة الثانية، كأكبر اقتصاد في العالم، وكغيرها من القوى الدولية أولت الصين منطقة الخليج العربي أهمية بالغة بالنظر إلى أهميتها الإستراتيجية بحكم موقعها في ملتقى ثلاث قارات، هي: إفريقيا وأوروبا وآسيا وترى الصين أن الموقع الجغرافي للمملكة يؤهلها لتكون نقطة ارتكاز في مبادرة “طريق واحد، حزام واحد” التي تسعى الصين عن طريقها إلى إنشاء شبكة من الطرق البرية والبحرية وسكك الحديد لربط الصين بآسيا الوسطى والشرق الأوسط وأوروبا، بهدف تعزيز المبادلات التجارية وفتح الأسواق الخارجية في وجه المنتجات الصينية؛ حيث تسعى الصين إلى لعب دور أكبر في الشرق الأوسط يتوافق مع قوتها الاقتصادية والعسكرية المتنامية، من ناحية أخرى تسعي إلى الحفاظ على أمنها الطاقي، والانفتاح على أسواق استثمارية واعدة، وجذب الاستثمارات السعودية، بالرغم من بعض الصعوبات المرتبطة بالخلافات الصينية مع المملكة العربية السعودية خاصة حول القضية السورية .[41]

ويعد النفط والغاز الطبيعي من أهم ركائز العلاقات الاقتصادية بين الصين والمملكة حيث تستورد الصين 14% من احتياجاتها من النفط من السعودية.     من ناحية ثانية، يعد مجال الطاقة النووية إطاراً هاماً للتعاون بين الجانبين حيث وقعت السعودية والصين اتفاقية بشأن الطاقة النووية السلمية، الأمر الذي يعد تطورا مهما في ظل سعي المملكة لبناء 16 مفاعلا نوويا خلال العشرين عاما المقبلة بتكلفة تتجاوز 80 مليار دولار وذلك لمواجهة النمو المتزايدفي الطلب على انتاج الكهرباء بمعدل نمو سنوي يصل لنحو 8% بما يعني أن إنتاج الطاقة النووية للأغراض السلمية بات أمراً ملحاً سواء بالنسبة للمملكة أو دول مجلس التعاون عموماً[42].

خاتمة الدراسة

العلاقات بين الدول لا تقوم علي الود وإنما علي المصالح المشتركة والشراكات الإستراتيجية , وعلية ستظل العلاقات الامريكية السعودية قوية ولن تتجه الي التصعيد في ظل الإدارة الجديدة بقيادة الديمقراطيين, وإن كانت الخطابات الرسمية لإدارة بايدن تميل الي التأكيد علي حقوق الانسان والديمقراطية لتعزيز قيمها أمام الداخل الامريكى فستبقي في شكلها الرمزي دون التطبيق علي أرض الواقع. فالسياسات الخارجية الواقعية  للدول تحكمها المصالح وليس الشعارات. مما لاشك فيه, أمن العالم يبدا بالخليج وينتهي بالخليج وعليه تدرك الولايات المتحدة ثوابت العلاقات وإن كان هناك بعض التغييرات التكتيكية في أدوات السياسة الخارجية ولكنها لاتمس أمن الخليج كخط أحمر.لقد أعلن وزير الخارجية السعودي السياسة الخارجية  للمملكة بالقول: “هناك أمران لانساوم في المملكة عليهما وهما عقيدتنا وأمننا “

وعليه, يأتي سعي المملكة إلى تأسيس تحالفات وظيفية لمواجهة التهديدات المختلفة خاصة مع حالة “الانكفاء الأمريكي” وبعد أن أظهرت الولايات المتحدة استجابةً ضعيفةً لإحتياجات السعودية الأمنية والعسكرية وقد جاء هذا التحرك السعودي مدفوعاً بعاملين رئيسين، هما: تنويع علاقات المملكة على المستوى الدولي بما يحقق معادلة التوازن المأمول في سياساتها مع القوى الكبرى المؤثرة عالميا، ورغبة المملكة في تنويع مصادر القوة العسكرية والتقنية التي يجب أن تمتلكها القوات المسلحة السعودية وإبرام إتفاقية شراء منظومة الصواريخ الدفاعية الروسية المعروفة “إس “400؛ مما يمنحها مزيداً من المرونة في الحركة، وقدرة على مواجهة النفوذ الإيراني المتصاعد في المنطقة.

ومع ذلك، تدرك السعودية أنه لا يمكن التخلي عن الدور الأمريكي في مجال الأمن القومي لحساب القوى الدولية الأخرى (روسيا &الصين )على المدى القريب، حيث ما زالت روسيا، أقل التزاماً تجاه دول المنطقة سياسياً وعسكرياً  وتركز علي سوريا وستظل السعودية تنظر إلى الولايات المتحدة على أنها شريكها الأول الاقتصادي والعسكري كما أن لدى واشنطن القدرة على تحمل أعباء الإنتشار العسكري، وتطورها العسكري، وتشكيل تحالفات.

أيضا , تدرك المملكة أنه لا يوجد حالياً بديلٌ عن الوجود العسكري الأمريكي في الخليج للحدّ من النفوذ الإيراني. كما تدرك المملكة العربية السعودية جيداً أن الدور الذي تلعبه كلا من  (روسيا والصين)  فيما يخص الصراع السعودي الإيراني، يصب فقط في مصلحتهما الإستراتيجية و أمنهما القومي , كما تدرك الرياض مخاطر الانفصال التام عن واشنطن وأنه لن يصب في مصلحتها على المدى البعيد وعليه، ستحاول المملكة الاستفادة من علاقتها الاقتصادية مع روسيا والصين مع الحفاظ على علاقتها الوظيفية والأمنية مع واشنطن ولكن دون الاعتماد الكلي على مظلة الحماية الأمنية الأمريكية , كما تدرك  روسيا أيضا أنه في ظل وجود قواعد عسكرية أمريكية في جميع الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، لن تتمكن روسيا من إزاحة الولايات المتحدة من موقعها كفاعل عسكري مهيمن في الخليج العربي.

وتخلص الدراسة الي أن المملكة العربية السعودية  يقع علي كأهلها أعادت تكييف سياساتها الخارجية من أجل الحفاظ على مصالحها وأمنها القومي، والحفاظ على دورها وثقلها الإقليمي في مواجهة التمدد الإيراني، فى ظل تراجع الدور الأمريكي في المنطقة واستخدام كافة الأدوات المتاحة من أجل تقليل المخاطر على مصالحها ومواجهة التهديدات الأمنية، سواء كان هذه الأدوات والآليات عسكرية، أم أمنية واستخباراتية، أم سياسية أو اقتصادية أو القوة الناعمة والدبلوماسية .

[1]مايسة محمد محمود مرزوق , “العلاقات الأمريكية –السعودية  في ظل المتغيرات الإقليمية (2011-2016),” رسالة ماجستير , معهد الدراسات والبحوث الأسيوية , جامعة الزقازيق , مصر , ديسمبر 2019,ص2.

[2] Julian E. Barnes and Eric Schmitt .Trump orders withdrawal  of U.S Troops from Northern Syria .New York Times,October13,2019(accessed February 26,2021):http://nyti.ms/388ECm7

[3] katrina Manson, “Biden plans to reset ‘America First’ foreign policy”, The Financial Times, October 19, 2020, https://www.ft.com/content/dc11d51e-71bb-46ac-9dfb-6e2b5f43b452

[4] Josh Rogin, “U.S. foreign policy might be too broken for Biden to fix”, The Washington Post, October 8, 2020, https://www.washingtonpost.com/opinions/global-opinions/us-foreign-policy-might-be-too-broken-for-biden-to-fix/2020/10/08/b82cfcf0-09a0-11eb-859b-f9c27abe638d_story.html

[5] :2020 Democratic Party Platform, July 27, 2020 (accessed March 2, 2021)

https://bit.ly/3rfSwKE , p. 91

[6]عمرو عبد العاطى ,”السياسة الخارجية للمرشح الديمقراطى جو بايدن  تجاه الشرق الأوسط :الروئ والتوقعات “, مركز الإمارات للسياسات , 1 نوفمبر 2020.

https://epc.ae/ar/topic/bidens-foreign-policy-towards-the-middle-east-visions-and-expectations#_ftnref2

[7] Arabic.rt.com/world/121666>30/3/2021

[8] إيران ترفض شروط بايدن للعودة إلى الاتفاق النووي,4 ديسمبر 2020https://www.bbc.com/arabic/middleeast-55168624

[9] https://orient-news.net/ar/news_show/186408/ –

[10] 18 نوفمبر 2020www.bbc.com

[11] إيران ترفض شروط بايدن للعودة إلى الاتفاق النووي,4 ديسمبر 2020https://www.bbc.com/arabic/middleeast-55168624

[12] اليورانيوم المخصب: مخزون إيران يزيد “12 ضعفا” على الحد المسموح,12 نوفمبر 2020, https://www.bbc.com/arabic/middleeast-54915738

[13] نتائج الانتخابات الأمريكية: كيف سيتعامل جو بايدن مع إيران بعد ترامب,18 نوفمبر2020؟https://www.bbc.com/arabic/world-54989829

[14] إيران ترفض شروط بايدن للعودة إلى الاتفاق النووي,4 ديسمبر 2020https://www.bbc.com/arabic/middleeast-55168624

[15]   سارة عبدالعزيز , تأثير “كورونا” على مستقبل الإصلاحيين في انتخابات إيران, الأربعاء، 09 ديسمبر، 2020 https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/5950

[16] هل تسعى واشنطن إلى “تجزئة” الاتفاق مع إيران؟, مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة , الأحد28 مارس 2021

[17] برجا، فرانسوا وآخرون: “اليمن والعالم تفاعل اليمن والعالم في العقد الأخير من القرن العشرين”، مركز دراسات المستقبل والمركز الفرنسي للدراسات اليمنية، ص 235

[18] أحمد عردوم، “الصراع السعودي-الايراني واثره على اليمن”، مجلة العلوم السياسية والقانون، العدد 2، مارس 2017، المركز الديمقراطي العربي، برلين – ألمانيا.

[19] أحمد عردوم , مرجع سابق

[20] عبدالله عبدالحليم أسعد، “الولايات المتحدة والتحولات الثورية الشعبية في دول محور الاعتدال العربي”، 2010/2011″، رسالة ماجستير، جامعة النجاح الوطنية في نابلس، فلسطين، 2012، ص 99

[21] Jeffrey feltman, “The only way to end The war in Yemen: Saudi Arabia must move first”, foreign affairs, November, 26, 2018.

[22] مايسة محمد محمود مرزوق, مرجع سابق , ص 86.

[23] الإدارة الأمريكية تصعد حملتها في اليمن للحد من النفوذ الايراني في العالم العربي، المركز الديمقراطي العربي، برلين – ألمانيا، 22/10/2017.

https://democraticac.de/?p=50214

[24] https://www.bbc.com/arabic/middleeast-55954040

[25]  Julian Borger in Washington and Patrick Wintour. Biden announces end to US support for Saudi-led offensive in Yemen. The Guardian, February 4, 2021 (accessed February 27, 2021): http://bit.ly/3beyE52

[26] حرب اليمن :هل تنهي المبادرة السعودية بعد التصعيد الحوثي الأخير ؟ https://www.bbc.com/arabic/middleeast-56536580

[27]   الحرب في اليمن: الحوثيون يشترطون رفع الحصار عن اليمن رداً على المبادرة السعودية, https://www.bbc.com/arabic/middleeast-56495643

[28] ستيفن سيبش وإريك بيلوفسكي، “اليمن: النظرة في الرياض”، معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، 23 تموز / يوليو 2017.

http://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/yemen-the-view-from-riyadh1.

[29] https://www.aljazeera.net/news/politics/2021/3/7/%D8%A7%D8%A7-401

[30] احمد يوسف احمد، “أزمة اليمن: حلقة في مسلسل انكشاف الدولة الوطنية العربية”، دبي: مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، مجله افاق المستقبل: العدد 26، اغسطس 2015

[31] حسام السيد ذكي، “المملكة العربية السعودية والازمة اليمنية، والحلول الموجعة”، المركز الديمقراطي العربي، برلين – ألمانيا، 5 يونيو 2018.

[32] أحمد التلاوي: “تداعيات الازمة اليمنية على النظام السعودي”، المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، تقارير سياسية، 20 اغسطس 2016.

[33] https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2021/02/27/saudi-reaction-usa-intelligence-report-about-khashoggi

[34]نادية سعد الدين، “مسارات التحول: المعادلات الأمنية الجديدة في النظام الإقليمي العربي”، السياسة الدولية، ملحق: تحولات استراتيجية، 7 أغسطس 2016.

http://www.siyassa.org.eg/News/9847.aspx

[35] نهاد المشنوق ، ” السياسة التوسعية الإيرانية تعيد النفوذ الإقليمي السعودي إلي المنطقة”، 15/03/2015، على الرابط  الإلكترونىwww.alarab.co.uk/?id=15744

[36] امال زرنيز , مرجع سابق, ص130.

[37] محمد كمال, يا متوسطي العالم اتحدوا ,https://www.almasryalyoum.com/news/details/2298881

[38] امال زرنيز، ” التحول في السياسة الخارجية السعودية اتجاه منطقة الشرق الاوسط: “نحو إعادة التموضع الاقليمي”، مجلة العلوم السياسية والقانون، المجلد 2، المركز الديمقراطي العربي ألمانيا – برلين، العدد 9، يونيو / حزيران، 2018، ص 123.

[39] آمال زرنيز، “,مرجع سابق.

[40] https://arabic.cnn.com/middleeast/2015/06/19/saudi-russia-yemen-egypt6

اتفاقيات بين روسيا والسعودية خلال زيارة محمد بن سلمان.. و”مجتهد”: موسكو ترغب في استكمال صفقة أسلحة مع مصر بتمويل سعودي، الجمعه19 يونيو / حزيران، 2015.

[41] سنية الحسيني، “هل تعكس سياسة الصين تجاه الأزمة السورية، تحولات استراتيجية جديدة في المنطقة؟”، المركز الديمقراطي العربي، 28 ديسمبر 2015، تم تصفح المقال على الموقع الالكتروني https://democraticac.de/?p=25088

[42]أشرف كشك، “الاستراتيجية الصينية تجاه إيران ودول الخليج، معضلة تحقيق التوازن بين المصالح والمبادىء”، مجلة اراء حول الخليج، العدد 106، أبريل 2016

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى