دراسات استراتيجيةدراسات عسكرية

العلاقات المدنية – العسكرية في الجزائر: مجال بحث جديد في الدراسات الاستراتيجية وسياسات الدفاع

عامر مصباح (جامعة الجزائر 03)
من الناحية النظرية تقضي أطروحة العلاقات المدنية-العسكرية في الدراسات الاستراتيجية – المطروحة من قبل صتمويل هانتغتونSamuel Huntington وموريس جانويتزMorris Janowitz- إصلاح السياسة الدفاعية والأمنية في الديمقراطيات الجديدة من أجل تحقيق التحول الديمقراطي والتحكم المدني في القطاعات الأمنية المختلفة بما فيها الاستخبارات والجيش. إن عملية اصلاح الدفاع تشمل ثلاثة أبعاد رئيسية وهي: التحكمControl ، الكفايةEfficiency ، والفعاليةEffectiveness. يعني التحكم، وضع كل القطاعات الأمنية تحت سلطة إدارة مدنية ديمقراطية، وتعني الكفاية القيام بتدريب وتجهيز الجيش بشكل يصبح أكثر قدرة على القيام بالمهام الدفاعية على الحدود أو دعم الشرطة في حالة نشوب الاضطرابات الداخلية او تنامي الجريمة؛ وتعني الفعالية العسكرية، الاحترافية القتالية وفق المعايير الدولية، بحيث يصبح الجيش أكثر قدرة على التدخل السريع في مواجهة الطوارئ، الإرهاب، وردع المعتدين، بواسطة عدد قليل من الجنود ومعدات متطورة وقدرة قتالية فعالة.
تعتبر العلاقات المدنية -العسكرية جزءً من عملية التحول الديمقراطي في المجتمعات الحداثية، بحيث يتم تدريب وتعليم قوات الأمن المختلفة على التعامل باحترافية كبيرة مع أعمال الشغب والتهديدات الأخرى دون ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان، أو ممارسة أساليب التعذيب القديمة في الاستنطاق والتحقيق. في نفس الوقت ترقية القطاعات الاجتماعية للقطاعات الأمنية وإصلاح نظام التقاعد للعسكريين، بشكل يشجع كل الضباط القدامى على التقاعد والاستفادة من الحياة المريحة بعد انتهاء الخدمة.
في مقابل ذلك، يجب أن تمتد عمليات إصلاح النظم الدفاعية والأمنية إلى الثقافة الاجتماعية والسياسية للمجتمع ككل، على اعتبار أن قوات الأمن عندما يتم تدريبها وفق المعايير الدولية، تتفاعل وتتعامل في النهاية مع المجتمع العام الحامل لثقافة معينة، اعتقادات، تصورات اجتماعية، ادراكات اجتماعية؛ ومن ثم سوف لا تكون العلاقات المدنية-العسكرية -كما هي مصورة نظريا- فعالة في بيئة غير مناسبة ولا تتمتع بالمعايير الديمقراطية والقانونية الضرورية. فعلى سبيل المثال، ميل المجتمع المتزايد نحو ممارسة العنف، والدور غير الوظيفي لوسائل الإعلام في تسويق العنف وشحن مشاعر العنف، والإشهار للجرائم وما إلى ذلك؛ كلها عوامل غير وظيفية أو مثبطات لعمل العلاقات المدنية-العسكرية.
ليس هذا فحسب، وإنما أيضا عندما يترافق دائما مع مظاهر التعبير عن الرأي أحداث عنف، حرق للمنشآت، إغلاق للطرق.. كلها عوامل تشجع الناس على تأييد فكرة ضرورة شيوع القبضة الأمنية-العسكرية التي تتناقض مع عملية التحول الديمقراطي.
هناك الكثير من الإنجازات قد تمت في سبيل إصلاح النظام الدفاعي والأمني في الجزائر، لكنها مازالت بعيدة عن التقييم الأكاديمي ، والتحليل السياسي من قبل الطلبة والباحثين والأساتذة؛ وبالتالي هي مجال بحث مزال مهملا على الرغم من أهميته العلمية.

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى