العنف والعنف المضاد بين العرب والإسرائيليين

المبحث الأول

أحداث العنف بين العرب والإسرائيليين من 1882 حتى 1973

يقصد بأعمال العنف والعنف المضادّ تلك الأعمال، التي قامت بها المنظمات والقوات المسلحة العربية، وتلك التي شكلتها المنظمات اليهودية، ثم القوات الإسرائيلية، ضد عناصر غير مسلحة أو غير عسكرية من الجانب الآخر. ولا شك أن هذه الأعمال اختلفت، من حيث شدتها والأسلحة المستخدمة فيها، وطبيعة أهدافها، وطول مددها، وحجم وطبيعة ونوع  الخسائر الناجمة عنها.

لقد تطور العنف، في الصراع بين العرب والإسرائيليين، وفقاً للمراحل التي مر بها. فكانت بداية الصراع بين عرب فلسطين والمستوطنين الإسرائيليين، الذين تمكنوا من شراء أراضي محدودة، قبل الحرب العالمية الأولى، أي من عام 1882 إلى عام 1914. وما لبث أن تطور، في الفترة من 1914 إلى 1948، تطوراً واضحاً أثناء الحرب وبعدها، وعلى أثر وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وتشجيع المندوب السامي البريطاني هجرة اليهود إلى فلسطين، وحماية تنظيماتهم العسكرية فيها، حيث تصاعدت المقاومة العربية للمشروع الصهيوني، في حين توحشت المنظمات اليهودية، العسكرية وشبه العسكرية الإرهابية، وأصبحت تمارس أعمال عنف أشد قسوة ضد الفلسطينيين، الذين لا يستجيبون لمطالبها، وليس ضد الذين يقاومونها فقط. واشتد العنف مع اقتراب موعد انسحاب قوات الانتداب، في 15 مايو 1948، بهدف إخلاء فلسطين من أهلها. ولم يتوقف العنف، بعد انسحاب القوات البريطانية، وإعلان قيام إسرائيل، بل أمعنت إسرائيل في استخدامه، إنما ضد الأهداف ذات الطابع المدني.

أولاً: أحداث العنف والعنف المضاد بين الفلسطينيين والمستوطنين اليهود (1882 – 1914)

الاستيطان الصهيوني

بدأت الهجرة اليهودية المنظمة إلى فلسطين، في العام 1882. وقاومها الشعب الفلسطيني بأشكال متعددة، جمعت بين أسلوب العنف، متمثلاً في مهاجمة بعض المستعمرات، (مستعمرة بتاح تكفاه (1886) ومستعمرة الخضيرة (1892) والأساليب السلمية، متمثلة في الجهود الدبلوماسية، والتوعية الإعلامية.

ثانياً: العنف بين الحربين العالميتين

1. الهجرة اليهودية

سنت الإدارة البريطانية في فلسطين مجموعة من القوانين والأنظمة، التي تساعدها على الوفاء بتصريح بلفور، وإيصال فلسطين إلى حالة، تمكِّن الصهيونيين من ترسيخ الاستعمار الاستيطاني وتوسيعه، أرضاً ومهاجرين. ومن تلك القوانين والأنظمة قانون المهاجرة (1920)، وقانون الأراضي المحلولة (1921)، وقانون منع الجرائم (1933)، إضافة إلى فتح باب الهجرة، وإباحة بيع الأراضي لليهود. ولم تفعل سلطات الانتداب شيئاً للحدّ من الهجرة غير المشروعة، أو الأساليب غير القانونية لبيع الأراضي، أو الحؤول دون تهريب السلاح إلى المنظمات العسكرية الصهيونية. وجندت حرساً للمستعمرات اليهودية، وأنشأت قوة خاصة من الشرطة، عرفت بـ “البوليس الإضافي”، للدفاع عن المدن والمستعمرات اليهودية. واندفعت تعزّز حرس المستعمرات وتضاعف ضباط “البوليس الإضافي” وجنوده. زوّدتهما بكميات وفيرة من الأسلحة والمعدات، التي كانت موجودة في معسكرات الجيش البريطاني في فلسطين، وفي حين حظرت على المواطنين العرب حمْل أي سلاح للدفاع عن حقوقهم وحياتهم.

2. ثورة عام 1920

ثار الفلسطينيون على هذه السياسة وتلك التشريعات، فضلاً عن الغزوة الصهيونية. وتصاعدت المقاومة الفلسطينية وأصبحت فلسطين مسرحاً لأعمال العنف، التي سادت أرجاءها. ورد الصهيونيون، بدعم من حكومة الانتداب ومساعدتها، بعنف مماثل، للاحتفاظ بما حققوه من مكاسب. أخذت جماعات فلسطينية تهاجم بعض المستعمرات، مثل مستعمرتَي حي والمطلة، في منطقة الحولة، في مارس 1920، وبعض الحاميات البريطانية. وفي مناسبة احتفال العرب بموسم النبي موسى، في مدينة القدس، تعرضوا لهجوم من اليهود والجنود البريطانيين، واستمر القتال في المدينة خمسة أيام (4 ـ 8 إبريل 1920).

3. تصاعد  المقاومة الفلسطينية

نشطت المنظمة الصهيونية العالمية، بجناحيها: المدني (الوكالة اليهودية)، والعسكري (“الهاغاناه” 1921) و(“الإرغون” 1931) ثم (” شتيرن” 1937)، لجعل وعد بلفور واقعاً. وكثف الجناح العسكري، عملياته العسكرية، وصعّد العنف والإرهاب بمختلف أشكالهما، واستعمل شتى الأسلحة لتوسيع قاعدة الاستعمار الاستيطاني، واحتلال المزيد من الأرض، وطرد المزيد من أصحابها العرب، تمهيداً لإقامة الدولة العبرية.

بادرت المقاومة الفلسطينية إلى العنف، رداً على العنف الصهيوني المسلح ومنظماته الإرهابية. فنشبت ثورات وانتفاضات متعددة، ومترابطة الحلقات، أبرزها: ثورة 1921، وثورة البراق 1929، وثورة 1935، والثورة الكبرى 1936 – 1939، ضد الانتداب البريطاني والاستعمار الصهيوني معاً.

وشهدت مدينة يافا اصطدامات دموية، انتهت باستشهاد 157 عربياً ومقتل 47 من الصهيونيين والبريطانيين.

4. ثورة البراق 1929

وقعت أحداث البراق في القدس ونابلس والخليل وصفد وغيرها، في أغسطس 1929. وتجسدت في اصطدامات دموية، استشهد فيها 116 عربياً، وقتل 133 يهودياً. ودمرت القوات البريطانية عدة قرى، ودمر العرب عدة مستعمرات.

ونظّم أهل صفد جماعة مناضلة، لمقاومة البريطانيين والصهيونيين، هي عصابة الكف الأخضر. اعتصم رجالها بجبل الجرمق، على بعد 10 كم من صفد. وعملت كتيبة فرسان بريطانية، أكثر من عام، في البحث عنهم.

بدأت العصابة نشاطها بالهجوم على الحي اليهودي في صفد، في أكتوبر 1929، وكررته في منتصف نوفمبر التالي، بعد إنضم إليها عدد من الثوار السوريين، الذين تمرسوا بحرب الاستعمار الفرنسي، في ثورة 1925. وعمد المناضلون، بعد ذلك، إلى نصب المكامن في عكا. ولكن سلطات الانتداب عملت على محاصرتهم، وشن عمليات عسكرية كثيفة عليهم، لا سيما في الشهرين الأولين من عام 1930، واعتقلت 16 مناضلاً من أفراد الجماعة المؤسسين، وألقت القبض على قائدها في الأردن. وبذلك، توقف نشاطها.

5. ثورة القسام 1935

وجد الشيخ عز الدين القسام، في مدينة حيفا ومنطقتها، مكاناً صالحاً لخلق بؤرة ثورية منظمة، تعمل بكتمان وسرية، وتكون رداً على الغزوة الصهيونية والاستعمار البريطاني، وضداً لهما. وأعطى لثورته طابعاً قومياً، ونشر دعوته بين الفلاحين والعمال. قام بالإعداد النفسي، ونشر الروح الثورية، ثم أنشأ حلقات سرية، وألَّف لجاناً لجمع التبرعات وشراء السلاح، ثم قام بالثورة المسلحة.

بدأ القسام بالضربات الخاطفة، والأعمال الفردية، والمحلية، ضد المستعمرات الصهيونية ودوريات الجيش البريطاني والشرطة، بأسلوب حرب العصابات: اضرب واهرب. وحافظ على سرية المنظمة، حتى إنه حينما قرر مباشرة العمل الثوري، ميدانياً، لم يكن البريطانيون أو اليهود يعلمون شيئاً عن منظمته. إلى جانب ذلك، قام ببعض الاصطدامات الشديدة، والواسعة، في مدن وقرى الناصرة وبيت جن وجبل الكرمل وبلد الشيخ وأم الزينات وفرادة وعرابة والبطوف ومستعمرة نهلال ومستعمرة عتليت.

قاد القسام عدداً من رفاقه إلى الجبال القريبة من حيفا، حيث انتشروا في أحراج “يعبد” من قضاء جنين، وجعلوا قرية الشيخ زيد قاعدة لهم، في حين تسرب عدد آخر من المنظمة إلى حيفا، لمساندة الهجوم المنتظر من القسام على المدينة.

حاصر الجيش البريطاني أحراج “يعبد” بقوات كبيرة، مدعومة بالمدرعات والطائرات. فوقعت اصطدامات بين الطرفين، استمرت نحو خمسة أيام. ثم شدد البريطانيون هجومهم، حتى استشهد القسام وبعض رفاقه، في 20 نوفمبر في حين جُرح وأُسر آخرون.

أعاد القساميون تنظيم أنفسهم، بقيادة خليل محمد عيسى (أبو إبراهيم الكبير)، في حين ازداد عدد أفراد المنظمة. واستأنفت شن الهجمات على المستعمرات الصهيونية وقوات الجيش والشرطة. ووقعت معارك خطيرة في دالية الكرمل، وشعيا والمغار ولوبية وصفورية وغيرها.

6. ثورة 1936

أبت الحكومة البريطانية أن تحترم إرادة العرب، وواصلت تحديها لهم، وأعلن مستر أورمسبي غور، أمام مجلس العموم،  أن الحكومة لا تفكر إطلاقاً في وقف الهجرة. فيما أعلن المندوب السامي البريطاني في فلسطين بياناً رسمياً، تضمن هذا المعنى. وقررت الحكومة البريطانية إصدار شهادات هجرة جديدة، لإدخال أربعة آلاف وخمسمائة مهاجر يهودي إلى فلسطين، خلال أبريل 1936.

أهاج هذا التحدي السافر شعور الفلسطينيين، وقرر مجلس قيادة تنظيم سري، برئاسة عبد القادر الحسيني، تخويل رئيسه ومجلسه نفسه إعلان الثورة في الظرف المناسب، وأعلنوها في 7 مايو 1936.

فوجئ اليهود والبريطانيون، فجر السابع من مايو، بهجمات مسلحة عنيفة، ومنظمة، ومركزة، تشن عليهم في مختلف أنحاء البلاد، وطرق المواصلات الرئيسية تدمر، والجسور تهدم، وأسلاك البرق والبريد تقطع، ومراكز الحكومة ودوائرها، في المدن الكبرى، تنسف وتحرق. وانقضّ الثوار من بيت سوريك، شمال غربي القدس، على ثكنة للجيش البريطاني بالقرب منها، حيث دمروا الرادار فيها، ثم انطلقوا إلى منطقة القسطل، لقطع طريق المواصلات الرئيسي بين القدس ويافا. وفي الوقت نفسه، اندفعت قوات الجهاد المقدس، من قواعدها، في بتير وقالونية وعين كارم وساريس وأبو ديس وقطنة وصوبا والعيسوية وغيرها من قرى قضاء القدس، اندفعت تهاجم ثكنات الجيش ومراكز الشرطة وحرس المعسكرات اليهودية. بينما شرعت فِرق التدمير، التابعة لجيش الجهاد المقدس، تنسف الجسور وبعض طرق المواصلات، وتزرع الألغام تحت الخط الحديدي وفي الطرقات، التي كان من المتوقع وصول النجدات العسكرية البريطانية عبْرها، وتقوّض أعمدة الهاتف والبرق وتقطع الأسلاك. وانطلقت فصائل المجاهدين وخلاياهم، المخصصة للعمل داخل المدن، تهاجم مراكز الجيش والشرطة في مدينة القدس، وتشعل النيران في دوائر الحكومة، وتزرع الألغام في المناطق المُحيطة بالأحياء اليهودية. ووقعت في سائر فلسطين أعمال مماثلة، كان مسرحها الجبال وبعض المدن، منها معارك في نور شمس (21 يونيه 1936)، ومالجاعونة (12 أغسطس)، وبلعة (13 سبتمبر)، واليامون (3 مارس)، وبئر السبع (9 سبتمبر)، وطبرية (أكتوبر) والقدس (17 أكتوبر). وقد استشهد في هذه العمليات 224 ثائراً عربياً، في حين قتل 33 بريطانيا و80.

7. ثورة 1937

في الأسبوع الأخير من مارس 1937، باشر اليهود اقتراف أعمالهم العدوانية ضد العرب. ففي 26 مارس، فجروا الألغام والقنابل في سوق حيفا القديم، فقتلوا عدداً من الأطفال والنساء والشيوخ. وفي 28 منه، اقترفوا جريمة مماثلة في يافا، وأعقبوها بإلقاء القنابل والمتفجرات، في 30 مارس، في القدس والرملة، على المراكز التي يحتشد فيها الناس، كالمقاهي والأسواق، فقتلوا وجرحوا عدداً كبيراً من المدنيين. وفي 31 مارس، هاجمت قوة يهودية مسلحة، تابعة للهاغاناه، بعض القرى العربية في قضاء يافا. وردّ العرب، فوراً، على الأعمال اليهودية بالمِثل. وفي مطلع أبريل، وقعت اشتباكات واصطدامات بين العرب واليهود في القدس ويافا وصفد … وتوقفت على أثرها الاعتداءات اليهودي.

8. معركة بني نعيم

كانت معركة بني نعيم ـ قرية قريبة من الخليل ـ أعنف معارك الثورة وأشدها خطراً. وقد وقعت في مطلع يوليه 1938. إذ قرر المجاهدون، بعد الانتصارات التي حققوها في مختلف أنحاء فلسطين، أن يعملوا على طرد  القوات البريطانية من مدينة الخليل، وقرى جبل الخليل، ثم تحرير منطقة الجنوب.

حشد عبدالقادر الحسيني، قائد جيش الجهاد المقدس، قوة كبيرة من المجاهدين، تقدر بألف مقاتل، في قرية بني نعيم وما حولها. فجهز البريطانيون، بدورهم، حملة كبيرة، قدر عددها بثلاثة آلاف جندي، إضافة إلى نحو ألف رجل من رجال الشرطة و”البوليس الإضافي” وقوة حدود شرق الأردن. وزوّدت الحملة بسبع عشرة عربة مدرعة، وبطاريتَي مدفعية، ورشاشات ثقيلة، نقلت، جواً، من قاعدة بريطانيا في قناة السويس.

دارت معركة عنيفة بين الجانبين، استمرت نحو أربعين ساعة، تغلب فيها المجاهدون على قوات حكومة الانتداب، في اليوم الأول. لكن القوات البريطانية، أرسلت دعماً جديداً، في الليل، وتمكنت من إيقاف انتصار المجاهدين، وتطويقهم من جميع الجهات، ومهاجمتهم. فأمر عبدالقادر الحسيني المجاهدين بالانسحاب، وشق طريقه، بالقوة، عبْر خطوط الجيش البريطاني، وانقض عليه من الخلف، فقصفت القوات البريطانية المجاهدين بالمدفعية، وأطلقت نيران الرشاشات، فاستشهد أكثر من مائة وأربعين من العرب، وجُرح الكثيرون. كما قُتل وجُرح كثيرون من الجانب الآخر.

لما أعيت حكومة الانتداب الوسائل في القضاء على الثورة، عمدت إلى أقسى الإجراءات الظالمة ضد الشعب الفلسطيني، كما أمعنت في خطة النسف والتدمير في عشرات القرى ومئات البيوت في المدن.

بدأت الثورة يوم 2 نوفمبر 1937، بإضراب عام، شامل، في مناسبة ذكرى وعد بلفور. إذ انقض، فجر ذلك اليوم، عبدالقادر الحسيني وفصائله على مراكز الجيش البريطاني وثكناته وتجمعاته في لواء القدس، وهوجمت طرق المواصلات الرئيسية، التي تربط القدس بالساحل (يافا ـ تل أبيب)، ونشبت معركة على مقربة من ممر باب الواد. كما هاجم المجاهدون حراس المستعمرات اليهودية، وهاجمت حاميات المدن الفلسطينية ثكنات الجيش والشرطة، فألقيت المتفجرات على دوائر الحكومة ومراكزها، وقطعت أسلاك البرق والهاتف، وطُوقت الأحياء اليهودية في القدس ويافا وصفد.

في 19 مايو 1939، أعلنت الوكالة اليهودية، في بيان لها، رفض الكتاب الأبيض البريطاني. وتظاهر اليهود في القدس وحيفا وتل أبيب، ضد السياسة البريطانية. وبعد أيام، انطلق اليهود يعتدون على العرب، في المناطق القريبة من تل أبيب والمستعمرات اليهودية. واندفع الإرهابيون والعديدون من أفراد منظمة الهاغاناه، يقترفون المجازر والجرائم ضد العرب. وفي 30 مايو هاجم اليهود بحشود كبيرة المدنيين العرب في القدس، فقتلوا منهم خمسة، وجرحوا خمسة عشر. ثم راحوا يزرعون الألغام والمتفجرات في الأحياء والأسواق العربية. فقتل في سوق الخضار في حيفا، تسعة عشر رجلاً وسبع نساء وثلاثة أطفال، وجُرح كثيرون. كما قتل في أسواق الرملة والقدس وحيفا، من جراء المتفجرات والألغام، عدد غير قليل من النساء والأطفال والشيوخ.

9. العنف قبل انتهاء الاحتلال البريطاني 1947 ـ 1948

بعد التصويت على قرار تقسيم فلسطين، في 29 نوفمبر 1947، انفجرت الاضطرابات في فلسطين. فقد دعا العرب إلى إضراب، مدته ثلاثة أيام، ونظموا المظاهرات الاحتجاجية. وانبرى اليهود يحتفلون بانتصارهم السياسي. وقدر أن حوالي 1700 شخص، من كلا الجانبين، لاقوا حتفهم، خلال الأيام المائة، التي تلت إقرار مشروع التقسيم، مما دعا الأمم المتحدة إلى التفكير في إعادة النظر في القرار المذكور.

في 24 مارس 1948، حذر مندوب الوكالة اليهودية مجلس الأمن الدولي، من “أن الشعب اليهودي، سيعارض أي اقتراح، يهدف إلى منع أو تأجيل إقامة الدولة اليهودية”. وقرر الصهيونيون إحباط كل محاولة، يقوم بها مجلس الأمن الدولي، قد تبطل مفعول قرار التقسيم، وأن يكونوا هم أنفسهم القانون، ويواجهوا الأمم المتحدة بالأمر الواقع. فعمدت الهاغاناه، والجماعتان المنشقتان عنها: الإرغون تسفائي لؤومي وعصابة شتيرن، إلى مهاجمة السكان العرب بضراوة.

كان من سياسة اليهود تشجيع العرب على مغادرة ديارهم، واقتلاع المتشبثين منهم بقراهم، عنوة. غير أن الحادث الذي أشاع الذعر، وعجّل في هرب السكان العرب، كان المذبحة، التي ذهب ضحيتها 250 قتيلاً، بين امرأة ورجل وطفل، في قرية دير ياسين، في 9 إبريل 1948. ووفقاً لوصف الكاتب اليهودي، جون كيمشي، فإن هذا الاعتداء “أبشع وصمة في تاريخ اليهود”. ووصف وزير العدل الإسرائيلي السابق، دوف جوزيف، الهجوم بأنه “كان متعمداً وبلا استفزاز”. في حين أن قائد الهجوم، مناحم بيجين، يقول: “لولا النصر في دير ياسين، لما كان هناك دولة إسرائيل”.

أما دافيد بن غوريون، فيقول: “ما أن أطل شهر أبريل 1948، حتى كانت حربنا الاستقلالية، قد تحولت بصورة حاسمة من البالماخ، وسرعان ما أظهروا الحماسة التي أحيت جيشنا بسرعة، وقادته إلى النصر. وفي عملية نخشون، نظفت الطريق المؤدية إلى القدس، في مطلع أبريل، وتم احتلال القدس الجديدة كلها تقريباً. وطرد الثوار من حيفا ويافا وطبرية وصفد بينما كان الانتداب أو يومين من الغزو العربي لم تكن مستعمرة قد فقدت أو طريق قد قطعت . وبدأ العرب بالهرب من المدن، حالما بدأت الاضطرابات، تقريباً، في الأيام الأولى من ديسمبر 1947.

ويقول مناحم بجين، رئيس جماعة إرغون تسفائي لؤومي الإرهابية: “كنا في القدس وغيرها أول من انتقل من الدفاع إلى الهجوم، وبدأ العرب يفرون خائفين، وكانت الهاغاناه تقوم بهجمات ناجحة على الجبهات الأخرى، فيما كانت جميع القوات اليهودية، قد بدأت تتقدم عبْر حيفا، كالسكين في الزبد. وراح العرب يفرون مذعورين، وهم يصيحون: “دير ياسين”، ويتابع مناحم بجين، قائلاً: “في الأشهر التي سبقت الغزو العربي، وفيما كانت الدول العربية الخمس تتأهب، كنا نواصل هجماتنا على الأراضي العربية. ويُعَدّ اجتياح يافا حدثاً له أهميته الأولى في الكفاح من أجل الاستقلال العبري. وكان ذلك في أوائل مايو، أي عشية الغزو الذي قامت به الدول الخمس …”.

توزعت الهجمات الإسرائيلية الرئيسية وعمليات الاحتلال والطرد، التي جرت قبل أن يغادر البريطانيون فلسطين، في 14 مايو، وقبل أن يدخل جندي واحد من الدول العربية فلسطين على ثلاثة محاور:

أ. الأراضي المخصصة للدول العربية : هوجمت القرى العربية: قزاز وسلمة وسريس والقسطل وبيار عدس ومدينتا يافا وعكا، خلال الفترة بين ديسمبر 1947 ومنتصف مايو 1948.

ب. الأراضي المخصصة للدولة اليهودية: هوجم السكان العرب في مدن طبرية وحيفا وصفد وبيسان، ومئات من القرى العربية، وأجبروا على الفرار، أو طردوا قبل 15 مايو 1948.

ج. ضمن المنطقة المخصصة لقطاع القدس الدولي: وقعت مذبحة دير ياسين، في 9 أبريل 1948، وهوجم حي القطمون العربي، واحتل، في 29 أبريل 1948.

طرد، خلال هذه الأشهر الستة، حوالي 400 ألف عربي فلسطيني من ديارهم، وأصبحوا لاجئين، أي أن أكثر من نصف عرب فلسطين، صاروا لاجئين؛ فقد طردوا طرداً أو حُمِلوا على الفرار، قبل 15 مايو، اليوم الذي دخلت فيه القوات العربية فلسطين.

10. مذبحتا بلد الشيخ وحواسة (1/1/1948)

هاجم الصهيونيون قريتَي بلد الشيخ وحواسة، الواقعتين إلى الجنوب الشرقي من حيفا، مستهدفين إشاعة الذعر، وبث الخوف بين العرب، من أجل تهجيرهم من قراهم. وقد بدأ الهجوم في الساعة الأولى من اليوم الأول من عام 1948. وكان عدد المهاجمين يراوح بين 150 صهيونياً و200 صهيوني، قذفوا البيوت بالقنابل، وقتلوا سكان القريتين بالرشاشات، بعد أن حاصروهما.

11. مذبحة دير ياسين (9 ـ 10 أبريل 1948)

تعرضت قرية دير ياسين التي فاق عدد سكانها 600 فلسطيني، عام 1948، لمذبحة، لعبت الدور الأول فيها منظمتان صهيونيتان إرهابيتان، هما: الإرغون تسفائي لؤومي، وكان يرأسها، حينئذ، مناحم بجين والثانية هي شتيرن. ولعبت الهاغاناه في المذبحة دوراً مهماً، حاولت إخفاءه. وقد أصبح اسم القرية العربية، التي أبيد أهلها العرب، ولم ينجُ منهم إلا أفراد قلائل، رمزاً للإرهاب الصهيوني، المرتبط، بدوره، ارتباطاً عضوياً بالعقيدة الصهيونية. تهيأت قوة المنظمتين الإرهابيتين، الإرغون تسفائي لؤومي وشتيرن، التي يفوق قوامها ثلاثمائة مقاتل، لاحتلال دير ياسين، في عملية عسكرية، اسمها “أحدوت”، متفرعة من عملية “ناخسون”، المتعلقة بالقدس ومنطقتها.

في الساعة الثانية من صباح 10 أبريل 1948، أُعطي الأمر بالهجوم على دير ياسين، فتحركت وحدات الإرغوان، إضافة إلى عناصر من منظمتَي الهاغاناه والبالماخ، لاكتساح دير ياسين من الشرق إلى الجنوب. وتبعتهم وحدة من شتيرن، في سيارتين مصفحتين، وضع عليهما مكبر صوت. ويروي بجين، في حديثه عن المذبحة، أن العرب دافعوا عن بيوتهم ونسائهم وأطفالهم بقوة، فكان القتال يدور من منزل إلى منزل. وكان اليهود كلما احتلوا بيتاً، فجّروه على مَن فيه. بالمتفجرات (ت. ن. ت)، التي كانوا قد أحضروها لهذا الغرض. وبعد تقدم بطيئ في الظلام، وقبيل ساعات الصباح الأولى، بدأ احتلال القرية وتدميرها على من فيها. ودخل إرهابيو شتيرن، تتقدمهم سيارة مصفحة، تحمل مكبراً للصوت، وهدفهم أن يصِلوا إلى قلب القرية. وكان المذياع يقول للعرب: ” إنكم مهاجمون بقِوى أكبر منكم. إن المخرج الغربي لدير ياسين، الذي يؤدي إلى عين كارم، مفتوح أمامكم، فاهربوا منه سريعاً، وأنقذوا أرواحكم”.

لكن سكان القرية، الذين صدقوا النداء، وخرجوا من بيوتهم هاربين، اصطيدوا برصاص الإرهابيين الصهيونيين. وأما الذين بقوا في منازلهم، ومعظمهم من النساء والأطفال والشيوخ، فكان لا بد من الإجهاز عليهم. فأخذ اليهود يلقون القنابل داخل البيوت، فيدمرونها على من فيها. وعندما بدا أن تقدم الإرهابيين الصهيونيين كان أبطأ مما توقعوا، واستغرق الوصول إلى قلب القرية نحو ساعتين، انبرى محاربو الإرغون وشتيرن، ومعهم المتفجرات، إلى قتل كل ما يتحرك في دير ياسين. واستمر تفجير المنازل وإطلاق الرصاص حتى قبل ظهر 10 أبريل 1948، حين تم احتلال القرية كلها. ثم عمدت وحدة من الهاغاناه إلى حفر قبر جماعي، دفنت فيه مائتين وخمسين جثة عربية.

قال مناحم بيجين، في كتابه “الثورة”، عن المذبحة: “قبل أن تسقط القدس، قمنا بأعمال كثيرة جليلة؛ فقد استطاع رجالنا أن يخترقوا باب العمود وباب الخليل، ويكبدوا العدو العربي خسائر جسيمة. وهاجم رجالنا قرية شعفاط. وفي 9 ـ 10 أبريل قاموا، أيضاً، مع رجال شتيرن، باحتلال دير ياسين، وأما تنصل الهاغاناه وقائدها من عملية دير ياسين، فقد واجنهاه برسالته، التي وجّهها إلى قائدنا وقائد شتيرن في المعركة، في 7 أبريل … كان لهذه الحملة الصهيونية نتائج كبيرة غير متوقعة. فقد أصيب العرب، بعد أخبار دير ياسين، بهلع لا حدود له، فأخذوا بالفرار، للنجاة بأرواحهم، وسرعان ما تحول هذا الهرب الجماعي إلى اندفاع هائج، جنوني، لا يمكن كبْحه أو السيطرة عليه. فمن أصل 800000 عربي، كانوا يعيشون على أرض إسرائيل الحالية، لم يتبقَ سوى 165000 فقط. إن الأهمية الاقتصادية والسياسية لهذا التطور، لا يمكن المبالغة فيها، مهْما قيل”.

المبحث الثاني

المقاومة، اللبنانية والفلسطينية، والعمليات الاستشهادية

أولاً: المقاومة اللبنانية والفلسطينية، 1974 ـ 1982

1. عملية مستعمرة الخالصة (كريات شمونه) في الجليل الأعلى، 11 أبريل 1974.

2. عملية مستعمرة ترشيحا (معالوت) 15 مايو 1974.

3. عملية مستعمرة أم العقارب (كيبوتس شامير)، 13 يونيه 1974

4. عملية مستعمرة نهاريا، 24 يونيه 1974

5. عملية بيت شان، 19 نوفمبر 1974.

6. عملية سينما القدس، 11 ديسمبر 1974.

7. عمليات 1975

8. احتجاز حافلة إسرائيلية (11 مارس 1978).

احتجز تسعة فدائيين فلسطينيين حافلة إسرائيلية، قرب تل أبيب، في 11 مارس 1978. وأدى الحادث إلى  مقتل 37 شخصاً، بينهم الفدائيون التسعة، وجرح 82 شخصاً.

ثانياً: العنف الإسرائيلي، بعد حرب 1982

1. الإغارة على مقر قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، في حمامات الشط (أول أكتوبر 1985)

أغارت الطائرات الإسرائيلية، أول أكتوبر عام 1985، على مقر منظمة التحرير الفلسطينية، في حمامات الشط، في تونس، فدمرته وأصابت عدداً من المدنيين.

2. اغتيال أبي جهاد (16 أبريل 1988)

قامت قوة إسرائيلية باغتيال القائد الفلسطيني، خليل الوزير، المعروف بأبي جهاد، في منزله، في تونس في  16 أبريل 1988.

3. قتل المدنيين في خان يونس (1992)

أطلق الجنود الإسرائيليون النار، في 18 ديسمبر 1992، على ثمانية فلسطينيين، في خان يونس، فقتلوهم. وفي اليوم التالي، قتلوا ستة آخرين، في البلدة نفسها، وجرحوا العشرات.

4. الاجتياح الجوي الإسرائيلي لجنوبي لبنان (يوليه 1993) (تصفية الحساب)

قامت إسرائيل، في الفترة من 23 إلى 30 يوليه 1993، اجتياح جوي لجنوبي لبنان، استهدف السكان المدنيين. وقتلت غاراتها الجوية ومدفعيتها عشرات المواطنين، ودفعت بالألوف إلى الهجرة نحو الشمال.

5. الهجوم على المصلِّين في الحرم الإبراهيمي

هاجم الصهيوني، باروخ جولد شتاين، من أعضاء منظمة كاخ، ومن مستعمرة كريات أربع (كان يحمل رتبة نقيب احتياطي في الجيش الإسرائيلي)، الحرم الإبراهيمي، في مدينة الخليل، حينما كان المسجد غاصّاً بالمصلين، في فجْر الجمعة 25 فبراير 1994، وأطلق النار من رشاشه، فقتل 60 شخصاً، وجرح عشرات المصلين.

6. “عناقيد الغضب”

قامت إسرائيل، طوال 16 يوماً، من 11 أبريل 1996 وحتى فجر 27 أبريل 1996، بعدوان على لبنان، اتخذ شكل المذبحة. فقد اشتركت الطائرات، القاذفة والعمودية، والمدافع الثقيلة، بعيدة المدى، ومدافع الدبابات، والمدفعية البحرية، بصبّ نيرانها، بشكل متواصل، وكثيف، على مئات المدن والقرى والمزارع اللبنانية، بدءاً من الجنوب حتى العاصمة بيروت وطريق بيروت ـ دمشق، بقصد القتل والتدمير لكل مظاهر الحياة. وأطلقت القوات الإسرائيلية، طوال مدة العدوان، 32 ألف قذيفة. وقامت طائراتها بحوالي 1500 طلعة جوية.

في يوم 18 أبريل 1996، أطلقت المدفعية الثقيلة، ومدفعية الدبابات، مئات القنابل على ثلاثة أروقة في معسكر الوحدة الفيجية، العاملة في إطار قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، قرب قرية قانا. وكان في تلك الأروقة ما يزيد على 800 لبناني، هربوا من قراهم ومزارعهم، التي تعرضت للقصف الإسرائيلي، ولاذوا بقوات الأمم المتحدة. وخلال ثوانٍ قليلة، أصبح مقر الوحدة الفيجية مستنقعاً من الدماء والأطراف والرؤوس والأحشاء المتناثرة والأجسام المحترقة. وكانت الحصيلة 106 قتلى، وحوالي 140 جريحاً، معظمهم من النساء والأطفال.

جاء في تقرير المستشار العسكري للأمين العام للأمم المتحدة، الجنرال فراكلين فان كاين، عقب قيامه بالتحقيق في مذبحة قانا، وزيارته موقع الوحدة الفيجية، والمعلومات التي استقاها من السلطات، اللبنانية والإسرائيلية، وقيادة الكتيبة الفيجية التابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، إلى جانب شهود عيان ووثائق مختلفة ـ أن المدفعية الإسرائيلية، بدأت بقصف مقر الكتيبة الفيجية، بعد ظهر 18 أبريل 1996. في حين كان ما يربو على 800 لبناني، قد لجأوا إلى داخل المقر. كما أثبت وجود طائرة استطلاع وتصوير ونقل معلومات (طائرة من دون طيار)، فوق مقر الوحدة، قبْل بدء القصف وخلاله، أي أن إسرائيل كانت تعرف معرفة دقيقة صفة الموقع، كمقر للأمم المتحدة، وما فيه من لاجئين.

قتلت المدفعية، في اليوم نفسه، 11 لبنانياً في بلدة النبطية، وجرحت ثمانية، جلهم من النساء والأطفال.

في يوم 16 أبريل 1996، قتلت قنبلة إسرائيلية، في بلدة المنصوري، أربعة أطفال وامرأتين، كانوا جميعا في سيارة إسعاف.

طال القصف البشر (أكثر من 250 قتيلاً) والعمران، والمنشآت الاقتصادية، والبنية التحتية، ومرافق الكهرباء، ومحطات المياه، والمدارس والمعابد، وشبكات الصرف الصحي والطرق، بل قطع شرايين المواصلات والجسور بين المدن الساحلية وقرى الجنوب، قصد محاصرتها، وتجويع سكانها. وطال القصف سيارات الإسعاف، بما فيها سيارات قوات الطوارئ الدولية والصليب الأحمر الدولي، ومنعها من التحرك وأداء واجبها.

ثالثاً: الهجمات الإسرائيلية على لبنان

1. الهجوم الإسرائيلي على قرية كفرشوبا

تمكنت قوة من الفدائيين، قوامها 30 مقاتلاً، جيدة التسليح والتدريب، في 11 يناير 1975، من إحباط هجوم إسرائيلي على قرية كفرشوبا، في منطقة العرقوب، شنته قوة إسرائيلية، قوامها حوالي 200 جندي.

2. العملية الإسرائيلية عام 1978

رداً على عملية الحافلة، شنت إسرائيل عملية هجومية، 15 ـ 21  مارس 1978، قوامها ثلاثة ألوية مدرعة، ووحدات مشاة محمولة، ووحدات مظليين. وساندتها قوة بحرية، وقوة جوية، مؤلفة من نحو 60 طائرة. واستمرت العملية ستة أيام، توغلت، خلالها، القوات الإسرائيلية إلى نحو 18 كم في الأرض اللبنانية، ليمتد الاحتلال الإسرائيلي إلى مشارف صور.

انطلق الهجوم الإسرائيلي في منتصف ليلة 14 ـ 15 مارس، بقصف مدفعي وغارات جوية على قوات الثورة الفلسطينية، وميليشيات الأحزاب والتنظيمات السياسية الوطنية اللبنانية، شبه العسكرية، من الناقورة غرباً، حتى جبل الشيخ شرقاً. ثم تقدمت الألوية المدرعة مع تعزيزاتها، تحت غطاء القصف، الجوي والمدفعي، وعلى ثلاثة محاور:

أ. القطاع الشرقي: مرجعيون ـ الحاصباني ـ العرقوب.

ب. القطاع الأوسط: الطيبة ـ القنطرة ـ الغندورية ـ ومارون الراس ـ بنت جبيل ـ تبنين.

ج. القطاع الغربي، أو الشريط الساحلي: رأس الناقورة ـ البياضة ـ صور.

كثف العدو هجومه، في 18 مارس، براً وبحراً وجواً، ليقضي على المقاومة الفلسطينية والمقاومة الوطنية اللبنانية، وليبلغ هدفه بالوصول إلى الضفة الجنوبية لنهر الليطاني، فيطبِق على صور. وبذلك، امتدت المنطقة، التي احتلتها القوات الإسرائيلية، في اليوم السادس من القتال، من الحدود اللبنانية ـ الفلسطينية حتى جنوب الليطاني، وبعيداً عن شرقي صور بخمسة كم.

تصدت المقاومة الفلسطينية لجيش العدو، ببضعة آلاف من المقاتلين. انتشروا  في مساحات واسعة، وكانوا ينتقلون بأسلحتهم الخفيفة من موقع إلى آخر، فلم يجْد معهم سلاح التطويق، ولا كثافة النيران، ولا أساليب الحرب التقليدية، ولا اشتراك القوات الثلاث، البرية والجوية والبحرية، في توجيه نيران غزيرة ومركزة.

واستطاع الفلسطينيون إحباط التكتيكات والأساليب التقليدية الإسرائيلية. وعملوا بأساليب الدفاع الدينامي المتحرك، الذي يضرب العدو من الأمام والجنب والخلف. واقتصرت السيطرة الإسرائيلية على مفارق الطرق. بينما تحرك الفلسطينيون بحرية وسرعة، وتابعوا هجماتهم على المواقع الإسرائيلية، وزرعوا الألغام والفخاخ على الطرق، وحولوا مخيم الرشيدية ومنطقة صور إلى ستالينغراد.

3. عملية 1981

بدأت عملية 1981، في 10 يوليه، حينما شنت القوات الجوية الإسرائيلية غارتين على قواعد المقاومة، قرب بلدة النبطية. وتلا ذلك قصف عشوائي على قرى الجنوب اللبناني. وردت قوات الثورة الفلسطينية بإطلاق المدافع والصواريخ على المستعمرات في الجليل الأعلى والجليل الغربي. واستمر القصف سجالاً، حتى 24 يوليه، حين توقف إطلاق النيران. وتخلل العملية إنزالات بحرية وجوية ومعارك.

تناول القصف الإسرائيلي بالمدافعية والطائرات، وحدات المقاومة وأسلحتها ومواقعها، وقياداتها في الجنوب اللبناني وبيروت وغيرهما. وأودى القصف بحياة أكثر من 150 شخصاً، جميعهم من المدنيين. وبلغ عدد المدن والبلدات والقرى، التي قصفتها القوات الإسرائيلية، جواً وبراً، 46 مدينة وبلدة وقرية.

وردت القوات الفلسطينية بقصف مدفعي وصاروخي غزير، ومكثف، على المواقع الإسرائيلية، وعلى 22 مستوطنة، منها 16 في إصبع الجليل، و7 في الجليل الغربي. وأصيبت مئات المنازل، وتعرضت الأراضي الإسرائيلية، خلال أسبوعين، لما يراوح بين 200 و2500 قذيفة وصاروخ ثقيل، إضافة إلى نحو 1500 قذيفة، سقطت على المناطق الحدودية، التابعة لميليشيا جيش لبنان الجنوبي، مقارنة بـ 1500 قذيفة، تعرضت لها إسرائيل والمناطق الحدودية، طوال فترة تزيد على 18 شهراً قبل القتال الأخير.

كان للقصف المدفعي والصاروخي تأثير كبير في معنويات سكان الجليل، الأعلى والغربي. فعاشوا في الملاجئ، وتعطلت الحياة اليومية، ونزح قسم كبير منهم إلى مناطق آمنة. ففي كريات شمونه، لم يبقَ إلاّ 2000 ـ 3000 شخص من السكان، من مجموع 17 ألف نسمة، عدد سكان البلدة.

4. حرب 1982

بدأت الحرب في 4 يونيه بغارات جوية إسرائيلية كثيفة، خلفت نحو 150 قتيلاً من المدنيين، اللبنانيين والفلسطينيين. واستمرت الغارات الجوية، إضافة إلى القصف المدفعي، من البر والبحر. ووصلت القوات الإسرائيلية إلى طريق بيروت ـ دمشق، وبدأت محاصرة العاصمة اللبنانية، التي لم تكن محصنة للدفاع ضد هجوم تشكيلات برية كبيرة. استمرت معركة بيروت 65 يوماً، من 9 يونيه إلى 12 أغسطس، تعرضت خلالها المدينة لقصف عنيف ومركز، وحُرم السكان من الماء والغذاء والدواء والكهرباء.

5. معركة بيروت وحصار السكان

اصطدمت القوات الإسرائيلية، جنوبي بيروت، بدفاع صلب، أدى إلى إحباط مساعي العدو إلى تحقيق انهيار إرادة القتال، وحال دون سقوط المدينة المحاصرة. وعلى الرغم من الإعياء، وتطويق العاصمة، وحرمان السكان من الماء والغذاء والدواء والكهرباء، فقد ضغطت المقاومة الوطنية اللبنانية والفلسطينية، وتعاظمت الخسائر البشرية لدى الجانبين، كما تعاظمت الخسائر المادية، التي أنزلتها المقاومة بجيش الاحتلال، الأمر الذي أدى إلى قرار القيادة الإسرائيلية بالانسحاب، قبْل مطلع يونيه 1985.

6. مذبحة صبرا وشاتيلا (16 ـ 18 سبتمبر 1983)

نتيجة للغزو الإسرائيلي للبنان، عام 1982، اتُّفق على أن تخرج قوات الثورة الفلسطينية من بيروت، بدءاً من 21 أغسطس 1982 فيما دخلت، إليها، في اليوم نفسه، طليعة القوات متعددة الجنسيات. وكان من المتُّفق عليه أن تبقى هذه القوات لمدة شهر، قابِل للتمديد، وأن تعمل بإشراف الحكومة اللبنانية، وأن يترك أمر انسحابها لاتفاق مع الحكومة اللبنانية، واستشارة قيادة منظمة التحرير والاتفاق معها.

جردت القوات متعددة الجنسيات القوى الوطنية والمخيمات الفلسطينية من أسلحتها، الخفيفة والثقيلة، ونزعت حقول الألغام، وأبطلت فعل العبوات المتفجرة، وأصبحت المخيمات محرومة من وسائل المقاومة، على أساس أن الجيش اللبناني والقوات متعددة الجنسيات هما المسؤولان عن ضمان أمن المخيمات وتأمين حمايتها.

بدأت القوات الأمريكية بالانسحاب، بعد تنفيذ هذه المهمة، بدءاً من 13 سبتمبر 1982، أي بعد ثلاثة أسابيع فقط من وصولها. وتبعتها القوات الفرنسية والإيطالية. وبات الموقف في قبضة قوات الغزو الإسرائيلية.

كان من المقرر، بعد انتخاب بشير الجميل رئيساً للبنان في 23 أغسطس 1982، أن يبدأ تنفيذ الخطة الأمنية في بيروت الشرقية، وتوحيد شطرَيها، في 15 سبتمبر 1982، بنشر قوات الأمن الداخلي، إلا أن بشير الجميل، اغتيل في اليوم المذكور عينه.

أدى الغزو الإسرائيلي إلى هجرة معظم سكان بيروت. وعندما توقف القتال، بدأت العودة إلى المخيمات. وكان في مخيم صبرا، في منتصف سبتمبر 1982، حوالي 56 ألف نسمة.

التقى رئيس الأركان الإسرائيلي، آنذاك، الجنرال رافاييل إيتان، ليلة 14 ـ 15 سبتمبر، قائد الجبهة الشمالية وقائد الفرقة. ثم توجّه إلى المركز الرئيسي لحزب “الكتائب”، حيث أمر قيادة “الكتائب” بإعلان التعبئة العامة، وحظر التجول في المناطق التي تسيطر عليها كافة، استعداداً لعملية اجتياح مخيمَي صبرا وشاتيلا. وطلب من ضابط الاتصال الكتائبي، أن يلتحق بمركز القيادة المتقدم للفرقة الإسرائيلية. وأبلغ قيادة الحزب أن القوات الإسرائيلية، ستطوق مخيمَي صبرا وشاتيلا، أما القتال داخل المخيمَين، فيقع على عاتق “القوات اللبنانية”. بعد ذلك، انتقل إيتان إلى مركز القيادة المتقدم، على سطح مبنى مؤلف من خمسة طوابق، على بعد 200 متر جنوب غرب مخيم شاتيلا، يمكن من على سطحه أن يشاهد، بسهولة، ما يجري في المخيمَين.

ووصل أرئيل شارون، وزير الدفاع الإسرائيلي، صباح 15 سبتمبر، إلى مركز القيادة المتقدم للفرقة. وصدَّق على الخطة، واتصل بمناحم بيجين، وأبلغه إياها، ونتائجها المتوقعة. وانتقل إلى مقر حزب “الكتائب”، حيث بارك خطة إيتان، واتفق الجانبان على أن تدخل قوة من “الكتائب” من 150 كتائبياً، إلى المخيمَين، من الجنوب إلى الشمال، ومن الغرب إلى الشرق. كانت تعليمات شارون تقضي بحصر قيادة جميع العمليات المشتركة في القيادة الإسرائيلية.

استولت القوات الإسرائيلية على أجزاء واسعة من بيروت، من بينها مخيم صبرا للاجئين، حيث وقعت اشتباكات محدودة. وحاصرت القوات الإسرائيلية مخيمَي صبرا وشاتيلا من ثلاثة اتجاهات، وبذلك، توافرت الظروف لتنفيذ خطة المذبحة في المخيمَين، التي نفّذتها قوات “الكتائب”، بالاتفاق مع القوات الإسرائيلية، وبإشرافها وحمايتها.

دخلت “القوات اللبنانية” إلى مخيمَي صبرا وشاتيلا، في الساعة 1800 (السادسة) مساء يوم 16 سبتمبر 1982، مستعينة بالإضاءة، التي وفرتها لها الطائرات والهاونات. وغادرتهما في الساعة الثامنة، صباح يوم 18 سبتمبر، بعد أن أعملت سلاحها وحقدها في اللاجئين الفلسطينيين العزل، المقيمين بالمخيمَين. فقتلت المئات منهم، ولم تشاهد امرأة أو شيخاً أو طفلاً أو مريضاً أو معوقاً، إلا قتلته. ولم ينجُ من الموت إلا من استطاع الهرب، وهم قِلَّة.

تلقى ضابط الاتصال الكتائبي مخابرة لاسلكية من أحد قادة “القوات اللبنانية” في المخيمَين، أثناء العملية، يقول فيها إنه أمسك بخمسة وأربعين شخصاً، ويسأل عمّا يفعله بهم. فأجابه ضابط الاتصال: “اعمل بمشيئة الله …”. ثم تلقى مخابرة ثانية من قائد آخر، أن لديه خمسين امرأة وطفلاً، فماذا يفعل بهم؟ فكان رده: “إنها المرة الأخيرة، التي تسألني فيها سؤالا كهذا. أنت تعلم تماماً ماذا عليك أن تفعل”.

اجتاحت “القوات اللبنانية” مستشفى غزة، في مخيم صبرا، في الساعة الخامسة، صباح يوم 18 سبتمبر 1982. واقتادت جميع من فيه، من أطباء وممرضات وعاملين ومرضى، إلى خارجه وقتلتهم، باستثناء غير الفلسطينيين منهم. كما قتلت المرضى، الذين لم يتمكنوا من الحركة في أَسِرتهم.

كانت حصيلة المذبحة 3297 قتيلاً، معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ. منهم 1097 قتيلاً في مستشفى غزة، و400 قتيل في مستشفى عكا، و1800 قتيل في بيوت مخيمَي صبرا وشاتيلا وأزقتهما.

رابعاً: مقاومة اللبنانيين للوجود الإسرائيلي

1. تدمير الطبقة الرابعة من مبنى الكلش ومركز مراقبة إسرائيلي في صيدا (فبراير1983)

انفجرت عبوة ناسفة في الطبقة الرابعة بمبنى الكلش، حيث تقيم القوات الإسرائيلية مركزاً للمراقبة، يطل على ساحة صيدا. فقتل خمسة جنود إسرائيليين، وجُرح 11 آخرون

2. تدمير السفارة الأمريكية في بيروت (18 إبريل 1983)

أدت العملية إلى مقتل 80 شخصاً.

3. مهاجمة مقر الحاكم الإسرائيلي، في صيدا (2 فبراير 1983)

هاجمت المقاومة مقر الحاكم الإسرائيلي في صيدا، بالرشاشات والقنابل اليدوية، مما أدى إلى مقتل جنديين، وجرح ثلاثة آخرين، وتدمير ثلاث آليات .

4. نسف مقر قيادة الاستخبارات الإسرائيلية في الجنوب اللبناني (4 أكتوبر 1983)

نجح فدائي لبناني، من تجاوز جميع الموانع، التي وضعتها القوات الإسرائيلية، بعد عمليتَي تفجير مقرَّي الوحدتين، الأمريكية والفرنسية، والوصول إلى مقر قيادة الاستخبارات الإسرائيلية في الجنوب. توالت الانفجارات في المقر: 3 انفجارات قوية، ثم 13 انفجاراً صغيراً؛ وقد سمع صوت الانفجار في دائرة قطرها 35 كم. سقط في العملية، باعتراف إسرائيل، 29 جندياً إسرائيلياً و30 معتقلاً، من اللبنانيين والفلسطينيين .

5. الهجوم على مبنى المارينز في بيروت (23 أكتوبر 1983)

أدى الهجوم إلى قتل 239 جندياً أمريكياً

6. تدمير مقر قيادة القوات الفرنسية، في لبنان (23 أكتوبر و21 ديسمبر 1983)

أسفرت العملية عن 71 قتيلاً

7. مهاجمة مقر القيادة العامة الإسرائيلية، في صور (12 نوفمبر 1982) ومقر الحاكم العسكري الإسرائيلي، في صور (4 نوفمبر 1983)

قاد أحد الفدائيين شاحنة محملة بالمتفجرات، عبر الحواجز الترابية، المضادّة للدبابات، التي وضعتها القيادة الإسرائيلية حول مقر القيادة العامة الإسرائيلية، في صور، بعد عمليتَي التفجير في بيروت. وعلى الرغم من إطلاق النيران عليه وإصابته، فقد استمر في تقدُّمه في اتجاه مبنى مقر القيادة الإسرائيلية في صور، ثم انفجرت الشاحنة، بعد الاصطدام بثوانٍ. أدى الهجوم إلى مقتل 143 ضابطاً وجندياً إسرائيلياً، وجرح 29 آخرين وتدمير 21 آلية.

8. مهاجمة  مقر الحاكم العسكري الإسرائيلي، في صيدا (4 نوفمبر 1983)

على الرغم من منع التجول، فقد هوجم مقر الحاكم العسكري الإسرائيلي، في صيدا، بوساطة سيارة مدنية صغيرة، مفخَّخة بنحو 50 كجم. أدى الهجوم إلى مقتل 33 عسكرياً إسرائيلياً وجرح 41 آخرين.

9. استخدام الكاتيوشا ضد مستعمرات شمالي الجليل

يستخدم المقاومون اللبنانيون قذائف الكاتيوشا ضد مستعمرات شمالي الجليل، كوسيلة لردع القوات الإسرائيلية عن قصف الأهداف المدنية. لكن هذه القذائف لا تحدث خسائر كبيرة، خاصة في الأفراد.

خامساً: عمليات استشهادية، داخل فلسطين

عملية استشهادية لحماس (21  أغسطس 1995)

قتل 5 أشخاص (شرطي وطالبة إسرائيليان، وسائحة لم تحدد هويتها، وامرأة مجهولة، رجحت الشرطة أنها منفذة العملية)، وجرح نحو مائة آخرين، منهم 12 في حالة الخطر، في عملية فدائية، في القدس الشرقية، وضعت فيها عبوة قوية جداً في الحافلة الرقم 26 المزدوجة، المتجهة شمالاً. وانفجرت عند مفترق جبل الشيخ جراح ومدرسة رينيه كاسات، في حي راموت أشكول، المزدحم، في  القدس الشرقية. فانشطرت، ودمر جزؤها الخلفي، وأصيبت الحافلة الرقم 9، التي كانت تمرّ قرب الأول، واشتعلت النيران في الحافلتين. وبثت الإذاعة الإسرائيلية، أن مجهولاً اتصل بها، معلنا مسؤولية كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية، حماس، عن العملية، وأن كتائب القسام، ستستمر في تنفيذ هذه العمليات.

سادساً: المقاومة الفلسطينية والعمليات الاستشهادية

1. عملية استشهادية في تل أبيب (24 يوليه 1996)

تبنت حماس عملية استشهادية جرت في تل أبيب في 24 يوليه 1996. أسفرت عن مقتل 6 أشخاص، بانفجار في حافلة.

2. عملية استشهادية في القدس (26 فبراير 1997)

صدمت سيارة، من نوع فيات أونو، يقودها فلسطيني، مجموعة من الإسرائيليين في محطة حافلات، في القدس المحتلة، مما أدى إلى مقتل شخصين، على الأقل، وإصابة 11 آخرين. لقي السائق الفلسطيني حتفه، برصاص أحدهم، فور وقوع الحادث. وقع الحادث في إحدى مناطق التلة الفرنسية، في شمال المدينة.

3. عملية استشهادية وسط تل أبيب (21 مارس 1997)

نفّذ عضو في حركة المقاومة الإسلامية، حماس، عملية فدائية، في مقهى أبروبو، عند مفترق شارعَي بن جوريون وأدام كوهين، وسط تل أبيب، وتسبب بمقتل 4 إسرائيليين. وكان منفّذ العملية يحمل 20 كجم من المواد المتفجرة، في حقيبتين، وفجّر نفسه في المقهى. أدى الحادث إلى سقوط جزء من سقف المقهى على الرواد، وتحطم واجهات المقهى والمباني المجاورة، كما دمرت حديقة المقهى.

4. عملية استشهادية مزدوجة، في سوق، في القدس الغربية (30 يوليه 1997)

قتل 12 إسرائيلياً، وأصيب 170 آخرون، جراح 5 منهم قاتلة، في عملية استشهادية مزدوجة، في سوق شعبي (محانيه يهودا)، مزدحم بالمتسوقين، في القدس الغربية، في منتصف النهار، وفي ساعة الازدحام، حين يخرج الموظفون للغداء. فجر فلسطينيان نفسيهما، كل بعبوة يراوح وزنها بين عشرة وعشرين كجم من “تي إن تي”.

5. هجوم استشهادي ثلاثي، في القدس (4 سبتمبر 1997)

قتل 7 أشخاص، وأصيب أكثر من 166 شخصاً، نتيجة لثلاثة انفجارات، في شارع بن يهودا التجاري، في قلب مدينة القدس. وقعت الانفجارات الثلاثة بفاصل ثوان في ما بينها، في نحو الثالثة من بعد الظهر، بالتوقيت المحلي، في وقت كان يزدحم المركز بآلاف المتسوقين. لحقت خسائر فادحة بالمتاجر الواقعة في المنطقة، وغطى الركام الشارع، وتطايرت طاولات المقاهي الواقعة على جانبَي الطريق، وتناثرت الأشلاء في طرقات السوق. وأعلنت حركة المقاومة الإسلامية مسؤوليتها عن الحادث، في بيان لجناحها العسكري، “كتائب عز الدين القسام”، توعّدت فيه إسرائيل بمزيد من الضربات، ما لم تستجب لمطالبها. وكانت قد هددت بمزيد من الهجوم الاستشهادي، بعد الهجوم المزدوج، في 30 يوليه السابق، ما لم يفرج عن المعتقلين الفلسطينيين. وحددت كتائب القسام، في بيانها، مهلة لتلبية هذه المطالب، حتى التاسعة من مساء 14 سبتمبر.

المصادر والمراجع

1.   إميل الغوري، “فلسطين عبر ستين عاماً 1922 ـ 1937″، ج 2، دار النهار للنشر، بيروت، 1937”.

2.   سامي هداوي (إعداد)، يوسف صايغ (تحرير)، “ملف القضية الفلسطينية”، سلسلة ” أبحاث فلسطينية ” ـ رقم 7، منظمة التحرير الفلسطينية ـ مركز الأبحاث، بيروت، 1968

3.   هيثم الكيلاني ، ” الاستراتيجيات العسكرية للحروب العربية الإسرائيلية “

4.   هيثم الكيلاني، الإرهاب يؤسس دولة، نموذج إسرائيل، القاهرة، دار الشروق، 1997.

5. المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، ” الجريمة والعقاب، أعيدوا حقوق الأسرى وحاكموا القتلة

6. جريدة الأهرام، الأعداد الصادرة، في 25/7/1996، 22/3/1997

7. جريدة الأخبار، العدد الصادر، في 27/2/1997

8. جريدة الحياة، الأعداد الصادرة، في 22/8/1995، 5/9/1997.

 

 

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button