العنف والعنف المضاد في الجزائر

د. عامر كامل احمد

مركز الدراسات الدولية/ جامعة بغداد

المقدمة

اثارت ظاهرة العنف في المجتمع الجزائري ومنذ اكثر من عقدين العديد من التساؤلات عن اسبابها وحواضنها والدوافع التي تغذي استمرارها بسبب طغيان منطق القتل والخطف والتدمير على لغه الحوار والتفاهم بين مكونات مجتمع يرتكز على مشروع حضاري عربي اسلامي .

وبما ان العنف ظاهرة مجتمعيه مركبه متعددة الجوانب والاوجه وهي ثمره او نتاج بيئة تتفاعل فيها عوامل سياسيه واقتصاديه واجتماعيه وثقافيه ، فان العقده الرئيسه فيها كما هو الحال في الجزائر هي الاوضاع السياسيه من خلال غلق قنوات الحوار بين النظام ومعارضيه ( اسلاميه _ علمانيه ) التي تزامنت مع تردي الاوضاع الاقتصاديه والتي ادت الى فقدان الانسجام الاجتماعي الذي يتوقف عليه استئناف ترقية الحوار والمصالحه .

فالموضوع هنا هو عنف وعنف مضاد ناتج عن ازمه سلطه وممارساتها وعدم قدرتها على وضع حلول ناجعه عصفت في البلاد واوجدت في مواجهتها جماعات مسلحه لم تجد سوى العنف سبيلا لتحقيق اهدافها اي ان هناك علاقه طرديه بين فعل العنف المؤسساتي على المعارضه ورد فعل الاخيره عنف ضد السلطه وقاد الى نتائج اجتماعيه صعبة التحليل .

وعلى الرغم من ان محاولات دوليه واقليميه لحل الازمه واسبابها التي اثرت سلباً على الشعب  لاجتثاث جذور العنف وتضميد جراح الشعب الجزائري ووقف نزيف الدم الا انها باءت بالفشل لانها لم تكن نابعه من صميم المجتمع الجزائري وانما جاء طرحها لتحقيق مصالح خارجيه على حساب الشعب واوضاعه الجتمعيه .

لاشك ان الجزائر كانت تمثل انموذجا للتنميه والسياده والامن الجماعي في القاره الافريقيه ونسيجا اجتماعيا متكاملا في مكوناته الثقافيه العربيه الاسلاميه .

وتاسيسا على ما تقدم فان هذه الدراسه تتناول ظاهرة العنف والعنف المضاد التي مازالت تتفاعل بمختلف جوانبها وما تفرزه من متغيرات على الساحه الجزائريه ، وسيتم تسليط الضوء عليها وفق النقاط الاتيه :

1- في العنف واسبابه .

2-اسباب العنف والعنف المضاد في الجزائر .

3- المقترحات للحد من ظاهرة العنف في الجزائر .

خاتمه

1– في العنف واسبابه :

يمكن القول بأن ظاهرة العنف تسم معظم المجتمعات في العالم، فمن المجتمعات المتقدمة المزدهرة اقتصادياً الى مجتمعات دول العالم الثالث، ولا يمكن دراسة هذه الظاهرة بمعزل عن بيئتها الداخلية والخارجية، اذ ترتبط بالبيئة الداخلية الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية ، اما البيئة الخارجية فتشمل ضغوط البيئتين الاقليميه والدوليه .

ان ما تعانيه مجتمعات دول العالم الثالث من فوضى سياسية وازمات اقتصادية وتوترات قادت في معظم الاحيان الى العنف بوصفه ثمرة لتلك الظروف المعقدة التي عاشتها هذه الدول اثناء الحقبة الاستعمارية وما بعدها انعكست على مجتمعاتها بالشعور بالخوف والقلق والتوتر دفعتهم الى سلوك سبل العنف بغية تحقيق مطالبهم ووضع حد لتوتراتهم ومشاكلهم[i].

على الرغم من اننا نعيش في عالم يتسم بالثورة في مجالات الاتصالات والمواصلات والتقنية الحديثة الا ان العالم المتقدم قد صدّر الحرمان والتخلف الى مجتمعات دول العالم الثالث.

والعنف كأي ظاهرة مجتمعية له مسبباته وعوامله وموجباته، والدلالة اللغوية للعنف : هو كل قول او فعل ضد الرأفة والرفق واللين، وهو فعل يجسد الطاقة او القوة المادية في الاضرار المادي بشخص آخر. اما العنف على وفق الفقه الاسلامي فهو استخدام وسائل مادية تؤثر في جسم المجني عليه مباشرة وتلحق به الاذى كما يتحقق بالتهديد وبالمنع ينتهي الى الحاق الاذى بالآخرين[ii].

ويتحول العنف الى عنف اجتماعي او سياسي بالاستخدام الفعلي للقوة او التهديد باستخدامها لتحقيق اهداف اجتماعية لها دلالات وابعاد سياسية بشكل يأخذ الاسلوب الفردي او الجماعي السري او العلني المنظم وغير المنظم.

تُعرّف موسوعة الجريمة والعدالة العنف بأنه (كل صور السلوك سواء أكانت فعلية او تهديدية التي ينتج عنها تهديد وتحطيم للممتلكات او الحاق الاذى او الموت بالفرد والمجتمع[iii].

اما ينبرج فيُعرّف العنف بأنه (مختلف اعمال الشغب والتدمير والاذى التي تهدف اساساً الى تحقيق اغراض تتمثل في تغيير سلوك الجماعات الاخرى)[iv].

اما جان لوكا فيُعرّف العنف  ( بأنه مفهوم يدل على انفجار القوة التي تعتدي بطريقة مباشرة على الاشخاص سواء أكانوا افراداً ام جماعات من اجل السيطرة عليهم بالقتل والاخضاع)[v].

ومن التعريفات الاخرى تعريف محمد عابد الجابري ( بأنه عنف منظم مخطط له ليس فقط من اجل ان ينجح في عملية معينة بل ايضاً من اجل ان يستمر)[vi].

توضح التعريفات السابقه بأنه العنف سلوك لجماعات معينة تستخدم القوة المادية لاضعاف الخصم ومن ثم القضاء عليه.

ويتعدد التعريف الاصطلاحي للعنف الى ثلاث اتجاهات رئيسة:

الاتجاه الاول : الاستخدام الفعلي للقوة المادية لالحاق الضرر والاذى بالاشخاص وتخريب الممتلكات.

الاتجاه الثاني : الاستخدام الفعلي للقوة المادية او التهديد باستخدامها ليشمل السلوك القولي الى جانب السلوك الفعلي.

الاتجاه الثالث : ينظر الى العنف بوصفه مجموعة من الاختلالات والتناقضات الكامنة في الهياكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمجتمع ويتحدد بعدة اشكال منها :

1.  غياب التكامل الوطني داخل المجتمع.

2.  غياب العدالة الاجتماعية.

3.  حرمان قوى معينة داخل المجتمع من المشاركة السياسية.

4.  عدم اشباع الحاجات الاساسية.

وتتوقف درجة العنف على عوامل مختلفة لعل اهمها[vii] :

5.  شدة العنف : بمعنى حجم التخريب والاضرار التي يتسبب فيها اعمال العنف من تدمير للبنى الاقتصادية والمؤسسات السياسية والخسائر البشرية.

6.  مجالات العنف : اي القطاعات التي يشملها العنف كالمؤسسات الحكومية والسكان المدنيين ويرتبط بهذا العامل مدى المشاركة فيه من الجماعات او التنظيمات داخل الدولة.

7.  زمن العنف : اي المدة التي تستغرقها عمليات العنف ويرتبط بهذا العامل الى حد كبير على القوة النسبية للجماعات المتصارعة ومدى قدرة كل طرف على حسم الصراع لصالحه ويتناسب ذلك طردياً مع طول مدة العنف، اما اذا كانت الحكومة طرفاً في العنف فانها تستطيع ان تحسم الصراع لصالحها بسبب القوة التي تمتلكها مؤسساتها الأمنية.

وما نصل اليه من خلال هذا العرض ان العنف هو الاستخدام القوة او التهديد باستخدامها لتحقيق اهداف سياسية او اهداف اقتصادية او اجتماعية .

ويتداخل مفهوم العنف مع مفاهيم اخرى كالارهاب والاحتجاج ومن الصعوبة تحديد الفروقات بينها فالارهاب صورة من صور الجريمة المنظمة وهو يرتبط بعملية تخويف او ترويع العامة وهي اعمال تمارسها جهات متطرفة او معارضة ضد نظم سياسية او ضد طائفة معينة من اجل تغيير يتفق واهداف هذه الجماعات.

ان الجماعات المنشقة عن النظم السياسية او التيار العام في المجتمع او التي تحمل افكار اصولية توجه افعالها العنيفة اما الى المؤسسات الحكومية او المجتمع، ويتحول العنف الى ارهاب عندما يهدد المجتمع ويعرض حياتهم الى الخطر اذ تصبح الضحية معممة وتصبح حياة اي فرد في المجتمع مهددة بالخطر فكل ارهاب عنف وليس كل عنف ارهاب.

وعلى هذا الاساس فان العنف هو استخدام القوة المادية في غير موضعها وبغير ضابط اما الارهاب فانه يستخدم العنف فيمن ليس بينك وبينه قضية وانما وسيلة لارهاب الآخرين وتخويفهم وايذائهم واجبارهم على الخضوع لمطالبهم وهو العنف باعلى صورة .

وعموماً فان الارهاب ارتبط في الوقت الحاضر بنسق القيم الدينية التي يتشبعها افراد محددين في صراع مع منظومات جديدة من القيم التي تجد هذه الجماعات صعوبة في التكيف معها فتراه يكفّر المجتمع وتتحول الافكار الدينية التي تتسم بالتسامح الى افكار متطرفة ومن رؤية دينية ضيقة تسوّغ لخيار افعال الارهاب وتدعو لعملية الرفض لكل صور الواقع القائم، فرفض الآخر عبر رفض ثقافته وتشرع للانكفاء وهي خاصة لثقافة الاقصاء والعنف[viii]، اما الاحتجاجات فتتخذ اشكالا ثلاث هي الاضرابات العامه تنظم في حاله وجود نقابات مستقله اما المظاهرات فترتبط بوجود الاحزاب اما في حاله عدم وجود نقابات ولا احزاب تستوعب الجماهير فتتحول الاحتجاجات الى اعمال شغب  وعندما لاتستطيع السلطات السيطره عليه فيتحول الى عنف 9  .

اولاً اسباب العنف :

عند الحديث عن اسباب العنف ينبغي التمييز بين الاسباب المباشرة التي تفجر اعمال العنف وتلك العوامل غير المباشرة او الكامنة التي تقف وراءه .

أ – الاسباب المباشرة : تعد هذه الاسباب بمثابة الشرارة الاولى للعنف والعنف المضاد وترتبط بازمات تواجهها المجتمعات غالبا ً فوجود ازمه اقتصاديه تتمثل في التضخم والبطاله والعجز في تقديم الخدمات او حدوث متغيير سياسي مفاجئ قد يؤدي الى اندلاع اعمال عنف فعلى سبيل المثال فان الاسباب المباشره في الجزائر عندما تدخلت المؤسسه العسكريه واوقفت المسار الانتخابي في 2 / ك / 1992 بدعوى حمايه البلاد من فوز الجبهة الاسلاميه للانقاذ بوصفها تشكل خطر على الديموقراطيه لتدخل الجزائر فيدوامه العنف والعنف المضاد .

ان ضيق قنوات الحوار وغياب قنوات الوسيطة او عدم فاعليتها وعدم الاعتراف بمبدأ المعارضة السياسية وغلق كل قنوات التعبير الشرعي يكون حافزاً لتحريك العنف السياسي لدى فئات عريضة من المجتمع .

يضاف الى ذلك استئثار الحكام بالسلطة والى نشاط الحركات السياسية الاسلامية وصحوة الجماعات الاثنية والطائفية واضحى الواقع يقدم للعنف السياسي البيئة المناسبة لاندلاعه.

ويمكننا اضافة سبباً آخر من الاسباب التي تدفع الى العنف وهي ثنائية الدين/الدولة ويتصل بالخلاف في تحديد دور الدين وما اذا كان يقتصر على العلاقة بين الانسان وخالقه او يتعدى ذلك ليصبح محدداً من محددات النظام السياسي ومصدراً لشرعيته.

فالثنائية الفكرية المتمثلة برؤية الواقع محصوراً بين الحق والباطل او الصواب والانحراف والتوهم باحتكار الحقيقة ورفض الاختلاف وان افكار كلا الفئتين غير قابلة للمناقشة وتصلح افكارهما لكل زمان ومكان ومن ثم تلجأ هذه الاطراف الى العنف.

ان احتكار الحقيقة هي الارهاصات الاولى للعنف اذ تنشأ الاختلافات الدينية والعرقية وتتحول الى صراعات تاريخية ناتجه من النظرة والتمسك بالفكر الاحادي تدفع الى اقصاء الآخر واجتثاثه.

ب- الاسباب الغير المباشر : تتمثل الاسباب الغير المباشر بالمؤشرات الآتية :

– وجود فجوة ثقافية وحضارية بين المجتمع وثقافته.

– طمس الهوية الوطنية وربط الاقتصاد الوطني باقتصاد الدولة المحتلة.

– التقصير في تقديم الخدمات الاساسية كالماء والكهرباء والصحة.

– حالات التهجير القسري والتهديد بالقتل وخلق اجواء من حالات الاضطراب وعدم الاستقرار النفسي والاجتماعي والاقتصادي.

– سلبية الاجهزة المكلفة بحماية الامن والنظام للمواطنين كالشرطة والجيش وتغاضيها عن الجرائم والمخالفات تدفع باتجاه حالة الفوضى.

– نشر آفات اجتماعية خطيرة كالمخدرات والدعارة واستخدام اساليب التمييز والتفرقة العرقية الدينية وتهميش قطاعات معينة من المجتمع واقصاء البعض الآخر يساهم في تقرير حالة الاحباط والاضطرابات النفسية وتأجيج حالات العنف[ix].

وهكذا فان العنف بشكليه المباشر وغير المباشر يترك مجموعة من الآثار الخطيرة على صعيد الفرد والمجتمع.

ثانياً انواع العنف :

على الرغم من اجماع الباحثين على ان مفهوم العنف السياسي متعدد الابعاد والاشكال الا انهم اختلفوا في تحديد مؤشراته فتانتر يحدده في مؤشرين هما[x] :

1-    الاضطرابات العنيفة : وتقوم بها جماعات منظمة لها اهداف وشعارات محددة اذ تهدد هذه الاضطرابات النظام السياسي وتربك المجتمع وتؤدي الى خسائر مادية وفوضى اجتماعية كما تهدد السلم الاجتماعي ، زمن اخطر هذه الاضرابات هو ذلك الذي شهدته جامعة عنابه في 1992 عندما هاجم الطلاب كليات فحطموا القاعات ومزقوا الوثائق .

2-    الحرب الاهلية : وهي اعلى مظاهر العنف وتندلع بعد ان تعجز الفئات المتصارعة الجلوس على مائدة المفاوضات وترتبط الحرب الاهلية بالبلدان التي تتعدد فيها الاثنيات والطوائف اذ تسعى كل فئة الى اقصاء الفئة الاخرى من اجل تقاسم مصالح فئوية عرقية او طائفية وهذا ما يستوجب وجود مشروع وطني سياسي تتوافق عليه الاغلبية مهما كانت توجهاتها وانتمائتها.

اما فيراند ولتيل فقد توصلا الى تسعة مؤشرات للعنف وهي كالآتي :

1-    الاغتيالات : وهي الجرائم التي تتسم بالقتل المتعمد للتخلص من المخالفين والخصوم الذي يذهب ضحيتها الافراد كما حصل في الجزائر اذ مرت الاغتيالات بثلاث مراحل الاولى استهدفت عناصر الامن من الشرطه والثانيه شملت المفكرين والمثقفين الذين ادينو بالتعاون مع السلطه والثالثه الاكثر دمويه استهدفت المواطنين سواء كانت هذه المجازر في القرى المعزوله او القريبه من العاصمه .

2-    الاضطرابات : لجوء بعض الجماعات والاحزاب لمواجهة  السلطة وارغامها على الاستجابة لمطالبها.

3-    حرب العصابات : وهي الافعال التي تقوم بها جماعات مسلحة منظمة ضد القوات الحكومية.

4-    الازمات الحكومية : عندما تكون الحكومة عاجزة عن اداء واجباتها ومهمتها فانها تواجه ازمة سياسية قد يرافقها عنف لاسيما عند تفقد مؤسسات النظام السياسي شرعيتها في الاستجابة لحاجات المجتمع المتصاعدة.

5-    حركات التطهير العرقي : التي تمارس من قبل منظمات او افراد ضد طائفة او قومية معينة لغرض اضفاء صفه واحده على تلك المنطقه .

6-    اعمال الشغب : رد فعل الجماهير الغاضبة تتخلله ارتكاب اعمال عنف كالتخريب والقتل وهي معارضة سياسية منظمة وان مثيري الشغب افراد لا يثقون في الحكومة.

7-    الثورات : اجراء تقوم به جهات منظمة يرافقه عنف سياسي من اجل السيطرة على الحكم.

8-    المظاهرات : وهي تعبير عن سخط الجماهير الرافضة لحالة سلبية وهي قد تكون منظمة او عفوية كما حصل في المظاهرات التي خرج الشعب الجزائري لاستنكاره العنف .

9-    عدد القتلى : يزداد عدد القتلى بسبب العنف والعنف المضاد .

من هذه المؤشرات يمكن التمييز بين نوعين من اعمال العنف والعنف المضاد :

النوع الاول : الذي تقوم به الجماهير ضد الحكومة (العنف المؤسسي)

عندما لا تتمكن المؤسسات الشرعية الحكومية الاستجابة لحاجات المجتمع وعندما لا تتوفر لها القدرة على التكيف والتلازم مع المتغيرات الجديدة ولا تعبّر هذه المؤسسات عن القيم السائدة ولا تعكسها في مسارات القرارات التي تصدرها كلما تزداد وتتسع حالة الاستياء بمعنى ان الاوضاع السيئة التي يتعرض لها المجتمع مرجعها الحكومة، وقد تكون وراء حالات العنف السياسي الذي تقوم به الجماهير نخب سياسية مستبعدة عن العمل السياسي فتندلع حالات الاضطراب والفوضى بغية تغيير الحكومة[xi].

ان الشعور بالاحباط لدى المجتمع وعندما ترتفع التوقعات الاجتماعية والحاجات والطموحات عبر مدة من الزمن دون ان يتحقق لهذه التوقعات الدرجة المرضية من الاشباع ستوفر البيئة الملائمة لاندلاع اعمال العنف السياسي. كما ان المجتمعات عندما تتعرض الى تغييرات سياسية واجتماعية واقتصادية مفاجئة يرافقها انهيار المؤسسات الحكومية مما يتسبب اختلالاً في التوازن فتتحول هذه المتغيرات الى مطالب سياسية تترجم بالعنف السياسي.

يرجع المفكر محمد عابد الجابري ممارسات المجتمع للعنف الى عوامل موضوعية تتمثل بالفقر والحرمان والتهميش التي تسهل استنبات العنف ، اما العوامل الذاتية فتأتي من خلال التطبيع او الاكتساب فعندما يتعرض الفرد لفعل العوامل الموضوعية (الفقر والحرمان والتهميش) وتحصل لديه معاناة ينمو في وعيه الشعور بالظلم والحرمان ثم يتحول الشعور الى يأس ومع استمرار المعاناة يتحول الى حقد ثم يتقد.

لذلك من الصعب حصر العنف بالافراد والجماعات وتناسي القائمين على السلطة بوصف التطرف والعنف هو في الغالب رد فعل وعادة ما تكون الدولة هي المبتدئة بالعنف فهي المؤهلة بسهولة للانزلاق اليه نظراً لتمسك الحاكمين بالسلطة واستغلال امكانيات الدولة لتكريس سطوتهم.

ان الحكومة بحكم امتلاكها الامكانات والقدرة تفضي لان تكون سبباً مباشراً في تكريس العنف ضد الافراد والجماعات وانها تمارس سياسات استبدادية من شأنها زج المجتمع قسراً للعنف ويشمل التمييز وسلب الحقوق السياسية الاجتماعية وقمع الهوية الثقافية والدينية لفئة معينة من الشعب واعلان حالة الطوارئ والاعتقال السياسي واستذدام قوات الامن للقضاء على اعمال العنف .

وعادة ما تبدأ السلطة بممارسة العنف من خلال اتخاذ اجراءات وقائية من مثيل حملات الاعتقال والمحاكمات الاستثنائية وهذا يمكن أن يؤدي الى ردود افعال مضادة بل ان النظم السياسية ما فتئت تعطي اهتماماً متزايداً لاجهزة ومؤسسات القمع والقهر.

تتسلل الحكومة احياناً من خلال اجهزتها الاستخبارية داخل المعارضة لتدفع تلك القوى الى ممارسة العنف والشغب او تمارس نشاطاً تخريبياً مرعباً وتنسبه الى تلك القوى[xii] .

النوع الثاني : وهو العنف الذي يرتبط بين اجنحة متصارعة داخل السلطة

وترتبط بعمليات التطهير والانقلابات والاعتقالات داخل المناصب القيادية واعمال القتل والاعدام لشخصيات بارزة داخل الجماعة الحاكمة.

وقد يؤدي العنف السياسي الى انسلاخ مجموعة لتكون تنظيماً مستقلاً سياسياً او طائفياً ولامراء ان هذا يحدث كثيراً في البلدان المتخلفة في صراع الاحزاب المسلح بين الاجنحة الحاكمة على السلطة وكل جناح يحاول ان يصفي الآخر ويستأثر بالسلطة بمفرده.

الكامنة وراء استمرار الفوضى وعدم الاستقرار وتشمل هذه الجهود مكافحة التعصب الطائفي بكل السبل[xiii] .

2 _اسباب العنف والعنف المضاد في الجزائر :

تفاعلت اسباب عديده في تصاعد العنف لاسيما بعد تفاقم التحديات الاقتصاديه والاجتماعيه والسياسيه وفشل المشاريع التنمويه في تحقيق النقله النوعيه لتحديث المجتمع .

ويؤكد الاستاذ المنصف وناس بان العنف الذي شهدته الساحة الجزائريه كان تعبيرا عن حجم الكبت المتراكم وانها ليست دليل ازمة حزب جبهة التحرير فقط ولا ازمة النسق السياسي وانما ازمه مجتمع برمته وجاءت نتيجة اخفاقات متعدده وصراعا بين الدوله _ الحزب والمجتمع المدني من جهه والجماعات الاسلاميه من جهة اخرى  [xiv] .

من هنا يمكن تحديد الازمات الاتيه التي دفعت بانتهاج العنف في الجزائر وهي كالاتي :

اولاً الازمه السياسيه :

تعود الازمه السياسيه في الجزائر الى احداث اكتوبر / تشرين الاول / 1988 التي شهدت اضطرابات واعمال عنف لم تشهدها الجزائر المستقله وكانت السبب الرئيسي في تلك الاضطرابات الازمه الاقتصاديه وتم قمع تلك الاضطربات بالقوه العسكريه راح ضحيتها المئات من الشباب وكان لهذا التاريخ بداية مؤشر لتغيير النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي علمأ ان الاخير لجأت اليه الجزائر منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي كما عرفت دستور 29 شباط / فبراير / 1989 والذي اشر بداية التحول الديمقراطي في الجزائر بعد حقبه طويله من حكم الحزب الواحد (1962 _ 1989 ) عهد جديد من التغيرات السياسيه والسماح لبروز الاحزاب الا ان فترة الرخاء الديمقراطي لم يدم الا سنوات وبعدها واجهت الجزائر متغير سياسي في كانون الثاني / يناير / 1992 اوقفت المؤسسه العسكريه المسار الانتخابي ( الانتخابات التشريعيه ) وقد وصف الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقه هذه المرحله بانها ( اول اعمال عنف ) وكان الثمن ان دفعت الجزائر اكثر من 200 الف ( قتيل ) و 10 الاف ( مختطف ) وعشرات الاف من ضحايا التعذيب ومئات الاف من المرحلين والمهجرين . [xv]

لقد زادت حالة اعلان الطوارئ في 9 / شباط / 1992 في تصاعد اعمال العنف في الجزائر بعد ان تمكنت المؤسسه العسكريه من قمع المعارضين ويعود السبب وراء فرض حالة الطوارئ ، وشهدت هذه المرحله لاسيما بعد وصول الرئيس بوضياف مزيداً من العنف بعد القرارت التي اتخذها بحل جبهة الانقاذ في 14 / اذار / 1992 وتصعيد حملة الاعتقالات وتفاقم الوضع الامني تازماً بعد اغتياله اذ تم اختيار علي كافي الذي استمر في استخدام نفس السياسه الاقصائيه معلناً رفضه اي حوار مع الاسلاميين وفي ظل عدم وجود افق للحوار وسيطرة المتشددين على الحركه المسلحه المعارضه مما ادى الى استمرار العنف والعنف المضاد .

غير ان تطور الاحداث وعدم قدرة السلطات الجزائريه في حلحلة الازمه تصاعدت الاصوات التي تطالب بالعوده الى منطق القانون والحوار لتدارك الازمه وتداعياتها الا ان الرئيس علي كافي اعلن في 3 / كانون الثاني / 1993 بانه ( من الخطأ التكلم باسم القانون في دوله تواجه تحدي التدمير والعنف حيث الامن والاستقرار في خطر ) .

ومن الجدير بالذكر بان علي كافي وصل الى الحكم في اطار عملية شهدت صراع على السلطه تزامنت مع حالة عدم الاستقرار السياسي وتجلى واضحاً بالاطاحه باربع حكومات .

ورغم المحاولات التي بذلت لأيقاف العنف التي تجلت في لقاء المعارضه في ايلول 1995 في روما والتوقيع على وثيقة روما التي عدت اول محاوله جاده لحل الازمه الجزائريه حيث نصت على دعوة الجبهه الاسلاميه لوقف العنف واللجوء للحل السلمي واحتوت على المقررات الاتيه :

_ نبذ كل انواع العنف كوسيله للوصول الى السلطه .

_ نبذ الدكتااتوريه مهما كانت طبيعتها .

_ رفض كل تدخل للجيش في الشؤوون السياسيه والدعوه لعودته الى الثكنات .

كما تضمنت ايضا تحديد اجراءات يجب اتخاذها منها :

_ اطلاق سراح مسؤولي جبهة الانقاذ .

_ الغاء قرار حل جبهة الانقاذ .

_ انشاء لجنه مستقله للتحقيق .

الا ان المؤسسه العسكريه رفضت هذه الوثيقة على اعتبار انها تعيد الجبهه الى الساحه السياسيه الجزائريه [xvi].

وهكذا ان تصاعد العنف والعنف المضاد وانتشاره لم يحقق استقراراً اقتصادياً واجتماعياً في غياب الحوار وتفاقم الازمه التي تحولت من ازمة سلطه الى ازمه مجتمعيه .

وبعد تولي اليامين زروال رئاسة الدوله بالتعيين اولاً ثم بالانتخاب عرفت الجزائر نوعاً من الهدنه وتهدئة العنف على اساس المحاولات الجاده للحوار مع المعارضه الان ان ضغط المؤسسه العسكريه وتدخل اطراف خارجيه اقليميه ودوليه قادت الى رجوع وعودة الجزائر الى العنف .

عند وصول الرئيس عبد الغزيز بوتفليقه الى الرئاسه سعى باتجاه اخراج الجزائر من الازمه السياسيه والامنيه والحد من ظاهرة العنف والتخلص من عبئ المسؤوليه التي اثقلت كاهل المؤسسه العسكريه فعمد لحساب تعزيز دور الرئاسه واصدر قانون الوئام المدني الذي حل محل قانون الرحمه الذي كان قد اطلقه زروال الامر الذي ساعد في التخفيف من مستوى العنف مع تسليم المسلحين لسلاحهم لاسيما الجناح العسكري للجبهه الاسلاميه للانقاذ بزعامة مدني مزراق كما وجه الاتهامات للمؤسسه العسكريه التي تسببت في اندلاع العنف بعد توقيفها المسار الانتخابي الا انه في ذات الوقت لم يستطع خلال مدة رئاسته الاولى المساس بتوازنات الجيش او تجاوز الخطوط المرسومه له اما في مدة رئاسته الثانيه فعمل الى تعزيز صلاحياته الرئاسيه مستغلاً توجهات دوليه تدعو الى ضرورة تجنب دخول الجيش الحياه السياسيه الا ان اخفاق قانون الوئام المدني في معالجة الازمه جذريا كان بسبب الاخفاق في توفير المناخ السياسي الملائم ويذكر احمد جداعي ( عضو في جبهة القوى الاشتراكيه ) ان قانون الوئام قد شهد اقبالاً من قبل المسلحين على القاء سلاحهم الى ان بعضهم سرعان ما عاد الى حمل السلاح وذلك بسبب تشابك التداخلات المحليه والاقليميه من ناحيه والاوضاع الاقتصاديه البائسه وبطئ في تطبيق اجراءات العفو وعدم استفاده التائبين لحقوقهم المدنيه وعدم ادماجهم في المجتمع من ناحية اخرى .

واقدم الرئس بوتفليقه الى اعلان ميثاق السلم والمصالحه الذي عده بمثابه الخطوه الثانيه بالغاء المتابعات القضائيه في حق كل الافراد الذي سلموا السلاح وطرح هذا المشروع في استفتاء شعبي في 29 / ايلول / 2005 وكانت نسبه المشاركه قد وصلت 80% بينما فاق عدد المصوتين بنحو 97% وهكذا يؤكد بان الشعب الجزائري صار تواقاً الى نبذ العنف ، الا ان جبهة الانقاذ رفضت هذا الميثاق ورأى قادتها انهم قد حملو اوزار العنف وكانهم هم المتسببون الوحيدون في الازمه هذا الرفض حال دون انهاء العنف بصوره نهائيه الا انه بدأ ينحسر تدريجياً .

ثانياً الازمه الاقتصاديه:

ارتبطت الاسباب الاقتصادية بالعنف من خلال عدم العدالة والمساواة بين الجماعات المختلفة في المجتمع وهي تفترض انه كلما زاد الاحساس بالظلم يؤدي الى تزايد حدة اساليب الاضطراب والمظاهرات والاحتجاجات، كما ان اخفاق مخططات التنمية وانتشار الفقر والبطالة وتدني مستوى المعيشة وسوء توزيع الثروة وانهيار قيمة العمل وتدني الانتاجية تدفع باتجاه الشعور بالاحباط وتوفر البيئة الملائمة للعنف.

وقد اظهرت العديد من الدراسات الى وجود علاقات طردية بين عدم المساواة الاقتصادية والاجتماعية والعنف اي كلما زادت درجة عدم المساواة زادت حدة العنف وتشير الدراسة التي اجراها ميلر عام 1985 على 56 دولة خلال فترتين مختلفتين (1967-1985) و (1968-1977) تأكيد العلاقة الطردية لهذه الظاهرة.

لقد ادت سياسة الانفتاح الاقتصادي في الجزائر وتخلي الدوله عن دورها في تخطيط الاقتصاد الذي كان معمولاً به بعيد الاستقلال الى ازدياد حاله الفقر واتساع رقعه الفقراء  .

واذا كانت الجزائر قد استندت مداخيلها الماليه على الريع النفطي فان انهيار اسعار النفط وتذبذبها انعكس سلباً على مورادها الماليه تزامن ذلك مع تزايد في الانفاق العام وارتفاع المديونيه والتضخم وغياب الاستثمارات الضروريه لتجهيز المعدات لاستمرار الانتاج وانخفاض الاحتياط النقدي ونقص حاد في الانتاج الزراعي وتفشي العوز والفقر لاسيما ان مستوى الاجور لا يتساوى مع مستوى الاسعار .

وهكذا دار الاقتصاد الجزائري منذ نهاية ثمانينيات القرن الماضي في دائرة مفرغه بين فشله وعدم تحمله تبعات النمو السكاني المتزايد وانخفاض اسعار النفط مما ادى الى تفاقم ظاهرة العنف وظهور فروقات اجتماعيه واتساع نسبة البطاله المرتبطه بارتفاع معدلات النمو السكاني واصبحت تشمل فئات اجتماعيه جديده من خريجي الجامعات هذه الفئات بدأت تلتحق بالحركات والتنظيمات المسلحه وفي مقدمتها الجبهه الاسلاميه للانقاذ بوصفها الفئه المبعده عن العمليه الانتاجيه والاستهلاكيه وانها الاكثر استعداداً لممارسه العنف في اقصى مستوياته نظراً لانسداد الآفاق امامها .

ولا ريب ان تكون الاجيال الجديده من الشباب نهبا للشك والاحباط والتهميش والذي يعبر عن حرمانه في اشكال عنف بعيده عن واقع المجتمع الجزائري[xvii] .

ثالثاً الازمه الاجتماعيه :

ارتبطت التوازنات الاجتماعيه في الجزائر بتناقضات المرحله الاستعماريه انعكست سلباً على مرحلة ما بعد الاستقلال تمثل بعجز اجتماعياً من خلال سيطرة بنى اجتماعيه كانت تصبو الى التغيير واخرى ارتبطت بمحدوديه المكان والزمان وحددت هويتها عوامل مثل الدين واللغه اذ واجهت العزله  والتفاعل مع المحيط والوقوف امام التحديات والضغوط التي بدأ يفرضها وسط اجتماعي ثقافي متنوع في بنائه ودلالاته القيميه والمعياريه [xviii] ، بمعنى ان الصراع المجتمعي الذي تعرض له الجزائر انقسم الى جناحين الاول يرى الوجهه الانسب للمجتمع في الضفه الاخرى من البحر المتوسط بالمقابل يرى الجناح الاخر الحفاظ على القيم التقليديه المتوارثه في المجتمع .

وعندما بدأت الهجره من الريف الى المدينه بحثاً عن لقمة العيش تسببت اختلالً في البنيه الاجتماعيه

وتزامن مع هذا الاختلال مظاهر مرضيه مثل الاقصاء والتهميش واحتكار مؤسسات المجتمع من قبل اقليه قامت باخضاعها لمصالحها الخاصه مما ولد شعوراً بالاحباط والظلم وعدم المساواة والتفاوت الاجتماعي بل ازمة هويه بين دعاه الاصاله والحفاظ على الثوابت ، من جهة اخرى فان فشل المؤسسات الاجتماعيه وعجزها عن اداء دورها بفاعليه وغياب دور اللبنه الاساسيه في المجتمع وهي الاسره وضعف منظومه التربيه والتعليم عموماً فضلاً عن غياب منظمات المجتمع المدني واخضاعها للدوله ساهمت كل هذه الاسباب في تواصل العنف في الجزائر[xix] .

لقد نشأت حركات الاحتجاج الاجتماعي في الجزائر والتي كانت في البدايه بعيداً عن كل تأطير سياسي من شباب المدن والاحياء الشعبيه الذين عبروا عن رفضهم لاوضاعهم الاجتماعيه والمتمرده على القيم والسلوكيات السائده مما استقطبتها التيارات الاسلاميه وقادتها الى مواجهات عنيفه مع الدوله ومؤسساتها  [xx] .

3_ المقترحات للحد من ظاهرة العنف في الجزائر:

ويقترح الباحث تصوراً ورؤى للحد من ظاهرة العنف باشكاله بعدد من الاجراءات :

1- تعميق الشعور بالانتماء الى الوطن وتنميه حس وثقافة التعايش السلمي بين الجزائريين ايماناً بحتمية ذلك التعايش انطلاقاً من التجربه الانسانيه العميقه التي توصلت اليها شعوب متحضره سبقت الجزائر في الميدان بضروره ان يقوم جميع الذين يتشاركون في العيش على ارض واحدة بتطوير قدسيه المكان الذي يضمهم جميعاً .

2_ تصميم برامج تربوية ونفسية هدفها الحد من ظاهرة العنف بين ابناء المجتمع الواحد.

3_ تنمية الشعور بالمسؤولية وغرس القيم الاسلامية الصحيحة وتكريس الثقافه الوطنيه واشاعه الحس الفردي والجماعي بالمسؤوليه الوطنيه .

4_ التواصل الفعلي مع حاجات الشعب الجزائري وتوفير الجهد والامكانات لاشباعها وتذليل المشاكل والعقبات التي تواجههم اقتصادياً واجتماعياً وصحياً  وتربوياً كالبطاله والتضخم والفساد المالي والاداري او اجتماعياً كالاميه والتفكك الاسري ، لابد من التصدي لمخاطر لهذه الافات قبل ان تصبح امراض متوطنه ومستعصيه تذكي روح العنف لدى بعض الشباب لا سيما المهمشه منهم .

5_ ضروره قيام مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني في بناء ودعم الديمقراطيه وحمايتها وترصينها ولتكون وسيله المواطن الجزائري وارادته الفاعله في التعبير عن نفسه وعن مصالحه والدفاع عن حقوقه بطريقه حضاريه منظمه .

6- العمل المتواصل من اجل ايقاف انتهاكات مبادئ حقوق الانسان والتخلي عن المداهمات والاعتقالات التعسفيه بدون سبب مشروع ومسوغات قانونيه واحترام حقوق المواطن الجزائري بموجب المواثيق الدوليه الساريه .

7_ العمل من اجل اشاعه فكر الحقوق الفرديه واحترامها بوصفها مدخلاً اساسيا بضمان حقوق الجماعات بدلاً من ثقافه الاقصاء التي انعكست سلباً على البنيه الاجتماعيه والواقع الامني في الجزائر.

8_ اشاعه روح المبادره الفرديه والقدره على الابتكار والتطوير لرفع القابليه الوطنيه على اكتساب منجزات الحضاره المعاصره وتطويعها وطنياً بما يتناسب والحاجات المحليه .

9_ تحقيق اكبر قدر ممكن من التواصل مع الجزائريين الذين غادروا الجزائر لاسباب مختلفه وتشجيعهم على العوده الى الوطن والمساهمه في تنميته وتطوره  .

10_ المساهمه في مسيره بناء  دوله المؤسسات والتوعيه باهميتها في عملية ترشيد الاداء الحكومي وايصاله الى اهدافه التي تصب في نهاية المطاف في مصلحة الوطن والمواطن .

11_ محاربة الظلم الاجتماعي والتي تعني محاربة الفوارق التي عمقتها الاصلاحات الاقتصاديه في الجزائر خلال سنوات الماضيه لما احدثته من توسيع لدائرة الفقر خاصة في اوساط العمال .

12_ لا ينبغي للدوله ان تتخلى ن وضيفتها كمنظم اجتماعي والمطالبه بالعمل على التوفيق بين المتطلبات الناجمه عن تنفيذ الاصلاحات الاقتصاديه وبين حتمية ضمان شروط معيشه كريمه .

13_ توفير الدوله الوسائل اللازمه لمحاربة مظاهر الفقر والبؤس التي تهدد جسم المجتمع الجزائري واحياء فضائل التضامن والتكافئ الاجتماعي .

14_ ان الدور الحاسم الذي تلعبه المرأه الجزائريه للنهوض بالمجتمع وحماية استقراره والتي لاتزال تعاني من الممارسات التمييزيه لذلك يتطلب احترام وتدعيم حقوقها ضمن قيمنا وتقاليدنا العربيه .

الخاتمــة

من خلال مداخلتنا نرى ان العنف والغنف المضاد الذي تفجر في الجزائر منذ اكتوبر / 1988 وتصاعد في كانون الثاني / 1992 بعد ايقاف المسار الانتخابي وتسارعت وتيرته الى مستويات خطيره هددت بحروب داميه ومارست قوى سياسيه واجتماعيه العنف  بمختلف اشكاله سواء كانت قوى حاكمه او معارضه او بين القوى السياسيه نفسها اي داخل بنائها واطاراتها التنظيميه وهيمن في الجزائر العنف الاصولي الذي لجأت اليه جماعات وقوى واحزاب اسلاميه لمواجهة السلطه وباتت تشكل طرفاً عنيفاً في الصراع .

ومن الواضح انه لايمكن تصور اي تنميه او تقدم للمستقبل في مناخ العنف والعنف المضاد التواصل  والخوف والدمار والاحباط العام وتمزق لنسيج الاجتماعي .

اذً توجد مشكله حقيقيه هي تحتاج الوقوف عندها ليس في الجزائر فحسب بل في بقيه الدول كالعراق ومصر وسوريا وهي قضية الحوار والمشاركه بوصفها ذات معنى ومغزى وليست ترفاً سياسياً بل واصبحت مطلباً مجتمعياً يتوق الى السلم الاجتماعي الذي هو مسؤوليه الدوله والمجتمع .

ان للجزائر اليوم اولويات من الضروري العمل على مواجهتها بالتنميه للنهوض بها والتحليق بها الى الافاق التي تليق بشعبها وبثرواتها وطاقاتها ، وان جزائر اليوم ليست بالتاكيد جزائر مرحلة التسعينات ( العشريه الدمويه ) فصورة اليوم تشهد حركيه في اتجاهات عديده وان اعمال العنف والعنف المضاد بدأت تختفي تدريجياً بجهود الوطنيين من ابناء شعب الجزائر .


[i] صحيفة الوطن الكويتية، العدد 3875 في 3/12/1985.

[ii] محمد سعيد ابو عامود / مجلة المستقبل العربي ، مركز الدراسات الدولية ، بيروت، العدد 140 في ت1 1990، ص 5.

[iii] صحيفة الوطن الكويتية، مصدر سبق ذكره.

[iv] حسنين توفيق ابراهيم ، ظاهرة العنف السياسي في النظم العربية ، ط 2 ، بيروت مرآز درمات الوحدة العربية 1999 ص 42. 5 مجلة النبأ، العدد 78/آب/2005.

[vi] 11/6/2003 www.aljabriabed.net

[vii] عن ظاهرة العنف ينظر : خضر عطوان، مستقبل ظاهرة العنف السياسي في العراق، مجلة المستقبل العربي ، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، العدد 330/آب/2006 ص 33.

8 ينظر برير العبادي / العنف السياسي بين الاسلاميين والدولة الحديثة، قراءة في اسباب الظاهرة www.info@blagah.com

ايضاً هيفاء احمد محمد، ظاهرة العنف السياسي في الوطن العربي، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية العلوم السياسية، جامعة بغداد، 1998، ص 7-10.

9 ينظر ابراهيم عوض / الازمه الاقتصاديه والاحتجاج والتطور الديمقراطي، مركز البحوث والدراسات السياسيه ، القاهره 1990 ، ص 3 .

[ix] د. علي الدين هلال ، ونيفين مسعد ، النظم السياسية العربية قضايا الاستمرار والتغيير، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت نيسان 2000م، ص20.

[x] صحيفة الوطن الكويتية، مصدر سبق ذكره، ص14.

[xi] صحيفة الحياة ، الاعداد 10761، 10762، 10763 / آب / 1992.

[xii] د. علي الدين هلال، ونيفين مسعد، النظم السياسية العربية قضايا الاستمرار والتغيير، مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، بيروت، 2000، ص178.

13عن اسباب العنف في المجتمع الاسلامي ينظر : د. احمد يسري، حقوق الانسان واسباب العنف في المجتمع الاسلامي، منشأة المعارف بالاسكندرية، ط1، 1993، ص47.

[xiv] المنصف وناس / الدوله الوطنيه والمتمع المدني في الجزائر ، محاولة قراءة انفاضه اكتوبر 1988 ، مجلة المستقبل العربي ، مركز دراسات الوحده العربيه ، بيروت العدد 191 كانون الثاني 1995 ص 107 .

[xv] خيري عبد الرزاق جاسم ، تطور وضع السياسي في الجزائر ، مجلة العلوم السياسيه ، كلية العلوم السياسيه العدد 14 ، 1994 ، ص56 .

[xvi] ينظر هيفاء احمد محمد / الدور السياسي للمؤسسه العسكريه الجزائريه في الحياه السياسيه ، رسالة دكتوراه غير منشوره ، كلية العلوم السياسيه جامعه بغداد ، 2007 ، ص 224

[xvii] رياض صيداوي / صراعات النخب السياسيه والعسكريه في الجزائر ، المؤسسه العربيه للدراسات والنشر ، بيروت ص 104 .

[xviii] نقلاً عن مجموعة باحثين / الازمه الجزائريه الخلفيات السياسيه والاجنماعيه والثقافيه مركز درسات الوحده العربيه بيروت ص 228 .

[xix] فاتح عماره / الدوافع الاجتماعيه والاقتصاديه للارهاب (الجزائر نموذجاً ) ، بحوث المؤتمر الدولي حول الارهاب ، جامعة عنابه الجزائر في 30 / نيسان / 2008

[xx] عبد الناصر جابي / الحركات الاجتماعيه في الجزائر بين ازمة الدوله الوطنيه وشروخ المجتمع ، جامعة الجزائر مركز البحوث الاقتصاديه من اجل التنمية.

 

المصدر:

العنف والعنف المضاد في الجزائر

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button