دراسات اقتصاديةدراسات سياسية

العولمة والجيوبوليتيك

خطة البحث

ـ النشأة التاريخية للعوامة.

ـ مفهوم العولمة.

ـ مظاهر العولمة.

ـ مفهوم الجيوبولتيكس.

ـ المنظور الجيوبولتيكي للعولمة.

يشهد العالم حالياً تحولات اقتصادية وسياسية واجتماعية انعكست في تأثيرها الواضح على البنى السياسية والاقتصادية للدول. فالتطورات التي حصلت في الصناعات الثلاث الكبرى (الكومبيوتر، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات) أحدثت ثورة جديدة ساعدت على ربط العالم وتحويله إلى ما أصبح يعرف بالقرية الكونية الصغيرة حيث كان لتزايد حركة وحرية انتقال رأس المال عالمياً والانخفاض الكبير في أسعار الاتصالات وتكاليف النقل وتوسيع التجارة العالمية أثرها البالغ على اقتصاديات الدول التي أصبحت أكثر ترابطا، كما أن الحدود الثقافية أخذت تتلاشى تدريجيا مع تزايد انتشار استخدام شبكة الإنترنيت وقنوات البث الفضائية وغيرها من وسائل الاتصال الأخرى. مما أدى إلى صياغة سلوكيات وافضليات يشارك فيه الجيل الجديد من الشباب على امتداد العالم.

أن العولمة من المواضيع التي لم يقتصر الجدل واختلاف وجهات النظر حولها بمفاهيمها ومظاهرها وأسبابها والنتائج الإيجابية والسلبية التي تتمخض عنها فقط ولكنه طال حتى تسميتها. فالكلمة ليست عربية الأصل وإنما هي تعريب لكلمة lGlobalization. فمنهم من سماها (الكوكبة) وهناك من سماها الكونية([1]). ومنهم من فضل تسميتها بالعولمة وهي التسمية الأكثر شيوعاً([2]). إلا أن الاختلاف حول تسميتها يهون أما الاختلاف وتضارب وجهات النظر حول جوانبها الأخرى خصوصا ماذا تعني؟ متى بدأت؟ هل هي ظاهرة سياسية أو اقتصادية أو ثقافية أو اجتماعية أو أنها كل هذه الجوانب مجتمعة بظاهرة واحدة؟ وهل هي ظاهرة جدية أو قديمة جددت نفسها حديثا وإذا كانت ظاهرة قديمة إلى متى يعود تأريخها ؟

في هذا المبحث سيسعى الباحث للإجابة على هذه التساؤلات من خلال دراسة النشأة التاريخية للعولمة وتعريفها ومظاهرها، وهو ما سيمكننا من تحديد ارتباط العولمة بالجبوبولتكس.

النشأة التاريخية للعولمة

يرجع بعض الباحثين نشأة العولمة إلى جذور تعود إلى القرن الخامس عشر وهي حقبة ظهور الدولة القومية الموحدة ومن هؤلاء سمير أمين حيث قال (أن العولمة نشأت مع نشوء الدولة القومية ونشوء الرأسمالية([3]).

ويرجعها بعضهم الأخر إلى القرن التاسع عشر، واستمرت بالتطور ما عدا مدة ما بين الحربين العالميتين حيث عطلت ظروف الحرب آلياتها ولكنها تسارعت من جديد في المدة التي نلت الحرب العالمية الثانية والسبب في ذلك كما تقول الدكتورة ذكاء الخالدي (نتيجة الانخفاض المستمر في كلف النقل والاتصالات واستقرار السلام في مراكز الاقتصاد والمال الرئيسة في العالم([4])، ومع اعتقاد البعض بأنها ظاهرة ليست جديدة إلا أنهم يميلون إلى حصرها بالعوامل الاقتصادية فقط وربطها بنشوء الرأسمالية الصناعية وعدها نتيجة طبيعية لتطويرها([5]) ويعد الربع الأول من القرن التاسع عشر نقطة التحول إلى الرأسمالية الصناعية حيث بدأ الإنتاج الآلي بعد التطور التاريخي المتدرج للحرف وظهور الصناعة اليدوية ثم إلى الصناعة على وفق خطوط الإنتاج، وقد أدى ذلك إلى ظهور المجتمع الرأسمالي وتطويره([6]).

بينما يرى البعض بأنها ظاهرة جديدة وليدة التطورات الاقتصادية والسياسية والتقانية السريعة التي ظهرت خلال عقد التسعينات من القرن العشرين بعد انهيار مجموعة الدول الاشتراكية وظهور نظرية القطب الواحد. فيقول دومينيل فيدال من هيئة تحرير اللوموند دبلومتيك الأمريكية (ليس من باب المفارقة التأكيد أن العولمة قد بدأت في 9 تشرين الثاني 1989، مع سقوط جدار برلين أو في آب 1991، تاريخ زوال الاتحاد السوفيتي)([7]).

وإذا حاولنا أن نتتبع النشأة التاريخية للعولمة يمكننا أن نعتمد على المراحل التالية :ـ

1ـ المرحلة الأولى ـ مرحلة التكوين: وهي المرحلة الجنينية كونها مثل الكائن الحي الذي لأبد أن يمر بمرحلة تكوين جنينية، وقد أرجع محسن الخضيري مرحلة التكوين إلى فتوحات الفراعنة القدماء، سواء في رحلاتهم إلى بلاد (بونت) الصومال، أم بلاد الفينيقيين، وأكد (أن تطور العولمة اختلط بمفهوم الغزو العسكري)([8]).

2ـ المرحلة الثانية ـ مرحلة الميلاد ـ التي بدأت مع صياغة مارشال ماك لوهان (القرية الكونية) في كتابه (حرب وسلام القرية الكونية) الذي صدر في عام 1970([9]). واستمرت مرحلة الولادة هذه حتى سقوط جدار برلين في عام 1989، وانهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991.

3ـ المرحلة الثالثة ـ مرحلة النمو والتوسع ـ هذه المرحلة بدأت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق وإطلاق ما سمي بالنظام الدولي الجديد (التفرد الأمريكي) الذي صاغه جورج بوش (رئيس أمريكي سابق). وقد اتسمت هذه المرحلة بالتداخل والتشابك الواضح لأمور الاقتصاد والسياسية والثقافة والاجتماع، وأصبحت المصالح متداخلة ومتفاعلة والعوالم مفتوحة دون وجود للحدود السياسية بين الدول ودون فواصل زمنية وجغرافية، فالتزامن حضوري فوري قائم على الآن، الفعلي عبر وسائل الاتصال([10]).

نستنتج مما تقدم أن العولمة نشأة مع حركة الاستكشافات الجغرافية في القرن الخامس عشر واكتشاف كريستوفر كولومبوس العالم الجديد (قارة أمريكا) في سنة 1492م. حيث أن هذه الاستكشافات قربت بين القارات، والدول، وبني الإنسان حيث عرف الرحالة ومنهم بقية البشر، أن هناك مناطق مأهولة بالسكان في أماكن بعيدة خلف البحار. حتى أصبح الآن من السهل الاتصال والانتقال بسهولة ويسر في أي بقعة من بقاع المعمورة بواسطة آليات العولمة التي ما يزال استخدامها ينتشر في العالم.

مفهوم العولمة

اختلف أغلب الباحثين والمختصين في تعريف العولمة فبعضهم يركز على جانب واحد أو أكثر، وبعضهم الأخر يفضل صياغة مفهوم شامل كامل لها. وفي نطاق التعريف الشامل عرفت العولمة بأنها زيادة الترابط والالتحام بين الأجزاء المكونة لكوكب من النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وأصبح اتخاذ قرار سياسي في بلد ما يمكن أن يؤثر في حياة ملايين البشر في أماكن بعيدة([11]) وهذا ظهر في أزمة النمو الآسيوية حيث أنهار اقتصاد كل من كوريا الجنوبية، تايلند، إندونيسيا وماليزيا نتيجة لمضاربات الأسواق المالية العالمية التي بدأت في الثاني من تشرين الأول عام 197، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد رأت خيرا في هذا الدمار([12]) مما يدل على أنها كانت وراء هذه الأزمة.

ومنهم من عرفها تعريفا شاملاً إذ عدّ العولمة على أنها التداخل الواضح في أمور الاقتصاد والاجتماع والسياسة والثقافة والسلوك دون اعتداد يذكر بالحدود السياسية للدول ذات السيادة([13]) ومن هذا المفهوم يتضح أن العولمة تلغي سيادة الدولة والحدود السياسية لها مما يجعل الدولة عرضة للاختراق في كافة المجالات سواء السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية وحتى الاجتماعية. وهناك تعريف أخر يشير إلى أنها توصيفا لعمليات التغير السريعة التي يشهدها العالم في مجالات مختلفة كالسياسة والاقتصاد والثقافة والاتصالات([14]) لذلك تعرفها الأدبيات الغربية على أنها زيادة درجة الارتباط المتبادل بين المجتمعات الإنسانية من خلال تسهيل وتسريع عمليات انتقال السلع رؤوس الأموال وتقنيات الإنتاج والأشخاص والمعلومات([15]).

أن أول من أطلق مصطلح العولمة، عالم الاجتماع الكندي مارشال ماك لوهان عندما صاغ مفهوم القرية الكونية. وتبنى بعده زبغنيو بريجنسكي الذي كان مستشارا للرئيس الأمريكي كارتر 1977ـ1980 وقد ركز بريجنسكي على جانب المعلوماتية من العولمة ورأي بأنه ينبغي على الولايات المتحدة الأمريكية أن تقوم بقيادة العالم وتقدم نموذجاً ثقافيا حضارياً شامل للحداثة مادامت مصدر انطلاق معظم الاتصالات العالمية([16]).

وينطبق ما جاء به بريجنسكي مع مفهوم العولمة الثقافية الذي يشير إلى (بروز الثقافة كسلعة عالمية تسوق كأي سلعة تجارية أخرى ومن ثم بروز وعي وإدراك ومفاهيم وقناعات ورموز وسائل ثقافية عالية الطابع([17])، وهناك العديد من التعاريف في المجال الثقافي فقد عرفها بلقزيز بأنها (ما هي إلا فعل اغتصاب ثقافي وعدواني رمزي على سائر الثقافات لأنها رديف الاختراق الذي يجري بالعنف المسلح والثقافة فيهدد سيادة الثقافة في سائر المجتمعات التي تبلغها العولمة([18])، وهذا المفهوم يوضح الوجه القبيح للعولمة في مجال الثقافية.

أما برهان غليون فقال (أن العولمة تعني خضوع البشرية لتاريخية واحدة وهذا يعني أنها تجري في مكانية ثقافية واجتماعية وسياسية موحدة أو في طريقها للتوحيد، ويضيف قائلا أن العولمة يمكن تلخيصها في كلمتين، كثافة انتقال المعلومات، وسرعتها إلى درجة أصبحنا نشعر أننا نعيش في عالم واحد([19]).

ويرى عبد الخالق عبد الله (أن العولمة تسعى إلى ربط العالم بقيم وقناعات وعادات مشتركة تتجاوز الحدود وتدخل البشرية في مرحلة الحرية الكاملة لانتقال الأفكار والمعلومات والبيانات والأذواق على الصعيد العالمي وبأقل قدر ممكن من العراقيل والضوابط من قبل الحكومات([20]). وهذا المفهوم يدل على أن العولمة ما هي إلا غزو، وكلمة الغزو هذه هي مدعاة الكلام عن الإمبريالية التي هي مقولة تستخدم لقراءة الموجات الحضارية. وأن الغزو سيكون غزو حضاري يتم من خلال أجهزة الاتصال والشركات متعددة الجنسية. وهذا يؤكده صموئيل هنتنغتون في كتابة (صدام الحضارات) حيث يقول (أن الصراعات بين الغرب وحضارات التحدي (الإسلامية والكونفوشية، سوف تصبح أكثر مركزية في السياسة الكونية عن أي خطوط تقسيم أخرى)([21]).

أما العولمة الاجتماعية فتركز على البعد الاجتماعي الذي يلاحظ بروز المجتمع المدني العالمي وبروز قضايا إنسانية مشتركة نتيجة لتداخل عوامل الاقتصاد والثقافة والسياسة وغيرها. لأن ما ينتج عنها من تأثيرات إيجابية أو سلبية على المجتمعات تشكل بعدا اجتماعيا يكون خاضعا للدراسة والتحليل لمعرفة ما يتمشى مع مصلحة الأفراد والجماعات وبالتالي المصلحة العامة للإنسانية جمعاء([22]) وهذا يعود بنا إلى المفهوم الشامل للعولمة الذي يعدها ظاهرة تتداخل فيها أمور الاقتصاد والسياسة والثقافة والاجتماع والسلوك وتحدث فيها تحولات على مختلف الصعد تؤثر في حياة الإنسان، وهو ما يؤكده المفهوم الذي جاء به النجار حيث قال (أن العولمة تغزو الحياة الشخصية للأفراد وتكسر خصوصية الفرد وتنمط السلوك لديهم)([23]).

وفي هذا المجال تعرف العولمة على أنها (عملية تطور في معظم الأحيان كقوة إيجابية تهدف إلى توحيد المجتمعات المختلفة وتحقيق تكاملها في قرية كونية الكل يغتني في إطارها([24])، وهذا المفهوم يناقض الواقع الذي ظهرت به العولمة لأنها تزيد الغني غناً والفقير فقراً. فاتساع الفجوات في الدخل بين الأفقر والأغنى من أناس وبلدان على السواء مستمر ففي عام 1960 كان 20% من سكان العالم ممن يعيشون في أغنى البلدان يحصلون على دخل يعادل دخل أفقر نسبة 20% من السكان 30 مرة، وفي عام 1997 أصبح دخلهم يعادل أفقر 20% من سكان العالم 74 مرة، وهذا يمثل استمراراً لاتجاه دام زهاء عقدين([25]).

وفي المجال الاجتماعي أيضاً فان التنشئة الاجتماعية تتم بشكل منتظم من خلال استمرار واستقرار وكآلاتها الكبرى، الأسرة والمدرسة وبقية المؤسسات الاجتماعية([26]) إلا أنه مع انتشار أدوات العولمة (القنوات الفضائية، الانترنيت والشركات متعددة الجنسية أصبحت هي البديل عن مؤسسات التنشئة الاجتماعية، وهذا يؤدي بالنتيجة إلى السيطرة على العقول ويزيد من فاعلية وقدرة الإمبريالية الدولية في السيطرة والهيمنة على شعوب العالم ومقدرتها.

أما العولمة في المجال السياسي فأنها تركز عل البعد السياسي للقضايا العالمية، فالنشاط السياسي التقليدي كما يقول أنصار العولمة لم يعد يلبي حاجات الشعوب في هذا العصر، فالقرارات المهمة بالنسبة لهم هي تلك الإجراءات التي تعزز أمنهم ورفاهيتهم الاقتصادية وتحقيق العدل الاجتماعي وتحافظ على البيئة وتحمي حقوق الإنسان وتواجه العديد من المشاكل الضاغطة الأخرى التي لا يمكن معالجتها عن طريق الدول القومية، بل من خلال سلطة دولية أو مرجعية دولية وهذه المشاكل هي الإرهاب الدولي، المجاعة في العالم، تجارة المخدرات، مشكلة اللاجئين في العالم ومشاكل البيئة وغيرها([27]).

يرى بعض الباحثين أن العولمة ليست فكرا إيديولوجيا أو مذهبا سياسيا جديد بقدر ما هي ظاهرة نشأت عبر عقود عديدة من رحم النظام الرأسمالي([28]) وهذا يجعلها قابلة للتوسع باستمرار وتنتج مناهج وأساليب جديدة تدعمها الثورتين التقنية والمعلوماتية لإنتاج نظام جديد مهيمن في قيمة وأهدافه وأساليبه.

أن العولمة استعماراً جديداً يشبه في كل شيء الاستعمار القديم الذي كان يهدف إلى السيطرة على ثروات ومقدرات الآخرين، لكنه يختلف بعض الشيء لأنه لا يستولي على هذه الموارد من خلال الاحتلال العسكري وإنما من خلال عمليات أكثر ذكاء وحنكة تتم في الخفاء([29]).

فالعولمة تفرض على المجتمعات القومية أن تدخل في علاقات مفتوحة متعددة الأطراف مع بقية العالم، وحتما هذا يدفع بالمجتمع القومي إلى الدخول في تعاون مفتوح مع الأطراف كافة، ولكن هذا الرأي يجعل مجتمعات البلدان النامية تعيش في حالة تهميش وتبعية لأن الدولة الأقوى اقتصاديا هي التي تتحكم في مصدر إصدار القرار السياسي والاقتصادي كما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية الآن في مجلس الأمن الدولي. وهذا ما يجعل أسواق الدول الرأسمالية المتقدمة ذات تهديد خطر يمكن أن يؤدي إلى حروب وصراعات وانتشار الفقر كما يؤكد ذلك جوت غراي في رؤيته للعولمة على أنها تهديد خطر للبشرية لأنها أدت وتؤدي إلى صراعات وحروب أسبابها كما بدأت تظهر الآن اثنوغرافية واقتصادية([30]) على سبيل المثال حروب كوسوفو وأزمة تيمور الشرقية في إندونيسيا، وحروب أفغانستان والصومال وجنوب السودان، ويقول تشومسكي في هذا الصدد عندما تتطور أزمة إنسانية فثمة ثلاث خيارات لغير المتورطين: أولها العمل على تصعيد الكارثة أو الامتناع عن عمل أي شيء والأخير محاولة تخفيف الكارثة وتقع أزمة كوسوفو في الفئة (1) وتيمور الشرقية في الثانية([31]) كما تؤدي إلى الفقر لأن الفقير لا يستطيع مجاراة ومنافسة الغني.

أما في مجال الاقتصاد فان العولمة تركز على حجم التجارة الخارجية وحركة الاستثمارات الأجنبية وانتقال الأشخاص وثورة المعلومات والاتصالات.

أن بعض الباحثين ينظر للعولمة في مجال الاقتصاد بارتياب وتخوف والسبب في ذلك يعود لكونها شكل من أشكال الاستعمار الذي يخدم مصالح الدول الكبرى والشركات العملاقة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا الغربية واليابان([32]) وهذا ما سيحرم الدول النامية من الاستفادة مما تتمتع به من مزايا تنافسية لأن العولمة تقوم على الهيمنة.

وأيا كانت الأسباب وراء العولمة فقد أثارت القلق والعداء الصريح بين الدول وبين المفكرين والباحثين أيضا وقد ظهر الأمر بجلاء كما يقول (بيرتلس وجماعته)، (في الجدل الذي احتدم في الكونغرس في خريف 1997 حول توسيع نطاق سلطة الرئيس في التفاوض بشأن التجارة ظهر تيار منتقدوا العولمة وكانوا شخصيات معروفة في الأحزاب السياسية الأمريكية الثلاث مثل باتريك بوكانان، ريتشارد جبهاردت وروس بيرو ([33])، ويضيف أن نصف سكان أمريكا على الأقل يعتقدون أن العولمة تضر بأكثر مما تنفع). فإذا كان الخلاف محتدم في الكونغرس الأمريكي نفسه بهذا الشكل فما بالنا نحن في الدول النامية؟ وكيف سنعبر عن رفضنا للعولمة؟

لقد صاغ الباحثون الاقتصاديون العديد من المفاهيم ومنهم صادق جلال العظم الذي عدّ العولمة (وصول نمط الإنتاج الرأسمالية في منتصف القرن العشرين إلى نقطة الانتقال من عالمية دائرة التبادل والتوزيع والسوق والتجارة والتداول إلى عالمية دائرة الإنتاج وإعادة الإنتاج ذاتها) وهي بالتالي (رسملة العالم على مستوى العمق بعد أن كانت رسمته على مستوى سطح النمط ومظاهره في ظل هيمنة دول المركز وبقيادتها وتحت سيطرتها وفي ظل سيادة نظام عالمي للتبادل غير المتكافئ)([34]).

أن العولمة التي نشهدها اليوم هي بداية عولمة الإنتاج والرأسمال الإنتاجي وقوى الإنتاج الرأسمالية ونشرها في كل مكان خارج تجمعات المركز الأصلي ودولة([35]) وعدّ محمد الأطرش العولمة (اندماج أسواق العالم في حقول انتقال السلع والخدمات والرساميل والقوى العاملة ضمن إطار من رأسمالية حرية الأسواق بحيث تصبح هذه الأسواق سوقاً واحدة كالسوق القومية([36]) والعولمة في نظر الاقتصادي الفرنسي لاتوش (البروز الطاغي للشركات المتعددة الجنسية والإفلاس السياسي، والتهديد الذي تمثله تقنية علمية خارج حدود السيطرة)([37]) ويقصد بالإفلاس السياسي، ضعف الدولة الأمة وانهيار مفهوم المواطنة وفساد النخب السياسية. ونلاحظ من مفهوم لاتوش ان هناك تركيز على دور الشركات متعددة الجنسية في المجال الاقتصادي حيث أنها بدأت تحل محل الدولة في العمليات الاقتصادية.

نستنتج مما تقدم أن العولمة محاولة إرساء نظام سياسي اقتصادي ثقافي اجتماعي تروج له الولايات المتحدة الأمريكية كي تعزز نفوذها الدولي من خلال قضائها على السيادة الوطنية للدول واختراقها بواسطة الشركات متعددة الجنسية والبث الفضائي والإنترنت. ومن خلال المؤسسات الدولية العابرة القومية (البنك الدولي، منظمة التجارة العالمية، صندوق النقد الدولي). والعولمة اتخذت شكل تيار متصاعد من أجل رفع الحدود والقيود بين الدول وهذا بدوره يؤدي إلى أضعاف الدول النامية ومنها الوطن العربي بسبب عدم قدرتها على المنافسة في جميع المجالات.

مظاهر العولمة

اتسمت العولمة بمظاهر ميزتها عن مراحل الرأسمالية السابقة على الرغم من عدم الاتفاق على صياغة تعريف واحد ومحدد لها وابرز هذه المظاهر:ـ

1ـ أن التغيرات التي حصلت في طريقة اتصالنا بعضنا ببعض وفي كيفية استثمار أموالنا وفي معرفتنا بالعالم، صنعت من العالم كقرية صغيرة نسفت من خلالها الحدود السياسية والحواجز القطرية والإقليمية بوجه اتصالاتها وانتقال رؤوس الأموال والخبرات بين أجزاءه المختلفة.

2ـ تعاظم دور التجارة وتركزها، فقد شهدت التجارة العالمية نمواً في حركة السلع عموماً والخدمات خصوصاً([38]) التي تركزت في الدول المتقدمة وفي طليعتها الولايات المتحدة الأمريكية لاحظ شكل رقم (1). ومن المتوقع أن يزداد معدل نمو التجارة العالمي بعد تطبيق اتفاقية منظمة التجارة العالمية بنسبة تتراوح بين (5ـ12%) ثم زيادة معدل نمو الاقتصاد العالمي من 3,5% في عام 1993 إلى 8% في عام 2005([39]).

أن زيادة معدل نمو التجارة العالمي وزيادة معدل نمو الاقتصاد العالمي بعد تطبيق منظمة التجارة العالمية لا يعني أن جميع البلدان ستحقق مكاسب اقتصادية جراء هذه الزيادات، بل أن هذه الزيادة ستحققها الدول المتقدمة على حساب الدول النامية التي ستخسر خسارة كبيرة من قسمة العمل الدولية غير المتكافئة أولاً ولانخفاض نسبة مساهمتها في التجارة العالمية والناتج المحلي الإجمالي العالمي مقارنة بالبلدان المتقدمة.

3ـ تزايد دور الشركات متعددة الجنسية والمؤسسات الرديفة لها (صندوق النقد الدولي، البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية) في الاقتصاد العالمي من خلال الدور الكبير الذي لعبته في إعادة توزيع مفاصل الإنتاج عبر الحدود واستثماراتها الأجنبية المباشرة في بلدان العالم المختلفة([40]).

4ـ تراجع دور الدولة حيث لم تعد الحكومات هي التي تقرر مصير شعبها بسبب تزايد دور الشركات المتعددة الجنسية ذات الاستثمار الأجنبي المباشر لها في هذه البلدان وسيطرتها المباشرة على مفاصل الاقتصاد الوطني فيها من خلال إقامة الصناعات التي تتناسب وتوجيهات هذه الشركات لا مع توجهات حكوماتها الوطنية.

5ـ تدفق رؤوس الأموال خارج الحدود الوطنية سواء كان ذلك التدفق  لأغراض الاستثمار العيني في إنشاء المصانع أم لأغراض الاستثمار المالي. فقد بلغت تدفقات رأس المال الخاص الصافية إلى البلدان النامية في عام  1990 حوالي 43 مليار دولار. بينما ارتفعت لتصل إلى 299 مليار دولار عام 1997([41]).

6ـ دخول التجارة الإلكترونية القاموس الاقتصادي إذ بدأت تستقطب اهتماماً كبيراً يتزايد يوماً بعد يوم لما يتوقع أن يكون لها تأثير في حركة التجارة العالمية والطريقة التي تتم فيها المعاملات والصفقات التجارية. وتقدر منظمة التجارة العالمية عدد مستخدمي شبكة الإنترنت العالمية حالياً بأكثر من 100 مليون مستخدم في العالم، وأن قيمة التجارة الإلكترونية سترتفع من حوالي 22 مليار دولار مع نهاية عام 1998 إلى 300 مليار دولار عام 2000([42]).

7ـ تعاظم دور الولايات المتحدة الأمريكية على الصعيد السياسي والاقتصادي والعسكري لدرجة دفع بعضها إلى القول (أن مفهوم العولمة في هدفه امركة العالم أجمع وفي كافة مظاهر الحياة)([43]).

8ـ انتشار مجموعة الأفكار الداعية إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان، وقد بدأت هذه الأفكار بإعلان وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1990 (أن وراء الكبح توجد الديمقراطية)، كما أن الرئيس الأمريكي السابق (بيل كلنتون) كرر أكثر من مرة من أن تبني الديمقراطية سيكون على رأس أولويات إدارته([44]).

9ـ تطور وسائل الاتصال والثورة الإعلامية وشبكة المعلومات الانترنيت وهذا أدى إلى أن تصبح الصورة هي المفتاح السحري للنظام الثقافي الجديد وصارت المادة الثقافية التي يجري تسويقها على أوسع نطاق جماهيري وذلك لأنها لا تحتاج دائماً إلى المصاحبة اللغوية كي تنفذ إلى إدراك المتلقي([45]).

10ـ خضوع الثقافة إلى المعايير السائدة في سوق البضائع فباتت الإعلانات التجارية تطغى على كل وسائل الإعلام وترسيخ أنماط استهلاك جديدة توجهها مصالح الشركات المنتجة وفي تكوين شخصية نمطية عالمية([46]).

ومن خلال ما تقدم تبين أن للعولمة مظاهرها الخاصة بها، وهذه المظاهر مترابطة ومتصلة ببعضها فكل مظهر ينشط عمل الأخر بحيث أخذت حيزها في السياسية الدولية والاقتصاد الدولي وبدأت تتحكم بالقرار السياسي والاقتصادي للدول.

مفهوم الجيوبولتيكس

الجيوبولتيكس مفهوم من مفاهيم الجغرافية السياسية تبلور في النصف الثاني من القرن التاسع عشر على يد الباحث والمؤرخ السياسي السويدي ردولف كيلين (1864ـ1922) ولفظة جيوبولتكس مكونة من Gco وتعني الأرض و Politics وتعني أمراً يتعلق بالدولة وعلى وجه الخصوص سياستها([47]) وللجيوبولتيكس مفهومان هما:ـ

1ـ المفهوم الألماني القديم

أن خسارة ألمانيا الحرب العالمية الأولى وما تبعتها من تعويضات كبيرة فرضت عليها لصالح دول الحلفاء ثم الاستعدادات العسكرية خلال مدة ما بين الحربين العالميتين كانت البيئة الأساسية في ميلاد علم الجيوبولتيكس وتطويره([48]).

فقد اهتم الألمان بدراسة الدولة التي شبهها بكائن حي ديناميكي من خلال التعاريف التي كتبها أهم مفكريها ومنهم هو سهوفر الذي يعد أشهر من تعلق بهذا المفهوم حيث يقول (أن الجيوبولتيكس وليدة الجغرافية السياسية، لأنها المحرك لما تناوله هذا العلم من حقائق فتجعل منها مادة يستعين بها الزعيم السياسي)([49]) في حين يرى اوتومال (أن الجيوبولتيكس يهتم بالدولة لا على أساس أنها مفهوم جامد بل كائ حي، وأنه يبحث بالدرجة الأولى علاقة الدولة ببيئتها ـ حيزها ـ ويحاول حل جميع المشاكل الناتجة عن العلاقات المكانية)([50]).

أن تبني المدرسة الألمانية هذا المفهوم دفعهم إلى إنشاء معهد خاص لهُ مجلة تعنى بموضوعاته إلا وهي (الجيوبولتيكس) التي صدرت في عام 1924، ويجمع محررو هذه المجلة على تعريف الجيوبولتيكس كما ورد في مجلتهم سنة 1928 (أنه علم علاقات الأرض بالعمليات السياسية التي هي بحسب رأيهم علم الكائنات السياسية في مكانها وبيئتها فضلاً عن ذلك تبدأ الجيوبولتيكس بأعداد وسائل العمل السياسي ووضع توجهات الحياة السياسية ككل. وهكذا تصبح الجبوبلتيكس فنا إلا وهي فن قيادة السياسة العملية)([51]).

وقد تعرضت المدرسة الألمانية ومفاهيمها إلى انتقادات عديدة أبزها ما يلي:ـ

1ـ ارتبطت بوجهة نظر ضيقة شبهت الدولة من خلالها بكائن حي ديناميكي يجب أن ينمو ويتوسع على حساب الدول الأخرى، ووجهة النظر هذه تأثرت بما كتبه دارون حول القوانين الإحيائية الخاصة بالانتخاب الطبيعي والبقاء للاصلح والحاجة إلى أنواع سليمة في الكون تستمر في الصراع الدائم من أجل المكان([52]).

2ـ أنها جاءت بمسوغات لتوسيع ألمانيا بطرق عدائية.

3ـ أن موضوع الجيوبولتيكس في نظر الألمان ما هو إلا تشويه للعلاقات التاريخية والسياسية والجغرافية التي تتعلق بالعالم وأقاليمه وأن أسسه لا تنطبق على العالم بل إنها تخص الدول التي تنطبق عليها([53]).

لذلك أخفق هذا المفهوم للجيوبولتيكس كونه لا يتناسب مع ما يحدث في العالم من تطور. إذ أن حدود الدولة في الوقت الحاضر ثابتة غير قابلة للتحريك على العكس مما كانت عليه في بدايات القرن العشرين، كما أن أساليب الاستعمار والاحتلال قد تغيرت فأصبحت الآن السيطرة ليست على الأرض وما تحويه، بل تتم من خلال السيطرة على اقتصاد الدولة عن طريق العديد من الأساليب التي أهمها وأحدثها العولمة التي اعتمدت على العلم والتقانة.

2ـ المفهوم الحديث للجيوبولتيكس

لا يعتمد المفهوم الحديث للجيوبولتيكس على الجغرافية العامة أو السياسية فقط بل يستمد مادته من علوم كثيرة لكنها ثانوية بالنسبة للجغرافية منها السياسة، التاريخ، العلوم العسكرية والاستراتيجية والعلاقات الدولية. حيث تجمع هذه المعلومات عن إقليم أو دولة معينة وتؤخذ مرة واحدة وعلى أساس تحليلها يتم تقييم قوتها او مواقفها الخاصة في معالجة مشاكل معينة في أوقات معينة.

لقد اختلف المختصون في تحديد مفهوم الجيوبولتيكس فيعرفه جيفري باركر (بأنه دراسة المعنى العالمي للجغرافية العامة وهدفه ومسوغة النهائي هو فهم كل ما يتعلق بالجيوبولتيكس ويرى ان الشمولية في الجيوبولتيكس تعود لتحليل مكونات معينة وآليات خاصة تعود إلى الحقبة التاريخية التي تمت بها الهيمنة الإمبريالية على الخارطة السياسية)([54]).

ويرى إيفان أوسترود أن الجيوبولتيكس يشير إلى الروابط والعلاقات بين القوة السياسية والمساحة الجغرافية وهذا هو المعنى المجرد ويرى أن المعنى الملموس للجيوبوليتكس أنه يبدو هيكلا من الأفكار التي تحمل محددات استراتيجية معينة معتمدة على الأهمية النسبية لسلطة الأرض وسلطة البحر في تاريخ العالم ويرى أيضا أن المفهوم الحديث للجيوبوليتكس غير متجانس حيث يكون أحياناً مسألة سياسية ذات بعد خاص، وأحيانا تنطبق التسمية مع المذهب الاستراتيجي المعياري، وأحياناً تكون طريقة تحليلة في التفكير، وأحيانا يكون مصطلح رنان لنظرية علمية لتطور ونفوذ دولة.

ومن الباحثين من يعرف الجيوبوليتكس على (أنه تقييم العناصر الجغرافية للدولة وتحديد وزن كل عنصر وهذا يساعد في تقييم شامل ومتكامل لكل دولة لمعرفة وزنها وقيمها الاستراتيجية العالمية، ويرى بأنها تعني بدراسة المتطلبات المكانية للدولة وتساعد في رسم السياسة التوجيهية للدولة)([55]).

وأعطى الساسة الأمريكيون اهتماماً خاصاً للجيوبولتيكس ومنهم بريجنسكي الذي يرى (أن السياسة الخارجية الأمريكية إضافة إلى استثمارها لجميع أبعاد النفوذ المستجد كالتكنولوجيا والمعلومات إلى جانب التجارة والمالية يجب أن تظل معنية بالبعد الجيوبولتيكي). ويرى أيضاً (أن الجيوبولتيكس هي الحيوية السياسية والمرونة الإيديولوجية والدينامية الاقتصادية والجاذبية الثقافية)([56]).

بعد دراسة مفهوم العولمة والجيوبولتيكس سيسعى الباحث لأيجاد العلاقة بين المفهومين وهل يؤثر إحداهما على الأخر؟.

المنظور الجيوبولتيكي للعولمة

العولمة مفهوم حديث، وصفة الحداثة جعلت دراسته محدودة. فلم يتم تناوله إلا في مجالات السياسة والاقتصاد والاجتماع والإعلام. أما بقية المجالات فلم نجد إلا إشارات تكاد تكون معدومة ومنها الجغرافية بالرغم من كونها عنصرا مؤثرا في موضوع العولمة. فهي كما يقول فريدمان (تؤثر بطرق عديدة في الجغرافية السياسية فهي تخلق مصادر جديدة للقوة، وتخلق نوعاً جديد من الضغوط على الدول لتغير طريقة تنظيمها لنفسها([57]).

أن العولمة نظام عالمي أحدث تغيرات كبيرة في مجال الجغرافية السياسية، لاسيما في الجانب الاقتصادي، فالاقتصاد كما يقول ليسترثرو (يدفع الأمم إلى التفكك، والأقطار إلى الاندماج في وقت واحد، وتضغط الأحداث والمؤسسات في جزء معين من العالم على الأحداث والمؤسسات في الجزء الآخر)([58]). وهذا أدى إلى تغيرات جيوبولتيكية مشهودة ومروعة على وجه الخارطة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق. لكنها البداية ليس إلا، وليست النهاية لإعادة رسم أساسي للخطوط السياسية على وجه الأرض. ويظل الجيوبولتيكس أساسا حاسما في الشؤون الدولية (لأن جغرافية الدولة تعني كما يقول نابليون معرفة سياستها الخارجية)([59]) إلا أن فهمنا لأهمية الجغرافية السياسية يجب أن يكيف نفسه لحقائق القوة الجديدة.

ويرى بلقزيز بان العولمة جغرافيا تعني الانتقال من المجال الوطني أو القومي إلى المجال الكوني في مرحلة زمانية هي ما بعد الدولة القومية وبالتالي فأنها أي العولمة ترسي دعامات ثورة جديدة في التاريخ ستكون قوتها المجموعة الإنسانية بدل الجماعة الوطنية والقومية([60]).

لقد كانت السيطرة على الأرض محور النزاعات السياسية فهي الحافز الرئيس الموجه للسلوك العدواني للإمبراطوريات التي قامت من خلال الاستيلاء على المواقع الجغرافية الحيوية مثل جبل طارق أو قناة السويس وهي المواقع التي عملت مسامير عجلة في منظومة السيطرة الإمبراطورية. كل ذلك دفع كبار الجغرافيين السياسيين الألمان إلى استخدام الجيوبولتيكس في تسويغ مبدأ بلادهم في الضغط باتجاه الشرق وقد كانت أبرز تلك المحاولات، محاولة كارل هاو سهوفر في تكييف مفهوم ماكندر للاحتياجات الاستراتيجية الألمانية([61]).

أما اليوم فلم تعد الجيوبولتيكس تتناول أي منطقة جغرافية في اوراسيا تمثل نقطة انطلاق نحو السيادة العالمية، فقد انتقلت الجيوبولتيكس من البعد الإقليمي إلى العالمي حيث السيطرة على القارة الأوراسية توفر القاعدة المركزية للسيادة العالمية. وهنا يؤكد بريجنسكي (أن الخارطة الجيوبولتيكية العالمية ستصبح أكثر تعقيداً فبدلاً من تحقيق نظام عالمي جديد، ستجتمع معاً الدول ذات القوة والثروة لتتمكن من منافسة خصومها وحماية ما لديها، وهذا يأذن بظهور سلاسل من مبادئ ستكون أمريكا متسلطة على بعض منها لكنها لا تستطيع رسم سياستها الداخلية لتلك المبادئ ماخلا مبادئها الداخلية)([62]).

ولإيجاد العلاقة بين مفهوم العولمة والجيوبولتيكس يجب أن نحدد الزوايا التي تمكننا من إيجاد هذه العلاقة وهذه الزوايا هي:ـ

1ـ الحدود:

 هي خطوط وهمية تفصل بين مناطق وسيادة دولة عن دولة أو مجموعة دول([63]). وتشمل الحدود فضلا عن سطح المساحة الأرضية الغلاف الجوي والحياة الإقليمية حسب الأعراف الدولية التي عادة أما تكون باتفاقية جماعية أو رغبة انفرادية دولية([64]).

أن للحدود السياسية أهمية كبيرة في جميع المجالات سواء الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية. لذلك فأنها من وجهة نظر الجغرافية السياسية (ظاهرة مؤقتة تتحول استجابة لمتطلبات الدولة([65]). وقد استمر تطبيق هذا المبدأ الذي أطلقه راتزل حتى المدة التي أعقبت الحربين العالميتين (فترة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي السابق) حيث كانت هاتان القوتان معرضتا لأن تنجرا إلى نزاعات حدودية بين الدول المتحالفة معها، لأن أي طرف خاسر في النزاع الحدودي سيطلب عوناً من القوة العظمى الحليفة معه وسيكون من الصعب حرمانه من ذلك إذا ما أريد الحفاظ على تضامن التحالف، وإذا ما أعطت إحدى القوتين عونا فان الأخرى ستقابلها بالمثل بالتأكيد.

ومع انتهاء الحقبة الاستعمارية كثيراً ما تغيرت الأسماء على خريطة العالم بعد الحرب العالمية الثانية، وكذلك الحدود في زمن العولمة حيث أنها تغيرت وستتغير (لأنه ليست للحدود القائمة أي معنى جغرافي وعرقي ولغوي وتأريخي أو اقتصادي)([66]) لذلك ستتغير وتحل محلها حدود التوتر بين الحضارات وتصبح نقاط تندلع منها شرارات الأزمات وسفك الدماء وأبرز حدود التوتر التي عرى عنها الانقسام الإيديولوجي في أوربا بداية عقد التسعينات من القرن العشرين، وهي الحدود التي تفصل بين المسيحية الغربية من جهة والمسيحية الأرثوذكسية الشرقية والإسلام من جهة أخرى([67]) والحدود كما تريد العولمة لا وجود لها لأن الدولة ليست لها القدرة على فرض سيادتها الكاملة على مساحة الدولة فهي لا تستطيع مواجهة الاختراق الثقافي والاقتصادي الذي تسببه أجهزة الاتصال الحديثة والقنوات الفضائية التي لا تقف بوجهها كل الحدود (مهما كانت قوية). وفي المجال الاقتصادي أصبحت الشركات متعددة الجنسية قوة تخترق الحدود من خلال سيطرتها على التجارة الدولية.

لذا نرى أن الحدود السياسية التي عدتها الجغرافية السياسية إحدى موضوعات سيادة الدولة المهمة قد تغير مفهومها في زمن العولمة طالما ان التنظيمات الاقتصادية والتقانية قد وفرت لها سبل العبور دون قيود لكل الدول وعلى قنوات الاتصال المختلفة.

2ـ العلاقات الاقتصادية

وتشمل التجارة الدولية والخدمات والاستثمارات. أن التبادل في السلع ورؤوس الأموال هو العنصر المسيطر على العلاقات بين الدول حتى وقت قريب، وقد بدأ هذا التبادل يزداد حجماً في زمن العولمة، وهذه الزيادة جاءت نتيجة فعلية للاتفاقيات الاقتصادية والتكتلات التي شهدها العالم والتي من أبرزها في مجال التبادل الاقتصادي (منظمة التجارة العالمية) التي جاءت مكملة لعمل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، أو ما يسمى (بمؤسسات بريتون وودز)l. وسنركز بعض الشيء على هذه المنظمة لأنها حددت طبيعة العلاقات الاقتصادية بين الدول.

أن الثورة العلمية والتكنولوجية، والتغيرات في النظم الاقتصادية لاسيما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق، والتغيرات في النظام الاقتصادي العالمي أدت إلى نشوء منظمة التجارة العالمية في بداية كانون الثاني من عام 1995. وتقوم هذه المنظمة على مبادئ معلنة تفضل التعددية على الثنائية في التبادل، إلغاء الإجراءات التي تعطي أفضلية للمنتجين الوطنيين على الأجانب، منع ممارسة إغراق الأسواق، تخفيض الرسوم الكمركية، وإلغاء وسائل الحماية غير المباشرة من خلال تحديد الكميات المسموح باستيرادها، وكذلك فرض شروط صحية أو إدارية([68]).

أن منظمة التجارة العالمية تعد أداة من أدوات العولمة لأن اتجاه العالم نحو العالمية كان أحد الأسباب التي أدت إلى نشوء هذه المنظمة فظاهرة التدويل أصبحت قاعدة تسود مختلف أوجه النشاط الاقتصادي وتؤثر في مختلف نواحي العلاقات الاقتصادية الدولية.

وفي مجال تجارة الخدمات فان العولمة أدت إلى تزايد حجم تجارة الخدمات سريعا الأمر الذي دفع الدول المتقدمة على إدخال موضوع تحرير تجارة الخدمات ضمن مواضيع منظمة التجارة العالمية وقد اتفقت الدول الأعضاء في المنظمة على تحديد مفهوم الخدمة المتمثل بخدمات الاتصال والتحويلات الجارية والسياحة والأنشطة المصرفية والتأمين وخدمات التشييد والبناء وخدمات النقل والخدمات الاجتماعية([69]).

أما في مجال الاستثمارات فقد لعب الاستثمار الأجنبي دوراً كبيراً في الاقتصاد العالمي حيث أنه (تزايد بسرعة اكبر بضعفين من سرعة تزايد الإنتاج)([70]).

أن حرية التجارة والاستثمار ستخلق منافسة شديدة للسيطرة على الأسواق التجارية وستكون المنافسة من أهم معوقات اندماج الدول النامية بالاقتصاد العالمي وذلك لأنها لا تمتلك قاعدة إنتاجية متطورة في جو منافسة شرسة لا تستطيع مجابهتها([71]).

3ـ العلاقات الستراتيجية

تتناول العلاقات الستراتيجية قوة الدولة التي تعتمد على عوامل عديدة جغرافية واقتصادية وسياسية ونفسية وعسكرية ويستلزم الأمر تحليل هذه العوامل، وقد يكون تأثيرها إيجابياً. وعليه يجب وضع تعريف لمفهوم الدولة وقوة الدولة.

فالدولة هي رقعة من الأرض موحدة سياسياً يسكنها السكان الاصليون لها حكومة وطنية تفرض سيادتها على جميع أجزاء الدولة ولديها القوة الكافية لحماية سيادتها([72]).

أما قوة الدولة فقد عرفها جونز على أنها إسهام في صنع القرارات وأن القوة ليست شيئاً ماديا وأن هناك اختلافاً في درجة تركزها من دولة لأخرى([73]).

أن كلا المفهومين (الدولة وقوة الدولة) قد شهدى تغيراً في زمن العولمة، فالدولة ظهرت في القرن الخامس عشر حيث تطلب التقدم التكنولوجي وزيادة الإنتاج في ذلك الوقت توسيع نطاق السوق ليشمل الأمة بأسرها بعد أن كان محدداً بحدود المقاطعة فحلت الدولة محل الإقطاعية([74]).

وكما حلت الدولة محل الإقطاعية في الماضي فان الشركات متعددة الجنسية وشبكات المعلومات والفضائيات حلت اليوم محل الدولة وكما يقول الجابري (أن العولمة نظام يقفز على الدولة والأمة والوطن، نظام يعمل على رفع الحواجز والحدود وبالتالي إذابة الدولة الوطنية وجعل دورها يقتصر على القيام بدور الدركي لشبكات الهيمنة العالمية وهكذا تتحول الدولة إلى جهاز لا يملك ولا يراقب ولا يواجه)([75]). وقد رأى جلال أمين العولمة أبعد من ذلك بالقول (أن عصر العولمة يحتاج لدولة من نوع خاص هي دولة تفكك ولا تبني حيث تترك مهمة البناء لغيرها وهي تسلم أمرها للأجنبي ليفعل بهم ما يشاء، أنها دولة تصغر فيها مساحة الحريات لصالح سيطرة واحتكار الشركات متعددة الجنسية)([76]).

أما قوة الدولة فأنها متغيرة لا تعرف الثبات وتقاس بشكل نسبي مع الدولة الأخرى. فموضوع القوة له أهميته في العلاقات والصراعات الدولية وتسعى الدول جاهدة لتحقيق السبل والوسائل كلها لامتلاك القوة وتحقيق أهدافها في الأمن القومي والدفاع عن السيادة الوطنية وردع العد وأن الخارجي([77]). وعموماً فان مقومات قوة الدولة متغيرة فالان أصبحت الإمكانات الاقتصادية للدولة هي الأساس لقوتها في ظل نظام العولمة.

ومن خلال ما تقدم فان العولمة مفهوم حديث بدأ يؤثر في جميع المجالات وأصبحت له علاقة وثيقة بها، ومنها الجغرافية، فالعولمة أثرت وتؤثر كثيرا في مواضيع الجغرافية السياسية.

l Globaliztion كلمة إنكليزية شقته من Globe التي تعني الكرة، المقصود هنا الكرة الأرضية، ومقابل للعالم وهو World والكون Universe. وكلمة العالم تعني البشرية وهي توحي بمشاركة الناس جميعا في انتشار العولمة.

[1]ـ إسماعيل مبري عبد الله، الكوكبة: الرأسمالية العالية في مرحلة ما بعد الامبريالية، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، السنة 20، العدد 222، 1997، ص5.

[2]ـ السيد يسن، في مفهوم العولمة، بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية، تحرير إسامة الخولي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1998، ص29.

[3]ـ سمير أمين، العولمة والدولة ، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، السنة 21، العدد 228، 1998، ص 25.

[4]ـ ذكاء مخلص الخالدي، العولمة: المفاهيم والمتطلبات، المجلة الاقتصادية السعودية، السنة 2، العدد 3، 1999، ص 37.

[5]ـ عمرو محي الدين، تعقيب على بحث السيد يس في ندوة العرب والعولمة التي نضمها مركز دراسات الوحدة العربية، كتاب العرب والعولمة، تحرير إسامة الخولي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط1، 1998، ص 35.

[6]ـ فؤاد مرسي، الرأسمالية تجدد نفسها، سلسلة عالم المعرفة رقم 147، يصدرها المجلس الوطني للثقافة والآداب، الكويت، 1990، ص15.

[7]ـ منير الحمش، العولمة ليست الخيار الوحيد، الأهالي للنشر والطباعة والتوزيع، سوريا، 1998، ص17.

[8]ـ محسن أحمد الخضيري، العولمة: مقدمة في فكر واقتصاد وإدارة عصر اللادولة، مجموعة النيل العربية، القاهرة، 2000، ص 41.

[9]ـ طلال عتريس المناظرة حول العولمة، مجلة شؤون الأوسط، مركز الدراسات الستراتيجية والبحوث والتوثيق، بيروت، العدد 71، 1998، ص4.

[10]ـ أحمد صدقي الدجاني، مناقشة لبحث السيد يسن حول مفهوم العولمة، في كتاب العرب والعولمة، تحرير إسامة الخولي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1997، ص 63.

[11]ـ السيد يس، الأصولية في مواجهة الكونية، مجلة المنتدى، منتدى الفكر العربي، الأردن، العدد 10، 1994، ص 20.

[12]ـ عبد الحي يحيى زلوم، نذر العولمة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1999، ص 247.

[13]ـ إسماعيل صبري عبد الله، العرب وتحديات النظام العالمي، سلسلة كتب دراسات الوحدة العربية رقم 16، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1999، ص44.

[14]ـ ذكاء مخلص الخالدي، مصدر سابق، ص 34.

[15]ـ ذكاء مخلص الخالدي، المصدر السابق، ص35.

[16]ـ زبغنيو بريجنسكي، رقعة الشطرنج الكبرى، ترجمة أمل الشرقي، الأهلية لنشر والتوزيع، الأردن، 1999، ص40ـ41

[17]ـ عبد الخالق عبد الله، تعقيب على بحث السيد يس، في مفهوم العولمة، ندوة العرب والعولمة، الذي نشر في كتاب العرب والعولمة، تحرير إسامة الخولي مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت،1998،ص52

[18]ـ عبد الإله بلقزيز الهوية الثقافية، بحث مقدم في ندوة العرب والعولمة، نفس المصدر السابق، ص318.

[19]ـ برهان غليون وسمير أمين، ثقافة العولمة وعولمة الثقافة، دار الفكر، دمشق ط1، 1999، ص 20ـ21.

[20]ـ عبد الخالق عبد الله، كيفية التعامل مع العولمة، مجلة البحرين الثقافية، البحرين، العدد 26، 2000، ص132.

[21]ـ صموئيل هنتغتون، صراع الحضارات ترجمة طلعت الشايب، 1998، ص386.

[22]ـ مولود زايد الطبيب، العولمة والتماسك المجتمعي في الوطن العربي، أطروحة دكتوراه غير منشورة، جامعة بغداد، كلية الآداب، 2001، ص120.

[23]ـ باقر سلمان النجار، العرب والعولمة، مجلة البحرين الثقافية، البحرين، العدد 26، 2000، ص146ـ147.

[24] Hamid molan, Globalization of mass media opportunities and challenges for thes out, Cooperation south, unap No-2, 1998,P-22

[25]ـ مولد زايد الطبيب، المصدر السابق، ص 125ـ126

[26]ـ مصطفى حجازي، العولمة والتنشئة المستقبلية، مجلة العلوم الإنسانية، البحرين، العدد 2، 1999، ص18.

[27]ـ نايف علي عبيد، القرية الكونية واقع أم خيال، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، العدد 260،2000، ص136ـ137

[28]ـ ذكاء مخلص الخالدي، مصدر سابق، ص47.

[29]ـ عبد الحي يحيى زلوم، نذر العولمة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الأردن، 1999، ص24.

[30] Pierre Schori, Greece-Sweden- EU in The Erea of Globalisation, Thesis A Journal of foreign Policy Issuos, Volume 11, Issre No –3, 1998, p-13.

[31]ـ نعوم تشومسكي، النزعة (الإنسانية العسكرية الجديدة، ترجمة أيمن حنا حداد، دار الآداب للنشر والتوزيع، لبنان، ط1، 2001، ص75.

[32]ـ المنطقة العربية وتحديات العولمة، ملف الأهالي الاقتصادي الصادر عن الدائرة الاقتصادية للبنك الأهلي التجاري، المجلد السابع، العدد 2، نيسان 1997، ص1.

[33]ـ جاري بيرتلس وآخرون، جنون العولمة، تفنيد المخاوف من التجارة المفتوحة، ترجمة كمال السيد، مركز الأهرام للترجمة والنشر، القاهرة، ط1،1999، ص14.

[34]ـ صادق جلال العظم وحسن حنفي، ما هي العولمة، دار الفكر المعاصر، بيروت، ط1، 1999، ص43ـ125

[35]ـ منير الحمش، مصدر سابق، ص35

[36]ـ محمد الأطرش، تحديات الاتجاه نحو العولمة الاقتصادية، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، العدد 260، 2000، ص 9.

[37]ـ سرج لاتوش، العولمة ضد الأخلاق، ترجمة عفيف عثمان، مجلة شؤون الأوسط، العدد 71، 1998، ص9

[38]ـ إبراهيم العيسوي، العولمة والتنمية العربية، مجموعة محاضرات العرب والتحديات الاقتصادية العالمية، مؤسسة عبد الحميد شومان، الأردن، ط1، ص79

[39]ـ منظمة العمل العربية، الاتفاقية العامة للتعاريفات الكمركية، مكتب العمل العربي، القاهرة، 1995،   ص74.

[40]ـ ذكاء مخلص الخالدي، مصدر سابق، ص 46.

[41]ـ صندوق النقد العربي، دور الحكومات الإنمائي في ظل الانفتاح الاقتصادي، تحرير علي توفيق الصادق ووليد عدنان الكردي، شركة أبو ظبي للطباعة والنشر، الإمارات، 2001، ص47

[42]ـ المؤسسة العربية لضمان الاستثمار، التجارة الإلكترونية: تحدي جديد، مجلة ضمان الاستثمار، الكويت، السنة 16، العدد 126، 1998، ص 4

[43]ـ نعيمة شومان، العولمة في النظم التكنولوجية الحديثة والتفتيش عن طريق بديل، محاضرة القتها في مؤتمر اوتاوا الدولي الذي عقد في تشرين أول 1996، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر، بيروت، ط1، 1998، ص22ـ23

[44]ـ صموئيل هنتنغنون، مصدر سابق، ص 310

[45]ـ عبد الآلة بلقزيز، العولمة والممانعة، منشورات  رمسيس، الرباط، 1998، ص53

[46]ـ رسلان خضور وسمير حسن، مستقبل العولمة، سلسلة أبحاث قضايا راهنة، المركز العربي للدراسات الاستراتيجية، دمشق، السنة الثانية، العدد 7، 1998، ص 8

[47]ـ عبد المنعم عبد الوهاب وصبري فارس الهيتي، الجغرافية السياسية، دار الكتب للطباعة والنشر، جامعة الموصل، 1976، ص386

[48] Carl Stotz, elements Political Geography, Zeaitition, New yourk, 1959, P – 10.

[49]ـ رسل هـ فيلفوج انزل بيرسي، الجيوجولتيكا، ترجمة يوسف مجلي ولويس اسكندر، الكرنك للنشر والتوزيع، القاهرة، 1942، ص14.

[50]ـ عبد الرزاق عباس حسين، الجغرافية السياسية مع التركيز على المفاهيم الجبوبولتيكيه، مطبعة اسعد، بغداد، 1976، ص387.

[51]ـ عبد المنعم عبد الوهاب، جغرافية العلاقات السياسية، منشورات مؤسسة الوحدة للنشر والتوزيع، الكويت، 1977، ص120

[52]– Lewis. M Alexander, world political Patterns Zedition London, 1957, P – 18.

[53]ـ عبد الرزاق عباس حسين، مصدر سابق، ص396

[54] Osterude oynnd, the uses and abuses of Geoplitics, Journal of peace Research, vol 25,No.2 1988, P-192.

[55]ـ قاسم الدويكان، المجالات التطبيعية للجغرافية السياسية، مجلة الجمعية الجغرافية العراقية، العدد 34، نيسان 1997، ص 45

[56]ـ نربغنيو بريجنسكي، رقعة الشطرنج الكبرى، مصدر سابق، ص13ـ57

[57]ـ توماس ـ ل فريد مان، السيارة ليكساس وشجرة الزيتون محاولة لفهم العولمة، ترجمة ليلى زيدان، الدار الدولية للنشر والتوزيع، القاهرة، 2000، ص327

[58]ـ ليستر ثرو، مستقبل الرأسمالية، ترجمة فالح عبد القادر حلمي، بيت الحكمة، بغداد، 1999، ص152

[59]ـ زيغنيو بريجمسكي، مصدر سابق، ص54

[60]ـ عبد الآله بلقزيز، مصدر سابق، ص 309

[61]ـ نافع القصاب وآخرون، الجغرافية السياسية، دار الكتب للطباعة والنشر، بغداد، بلا تاريخ، ص 135ـ136

[62]ـ زيغنيو بريجنسكي، الفوضى، ترجمة مالك فاضل، الأهلية للنشر والتوزيع، الأردن، ط1، 1998، ص 179ـ180.

[63]ـ عبد المنعم عبد الوهاب، مصدر سابق، ص 53

[64]ـ عبد المنعم عبد الوهاب وصبري فارس الهيتي، مصدر سابق، ص 125.

[65] Lewis M.Alexauder, Opeitm, p-19.

[66]ـ يسترثرو، مستقبل الرأسمالية، مصدر سابق، ص 148.

[67]ـ جورج قرم، العرب وتحديات النظام العالمي، سلسلة كتب دراسات الوحدة العربية رقم 16، بيروت، 1999، ص99.

l بريتون وودز مؤتمر دولي عقد في ولاية نيوهمشاير الأمريكية عام 1944، بهدف السيطرة على معدلات الصرف التي حددت بالقياس إلى الذهب والدولار، وقد تمخض عنه إنشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. المصدر ريتشارد هيجوت، العولمة والأقلمة اتجاهات جديدان في السياسة العالمية، سلسلة محاضرات الإمارات رقم 25، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ط1، 1998، ص 58.

[68]ـ سمير أمين، في مواجهة أزمة عصرنا، سيناء للنشر، القاهرة، ط1، 1997، ص62.

[69]ـ عبد الرحمن نجم عبد المشهداني، أثر المتغيرات الاقتصادية الدولية على الاقتصاديات العربية، أطروحة دكتوراه (غير منشورة)، كلية الإدارة والاقتصاد، الجامعة المستنصرية، 1996، ص97.

[70]ـ عاطف عبد الله قبرصي، التنمية البشرية المستديمة في ظل العولمة والتحدي العربي، سلسلة التنمية البشرية رقم 10، الأمم المتحدة، نيويورك، 2000، ص16.

[71]ـ نزار ذياب عساف، التجارة العربية وتحديات العولمة، مجلة الحكمة، بيت الحكمة، بغداد، السنة 3، العدد 16، 2000، ص96.

[72]ـ عبد المنعم عبد الوهاب وصبري فارس الهيتي، مصدر سابق، ص8.

[73]ـ عبد الرزاق عباس حسين، مصدر سابق، ص 536.

[74]ـ جلال أمين، العولمة والدولة، ندوة العرب والعولمة، مركز دراسات الوحدة العربية، نشرت في كتاب العرب والعولمة، تحرير إسامة الخولي، بيرت، 1998، ص 155.

[75]ـ محمد عابد الجابري، العولمة والهوية الثقافية: عشر اطروحات، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، العدد 228، 1998، ص 19.

[76]ـ جلال أمين، المصدر السابق، ص 156.

[77]ـ صباح محمود، الأمن القومي العربي، دار الموقف العربي، القاهرة، بلا تاريخ، ص 37.

بقلم مثنى مشعان خلف المزروعي

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى