“الفيسبوك لايف”… قنبلة موقوتة على الطرقات

بقلم رزيقة أدرغال – الخبر

يد السائق على مقود السيارة، وأخرى تمسك بالهاتف اليدوي المحمول إما للحديث أو  لإرسال  تغريدات ومتابعة ما يظهر منها على صفحات التواصل الاجتماعي، أو لتشغيل تقنية اللايف عبر “فيسبوك”… فجأة يتشتت انتباهه ويفقد السيطرة على المركبة، لاسيما في الرحلات الطويلة وعلى الطرق السريعة، فيخرج عن مساره أو يصطدم بسيارات أخرى…  صورة تكاد تكون يومية في طرقاتنا لسائقين مصابين بإدمان استخدام الهاتف النقال ووسائل التواصل الاجتماعي تنتهي مغامرتهم في كثير من الأحيان في العالم الآخر.

أكدت الدراسات أن عملية السياقة تتطلب تركيزا تاما وانتباها مضاعفا حتى يمكن للسائق الاستجابة للمواقف المرورية الطارئة التي قد تحصل له وكي يتفطن إلى مفاجآت الطريق، حيث يمكن أن يكون الموت قادما بسبب ثانية من التأخير في ردّة الفعل، واستعمال الهاتف  المحمول أثناء السياقة من أهم الأسباب التي تؤدي إلى سهو السائق وعدم انتباهه فهو يصرفه عن متابعة حركة المرور ويؤخر استجابته للمواقف المرورية الطارئة، إضافة إلى ما قد يحدثه مضمون المكالمة من انفعالات غضب أو فرح من شأنها أن تزيد في تشتيت الانتباه .

وفي السياق، كشف المكلف بالإعلام على مستوى مركز التنسيق المروري للدرك الوطني، الرائد سمير بوشحيط ، أن 50 بالمائة من المخالفات المسجلة عبر طرقات الوطن  خلال الستة أشهر الأولى من سنة2021 سببها استعمال الهاتف المحمول أثناء السياقة، أي ما يفوق 13 ألف مخالفة تتعلق باستعمال الهاتف النقال، من بينهما 814 مخالفة سجلتها سرية أمن الطرقات للمجموعة الاقليمية للدرك الوطني بالبليدة عبر إقليم الاختصاص خلال 7 أشهر الأولى من السنة الجارية.

وتابع محدثنا :”الهاتف المحمول أصبح حاملا لجميع الخدمات التي يحتاجها الفرد والاشتغال به يؤدي حتما إلى نقص التركيز والانتباه، مما يؤدي إلى ارتكاب مجموعة من المخالفات وحوادث مرورية مؤلمة، كما أن تشغيل الشباب لخدمة البث المباشر”اللايف”، والتقاط فيديوهات وصور أثناء القيادة، مشاهد قد تجري في بضع ثوان، لكنها تكون أحيانا الحد الفاصل بين الحياة وبين الموت في طريق لا يرحم، وهي سلوكات سلبية صادرة عن بعض السائقين المتهورين وتساهم اليوم في 6  بالمائة من حوادث المرور لدى الشباب، من بين 9.55 بالمائة من حوادث سببها عموما تغافل السائق عند قيادة المركبة”

وأوضح الرائد بوشحيط أنه من خلال المعاينات الميدانية من طرف حدات أمن الطرقات، تبين تزايد هذه السلوكات خاصة في فصل الصيف أين تكثر الأعراس والأفراح والمناسبات والتردد على المناطق السياحية، حيث أوقف عدة سائقين بصدد إرسال رسائل نصية واستعمال مواقع التواصل الاجتماعي فايسبوك أثناء قيادة المركبة، مشيرا إلى أن  هذه السلوكات لم تعد تصدر عن سائقي المركبات فحسب بل أصحاب الدراجات النارية أيضا، حيث سجلت عده مخالفات للاستعمال اليدوي للهاتف المحمول أثناء القيادة و الازدحام المروري.

سيارات مموهة لاصطياد  المخالفين

وأكد محدثنا أن “مجهودات الدرك الوطني في محاربة هذه التصرفات متواصلة لردع المخالفين، وهي من الأوليات، حيث تستعمل السيارات المموهة التابعة لوحداتنا لمعاينة عدة مخالفات في السير على الشريط ألاستعجالي، والاستعمال اليدوي للهاتف المحمول، والمناورات الخطيرة، حيث سجلت 7681 خدمة عبر اختصاص الدرك في ستة أشهر من سنة 2021، تم من خلالها معاينة1025 جنحة، و27875 مخالفة.

وذكر الرائد بوشحيط “أن الدراسات العلمية لحوادث المرور التي قام بها الدرك الوطني أثبتت أن العوامل الفاعلة والرئيسية في وقوع حوادث المرور تتعلق عموما بثلاث عناصر أساسية هي: العامل البشري سواء كانوا سواق أو مارة، حالة المركبة، والمحيط، لكن  العنصر البشري يعد المسبب الرئيسي في حوادث المرور، لأنه الوحيد القادر على التحكم في أعماله على حد قوله.

وبلغة الأرقام أحصت وحدات الدرك الوطني عبر الوطن 3466 حادث مرور مخلفا 1224 قتيلا، و5457 جريحا، خلال الستة أشهر الأولى لسنة 2021، وأن 93,57 بالمائة من هذه الحوادث يعود وقوعها إلى العامل البشري حسب الرائد بوشحيط الذي أبرز أن  المخالفات المرتكبة هي السرعة  المفرطة، التجاوز الخطير، إضافة إلى تغافل السائق، لاسيما استعمال الهاتف اليدوي المحمول، أو كما يسميه البعض تكنولوجيا الموت.

المخالفات تشمل جميع الاستعمالات للهاتف النقال أثناء القيادة

مخالفة الاستعمال اليدوي للهاتف النقال لا تعني بأن المخالفة سارية المفعول في حالة المكالمة فقط، بل هي تشمل جميع الاستعمالات اليدوية للهاتف النقال أثناء السياقة، لما يشكله الهاتف النقال من خطورة بالغة على مستعملي الطريق، ولما له من مساوئ عدة كضعف التركيز والتحكم في المركبة بالإضافة إلى بطئ في الاستجابة لمفاجآت الطريق.

ومن الناحية القانونية، الاستعمال اليدوي للهاتف المحمول من طرف السائق أثناء سير المركبة، يعد مخالفة من الدرجة الثالثة، ويعاقب عليها بغرامة مالية تتراوح من 2000 إلى 4000 دج مع الاحتفاظ برخصة السياقة فورا.

كما أن استعمال خوذة التصنت الإذاعي والسمعي بكلتا الأذنين (يعني في الأذنين معا في آن واحد) من طرف السائق أثناء سير المركبة، تخضع لنفس العقوبة ونفس الإجراءات.

أما في حالة ارتكاب سائق سيارة، أو مركبة تابعة لأصناف الوزن الثقيل أو النقل الجماعي “حافلات، سيارة أجرة”، أو نقل المواد  الخطيرة، لحادث مرور أدى إلى القتل الخطأ نتيجة الاستعمال اليدوي للهاتف المحمول أو التصنت الإذاعي  والسمعي أثناء القيادة، فالعقوبة هي الحبس من سنتين إلى 5 سنوات، وبغرامة من 100 ألف دج إلى 500 ألف دج المنصوص والمعاقب عليها بالمادة 69 من القانون 14/01 المعدل والمتمم بالأمر9/03  المتعلق بتنظيم حركة المرور عبر الطرق وسلامتها وأمنها.

 من جانب آخر، توقف الرائد بوشحيط عند الحملات التحسيسية لمستعملي الطريق، و قال أنها تأتي في المرتبة الأولى، وتراهن عليها قيادة الدرك الوطني لعزيز الثقافة المرورية التي تقوم بها عن طريق مركز الإعلام والتنسيق المروري يوميا في شكل نصائح لفائدة المواطنين، وذلك عبر وسائل الإعلام  المختلفة أو عبر صفحة “طريقي” المختصة في السلامة المرورية والتابعة للدرك الوطني، وأضاف :”عندما يتمتع السائق بمستويات عالية من الوعي ويدرك النتائج السلبية لسلوكه غير المسؤول على الطريق، ويفقد أحد أقربائه في حادث مروري، عندها يكون أكثر حرصا نحو التغيير باتخاذ خطوات وقائية تجنبه مخاطره”.

SAKHRI Mohamed
SAKHRI Mohamed

أحمل شهادة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بالإضافة إلى شهادة الماستر في دراسات الأمنية الدولية من جامعة الجزائر و خلال دراستي، اكتسبت فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الرئيسية، ونظريات العلاقات الدولية، ودراسات الأمن والاستراتيجية، بالإضافة إلى الأدوات وأساليب البحث المستخدمة في هذا التخصص.

المقالات: 14677

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *