دراسات افريقيةدراسات سياسية

القيادات الدينية والسياسة بإفريقيا جنوب الصحراء: الإمام محمود ديكو نموذجًا

لقد أدت قيادة الإمام “محمود ديكو” حركة الاحتجاجات الأخيرة في مالي إلى عودة الحوار حول دور أئمة المسلمين وزعماء الكنائس في العمليات السياسية وصناعة القادة بإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وماهية طبيعة العلاقة بين الدين والسياسة في المنطقة، وطريقة استخدام القادة السياسيين للقيادات الدينية كأداة للحفاظ على السلطة والتأثير على منافسيهم الآخرين.

وقد تميز تاريخ القارة بتنوع التجربة؛ حيث لكل دولة حالة خاصة بها وسمات تشارك فيها مناطق أخرى. وتزامنت دعوات فصل الدين عن السياسة في مجتمعات إفريقية مختلفة مع موجة التحول الديمقراطي وجهود التحرر الاقتصادي في السبعينات والتسعينات من القرن العشرين مع زيادة تبني مختلف الحكومات نموذج “الدولة العلمانية” وأساليب الحكم الأوروبية. ومع ذلك لا يزال عدد من الشيوخ المسلمين وقساوسة الكنائس المستقلة يلعبون دور محاورين بين الدولة والمجتمع في أمور سياسية، ومثَّلوا أحيانًا رغبات فئة معينة بالتوسط سواء بحيادية أو غير حيادية بين المواطنين والحكومة(1)، بل شارك قادة المؤسسات الدينية في الحكم السياسي بطريقة مباشرة كالترشيح لمناصب معينة في الانتخابات، وبطريقة غير مباشرة كالتصويت أو تشجيع رواد مؤسساتهم على ممارسة عمليات سياسية محددة، خاصة أن هؤلاء القادة الدينيين أيضًا ضمن تسلسل هرمي مرتبط ارتباطًا وثيقًا بممثلي الدولة في مشروع الحفاظ على الهيمنة المجتمعية، وهم الملجأ الأخير عند الحاجة للتوسط بين فصائل متناحرة أو تسوية الخلافات بين النخبة السياسية والحاكمة، حيث تتمتع بعض القيادات الدينية في بعض دول المنطقة بعلاقة أوثق مع الدولة وأكثر نفوذًا من قيادات “المعتقدات الإفريقية التقليدية” الأقل نفوذًا بين المواطنين والنخبة الحاكمة(2).

القيادة الدينية والمجتمعات الإفريقية القديمة

وجدت دراسة أجراها “أفروباروميتر”، في عام 2020، أن الأفارقة يثقون في قادة المؤسسات الدينية أكثر من ثقتهم في القادة السياسيين(3). وهي نتيجة في الحقيقة لم تأت بجديد نظرًا للتراث الإفريقي الثري في القيادة وطبيعة الحكم في الإمبراطوريات والممالك الإفريقية القديمة التي يُنظر فيها إلى القائد كخادم للعشيرة أو لمجموعة معينة أو لمجتمع بأكمله. وهذا يعني أن الزعيم والقائد في التراث الإفريقي قد يكون مَلِكًا أو كاهنًا أو عالمًا وفقيهًا وإمامًا(4).

وتتسم طبيعة الحكم والإدارة في المجتمعات الإفريقية القديمة -رغم اختلاف تفاصيلها وتنوعها- بعدم بالانسجام والدمج بين قيادات الملوك والعلماء أو الكهنة وزعماء قطاعات أو مجتمعات فرعية. وكان لرموز “المعتقدات الإفريقية التقليدية” دورٌ حاسمٌ في توجيه الحكومة والمجتمع وأنشطة السكان وتطوير قوانين وعادات لحماية حياة الفرد والمجتمع، كما كانت الاحتفالات الدينية أو المناسبات العقدية في هذه المجتمعات تُدار من قبل الملوك والزعماء الذين احتلوا مناصب قوية(5). فكانت قيادتهم فعالة ومؤثرة في حياة السكان وعززت علاقاتهم مع هذه المجتمعات. وتكفي سلطنة سوكوتو وإمارة كانو القديمتان في نيجيريا كخير دليل على ذلك؛ حيث لا يزال للسلطان والأمير مكانة خاصة ورتبة عالية لدى الصوفيين من الحركتين، القادرية والتجانية(6).

وإذا كانت طبيعة القيادة لم تختلف كثيرًا في الممالك الإفريقية التي اعتنقت الإسلام في العصور الوسطى، فقد أضاف مجيء المنصِّرين الأوروبيين إلى مختلف المجتمعات وانتشار الإسلام في مجتمعات جديدة طابعًا آخر لمستوى العلاقة بين القيادات الدينية والدولة. ولذلك صنَّف بعضهم عصور القيادات الدينية بإفريقيا من حيث أشكالها وعلاقاتها بالدولة إلى ثلاثة: (أ) عصر المعتقدات الإفريقية، و(ب) العصر الإسلامي/المسيحي، و(ج) عصر العولمة التي أحدثت تغييرات هائلة في حياة المجتمعات وأجبرتهم على تبني نُظُم الدولة الحديثة والليبرالية العلمانية وقلَّلت من أدوار القيادات الدينية في العمليات السياسية والإدارية(7).

القيادات الدينية والحياة السياسية المعاصرة

تختلف درجة مشاركة القيادات الدينية في البلدان الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى في عمليات الدمقرطة السياسية حسب دين أغلبية سكان كل دولة أو منطقة وتنوعها الثقافي؛ فرغم أن قيادات دينية لعبت أدوارًا في مناهضة الاستعمار بدول في المنطقة ودعموا الحركات المؤيدة للاستقلال، فقد أشارت دراسات من العقدين الماضيين إلى أن قادة المؤسسات الإسلامية والمسيحية بإفريقيا يدعمون بدرجة أكبر عمليات الدمقرطة في الدول ذات ثقافات ومعتقدات مختلفة، وبدرجة أقل في البلدان ذات الغالبية الإسلامية أو المسيحية(8).

بل واتهمت القيادة الدينية بأنهم تواطؤوا مع الاستعمار، وأن الهدف الأساسي للمنصرين الأوائل وقساوسة الكنائس الغربية بإفريقيا هو خدمة المصالح الاستعمارية والقوى الخارجية لوجود روابط طبقية وعرقية ومؤسسية ربطت كبار الشخصيات المسيحية بالأنظمة الاستعمارية. ولاحظ آخرون أن قادة المؤسسات الدينية المستقلة هم أكثر دعمًا للاستقلال السياسي من قادة المؤسسات الدينية الرئيسية التابعة لهيئات خارجية أو مرتادة من قبل الزعماء السياسيين ومسؤولي الحكومة، وذلك لأن المؤسسات الدينية المستقلة أقل ارتباطًا بالإدارات الكولونيالية وأضعف حظًّا من حيث الرعاية الرسمية(9).

ففي ستينات وسبعينات القرن الماضي (أي بعد استقلال معظم دول القارة)، امتنعت النسبة الكبرى من القيادات الدينية عن انتقاد رؤساء الدول الإفريقية أو معارضة القادة السياسيين المتهمين بتقليص حرية التعبير وقمع منتقدي سياساتهم. وقد يرجع ذلك إلى الموقف السائد لدى رؤساء الدول وجنرالاتها ومسؤوليها وقتذاك بأن توسيع دائرة الحريات وفتح آفاق العمليات السياسية وتنافسيتها سيؤدي إلى صراع عرقي وسيعيق التنمية الاقتصادية التي كانت هذه الدول بحاجة إليها(10).

وقد فسَّر البعض صمت جل القيادات المسيحية عن أنظمة الحزب الواحد وعسكرة الدولة في فترة التحرر والاستقلال الإفريقي بأن هذه القيادات كانت تسعى وراء توطيد علاقتها مع تلك الحكومات للوصول إلى الموارد ولضمان تأكيد مكانتها في تلك الدول، خاصة أن قادة حركات الاستقلال يتمتعون بالشرعية الشعبية ودعم غالبية المواطنين؛ مما يعني أن بإمكان هؤلاء الزعماء والرؤساء إعاقة مهمة المؤسسات الدينية المنتقدة لهم. إضافة إلى أن انتقاد المؤسسات الدينية للحكومات الإفريقية التي كانت تحظى بدعم الحكومات الأوروبية أو القوى الخارجية يعني لهذه المؤسسات الدينية وقف المساعدات أو التمويل الخارجي الذي كانت تتلقاه من الخارج(11).

على أن مواقف القيادات الدينية في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تغيرت بحلول نهاية الثمانينات مع تغير المناخ الاقتصادي والسياسي الذي رافق انهيار الاتحاد السوفيتي، وحفلت سجلات معظم دول المنطقة بنماذج من المشاركات الفعالة لأئمة المساجد وقساوسة الكنائس في تحقيق المصالح العامة وانعزال الصمت في وجه القمع السياسي وترك دفاعهم المعتاد عن استبدادية الحكام؛ فالشيوخ وأئمة المساجد المسلمون خلال التسعينات في العديد من البلدان ككينيا وزامبيا شاركوا في العملية السياسية ودعم المطالب العامة، وتعاونوا مع زعماء الكنائس الرئيسية على المطالبة باحترام الحريات المدنية والديمقراطية التعددية كما هي الحال في حركة مناهضة الرئيس الكيني “دانيال آراب موي”. وتغير نمط المواعظ والخطابات الدينية في هذه الفترة لتكون أنشطة عقدية سياسية تشجع على الهدوء السياسي وتعزز التعددية الحزبية في العملية السياسية(12).

جدير بالذكر أن القيادات المسيحية وقادة المؤسسات الإسلامية بالعديد من الدول الإفريقية موَّلوا أيضًا برامج التربية المدنية لتوعية المواطنين بحقوقهم وحشدهم لممارسة واجباتهم السياسية مع غرس احترام الحريات الأساسية في أوقات معينة وفي أماكن محددة(13).

بل رغم موقف البعض من أن القيادات المسيحية تدعم الديمقراطية بدرجة أكبر من القيادات الإسلامية وأن الأولى تشارك بقوة في العملية السياسية لأن الأخيرة “تُقيد” نفسها بالأحكام الشرعية؛ فإن القيادات المسيحية بإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى لا تدعم دائمًا الحركات المؤيدة للديمقراطية، كما أن القيادات الإسلامية لا تعارض دائمًا الحركات المؤيدة للديمقراطية. ويؤكد هذه النقطة دعم الكثير من القساوسة الأوغنديين للرئيس “يوري موسيفيني” في رئاسيات يناير/كانون الثاني 2021(14) رغم استبدادية “موسيفيني” وقمعه للمعارضة(15) وتعديله المتكرر لدستور البلاد لتمديد حكمه الذي بدأ في عام 1986(16).

الديمقراطية بين القيادات الإسلامية والمسيحية

يمكن عزو قلة اهتمام القيادة الإسلامية في إفريقيا جنوب الصحراء المعاصرة وضعف مشاركتهم في المسائل السياسية رغم سمعة مسلمي المنطقة بالاعتدال منذ فترة طويلة، إلى موقف هذه القيادة من العلمانية الليبرالية وتداعيات الغزو الفكري الأوروبي في مجتمعاتهم. ولذلك كانت غالبية الشخصيات الدينية في المنطقة من الذين أضافوا أصواتهم إلى المطالبة بالتغيير السياسي والانتقال السلمي للسلطة عبر الانتخابات من القيادات المسيحية التي تملأ المؤتمرات الوطنية حول المستقبل السياسي خاصة في الدول الفرانكفونية كالكونغو وتوغو والنيجر والغابون والكونغو الديمقراطية وتشاد(17).

وإذ تُلاحَظ تداعيات تقاعس القيادة الإسلامية عن العمليات السياسية الديمقراطية، فإن هذه القيادة قد استغلت الفرص المتاحة لها في بعض الدول للدعوة إلى تبني الشريعة الإسلامية والتكامل بين الإسلام والدولة، كما هي حال الزعيم الشيعي “إبراهيم الزكزاكي” وغيره من الذين حثوا على قيام الثورة على النمط الإيراني في شمال نيجيريا، ونجاح قيادات أخرى في إدخال تطبيق الشريعة في دساتير اثنتي عشرة ولاية (من أصل ست وثلاثين ولاية) في نيجيريا(18).

هذا، وهناك من يرى أن مستوى التحصيل العلمي للقيادات الإسلامية ومدى امتزاجهم مع ثقافات وخلفيات أخرى في مختلف المجتمعات يؤثران في طريقة تفسيرهم للأمور الدينية والمسائل العامة وتطبيقهم الأحكام الشرعية في العمليات السياسية؛ إذ يلاحظ أن قيادة مؤسسات إسلامية في مدن يكثر فيها السكان المسلمون تدعم التحركات والمواقف التي تفضي إلى الديمقراطية الليبرالية لتنوع هذه المجتمعات دينيًّا وصعوبة انصياع السكان المسلمين لقيادتهم بالرضا أو وجوب طاعة القادة السياسيين ولو كانوا استبداديين(19).

يضاف إلى ما سبق أن تدخلات القيادات الدينية في العمليات السياسية أدت إلى انتخاب نظام جديد في جمهورية الكونغو، وساعدت مشاركتهم في المؤتمرات الوطنية على تحديد النقاط الرئيسية ودعم المطالب العامة والمطالبة بالانفتاح السياسي ووضع حدٍّ لتجاوزات الحكومة، كما هي الحال في توغو (في عهد الزعيم “غناسينغبي إياديما”)، والغابون (في عهد الزعيم “عمر بونغو”)، والكونغو الديمقراطية (في عهد الرئيس “موبوتو سيسي سيكو”)، وغانا (في عهد الزعيم “جيري رولينغز”)، وليبيريا (في عهدَيْ “صمويل دو” و”تشارلز تايلور”). ولا ينافي هذا حقيقة أن بعض القيادات الدينية أججوا الصراع الديني وسخنوا المشهد السياسي لأجندات غير معلنة، كما كانت الحال في نيجيريا منذ العقدين الماضيين حيث تُواصل القيادات المسيحية اتهام الحكومات والمجتمعات الإسلامية بمحاولة أسلمة البلاد حتى عندما كانت المجتمعات المسيحية أكثر استفادة من هذه الحكومات، وهو ما يؤدي دائمًا إلى توتر الوضع بين المجتمعين، الإسلامي والمسيحي(20).

الإمام ديكو وقيادة التغيير في مالي

إن قيادة الإمام “محمود ديكو” للتغيير السياسي وتمثيله للاحتياجات الأساسية في مالي، بين عامي 2017 و2020، بمنزلة مثال حي وواقعي لما يمكن للقيادة الدينية تحقيقه؛ فهو شخصية سلفية درس في المملكة العربية السعودية وموريتانيا، وتولى إمامة مسجد في أوائل الثمانينات، وهو رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في مالي، كما يعتبر صانِع ملوك يتمتع بثقة العديد من الماليين حيث عارض بنجاح إدخال “التثقيف الجنسي” في مدارس مالي مخافة أن يشجع على “المثلية الجنسية” وقاد الحملة التي أجبرت الحكومة على إضعاف التشريعات التي تعزز المساواة بين الجنسين(21).

وجاءت تحركات الإمام “ديكو” في أعقاب فشل الدولة المالية في حماية وخدمة شعبها وحل ازدياد تمرد الجماعات المسلحة والحركات العنيفة. وأسهم في عدم الاستقرار التمردُ العسكري الذي أطاح بالرئيس المنتخب “أحمد توماني توري” في مارس/آذار من عام 2012، وتحالُف المتمردين الذين سيطروا على جزء كبير من شمال البلاد. وأتى “إبراهيم أبو بكر كيتا” إلى السلطة في رئاسيات عام 2013 بدعم شعبي بمن فيهم الإمام “ديكو”. وإذ فاز الرئيس “كيتا”، في عام 2018، بولاية رئاسية ثانية، فقد زاد الغضب العام من عدم كفاءة الحكومة واستشراء الفساد وتدهور الاقتصاد. واشتعل الوضع عندما ألغت المحكمة الدستورية النتائج المؤقتة للانتخابات البرلمانية، التي أُجريت في مارس/آذار وأبريل/نيسان، والتي كان أداء حزب “كيتا” فيها ضعيفًا، ليخرج متظاهرون إلى الشوارع بقيادة الإمام “ديكو”(22).

وفي نهاية فبراير/شباط 2020، انتقد الإمام “ديكو” حكومة مالي ودعا إلى مسيرة لدعم المعلمين المضربين؛ ما أدى إلى استدعائه من قبل النيابة العامة، ولكن هذا الاستدعاء أُلغِي بعد ضغط من آلاف المتظاهرين. وبدأت، في 5 يونيو/حزيران 2020، احتجاجات مالي أو ما يسمى “ربيع مالي”، حيث طالب المتظاهرون الرئيس “كيتا” بالاستقالة من رئاسة البلاد. وقد انقلب الجيش، في 18 أغسطس/آب، على الحكومة وأجبر “كيتا” ورئيس الوزراء “بوبو سيسي” على الاستقالة، ليعلن الإمام “ديكو” أيضًا، في 19 أغسطس/آب، اعتزاله الأنشطة السياسية(23).

على أن الإمام “ديكو” متهم من قبل قيادات إسلامية بإثارة الفوضى وعدم الاستقرار في مالي، وشبَّهه آخرون بـ”آية الله الخميني” الإيراني، وأنه كان يرغب في فرض نظام إسلامي صارم على الماليين رغم أن نسبة 95 في المئة منهم مسلمون. وهناك من زعم أن الإمام لم يضم صوته ضمن الأصوات المهاجِمة لفرنسا، القوة الكولونيالية السابقة في مالي والمتهمة بزرع جنود في البلاد لاستخراج الموارد المعدنية وليس لمحاربة الحركات المسلحة(24).

ومع ذلك، فإن العنصر الأساسي الذي يتغاضى عنه البعض أن الشيخ “ديكو” ليس سياسيًّا بمعنى الكلمة ولا ينتمي إلى النخبة السياسية في مالي. وقد قال مناصروه إنه يشارك في الاحتجاجات لإيمانه بأن من واجبه كإمام أن يسهم في الكفاح من أجل التغيير الحقيقي، وقد عمل مع شخصيات غير سلفية من أطياف المجتمع المالي. وقد صرَّح الإمام نفسه بأنه لا يسعى إلى استبدال النظام الديمقراطي في مالي، ولكن هدفه العمل وفق هذا النظام وتعزيزه، وهو ما يتماشى مع دعوته لـ”أبناء الأمة” إلى تجديد السياسة والمجتمع(25).

خاتمة

مما سبق يمكن القول: إن مستوى مشاركة القيادات الدينية في العمليات السياسية بجنوب صحراء إفريقيا ليس موحدًا، وأن لأدوارهم أوجهَ تشابه واختلافات من وقت لآخر ومن دولة إلى أخرى ومن دين إلى آخر. كما أن القيادات الدينية عمومًا لا تزال تلعب بأمان لكيلا تخسر الجانبين: جانب مراعاة الخُطَب والمهام الدينية المنوط بها من قبل المجتمع، وجانب عدم الاعتراض على الحكومة مخافة فقدان دعم المسؤولين أو الاعتراف الرسمي.

وإذ تجرأ بعض القيادات الدينية على إعلان تأييد صريح لمرشحين معينين أو أحزاب سياسية معينة وتناولوا في خطبهم شكاوى غالبية المواطنين في المجتمع وفشل الحكومات في قضايا محددة كتدهور الأوضاع المعيشية واستشراء الفساد وانتشار الصراعات، فقد شارك آخرون في العمليات الديمقراطية دون توجيهات سياسية محددة. وهناك منهم من اكتفى بالدعاء فقط وتمني السلام والتقدم للبلاد.

وأخيرًا، إذا كان مجرد إثارة دور الدين في السياسة قد يؤدي إلى مواجهة واتهامات بين المسلمين والمسيحيين ببعض دول إفريقية كنيجيريا التي تمنع إجراء إحصاء ديني لتفادي الخلافات والخصومات العرقية التي غالبًا ما تكتسب صبغة دينية؛ فما زال قادة المؤسسات الإسلامية والمسيحية في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يؤثِّرون بشكل مباشر أو غير مباشر على رعاياهم وقراراتهم سواء خلال الفترات الانتخابية أو إبان أزمات الانتماء الديني والهوية الوطنية أو عندما تنعدم لدى المواطنين الثقة في الحكومات.

نبذة عن الكاتب

مراجع

1- Abbink, Jon. “Religion and politics in Africa: The future of “the secular”. Africa Spectrum, (Vol. 49, No. 3, 2014), p. 83-106.

2- a AGBIJI, Obaji M., & SWART, Ignatius. “Religion and social transformation in Africa: A critical and appreciative perspective”. Scriptura, (Vol. 114, 2015), p.1-20.

3- Brian Howard. “Religion in Africa: Tolerance and trust in leaders are high, but many would allow regulation of religious speech”. Afrobarometer, (No. 339, 28 January 2020), p. 1

4- حكيم ألادي نجم الدين، “الحكام التقليديون ودورهم في الحياة الاجتماعية المعاصرة في غرب إفريقيا”، قراءات إفريقية، (العدد 45، 2020)، ص 83.

5- John S. Mbiti. “The prayers of African religion”. London: SPCK 1977 (p 12).

6- مصدر سابق: حكيم ألادي نجم الدين، “الحكام التقليديون ودورهم في الحياة الاجتماعية المعاصرة في غرب إفريقيا”.

7- Masango, M. “Leadership in the African context: words on leadership.” Verbum et ecclesia (Vol. 23, No. 3, 2002), p. 707-718.

8- Robert A. Dowd. “Christianity, Islam, and Liberal Democracy: Lessons from Sub-Saharan Africa”. Oxford Scholarship Online May 2015 (accessed on 22 March 2021): https://bit.ly/3tSbo3a

9- المصدر السابق.

10- Haynes, Jeff. “Popular Religion and Politics in Sub-Saharan Africa.” Third World Quarterly, (Vol. 16, No. 1, 1995), pp. 89–108.

11- مصدر سابق:

Robert A. Dowd. “Christianity, Islam, and Liberal Democracy: Lessons from Sub-Saharan Africa”.

12- المصدر السابق.

13- Falola, Toyin. Violence in Nigeria: The crisis of religious politics and secular ideologies. University Rochester Press 1998, p. 68

14- “City Pastors Pledge support to Museveni, Pray for Uganda.” Ugandan State House, 12 January, 2021 (Visited on 23 March 2021)

15- حكيم ألادي نجم الدين، “المشاركة الشبابية في السياسة بإفريقيا: مواجهة حكم الشيوخ والعراقيل الدستورية”، مركز الجزيرة للدراسات، 7 ديسمبر/كانون الأول 2020، (تاريخ الدخول: 23 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/3lVM1uF

16- حكيم ألادي نجم الدين، “رئاسيات أوغندا: هل بإمكان بوبي واين تحقيق حلم الناخبين الشباب؟”، متابعات إفريقية، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالرياض، (العدد 9، 2020)، ص 60.

17- Jeffrey Haynes. “Religion and Politics in Contemporary Africa”. Oxford Bibliographies, 27 March 2019 (Visited on 23 March 2021): https://bit.ly/3cqi4zE

18- Thurston, A. Sectarian Triangles: Salafis, the Shi ‘a, and the Politics of Religious Affiliations in Northern Nigeria. Politics and Religion, 1-28

19- مصدر سابق:

Robert A. Dowd. “Christianity, Islam, and Liberal Democracy: Lessons from Sub-Saharan Africa”.

20- مصدر سابق:

Jeffrey Haynes. “Religion and Politics in Contemporary Africa”.

21- “Mali: l’influent et virulent imam Mahmoud Dicko, lance son mouvement politique”. Franceinfo Afrique, 9 September 2019 (Visited on 23 March 2021): https://bit.ly/2O0EgHs

22- Jason Burke. “Mali’s protesters turn to populist imam to end cycle of corruption”. The Guardian UK, July 2020 (24 March 2021): https://bit.ly/39jCnNs

23- Aïssatou Diallo. “Mali: Who’s who in the Bamako coup”. The Africa Report, 7 September 2020 (24 March 2021): https://bit.ly/2PvxKZJ

24- مصدر سابق:

Jason Burke. “Mali’s protesters turn to populist imam to end cycle of corruption”.

25- المصدر السابق.

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى