دراسات سياسيةنظرية العلاقات الدولية

المبادئ النظرية لسياسة اليابان الخارجية

المبحث الأول: مفهوم السياسة الخارجية اليابانية

 تكمن أهمية دراسة مفهوم السياسة الخارجية اليابانية في معرفة العلاقة بين المقدرة الاقتصادية والتكنولوجية الهائلة والاداء السياسي ودور اليابان على الصعيدين الإقليمي والدولي ، وطريقة إعادة صياغة منظومة علاقات اليابان الدولية باستخدام الوسائل المتاحة لتنفيذ سياستها الخارجية وتوجهاتها الامر الذي يتطلب البحث عن آليات وأهداف السياسة الخارجية اليابانية وأدواتها وأبعادها سياسياً واقتصادياً وتوجهات اليابان العسكرية في ضوء محددات الدستور الياباني ، ودراسة العلاقة اليابانية الأمريكية التي لها خصوصيتها ، ولمعرفة السياسة الخارجية اليابانية إزاء الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام فلا بد من تحليل المحدد الأساسي الذي يلعب الدور الحاسم في توجيه السياسة الخارجية اليابانية نحو المنطقة العربية وتجاه عملية السلام الشرق اوسطية بشكل خاص ، وما هي الأدوات التي يستخدمها صانعي السياسة الخارجية اليابانية .

 يمكن التعامل مع مفهوم السياسة الخارجية اليابانية باعتباره أحد أهم فعاليات الدولة التي تعمل من خلالها لتنفيذ أهدافها في المجتمع الدولي ، بما تملكه من مؤهلات وإمكانيات مادية وإقتصادية ، ولمعرفة وفهم السياسة الخارجية اليابانية فلا بد من تناول الظروف والعوامل المؤثرة التي تمثل البيئة التي تتشكل فيها السياسة الخارجية وتشمل الابعاد الخاصة بالبيئة الجغرافية والخبرة التاريخية والمؤثرات الاقتصادية ومؤسسات صنع السياسة الخارجية والعوامل الاقليمية والدولية ، وبشكل عام يتحدد مفهوم السياسة الخارجية اليابانية في انماط السلوك السياسي المعتمد من لدن صانع او صناع القرار النابع من الواقع الذاتي والموضوعي لليابان الموجه خارج حدودها السياسية قصد تحقيق اهداف محددة خدمة لمصالحها .

لمعرفة عملية صنع السياسة الخارجية لا بد من تحديد الهيكل الذي يتم صنع السياسة الخارجية في إطاره ، والهيكل هو عبارة عن نوع ترتيب العلاقات بين الاجهزة والمؤسسات التي تشارك وتعمل في مجال صنع السياسة الخارجية والتي هي في الحالة اليابانية السلطة التنفيذية ممثلة برئاسة الوزراء ووزارة الخارجية والمؤسسات المرتبطة بها والسلطة التشريعية ممثلة بمجلسي النواب إضافة الى الرأي العام ، وتشمل عملية صنع السياسة الخارجية اليابانية نمط التفاعلات بين الاجهزة والمؤسسات العاملة في مجال صنع السياسة الخارجية في اطار عملية تحديد الاهداف المطلوبة في المجال الخارجي والأدوات اللازمة لتحقيق تلك الاهداف .

أهم العوامل الإيجابية في عملية صنع السياسة الخارجية اليابانية تتمثل بــ :

أ –  العوامل المادية المتمثلة بالتجانس القومي والاجتماعي الفريد في اليابان .

ب –  العوامل غير المادية التي تشمل الاتفاق على الاختلاف عبر مبدأ الأغلبية أي القبول بما توافق عليه الأغلبية لكونه يمثل الكل. ج –  القبول بمبدأ التسوية الذي يتطلب التسامح المتبادل والمرونة واحترام وجهات النظر المختلفة .وبهذا الاطار لابد من التأكيد على ان البراغماتية أي الذرائعية اصبحت منتشرة في الاجواء السياسية اليابانية رغم أن اليابانيين معروفين بالتزامهم بالنصوص والنظريات . تحتل السياسة الخارجية مكانتها المهمة في السياسة العامة اليابانية بسبب أن مناطق شمال شرق وجنوب شرق آسيا من المناطق المتميزة والنشطة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي ، وللولايات المتحدة والصين مصالح أمنية واقتصادية وسياسية فيها مع تواجد بؤر للتوتر تتعلق بالعلاقات بين الصين وتايوان وموقف اليابان والولايات المتحدة منها والمشاكل التي تظهر بين الحين والآخر في منطقة التبت إضافة الى البرنامج النووي الكوري الشمالي، وبناء على ذلك تحتم على السياسة الخارجية اليابانية التعامل بدقة لتوجيه دفة العلاقات بينها وبين الصين من جهة ومحاولة التأثير على مسار العلاقات بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية من جهة اخرى.

لقد تبنت السياسة الخارجية اليابانية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية سياسة الحلول الدبلوماسية وليس العسكرية للنزاعات التاريخية الموروثة استناداً إلى دستورها السلمي ، وهي تشجع على نشر العلوم ، التكنولوجيا المتطورة،  الإعلام والتواصل، وتفضل الحوار وليس الصدام بين الثقافات والحضارات، أما فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط فتنطلق السياسة الخارجية اليابانية نحوها من نظرة ذاتية شمولية باعتبار أن لليابان مصلحة حيوية واستراتيجية في حل النزاع العربي – الإسرائيلي بالطرق السلمية، إذ ترى اليابان إمكانية إيجاد حلول سياسية لهذا الصراع، وتسعى لبلورة مواقف متميزة عن الموقف الأميركي تجاه المنطقة لا سيما مع عدم وجود أي موروث سلبي تأريخي بين دول الشرق الأوسط واليابان ، حيث تتمسك السياسة الخارجية اليابانية دائما بالقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن لأنها تؤمن بكونها الوحيدة التي تساهم في الوصول إلى الأمن والاستقرار ، ورغم تأييدها المتصاعد للحرب الأميركية ضد الإرهاب منذ تفجيرات الحادي عشر من أيلول إلا أنها ترفض مقولة صراع الحضارات والتوصيف الديني للإرهاب، وتتبنى مبدأ حوار الثقافات مع دول الشرق الأوسط ، أي أن سياستها الخارجية تتمتع بهامش واسع من الحرية في التعامل مع منطقة الشرق الأوسط رغم الضغوط الأمريكية على صانعي السياسة الخارجية اليابانية . إن السياسة الخارجية اليابانية تؤمن بأن نجاح سياستها الخارجية يتطلب بالضرورة وجود نظام إقليمي عربي موحد وفاعل يساعدها على رسم استراتيجية مستقلة تؤمن مصالحها مع دول المنطقة ،وبهذا المسار تسعى اليابان على المدى البعيد التحرر من تأثير السياسة الأمريكية وتعزيز علاقاتها بمحيطها الآسيوي بعد التوصل إلى حل سلمي لأزمة السلاح النووي في كوريا الشمالية لا سيما بعد موافقة الأخيرة على تفكيك برنامجها النووي وحل مشاكلها مع الصين وكوريا الجنوبية وروسيا.

المبحث الثاني: ملامح تطور السياسة الخارجية اليابانية

In the early sixteenth century, a feudally organized Japan came into contact with Western missionaries and traders for the first time. في أوائل القرن السادس عشر بدأت بوادر الاتصال مع التجار والمبشرين الغربيين للمرة الاولى، Westerners introduced important cultural innovations into Japanese society during more than a century of relations with various feudal rulers. فقد عرض الغربيون إبتكارات ثقافية هامة على المجتمع الياباني خلال اكثر من قرن من العلاقات مع مختلف الحكام الاقطاعيين، But when the country was unified at the beginning of the seventeenth century, the Tokugawa government decided to expel the foreign missionaries and strictly limit intercourse with the outside world.وعندما توحدت اليابان في بداية القرن السابع عشر قررت حكومة توكوغاوا (Tokugawa ) طرد الاجانب من المبشرين وفرض العزلة على اليابان ومنع الاتصال بالعالم الخارجي ، فيما عدا الاتصالات مع الصينين والهولنديين (1).

 لقد استمرت عزلة اليابان الخارجية لأكثر من قرنين، بعدها استطاع قائد القوات البحرية الأمريكية العميد البحري ماثيو بيري جيم Mathew C. Perry من فك عزلة اليابان وذلك في سنة 1853-1854 ، لتجد اليابان نفسها غير معزولة جغرافياً عن العالم ولا قدرة لها لمقاومة الضغوط العسكرية والاقتصادية والاستغلال من قبل الغرب . اضطرت اليابان بعد فك عزلتها الدخول في علاقات مع العالم الغربي والبدء بعملية تحديث واسعة النطاق للتصدي لخطر الغزو الثقافي الغربي لليابان ، Modern Japan’s foreign policy was shaped at the outset by its need to reconcile its Asian identity with its desire for status and security in an international order dominated by the West. وتشكلت أولى ملامح السياسة الخارجية اليابانية في إطار الحاجة الى التوفيق بين هوية اليابان الآسيوية مع رغبتها في المحافظة على أمنها القومي في نظام دولي هيمن عليه الغرب. وكان أهم أهداف السياسة الخارجية اليابانية في عهد مييجي (1868-1912) يتمثل في حماية استقلال وسيادة اليابان ومواجهة طموحات الدول الغربية بالسيطرة عليها والعمل على رفض المعاهدات غير المتكافئة التي تمس السيادة اليابانية . بسبب الخوف من القوة العسكرية الغربيةأصبح الهدف الرئيسي للقادة اليابانيين بناء المتطلبات الاساسية للدفاع الوطني ، وتحت شعار “الثروة والسلاح (fukoku kyohei)، ( Wealth & Arms) They saw that a modern military establishment required national conscription drawing manpower from an adequately educated population, a trained officer corps, a sophisticated chain of command, and strategy and tactics adapted to contemporary conditions. بادر القادة الى تحديث  المؤسسة العسكرية الوطنية من خلال تجنيد أعداد كافية من الأفراد المتعلمين وضباط متدربين في تسلسل قيادي متطور واستراتيجيات تتناغم مع الظروف الجديدة.

ان العديد من الاصلاحات المؤسسية في عهد ميجي كانت ترمي الى رفع الغبن الذي لحق باليابان بسبب فرض المعاهدات غير المتكافئة عليها ليصبح هدف الدبلوماسية اليابانية تبني سياسة خارجية للضغط من اجل اعادة النظر في المعاهدات(2). في ذلك العهد بدأت تتبلور لدى الكثير من القادة  فكرة أن الأمن القومي الياباني يعتمد على التوسع وليس على اسلوب الدفاع القوي، وWithin thirty years, the country’s military forces had fought and defeated imperial China in the First Sino-Japanese War (1894-95), winning possession of Taiwan and China’s recognition of Korea’s independence.ووو  في غضون ثلاثين عاما دخلت القوات العسكرية اليابانية في حروب متعددة ، حيث انتصرت على الصين في الحرب الصينية – اليابانية (1894-1895) واستطاعت السيطرة على تايوان ،وبعد عشر سنوات من الحرب الروسية اليابانية (1904-1905) هزمت اليابان روسيا القيصرية وفرضت سيطرتها على جنوب جزيرة ساخالين الأمر الذي جعلها  قوة مؤثرة في كوريا وجنوب منشوريا.   By this time, Japan had been able to negotiate revisions of the unequal treaties with the Western powers and had in 1902 formed an alliance with the world’s leading power, Britain.وخلال تلك الفترة تمكنت اليابان من التفاوض لإعادة النظر في المعاهدات غير المتكافئة التي تم عقدها مع القوى الغربية.

شرعت اليابان Between World War I and World War II, the nation embarked on a course of imperialist expansion, using both diplomatic and military means to extend its control over more and more of the Asian mainland. بين الحربين العالميتين الاولى والثانية ، في السير على نهج التوسع الامبريالي ،وذلك باستخدامها كل الوسائل الدبلوماسية والعسكرية لبسط سيطرتها على المزيد من الأراضي في آسيا ، وبدأت اليابان تتصرف وكأنها المسؤولة عن حماية الدول الآسيوية ضد النفوذ الغربي ، حيث  وضعت تلك السياسة اليابان بشكل متزايد في حالة من الصراع مع القوى الغربية ، إنتهت بهزيمتها ووضعها تحت الاحتلال الامريكي وتم فرضIt adopted a new constitution whereby, in Article 9, the “Japanese people forever renounce war as a sovereign right of the nation and the threat or use of force as a means of settling international disputes”. دستور جديد عليها جاء في المادة التاسعة منه ان ” الشعب الياباني يتخلى الى الابد عن الحرب كحق سيادي للامة والتهديد باستخدام القوة او استخدامها كوسيلة لتسوية المنازعات الدولية “، When its aggressive policies met firm resistance from the United States and its allies, Japan made common cause with the Axis partnership of Germany and Italy and launched into war with the United States and the Western alliance.وخلال سبع سنوات من الاحتلال( 1945-1952) لم تمارس اليابان أي نشاط على صعيد السياسة الخارجية وأصبحت تحت تأثير النفوذ الأمريكي على الساحة الدولية(1)

    المطلب الأول: مراحل تطور صنع السياسة الخارجية اليابانية

أ- Throughout the post-World War II period, Japan concentrated on economic growth.أ- أأ  السياسة الخارجية بعد الحرب العالمية الثانية

 ركزت اليابان طوال فترة بعد الحرب العالمية الثانية على التنمية الاقتصادية وكيفت نفسها لتستوعب بمرونة تامة سياسات الولايات المتحدةIt accommodated itself flexibly to the regional and global policies of the United States while avoiding major initiatives of its own; adhered to pacifist principles embodied in the 1947 constitution , referred to as the “peace constitution”; and generally took a passive, low-profile role in world affairs. الاقليمية والعالمية والتقيد بشكل قوي بمبادىء دستور عام 1947 السلمي  ، وبشكل عام اصبحت سياسة اليابان الخارجية غير فعالة عموماً تجاه الشؤون الدولية ، وأتبعت اليابان دبلوماسية الاتجاه الكلي  (omnidirectional diplomacy) في علاقاتها الدولية التي غلب عليها طابع الحياد السياسي في الشؤون الخارجية مع توسيع العلاقات الاقتصادية الى أقصى حد ممكن.

This policy was highly successful and allowed Japan to prosper and grow as an economic power, but it was feasible only while the country enjoyed the security and economic stability provided by its ally, the United States. أن السياسة المشار اليها كانت ناجحة جداً ودفعت باليابان الى الازدهار والتطور الاقتصادي لتصبح قوة اقتصادية رائدة في العالم في ظل توفر عوامل الامن والاستقرار الاقتصادي المقدم من قبل حليفتها الولايات المتحدة.(2)

ب- السياسة الخارجية بعد احتلال اليابان

عندما استعادت اليابان سيادتها في عام 1952 ودخلت المجتمع الدولي كدوله مستقلة ، وجدت نفسها في عالم تسيطر عليه أجواء الحرب الباردة بين الشرق والغرب ، وبموجب معاهدة السلام مع الولايات المتحدة التي وقعت فى سان فرانسيسكو فى 8 ايلول / 1951 (والتي دخلت حيز التنفيذ اعتبارا من 28 / نيسان 1952) ، انتهت حالة الحرب بين اليابان ومعظم دول الحلفاء باستثناء الاتحاد السوفياتي وجمهورية الصين الشعبية ، وتم توقيع ميثاق الأمن والتعاون المشترك بين اليابان والولايات المتحدة في سان فرانسيسكو في اليوم نفسه ، لتصبح اليابان حليفاً للولايات المتحدة التي احتفظت بقواعد وقوات عسكرية في الأراضي اليابانية.

 لقد تميزت هذه الفترة في انتهاج اليابان سياسة خارجية مبنية على إعادة بناء بنيتها التحتية الاقتصادية وإعادة بناء مصداقيتها كعضو مسالم في المجتمع الدولي ، بعد إيكال حماية Japan’s foreign policy goals during most of the early postwar period were essentially to regain economic viability and establish its credibility as a peaceful member of the world community.الامن القومي الياباني الى القوات العسكرية الأمريكية ومظلتها النووية بموجب ميثاق الامن والتعاون المشترك الذي شكل إطاراً يحكم استخدام قوات الولايات المتحدة ضد التهديدات العسكرية الداخلية او الخارجية في المنطقة.

في تلك الفترة امتازت سياسة اليابان الخارجية  بدبلوماسية خاصة تهدف الىA special diplomatic task was to assuage the suspicions and alleviate the resentments of Asian neighbors who had suffered from Japanese colonial rule and imperialist aggression in the past. إزالة الشكوك وتخفيف الاستياء من الدول الآسيوية المجاورة التي عانت من العدوان الياباني في الحقبة الامبريالية ، ومالت تلك الدبلوماسية الى إقامة علاقات الصداقة مع جميع الدول الآسيوية مع إعلانها سياسة الفصل بين السياسة والاقتصاد والوقوف بشكل محايد بشأن بعض القضايا بين الشرق والغرب.

 خلال عقدي الخمسينات والستينات ارتكزت During the 1950s and 1960s, foreign policy actions were guided by three basic principles: close cooperation with the United States for both security and economic reasons; promotion of a free-trade system congenial to Japan’s own economic needs; and international cooperation through the United Nations (UN)—to which it was admitted in 1956—and other multilateral bodies.ارتكزت إ   السياسة الخارجية اليابانية على ثلاثة مبادئ أساسية هي :

 أولاً: سياسة التعاون الوثيق مع الولايات المتحدة لأسباب اقتصادية وأمنية .

 ثانياً: تشجيع التجارة الحرة التي تلبي كافة احتياجات اليابان الاقتصادية .

 ثالثاً: ترسيخ التعاون الدولي من خلال منظمة الامم المتحدة (التي قبلت عضوية اليابان فيها 18 كانون الأول/ديسمبر 1956 ) ، وغيرها من الهيئات المتعددة الاطراف.

إن التزام اليابان بالمبادئ الثلاث بشكل جيد ساهم في ظاهرة النمو والانتعاش الاقتصادي خلال العقدين الاولين بعد انتهاء الاحتلال.

ج- سياسة اليابان الخارجية بعد الحرب الباردة

كانت سياسة اليابان الخارجية مستقرة تماما منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وكانت هناك ثلاثة عوامل تعمل على استمرار واستقرار السياسة الخارجية اليابانية وهي:

 1- التحالف الأمني بين اليابان والولايات المتحدة .

2- استخدام  القدرة الاقتصادية التي تملكها اليابان في تطوير علاقاتها الدولية.

 3- القيود الدستورية المفروضة على استخدام القوة العسكرية.

بعد سقوط حائط برلين ونهاية الحرب الباردة غيرت اليابان سياستها الخارجية تجاه الصين ، شبه الجزيرة الكورية ، روسيا ، آسيا الوسطى ، جنوب شرق آسيا ، بعد أن شعرت بأنه لم يعد في امكانها الاعتماد على القوة الاقتصادية لضمان الهيمنة الاقليمية ، لهذا بدأت اليابان تأكيد ذاتها كقوة مستقلة ، من خلال توسيع نطاق نفوذها في شرق اسيا والمنظمات الدولية.

ان مجمل السياسة الخارجية اليابانية ورغم بقائها ثابتة من خلال التحالف مع الولايات المتحدة إلا أن التغييرات انطلقت من القلق الياباني المتزايد من تنامي القوة العسكرية الصينية ومن التهديدات الأمنية الخارجية ، بعد ظهور أكثر من دولة مستقلة في المنطقة تعارض السياسة الاميركية في شرق آسيا.

 لقد ساعد ميل اليابان المتزايد للاستقلال في بلورة رؤية استراتيجية تشكلت نتيجة:

 1- مجموعة التغيرات في البيئة الدولية .

2- انعدام الامن في المناطق التي تحتوي على مصادر الطاقة .

 3- تطلعات اليابان لإعادة إحياء الهوية الوطنية وتجاوز ارث الحرب العالمية الثانية الثقيل ، ونتيجة لذلك ترى اليابان ان الوقت قد حان بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية والعالم على الاعتراف بها كدولة مستقلة وفاعلة في شمال شرق آسيا والعالم.(1)

د- السياسة الخارجية اليابانية في سنوات 1970 ـ 1990

بالرغم من أنIn the 1970s, the basic postwar principles remained unchanged but were approached from a new perspective, owing to the pressure of practical politics at home and abroad.بالرغم من سياسة اليابان الخارجية المبنية على المبادىء الأساسية في فترة ما بعد الحرب استمرت في السبعينات إلا أنها بدأت تقترب من منظور جديد بسبب الضغوطات السياسية في الداخل والخارج ، حيث بدأت تزداد تلك الضغوطات على الحكومة اليابانية لممارسة المزيد من مبادرات السياسة الخارجية المستقلة عن الولايات المتحدة ، ولكن دون تعريض المصالح الحيوية الأمنية والعلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة الى مخاطر ، وجاءت هذا التطورات مع ما جرى تسميته بصدمة نيكسون (Nixon Shock)  بسبب زيارة مفاجئة الى الصين قام بها الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون  والتي أعقبها تحرك دبلوماسي نحو تطبيع العلاقات بين الصين والولايات المتحدة والذي تزامن مع صعود تيار داخل الحكومة اليابانية للتحرك نحو تحسين العلاقات اليابانية- الصينية والعمل باستقلالية أكبر في السياسة الخارجية اليابانية.

  إن العوامل الضاغطة لتغيير نهج السياسة الخارجية اليابانية تمثلت في : 

1- التنمية الاقتصادية ونجاحها وضعت اليابان في ترتيب القوى الاقتصادية الرائدة  في سبعينيات القرن العشرين ، مما ولد إحساساً بالفخر والاعتداد بالنفس خاصة بين الجيل الجديد ، والذي بدأ يضغط نحو المطالبة بسياسة خارجية أكثر استقلالية تعكس الذات اليابانية.

2- بدأت اليابان المزدهرة اقتصادياً تبحث عن اسواق ما وراء البحار وتبني سياسة تجارية متوازنة.

 3-Changes in the power relationships in the Asia-Pacific quadrilateral—made up of Japan, the People’s Republic of China , the United States , and the Soviet Union —also called for reexamination of policies. التغيرات الحاصلة في علاقات القوة في منطقة آسيا – المحيط الهادي بين أضلاع المربع المكون من اليابان ، الصين ، الولايات المتحدة ، والاتحاد السوفييتي السابق تطلبت العمل على اعادة النظر في السياسة الخارجية اليابانية .

4- العمل على تعميق الاختلاف في وجهات النظر بين الصين والاتحاد السوفييتي السابق والمحافظة على استمرار المواجهة بينهما .

5- الحيلولة لوقف التقارب المتنامي بين الصين والولايات المتحدة .

6- الاستعداد للتعامل مع عملية الانسحاب السريع لقوات الولايات المتحدة من المنطقة في أعقاب حرب الهند الصينية الثانية (1954-1975). (1)

7- مواجهة التوسع العسكري للاتحاد السوفييتي السابق في غرب المحيط الهادي وتأثيرة على الأمن القومي الياباني ودور اليابان الشامل في آسيا.

8- تصاعد الرفض الشعبي في اليابان حول الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة في فيتنام وهذا الأمر اعتبر تحولاً ملحوظاً في The move toward a more autonomous foreign policy was accelerated in the 1970s by the United States decision to withdraw troops from Indochina .مواقف اليابان من الولايات المتحدة.

9- شجعت Changes in world economic relations during the 1970s also encouraged a more independent stance.التغيرات الاقتصادية العالمية خلال السبعينات ميول اليابان نحو سياسة خارجية اكثر استقلالية عن الولايات المتحدة ، Japan had become less dependent on the Western powers for resources.بعد أن أصبحت اليابان اقل اعتمادا على القوى الغربية للحصول على الموارد، Oil, for example, was obtained directly from the producing countries in the Middle East and not from the Western-controlled multinational companies. فالنفط يتم الحصول عليها مباشرة من البلدان المنتجة في الشرق الأوسط وليس من الشركات المتعددة الجنسيات. فضلا عن انخفاض التجارة مع الولايات المتحدة خلال عقد السبعينات من القرن الماضي.

10- Soon after, in the troublesome year of 1979 , Japan’s leaders welcomed the reassertion of United States military power in Asian and world affairs following the Islamic revolution in Iran , the Teheran hostage crisis , and the Soviet military invasion of Afghanistan .في نهاية عقد السبعينات ترحيب اليابان Soon after, in the troublesome year of 1979 , Japan’s leaders welcomed the reassertion of United States military power in Asian and world affairs following the Islamic revolution in Iran , the Teheran hostage crisis , and the Soviet military invasion of Afghanistan .في نهاية عقد السبعينات في عام 1979  لإعادة تأكيد الولايات المتحدة قوتها ونفوذها العسكري على مستوى العالم وآسيا إثر قيام الثورة الاسلامية في إيران ، والغزو العسكري السوفييتي لأفغانستان، وبهذا لعبت السياسة الخارجية اليابانية دوراً فعالاً في الحد من دعم الانشطة الاقتصادية مع الاتحاد السوفياتي للحيلولة

1- الهند الصينية هي منطقة في جنوب شرق آسيا. تقع شرق الهند، وجنوب الصين، وهي متأثّرة بكلا الثقافتين، ومن ذلك جاء الاسم. بشكل محدّد فيتنام لها تأثير صيني، وكمبوديا ولاووس وتايلند لهم تأثير هندي.

دون توسيع نطاق نفوذه في المناطق الحساسة من دول العالم النامي. لقد تأثرت السياسة الخارجية اليابانية في حقبة الثمانينات بتصاعد تأثير جيل ما بعد الحرب الذي بدأ العمل في مراكز صنع القرار ، حيث تعقدت عملية صنع السياسة الخارجية اليابانية بسبب الاختلاف في وجهات النظر بين الجيل القديم والجديد ، ففي فترة رئيس الحكومة السيد  Yasuhiro Nakasone ( 27/11/1982-6/11/1987) تميزت السياسة الخارجية اليابانية بالتشدد وأصبح لليابان علاقات سياسية وعسكرية قوية مع الولايات المتحدة لتشكل مع عدد من البلدان المتقدمة والنامية جبهة دولية للحد من توسع النفوذ السوفييتي في آسيا والعالم ، وواصل الانفاق الدفاعي الياباني في التصاعد بالرغم من محدودية الميزانية المخصصة لأغراض الدفاع ، ونشطت اليابان في تقديم المساعدات الخارجية للدول ذات الأهمية الاستراتيجية في الصراع بين الشرق والغرب، ومع حلول منتصف الثمانينات تصاعد حجم التبادل التجاري بين اليابان والولايات المتحدة بشكل كبير وازداد حجم الاستثمارات اليابانية والمساعدات وخاصة في آسيا واصبحت اليابان أكبر مدين ( Debtor) في العالم في نهاية الثمانينات بعد أن كانت أحد أكبر الدول الدائنة (Creditor) في العالم في بداية عقد الثمانينات ، وThe realignment of United States and Japanese currencies in the mid-1980s increased the growth of Japanese trade, aid, and investment, especially in Asia.تزايد نشاط المستثمرين اليابانيين في الولايات المتحدة لتصبح اليابان مساهماً رئيسياً في تخفيف عبء الديون الدولية والمؤسسات المالية ، وغيرها من جهود المساعدة الدولية وأصبحت أيضاً  Japan had also become the second largest donor of foreign aid.ثاني اكبردولة مانحة للمعونات الخارجية في العالم .

By 1990 Japan’s foreign policy choices often challenged the leadership’s tendency to avoid radical shifts and to rely on incremental adjustments. من أهم التحديات التي واجهت خيارات السياسة الخارجية في عقد التسعينات هي تجنب التحولات الجذرية في السياسة الخارجية اليابانية والاعتماد على التغيير التدريجي ، رغم إدراك القادة اليابانيون مدى الاحباط الذي بدأت تشعر به الولايات المتحدة بسبب تنامي القوة الاقتصادية اليابانية التي بدأت تنافس الولايات المتحدة في الكثير من الشؤون العالمية،  لذا فقد دعا Senior United States leaders were calling upon Japanese officials to work with them in crafting “a new conceptual framework” for Japan-United States relations that would take account of altered strategic and economic realities and changes in Japanese and United States views about the bilateral relationship.كبار قادة الولايات المتحدة المسؤولين اليابانيين للعمل معها في صياغة شكل العلاقات الثنائية الجديدة ضمن  “اطار مفاهيمي جديد”  ( A new Conceptual Framework ) التي من شأنها ان تأخذ في نظر الاعتبار تغير الحقائق الاستراتيجيه والاقتصادية والتغيير الذي طرأ على وجهات النظر بين البلدين حول العلاقات الثنائية، The results of this effort were far from clear.لهذا فقد تنبأ بعض المحللينSome optimistically predicted “a new global partnership” in which the United States and Japan would work together as truly equal partners in dealing with global problems. بظهور شراكة عالمية جديدة تستند الى المساواة فى التعامل مع المشاكل العالمية، أما البعض الآخر فPessimists predicted that negative feelings generated by the realignment in United States and Japanese economic power and persistent trade frictions would prompt Japan to strike out more on its own, without the “guidance” of the United States.توقع ظهور مواقف سلبية من جانب الولايات المتحدة الأمريكية واستمرار التنافس التجاري الأمر الذي يدفع اليابان نحو الاستقلالية وترجمت قوتها الاقتصادية الى قوة سياسية قد تتحول الى قوة عسكرية في المنطقة بعيداً عن المصالح الأمريكية.

بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق وانشغال The collapse of the Soviet Union and the growing preoccupation of its former republics and the East European nations with internal political and economic problems increased the importance of economic competition, rather than military power, to Japan.انشغلت جمهورياته السابقة ودول اوروبا الشرقية بمشاكلها السياسية والاقتصادية زاد من أهمية المنافسة الاقتصادية  بدلا من القوة العسكرية وهذا ما جعل اليابان تحتل مكانة متميزة لدى تلك الدول لا سيما أن (بلدان المعسكر الاشتراكي ) كانت تسعى للحصول على المعونة  والتجارة وفوائد التقنية المتطورة من البلدان المتقدمه ، وبسبب تراجع قوة الولايات المتحدة قياساً الى القوة الاقتصادية اليابانية فقدThe power of Japan’s ally, the United States, was also seen by many as waning. اضطرت للنظر بشكل متزايد الى اليابان وغيرها من الدول الحليفة لتحمل الأعباء المالية المترتبة على إعادة تفعيل إقتصاديات (الدول الشيوعية) في اوروبا الشرقية وغيرها عبرمدها بالمتطلبات الدولية العاجلة.

 إن المسألة الحاسمة بالنسبة للولايات المتحدة وغيرها من دول العالم المتطورة تكمن في كيفية استخدام القوة الاقتصادية اليابانية المتنامية قبل ان تتحول الى قدر كبير من القوة السياسية، The crucial issue for the United States and many other world governments centers on how Japan will employ this growing economic power. خاصة بعد أنInside Japan, both elite and popular opinion expressed growing support for a more prominent international role, proportionate to the nation’s economic power, foreign assistance, trade, and investment. ساندت النخب السياسية والرأي العام قيام اليابان بدور عالمي يتناسب والمساعدات الخارجية وحجم التجارة والاستثمار،But the traditional post-World War II reluctance to take a greater military role in the world remained. وقد تصاعد نشاط المسؤولين اليابانيين في الحصول على دور اكبر في المؤسسات المالية الدولية والمنظمات السياسية والمشاركة الفعالة في التأثير على توجيه السياسات العامة نحو بؤر التوتر الدولية ولا سيما في آسيا.

المطلب الثاني: سمات السياسة الخارجية اليابانية:

تتركز مضامين السياسة الخارجية اليابانية على استقلاليتها ، ومسارات توزيعها ، أدوات تنفيذها ، فضلاً عن قضايا التغير في اتجاهاتها .

 إن امتلاك اليابان للمقدرات القومية (الاقتصادية والحماية العسكرية المتمثلة بالمضلة النووية الأمريكية) قد زاد من رغبتها في تحقيق اهداف سياستها الخارجية من خلال تأثير المقدرات القومية اليابانية  بشكل قوي على عنصر الادراك والفهم من قبل صانعي السياسة الخارجية فيها ، إلا أن تأثير المقدرات القومية في السياسة الخارجية اليابانية يتحدد بالمقدرات القومية للدول الاخرى لا سيما الصين ، فقد عمل صانعي السياسة الخارجية اليابانية على صياغة سياسة خارجية تحقق نوع من التوازن بين المقدرات القومية المتاحة وبين متطلبات العمل في البيئة الدولية المتجددة نظراً لما تملكه المقدرات القومية من دلالة كبيرة في مدى نجاح السياسة الخارجية .

يتحدد تأثير النظام السياسي الياباني على السياسة الخارجية عبر عدة متغيرات أهمها :

أولاً ـ  حجم القدرات المتاحة للنظام السياسي الياباني في مجال صنع السياسة الخارجية وتحديداً حجم الانشطة الاقتصادية والاجتماعية التي يسيطر عليها النظام السياسي والتي تشمل الموارد الطبيعية والقوى العاملة والناتج الصناعي ومدى سيطرة النظام السياسي الياباني على تلك الموارد وقدرته على توظيفها

 ثانياً ـ درجة اعتماد النظام السياسي الياباني على وسائل بيروقراطية محددة في عملية تنفيذ وظيفته مع توفر قنوات مستقلة لجمع المعلومات وتحليل البدائل واتخاذ القرارات.

 إن وجود مؤسسات لجمع المعلومات تقوي قدرة النظام السياسي على الاطلاع على الاحداث الخارجية وحجم تأثيرها عليه وهذه الوسائل متوفرة في النظام السياسي الياباني بشكل دقيق وهناك تنسيق متقن بين مؤسسات النظام المختلفة.

ثالثاً ـ حجم التأييد الشعبي الذي يحظى به النظام السياسي ويمثل هذا أحد أهم نقاط الضعف لدى النظام السياسي في اليابان بعد أن تراجعت شعبية الحكومة وتأثيرها على فعالية النظام وقدرته على صنع السياسة الخارجية.

 تعتمد السياسة الخارجية اليابانية لتحقيق أهدافها على مجموعة من الأدوات والمهارات أهمها: (1)

1ـ الأدوات الدبلوماسية المتمثلة بالسفارات والقنصليات والمفوضيات وغيرها تقوم من خلالها بشرح سياسات اليابان نحو القضايا الدولية وحماية مصالحها ، حيث تسعى اليابان الى تعزيز السياسة الخارجية عبر الاهتمام بالجهود المبذولة على صعيد الدبلوماسية العامة ، من خلال الرسائل التي يتم نقلها مباشرة الى مواطني الدول الاخرى بالإضافة الى حكوماتهم، حيث تحاول اليابان ليس فهم العالم لها كدولة تساهم في تعزيز الصداقة والتفاهم بين شعوب العالم بل ومن اجل زيادة درجة الثقة التي تتمتع بها دولياً من خلال توسيع نطاق التبادلات مع مواطني البلدان الاخرى وترسيخ العلاقات العامة ، وتكثيف الاتصالات ليطلع العالم على جوانب الثفاقة اليابانية وجاذبيتها، وتقوم وزارة الخارجية اليابانية في المشاركة بفعالية فى تعزيز التبادل الثقافي مع الدول الاخرى لنشر الثقافة اليابانية الحديثة.  وتعمل وزارة الخارجية على تحسين صورة اليابان عن طريق توفير المعلومات الى وسائل الاعلام الدولية وعقد برامج متعددة تدعوا اليها الصحفيين من بلدان اخرى.

2 ـ الأدوات الاقتصادية والانشطة المستخدمة للتأثير على الدول وكسب تعاطفها من خلال توزيع المساعدات الاقتصادية والمنح الى الدول الفقيرة والدول التي تتعرض الى كوارث طبيعية ، وتعتبر اليابان في طليعة الدول المانحة وهي ثاني أكبر مانح للعراق ورابع أكبر مانح على مستوى العالم، وتأتي المساعدات الانمائية الرسمية لليابان Official Development Assistance)) كأحد أهم الأمثلة على الادوات الاقتصادية ، المقدمة الى حوالي 50 دولة نامية في العالم ، على اساس مفاهيم “الاعتبارات الانسانية والاخلاقية” و “الاعتراف المتبادل بين الأمم ” The Japanese government provides ODA after taking into account the following four principles cited in the ODA Charter published in 1992.بعد الأخذ بالمبادئ التالية:

(1) Environmental conservation and development should be pursued in tandem. أ- المحافظة على البيئة والتنمية معاً.

 ب- (2) Any use of ODA for military purposes or for aggravation of international conflicts should be avoعدم استخدامها لاغراض عسكرية او لزيادة الصراعات الدولية.

ج- عدم استخدامها لتطوير وانتاج اسلحة الدمار الشامل والصواريخ وتستخدم من اجل صيانة وتعزيز السلم والاستقرار العالمي.

د- على الدولة المتلقية للمساعدة أن تعمل على ضمان حقوق الانسان الاساسية والحرية وإدخال اقتصاد موجه نحو السوق.

(3) Full attention should be paid to trends in the recipient countries’ military expenditures, their development and production of weapons of mass destruction and missiles, their export and import of arms, and so on, in order to maintain and strengthen international peace and stability.ج-ج-
(4) Full attention should be paid to efforts towards democratization and the introduction of a market-oriented economy, the situation regarding the securing of basic human rights and the level of freedom in the recipient countrThere are three main categories of ODA: تقدم اليابان ثلاث فئات رئيسية من المساعدة الانمائية الرسمية هي:

(1) Bilateral Grants (Grant Aid and technical Cooperation), أ- المنح الثنائية (منح المعونة والتعاون التقني).–
(2) Bilateral Loans (Loan Assistance, generally known as “Yen Loan”), and ب- القروض الثنائية (قرض المساعدة ، المعروف عموما YEN LOAN) .
(3) Contributions and subscriptions to multilateral donor organization. ج- المساهمات والاشتراكات في المنظمة المانحة المتعددة الاطراف.

إنإ أن The major portion of bilateral grants is undertaken by the Japan International Cooperation Agency (JICA), while the Overseas Econom    الجزء الأكبر من المنح الثنائية هي التي تضطلع بها الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (JICA) ، في حين ان المجلس الاقتصادي لصندوق التعاون لما وراء البحار (OECF)  Cooperation Fund (OECF) is in charge of bilateral loan  هي المسؤولة عن القروض الثنائية، ويوجد مكتب مرتبط برئيس الوزراء هو الذي يحدد المساعدات الانمائية الرسمية إضافة الى وزارة الخارجية اليابانية مع مراعاة الاتجاهات الشاملة للسياسة الخارجية اليابانية.

3  ـ  الأدوات السياسية الداخلية المتمثلة في الموارد والمهارات التي تستعملها الدولة لكسب تأييد القوى السياسية الداخلية حول التعاون في المسائل السياسية الخارجية . وكذلك الأدوات الرمزية الدعائية والآيديولوجية والثقافية ، فالوسائل الدعائية هي التي تعمل في التأثير على أفكار الآخرين من أفراد عاديين ونخب غير رسمية  لرفض أو تأييد رأي أوسلوك معين ، أما الوسائل الآيديولوجية فهي تعمل على نشر تصرف مثالي شامل للكيفية التي يجب أن يكون فيه المجتمع في المستقبل ، اما الوسائل الثقافية فهي تستخدم الانتاج الثقافي والتراث الشعبي في التأثير على الدول الاخرى كالعروض الثقافية، وتستضيف اليابان سنوياً عدة مؤتمرات دولية حول التنمية في أفريقيا ومسيرة السلام في الشرق الأوسط ومنع انتشار الأسلحة النووية .

 لقد تبنت اليابان فلسفة النهوض السلمي التي تشجع النشاط الإقتصادي والحلول الدبلوماسية وليس العسكرية للنزاعات ، وتحبذ التفاعل والحوار وليس التصادم بين الثقافات والحضارات.

إن السياسة الخارجية اليابانية واستقلاليتها ،الأدوات المستخدمة في تنفيذها ، درجة توزيعها بين الوحدات الدولية والقضايا التي تدور حولها تتميز بالسمات التالية  :

  • قدرة السياسة الخارجية في التعبير عن المصالح العليا لليابان، أي التركيز على تحقيق مصالح اقتصادية بالدرجة الأولى، وإتباع استراتيجية تتميز بالتريث لاستقراء التغييرات على المستوى العالمي لتحدد موقفها منها للمحافظة على المكاسب الكبيرة التي حققتها بفضل تحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية

وتعتبر السياسة الخارجية اليابانية عملية تطوير هيكلية وآلية الامم المتحدة واستمرار مطالبتها بمقعد دائم في مجلس الأمن كأحد اهدافها الرئيسية والتي تتناسب مع مكانة اليابان كإحدى أكبر الدول المانحة.

  • حرص اليابان على التضامن بقوة مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد أحداث 11 أيلول/ 2001، والتنسيق معها للمشاركة في الحرب على الارهاب ، وتجسد ذلك في ارسال اليابان لقوات الدفاع الذاتي الى العراق والمساهمة في تزويد اسطول دول التحالف بقيادة الولايات المتحدة في المحيط الهندي بالوقود والماء ، مع حرص اليابان للمحافظة على الحماية العسكرية الأمريكية من مخاطر السلاح النووي في كوريا الشمالية ، والتهديد الصيني المحتمل ضد اليابان. لقد انتقلت اليابان من دولة غير فعالة عالمياً الى إحدى أكثر الدول نشاطاً في العالم ، وقد تميزت بزيادة مشاركتها المالية في المنظمات الدولية والاقليمية ، وزيادة المشاركة فى عمليات حفظ السلام وحل الصراع في العالم على نطاق اوسع تحت مظله الامم المتحدة، ويمكن النظرالى سياسة اليابان في محاربة الارهاب من خلال إطار التوسع في سياستها الخارجية  والذي هو بحد ذاته جزء لا يتجزأ من اهداف السياسة الخارجية وإحدى سماتها.
  • صياغة استراتيجية يابانية خاصة نحو منطقة الشرق الأوسط إنطلاقاً من رؤية شمولية ترى فيها مصلحة كبيرة في حل النزاعات بالطرق السلمية في هذه المنطقة الحيوية جداً بالنسبة إلى مصالحها العليا لاسيما إن اليابان تستورد حوالي 90% من احتاجاتها النفطية من الشرق الأوسط إضافة الى أن لدى اليابان استثمارات مالية كبيرة فيها .

 لقد انعكس إهتمام اليابان بالشرق الاوسط في مساهمتها الفعالة لتسوية القضية الفلسطينية من خلال تبنيها لمبدأ حوار الثقافات أو الحضارات مع دول الشرق الأوسط ومن ضمنها اسرائيل وإيران ، مع استمرار اليابان على العمل من أجل نزع أسلحة الدمار الشامل، ومنع انتشار أو تطوير الأسلحة النووية ، ويطغي على السياسة الخارجية اليابانية اسلوب تعزيز التعاون الثقافي والتقني مع الدول العربية والإسلامية , لكنها في نفس الوقت ترغب في قيام الولايات المتحدة بتغيير سياستها في الشرق الأوسط وتفعيل دور الأمم المتحدة في المسألة العراقية .

 السياسة الخارجية اليابانية المعاصرة تتجه بشكل عام إلى تبني أفكار وتوجهات لتحقيق دور لاعب عالمي مع المحافظة على ثوابت السياسات السلمية لليابان والابقاء على علاقات اليابان الأمنية والاقتصادية مع الولايات المتحدة والتنسيق معها في مجال القضايا ذات الطابع العالمي ، ولتحقيق هذا يعمل صانعوا السياسة الخارجية اليابانية على تفعيل وترسيخ التواجد الياباني في المنطقة ، والقيام بدور فعال في عملية السلام من خلال مشاريع اقتصادية انطلاقاً من أن فلسفتها بكون محاربة الفقر يولد الاستقرار والسلام .

4- حدوث تغير في اتجاه منحى السياسة الخارجية اليابانية في الفترة القادمة تتمثل في نجاح صانعي السياسة الخارجية اليابانية في التحرك نحو امتداد إقليمي أكبر دون تهديد التحالف الأمريكي الياباني، والتطور على صعيد حل البرنامج النووي الكوري الشمالي ووجهة سير العلاقات اليابانية الصينية .

ان التمدد الاقليمي تجسد في الاتفاقية الأمنية الموقعة بين اليابان واستراليا عام 2007 ، مع مساعي لعقد اتفاقية أمنية مماثلة مع الهند إلا أن المعارضة الداخلية ترى إن التحالف مع الهند سينعكس سلباً على العلاقات الصينية اليابانية وأن عقد اتفاقية أمنية مع الهند كدولة نووية سيرقى إلى التنكر لخط اليابان في انتهاج سياسة غير نووية.

 بناء على كل ذلك تشير الصورة النهائية لسياسة اليابان الخارجية إلى أنها بدأت تأخذ دورا أكبر في الساحة الدولية عموماً وفي آسيا خصوصاً.

  • أدى التوجه العام للسياسة الخارجية اليابانية الى تبني دور فاعل في مجالات عديدة عالمياً ، وخاصة في البناء الاقتصادي العالمي لتصبح اليابان عضواً مؤثراً في مجموعة الدول الثماني الكبار G-8 ، وشريكاً تجارياً هام لمجموعة دول رابطة جنوب شرق آسيا  ASEAN(1)، وعضواً في منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا و الباسفيك APEC ، وتعتبر اليابان من أكبر الدول المانحة لمعالجة القضايا الدولية الاقتصادية والاجتماعية كالسكان و البيئة والتنمية وغيرها ، ويمكن تأطير الدور الياباني في السياسة العالمية كما يلي:

أ- العمل على جعل شبه الجزيرة الكورية خالية من الأسلحة النووية من خلال وقف البرنامج النووي لكوريا الشمالية ، مع الاستمرار بسياسة منع الانتشار النووي على المستوى الإقليمي والعالمي.

 ب- تقوية وتطوير العلاقات اليابانية مع الصين بما يحقق تأمين عملية التحول في الصين إلى سياسات الديمقراطية والسوق المفتوح من خلال القروض والمنح المالية .

 ج- العمل على حل نزاعها حول جزر الكوريل الأربع مع روسيا من خلال التلويح بمنح مالية ومساعدات اقتصادية ضخمة لتأهيل صناعة النفط والغاز المتنامية في روسيا.

 د- تقوية التعامل الاقتصادي والتجاري والتكنولوجي مع دول منظمة ASEAN بسبب تصاعد قوتها الاقتصادية والمؤثرة في الإقتصاد العالمي من خلال تفعيل الدور الياباني في منتدى الأمن الآسيوي ASIAN REGIONAL FORUM من اجل ترسيخ الأمن والتعاون في المنطقة. (2)

6- التحرك في إطار الاتفاقيات والمعاهدات الأمنية الموقعة مع الولايات المتحدة التي تعتبر أهم مرتكزات السياسة الخارجية اليابانية ونتائجها المتمثلة في تصاعد دور القوات اليابانية ، عبر ترقية وكالة الدفاع الذاتي اليابانية الى مستوى وزارة الدفاع والشروع في ادخال منظومات دفاع صاروخية متطورة وتزايد مهام القوات اليابانية منطقة آسيا والمحيط الهادي والمحيط الهندي ، أضافة الى توجه السياسة الخارجية اليابانية نحو تقوية الحوار مع الاتحاد الأوربي بهدف بلورة نظام دولي تتشكل ركائزه الرئيسية من اليابان والولايات المتحدة والاتحاد الاوربي .

7- يعتبر الالتزام السلمي منذ عام 1945 الذي حل مكان التوسع العسكري طوال الفترة (1894 ـ 1945) عبر توسع تجاري ومالي واسع النطاق ، والتحالف مع الولايات المتحدة أحد أهم سمات ومحددات السياسة الخارجية اليابانية ، وبالرغم من الضغوط الداخلية التي تتعرض لها اليابان بسبب استمرار مشاركة قوات دفاعها الذاتي الجوية في جهود إعمار العراق، ومشاركة سفن قوات دفاعها الذاتي البحرية في تزويد الوقود والماء لسفن قوات التحالف في المحيط الهندي في حربها على الارهاب .

إن قضية الاستمرار في تقديم تلك المساعدات تمتد إلى ما هو أبعد من إطار المسألة السياسية لتبلغ أعماق المفاهيم اليابانية حول الأمن والعناصر التي تشكل المصلحة القومية وما تميزت به السياسة الخارجية اليابانية من ميل لتقوية مبدأ الاهتمام بالتحالف مع الحليف الأمريكي.

 إن الهجمات الإرهابية التي وقعت على الولايات المتحدة في أيلول/ 2001 دفعت اليابان إلى إدراك ضرورة الشروع في الأعتماد على الذات واستقلال القرار في مجال صياغة وتنفيذ السياسة الخارجية المتعلقة بسياسة أمنها القومي بشكل يجعلها تنسجم مع المعايير اليابانية في نظرتها وتعاملها مع المصالح القومية والتحالف مع الولايات المتحدة والتعاون الدولي .

المطلب الثالث: الطابع البرنامجي للسياسة الخارجية اليابانية

“الطابع البرنامجي للسياسة الخارجية لا يعني ان السياسة الخارجية قد تم التخطيط لها بل ان الطابع البرنامجي ينصرف الى تأثير وتعدد ابعاد تلك السياسة في بعضها البعض ، هذا الطابع يتضمن بعدين هما أولاً البعد العام الذي يشمل الادوار والتوجهات والاهداف والاستراتيجيات وهذا البعد يتميز بالعمومية وصعوبة السيطرة والتحكم بالقوى المحددة له ، في حين يتعلق البعد الثاني أي البعد المحدد بعدد القرارات والسلوكيات وهذا يتميز بكونه قابل للقياس الكمي والتحديد .

هناك محددات وثوابت لكل سياسة خارجية ، وهذه العوامل تشمل الجغرافيا والتاريخ والثروات والموقع الاستراتيجي وقوة ووزن البلد بالاضافة الي العامل الشخصي والمقصود هنا بالشخص المساهم في صنع السياسة الخارجية لهذا البلد، ولا شك أن التوجهات السياسية لكل دولة تنبثق من مجموع تصوراتها، إدراكاتها وقيمها بما لا ينفصل عن كيان وذات المجتمع وروحه ومحركاته التي تمتد عبر المظهر المادي المجرد إلى المقومات المعنوية فيه، فسلوك الدولة في حركة علاقاتها الخارجية يصدر عن قرار والقرار سلوك سياسي يرتبط بتصور وإدراك صانع القرار، كما أن الصورة التي يكونها الشعب عن ماضيه هي مرجعه في مواجهة المستقبل، وعملية تحديد الابعاد الرئيسية لمفهوم السياسة الخارجية يؤدي الى تحديد مجموعة المتغيرات التي تحدد تلك السياسة ، وهناك ثلاثة مجموعات من المتغيرات وهي متجسدة بـ : ـ

 1- المتغيرات الموضوعية وهي تلك المتغيرات الكامنة في البيئة التي تتم فيها عملية صنع السياسة الخارجية .

2- المتغيرات النفسية وهي المتغيرات التي يشترط أن يستوعبها صانع السياسة الخارجية لتنتج أثرها فيها بعد فهمه لطبيعتها.

 3- المتغيرات الوسيطة: وهي تشمل المتغيرات المرتبطة بصنع السياسة الخارجية والتي هي هيكل وعملية صنع السياسة الخارجية من حيث صنع السياسة واتخاذ القرار ، وهذه المتغيرات تتداخل في التأثير في نوعية العلاقة بين المتغيرات المستقلة والسياسة الخارجية. تتفاعل المتغيرات الموضوعية والنفسية والوسيطة في تحديد ابعاد السياسة الخارجية ، وعملية التفاعل تلك وتأثيرها في صنع السياسة الخارجية وشكلها النهائي يطلق عليه المهتمون بالسياسة الخارجية بنسق السياسة الخارجية وهذا النسق أو النظام يحتوي على ثلاثة أنواع من المتغيرات هي المتغيرات المستقلة والتابعة والوسيطة ، والمتغيرات المستقلة على نوعين هما الموضوعية والنفسية ويكون تأثير المتغيرات الموضوعية تأثيراً غير مباشر حيث يتم من خلال المتغيرات النفسية ، والسياسة الخارجية تؤثر في النسق الدولي ونتيجة نجاح أو فشل السياسة الخارجية في التطبيق يؤثر على فهم وادراك صانع السياسة الخارجية ليقوم بإعادة النظر في صياغته للسياسة الخارجية من خلال خبرته.

 أولاً: الأبعاد العامة في السياسة الخارجية اليابانية:

1- ظهور اليابان كقوة إقليمية رئيسية في المنطقة ، وتنامي القوة الاقتصادية اليابانية المتزامن مع ميل عام لدى صانعي السياسة الخارجية اليابانية إلى لعب دور سياسي وعسكري نشط على الصعيد الدولي ، وسعي الجناح اليميني في الحكومة اليابانية الى ترجمة قـوة اليابان الاقتصادية في الساحة الدولية على المستويات السياسـية والعسكرية والأمنية بما يتـنـاسب مع حـجم اليابان كقوة جديدة في القرن الجديد.

2- تكيف السياسة الخارجية اليابانية مع حقيقة انتقال مركز الثقل الاقتصادي الإستراتيجي في العالم من المحيط الاطلسي إلى المحيط الهادي والذي تقع فيه اليابان ودول الجوار الاقليمي.

3- احتلال اليابان مكانة أساسية في الإستراتيجية الأمريكية في منطقة آسيا بسبب المصالح المشتركة بينهما حيث تتمتع اليابان بحماية المظلة النووية الامريكية الذي يمنح اليابان دوراً أكثر فاعلية على المستوى الإقليمي مقابل منح اليابان قواعد وتسهيلات عسكرية للولايات المتحدة ، ومع تصاعد التوتر في آسيا والعالم تزداد أهمية العلاقة الخاصة في النظام الأمني بين الولايات المتحدة واليابان الذي يساعد على الاستقرار والتوازن في منطقة المحيط الهادي.

 4- تعمل الضغوط الأمريكية على تحديد الابعاد العامة للسياسة الخارجية اليابانية بما يتلائم وخدمة المصالح الإستراتيجية الأمريكية من خلال القناعة الأمريكية بأن دوراً يابانياً واسعاً ضمن إطار الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة لا يعني بالضرورة السماح  بدور قيادي لليابان ، وبالمقابل ترسل اليابان إشارات لطمأنة جيرانها الآسيويين مغزاها أنه مهما إزداد نطاق تحركها فإن وجود معاهدة الأمن اليابانية- الأمريكية يحول دون تحولها الى قوة عسكرية كبرى .

5- تبني اليابان أفكار وتوجهات في سياستها الخارجية تحكمها اعتبارات تعمل على تحقيق رغبة اليابان بممارسة دور عالمي من دون المساس بثوابت السياسة الخارجية اليابانية المبنية على الاستقرار والسلم العالميين مع المحافظة على علاقات اليابان الأمنية والاقتصادية مع الولايات المتحدة لا سيما على صعيد القضايا ذات الطابع العالمي وخاصة مشكلة الشرق الأوسط  ذات العلاقة المباشرة بقضايا إمدادات النفط وذلك بتبني سياسة خارجية مفادها التنسيق مع دول العالم المعنية بمشكلة الشرق الأوسط والتعاون مع الاطراف المؤثرة كالاتحاد الأوربي المعني والقريب من المنطقة وبعض الدول الإقليمية المهمة كتركيا والسعودية ومصر.

6- انطلاق السياسة الخارجية نحو الشرق الأوسط عبر دبلوماسية غير رسمية تعتمد على إعادة بناء الثقة بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني للتعامل مع عملية السلام في الشرق الأوسط  من خلال استضافة اجتماعات غير رسمية لبحث ودفع عملية السلام. وفي نفس الإطار يمكن اعتبار السياسية الخارجية اليابانية تجاه المسألة العراقية كمنعطف دبلوماسي جديد من خلال تطورين هما : ـ

أ: موقف اليابان من الحرب على العراق عبر تأسيس غرفة عمليات طوارئ لمتابعة الحرب وتعيين مبعوثاً خاصاً لها في العراق وتقديم مساعدات إنسانية للاجئين العراقيين في دول الجوار والمساهمة بقوة في جهود إعمار العراق .

ب: المشاركة اليابانية في العراق بقوات الدفاع الذاتي اليابانية التي كانت نتيجة جدل طويل أدى إلى إصدار قانون خاص من البرلمان الياباني تحت بند المساعدات الإنسانية لتقوم بتقديم الخدمات الطبية وتوفير المياه الصالحة وإعادة تأهيل المدارس والمرافق الأخرى كقنوات الري والطرق وصيانتها والبدء بحملة من اجل التعبئة الشعبية لتعديل بعض مواد الدستور الياباني.

7- منذ نهاية الحرب الباردة بدأ صانعوا السياسة الخارجية اليابانية يدركون ضرورة عدم رهن كل تحالفاتهم بالولايات المتحدة بل البحث عن آفاق استراتيجية أخرى لفرض توازن في العلاقات السياسية الخارجية اليابانية والذي جعل السياسة الخارجية اليابانية تتجه نحو الجوار الاقليمي وتنشط في الشرق الأوسط وفي دول الاتحاد الأوربي . أي أن التحول التدريجي في السياسة الخارجية اليابانية من مرحلة التصرف كسلوك سياسي خارجي يسعى للحصول على موارد الطاقة والمواد الأولية اللازمة للصناعة والى أسواق تصريف منتجاتها الصناعية الى مرحلة جديدة تتمثل في تطلع اليابان لممارسة دور عالمي أكثر استقلالية عن الإستراتيجية الأمريكية بعد انتهاء حقبة الحرب الباردة.

8- بدأت السياسة الخارجية اليابانية تعمل على محاصرة الجاذبية المتنامية التي تمارسها الصين تجاه بلدان أوروبية وأفريقية والعمل على احتواء تنامي القوة الاقتصادية والعسكرية الصينية في محيطها الآسيوي حيث تدرك اليابان أن تربة الخلافات الصينية اليابانية الخصبة تاريخياً تغذي الصراع التنافسي الجغرافي – السياسي بينهما ، وتعزز السباق على بسط النفوذ على مصادر الطاقة ، في الوقت الذي تسعى فيه الصين إلى دور ريادي في جوارها الآسيوي وهي تستمد نفوذها من قوتها الاقتصادية والعسكرية ترفض فيه اليابان تحول الصين إلى قطب النفوذ الأوحد في آسيا.

ثانياً: الأبعاد الخاصة المحددة في السياسة الخارجية اليابانية:

1- طموح اليابان في الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن والذي يأتي في مقدمة أولويات السياسة الخارجية اليابانية ، والانطلاق بدور دولي يتناسب ومكانتها كثاني أكبر اقتصاد في العالم وكأكبر مساهم في المعونات الدولية، من خلال التأكيد على رسم إطارات محددة للعلاقات مع القوى الكبرى ، وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة ، وبهذا تخطط اليابان لتدعيم قاعدة سياستها الخارجية وإضفاء الشرعية على توسيع دورها العسكري من خلال ثلاثة مراحل هي:

أ – التطبيق العملي لخطوات التعاون الأمني المشترك بين اليابان والولايات المتحدة التي فرضتها المتغيرات الدولية ذات الصلة بالحرب على الارهاب .

ب –  الاعلان عن الخطوط الجديدة للتعاون الدفاعي بين الولايات المتحدة واليابان، وإعادة النظر فى المعاهدات والاتفاقيات الأمنية السابقة بما يمنح اليابان هامشاً اكبراً من الحرية للتحرك في بناء جيشها (1)، لتحتل اليابان موقعاً بين القوى السياسة الكبرى وتلعب دوراً مؤثراً واستراتيجياً في الساحة الدولية .

 ج – إزدياد دور اليابان فى عمليات حفظ السلام ، خلال السنوات الماضية عبر توسع الأنشطة العسكرية للأمم المتحدة والمشاركة فى تسوية الصراعات الاقليمية.(2)

2- تحسين العلاقات مع روسيا والصين وكوريا الجنوبية ، عبر حل مشاكل الجزر الاربعة مع روسيا والتي تطلق عليها روسيا تسمية جزر الكوريل في حين تسميها اليابان بالجزر الشمالية ، ووضع حلول للنزاع مع الصين حول حقوق الاستكشاف في بحر الصين الشرقي وحل مشكلة جزر دوكدو المتنازع عليها مع كوريا الجنوبية، والعمل على توسيع فضاء التحرك الدولي وتقوية المكانة العالمية لليابان بإضفاء الاستقرار على العلاقات مع الصين وتحسين العلاقات مع روسيا كمرحلة اولى .وبسبب تصاعد مكانة الصين الدولية وتحسن العلاقات الصينية – الأمريكية ، تسعى اليابان إلى تصويب العلاقة مع الصين بالتركيز على رفع مستوى الحوار وتوسيع نطاق التعاون الثنائي، .

لقد سعت اليابان فى خطوة غير مسبوقة إلى انعاش وتطوير علاقاتها مع الصين لخلق توازن فى دبلوماسيتها العالمية، رغم سعيها إلى ممارسة ضغوط استراتيجية على الصين بإعادة النظر فى بنود التعاون الدفاعي بين اليابان والولايات المتحدة .

لقد دفع التحسن في العلاقات الصينية-الأمريكية الى تنشيط علاقة ثلاثية الأطراف بين الولايات المتحدة واليابان والصين .(3) ، بالنسبة لروسيا فقد رفعت اليابان شعار الدبلوماسية القارية الأورو-آسيوية فى إطار الحاجة إلى إحداث نوع من الطفرة فى العلاقات مع روسيا لموازنة العلاقات الصينية – الأمريكية والصينية – الروسية ، ولبناء إجراءات دبلوماسية شاملة تنبني على صعيد العلاقات اليابانية – الأمريكية ، اليابانية – الصينية ، واليابانية – الروسية ، ولتحسين الصورة الاستراتيجية الدولية لليابان .(4)

3- حل ملف المختطفين اليابانيين مع كوريا الشمالية.

4- متابعة انهاء البرنامج النووي الكوري الشمالي من خلال مشاركتها الفعالة في المحادثات السداسية ، والاستمرار في تفعيل سياسة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل.

5- المشاركة في دعم عملية السلام في الشرق الأوسط عبر تبنيها مشروع السلام ، ومن النقاط المهمة التي تحرص عليها الاستراتيجية اليابانية نحو الشرق الأوسط هي أهمية المنطقة في الاستراتيجية اليابانية ، ودور اليابان في عملية سلام الشرق الأوسط ، والتركيز على مبادئ السلام العالمي، وتكثيف مبادرات إحلال السلام في الشرق الأوسط، مع تقديم كل المساعدات الممكنة لتحقيق السلام في هذه المنطقة. تمسك اليابان دائما بالقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن ورغم تأييدها المتصاعد للحرب الأميركية ضد الإرهاب إلا أن اليابان ترفض ربط الارهاب بالاسلام ، وتبنت اليابان مبدأ حوار الثقافات مع دول الشرق الأوسط، وأكدت على رفضها القاطع لمقولة صراع الحضارات والتوصيف الديني للإرهاب، وقدمت مقترحات عملية عديدة لعقد لقاءات ثقافية ودبلوماسية في السنوات الأخيرة بهدف تعزيز التعاون الثقافي بين العرب واليابانيين ، ولليابان علاقات متميزة مع الدول العربية ، حيث يتم سنوياًُ عقد

منتديات الحوار العربي – الياباني والتي كان آخرها الدورة الخامسة للمنتدى العربي – الياباني والذي انعقد في مصر خلال شهر كانون الأول من عام 2007 ،  وتتمحور العلاقات العربية- اليابانية على عدة مستويات هي:

أ- التوسع في التجارة والتفاوض من أجل الاتفاق على منطقة التجارة الحرة بين اليابان ومجلس التعاون الخليجي.

ب- الاستثمارات من اليابان والتي يمكن ان تساعد في تنويع القاعدة الصناعية للدول العربية.

ج- الاستثمارات العربية والتي يمكن ان تفتح آفاقاً جديدة للعلاقة مع اليابان.

د- تنمية الموارد البشرية.

 ه – تطبيقات التكنولوجيا في مجال الطاقة المتجددة لكون اليابان لديها عدد من احدث تقنيات المفاعلات النووية في العالم.

لقد حاولت اليابان التحرك بمزيد من الحرية في علاقاتها مع دول الشرق الأوسط لا سيما بعد نهاية الحرب الباردة، إلا أن الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على الارهاب جعلت الموقف الياباني يبدو متقارباً مع موقف الولايات المتحدة ، حيث زادت واشنطن من ضغوطها على صانعي السياسة الخارجية اليابانية  ورغم محاولة اليابان التصرف بنوع من الاستقلالية عن التأثير والضغط الأمريكي إلا أنها بدأت تدرك أن نجاح سياستها في الشرق الأوسط سيكون مرهوناً بوجود نظام إقليمي عربي موحد يؤهلها على رسم استراتيجية مستقلة تؤمن مصالحها مع الدول العربية .

إن تردد الموقف الياباني في لعب دور سياسي مباشر لتسوية صراعات ونزاعات المنطقة العربية يكمن تفسيره في أن اليابان لا تزال ملتزمة بالدستور الذي تم وضعه من قبل الولايات المتحدة بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية هذا إضافة إلى رغبة اليابانيين في الابتعاد عن مواطن الصراع والنزاع، والاكتفاء بالمقابل بلعب دور إنساني واقتصادي لا يكون موضع خلاف ، وهنا لا بد من الاشارة الى أنه حدثت تطورات داخل اليابان خلال الفترات الأخيرة وتحديدا خلال فترتي حكم رئيسي الوزراء السابقين السيد كويزومي( 2001-2006) والسيد شينزو آبي (2006-2007)عكست شعورا متزايدا لدي اليابانيين بأن الوقت قد حان لمراجعة بعض القيود التي وضعت على اليابان بشأن سياساتها تجاه العالم الخارجي.

6- تعمل القيادة اليابانية على التركيز في تحسين مكانة البلاد كقوة كبرى وتقوية المشاركة الفاعلة فى صياغة  السياسة الدولية إلا أن التجاذبات السياسية الداخلية لا زالت تشكل قيوداً على السياسات الخارجية ومن ثم على تنفيذ المشروعات الدبلوماسية.

7- مساعدة الدول الفقيرة ، والمساهمة في عمليات الاغاثة أثناء الكوارث ، المحافظة على السلام العالمي ، حماية حقوق الانسان ، المحافظة على البيئة ، مكافحة الاحتباس الحراري وتنمية الموارد البشرية.

8- تبني اليابان دبلوماسية Soft Power Diplomacy  التي تشجع الأنشطة الاقتصادية والحلول الدبلوماسية وليس العسكرية للنزاعات .

المبحث الثالث: عملية صنع السياسة الخارجية اليابانية

المطلب الأول أجهزة صنع القرار والرأي العام

طبيعة اليابان الجغرافية من حيث كثرة الجزر وشحة الموارد الطبيعية فيها والمشاعر العدوانية من دول الجوار في المنطقة التي عانت بسبب الماضي العسكري الاستعماري لليابان لا سيما الصين كلها شكلت أموراً لعبت دورا مهما في عملية صناعة سياسة اليابان الخارجية وصياغتها ،In premodern times, Japan’s semi-isolated position on the periphery of the Asian mainland was an asset. موقع اليابان كدولة معزولة تحيط بها البحار كان قد شكل لها بيئة آمنة لتطوير مجتمع يمتاز بالاكتفاء الذاتيIt also allowed them to borrow selectively from the rich civilization of China while maintaining their own cultural identity. كما سمح لهم تطوير واقتباس ما تنجزه من الدول الغنية بصورة انتقائية مع الحفاظ على الهوية الثقافيه الخاصة بها، فعزلتها كانت عامل قوة في  Insularity promoted a strong cultural and ethnic unity, which underlay the early development of a national consciousness that has influenced Japan’s relations with outside peoples and cultures throughout its history.تعزيز الوحدة الثقافية والاثنية والتي تطور بموجبها الوعي الوطني والقومي الياباني والذي هو الآخر كان له أثر كبير في سياستها الخارجية ونوعية علاقاتها مع الشعوب والثقافات الاخرى على امتداد تاريخها.

لقد ارتبطت هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية بسبب تبنيها دبلوماسية توسعية تتداخل فيها المشاعر القومية والوطنية المفرطة الى حد الشوفينية والمعتمدة على العنف والقوة لتحقيق الهدف النهائي ، وكان من نتائج الحرب وما سببته من دمار هائل أن يتوجه اليابانيون لإعادة بناء بلدهم على اسس جديدة ودبلوماسية مسالمة يتم من خلالها التواصل مع شعوب العالم المختلفة ، وعلى إثرها اتجهت عملية صنع السياسة الخارجية اليابانية نحو الفصل بين الاقتصاد والسياسة في العلاقات الدولية والتركيز على التعاون في الجانب الاقتصادي وإعادة بناء جسور ثقة مع العالم لترتقي اليابان بالسياسة الخارجية كمفهوم وفلسفة مؤطرة بقيم اخلاقية راقية من خلال ممارسة دبلوماسية توجهها القيم الانسانية لخلق عالم تسوده الحرية والكرامة والرفاهية والديمقراطية وحقوق الانسان وعالم تكون فيه المساواة والعدالة وحكم القانون الدولي مطبقة على الجميع بدون استثناء.

تقع مسؤولية صنع السياسة الخارجية حسب ما أقره دستور عام 1947 على عاتق مجلس الوزراء وتحت إشراف البرلمان الياباني ، حيث يتوجب على رئيس الوزراء ععتقديم تقارير دورية عن العلاقات الخارجية الى البرلمان ، ولدى كل من مجلسي النواب والمستشارين في البرلمان لجان خاصة بالشؤون الخارجية ، Each committee reports on its deliberations to plenary sessions of the chamber to which it belongs.وكل لجنة تقدم تقاريرها بعد التداول الى القسم المسؤول في المجلسين ،  وأحيانا يتم تشكيل لجان للنظر في مسائل الخاصة في الشؤون الخارجية .

 Diet members have the right to raise pertinent policy questions—officially termed interpellations—to the minister of foreign affairs and the prime minister.لأعضاء البرلمان الحق في إثارة مسائل وثيقة الصلة بالسياسة الخارجية ولهم أيضاً حق استدعاء رئيس الوزراء ووزير الخارجية الى البرلمان رسمياً لإستجوابهم ، أما التوقيع على المعاهدات وإبرامها مع البلدان الأجنبية فيتطلب التصديق عليها من قبل البرلمانAs head of state, the emperor performs the ceremonial function of receiving foreign envoys and attesting to foreign treaties ratified by the Diet. ، ويكون دور أمبراطور اليابان القيام بالوظائف البرتوكولية مثل الاعلان عن صحة المعاهدات التي يصادق عليها البرلمان.

  تعتبر السلطة التنفيذية في اليابان القوة الأكبر والأقوى في مجال صنع وصياغة السياسة الخارجية اليابانية ومواجهة الأزمات الدولية والظروف المتغيرة للعلاقات الدولية قياساً بالسلطات الاخرى التي تمارس دوراً رقابياً على دور السلطة التنفيذية في ميدان صنع السياسة الخارجية ، وما يساعد قيام السلطة التنفيذية على دورها المركزي في هذا المجال هو تفرغها وكونها وحدة تنظيمية تمتلك كم هائل من وسائل جمع المعلومات حول المشاكل الدولية وامتلاكها وسائل الاتصالات المتطورة تكنولوجياً والذي يؤهلها في سرعة تعاملها مع ما يتعلق بالسياسة الخارجية بشكل جيد.

دستورياً لرئيس الوزراء A man and constitutionally the dominant figure in the political system, the prime minister has the final word in major foreign policy decisions.الكلمه النهائية فى قرارات السياسة الخارجية الهامةThe minister of foreign affairs, a senior member of the cabinet, acts as the prime minister’s chief adviser in matters of planning and implementation. ، ويقوم وزير الخارجية وأحد كبار اعضاء مجلس الوزراء بدور مستشاري رئيس الوزراء في شؤون التخطيط والتنفيذ. ولوزير الخارجية نائبان أحدهما مسؤول عن الادارة وهو يترأس الهيكل الوظيفي الرسمي لوزارة الخارجية ، والآخر مسؤول الاتصال السياسي مع البرلمان الياباني. بالرغم من ان السلطة التنفيذية في اليابان تمتلك الدور المحوري في صنع السياسة الخارجية إلا أن التكوينات والقوى السياسية الاخرى تلعب دورا في صنع السياسة الخارجية ايضاً ، وبشكل عام تكون عملية صنع السياسة الخارجية اليابانية عملية مركبة تتشابك فيها الخطوط الرسمية وغير الرسمية .

 إن ما يميز قرارات السياسة الخارجية اليابانية عن بقية القرارات هي أنها تخضع لتفاعل فريد من نوعه وهو التفاعل بين البيئة الداخلية والخارجية وما يحتويه ذلك التفاعل من ضغوط مختلفة ومتعارضة ، حيث يشارك في صناعة القرار الخارجي عدد من الأجهزة الحكومية اليابانية والتي عادة ما تكون لها مفاهيم ومواقف مختلفة إلا انه خلال عملية صناعة القرار تقلل التناقضات بين الأجهزة المختلفة وتقرب وجهات النظر بقدر الإمكان، وعليه يمكن التمييز بين مجموعتين تساهمان في صنع السياسة الخارجية اليابانية وهي : ـ المؤسسات الحكومية والمؤسسات غير الحكومية.

أولاً : ـ المؤسسات الحكومية تتمثل بالسلطة التنفيذية وما يتبعها من أجهزة فرعية مثل الوزارات والمؤسسات العامة، وكذلك السلطة التشريعية وما تشمله من لجان مختلفة.

ثانياً : ـ المؤسسات غير الحكومية فهي تشمل الأحزاب السياسية، وجماعات المصالح، والإعلام، والرأي العام.

كان من الصعب تحديد دور الرأي العام الياباني في صياغة السياسة الخارجية طوال فترة ما بعد الحرب لأنJapan continued to be extremely concerned with public opinion, and opinion polling became a conspicuous feature of national life. اليابان كانت ما تزال قلقة للغاية من الرأي العام بعد أن أصبحت عمليات استطلاع الرأي سمة من سمات الحياة الوطنية، The large number of polls on public policy issues, including foreign policy matters, conducted by the Office of the Prime Minister, the Ministry of Foreign Affairs, other government organizations, and the media led to the presumption by analysts that the collective opinions of voters do exert significant influence on policymakers. فالعدد الكبير من مراكز الاقتراع فى قضايا السياسات العامة ، بما فيها مسائل السياسة الخارجية ، قادت الى الافتراض بأن الآراء الجماعية للناخبين لها تأثير كبير على صانعي السياسة الخارجية ، فالمواقف العامة تجاه السياسة الخارجية شهدت تحولاً كبيراً في عقد الثمانينات، فقد أظهرتOpinion polls reflected a marked increase in national pride and self-esteem. استطلاعات الرأي زيادة ملحوظة في تصاعد مشاعر الكرامة والعزة الوطنية ، وعلاوة على ذلك أصبحت المناقشة العامة للمسائل الأمنية من قبل المسؤولين الحكوميين وقادة الاحزاب السياسية ومسؤولي الصحافة والاعلام  والاكاديميين بشكل ملحوظ اقل تقلباً وأكثر انفتاحاً وعملية.

The mass media, and particularly the press, as the champion of the public interest and critic of the government, continues to mold public attitudes strongly. وكذلك فأن وسائل الاعلام الجماهيرية أصبحت المصدر الرئيسي لمطالبة الحكومة بممارسة سياسة مستقلة ودبلوماسية مستقلة  نظرا لتغير الوضع العالمي وتصاعد أهمية اليابان في المنظومة الدولية .

المطلب الثاني: البحث عن استراتيجية جديدة والموقف من الارهاب الدولي

لقد اصبح من الضروري البحث عن استراتيجية جديدة في عملية صنع السياسة الخارجية اليابانية وذلك بتركيز الجهود للتعامل مع المتغيرات والحصول على نتائج واضحة ومحددة ومضمونة ،The political side has lacked a long-term strategy and vision for foreign policy. بعد أن ظل الجانب السياسي في السياسة الخارجية اليابانية يتعامل بحذر شديد على الصعيد العالمي وبآلية بيروقراطية لم تنجح في تنفيذ سياسات جريئة، وعليه برزت الحاجة لتبني سياسة خارجية أقرب ما تكون الى ” سياسة علاج الاعراض” (Treat The Symptoms policy) لتكون قادرة على التعامل مباشرة مع المتغيرات المتسارعة مع ضمان الحصول على نتائج مضمونة .The Prime Minister needs to be given perspectives and options other than just those presented by the Ministry of Foreign Affairs, and there needs to be a process by which the Office of the Prime Minister provides general coordination.

 إن التغييراتThe changes in international situations coming in the next 20 years will be greater than those experienced in any other 20 year period in modern history. المتوقعة في الاوضاع الدولية للعقود المقبلة ستكون أكبر من تلك التي واجهها العالم في اي فترة اخرى من التاريخ الحديث. It should be obvious that Japanese foreign policy needs to rethink its priorities in this new world. وعليه فقد بات على السياسة الخارجية اليابانية العمل على اعادة النظر في أولوياتها لمواجهة التحديات والمستجدات في العالم الجديد .(1)

لعبت اليابان دوراً مباشراً في تشكيل الجبهة العالمية لمكافحة الإرهاب الدولي، عبر مساندتها لبرامج متعددة تعني بمكافحة الإرهاب، ومعاقبة الدول والمنظمات الداعمة له والذي كان له أثره في سياستها الخارجية (2)، وفي هذا السياق أكدت اليابان أنها تقف بحزم ضد الإرهاب الدولي وتدعو إلى محاربته

باعتباره عملاً موجهاً ضد الأسرة الدولية بأكملها، ويشكل تحدياً لقيم الحرية والديمقراطية في العالم كله ، وتعتبر محاربة الإرهاب هي مسؤولية يابانية كما هي مسؤولية دولية، وشددت اليابان مرارا على موقفها المعلن بأنها معنية بمكافحة الإرهاب باعتباره تهديدا للأمن والسلم الدوليين، ووقعت اليابان في شهر تشرين أول/ 2001 على الاتفاقية الدولية لتجفيف المصادر المالية للإرهاب الدولي ، وكأول مشروع يتضمن لائحة بالتدابير الخاصة بمكافحة الارهاب والمشاركة في دعم الجهود الدولية الخاصة بالحرب على الارهاب وذلك بعد تعرض الولايات المتحدة الاميركية لاعتداءات ايلول/2001.

 في شهر تشرين الثاني /2001 أنشأت وزارة الخارجية اليابانية جهازا خاصاً لمكافحة الإرهاب (3) ، وفي شهر شباط من عام 2002 أصدرت الوزارة تقريرا بعنوان ” قانون التدابير الخاصة ضد الارهاب”Anti Terrorism Special Measures Law(4) ، وعليه فاليابان من الدول الرائدة في مساهمتها بجهود مكافحة الارهاب الدولي ، وتساهم اليابان بالحرب على الارهاب في أفغانستان بعد إقرار قانون يخّول قوات الدفاع الذاتي البحرية اليابانية بتقديم الدعم اللوجستي لسفن قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الاميركية في المحيط الهندي . ان اليابان ترى في إقرار قانون مكافحة الارهاب دفعة قوية لها في الساحة الدولية كشريك قوي في الحرب على الارهاب خاصة وان انتصار الحكومة  في معركة إقرار القانون أعطى إشارة للمعارضة بانها حكومة قوية وعلى أساس هذا النجاح فانها تخطط لتقديم مشروع قانون جديد يجعل بموجبه مشاركة اليابان في عمليات مكافحة الارهاب في العالم جزء لا يتجزأ من سياسة الحكومة  دون الرجوع لإقرار قوانين منفردة لكل حالة .

المطلب الثالث : تصاعد النشاط الدبلوماسي وأثر مجلس المستشارين على السياسة الخارجية

نجحت اليابان في توسيع نطاق دبلوماسيتها من خلال العمل بنشاط من اجل حل القضايا العالمية بوصفها عضواً فعالاً في المجتمع الدولي، حيث استطاعت تعزيز تحالفها مع الولايات المتحدة والمضي قدماً في الدبلوماسية الآسيوية من خلال تحسين وتطوير علاقاتها مع الصين وتعزيز علاقاتها مع الهند. تجسد ذلك في قيام رئيس الوزراء الياباني الأسبق السيد ياسو فوكودا بزيارة الى الولايات المتحدة في تشرين الثاني / 2007 وزيارة الصين في كانون الاول / 2007. على صعيد الدبلوماسية الآسيوية فقد شهدت كل من اليابان والصين زيارات متبادلة من قبل رؤساء البلدين وتكثيف تبادل وجهات النظر الرفيعة المستوى التي عقدت بينهما والتي تمخضت عن وضع إطار لحل مشكلة التنقيب في بحر الصين الشرقي ، ونتيجة لذلك العمل فقد تم فتح آفاق جديدة لمزيد من النهوض في علاقة ذات منفعه متبادلة على اساس المصالح الاستراتيجية المشتركة بين اليابان والصين، وفي نفس السياق جرى تعزيز العلاقات بين اليابان والهند وبلدان جنوب آسيا التى تواجه نمواً سريعاً في المجالات السياسية ، الأمنية ، الاقتصادية والثقافية ، وحققت اليابان علاقات أوثق مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (ASEAN) من خلال الانتهاء من المفاوضات معها من اجل الشراكة الاقتصادية الشاملة  (ASEAN-Japan Comerhensive Economic  partnership)(AJCEP) ، وكان هناك نوع من التقدم فيما يتعلق بالقضايا العالقة مع كوريا الشمالية ، مثل تنفيذ الاجراءات الأولية لتنفيذ البيان المشترك الصادر عقب محادثات الاطراف السداسية الخاصة بالبرنامج النووي لكوريا الشمالية واجراءات نزع السلاح النووي واستمرار مطالبة اليابان في اجراءات ملموسة من اجل حل ملف المختطفين اليابانيين لدى كوريا الشمالية  .

على صعيد التعاون الأقليمي في منطقة آسيا والمحيط الهادي فقد شهدت تقدما مطرداً، وبالاضافة الى التقدم على صعيدي منتدى دول شرق آسيا (East Asia Summit-EAS) ومنتدى دول التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا والمحيط الهادي (Asia–pacific Economic Cooperation-APEC) في الجهود الرامية لمعالجة قضايا الطاقة وتغير المناخ وغيرها من التحديات. وفي مجال التعاون الثلاثي بين اليابان والصين وكوريا الجنوبية فقد اتفقت حكوماتها على عقد مؤتمرات قمة ثلاثية بشكل دوري للتنسيق ، وبالنسبة لروسيا التي بدأت تنشط في منطقة آسيا والمحيط الهادي فقد بادرت اليابان على التحرك لتعزيز التعاون الثنائي في الشرق الاقصى الروسي وسيبيريا الشرقية إضافة الى عقد محادثات ثنائية رفيعة المستوى واستمرار المفاوضات من اجل التوصل الى معاهدة سلام ، وذلك بهدف الارتقاء بالعلاقات بين اليابان وروسيا الى مستوى اعلى.

بشكل عام شهدت السياسة الخارجية اليابانية نشاطاً دبلوماسياً وتوسعاً ملحوظاً في عام 2007 على وجه التحديد ، فقد شهد ذلك العام تحرك دبلوماسي باتجاه تقوية العلاقة مع منظمة حلف شمال الاطلسي (NATO)  عندما قام رئيس الوزراء السابق شينزو آبي بزيارة الى مقر منظمة حلف شمال الاطلسي بوصفه رئيس وزراء اليابان في كانون الثاني / 2007 ، لقد أعلنت وزارة الخارجية اليابانية بأنها ستبذل الكثير من الحوار والتعاون مع البلدان التي تتجه نحو التحول الى الديمقراطية واقتصاديات السوق ، واتخذت اليابان خطوات ملموسة في هذا الصدد حيث قام وزير الخارجية السابق تارو آسو بزيارة عدة بلدان في أوروبا الوسطى والشرقية في كانون الثاني / 2007 وحضر اجتماع (Visegrad4) الثاني الذي ضم وزراء خارجية  الجمهورية التشيكية وهنغاريا وبولندا وسلوفاكيا ، كذلك شهد عام 2007 سلسلة من الزيارات الى اليابان من قبل رؤساء دول من آسيا الوسطى والقوقاز ، وكذلك شهد نفس العام استضافة اليابان لاجتماعات تجمع منظمة ( ) (GUAM + Japanتجمع دول غوام تضم جيورجيا وأوكرانيا وأذربيجان ومولافيا بالاضافة الى اليابان) ، التي انعقدت في حزيران / 2007 وكانون الاول / 2007 على التوالي. وفيما يتعلق بالعلاقات مع جنوب آسيا  فقد شاركت اليابان للمرة الاولى في اجتماع القمة لرابطة جنوب آسيا للتعاون الاقليمي South Asian Association for Regional Co-operation ( SAARC ) بصفة مراقب ، اما بالنسبة لدول منطقة الميكونغ( Mekong ) فقد حضر رئيس وزراء اليابان الأسبق ياسو فوكودا اجتماع قمة التجمع( Japan-CLV) الذي يتكون من كمبوديا ، لاوس، فيتنام بالاضافة الى اليابان ، واستضافت العاصمة اليابانية طوكيو الاجتماع الأول لوزراء خارجية تجمع ميكونغ واليابان.

واصلت اليابان سياستها الخارجية عبر المساهمة بنشاط فى التعاون الدولي من اجل السلام وتسوية القضايا العالمية وتكثيف مشاركتها في الكفاح ضد الارهاب ، والمساعدة فى اعادة الاعمار فى العراق وأفغانستان ، والمساهمة في تفعيل عملية السلام في الشرق الاوسط من خلال الترويج لمفهوم “ممر السلام والازدهار” ، واطلاق برنامج  لتنمية الموارد البشرية في مجال بناء السلام. عززت اليابان من نشاطها الدبلوماسي أيضاً من خلال استضافتها للمؤتر الرابع حول التنمية الافريقية ( TICAD IV) في شهر مايس /2008 واستضافتها مؤتمر قمة مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى G8 في تموز /2008.  وفيما يتعلق بتغير المناخ ، لعبت اليابان دور رائد في هذا المجال من خلال طرحها الموضوع أثناء ترؤسها  لمؤتمر قمة مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى الذي انعقد في هوكايدو في شمال اليابان للفترة 7-9/7/2008 ، وقد أعلن رئيس وزراء اليابان الأسبق ياسو فوكودا عن السياسة الخارجية اليابانية في خطاب القاه امام الدورة 169 للبرلمان حيث أعلن بأن اليابان سوف تلعب دور مسؤول فى المجتمع الدولي باعتبارها امة تعزيز السلام (Peace Fostering Nation) عبر الدعوة الى السلام والتنمية فى العالم .(1)

أما فيما يتعلق بتأثير الانتخابات النصفية لمجلس المستشارين التي جرت في 29/تموز /2007 فقد t was widely expected that Prime Minister Shinzo Abe’s Liberal Democratic Party (LDP) would lose the July 31 elections for Japan’s upper house of the Diet (parliament).كان من المتوقع على نطاق واسع ان الحزب الليبرالي الديمقراطي (LDP)  الحاكم سيخسر الانتخابات ولكنStill, the margin by which his party lost exceeded most predictions. هامش الخسارة تجاوز معظم التوقعات،The LDP won only 37 of the 121 contestable seats in the election, losing 27 seats it previously held. While in the past Japanese prime ministers have stood down after losing by smaller margins, Abe has vowed to stay in place. ولهذا تصاعد نشاط وشعبية الحزب الديمقراطي الياباني ( DPJ ) المعارض ، وبدأ تأثيره على الناخب الياباني يغير وبشكل جذري المشهد السياسي الياباني ، واللافت في هذه الانتخابات أن الحزب الحاكم فقد 28 مقعد في المناطق الريفية التي كانت تعتبر موالية له بالرغم من قيام رئيس الوزراء الياباني السابق جونيشيرو كويزومي بتفكيك نظام المحسوبية والمحاباة في تعيين الموظفين في تلك المناطق إلا أن السبب الرئيسي للخسارة يعود الى شعور الناخب الياباني في المناطق الريفية بالاحباط بسبب فشل سياسة الانعاش الاقتصادي التي نفذتها حكومة شينزو آبي المستقيلة ،Domestically, the emergence of the DPJ as a viable opposition party could dramatically alter the political scene in Japan. Still, the DPJ’s success in this election seems to have more to do with the LDP’s weakness than the strength of the main opposition party     وبالرغم من كل ذلكووو وبالرغم من ذلك فان نجاح الحزب الديمقراطي الياباني المعارض لا يبدو أنه سيضمن نجاح الحزب في الانتخابات المقبلة بسبب الانقسامات الداخلية التي يعاني منها حول قضايا السياسة العامة ، ولذلك سيستمر المشهد السياسي الياباني يعتمد الى حد كبير على نظام الحزب الواحد لحين نجاح الحزب الديمقراطي الياباني المعارض في اقناع الناخبين بتقديم رؤية سياسية بديلة لمستقبل اليابان وهذا احتمال مستبعد على المدى المتوسط، إضافة الى ذلكStill, the DPJ’s win has already had an impact on Japan’s international relationsYqhtm فان فوز الحزب الديمقراطي الياباني المعارض بالفعل كان له اثر على العلاقات الدولية بالنسبة لليابان ، فقدThe US ambassador to Japan, Thomas Schieffer, admitted shortly after the elections that he had never met with the opposition party’s leadership. أعلن السفير الامريكي فى اليابان السيد توماس شيفر بعد فترة وجيزة من الانتخابات بأنه لم يسبق له ان اجتمع مع قيادات احزاب المعارضة ، لقد بدأ تحالف احزاب المعارضة بالضغط على الحكومة لوقف العمل بقانون مكافحة الارهاب الذي يتيح لقوات الدفاع الذاتي البحرية اليابانية في تقديم الدعم اللوجستي لسفن قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة في المحيط الهندي ، وعلى إثرها طلب السفير الأمريكي موعد للاجتماع مع أتشيرو أوزاوا رئيس الحزب الديمقراطي الياباني المعارض وتم عقد الاجتماع في 8 آب / 2007 للتخفيف من ضغط المعارضة ، If the DPJ and its coalition partners reject the bill in the upper house, it can still be enacted by the LDP’s two-thirds majority in the lower house. وبدأ ايضاً تحالف احزاب المعارضة بالضغط باتجاه وإنهاء مهمة قوات الدفاع الذاتي الجوية العاملة في العراق التي تساهم باعمال لوجستية انطلاقاً من الكويت  .

بدأت المعارضة بالترويج الى تبني سياسة خارجية أكثر استقلالية عن الولايات المتحدة ولم يقتصر الضغط الموجه من المعارضة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الى العلاقات بين اليابان والولايات المتحدة بل الضغط  في معارضة المدى الذي ذهبت اليه العلاقات بين اليابان واستراليا بتوقيعها على ميثاق الأمن المشترك في شهر آذار/2007 واتفاقية التجارة الحرة والذي اعتبرته المعارضة موجهاً نحو الحد من النفوذ الصيني واحتوائه في منطقة المحيط الهادي في الوقت الذي تدعو المعارضة فيه الى اتباع النهج التوفيقي في العلاقات مع الصين وتقوية العلاقات الثنائية معها . وعليه فالبرغم من أن فوز المعارضة بأغلبية مقاعد مجلس المستشارين فأن ذلك لا يعني بشكل نهائي أن اليابان ستنتقل الى نظام الحزبين ولكن المعارضة ستكون مؤهلة للتأثير على بعض أوجه عملية صنع السياسة الخارجية في الفترة المقبلة والذي سيكون أقرب الى نظام الحزبين .

الفصل الثالث: السياسة الخارجية اليابانية في إطارها العملي

  المبحث الأول: طبيعة وتطور العلاقات اليابانية الدولية والاقليمية

تعد اليابان ثاني أكبر إقتصاد وطني بعد الولايات المتحدة الأمريكية ويحسب لها ما يعادل ثلثي إجمالي الناتج الآسيوي و14% من الإقتصاد العالمي(1)، ولهذا فقد تزامن تنامي القوة الاقتصادية اليابانية مع ميل عام لدى صانعي السياسة الخارجية اليابانية إلى لعب دور سياسي وعسكري نشط على الصعيد الدولي لغرض الانتقال باليابان من سياسة خارجية اتسمت بالمسالمة السلبية إلى المسالمة الإيجابية والبحث عن دور ملموس على صعيد الأمن الدولي ، بعد حصول تغيير في مفهومها حول دورها الدولي واهداف الأمن القومي ، ويعتبر رئيس الوزراء الياباني المستقيل شينزو آبي (2006-2007) خير من مثل هذا الاتجاه الذي بات يعبر عن رغبة الجيل الجديد من رجال السياسة اليابانيين الطامح الى مراجعة الدستور السلمي الذي اعتمدته اليابان عام 1947 وبناء جيش أقوى بعد أن أعلن عن طرح مشروع على البرلمان لتعديل المادة التاسعة من الدستور، بهدف مراجعة الخيارات العسكرية المتعلقة بالعدول عن الحرب، كي يسمح لليابان بالمشاركة في صورة نشطة في عمليات حفظ السلام وهذه الخطوة اعتبرت في حينها تجاوزاً لما كان يسمى بـ ( (Yoshida Doctrine (2) (عقيدة يوشيدا) .

المطلب الأول : علاقات اليابان مع محيطها الآسيوي

1- العلاقات مع الكوريتين:

أ  ـ العلاقات اليابانية مع كوريا الجنوبية.

  امتازت العلاقات اليابانية مع الجزيرة الكورية بعدم الاستقرار ، 3.3 (1) South Korea (Republic of Korea)بالرغم من أن ROK is Japan’s most important strategic partner in the region, sharing with it the three basic systems of democracy, market economy and an alliance with the United States.جمهورية كوريا الجنوبية تعتبر أهم شريك استراتيجي لليابان في المنطقة لا سيما بعد اتفاق الطرفان للعمل على التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة كخطوة أساسية من اجل تحقيق شامل للشراكة الاقتصادية لتكون بمثابة محور لنشر القيم الديمقراطية واقتصاد السوق في بلدان شرق آسيا والمحيط الهادي .

ان تعزيز الروابط بين اليابان وكوريا الجنوبية ارتكز على ثلاثة قواسم مشتركة هي النظام الديمقراطي واقتصاد السوق والتحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة. وبهذا الاطار نذكر أن العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية شيغورو يوشيدا : رئيس وزراء ياباني سابق تولى رئاسة الوزراء للفترة 1946-1947 و للفترة 1948-1954 ) ،  وعقيدة يوشيدا كانت قد أصبحت إطاراً للسياسة الخارجية اليابانية أثناء الحرب الباردة وقامت على مبدأين، سلمية ومثالية الدستور، والاعتماد أمنياً على الولايات المتحدة.

شهدت توتراً في الفترة الأخيرة بسبب خطة اليابان لاجراء مسح بحري  في المياه المتنازع عليها مع كوريا الجنوبية بالقرب من جزر دوكدو الصغيرة والتي تطلق عليها اليابان تسمية تاكيشيما (1)*، وتدعي كل من اليابان وكوريا الجنوبية السيادة عليها، علماً أن المنطقة البحرية المتنازع عليها غنية بالاسماك واحتمال وجود الغاز الطبيعي ورواسب من هيدرات الميثان .

وهناك خلاف آخر بين الدولتين يتمثل بتسمية البحر الواقع بينهما ، فاليابان من جهتها تطلق عليه بحر اليابان بينما يطلق عليه الكوريون تسمية بحر الشرق وكلا البلدين يقدمان ما يدعم ادعاءاتهما ، وقد تصاعد الخلاف مؤخراً بعد أن أشارت وزارة التعليم اليابانية لأول مرة إلى جزيرة تاكيشيما المتنازع عليها مع كوريا الجنوبية في بحر اليابان في ملحق لدليل إرشادات تعليمي حكومي للمدارس الإعدادية ، إلا أنه تم تجنب وصف الجزيرة بأنها أرض يابانية بحكم توارثها . جدير بالذكر أن كوريا الجنوبية تشير في كتبها المدرسية والحكومية إلى أن الجزيرة جزء مكمل لها ، وفي نفس السياق أصدر البرلمان الكوري الجنوبي بيانا يدعو اليابان إلى عدم تضمين وصف للجزيرة ، ومن المقرر أن تتضمن جميع الكتب المدرسية إشارة لتاكيشيما بدء من عام 2012.

أخيرا لابد من الإشارة الى أن كوريا الجنوبية تدعم موقف اليابان بشأن قضية المختطفين اليابانيين على يد كوريا الشمالية .

ب – العلاقات اليابانية مع كوريا الشمالية:

تتسم العلاقات اليابانية مع كوريا الشمالية بالتوتر المتصاعد بسبب قضايا خلافية منها البرنامج النووي لكوريا الشمالية، تجربة اطلاق الصواريخ ومسألة المختطفين اليابانيين

تعد مسألة تطوير كوريا الشمالية لبرامجها النووية والصاروخية احدى أبرز التهديدات الإقليمية التي تواجهها اليابان في المنطقة ، وهي تشكل عامل شد وجذب بين البلدين.

إن أخطر توتر تمثل في قيام كوريا الشمالية باطلاق سبعة صواريخ بتأريخ 5/7/2006 ، وسقوطها على بعد عدة مئات من الكيلومترات عن الساحل الياباني ، الامر الذي دفع اليابان للتقدم بشكوى رسمية الى مجلس الأمن ، وتصاعد التوتر أيضاً بين البلدين بعد اجراء كوريا الشمالية تجربة نووية تحت الارض يوم 9/10/2006  .

تعد مسألة المختطفين اليابانيين الذين اختطفتهم كوريا الشمالية واحتجزتهم في بلدها بداية الثمانينات من القرن الماضي من المسائل الإنسانية التي لها صدىً واسعاً لدى الرأي العام الياباني ضاغطاً على الحكومات المتعاقبة لغرض حسمها رغم عودة العديد من هؤلاء المختطفين الى بلدهم الأصلي خلال السنتين الماضيتين .

لقد أدت الزيارات المستمرة لرئيس الوزراء الياباني الأسبق جونيشيرو كويزومي الى معبد ياساكوني الذي يضم رفاة القادة العسكريين اليابانيين والمصنفين كمجرمي حرب من الدرجة الاولى الى استياء الكوريين ، إضافة الى اعتراض كوريا الشمالية على العقوبات المفروضة عليها من قبل اليابان واعتبرتها تحدياً للقانون الدولي والإنسانية .

لقد كثفت اليابان ضغوطها على كوريا الشمالية لتستجيب للمطالب الدولية (1) ، والعلاقات بين البلدين تشهد نوع من التحسن بعد نجاح المحادثات السداسية الخاصة ببرنامج كوريا الشمالية النووي وموافقة كوريا الشمالية على تفكيك برنامجها النووي.

نستنتج بأن السياسة الخارجية اليابانية نحو كوريا الشمالية تتميز بكونها تسير نحو تأجيل التطبيع There will be no normalization of relations between Japan and North Korea until North Korea itself resolves the many problems that it has caused: abductions, development of nuclear weapons and missiles, spy boats, narcotics smuggling etc. The resolution of these problems would bring peace, which would lead to greater prosperity for East Asia as a whole. لحين حل كثرة من الملفات العالقة بينهما تحتاج الى بذل جهود كبيرة ، علماً ان طبيعة السياسة الخارجية اليابانية نحو كوريا الشمالية لا تهدف الى قلب نظام الحكم في كوريا الشمالية .

2- العلاقات اليابانية مع الصين :

    تعتبر العلاقات اليابانية – الصينية من أقدم العلاقات الاقليمية ، رغم ما تخللها مـن حروب طاحنة واحتلال ياباني (4) الا أن اليابانيين يضعون العلاقة مع الصين فـي سلم أولوياتهم ، فهي من دول المنطقة الواعدة بامكاناتها الهائلة والتي يتوقع لها الكثيرون أن تبرز كمنافس قوي لليابان في قيادة منطقة شرق آسيا في عصر التكتلات الاقتصادية الدولية، من جانب أخر تعتبر الصين من شركاء اليابان الإقتصاديين الكبار وتتجه هذه العلاقات الإقتصادية والتجارية نحو التعزيز المستمر عبر توجه الشركات اليابانية للعمل في الصين حيث العمالة الرخيصة .

اولاً: العوامل الكابحة لتطور العلاقات اليابانية الصينية: 1- إن أهم المشاكل التي كانت تعتري هذه العلاقة هي الزيارة السنوية التي كان يقوم بها رئيس الوزراء الياباني السابق كويزومي الى معبد ياسوكوني ، حيث تنظر الصين لمثل تلك الزيارات الرسمية استفزازاً لها ، ويضم هذا المعبد قتلى الحرب اليابانية ضد الصين وبخاصة المتهمين منهم بارتكاب جرائم حرب ضد الصين ، وترى الصين أن اليابان لا تود التخلي عن ماضيها العسكري ولا تعترف بما ارتكبته في حق الشعوب الآسيوية وقد غذى ذلك اصرار اليابان على اعتماد كتب التأريخ التي تتجاهل الماضي الامبريالي لليابان .(1)

2- تبدي اليابان قلقاً مستمراً من تنامي القدرة العسكرية للصين ، وكذلك نزاعها مع الصين حول حقوق التنقيب عن النفط والغاز في بحر الصين الشرقي ، حيث بدأت الصين في عام‏2003‏ عمليات حفر عدة كيلومترات في منطقة تؤكد اليابان أنها حدود مياهها الإقليمية‏.

3- قلق اليابان من الصين بعد أن اختبرت بنجاح عام 2007  صاروخاً لتدمير الأقمار الصناعية، وتبدى اليابان قلقها من التجربة من وجهة النظر الأمنية كما من ناحية الاستخدام السلمي للفضاء ،  مشيرة إلى أن افتقار الصين للشفافية إزاء التطوير العسكري قد يدفع إلى الاشتباه بنواياها في المنطقة .

4- من جانبها  تشكو الصين من ارتفاع موازنة التسلح في اليابان وزيادة روابطها العسكرية مع الولايات المتحدة ، إضافة إلى ما تردده الصين حول دعم ياباني لتايوان ومسائل سباق النفوذ التقليدي في المنطقة .

5- منذ نهاية الحرب الباردة أصبحت اليابان تنظر بقلق الى تنامي القوة الاقتصادية والعسكرية الصينية في محيطها الآسيوي، وهي ترى أن تربة الخلافات الصينية – اليابانية الخصبة تاريخياً تغذي الصراع التنافسي الجغرافي – السياسي بين اليابان والصين، وتعزز السباق على بسط النفوذ على مصادر الطاقة، وتسعى الصين إلى دور ريادي في جوارها الآسيوي وهي تستمد نفوذها من قوتها الاقتصادية.

6- مع استمرار التنافس بين الصين واليابان على النفوذ، تحاول اليابان محاصرة الجاذبية المتنامية للصين تجاه أوروبا بمطالبتها الأوروبيين بالاستمرار في فرض الحظر على مبيعات الأسلحة إلى الصين، وهو الحظر المعمول به منذ أحداث تيانانمين عام 1989.

7- رغم وجود شبكة مكثفة من العلاقات الأقتصادية المتشابكة بين الجارين الآسيويين‏ إلا أن الهواجس والشكوك على الصعيدين الأمني والإستراتيجي تبقى سيدة الموقف في العلاقات الثنائية ‏,‏ وتتهم اليابان الصين بتبني نهج تكتمي بشأن ميزانية الدفاع التي تتزايد بشكل سريع,‏ وهو ما يشكل تهديدا متزايدا للأمن القومي الياباني(1) ، من جهة ثانية‏  يساور الصين الارتياب بشأن خطط الحكومة اليابانية لمراجعة الدستور السلمي للبلاد من أجل تسهيل نشر قواتها العسكرية والتعاون بشكل أوثق مع الولايات المتحدة في المسائل الأمنية والدفاعية ، ومن جهة ثالثة‏‏ ترفض بعض الدوائر السياسية اليابانية عودة تايوان إلى الصين وتؤيد استقلالها التام عنها‏ ‏.‏

8-  في إطار استراتيجية احتواء الصين عسكرياً، أبرمت اليابان تحالفاًً إستراتيجياً شاملاً مع الولايات المتحدة في 29 تشرين الأول/ 2005 تضمن تنسيقاً غير مسبوق على المستوى العملياتي ورفعاً جزئياً للحظر المفروض على تصدير تكنولوجيا السلاح الأمريكي المتقدم إلى اليابان ، وبتوقيع هذا التحالف قد بدأ النظام الدولي يعرف تحولاً استراتيجياً بالغ الأهمية يتضمن قبولاً ضمنياً من جانب دوائر القرار العليا فى الولايات المتحدة بإسقاط ترتيبات ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهو الإبقاء على اليابان دولة منزوعة السلاح ، و يعد هذا التحالف تحولاً يخرج التعاون العسكرى الأمريكي الياباني إلى نطاق واسع يتجاوز الحدود الجغرافية لليابان .

ثانياً: العوامل الدافعة لتطور العلاقات اليابانية ـ الصينية :

1- تصاعد وتيرة الاجتماعات المشتركة بين الطرفين حول حقوق التنقيب واستغلال الثروات في بحر الصين الشرقي ، وآخر لقاء حصل بين الطرفين في مؤتمر الدوحة للحوار والتعاون الآسيوي الذي انعقد للفترة 23/5/2006-24/5/2006 في دولة قطر، وتوصل الطرفان الى اتفاق لاستئناف المباحثات لحل نزاعهما حول بحر الصين الشرقي وحقوق الاستكشاف واستغلال مصادر الطاقة .

رغم الخلافات التأريخية والمشاكل الناجمة عن حقوق استغلال الثروات في بحر الصين الشرقي فالعلاقات بين البلدين تشهد تحسناً في الفترة الأخيرة ، فكلا البلدين يأملان فى تحسين الروابط لانهما يتفهمان مدى اهميتها ولكن حسب شروط كل منهما .

2- – قيام السيد شينزو آبي رئيس الوزراء الياباني الأسبق بزيارة الى الصين يوم 8/10/2006 والتقى الرئيس الصيني ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان الصيني ، وتناولت المحادثات العلاقات الثنائية وملف كوريا الشمالية النووي ويعتبر ذلك الاجتماع  تطوراً ايجابياً لاستمرار الحوار بين البلدين ، واتفق الزعيمان على التعاون من أجل إحراز نتائج ملموسة في الجولة القادمة من المحادثات السداسية بشأن كوريا الشمالية ، ومن جهته أعرب الرئيس الصيني عن تقديره لسياسة شينزو آبي بالتمسك بمبادئ اليابان الثلاثة النابذة للأسلحة النووية بعدم امتلاك أو إنتاج أو السماح لدولة أخرى بإدخال أسلحة نووية إلى أراضيها .

3- لقد سجلت علاقات البلدين انفراجاً منذ تولي السيد شينزو آبي رئاسة وزراء اليابان ، وأهم ما تميزت به سياسة شينزو آبي هي حرصه على تجنب خطوات إثارة بلدان الجوار خاصة ما يتعلق بماضي بلاده العسكري ، ومن المؤشرات الايجابية الاخرى لتحسن العلاقات بين البلدين أعلان وزارة المالية اليابانية احتلال الصين مكانة الولايات المتحدة كأكبر شريك تجاري لليابان خلال العام المالي 2006 وذلك للمرة الأولى .

4- زيارة رئيس الوزراء الصيني وين جياباو  Wen Jiabao الى اليابان للفترة 11-13/4/2007 ، وألقي خطابا تاريخيا أمام البرلمان الياباني‏(‏ الدايت‏)،‏ وأظهر البيان الختامي عزم الدولتين علي إقامة شراكة استراتيجية تحقق المصالح المشتركة بينهما‏,‏ وتعزيز التعاون الثنائي في مجالي الطاقة والحفاظ علي البيئة‏.‏ اتفقت الدولتان على عقد لقاءات دورية بين كبار قادة الجيش‏,‏ وبدء المفاوضات حول التطوير المشترك لحقول الغاز الطبيعي في بحر الصين الشرقي‏.‏ وكررت الدولتان أيضا التأكيد على رفض مطالب تايوان الخاصة بالاستقلال‏.‏ وفيما يتعلق بسعي اليابان للحصول علي مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي‏,‏ عبرت الصين عن تفهمها لرغبة اليابان في لعب دور اكبر على الساحة الدولية‏.‏ وتسعى اليابان لإقامة علاقات ثنائية اكثر دفئاً مع الصين من خلال إطار شراكة استراتيجية لإيجاد قاعدة عمل مشتركة بين البلدين اللذان يتداخل اقتصادهما بشكل كبير.

نستنتج بأن العلاقة مع الصين تعتبر من أهم مواضيع السياسة الخارجية اليابانية The relationship with China is the most important theme in Japan’s foreign policy at the outset of the 21st century. في بداية القرن الحادي والعشرين (2)For both countries, the relationship is one that interweaves “cooperation and coexistence” with “competition and friction.”، حيث تتسم العلاقة بين البلدين بالتداخل والتشابك في دبلوماسية “التعاون والتعايش” مع “المنافسة والاحتكاك،“cooperation and coexistence” with “competition and friction.” It is important that politics is not brought in too much to the economic aspects of the Japan-China relationship. ، وعليه يتوجب على اليابان عدم الخلط بين الجانبين السياسي والاقتصادي في علاقاتها مع الصين ، ففي الجانب الاقتصادي ينبغي لها استيعاب حقيقة “الحيوية” The Vitality التي باتت تتمتع بها الصين، و China’s military buildup can pose a serious threat to Japan and other countries of the region.في الجانب العسكري تسعى اليابان بذل جهود مضنية مع الجانب الصيني للإعلان عن ميزانيته العسكرية.

3- علاقات اليابان مع شرق آسيا: (1) ASEANأ-    Stability in ASEAN is extremely significant for Japanese security. الاستقرار في رابطة دول جنوب شرق آسيا ASEAN هو أمر في غاية الاهميه بالنسبة للأمن في اليابان (1)، ومع ذلك فهناك فوارق واسعة داخل منطقة الرابطة  ( تضم بروناي ، وبورما، وكمبوديا،  وإندونيسيا، ولاوس، وماليزيا، والفليبين، وسنغافورة، وتايلاند، وفيتنام)  ، وتتبع اليابان سياسة التحاور مع الدول الخمسة الأولى (ماليزيا ،الفلبين ،سنغافورة ، تايلاند وأندونيسيا ) التي شكلت الرابطة ثم تتخذ نتائج محادثاتها كمدخل لتوسيع الحوار مع بقية دول الرابطة ، وتسير سياسة اليابان الخارجية نحو تقوية وترسيخ الشراكة الاقتصادية مع رابطة دول جنوب شرق آسيا بطريقة تساعد على التكامل بين دول المنطقة سعياً للتوصل Japan should pursue the “East Asian community” initiative referred to in Prime Minister Koizumi’s Singapore speech.الى “مجتمع شرقي آسيا “East Asian community ” والذي يتطلب قيامJapan can and should make important contributions to ASEAN in education, human resources development and the promotion of democracy. اليابان بتقديم مساهمات هامة لرابطة دول جنوب شرقي آسيا في مجال التعليم ، وتنمية الموارد البشريه وتعزيز الديمقراطية.

4- العلاقات اليابانية – الروسية: يمكن وصف العلاقات بين البلدين بكونها غير مستقرة ويشوبها التوتر بسبب المشاكل القائمة بين البلدين المتمثلة بمشكلة الجزر الشمالية  وهي عبارة عن أربع جزر صغيرة تقع شمال اليابان وقد احتلتها روسيا في عام 1945  ولا زالت معلقة بين الجانبين ، وترفض اليابان الحل الروسي المتمثل باعادة جزيرتان فقط ، إن العلاقات بين البلدين شهدت توتراً جديداً بعد قيام روسيا بتعليق مشروع سخالين -2 لانتاج الغاز في18/9/2006 وهو أكبر مشروع استثماري مشترك لشركات يابانية في روسيا ، علماً أن اليابان وروسيا وقعتا عدد من الاتفاقيات حول تعزيز العلاقات الاقتصادية بينهما ، ومن بين 15 اتفاقية وقع الطرفان خمسة اتفاقيات حول تعزيز العلاقات الاقتصادية ، ومن ضمنها ثلاث مذكرات تفاهم حول اعادة تنظيم لجنة على المستوى الحكومي لتعزيز التجارة بين اليابان واقصى شرق روسيا وحول سياسة تبادل المعلومات للمساعدة فى تنمية المشروعات صغيرة ومتوسطة الحجم وحول تعزيز مكافحة تجارة المخدرات والسلاح ، كما وقعت الدولتان وثيقة حول التعاون فيما يتعلق بمراقبة واصدار تحذيرات للزلازل واندلاع البراكين بالقرب من اليابان وروسيا بما فى ذلك الجزر الاربعة المتنازع عليها ، وقد وافقت اليابان وروسيا على دفع التعاون فى قطاع المعلومات والاتصالات ، ووقعت عشرة اتفاقيات اخرى على مستوى خاص من ضمنها اتفاقية بين شركة NTT اليابانية للاتصالات وشركة ترانستيليكوم الروسية لاقامة شبكة من كيبل الياف بصرية بين هوكايدو وسخالين يمتد بطول 500 كيلومتر ، في الجانب النووي توصل الطرفان الى اتفاق تعاون نووي في اطار تعزيز العلاقات بين البلدين في مجال الطاقة ، تقوم روسيا بموجب الاتفاق بتخصيب اليورانيوم الياباني، وبذلك تكون روسيا مصدراً ثابتاً للطاقة في اليابان .

 إن اليابان تبدي حرصاً على تلقي الغاز الطبيعي القادم من مشروع ساخالين 2 في الموعد المحدد بعد ان سيطرت مجموعة غازبروم العملاقة الروسية على المشروع . عند مناقشة مشكلة التوقيع على اتفاقية السلام بين البلدين توصل الجانبين الى استئناف عمل المجموعة المشتركة الخاصة بمسائل السياسات العسكرية والاستقرار الاستراتيجي وكما هو معروف أن البلدين لم يوقعا معاهدة سلام بينهما منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بالرغم من توقيعهما على اعلان مشترك عام 1956 حول انتهاء حالة الحرب بينهما ، وأبدى الجانب الياباني بعدم وجود نوايا وخطط باستخدام مشاركة اليابان في إقامة منظومة الدفاع المضاد للصواريخ مع الولايات المتحدة بالضد من مصالح روسيا .

لقد تمخض  لقاء قمة بين البلدين في روسيا للفترة (25-27/4/2008) عن : ـ

1-       مواصلة الحوار فيما يخص السيادة على الجزر الأربع .

2-       دعوة اليابان الى التعاون الثنائي مع موسكو عبر المشاركة ببرنامج التنمية الاقتصادية الاجتماعية في الشرق الأقصى وما وراء بحيرة بايكال حتى عام 2013 ، وترى موسكو أن مشاركة اليابان في هذا المشروع يساعد على تسريع تكامل روسيا في النظام الإقليمي لتوزيع العمل، الذي أخذ ينشأ في شرق آسيا .

3-        تبدأ روسيا في بداية عام 2009 بتجهيز اليابان بالغاز الطبيعي بمقدار 8 ملايين طن سنويا في إطار مشروع سخالين/ 2، والذي يشكل حوالي 8.5% من مجمل حجم الغاز الطبيعي الذي تستورده اليابان.

4-       الاتفاق على التعاون في مجال إنشاء خطوط سكك حديد فائقة السرعة ، وكما هو معروف أن اليابان من أكثر الدول تطوراً في مجال إنشاء خطوط السكك الحديدية والقطارات السريعة.

ان أهداف الدبلوماسية اليابانية من تنمية علاقتها مع روسيا الاتحادية يمكن تلخيصها بالمقاصد التالية  : 

أ- تأمل اليابان من تطوير علاقتها مع روسيا بناء علاقات قائمة على الثقة تقود الى إبرام معاهدة سلام مع روسيا بعد تسوية النزاع على الجزر الأربع.

ب- تسعى اليابان الى تعاون روسيا في حل ملف المختطفين اليابانيين على يد كوريا الشمالية وكذلك المشاركة في حل الملف النووي الكوري .

ج7.التعتبر العلاقات بين اليابان وروسيا نقطة تحول هامة نظراً لأن روسيا تخضع لتغييرات سياسية واسعة،Japan should engage in a fundamental review of its Cold War policy towards Russia, and indeed it cannot leave relations with Russia unchanged. الامر الذي يدفع صانعي السياسة الخارجية اليابانية إعادة  تقييم سياستها الخارجية مع روسيا ، خاصة أن روسيا تسعى الى إقامة روابط أوثق مع اليابانRussia is now an open society in which public opinion has a strong role to play. وهي الآن تمثل مجتمع مفتوح والرأي العام يضطلع بدور قوي.Japan should make bold moves to strengthen the communication pipeline, initiate Track II dialogue, and discuss territorial issues with Russia from a wide range of perspectives.

5-  العلاقات بين اليابان والهند:

تعود العلاقات بين اليابان والهند إلى أوائل القرن السادس الميلادي حينما وصلت البوذية إلى اليابان عبر جنوب شرق آسيا، وفي العصر الحديث كانت الهند إحدى أوائل الدول التي وقعت معها اليابان معاهدة سلام وذلك في أعقاب تأسيس العلاقات الدبلوماسية الكاملة في عام 1952، كما أن الهند ساهمت في الأربعينيات والخمسينيات في عملية إعادة تعمير ما دمرته الحرب في اليابان من خلال تزويد الأخيرة بحاجتها من خام الحديد. غير أن العلاقات شابها بعض الفتور أثناء سنوات الحرب الباردة بسبب دخول البلدين في تحالفات مضادة وتبنيهما لسياسات خارجية واقتصادية معاكسة ، تعود أسباب اهتمام اليابان بالهند بسبب الاستقرار السياسي والعمالة الرخيصة المدربة والفرص الاستثمارية الكبيرة ذات العوائد الكبيرة، أضافة الى عدم وجود ملفات شائكة بين البلدين أو رواسب تاريخية بينهما، إضافة إلى إن البلدين هما من أكبر ديمقراطيتين خارج المنظومة الغربية، ومتناغمتان في سياساتهما الخارجية، ومتطلعتان الى لعب دور اكبر على الساحة الدولية ، ويشتركان في قلقهما جراء الطموح العسكري الصيني في المحيطين الهندي والهادي، وسعيهما التعاون المشترك من أجل توفير الطاقة واستقرار أسواقها وتأمين خطوط إمداداتها انطلاقاً من حقيقة أن اليابان والهند هما ثالث وسادس أكبر الأقطار المستهلكة للطاقة في العالم على التوالي .

 شهدت العلاقات تطوراً ملحوظاً مع المتغيرات التي شهدها العالم في التسعينيات، والتي دفعت الهند إلى تغيير تحالفاتها الاستراتيجية وتحرير اقتصادها، فيما منحت اليابان فرصة لعب دور أكبر استقلالية على الساحة الدولية،

فبعد هذه المتغيرات ونجاح الهند السريع في البروز كقوة اقتصادية ومنطقة جذب استثمارية، شهدت العلاقات نمواً متسارعاً، وازداد اهتمام القطاع الخاص الياباني بالاستثمار في الهند، ليتوج كل هذا بالإعلان الياباني- الهندي الذي صدر في أعقاب زيارة رئيس الحكومة الهندية السابق أتال بيهاري فاجبايي لليابان في عام 2001، وتضمن اتفاق البلدين على الدخول في شراكة استراتيجية شاملة. وكان من نتائج كل هذه التطورات ارتفاع حجم الاستثمارات اليابانية المباشرة في الهند.(1)

أهم ما يمكن استنتاجه من تلك التفاعلات الاقتصادية بين الدولتين هو أن هناك تحولاً استراتيجياً مهماً في موازين القوى العالمية، وأن قواعد اللعبة الاقتصادية لم تعد حصراً بين اللاعبين التقليديين، بل انضم إليهم لاعبون جدد في مقدمتهم الهند والذي يبشر بظهور قوة اقتصادية عالمية جديدة ، وفي ظل التحول الملحوظ الذي بدأ يطرأ على مركز القوة العالمية وانتقاله من الغرب إلى الشرق حيث تقف الصين كإحدى أبرز المرشحين لتتبوأ مركز الصدارة، شرعت اليابان والولايات المتحدة في التحرك وبدأت تبرز أهمية العلاقات الهندية الأمريكية واليابانية الهندية.

في المجال السياسي فأن موضوع إصلاح الأمم المتحدة يعتبر أحد الملفات التي حققت التقارب بين الهند واليابان ، إلا أن تلك العلاقات بينهما ضعفت بسبب إجراء الهند تجاربها النووية عام 1998، في هذا الصدد تواجه اليابان مشكلة تتمثل في الاتفاقية النووية التي تمّت بين الولايات المتحدة والهند في 20/7/2007، خصوصاً وانّ بنود الاتفاقية لا تشتمل على إجراءات مضادّة في حال أقدمت الهند على اختبار أسلحتها النووية ، ويبدو أن اليابان تجد نفسها مرغمة على الإذعان للاتفاقية الأميركية ـ الهندية  ، وبهذا الصدد ألمحت اليابان الى استعدادها للموافقة على الاتفاقية النووية، وفي نفس الإطار من جهتها تبدو الولايات المتحدة متحمّسة جداً لأن تحظى بالموافقة اليابانية على الاتفاقية، لكن وبغض النظر عن هذه الضغوطات، فإن اليابان بل ومعظم دول العالم تتعاطى مع هذه الاتفاقية بشيء من الشك والترقب.

– ارتفعت حجم الاستثمارات اليابانية من نحو مليار دولار في عام 2001 إلى ملياري دولار في عام 2005، وزادت واردات اليابان من الهند من 1.5 مليار دولار إلى 2.5 مليار دولار في الفترة ذاتها مقابل ارتفاع واردات الهند من اليابان من 2.2 مليار دولار إلى نحو 4 مليارات دولار ، ووقع البلدان عام 2007 على صفقة بقيمة 50 مليار دولار لإقامة حزام صناعي، يربط ما بين عاصمة الهند السياسية (نيودلهي) وعاصمتها الاقتصادية (مومباي) بطول 1500 كيلومتر، وذلك على غرار الحزام الصناعي الرابط ما بين طوكيو و أوساكا والذي يعمل منذ انتهاء العمل فيه في الستينيات بنجاح ويساهم بأكثر من ثلث الناتج المحلي الكلي لليابان.

لكون الهند تنمو كقوة اقتصادية مهمّة في المنطقة(1)، فمن الطبيعي أن تسعى اليابان على تعزيز روابطها معها (2).

  مما تم تناوله يمكن الاستنتاج : أولاً: ان التعاون بين البلدين في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية سيعود بالفائدة على كليهما ،ان احد التحديات الرئيسية التي تواجهها الهند هو الحفاظ على نموها الاقتصادي المضطرد من خلال تأمين موارد الطاقة اللازمة وخاصة لتوليد الكهرباء ، وللحاجة الى تقليل الاحتباس الحراري فأن الهند تبدو بحاجة الى الاعتماد اكثر فاكثر على الطاقة النووية مستقبلا، وهنا فان التقنيات والخبرات اليابانية في توليد وضمان الطاقة النووية الامنة هي من بين افضل ما متوفر عالميا ، لذا تبدو اليابان في موقع مميز واستثنائي للتعاون مع الهند في هذا المجال، وبالنسبة لليابان فأن مثل هذا التعاون سيكون مفيدا لها لعدد من الاسباب اهمها : 1- حاجتها الى الهند للتعامل مع مشكلة نقص الموارد التى تعاني منها. 2- تنامي تهديدات الاحتباس الحراري. 3- مساهمة الشركات اليابانية المعنية بالطاقة النووية.

ثانياً: ان اليابان واحدة من القوى الكبرى التي تعتمد مصالحها الحيوية على استقرار النظام العالمي، واليابان إذ تعمل بجد على تأمين مصالحها القومية المتمثلة في استمراريتها واستقرارها وازدهارها، لذلك فعليها أن تقوي روابطها مع الدول الصديقة التي تشترك  معها في وجهات النظر والمصالح المشتركة، وهي بالتحديد الولايات المتحدة وأستراليا والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) بالإضافة الى الهند ، والعمل مع هؤلاء لتوسيع ما أطلق عليه وزير الخارجيه الاسبق تارو أسو “قوس الحرية والازدهار” (Arc of Freedom and Prosperity) . (3)

ثالثاً: (2) Canada and Australiaب-     تأتي أهمية منطقة جنوب آسيا من وجهة النظر الامنية بوصفها إحدى مناطق العالم التي تعاني من نزاع نووي ،There is potential for economic complementation between India and Japan in areas like IT. وتمتاز هذه المنطقة بوجود امكانية للتكامل الاقتصادى بين الهند واليابان في مجالات مثل تكنولوجيا المعلومات IT ، ويمكن أن يشكل النجاح الاقتصادي في الهند كتجربة تستفيد منها اليابان في دعم حيوية أقتصادها المتين ، وتنطلق السياسة الخارجية نحو المنطقة للمساهمة بشكل فعال لحسم النزاع في كشمير بين الهند وباكستان ، لكون اليابان تؤمن بأن استمرار النزاع وإنهيار باكستان If Pakistan collapses, it could lead to proliferation of nuclear and missile technologies, and also increased terrorism.يمكن ان يؤدي ذلك الى انتشار الاسلحة النووية وتكنولوجيا الصواريخ وبالتالي تصاعد موجة الارهاب الدولي.

2- في كتابــه ( نحو أمّة جميلة) الذي أصدره رئيس الوزراء الياباني الأسبق شينزو آبي ذكر فيه ”ليس من المستغرب أن تكتسح العلاقات اليابانية مع الهنــد خلال السنوات العشر المقبلة علاقات اليابان مع الولايات المتحدة أو حتى مع الصين”. ولكن ولكونها تُعتبَر من أبرز المدافعين عن منع انتشار الســــلاح النووي، وبالتــالي فـــإذا ما وافقت في اجتماع مجموعة مورّدي المواد النووية  (NSE) الذي يضم 45 دولة على الاتفاقية، فإنّ الدول الأعضاء الأخرى ستحذو حذوهــا بسهولــة. لذا يرى بعض المحللون أنــه في حال دخلت الهند إلى سوق الطاقة النووية السلمية العالمي، وبقيت في الوقت نفسه خارج اتفاقية عدم انتشار السلاح النووي (NPT)، فهذا من شأنه أن يخفف الدافع لدى الدول الموقعة على الاتفاقية للبقاء خارج اللعبة النووية، وهنا على اليابان أن تتدخل بطاقاتها الاقتصادية لتجبر الهند على الموافقة على اتفاقية عدم انتشار السلاح النووي والتوقيع عليها

المطلب الثاني: أولاً: علاقات اليابان مع الدول الغربية:

  • علاقات اليابان مع الولايات المتحدة الأمريكية :  

 ترتبط اليابان بعلاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية تتجسد في المعاهدات والاتفاقيات الأمنية

المنبثقة عنها الموقعة بين البلدين ، فقد وقعت اليابان مع الحلفاء بقيادة الولايات المتحدة أول معاهدة في الثامن من شهر أيلول عام 1951 (معاهدة سان فرانسيسكو) (1) والتي أنهت الاحتلال العسكري على جميع اليابان باستثناء أيوجيما ( بقيت تحت الاحتلال حتى عام 1968) وأوكيناوا (بقيت تحت الاحتلال حتى عام 1972) ، وبموجب المعاهدة تم إعادة السيادة لليابان ، ولكنها قضت بتواجد فرق وقواعد عسكرية أمريكية على امتداد الإقليم الياباني ، جدير بالذكر أن الولايات المتحدة تعهدت بموجب معاهدة سان فرانسيسكو في الدفاع عن اليابان ضد أي عدوان خارجي يقع عليها ، والمعاهدة احدى نتائج الحرب العالمية الثانية التي أسفرت عن هزيمة اليابان واحتلالها من قبل الولايات المتحدة حيث فُرض على اليابان حينذاك التخلي عن جميع مظاهر التسلح العسكري الهجومي وصياغة دستور سلمي للبلاد مناهض لعودة الروح العسكرية ،  وبسبب الدور المهم الذي لعبته اليابان كموقع متقدم في الحرب الكورية وقعت الولايات المتحدة الامريكية واليابان معاهدة جديدة شكلت تحالفاً استراتيجياً يرسم العلاقات بين البلدين وعرفت بمعاهدة التعاون المشترك والأمنTreaty of Mutual Cooperation & Security) ) (2) ، وتم التوقيع عليها في 19 كانون الثاني من عام 1960 ، وبموجب البند السادس من هذه المعاهدة الاستراتيجية تم التوصل الى أتفاقية أمنية بين الطرفين سميت باتفاقية وضع القوات الامريكية(3) ( SOFA ) – Status Of  Force Agreement .

 ان معاهدة التعاون سمحت  للولايات المتحدة الاحتفاظ بقواعد عسكرية في اليابان بتعداد 50 ألف جندي أمريكي إلا أن اعتراض اليابانيين تصاعد على تواجد القواعد العسكرية الامريكية في اليابان لما تسببه من ضوضاء وتلوث ومشاكل اجتماعية ، وبهذا السياق يعقد الطرفان مباحثات مستمرة حول إعادة انتشار القوات الامريكية في اليابان ، ومناقشة القضايا المشتركة التي تهم كل من الولايات المتحدة واليابان والتي تشمل كوريا الشمالية ، الحرب ضد الارهاب ، إعادة اعمار العراق ، ملف افغانستان ، برنامج ايران النووي ، والاصلاحات المقترح إدخالها الى مجلس الأمن ، بالاضافة الى تطوير مشروع  نظام الدفاع الصاروخي المشترك. تتفق السياسة اليابانية بشكل عام مع السياسة الأمريكية الا أنها تراعي في الوقت ذاته علاقاتها ومصالحها مع دول العالم الأخرى لذا تحاول اتخاذ مواقف متوازنة في تعاملها مع القضايا الدولية المختلفة ، أما من الناحية الإقتصادية فيرتبط البلدان بشراكة اقتصادية مهمة كونهما الأقوى اقتصاديا بين دول العالم كما يتمتعان بعلاقات واسعة في مختلف المجالات الأخرى.

   أن العلاقات اليابانيةالامريكية علاقات أمنية استراتيجية، تنطلق من : ـ

     أ- وجود القوات الأمريكية في اليابان منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم طبقا لاتفاق الدولتين.

 ب-  شكل وجود هذه القوات عنصرا مهما خلال الحرب الباردة، ليس في سياق التوازن في شرق آسيا مع الاتحاد السوفيتي السابق وحسب، بل وأيضا مع القوة العسكرية لكل من الصين وكوريا الشمالية، فضلا ًعن أن هذا الوجود مثل ولا يزال صمام أمان لليابان من الناحية الأمنية في مواجهة أخطار تهدد أمنها، سواء من جهة الصين وكوريا الشمالية ، ويعتبر اليابانيون أن الحماية الأمنية الأمريكية تمثل ضماناً أساسياً لليابان، وبهذا يمكن تفسير حرص الجانب الياباني على التنسيق والتشاور الدائم مع الولايات المتحدة بشأن المواقف اليابانية تجاه القضايا الدولية والإقليمية، مع مراعاة ما يخص المصالح الوطنية اليابانية واحتياجات الأمن القومي الياباني.(1)

ج- أبرم البلدان تحالف استراتيجي شامل في 29 تشرين الأول/ 2005 والذي اعتبر كنقطة تحول في العلاقات الثنائية على الصعيد العسكري وما يعنيه من تقليل الفجوة العسكرية بين الدولتين من خلال الرفع الجزئي للحظر المفروض على نقل التكنولوجيا العسكرية الأمريكية المتطورة إلى اليابان ، ويهدف هذا الرفع الجزئى للحظر إلى تمكين اليابان من التزود بالتدريج بعدد من صواريخ باتريوت حتى عام 2010 ، وجاءت هذه الخطوة فى إطار تطوير قدرات اليابان الدفاعية فى مواجهة الصواريخ الباليستية لكوريا الشمالية ، وبذلك فقد حصلت اليابان على منظومة الدفاع الصاروخي  Ballistic missile defense (BMD) منذ عام 2006 التي شكلت الخطوة الأولى فى تدشين التكنولوجيا العسكرية المتطورة فى اليابان.

إن أهم اسباب التحالف الاستراتيجى الشامل بين الولايات المتحدة واليابان والذي تبلور نتيجة التغييرات الهائلة في البيئة الاستراتيجية الآسيوية والعالمية هي :

أ- الحرب ضد الإرهاب بعد أحداث الحادي عشر من أيلول /2001 وما نتج عنها من إرسال القوات اليابانية للدفاع الذاتي فى مهام خارج البلاد في إطار التحالف الدولى لإسقاط نظام طالبان فى أفغانستان ومهمة أخرى فى عام 2003 فى جنوب العراق.

ب- محاولة احتواء الصين عسكرياً ، باعتبار أن تعاظم قوة الصين العسكرية هو ما تخشاه اليابان والولايات المتحدة ولذلك فالتنسيق العملياتى بين الولايات المتحدة واليابان يهدف إلى تمكين اليابان من الدفاع عن بعض جُزرها فى المحيط الهادي.

 وفي هذا الإطار تعتبر جزيرة أوكيناوا (1) هي نقطة الارتكاز الأمريكى الأكثف فى المحيط الهادي ، وهي جزء من الإقليم السياسي لليابان وحجر الزاوية فى التأمين الاستراتيجي الأمريكي لمنطقة المحيط الهادي0

لقد جاء الاتفاق على التحالف الاستراتيجي الشامل بين الولايات المتحدة واليابان بعد العديد من اللقاءات بين وزراء دفاع وخارجية كل من البلدين، وبموجب هذا التحالف الاستراتيجى الشامل يتم تخفيف الكثافة العسكرية الأمريكية فى جزيرة أوكيناوا اليابانية ، وتتعهد اليابان بتغطية 75% من نفقات إقامة القوات الأمريكية على أراضيها والبالغة أربعة مليارات دولار سنوياً ويعتبر هذا الاتفاق الاستراتيجى هو الثالث بين الولايات المتحدة واليابان منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

نستنتج من ذلك أن  1.11The United States is the most important country for Japan.الولايات المتحدة هي البلد الاكثر اهمية بالنسبة لليابان، ولكنها تجنبت حتى الان تحديد نوعية علاقاتها مع الولايات المتحدة أو إعادة تعريفها بشكل واضح بما فيها العلاقة الأمنية بين البلدين وهو أمر أساسي في العلاقة، وبهذا المنحى يتوجب على Japan must undertake a comprehensive reexamination of its relationship with the United States focusing on security.يجب اليابان ان تجري استعراضاً شاملاً لعلاقتها مع الولايات المتحدة خاصة ما يتعلق بالجوانب الأمنية بإعتبار أن أعادة النظر في العملية سيؤدي الى مزيد من تعزيز الثقة في العلاقات بينهما وذلك بسبب ان الأولويات السياسية والأمنية بين البلدين تتغير بتغير الظروف والمصالح . ( انظر ملحق رقم 2 المعاهدة الاستراتيجية للتعاون بين اليابان والولايات المتحدة الأمريكية والاتفاقية الأمنية ( SOFA )المنبثقة عنها)

2- العلاقة بين اليابان والاتحاد الأوروبي : تعتبر اليابان أحد الشركاء الرئيسيين للإتحاد وثالث أكبر أسواقه الخارجية،  وقد تم دعم العلاقات بين اليابان والاتحاد الاوربي من خلال إستراتيجية الإتحاد الأوروبي التي أعلنت في العام 1995 ، والتي تم تمديدها من خلال خطة العمل التي تم أقرارها في قمة طوكيو في شهر تموز/ 2000 ، والذي أطلق عليها عقداً من التعاون بين اليابان وأوروبا بداية منذ عام 2001 ، ان الخطة التي جرى اقرارها في قمة طوكيو تشمل أربع مجالات رئيسية :

أولاً ـ  نشر السلام والأمن، وتقوية الشراكة الإقتصادية والتجارية.

1- تقع على مسافة 1500 كم جنوب العاصمة اليابانية طوكيو تحيطها من أحد الجوانب مياه المحيط الهادي ومن جانب آخر مياه بحر الصين الشرقى، يتواجد عليها 37 فرقة عسكرية أمريكية بكامل عتادها وأسلحتها ومنشآتها مما يخلق مشاكل كثيرة يومية لسكان الجزيرة تتمثل فى ضوضاء مستمرة ووقوع العديد من الحوادث أثناء التدريبات.

ثانياً ـ  تحمل عبء تحديات عالمية وإجتماعية وحضارية بالإضافة للمقاربة بين الثقافات والشعوب.

ثالثاً ـ التحليلات المشتركة والمنتظمة فيما يتعلق بالسياسة والأمن في كوريا الشمالية، والدور الصيني المتنامي في آسيا.

رابعاً ـ وضع اللبنات الأساسية للأمن والترقية والمساعدة في التطوير.

 مع تصاعد المد القومي في اليابان بعد سيطرة تيار المحافظين جرى بحث مستقبل العــلاقــات اليابانية – الأوروبية، والتعاون مع الحلف الأطلسي، في مسعى الى ترجمة قـوة اليابان الاقتصادية في الساحة الدولية على المستويين الأمني والسياسـي ليتـنـاسب مع حـجم اليابان كقوة عظمى في القرن الجديد، بعيداً من القواعد والاتفاقات التي تربطها مع واشنطن .

لقد تيقن صانعوا السياسة في اليابان بضرورة عدم رهن كل تحالفاتهم بالولايات المتحدة بل توسيع الآفاق، والبحث عن تفاهمات استراتيجية جديدة للعمل على إيجاد توازن في العلاقات السياسية الخارجية اليابانية التي ظلت مرتهنة للاتفاقات التاريخية مع الولايات المتحدة ، ونظراً لما للاتحاد الأوربي من ثقل سياسي واقتصادي ولقربه من منابع النفط في الشرق الأوسط يمكن أن يلبي الطموح الياباني الذي يتجاوز حدود الاقتصاد بكثير ، حيث اقتنعت اليابان بأن وزن أوروبا السياسي له تأثير قوي في إدارة وحل قضية الشرق الأوسط وكعامل لكبح صعود قوة روسيا ، وعدم ارتياح اليابان من تطور مستوى العلاقات الصينية الأوربية ، إضافة الى قلقها من الطموحات النووية الإيرانية ، كل ذلك جعل صانعوا القرار في اليابان التوجه نحو أوربا للبحث عن شراكة استراتيجية معها وحث الاتحاد الاوربي على مزيد من الالتزام بالشؤون الآسيوية .(1)

8.ال نستنتج بأنه نظراً لكون الاتحاد الاوروبى يعتبر واحد من أقوى التكتلات الاقتصادية في العالم فقد بادر صانعوا السياسة الخارجية اليابانية في التعامل مع وضع الاتحاد الاوروبي بشكل فعال نظراً لأهمية الاتحاد في سياق تاريخ العالم المعاصر بسبب الآثار المترتبة بالنسبة للتوازن في المجتمع الدولي، لا سيما أن السياسة الخارجية اليابانية تتطلب شركاء اقوياء لعدد من الحالات في النظام العالمي الجديد ، والاتحاد الاوروبي يمكن ان يكون من أكثر شركاء اليابان قوة في العديد من الحالات، والذي يعني أن على اليابان دراسة افضل السبل للتعاون مع الاتحاد الاوروبي ووضع استراتيجية للتعامل مع  الاتحاد الاوروبي على المدى الطويل.

ثانياً: العلاقات اليابانية الاسترالية: وقعت اليابان واستراليا اتفاقية تعاون أمني وعسكري مشترك في طوكيو يوم 13/3/2007 (1) فى مجال الدفاع  والتدريب ومكافحة الارهاب الدولي ، وتنص الاتفاقية على تولى القوات اليابانية مهمة تدريب نظيرتها الاسترالية على عمليات الاغاثة وحفظ السلام اضافة الى التعاون والتنسيق بين الجانبين فى مجال مكافحة الارهاب وتبادل المعلومات، وتمت مناقشة اتفاقية التجارة الحرة بين اليابان واستراليا في العاصمة الاسترالية كانبيرا للفترة 23-24 نيسان/2007 ، وكان الجانبان قد اتفقا على إقامة ما يسمى باللجنة الوزارية الأمنية اثنين زائد اثنين والتأكيد على أهمية توقيع الإعلان الأمني المشترك بينهما الذي يشكل إطار عمل جديد . إثر قيام السيد جون هاوارد رئيس وزراء استراليا الاسبق بزيارة رسمية لليابان للفترة 11-14/3/2007 ، حيث أجرى محادثات مع رئيس الوزراء الياباني الأسبق شينزو آبي ووزير الخارجية  الأسبق تارو آسو ووزير الدفاع الأسبق فوميو كيوما تناولت العلاقات الثنائية والشؤون الدولية ذات الاهتمام المشترك ، وأهم ما نجم عن الزيارة هو التوقيع على اتفاقية تعاون أمني وعسكري مشترك فى مجال الدفاع والتدريب ومكافحة الارهاب الدولي ، وذكرت في حينها وسائل الاعلام اليابانية ان الاتفاقية ستعزز من مستوى التعاون بين البلدين ووقعها رئيسا الوزراء الياباني شينزو آبى والاسترالي جون هاوارد عقب اجتماعهما يوم 13/3/2007 ، وتنص الاتفاقية على تولى القوات اليابانية مهمة تدريب نظيرتها الاسترالية على عمليات الاغاثة وحفظ السلام اضافة الى التعاون والتنسيق بين الجانبين فى مجال مكافحة الارهاب وتبادل المعلومات، وتمت مناقشة اتفاقية التجارة الحرة بين اليابان واستراليا في العاصمة الاسترالية كانبيرا للفترة 23-24 نيسان/2007 ، وكان الجانبان قد اتفقا على إقامة ما يسمى باللجنة الوزارية الأمنية اثنين زائد اثنين والتأكيد على أهمية توقيع الإعلان الأمني المشترك بينهما الذي يشكل إطار عمل جديد ، يذكر أن العلاقات الأمنية الثنائية توطدت بين البلدين منذ قيام القوات العسكرية الأسترالية بالتعاون في مهمة الإغاثة الإنسانية التي قامت بها قوات الدفاع الذاتي اليابانية في جنوب العراق .وفي نفس الإطار تعتبر اليابان إن الاتفاق الأمني المشترك مع أستراليا ثاني أهم اتفاق من نوعه بعد اتفاقيتها مع الولايات المتحدة ، وذلك بسبب مخاوفها من الصين وكوريا الشمالية ، وتتزامن الاتفاقية مع اعلان الصين مؤخراً أنها سوف تزيد إنفاقها العسكري ليصل إلى ثلاثمائة وخمسين مليار يوان أو ما يعادل حوالي خمسة وأربعين مليار دولار أمريكي عام 2007 بزيادة 17.8% عن عام 2006 وهذه الزيادة مستمرة للعام التاسع عشر على التوالي ، إلا أن المراقبين يشككون في أن إنفاق الصين الحقيقي أكبر بمرتين أو بثلاث مرات عن الرقم الرسمي المعلن مما قد يجعله أعلى إنفاق عسكري في آسيا ، وعبرت اليابان عن قلقها من خلال ما صرح به الى وسائل الاعلام الأمين العام الأسبق لمجلس الوزراء الياباني ياسوهيسا شيوزاكي بأن الصين يجب عليها أن تجعل سياساتها الدفاعية أكثر شفافية مضيفاً إنه من المحتمل وجود شيء من الغموض حول سياسات الصين الدفاعية ومن بين ذلك نفقاتها الدفاعية ، وفيما يتعلق بتجربة الصاروخ المضاد للأقمار الصناعية التي أجرتها الصين في شهر كانون الثاني/ 2007، قال شيوزاكي “إن الشفافية تعتبر قضية أيضاً فيما يتعلق بتجربة تدمير القمر الصناعي لأن ذلك يمثل مطلبا ابتدائياً من أجل إيجاد الثقة المتبادلة بين البلدين”.

ثالثاً: علاقات اليابان مع دول أمريكا اللاتينية: 

 تتعامل اليابان مع دول امريكا اللاتينية والكاريبى باعتبارهم شركاء في المنافع المتبادلة ، وتعتزم اليابان تكثيف علاقاتها مع بلدان المنطقة مع الاستفادة من الثقة المتبادله وتبادل الزيارات والتجارة والاستثمار والمساعدة التي تقدمها اليابان الى المنطقة من خلال وسائل المساعدات الانمائية الرسمية (Official Development Assistance) .

تعتمد السياسة الخارجية اليابانية نحو دول امريكا اللاتينية ودول الكاريبي على ثلاث ركائز أساسية :

أولاً:  تعزيز العلاقات الاقتصادية بين اليابان وامريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.

ثانياً:  مساهمة اليابان في استقرار مساعي التنمية فيها. ثالثاً: التعاون مع دول المنطقة فى الساحة الدولية . لليابان علاقات جيدة مع أغلب دول أمريكا اللاتينية ، وتسعى من خلالها الحصول على تأييدها في المطالبة بمقعد دائم في مجلس الأمن الدولي. لا توجد موروثات سلبية لليابان فى امريكا اللاتينية  ويمكن لها استخدام إمكانياتها والاستفادة من القدرات المتوفرة في أمريكا اللاتينية دون قيود. لقد تراجع النفوذ والتواجد الياباني في امريكا اللاتينية بشكل مطرد منذ التسعينات،Japan should expand economic cooperation for Latin America, with a view to possibly signing FTAs with MERCOSUR and other Latin American countries. ويعمل صانعي السياسة الخارجية في اليابان على توسيع نطاق التعاون الاقتصادي مع دول أمريكا اللاتينية.

رابعاً: العلاقات اليابانية مع القارة الأفريقية:

قامت اليابان وهي ثاني أكبر دولة مانحة في العالم بعد الولايات المتحدة بزيادة مساعداتها المالية لأفريقيا بمعدل ثلاثة أضعاف منذ عام 2006. حيث ترى اليابان أن الاستقرار في أفريقيا يلقي بثقله على السلام الدولي ،  وتدعم اليابان بعثة الاتحاد الافريقى فى دارفور والانشطة المرتبطة بها وجهود الاتحاد الافريقي لتعزيز بناء القدرة للدول الافريقية لمكافحة الارهاب استنادا الى خبراتها فى آسيا ، وتدرس اليابان تمويل.

خمسة مشروعات كبرى للبنية التحتية فى إطار مجموعة البنية التحتية من أجل افريقيا، وتشمل محور مالي ، السنغال الجنوبي، وبرامج اعادة تأهيل موانئ انغولا وكينيا وكذلك تحسين ميناء تاكورادي وشبكات الطرق المجاورة له فى غانا ،  والتركيز فى الوقت الحالي على مشروعات زراعية فى غينيا وأوغندا ، وحول تنمية الموارد البشرية تم تحديد معالم أربعة مشاريع للتعاون الفني فى كينيا وغانا والسنغال واوغندا كمشاريع مختارة للتعاون المستقبلي ، وتم ادخال المكون الاخير من اجراءات اليابان من اجل السلام والتنمية فى شكل خطة عمل لمكافحة الامراض المعدية فى افريقيا ،  وتسعى خطة العمل الى ترجمة “مبادرة الصحة والتنمية”، التى اطلقتها اليابان فى عام 2005 وتستغرق خمس سنوات وتبلغ تكلفتها خمسة مليارات دولار الى اجراءات ملموسة فى مجال الامراض المعدية فى افريقيا ، وتركز الخطة على اتخاذ اجراءات لمكافحة مرض نقص المناعة/الايدز والملاريا والسل الرئوي وشلل الاطفال والامراض الطفيلية والامراض المعدية الناشئة بما فى ذلك انفلونزا الطيور وكذلك تنمية الموارد البشرية وتعزيز التبادلات بين المنظمات المعنية ، وفي هذا السياق أعلنت اليابان عن جائزة دولية لشؤون البحوث الطبية والرعاية في أفريقيا تساوي في قيمتها جائزة نوبل السويدية ، وستحمل الجائزة اسم شيديو نوغوتشي وهو عالم ياباني توفي لاصابته بالملاريا في غانا عام 1928 حينما كان يجري أبحاثا على الحمى الصفراء.

 يتضمن المقترح الياباني حول التنمية الاقتصادية في أفريقيا معونات مالية بقيمة عشرة مليارات دولار تقدم للدول النامية لمساعدتها على خفض انبعاثاتها من غازات الاحتباس الحراري، وعلى ضرورة تسريع عجلة التنمية الاقتصادية في أفريقيا من خلال بناء البنية التحتية وتحسين وسائل المواصلات ((1، في نفس الاطار اتفقت اليابان والغابون على بدء مناقشة آلية جديدة لتقديم الدعم المالي إلى الدول النامية في إطار الجهود الرامية لخفض ارتفاع درجة حرارة الأرض من خلال تأسيس صندوق مالي لمساعدة الدول النامية التي تتطلع إلى تحقيق نمو اقتصادي وحماية البيئة.

مما سبق استعراضه نستنتج أن السياسة الخارجية اليابانية نحو أفريقيا تهدف إلى :

1- التصدي لنفوذ الصين المتزايد في أفريقيا ، حيث يتركز نشاط الصين في مجال الطاقة لاسيما النفط ، كذلك يأتي التحرك الياباني المكثف في افريقيا كجزءا من حملة اليابان للحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن كاحدى الأولويات بالنسبة للدبلوماسية اليابانية، ورغم ذلك فأن اليابان لم تتمكن بعد من إقناع الاتحاد الأفريقي بدعم مشروعها لإصلاح الأمم المتحدة الذي يصطدم بمعارضة شديدة من الصين ، فقد رفضت الدول الـ53 الأعضاء في الاتحاد الأفريقي التخلي عن مطالبتها بمقعدين دائمين في مجلس الأمن إذا تم توسيعه مع حق النقض ، فيما تنشط اليابان لكي لا يحصل الأعضاء الجدد على حق النقض.

2-  مساعدة شعوبها في ممارسة الديمقراطية وتقديم المساعدات الاقتصادية والصحية والتبادل الثقافي إنطلاقاً من أن الاستقرار في أفريقيا امر ضروري لاستقرار وازدهار العالم ومكافحة الارهاب من خلال تقديم مساهمات مناسبة من اجل المساعدة في حل بعض التحديات العالمية التي تتركز في افريقيا كالمجاعة والتصحر وانتشار الامراض لا سيما مرض نقص المناعة، بوصفها عضواً مسؤولاً في المجتمع الدولي. 3- تعزيز أسس الدبلوماسية اليابانية من خلال تقوية العلاقات مع الدول في افريقيا ، التى تضم ما يقرب من 30 ٪ من الدول الاعضاء في الامم المتحدة .

 4- تقوية علاقاتها الاقتصادية مع افريقيا الغنية بالموارد الطبيعية التي من المتوقع أن تكون السوق الكبيرة في المستقبل.

لغرض التوصل الى تلك الاهداف استضافت اليابان مؤتمر طوكيو الدولي الرابع للتنمية الأفريقية ( TICAD ) والذي استمر لمدة 3 أيام ( 28 – 30/5/2008 ) . If left unattended, Africa’s failed states could export terrorism and other destructive factors to the rest of the world

The conflict over Kashmir has global repercussions. خامساً: United Nations الامم المتحدة : الامم المتحدة هي المكان الذي تتشابك فيها مصالح الدول الأعضاء ، فبالرغم من أن اليابان تدرك أنها لم تحرز اي تقدم في استراتيجيتها الرامية الى الحصول على مقعد دائم في مجلس الامن،However, the United Nations’ functions to maintain world peace and stability are extremely important. إلا أن اليابان مقتنعة بأهمية المنظمة للقيام بواجباتها في المحافظة على السلام والاستقرار في العالم It would be difficult for sovereign states on their own to perform the United Nations’ peace-keeping and peace-building functions in its stead.وعليهJapan should provide the United Nations with all the cooperation it can in order to ensure a better future for the organization. فاليابان تتعاون وتقدم التزاماتها المالية للمنظمة وتبذل كل ما في وسعها من اجل ضمان مستقبل افضل للمنظمة.

 أما حول علاقة اليابان مع المنظمات الدولية والاقليمية والمنظمات غير الحكومية من خلال المنظمات الناشطة فيها ، لليابان علاقات جيدة مع معظم المنظمات من خلال استضافتها لنشاطات الكثير منها وخاصة ما يتعلق بحقوق الانسان ومنع انتشار الاسلحة النووية وحقوق المرأة وغيرها .

المبحث الثاني: سياسة اليابان الخارجية في الشرق الاوسط

تنطلق اليابان في سياستها الشرق أوسطية باعتبارها مثالاً نادراً لدولة غير أوربية نجحت في تحديث نفسها مع الحفاظ على تقاليدها الخاصة وتمتلك علاقات جيدة مع كافة الأطراف.

المطلب الأول: الملامح الاساسية لسياسة اليابان الخارجية نحوالشرق الاوسط

تعود أهمية تناول السياسة الخارجية اليابانية نحو الشرق الاوسط لكون اليابان مرشحة لدور يتناسب مع قوتها في نظام عالمي جديد يتسم بتعدد الأقطاب بعد ظهور ملامح انحسار النظام الاحادي القطبية ، وفي هذه الحالة لن تكون الولايات المتحدة الأميركية هي الدولة المهيمنة الوحيدة على الشرق الأوسط وإنما هناك قوى دولية أخرى قد تشاركها في النفوذ وتنافسها واليابان هي إحداها ، فالتغيرات المتلاحقة والتطورات المتسارعة التي هي سمة العصر، ما لبثت أن فرضت نفسها على الساحة العالمية مع بداية الألفية الثالثة، ومن الطبيعي أن مثل تلك التغيرات تفرض نفسها على اليابان لتعيد صياغة توجهاتها السياسية وحساباتها، وعلاقاتها بمختلف القوى السياسية وخاصة مع العالم العربي بسبب مصالح اليابان الحيوية المتمثلة بمصادر الطاقة كالنفط والغاز.

تنطلق الدبلوماسية اليابانية نحو الشرق الأوسط من مفهوم أن ضمان السلام والاستقرار في المنطقة قضية مرتبطة ارتباطاً مباشراً في تحقيق السلام والازدهار للمجتمع الدولي ككل ولضمان أمن الطاقة لليابان ، ومع ذلك فإن منطقة الشرق الاوسط لا تزال تواجه العديد من القضايا التى تؤثر على استقرار المنطقة ، بما فيها عملية السلام في الشرق الأوسط ، والأوضاع في العراق ، والملف النووي الايراني وتداعياته ، وبناءً على كل ذلك تشارك اليابان بدبلوماسية فعالة ونشطة في الشرق الاوسط  ، ومتابعة اهدافها الرئيسية لضمان السلام والاستقرار عبر التعاون مع المجتمع الدولي.

لقد تبنت السياسة الخارجية اليابانية دبلوماسية مبدأ ممر السلام والازدهار بسبب إيمان اليابان بأن الفقر هو النقيض  للتجانس الاجتماعي والسياسي، وفي ذات السياق فإن تعزيز الأسس الاقتصادية يمكن أن تخلق مناخا لإزدهار السلام، مع الأخذ بنظر الاعتبار بأن اقتصاداً سليماً سيكون أمرا حاسماً لدولة فلسطينية مستقبلية قابلة للحياة،  وتدعو المبادرة اليابانية الإسرائيليين والفلسطينيين للتعايش والتنعم المشترك بالازدهار من خلال التطوير الزراعي في الضفة الغربية وتوفير كافة سبل دعم الصناعة الزراعية الفلسطينية في الضفة الغربية وإنشاء طريق لتسويق المنتجات عبر الأردن.

 إن دبلوماسية ( ممر السلام والازدهار ) تؤمن بأهمية رعاية وتقوية الثقة بين الأطراف المتنازعة وذلك من خلال التركيز على المصالح المشتركة التي تربط بينهم والدبلوماسية اليابانية في الشرق الأوسط تعمل بشكل عام على تحقيق الامور التالية:

 أ- جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل.

 ب- تقديم العون ولعب دور بارز بشأن قضايا إنسانية واقتصادية لتسهيل تقدم عملية السلام في الشرق الأوسط .

ج- المساعدة في إعادة الاستقرار السياسي وترسيخ الأمن في العراق.

 د- المساهمة في الجهود الرامية الى القضاء على خطر الارهاب الدولي.

 هـ ­- ضمان تدفق النفط من الشرق الأوسط الى الأسواق العاليمة .(1)

  • enech.meti.go.jp/english/energy/new_energy 1-   مصدر سابق

 Japan should engage in “Middle East silk road diplomacy” to promote the following agenda: 1) elimination of Iraq’s weapons of mass destruction, 2) elimination of the threat of international terrorism, 3) energy security from Gulf countries, 4) “soft power” support for an end to the Israel-Palestine conflict, and 5) expanding relations with IranJapan-Russia relations are at an important turning point, with Russia itself undergoing vast political changes

 تحركت السياسة الخارجية اليابانيه تجاه الشرق الاوسط ببطء إلا أنها تغيرت بشكل  تدريجي لا سيما بعد تحولات السياسية الدولية في اعقاب حرب الخليج الثانية ( 1990 ـ1991 (، ورغم عدم تبني سياسة جديدة متجاوبة وتغييرات السياسة الدولية إلا أن النهج الجديد للسياسة اليابانية تجاه الشرق الأوسط ينبغي اعتباره استمرارا لعدة حقائق جديدة داخل الأطر السياسية الداخلية والخارجية يمكن الاشارة اليها من خلال العوامل التالية:

1 – عامل استمرار اعتماد اليابان على استيراد النفط الخام من الشرق الأوسط .

 2 – تزايد الارتباطات الاقتصادية بين اسواق اليابان واسواق الشرق الأوسط .

3 – التغييرات في هيكلية النظام العالمي التي مهدت الظروف للنهج الجديد في السياسة الخارجية اليابانية تجاه الشرق الأوسط ومن ضمنها سياستها نحو اسرائيل الذي تجلى بصورة رئيسية في مشاركتها في عملية السلام .

لقد شهدت السياسة الخارجية اليابانية في مضمونها وأدواتها تجاه الشرق الأوسط تحولاً جوهرياً منذ بداية عقد التسعينيات مع تصاعد أهمية الشرق الأوسط في السياسة الخارجية اليابانية لتصبح قضية الاهتمام الياباني بالعراق أحد أهم فصول ذلك التحول ، حيث شكل ارسال قوات الدفاع الذاتي اليابانية الى العراق منعطفاً في السياسة الخارجية اليابانية.

تتمتع اليابان بعلاقات جيدة مع دول الشرق الأوسط وخاصة مع الدول العربية ، ويعود السبب الى عدم وجود أي ماضي استعماري لليابان في الشرق الاوسط وللسمعة الطيبة دولياً التي تحتلها في الوقت الحالي والسبب الآخر يعود الى حاجة اليابان  الى مصادر آمنة  للطاقة .

  إن استقرار السياسة الخارجية إزاء منطقة الشرق الأوسط يعود لعدة أسباب أولهما جدية الحكومة اليابانية وسرعة تجاوبها مع مشاكل المنطقة  فضلا عن أهمية دول مجلس التعاون الخليجي في توفير النفط لليابان.  وثانيهما التحول الاقتصادي الذي يفتح فرص استثمار ذات عوائد كبيرة لليابان. وثالثهما أهمية الاستقرار في الشرق الأوسط  وأثره على الأمن والسلام الدوليين ، لذلك فالعلاقة بين دول مجلس التعاون الخليجي واليابان علاقة مصالح  مشتركة واحترام متبادل، فالمنطقة تتطلع لليابان ليس كمجرد دولة مستوردة للنفط وإنما كمصدر كبير للاستثمارات والخبرات العلمية والتقنية.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى