دراسات جيوسياسية

المدرسة الأمريكية للجيوبوليتيك:نيكولاس سبيكمان و نظرية الإطار 1893-1943 

ينطلق سبيكمان في تحليله من أن مركز الدولة في إطار السياسة الدولية، لا يتوقف من الناحية الجيوبوليتيكية، على موقعها الثابت، وإنما يعتمد أيضا وإلى حد بعيد على علاقة هذا الموقع بمراكز القوى المؤثرة في السياسة الدولية، ولما كانت مراكز القوى هذه في حالة تغير لأسباب عديدة، فإن قيمة الموقع الجغرافي للدولة هو الآخر يتغير، ليس من الناحية الجغرافية، وإنما من حيث طبيعة التفاعلات السياسية، بعبارة أخرى أن التفاعلات السياسية وتغير مراكز القوى الدولية تؤثر على القيمة السياسية للموقع الجغرافي.

وبعد أن درس سبيكمان بكل اهتمام أعمال ماكيندر تقدم بصياغته لمخطط جيوبوليتيكي أساسي يختلف عن أنموذج ماكيندر، وكانت فكرة سبيكمان الأساسية تقوم على أساس أن ماكيندر قد بالغ في تقييم الأهمية الجيواستراتيجية للهارتلاند، وهذه المبالغة لم تتناول فقط التموضع الحيوي للقوى على خارطة العالم، بل وتناولت المخطط التاريخي الأولي.

فالهارتلاند لا يتمتع في نظر سبيكمان بأي صفات تؤهله للقيادة “افتقاره للموارد الطبيعية والطاقوية، يقع أغلبه في مناطق متجمدة أو صحراوية…”، لذلك فإن منطقة الثقل الرئيسية لا تتمثل في منطقة القلب الأرضي –عند ماكيندر- وإنما تتركز فيما يسميه بمنطقة الإطار أو حافة الأرض، الريملاندRimland، وهي من وجهة نظر سبيكمان أعظم أهمية من القلب نفسه.

والريملاند هو ذلك النطاق الساحلي، والذي يشمل كل أوروبا -عدا روسيا- والجزيرة العربية بما في ذلك العراق وآسيا، والصين وشرق سيبيريا، واعتبر سبيكمان الريملاند بمثابة منطقة حاجزة تفصل بين القوى المتصارعة البرية والبحرية، في زمن السلم، كما تعتبر منطقة التقاء و تصادم Crush Zoneبين القوى البحرية والبرية في زمن الحرب،كما اهتم سبيكمان بهذه الحلقة الوسطى وأعطاها أهمية أكبر من قلب الأرض، ويرجع ذلك إلى أن النطاق الارتطامي يضم عددا ضخما من سكان العالم وأنه يمتاز بموارده الاقتصادية والطبيعية الغنية المتنوعة، علاوة على استخدامه لطرق بحرية داخلية.

ويرى سبيكمان أن التاريخ السياسي بطوله لم يكن عبارة عن نضال بين القوى البحرية والقوى البرية بهذه البساطة، وإنما هو نضال “بين قوة بحرية بريطانيا، قوة هامشية أي قوة من الريملاند”من ناحية،ضد قوة من النطاق الهامشي”من الريملاند” وقوة برية “روسيا” من ناحية أخرى، أو بين قوة بحرية “بريطانيا” وبرية “روسيا” من ناحية، ضد قوة من الريملاند من ناحية أخرى.

والملاحظة الجيواستراتيجية عند سبيكمان هي أن منطقة الإطار الأرضي أو حافة الأرض، منفتحة على قلب الأرض ومحيطة بها، الأمر الذي يمهد، أو يمكن من السيطرة عليها من قبل قوى الإطار الأرضي.
وبسبب هذه المزايا الإستراتيجية وضع سبيكمان فرضيته التي تقول:
– من يتحكم في حافة الأرض يحكم أوراسيا.
– ومن يحكم أوراسيا يتحكم في مصير العالم.
– Who controls the rimland rules Eurasia.
– Who rules Eurasia controls the destinies of the World
وباعتبار منطقة الريملاند نقطة ارتكاز أساسية لتحقيق السيطرة العالمية، يرى سبيكمان أن القوى الراغبة في تحقيق الهيمنة العالمية تنطلق في التوسع وصولا إلى بسط سيطرتها على الريملاند وذلك ابتداءا المواقع الأول مقاومة للتوسع،حيث يتم احتلال منطقة ثم ابتلاعها لتكون نقطة ارتكاز نحو اندفاعية جديدة لاحتلال المزيد، ولذا يمكن القول أن ثمة علاقة بين حجم التوسع وسهولة حركة هذا التوسع، أي بين التوسع وضعف المقاومة، ويستمر هذا التوسع إلى أن يغطي منطقة الريملاند، وعلى الرغم من القرب والانفتاح الجغرافي للريملاند على الهارتلاند وقوى البر”

إلا أن سبيكمان يرى -في إطار التنافس بين القوتين البرية والبحرية- أن السيطرة الكاملة على الريملاند من طرف الدول البحرية سيؤدي إلى النصر النهائي الذي لا رجعة فيه على القوى البرية التي ستكون منذ ذلك اليوم وبكاملها تحت السيطرة.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى