يلزم القول بان جوانب الفكر المستقبلي اليوم لم تنل العناية الحقيقة في بلداننا ، فالتسارع المهول في الحضارة قاد المفكر والعالم والإنسان المسلم. كما هي طبيعة الأحداث) إلى الانكفاء على المفاهيم النظرية أو الخلافية ، بل وقاد إلى استيراد الأفكار ، وحتى المسائل الخلافية فإنها قصرت عن إلقاء حجر في بركة الفكر الإسلامي المعاصر ، ومع أن هناك حزمة من الأفكار إلا أن المفكر الإسلامي اليوم شغل بالبحث عن الأفكار المستوردة ، وصمت عن فهمين الأول إعادة إنتاج وتكرير الماضي والثاني ابتكار وتأسيس المستقبل .
والمستقبل حلقة مستمرة في الفكر وفهمها يعبر عن خصوبة وقوة حضارية وفكرية بل القول بان الفكر المستقبلي يمثل نتيجة حضارية مهمة هو أمر لا يجانب الصواب ، كما أن التنظير والبحث في هذا المجال يشير إلى تصفح وتبني وتطبيق علم جديد في بلداننا .
لهذا فقد خضت – كفيري – مغامرة البحث والدعوة إلى التأسيس للفكر المستقبلي العراقي أو الإسلامي و بداية بشكل خاص (من زاوية استقراء تأريخي ) لتناول هذه الأفكار في الحضارات القديمة والحضارتين اليونانية والإسلامية ، ولعل ما شكل أهمية خاصة في محاولة تحليل الفهم المستقبلي في ذهنية الحضارات القديمة هو أن ذات المشكلة هي ما نواجهه اليوم وأقصد بالنسبة إلى العرب أو المسلمين الذين لم يرسموا الغد كما يتوجب أن يرسم بإتقان ، وهي قضية تعبر عن ضعف في الأدوات والخيال والطموح الأمر الذي تطلب التخطيط الجاد والاستعداد لبدء مسيرة علم الدراسات المستقبلية.